العودة   منتديات الطرف > الواحات الخاصـة > منتدى السهلة الأدبي




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 15-04-2011, 08:24 PM   رقم المشاركة : 1
منتدى السهلة الأدبي
منتدى السهلة الأدبي






افتراضي التغطية الكاملة للندوة حول كتاب تاريخ الإمام علي (ع) السياسي، للرستم

تم عقد الندوة في الحسينية المهدية (الدور العلوي)
وذلك مساء الأربعاء الموافق 25/4/1432هـ ..في تمام الساعة: (7.45) ..
وكان الحضور مختلفاً ومتنوعاً من شتى الأعمار بعضهم حضر لأول مرة، وكانت القراءات النقدية والمداخلات ثرة وساخنة، وبالطبع فإن وقت الجلسة لم يسمح بقراءة كل ما في الأوراق، لذا ستكون التغطية هنا كاملة لتقرأ على مهل وروية، وتتسع دائرة القراء لها.
أمنياتنا أن تقضوا معنا وقتا ممتعاً ونافعاً في هذه الصفحة!!
*
*
الكتاب في سطور


العنوان:
تاريخ الإمام علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ السياسي
(قراءة موجزة عن بعض الأوضاع السياسية في حياة أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ)
المؤلف:
عبدالله بن علي الرستم


الناشر:
دار المحجة البيضاء ـ بيروت
الطبعة الأولى 1431هـ ـ 2010م
عدد الصفحات 112 صفحة، غلاف عادي، حجم: 21×14

محتويات الكتاب كما جاء في آخر صفحة:
1- إهداء
2- مقدمة
3- تمهيد
4- الغرض من هذا البحث
5- مكانة الإمام عليه السلام
6- أخلاق السياسة عند الإمام علي عليه السلام
7- كيف برز عليه السلام سياسياً؟
8- تحرك الإمام السياسي إبان حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم
9- أحداث السقيفة
10- دعوني والتمسوا غيري
11- لماذا لم يوافق الإمام عليه السلام على بيعة الناس؟
12- الفرق بين الخلافة والإمامة
13- نبوءات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
14- قتال الناكثين
15- شعار الناكثين
16- الحرية والسياسة
17- لماذا الذهاب إلى الكوفة؟
18- نباح كلاب الحوأب
19- الحرب أم الإصلاح
20- قول الحق أم التحامل على الصحابة؟
21- عدالة الصحابة
22- هل حضر واقعة الجمل أحد من الصحابة؟
23- قتال القاسطين
24- الفئة الباغية
25- حول التحكيم
26- قتال المارقين
27- وقفة مع بعض الدراسات الحديثة
28- نظرة سريعة على عبقرية الإمام للعقاد
29- رؤية
30- معاوية والاصطياد في الماء العكر
31 - الإمام علي عليه السلام والحكومة الإسلامية
32 - خاتمة
33- المصادر

التغطية الكاملة للندوة حول كتاب تاريخ الإمام علي (ع) السياسي، للرستم

 

 

منتدى السهلة الأدبي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15-04-2011, 08:31 PM   رقم المشاركة : 2
منتدى السهلة الأدبي
منتدى السهلة الأدبي






افتراضي رد: التغطية الكاملة للندوة حول كتاب تاريخ الإمام علي (ع) السياسي، للرستم

بسم الله الرحمن الرحيم
البداية عرض موجز من قبل المؤلف: عبدالله الرستم/


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ..
كانت البداية في كتابة هذه السطور قراءة متنوعة من هنا وهناك، لتتحول إلى بحثٍ صغير شاركتُ به في مسابقة الغدير السنوية لعام 1429هـ، فتم تتويجي بالمركز الثاني، وكعادتي فإن استئناسي بالكتابة في بعض المواضيع يحتّم عليّ الإسهاب تارة والاختزال تارة أخرى، فكانت الفكرة بعد انتهاء المسابقة استيعاب المسائل المتعلقة بالبحث على نحو الإيجاز غير المخلّ، حيث أتت الفرصة أن يكون البحث بهذه الصورة التي رضي بها البعض ولم يرضَ آخرون، وحسبي في ذلك أنّي وزّعتُ البحث قبل توسيع رقعة سطوره إلى ما يقارب أربعين نسخة من الذين أستأنس برأيهم لأُفاجأ بملاحظات شخصٍ واحدٍ من بين أولئك الأربعين.
وسبب تركيزي على شخصية الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، لوجود بعض الثغرات التي لم تأخذ نصيباً من البحث، خصوصاً في (استقراء الدراسات المعاصرة المحليّة وغير المحلية إلا ما ندر)، وسبب تركيزي على شخصية أمير المؤمنين السياسية، ذلك بسبب عدم توجه الكُتّاب المحليين إلى هذه الجوانب، وحتى غيرها، مكتفين بما يُطرح على المنبر وما يصدره الفكر العربي خارج إقليم الخليج.

نقاط مهمّة في الكتيّب:
1- إيجاز بشكل كبير في تناول حروب الإمام عليه السلام الثلاث، معتمداً على الجانب التحليلي، وذلك لأن السرد تناولته كتب كثيرة.
2- لم أتوسّع كثيراً في تحليل هذه المسائل، فشريحةٌ من القرّاء المعاصرين لا يحبّذون القراءة في الكتب المطوّلة.
3- التركيز على دراسات معاصرة وخصوصاً المطروحة في الساحة السعودية، وغرض ذلك أن هناك من لا يتابع ما يطرح على الساحة المحلية في بعض القضايا، والابتعاد عن هذه الدراسات أمر غير جيّد من ناحية ثقافية.
4- اكتشفتُ بعد طباعة الكتيّب أني ركّزت على التحليل التاريخي أكثر من التحليل السياسي، وهذان الجانبان رغم تداخلهما إلا أنه كان الأحرى أن تكون الرؤية السياسية هي المسيطرة، وهذه طبيعة الإصدارات الأولى عند كثيرٍ من الكتّاب.
5- قد يكون الكتيّب موجّه إلى فئة تمتلك مقدمات واطّلاع في حروب الإمام الثلاث، ليتسنّى له فهم ما أصبو إليه، لأن القارئ إذا فقد الاطّلاع في مثل هذه الجوانب لا يسعه أن يفهم المسائل المطروحة.

ختاماً:
حسبي أني اجتهدتُ في تدوين ما أُريد، وساهمتُ بما أستطيع فعله، وما الأخطاء والملاحظات التي وقعتُ فيها، ما هي إلا داعمٌ أساسيٌ لبحوث قادمة، ستنال الاهتمام والتركيز والاستفادة من أخطاء السابق.



**
*

 

 

منتدى السهلة الأدبي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15-04-2011, 08:35 PM   رقم المشاركة : 3
منتدى السهلة الأدبي
منتدى السهلة الأدبي






افتراضي رد: التغطية الكاملة للندوة حول كتاب تاريخ الإمام علي (ع) السياسي، للرستم

الورقة الأولى
الملا صالح الغانم
*
*
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلاة وسلاما على خير خلقه محمد وآله الطاهرين
نشكر الأستاذ المؤلف على سخائه وتواضعه بإهداء الكتاب إليَّ كما نشكر إدارة منتدى السهلة الأدبي في تشجيع النتاج العلمي لأعضاء المنتدى خاصة وكتَّاب الطرف عامة، وجدولةِ ورش عمل للتعريف بالكتاب وما يحيويه.
الأستاذ عبدالله الرستم أحد الروافد الأدبية في بلدتنا الحبيبة وهو يتميز بالنشاط والتفاعل مع كافة الأنشطة المفيدة على مستوى الكتب والبحوث والمجلات وله كتابات كثيرة متناثرة هنا وهناك تكشف عن مدى اهتمامه ومتابعته للجديد في عالم الكتب والمعرفة,وقد قرأت هذا الكتاب قراءة متأنية فوجدت فيه المعلومات الجلية والإرشادات المضيئة في لغة الكاتب – وإن كان لي نظر في صياغة البحث وأسلوبه وتنظيمه لبحثه – مع توافر مادته العلمية التي تُظهر لنا مدى جهد الكاتب وحرصه على بيان وجهة نظره.
ولي على هذا البحث بعض الوقفات التي لا تحط من قيمة هذا الكتاب ومحتواه – فإن الكمال لله وحده – ولكن للاستفادة منه أولاً ولإفادة الكاتب ومن ثم الأخوة الحضور والباحثين.
جعل الله ذلك في ميزان حسناته عند الله وعند أولياء الله المعصومين (عليهم السلام) إنه على كل شيء قدير.
أولا : العنوان :عبر الكاتب عن هذه الدراسة بأنها (قراءة موجزة.........) مع أن العنوان لا يتحمل الإيجاز لأنه كما توقعت صار الإيجاز تحت هذا العنوان غير وافٍ بالغرض، فلو كان العنوان: (الإمام علي والسياسة المثلى) أو (سياسات الإمام في الجمل وصفين والنهروان) أو (مقدمة حول سياسة الإمام علي ع)
ومن جهة أخرى في تصوري أن دور الإمام علي ( عليه السلام) السياسي يبدأ من يوم الإنذار في دار أبي طالب (ع) مرورا بدفاعه (ع)عن النبي – صلى الله عليه واله وسلم – صغيرا, ويبرز ذلك الدور حينما خرج بالفواطم مهاجرا جهارا نهارا وما واجهه من العوائق في هجرته (ع) إلى المدينة .
ولا يفوتنا أن الكاتب وضع عنوانا بهذا المعنى وهو: (تحرك الإمام السياسي إبان حياة النبي صلى الله عليه وأله وسلم)إلا أنه لم يستشهد ببعض ذلك الوقائع والغزوات المشهورة في تاريخ الإسلام ودوره(ع) في كل ذلك، انظر صفحة 19.
ثانيا: عدم ذكر الشواهد التاريخية أو النصوص المؤيدة للرأي,ولوفي الهامش؛من ذلك قول المؤلف: (ما يسمى ب(بيعة الغدير)......) فهل تسمى تلك الحادثة يوم الغدير أو أي مسمى آخر،فلو ذكر الباحث مصدراً واحداً – على الأقل - يؤيد الرأي المذكور؛ انظر صفحة 25 في الخطط المدبرة لإقصاء الإمام عن الخلافة، انظر صفحة 28 في دفاع الحسنين عن عثمان.... وكذا قضية التحكيم صفحة 75، بل في كثير من صفحات الكتاب تجد نصوصا لم توثق بمصدر أو مرجع، فضلا عن أن الرجوع – غالبا - يكون في الأحاديث لغير كتب الحديث وهذا ليس من المنهج العلمي للبحث.
ثالثا: الاقتضاب في سرد الأحداث مما يسبب غياب الصورة الكاملة للحدث,كأحداث السقيفة وشورى الستة بعد وفاة عمر بن الخطاب وأحداث الثورة الشعبية ضد عثمان بن عفان والتي انتهت بمقتل الخليفة عثمان، كل هذه الأحداث لها أثر مباشر في دراسة قرارات الإمام علي(عليه السلام) بعد عهد الخلفاء الثلاثة...
رابعاً : يقول الكاتب: (فإنه مع علمه – أي الإمام علي - بخروج طلحة والزبير عليه,فقد أعطاهما حريتهما السياسية في المعارضة..........) صفحة 45.
أو قال عن اعتراض عائشة على بيعة الأمير وهو(كراهتها بيعة الناس لأمير المؤمنين(ع)صفحه 37.
وهنا نفهم أن معنى الحرية أن الإمام له وجهة نظره و للآخرين وجهة نظرهم .وهذا في نظري تقصير من الأستاذ الباحث في استجلاء النصوص والإحداث ,لأن عليا(ع)ينطلق من مبادئه الرسالية والآخرون ينطلقون من الأهواء الذاتية, فقد أظهرا الطاعة وأبطنا الغدر....
ثم نأتي في الكلام عن موقف أم المؤمنين عائشة أيضا حيث يحتاج الأمر إلى تسليط الضوء على موقفها من عثمان – حين حرمها ما كانت تتقاضه في عهد عمر- ومن ثم الإمام (عليه السلام) لن يكون أحسن حالا من عثمان في نظرها، وهي من هي في معرفة علي بن أبي طالب (ع) وأيضا لن يبدأ الإمام بالسيئة قبل الحسنة ولن يعاقب على الظنّة والتهمة . وهذا معنى قوله (عليه السلام) لابن عباس: (لا عدلت عما أخذ الله عليَّ من الحكم بالعدل) وفي تصوري إن الكاتب لم يوفق في تحليل اختيار الزبير وطلحة وعائشة للبصرة في الحين الذي حدا بالباحث أن يضع عنوانا مستقلاً (لماذا الذهاب إلى الكوفة؟) وأهم تلك الأسباب : أن البصرة لم تكن تحت يد أحد كالمدينة ومكة ومصر والشام ...، ولم تضم الثورة على عثمان ثوارا من البصرة يذكرون،وكذلك لم تثخن البصرة بالحروب والفتوح؛ فلم يعرف أهل البصرة الحروب المتتابعة مقارنة بالكوفة ...
ولم يستعرض الباحث مواقف معاوية بن أبي سفيان وكيف طمع في خلافة الأمة مع إدراك معاوية أن الأمر بيد كبار الصحابة في المدينة المنورة؛ ولا أدل على ذلك من رسالته للزبير بن العوام – والتي تعتبر رسالة مغازلة سياسية – يكشف فيها بيعته له ويستحثه المسير إلى البصرة و الكوفة، في الوقت الذي كشف فيه معاوية عن نواياه حين خذل طلحة و الزبير في معركة الجمل وهو القادر الوحيد على نصرتهم!
من ناحية ثانية رسائل معاوية للإمام في أن يبقيه على الشام، فلما رفض الإمام طلبه، ساومه على خراج العراق للإمام وخراج الشام له وحينها يبايع عليا(ع).
ولا يسعني في نهاية المطاف إلا الاعتراف بقيمة هذا البحث ومادته العلمية وتحليلاته الناضجة واستعراضه بعض الكتَّاب والرد عليهم بروح الباحث المنصف لا المتعصب, وإن كان فيه نقص لعدم استدلال الكاتب بما يقوي وجهة نظره في كثير من المواضع.
وخير كلمة أعجبتني أوجز الباحث فيها كتابه هي : (أراد عليٌّ أن يُديرَ السياسة بالدين لا أن يُدير الدين بالسياسة ) انظر صفحة 95.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

بقلم / صالح محمد الغانم
الأربعاء 25/ربيع2/1423هـ

 

 

منتدى السهلة الأدبي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19-04-2011, 01:03 PM   رقم المشاركة : 4
منتدى السهلة الأدبي
منتدى السهلة الأدبي






افتراضي رد: التغطية الكاملة للندوة حول كتاب تاريخ الإمام علي (ع) السياسي، للرستم

الورقة الثانية
الأستاذ جابر الخلف
*
*

قراءة نقدية في بحث تاريخ الإمام علي بن أبي طالب السياسي


ستكون قراءتي النقدية كالآتي: شكر وعرفان، ثم الملاحظات العامة، وستكون مرتبة حسب صفحات البحث، ثم الملاحظات اللغوية والنحوية والإملائية .. !!

أولا: الشكر والعرفان:
هذه قراءة نقدية لجهد بحثي لا بد من شكر كاتبه الأخ عبدالله بن علي بن رستم، الذي عوّدنا على نشاطه المتقد، ومشاركاته الكتابية أنّى ترحّل به قلمه، فقد يحط عصا ترحاله في رحاب كتاب يقرَؤُهُ، أو مشاركات متنوعة المنابع سواء كانت ثقافية أو أدبية أو تاريخية أو تحقيقية أو قراءة كتاب .. أو سوى ذلك، ويساهم بذلك في الصحف، أو في جلسات المنتدى، وهذا يدل على علو همته، وحرصه الدؤوب على المشاركة والتساقي المعرفي .. !!
والأخ عبدالله الرستم له فضلٌ غامرٌ بنشاطه المعرفي على المنتدى بمشاركاته الشهرية التي ربما تكون متقطعة بسبب ظروف التنقل بين الأحساء والرياض، ولكنها جهود مشكورة رغم ظروفه والتزاماته !!
وفيما يتعلق بهذا البحث فقد تفضل الأخ عبدالله الرستم بدعوته لي بقراءته، وإبداء ملاحظاتي، وبهذا فهو قد دفعني لتجديد همتي في القراءة، والقراءة الناقدة، وإنعاش الذاكرة بقراءة ما يتصل بالبحث .. وهذا (الدّفْع) نحو القراءة (فيما يتصل بالقراءة الناقدة) فضلٌ غامر عليّ ما كان ليتسنى لي إلا بفضل هذه القراءة لبحثه قراءة ناقدة .. فله الشكر والعرفان !!
وسأحاول أن تكون ملاحظاتي على قدر جدية البحث، ورغبة كاتبه في التواصل الثقافي النافع المفيد، وكلي أمل أن تكون ملاحظاتي نافعة مفيدة، وهذا هو الرجاء، فإن أخطأتُ طريقَ الصواب.. فهذا مني، وهو خطأ غير مقصود، وإنما القصد كما قال عمر أبو ريشة (ت 1990م): شهدَ اللهُ ما انتقدتكَ إلا طمعًا أن أراك فوقَ انتقادِ !!
وستكون ملاحظاتي (نقدًا)، وليست (انتقادًا)، وهذا هو مقصود الشاعر أبوريشة !!


ثانيا: الملاحظات العامة:
0ـ أول ما يطالعك من بحث الأخ (أبي نضال) مفردةُ (تاريخ) بنَفَسِها الأسطوريّ الضاربِ في الزّمن، الممتد عبر العصور، وهي مفردة لها هيبتها وجلالتها في الثقافات البشرية، خصوصا في ثقافتنا نحنُ العربَ، لأننا كما قال أحدُ مفكرينا (محمد العلي):" إن الذاكرة العربية أساسا ذاكرة تأريخية" .. وأقولُ: نكادُ أن نتحول إلى كائنات تاريخية من فرط الولع بالتاريخ حدَّ الذوبان والتماهي !!
وثاني ما يطالعك مفردة (السياسة) بنَفَسِها الزئبقي المراوغ الفتان، و(السياسي) هو اللاعب الحاذق، والفنان المتمرس المنسوب إلى (السياسة)، وهي فاتنة اللاعبين الحاذقين المتمرسين في فن الممكن، وبين التاريخ والسياسة كان قدرُ الإمام علي أن يكون (حتى في عنوان البحث) .. !! وعليه أن يكون كما هو (عَلِيٌّ) من العلوِّ .. بين علِيلينِ، هما (التاريخ والسياسة)، وقد كانَ ..!
وهذه الأيام تحضر السياسة بافتنانها وفتنتها وزهوها الفتان، تختال في سكك الوطن العربي بكل زهوها وخيلائها .. وخيلها ورَجِلها !! فهل يا ترى سيحضر معها التاريخ ؟!
لا شك بأنه سيكون للتاريخ حضوره السياسي، ونحن نناقش هذا البحث، كما أيضا سيكون للسياسة حظ من ذلك الحضور، ولكن نريده حضورًا فاتنًا لا مُفتنًا.. !!
1ـ عنوان البحث (تاريخ الإمام علي بن أبي طالب السياسي)، ولدي عليه ملاحظتان:
الملاحظة الأولى: هو عنوان كبير، قد حاول الكاتب تقييده بأنه " قراءةٌ موجزة عن بعض الأوضاع السياسية في حياة أمير المؤمنين "، وأكد على ذلك في المقدمة ص8 بقوله:" ما في هذه الدراسة الموجزة هو تركيز على ثلاثة أحداث تاريخية في حياته، هي: قتال الناكثين والقاسطين والمارقين، مع مرور سريع في بداية البحث على أحداث السقيفة "، وكان يكفي أن يختار الباحث عنوانا أقل كلفة واتساعا؛ كأنْ يكون العنوان مثلا (ملامح من سياسة الإمام علي)، أو محطات أو قبسات، أو ومضات .. !!
الملاحظة الثانية: مفردة (تاريخ) في العنوان توحي بأن الباحث سيبحث في السجل التاريخي لسياسة الإمام علي وتطورها منذ دخوله ميدان السياسة حتى استشهاده، وما كتب عن سياسته سلبا أو إيجابا، كما قد يدرس أي باحث (تاريخَ علمٍ ما)، وَلِئَن البحث لا يتسع لذلك لا حجما ولا مساحة، ولا هو من مقصود الكاتب، فكان من المناسب أن يكون العنوان أقل اتساعا وشمولا .
(هناك من قسم مراحل حياة الإمام علي إلى مراحل محددة مختلفة الأهمية، تشكل كل مرحلة منها فصلا من حياته، مرحلة الطفولة والتنشئة الأسرية ، مرحلة البعثة والتنشئة الرسالية حتى وفاة النبي، مرحلة المشاركة في عهد الخلفاء الراشدين، مرحلة توليه الخلافة)، انظر الدكتور علي شريعتي (ت 1977م)، الإمام علي في محنه الثلاث ص211
ص8 أوضح الكاتب أن هذه الدراسة ما هي إلا محاولة قد يخفق فيها، وقد ينجح، وقد أوكل تقرير ذلك إلى القارئ، وفي ذلك احترام للقارئ بوصفه ناقدًا، وفيه أيضا احترامٌ للذاتِ الكاتبة، فما بين الكاتب والقارئ مسافة قلم؛ هي النقد !
ص12 استشهد الكاتب بحديث " أدبني ربي، فأحسن تأديبي "، وقد نقله من مجمع البيان في تفسير القرآن، وكان الأبلغ أن ينقله من كتب الحديث المعروفة .
وقد نقدَ (حديث التأديب) مجموعةٌ من علماء الحديث بأن سنده غريب، وقيل عنه بأنه من أحاديث القصاص، ومن المشهور بين الأدباء . وقال عنه ابن تيمية (ت 728هـ) معناه صحيح، ولكن لا يعرف له إسناد ثابت، وضعفه الألباني (ت 1999م) في سلسلة الأحاديث الضعيفة، وقال عنه الشيخ عطية صقر (ت 2006م) في موقع وزارة الأوقاف المصرية: معنى الحديث صحيح، ولكن سنده ضعيف، لكن على الرغم من صحة معنى الحديث، فإنه بهذه الصيغة لم يصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم بطريق صحيح عند أكثر علماء الحديث .
كما أن الحديث في مجمع البيان للطبرسي غير مسند، وكذلك في بحار الأنوار، وقال عنه السيد الطباطبائي (ت 1982م) في كتاب سنن النبي ص11: (ورُوِيَ) في حديث مشهور مستفيض عن رسول الله ص ..، وقد مرّضَ السيدُ صاحبُ الميزانِ الحديثَ ببناء الفعل للمجهول .
أقترح على الكاتب زيادة البحث عن صحة الحديث، أو ضعفه فربما تكون له وجهة نظر أخرى .. !!؟
ص14 قال الكاتب:" ليس الغرض من هذا البحث هو تدوين كل ما جرى على أمير المؤمنين في حياته السياسية، أو تسجيل بعض الملاحظات للشخصيات المناوئة له؛ لأن وظيفة التاريخ وظيفة أخلاقية قبل كل شيء .. " !!
لم أعرف ماذا يقصد الكاتب بقوله:" وظيفة التاريخ وظيفة أخلاقية "، ولكن الذي أعرف أن ليس للتاريخ علاقة بالوظائف الأخلاقية لا من قريب أو بعيد، إنه كالسياسة ليس لها وظيفة أخلاقية . إن ما بين (التاريخ والسياسة) يشبه ما بين (إساف ونائلة) .. إنهما (أي التاريخ والسياسة) العاشقان المعشوقان الآثمان على مر الزمن !!
التاريخ ـ كما عرفه الأستاذ (محمد العلي) في محاضرته (ما هو التاريخ)ـ هو: الوعي بالوقائع الماضية وكيفية سردها !! وأظن أنّ (وظيفتَه) مشتقة من تعريفه !
ص15 لم يكن من الضروري الحديث حول عنوان مكانة الإمام علي (ع) بنقل الأحاديث في فضائله في ثلاث صفحات من البحث ص15 ص16 ص17، فمكانته معروفةٌ معلومةٌ مشتهرة، وهي من التطويل الذي لا يحتمله البحث الذي يدور حول (سياسته) !!
ص16 إحالة حديث " والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي " إلى التذكرة الحمدونية، وهي موسوعة أدبية ضخمة في عشرة مجلدات، ومن المجاميع في التاريخ والأدب والنوادر والأشعار، وهذا النوع من الموسوعات والمجاميع يختلط فيها الغث بالسمين، والتذكرة الحمدونية على جلالتها، ليست من كتب الحديث المعروفة المشهورة المعتبرة . وكذلك الأمر في نقل الحديث رقم 7 ص17 من الأمالي الشجرية، وكذلك موسوعة الغدير في الجانب نفسه .
ص17 تحت عنوان مهم، وعلى صلة بعنوان البحث (أخلاق السياسة عند الإمام علي)، يقول الكاتب:" لعل من الجوانب المتغافل عنها في حياته هي أخلاقيات السياسة، ويرى الكاتب أن أمير المؤمنين من الشخصيات البارزة التي وظفت الجانب الأخلاقي في التعاملات السياسية.


هنا ملاحظات:
الأولى: لقد تحدث كتاب مهمون عن هذا الجانب، وهو غير متغافل عنه، وقد كتب الشيخ عبدالله العلايلي (ت 1996م) في بعض كتبه، وجورج جرداق في روائع نهج البلاغة، وقد كتب الأستاذ عباس محمود العقاد (ت 1964م) عن السياسة الدينية والسياسة الدنيوية على ما أتذكر، وهو جانب جليل القدر، ويستحق التناول بكرة وعشيا .. !! وإني لأعجب من الكاتب الحريص على اقتناص شوارد الكتب أن يفوته في هذا الباب كتاب الراعي والراعية، توفيق الفكيكي (ت 1969م)، والإمام علي نبراس ومتراس، سليمان كتاني (ت 2004م).. ولعل للكاتب عذرا سائغا .. !!
الثانية: لخص الكاتب المبادئ الأخلاقية في سياسة الإمام علي بشكل نظري في الآتي:
1ـ لا يقدم مصالحه على مصالح الأمة .
2ـ لم يتعامل بالطرق الملتوية، وغير المشروعة؛ كالاغتيالات، والانتقام، وتصفية الآخرين .
3ـ لم يدخل حربا لأجل نفسه .
ثم قال ص18:" ولأهمية هذا الجانب قدمنا الفكرة، وتركنا الشواهد تبرز نفسها داخل البحث، وإلا فهذا موضوع يحتمل أضعاف هذه الأسطر القليلة "
كان حريا بالكاتب أن يقدم الشواهد تلوَ الشواهد مع كل فكرة، فهذا من صميم البحث، ولا يتركها طالما أن هذا الجانب بهذا الأهمية التي أدركها الكاتب، ولكنه تركها؛ لأن هذا الأسطر لا تحتملها .
كان العنوان مهما وموصول الوشائج بالبحث، ولكن الكاتبَ قدم جهدا نظريا موجزا، وفي الوقت عينه تاركا الشواهد تبرز نفسها، وكان خليقا بالكاتب أن يبرزها واحدًا واحدًا وراء كل فكرة يذكرها .
(أخلاقيات سياسة الإمام علي حسب عبدالله العلايلي (ت 1996م)، كما في كتابه سمو المعنى في سمو الذات، يمكن تلخيصها في:1ـ السياسة الدينية القانونية الصارمة، فقد كان يلتمس لكل إجراءاته وجوها من القانون، ويجتهد في إيضاحها قبل أن يقوم بحركة ما ..2ـ كان علي محافظا دينيا لا يمكنه أن يسوس الناس إلا على قانونه الخاص الذي يسيطر عليه، ولا يتحلل من أسره؛ ولذلك هو يلتمس لنفسه دائما شواهد من القانون تبرر عمله، فإن لم يجدها أحجم إحجام المذعور، ومن ثم لا يعطي أذنه لأي ناصح مهما علم صدقه، وصدق رأيه، ما دام لا يتفق مع الدين؛ أي القانون الذي يحترمه علي (ع)، ويعمل به) ص47 ص48
ص19 تحت عنوان (تحرك الإمام السياسي إبّان حياة النبي)، يقول الكاتب:" لم تكن تحركات الإمام بدون موافقة ومباركة النبي الأعظم؛ لأنه ممن تأدب بأدب الرسالة، وتخلق بأخلاق النبوة؛ ولذا كان هذا من سماته وخصاله التي انفرد بها عن غيره، إضافة إلى ذلك لم يكن من الشخصيات التي تتعامل مع النبي تعاملا سطحيا، بل كان يعتبر وجود النبي الأعظم المحفوف بالرعاية الإلهية وجودا مهما بالنسبة للأمة، وله شخصيا، ذلك إنه أعطى النبوة فهما مغايرا لما يفهمه بقية الصحابة، والمعاصرين لفترة النبوة، وتعامل معها بتعامل يختلف عن تعامل الصحابة، وهذا يتجلى في أقواله وأفعاله والأحاديث التي صدرت بحقه من النبي الأعظم، والأقوال التي صدرت منه بحق رسول الله "
يكثر الكاتب في بحثه من تقرير كلام معروف سلفا، في صيغة إنشائية لا تحمل جديدا، مما يؤثر على نزعة الكاتب في تحليل الحادثة التاريخية، وربما يتسرب هذا الخطاب التقريري في الحديث عن تاريخ أهل البيت من تأثيرات المنبر الذي ينزع إلى تقرير الحدث التاريخي بدل تحليله، وهذا مشكلة عامة، من المهم جدا التيقظ إلى تأثيرات الخطاب الشفوي في الكتابة . انظر أيضا المقطع الأول ص11


ص20 خرّج الكاتبُ قولَ النبيِّ :" ما أوذي نبيٌّ بمثلِ ما أوذيتُ "، من كتابِ الكشكولِ، للشيخ البهائي (ت 1031هـ)، والكتاب على جلالته كتابٌ في النوادرِ والفوائدِ الأدبيةِ والاختياراتِ والفنونِ والمعارفِ والرحلات والخلاعة، وليس مرجعا في تخريج أقوال الرسول ص .
ص20 أرجع الكاتب بداية التحرك السياسي للإمام علي إلى مؤازرته النبي في مكة المكرمة، فمقارعته (صبيان) قريش، فأحداث السقيفة التي تلاها الاختلاف " في أهم قضية من قضايا الإسلام وهي الخلافة " حسب وجهة نظر الكاتب .
هنا إشارات خاطفة من الكاتب إلى فكرة المراحل في تطور التحرك السياسي حسب تعبير الكاتب التي لم يلتزم بها، واكتفى بهذه الإشارات الخاطفة التي أوجزها إيجازا مخلا؛ وذلك لاتساع الفكرة، وضيق مساحة البحث، وكان من المفيد جدًا عدم زجِّ البحث في موضوعات شائكة كأحداث السقيفة، والاختلاف في شأن الخلافة، فهذه موضوعات قد أشبعت بحثا (وسالتْ فيها الأحبارُ من نحورِ الكتبِ، وتكسرتِ النصالُ على النّصالِ)، ولا يتسع لها صدر بحث مختصر، وقد أكد الكاتب هذه الملاحظة بقوله ص25:" .. لن نسهب في هذه المسألة .. التي قد تحرفنا عن مسار البحث " وقد صدقَ الكاتبُ في ذلكَ صدقًا مبينًا !!
ص24 نقل الكاتب قولَ الشيخ الأميني (ت 1390هـ) " وكذلك أتى أبو سفيان زعيمُ قريش، أرادَ أن يبايعَ عليا بعد وفاة النبي لا حبًّا له، ولا رضىً به، ولا اعترافًا بمكانته الخاصة من النبي، بل عصبيةً لبني عبد مناف "
وفي الصفحة نفسها يتساءل الكاتب: لماذا لم يبايع أبو سفيان رجلا آخرَ غير علي (ت 40هـ) ؟ فيجيب بقوله:" المسألة واضحة، مما يدلل على أحقية علي في هذا الأمر، وإن كان غرض أبي سفيان إثارة الفتنة "
هنا أتساءل لمجرد إيضاح الفكرة: هل بايع أبو سفيان (ت 32هـ) الإمام عليًّا عصبيةً، أم إثارةً للفتنة، أم اعترافا بأحقية الإمام علي في الخلافة ؟ وهل أنَّ مبايعة أبي سفيان هي (المسألة الواضحة) على الأحقية كما في إجابة الكاتب، أم أن المبايعةَ هي مجرد إعلان اعتراف بالأحقية ؟!
ص32 استطر الكاتب في بحثه بتناول الفَرْقِ بين الخلافة والإمامة، وكان استطرادا غير ضروري، مع تأكيد الكاتب على أن هذه الأسطر القليلة لا تستوعب هذه الموضوعات التي " طفحتْ كتب الشيعة في مناقشة هذه المسألة " حسب تعبير الكاتب، والصحيح أن كتب المسلمين جميعهم قدْ طفحتْ كتبهم من مناقشتها، وليس الشيعة فقط ؟!
وهذه الاستطرادات واللمحات الموجزة من هنا وهناك تفقد البحث تماسكه، وتفت من عزيمة القارئ الذي سيكافح من أجل الرجوع إلى الفكرة الأصيلة في البحث، وهي (تاريخ الإمام علي السياسي) .
ص33 يقول الكاتب:" كذلك لم يقل غير الشيعة بأن الإمامة أصل من أصول الدين "
أقترح على الكاتب استعمال مصطلح الإمامية بدلا عن الشيعة، فهو أكثر دقة هنا، فالشيعة فرق متعددة، وهو هنا يتحدث عن رأي الإمامية، وقد ذكر ذلك قبل أسطر، وهناك أيضا من الإمامية من يرى بأن أصول الدين ثلاثة، هي: (التوحيد)، و(النبوة)، و(العدل)، وَمَا سِوَاهَا مِنْهَا .. !!
ص35 نقل الكاتب حديث:" ستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين " من كتاب الغدير، وهو موسوعة شاملة بلا شك، ولكنه ليس مرجعا في علم الحديث، كالكافي وغيره .
ص38 وما بعدها أسهب الكاتب في تناول موضوعات وعناوين قد أشبعت بحثا ودراسة .. من مثل: قتال الناكثين، ونباح كلاب الحوأب، وقتال القاسطين، والفئة الباغية، والتحكيم، وقتال المارقين، وغيرها .. وهذا وإن كان يصبُّ في مجرى عنوان البحث إلا أن الكاتب سيكون في بحثه أكثر دقة وتوفيقا لو تناول موضوعا سياسيا محددا أكثر أهمية في منهج الإمام علي السياسي، ويوسعه بالعرض والتحليل، وعرض الأقوال وشرحها، ثم نقدها .. !!
ولا يمكنني أن أتجاوز القول بأن لدى الكاتب رغبةً جادةً، ونزعةً مِلْحَاحًا، وميلاً أصيلاً في تحليل الحوادث التاريخية ونقدها، وهذا يحمد في البحث إلا أن معظم هذه التحليلات قد أذهبَ وهجَها تداولُ هذه العناوين في سيرة الإمام علي، وإشباعها بحثا وتفصيلا من قبل الكثير من الكتاب والباحثين والخطباء، وقد تنبه الكاتب لذلك في ص39، فقال:" إن سياسته في قتال الناكثين مبنية على أصول علمية تناولتها الكتب المختصة بالتفصيل، ونحنُ نوجزها " !! إنّ هذا الإيجازَ للأقوال في الكتب المختصة يقلل من أصالة البحث وجدته !!
ص39 تعرض الكاتب لحركة الناكثين، وذكر بأنها تعد أول معارضة، وأول تحرك ضد الإمام الشرعي، ورأى بأنها لم تكن قائمة من أجل المطالبة بدم الخليفة عثمان (ت 35ه)، وإنما موجهة ضد الإمام علي (ت 40ه)، ثم قال:" ويخالف هذا المعنى أحد الباحثين الذي التبس عليه الأمر كما يلتبس السراب على العطشان "
ذكر الكاتب قولا مخالفًا، واكتفى بوصف صاحبه بأنه (أحد الباحثين)، واختار أن يضع اسمه في الهامش، ورد عليه دون أن ينقل قوله، فلم نقرأ لـ(أحد الباحثين) قولا بنصه وفصه، وإنما قرأنا ردا عليه، أليست في ذلك مخالفة لأدوات البحث العلمي والموضوعي والمنهجي ؟ بلى إنها مخالفة !!
ص43 وما بعدها أشار الكاتب مُوفَّقًا إلى ومضاتٍ نيرة في المنهج السياسي الذي يتعامل به الإمام علي مع خصومه السياسيين، كحزنه الشديد على مقتلهم، ورعايته الإنسانية لحقوقهم، وتأبينه لهم، وذكره لفضائلهم، والحرص على سلامتهم، وقد قال الكاتب ص44:" وهذا السلوكُ الذي صدرَ من أمير المؤمنينَ لا يتمثلُ به سياسيٌّ، بل يتمثلُ به أصحابُ المبادئِ الذين يحملونَ بين جوانحهمْ رسالةً للإنسانية والدين، ويجسدون الشريعة في كل تحركاتهم وسكناتهم "
كنتُ أتمنى أن تكون هذه الإشارةُ الخاطفةُ أكثرَ تأصيلٍ في البحث، فهي الفضيلةُ المغيبة في السلوك السياسي بشكل عام، وكان الكاتب محسنا حين أشار إليها، وكان محسنا حين لم تفته، وكان محسنا حين اقتنصها من ركام الكتب التاريخية، ولو عمّقها بحثا ودرسًا لكان كثيرَ الإحسان، فما زلتُ أردد قولَه:" وهذا السلوكُ الذي صدرَ من أمير المؤمنينَ لا يتمثلُ به سياسيٌّ، بل يتمثلُ به أصحابُ المبادئِ الذين يحملونَ بين جوانحهمْ رسالةً للإنسانية .."، أردده إعجابا، وفرطَ اندهاش ..!!
ص45 أيضا أشار الكاتب موفّقًا إلى ومضةٍ نيرةٍ أخرى في المنهج السياسي الذي يتعامل به الإمام علي، وهو (الحرية السياسية)، ولكنها تبقى إشارة خاطفة كنت أتمنى عليه أيضا أن يعمّق الحديثَ حولها، فهي أيضا الفضيلة المغيبة في السياسة، فلو أكمل الكاتب الكلام حول فكرة (حق المعارضة) في سياسة الإمام علي، واحترام المعارضين، وحق التعبير عن الرأي في رفض البيعة له، مع ضمانة الحقوق، وسلامة النفوس، لكان محسنا كثيرَ الإحسان، فقد كتب الشيخ يوسف علي سبيتي بحثا في أكثر من مئتي صفحة بعنوان (المعارضة في الإسلام قراءة في سياسة أمير المؤمنين مع الخصوم من داخل الدولة) !
ص57 استطرد الكاتب في هذه الصفحة وما بعدها في ما يشبه المناقشة والردود على الدكتور محمد إبراهيم أبا الخيل، وتناول مسألةَ عدالةِ الصحابة، وطعنَ الدكتور أبا الخيل في بعض المؤرخين، وموقفَه من بعض الأحاديث كحديث قتال الناكثين والقاسطين والمارقين .. !! وهذا استطراد ليس من الضروري أن يكون في متن البحث، ويكفي الإشارة إليه في هامشه؛ فهو بالتفصيل يخرج البحث عن مساره، وبالإيجاز ـ كما قد حاول الكاتب ـ يُفْقِدُ الفكرةَ اكتمالها .. !! وكذلك الردود على الدكتور هشام جعيط ص75 وما بعدها ..!!
ص61 اعترض الكاتب على الدكتور محمد إبراهيم أبا الخيل في تضعيفه حديث قتال الناكثين والقاسطين والمارقين، وقال:" إن الدكتور لم يوضح وجه الضعف في هذا الحديث .. "، وهذا إشكال موفق من الكاتب، ولكن لنا أن نسأل الكاتب عن وجه صحة الحديث، فهو لم يوضحها أيضا، واكتفى بقوله:" ناهيك عن الأحاديث والرسائل والقرائن التي تثبت بأنّ هذا الحديثَ صحيحٌ " !!
من المهم جدا ـ في معرض الرد على الأقوال ـ توضيح تلك القرائن التي تصحح هذا الحديث، ولو على سبيل الإيجاز .
ص80 في هذه الصفحة وما بعدها لمستُ أن الكاتب قد ضاق ذرعًا ببعض الآراء ووجهات النظر لبعض الباحثين، وقد بالغ في استعمالِ مفرداتٍ وعباراتٍ نقديةٍ (وَخْزِيَّةٍ)، هي من آليات النقد السجالي، من قبيل: الشبهات والتشكيكات والمغالطات والتناقضات والالتباسات، وهذه إنما هي وجهات نظر، وتحليلات تاريخية قد توافق ما يؤمن به الكاتب، أو يعتقده، وقد تختلف معه، ولكنها تبقى وجهات نظر، وليست هي (شبهات)، فتلك مفردات تشي بنوع من التبخيس النقدي، وليست نقدًا.. !!
إن التعرض في بحث محدود الصفحات لتناول بعض الدراسات الحديثة بالنقد والمناقشة يحتاج إلى بسط القول، وإرجاع النظر، وهذا لا تستوعبه (الاستطرادات)، و(التفريعات)؛ لأنها ستُخرج البحث عن (جوهره)، وكان حريًّا بالكاتب إفرادها بمزيد العناية، وبسط القول، ونقده ومناقشته . لا أعني في كلامي أبدا خلو تلك الآراء من الخطأ والبعد عن الصواب، أو القرب منه، وإنما ما أعنيه هو اختيار الأسلوب الأكثر منهجية في الطرح كاختيار المفردات، وتقييم الأفكار وتقويمِها.. !!
ص96 نقل الكاتب (مضمون) كلمات الإمام علي في عهده لمالك الأشتر، ومن الدقة نقلها بنصها من عهد مالك الأشتر (ت38ه) ؟! هذه مجرد ملاحظة فنية !!

خِتَامًا ..
أقترح على الكاتب التخلص من استعمال المفردات التي لا تخلو من حمولات (اجتماعية أو ثقافية خاصة)، مثل استعمال مفردة (القَوْم)، و(كما يدّعي أصحابُ هذه المدرسة)، و(الخليفة الثاني)، و(إبّان ما يُسَمى بالحكم الرّاشدي)، و(مِنْ تَوَلّي الثَّلاثة)، ومن الخير للبحث أن يسمي الأشياء والأشخاص بأسمائهم، وأن يكون معاصرًا حتى في ألفاظه وعباراته ومفرداته .. !!
ثالثًا: بيان بالملاحظات اللغوية والنحوية والإملائية (سأكتفي بإرسالها للكاتب) !!





جابر عبدالله الخلف
25/4/1432هـ

 

 

منتدى السهلة الأدبي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 06:48 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد