السؤال :
ما رأي علماء الشيعة الإمامية في أن حوّاء خلقت من ضلعٍ أعوج من أضلاع آدم عليه السَّلام ؟!!
الجواب :
لا شك وأن المادة التي خلق الله عَزَّ و جَلَّ منها الإنسان وكوَّنه منها هي الطين، فأبونا آدم عليه السَّلام خُلق من مادة الطين، وبذلك تشهد آيات قرآنية كثيرة، منها :
1 ) قول الله عَزَّ وجَلَّ : { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ }.
2 ) قول الله تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ }.
3 ) قول الله سبحانه : { الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ }.
4 ) قول الله جَلَّ جَلالُه : { فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ }.
5 ) قول الله عَزَّ وجَلَّ : { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ }.
6 ) وقول الله تعالى عن لسان إبليس : { قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ }.
فيتبيَّن أن خلق الإنسان بصورة عامة والنبي آدم عليه السَّلام بصورة خاصة كان من مادة الطين من غير شك وريب.
من أي شيء خُلقت حواء ؟!!
أما بالنسبة إلى أمنا حواء فنقول أن العموم الوارد في الآيات السابقة يشملها أيضاً كما يشمل جميع أفراد البشر، فهي خلقت من نفس المادة التي خلق منها النبي آدم عليه السَّلام، وبذلك تشهد الآيات القرآنية أيضاً وكذلك الأحاديث الواردة عن أهل البيت عليهم السَّلام.
أما ما يفيد من القرآن الكريم بأن المادة التي تم خلق حواء منها هي الطين، تماماً كآدم عليه السَّلام فهو قول الله عَزَّ وجَلَّ : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }.
والمقصود من النفس الواحدة هو الجنس البشري الواحد بدليل قوله الله عَزَّ و جَلَّ : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }، وقوله تعالى أيضاً : { وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ }.
فالمقصود من كل هذه الآيات هو أن الله تعالى خلق الأزواج من جنس واحد، وليس المقصود أنه تعالى خلق النساء من أبدان الرجال كما هو واضح.
وأما الدليل من الأحاديث فما رَوى الشيخ الصدوق - قدس الله سره - في كتابه " علل الشرايع " أن النبي محمد صلَّى الله عليه وآله قال : " خلق اللهُ تعالى آدمَ من طين، ومن فضلته وبقيَّته خُلقت حواء ... ".
فالصحيح أن الله عَزَّ و جَلَّ خلق النبي آدم عليه السَّلام أولاً من مادة الطين، ثم خلق من فاضل تلك المادة الطينية زوجته حواء، وهذا ما تؤكده الروايات الصحيحة المروية عن أهل البيت عليهم السَّلام.
هل خُلقت حواء من ضلع أعوج ؟!!
أما القول الذي يقول بأن حواء قد خُلقت من ضلع أعوج من أضلاع آدم عليه السَّلام فهو قول غير صحيح ويخالف الواقع حتى لو استند إلى أحاديث دونتها بعض الصحاح، كالحديث الذي ذكره سمرة بن جندب حيث نسب إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله أنه قال : ألا إن المرأة خُلقت من ضلع، وأنك إن تُرِد إقامتها تَكسرها، فدارِها تعش بها ثلاث مرات.
وكذلك ما نسبه أبو هريرة للرسول صلَّى الله عليه وآله أنه قال : المرأة خُلقت من ضلع اعوج وأنك إن أقمتها كسرتها وإن تركتها تعش بها وفيها عوج.
التوراة وخلق حواء :
ولدى مراجعة الفصل الثاني من سفر التكوين من التوراة نجد أن ما جاء فيه بهذا الشأن يطابق ما جاءت به الأحاديث القائلة بأن حواء خلقت من ضلع من أضلاع آدم تماماً، وهذا الأمر مما يدعم فكرة تسرب هذه الإسرائيليات من التوراة إلى بعض كتب الحديث ومن ثم أخذت طريقها إلى الشعر والأدب، فهناك من الأدباء والشعراء من وجد في هذه الأحاديث مبرراً كافياً للتهجم على المرأة , واتهامها بالاعوجاج، فقال بعضهم :
هي الضلع العوجاء لست تقيمها ألا إن تقويم الضلوع انكسارها
أتجمع ضعفا و اقتدارا على الفتى أليس عجيبا ضعفها واقتدارها
إلى غير ذلك من الآثار السلبية التي لا تزال موجودة في المجتمعات والقائمة على أساس هذه الإسرائيليات.
رأي الإمام الباقر عليه السَّلام في هذا القول :
لقد كذَّب الإمام محمد بن علي الباقر عليه السَّلام ما يقال عن حواء أنها خُلقت من ضلع من أضلاع النبي آدم عليه السَّلام، وردَّ على هذا القول بشدَّة عندما سئل عنه.
قال الراوي : سُئل - أي الإمام الباقر عليه السَّلام - من أي شئ خلق الله حواء ؟!!
فقال : " أي شيء يقولون هذا الخلق ؟!! "قلت : يقولون : إن الله خلقها من ضلع من أضلاع آدم.
فقال عليه السلام : " كذبوا، يعجز أن يخلقها من غير ضلعه " ؟
ثم قال : " أخبرني أبي عن آبائه، قال : قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله : إن الله تبارك وتعالى قبض قبضة من طين، فخلطها بيمينه وكلتا يديه يمين، فخلق منها آدم فَفضَل فضلة من الطين فخلق منها حواء ".
المصدر :
مركز الإشعاع الاسلامي للدراسات والبحوث الإسلامية
منقول
أخوكم عاشق ؟؟؟؟؟؟