والدها عجز عن إيجاد علاج مضمون لحالتها ... المرض والفقر ينازعان الطفلة« إسراء» الحياة
الأحساء - محمد الرويشد الحياة - 03/11/06//
تحمل بين ابتسامتها الطفولية الرقيقة ونظراتها البريئة حزناً، قد لا يشعر به أحدٌ ممن يعرفها أو تعايشوا معها، فمنذ مجيئها إلى الحياة، صُدمت بالفقر والمرض واليأس، والتي تحاول جاهدة تبديدها، لكن الظروف المحيطة بها أقوى من عمرها الطفولي الذي لم يتجاوز الثالثة. تعيش إسراء سعيد الحنون بين فكي الفقر والمرض، فمنذ ولادتها لم تكن السعادة إلا حزناً على ما تعانيه من مرض هدد حياتها، فالفحوصات والأشعة الطبية قررت عدم وجود الشريان الموصل للماء من الرأس إلى المجرى البولي، وهي حال معقدة جداً من الناحية الطبية، ويمكن أن تقضي على حياة المريض. وبقيت إسراء في مستشفى الولادة لفترة بسيطة، ثم حولت إلى مستشفى الملك فهد في الهفوف، ليقرر الأطباء هناك حتمية إجراء عملية جراحية لإنقاذ حياتها، وبها سيتم زرع شريان بديل، ومخاوف والدها قربته من الموافقة على هذه العملية، ووقع أوراق دخولها المستشفى، وجرت الأمور في صورة طبيعية لدخولها غرفة العمليات.
بيد أن المصادفة الغريبة حالت دون إدخال الطفلة إلى غرفة العمليات، ففي أثناء إحدى المراجعات، كانت الطفلة نائمة في أحضان والدتها في غرفة الانتظار في المستشفى، وصادف وجود سيدة تحتضن طفلها وهو في حال حرجة وغريبة، فحجم رأسه مخيف مقارنة بجسمه، والأنبوب الرغامي يوحي بحجم المشكلة. وفور سؤال السيدة عن حال ابنها أخبرتها بالقصة الكارثة التي أثارت جنون الوالدين. يقول والد الطفلة: «أخبرتنا والدة الطفل أنه أجرى ثلاث عمليات، فشلت اثنتان ونجحت واحدة، لكن النجاح طفيف، والغريب في الأمر أن حال الطفل مطابقة تماماً لحال إسراء، وعلى الفور تخيلت الطفل ابنتي إسراء، ولم أجد نفسي إلا في مكتب المسؤول الطبي أرفض فيه إخضاع ابنتي للعملية، بعد أن كنت موافقاً عليها».
ولم تفلح محاولات الأطباء على تغيير رأي الوالد، والذي قرر إخراج الطفلة من المستشفى على مسؤوليته والبحث عن علاج آخر يمكن أن ينقذها. ويقول: «في حواري مع الأطباء رفضوا أن يعطوني نسبة نجاح العملية، وهذا أمر آخر زاد من مخاوفي وقلقي، لذا قررت إخراجها والبحث عن طريق آخر، وقد دلني أحد الأصدقاء على طبيب في الهند فقررت الذهاب إليه».
وسافر الوالد بابنته إلى الهند، وهو يحمل أملاً وألماً، وتكبد ديوناً وخسائر كثيرة في سبيل شفاء ابنته الصغيرة، وفور مقابلته الطبيب وإجراء الفحوصات أخبره أن نسبة نجاح العملية 97 في المئة، ما جعل التفاؤل يعود إليه بعد يأس مطبق، وفي صباح اليوم الرابع من شهر ربيع الأول قبل ثلاثة أعوام، أجريت العملية التي غيرت خارطة الحزن على هذه الأسرة. إذ نجحت العملية بشكل غريب، وأعطى الطبيب الوالد ورقة مراجعة بعد سنة، ليتأكد من الأنبوب الذي وضعه بديلاً للشريان المفقود، وبعد سنة عاد الأب بابنته من أجل الفحوصات الجديدة، فأخبره بسلامة الوضع، وأن الأمور تسير كما توقع لها، وعاشت الطفلة بعد ذلك حياة سعيدة بعيدة عن كوابيس الموت والمرض، وملأت البيت فرحاً وسعادة.
وبعد عامين من إجراء العملية أصيبت الطفلة بإغماءة في شكل مفاجئ، وتبدلت أحوالها في لحظات، وصارت شاحبة وتعاني آلاماً قوية وتقيؤ، ما استدعى نقلها إلى مستشفى الأطفال، ليخبر الأب بأن الأنبوب تعرض للتلف، ويجب استبداله في صورة مستعجلة، إلا أن استبداله لم يكن سهلاً بحسب الأب «رفض الأطباء استخراج الأنبوب القديم، بحجة أنهم لم يضعوه، وقرروا زرعه من الجهة الأخرى من جهة القلب، وهو أمر في غاية الخطورة، ورجعنا مرة أخرى لسيناريو عدم تحديد نسبة النجاح، لذا رفضت العملية مرة أخرى».
وقرر الأب السفر إلى الهند مرة أخرى، لكن الحال المادية باتت حائطاً عازلاً عن أمل إعادة ابنته إلى الحياة، فما كان من أهل بلدته (المنصورة) والمحسنين والجمعيات الخيرية، إلا أن وفروا له مبلغ السفر والعلاج. ووصلت إسراء إلى مستشفى الهند، وهي تعاني ألماً حاداً في الرأس، وتقيؤاً مستمراً، وبعد الفحوصات والتحاليل قرر الطبيب إجراء عملية استبدال للأنبوب «حين أخبرت الطبيب عن قرار الأطباء السابقين زرع الأنبوب في الجهة المقابلة للقلب تعجب. وقال إن الأمر خطير وقرر زرعه في الجهة السابقة بعد أن يستخرج الأنبوب القديم».
ونجحت العملية مرة أخرى، لكن فرحة النجاح تبددت بعد أن أخبر الطبيب الوالد بضرورة استبدال الأنبوب كل أربع سنوات على الأكثر، لكن هذا القرار أوقع الوالد في حيرة «تألمت كثيراً لسببين، أولهما أن ابنتي لن تعيش حياة طبيعية، ففي كل أربع سنوات ستخضع لعملية استبدال لهذا الأنبوب وهو أمر مؤلم، والأمر الآخر التكاليف المادية المجهدة التي لا أستطيع تحملها، فأنا أعاني من تراكم الديون ولا أستطيع تحمل علاجها».
ويعيش الحنون وعائلته المكونة من أربعة أفراد في منزل صغير متواضع، ويعيل والدته بعد موت والده، وهو موظف بسيط في أحد المصانع الخاصة، ويتقاضى عن عمله راتب 2600 ريال فقط، تتبدد في الديون والفواتير وحاجة البيت والعائلة، ما يجعل الأمل في نجاة ابنته من الموت مقترناً بانفراج أزمة الفقر الذي يعانيها. تبدو على وجه إسراء الذي لم تفارقه الابتسامة، علامات المرح والسعادة، وعلى رغم الألم وآثار مبضع الجراح، لكنها لا تزال تحتفظ بالأنبوب القديم كذكرى. وتأمل في تركيب الأنبوب الثاني إلى جواره بعد انفراج الأزمة وتدبير مبلغ العملية. إلا أن البحث عن علاج ينهي هذه الأزمة إلى الأبد هو الأمل الذي أخبر والد الطفلة به «الحياة»، «أسعى لإيجاد حل دائم لحال ابنتي الصحية، والتي تؤرقني وتصيبني باضطراب دائم، فإسراء طفلة لا ذنب لها، ولم تشأ أن تُولد في بيتٍ فقير، ولم تختر مرضها».
وقبل أن تغادر «الحياة»، وقفت إسراء بالقرب من باب منزلها تلوح بيديها الصغيرتين، وكأن نظرات الأمل الذي بعثتها تحمل أملاً في شفائها، ولعل عبارة «تعالوا غداً إلينا مرة أخرى»، توحي ببراءة هذه الطفلة التي لا تزال صورتها عالقة في الذاكرة.
لمزيد من الاستفسار :
الاتصال بالاخ محمد الرويشد الصحفي بجريدة الحياة
جوال : 0500180144
واخيرا وليس آخرأُ يناشدكم والد الطفله بتقديم العون والمساعده كماهي عادتكم ياأ هل الخير والعطاء راجيا الله سبحانه أن يكون ذلك في ميزان حسناتكم وصدق جل من قال : (
وماتقدموا من خير لانفسكم تجدوه عند الله ان الله بصير بما تعملون )
24-11-2006, 09:51 AM
عاجل الى اهل القلوب الرحيمه.
