العودة   منتديات الطرف > الواحات العامة > •» زوايـا عامـة «•




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 02-03-2004, 02:58 PM   رقم المشاركة : 1
رمز الإخاء
طرفاوي مشارك





افتراضي

هاهـو يوم عاشـوراء يلوح في الأفق، ليجعلنا نعيش عاشـوراء ببطولاتها وتضحياتها.. وعظمة عاشوراء لم تسمح للزمان ان يطوي ذكرها النسيان، وذلك لان عاشوراء رسالة لكل الاجيال، ومن هنا نتأمل في يوم عاشوراء ورسالته..
ألف: يوم الحسين عليه السلام
1/ وجاء يوم الحسين عليه السلام؛ جاء ميعاد اللقاء مع السبط الشهيد على مائدة الإحسان والإيثار؛ جاء يوم التحرر من إصر الهوى وأغلال الشهوات؛ وجاء يوم نتحسس فيه جميعاً بأننا بشر نحب الخير، ونهوى الفضيلة، ونلتذ بالعطاء، ونتطلع إلى الشهادة بالحق والموت في سبيله..
بلى؛ في مثل هذه المناسبات العظيمة، يكتشف أحدنا إنسانيته، ويندمج مع فطرته، وتنجلي عن بصيرته حجب الشهوات العاجلة والحميات الكاذبة..
2/ إن للسبط الشهيد سلام الله عليه حرارة في أفئدة محبيه، وولهـاً للاستماع الى حماسة شهادته، لأنه سلام الله عليه مثّل في يوم الطف تلك الفطرة التي تنطوي عليها ضمائر البشرية جميعاً، وجسد قيم العطاء والفداء، ومثّل الشجاعة والاستقامة والإيثار.. فهو -بكربلاء وعاشوراء- صورة مثلى لكل إنسان كامل في إنسانيته. ومن هنا ترى الناس جميعاً يتلهفون إلى معرفة أخبار ملحمته. وكلما كان الواحد منهم أقرب الى الإنسانية، كان أشوق الى عاشوراء الحسين عليه السلام.
3/ إن عاشوراء وما كان فيها من قصص بطولية نادرة، وتجليات إيمانية سامية، وسبحات في آفاق المثل العليا.. هي إطلالة البشر على عالم الغيب، وهي نافذة تُفتح أمام بصائرنا لنشاهد بأنفسنا ذلك العالم الآخر الذي لابد لنا من العودة إليه في يوم قريب؛ العالم الذي لا تتكلم فيه أرقام الأرصدة، ولا أحجام الممتلكات، ولاموازين القوة المادية، وإنما الكلمة الصادقة، والعمل الصالح، ودرجة التقوى واليقين.. إنها هي ميزان التفاضل هناك.
وهكذا يتسنى لكل من يعيش أجواء عاشوراء أن يطل ولو للحظات على ذلك العالم، ليضبط من جديد إتجاهه في الدنيا قبل أن يرحل عنها إلى عالم الآخرة؛ عالم الغيب والحياة الأبدية.
4/ عند الإدّعاء يزعم كل فرد بأنه قد بلغ أداء الواجب، ولكن عندما يستشرف على ملحمة عاشوراء ويراجع نفسه، يعرف ان عطاءه محدود جداً، ويتضاءل عند نفسه الى درجة الندم، ويجدد العزم بأن يضاعف عطاءه، ويزداد عزماً على الإحسان والإيثار.
5/ حوافز البشر وعزائمه هي وقود مسيرته الصاعدة، ومن فقد النية أضحى خاوياً على نفسه كشجرة مسوسة. ونحن نتزود في رحاب عاشوراء بالعزم؛ ليس فقط لنواجه ضعف أنفسنا أمام شهواتنا، وإنما أيضاً لنتحدى ضعف أمتنا أمام المشاكل الحادة.
فنحن نقرأ قصة ذلك الفتى الهاشمي "قاسم بن ا لحسن عليهما السلام" كيف يستهين بالموت ويراه في نصرة عمه أحلى من العسل، ونرى ذلك الشهم العلوي "علي الأكبر بن الحسين عليهما السلام" كيف يركب مطية الشهادة ويقتحم غمار الأعداء حتى تمزق جسده الشريف بحرابهم المسعورة، ثم شرب من يدي جده كأساً روياً لا يظمأ بعده أبداً. أما عمه العباس عليه السلام كبش الكتيبة، وقمر بني هاشم، فإنه يحلق عالياً في سماء الوفاء، حتى إذا ملك الشريعة وتاقت نفسه الى شربة ماء تذكر عطش أخيه الإمام الحسين عليه السلام فرمى الماء على الماء، وتمنى لو يستطيع أن يحمل الى مخيم آل الرسول قليلاً من الماء. وحطم أمله ذلك السهم الذي أصاب القربة.. ولكنه لم يستسلم وتحدى أمواج الهم بجبال العزم، حتى التحق بركب الشهداء.
إن كل صورة في هذه الملحمة، درس عظيم في معاني العزم والإستقامة.
6/ كما القطرة المتواضعة حين تلتحق ببحر زاخر فتصبح عظيمة النفع، كذلك الفرد حين يندمج بتيار المجتمع فيصبح أعظم وأقوى. وملحمة عاشوراء بوتقة تعد الأفراد ليتلاحموا ويصبحوا قوة هائلة.
7/ حينما تتحطم النفس البشرية على صخرة الكوارث والويلات، وتنطوي على ذاتها لتحيط بها الكآبة وتنخر فيها السلبية. فان عاشوراء وبما فيها من شجاعة التحدي، وبطولة المواجهة، وبما فيها من الإيجابية الطافحة تعالج مثل هذه النفسية، والتي -مع الأسف- أصبحت شائعة في بعض المجتمعات التي تعيش ظروفاً صعبة.
8/ عاشوراء تساهم في تربية إنسان يرفض الحصار، ويتحدى اليأس، ويهزء من العقبات؛ إنسان يتصل قلبه بنور ربه، فيتوكل على الله، ويقول كما قالت سيدتنا زينب للطاغية يزيد: "أظننت يا يزيد أنك حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فاصبحنا نساق كما تساق الاسارى أنّ بنا على الله هواناً، وبك عليه كرامة، وان ذلك لِعظم خَطَرك عنده فشمخت بأنفك ونظرت في عِطفك جذلاناً مسروراً حين رأيت الدنيا لك مستوسقة والأمور متسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا،…". (16)
وهكذا كانت ولا تزال عاشوراء السبط الشهيد عليه السلام إشراقة الأمل في ضمير البؤساء، لأن عاشوراء نفحة إلهية على أهل الأرض. أوليس الإمام الحسين عليه السلام مصباح هدى وسفينة نجاة؟
باء: رسالة عاشوراء
1/ ورسالة عاشوراء، هي رسالة المنبر الحسيني الذي لم يزل باقياً منذ ارتقاء زين العابدين وسيد الساجدين الإمام علي بن الحسين عليه السلام أعواد مسجد الشام في أول مواجهة ضد الطاغية يزيد في العاصمة الأموية، وفضحه آل أبي سفيان وبيّن فضائل العترة الطاهرة. منذ ذلك اليوم وحتى هذا اليوم وعبر 1361 عاماً، لم يزل للمنبر الحسيني شعاعاً من مصباح الإمام الحسين عليه السلام، وقبساً من نار ثورته اللاهبة. ومن عوامل بقاء المنبر الحسيني بهذه الصفة طيلة القرون المتمادية، هو الحماس الذي يلعب دوراً هاماً في بيان عاشوراء، كما يجلي البصائر ببيان أهدافها التي هي حقائق الدين.
2/ واليوم حيث يتعرض المسلمون لأقسى الهجمات الثقافية، والتي تتسلح بالمزيد من وسائل العصر؛ اليوم حيث يتسم العصر بسمة الإعلام، علينا أن نجتهد في سبيل جعل المنبر الحسيني قادراً ليس فقط على صد هجمات الأعداء على قيم الدين، بل وأيضاً على اختراق حصون الأعداء وبث القيم الدينية بين شعوب العالم. أليست كلمة الله هي العليا، ألم يقل ربنا سبحانه: (وَقُلْ جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً( (الاسراء/81)
3/ من هنا كان على الخطباء وعلى المعاهد الدينية التي يتخرج منها الخطباء أن يبذلوا قصارى جهدهم لتحقيق تحول كبير في مناهج المنبر وبرامجه، وجعله أقرب الى حقائق العصر، وذلك عبر السبل التي سوف نتحدث عنها لاحقاً – إن شاء الله -. وهذا الجهد قد يكون فردياً، وقد يكون عبر تشكيل مؤتمرات ومراكز بحث وإشراك أكبر قدر ممكن من الآراء فيها، وبالذات آراء المستمعين.
4/ المنبر ينبغي أن ينطق عن ضمير الجماهير، ويستجيب لحاجاتهم، وبالذات ضمير الجيل الصاعد الذي سوف يستلم أزمة المجتمع بيده. فإذا كان المنبر متجاوباً مع الناس، كان الناس أوعى له، وأطوع لتوجيهاته.
5/ المنبر رسالة عاشوراء، وعاشوراء بحر زاخر لابد ان نستخرج منه ما يناسب ظروفنا، ويلبي حاجات عصرنا. وهكذا ينبغي أن يستنطق الخطيب حوادث كربلاء فيما يتصل بيوميات المجتمع.. فإذا كان المجتمع يعاني تفككاً اُسرياً، فإن المنبر يستهدي من تفاني أهل البيت في سبيل قضيتهم، ومدى وفاء كل فرد منهم لشيخهم وسيدهم وإمامهم الحسين عليه السلام. وإذا كان المجتمع يعاني خواءً في الأهداف وفراغاً في الغايات، فإن هدفية أنصار الإمام الحسين عليه السلام كباراً وصغاراً، رجالاً ونساء، هي محور أساسي للمنبر. وإذا كان المجتمع يعاني أمراضاً مزمنة؛ مثل السلبية والتواكل، والذاتية والحمية، والفواحش الظاهرة منها والباطنة.. فإن كل حادثةٍ حدثت في ملحمة كربلاء تستطيع أن تكون ملهمة لعلاج تلك الأمراض.
6/ الإمام الحسين عليه السلام درة في تاج الرسالة، وعلينا ان ندعوا الناس من خلال المنبر الى منظومة الدرر التي يتشكل منها هذا التاج الكريم. فجده الرسول، وأبوه الوصي، وأمه الصديقة، وأخوه الزكي، وولده الأئمة الهداة صلى الله عليهم جميعاً.
كل اولئك هم محاور المنبر الحسيني، وعلينا -من خلاله- أن نرسي قواعد الإيمان بهم والوله بحبهم والاستماع الى وصاياهم، وقراءة سيرهم، وبالذات الإمام الثاني عشر المنتظر القائم عجل الله فرجه، فإنه خاتم الأوصياء، والآخذ بثأر جده الحسين عليه السلام.
7/ المنبر الحسيني زخم عاطفي هائل، وهو يفجّر ينابيع المودة في أفئدة العارفين بأهل البيت عليهم السلام. ولكن -في ذات الوقت- ينبغي أن يستثير دفائن العقل، ويستجلي مشاعل البصيرة، ويزين للناس مكارم الأخلاق وحلل الآداب.. ذلك لأن العواطف من دون بصائر العقل، أشبه ما تكون بسيل هادر لا تستوعبه قنوات الري.
إن مذهب أهل البيت يعرج بالبشرية بجناحي العاطفة والعقل. فظلامة الصديقة الزهراء عليها السلام، ومصائب سيد الأوصياء الإمام علي عليه السلام، ومراثي السبط الأول الإمام الحسن عليه السلام، وعاشـوراء السبط الشهيد الإمام الحسين عليه السلام، وما جرى على الأئمة من ولده عليهم السلام.. كل ذلك جناح العروج الأول. أما الجناح الآخر، فيتمثل في الخطبة الفدكية لفاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين عليها السـلام، وبنهج البلاغة للإمام أمير المؤمنين عليه السـلام، وكلمـات السبطين عليهما السلام، والصحيفة السجادية زبور آل محمد الذي جرى على لسان خيار المتهجدين الامام السجاد عليه السلام، ووصايا ودروس الباقرين الصادقين ثم الكاظم والرضا.. وسائر كلمات الأئمة الرشيدة.
وإذا رأيت خللاً في حياة بعض أتباع أهل البيت، فلأنهم قد ابتعدوا عن كلمات قادتهم التي هي مناهج حياة، وبرامج جهاد، وسبل هدى، ووسائل تقدم.
إنني أدعو الخطباء الكرام وبكل إصرار الى إعادة الناس الى رحاب أهل البيت، والإنتفاع بكل كلمة من تراثهم العظيم، لكي يوحّدوا جهودهم، وينظموا حياتهم على أسس عقلانية رشيدة في ضوء وصاياهم، وليتحمل كل فرد منهم مسؤولياته من دون تبريرات واهية، فيزداد همة وعزماً.
وإن لي كذلك دعوة متواضعة للفقهاء والمفكرين؛ أن يستنبطوا من آيات الكتاب وأحاديث السنة وكلمات أهل البيت أحكاماً واضحة في قضايا حياتية، كما أنهم قد استنبطوا منها أحكاماً في قضايا دينية، ولهم من الله الأجر العظيم.. ويومئذ ينبغي للخطباء والكتّاب أن يتبعوهم في تلك الارشادات، وينشروها على أوسع أفق.
إننا اليوم بحاجة ماسة إلى تلك الحكمة التي ترشدنا كيف نعيش، وكيف نتحدى المشاكل، وكيف نساهم في تطبيـق الحياة. وإنها لحكمة بالغة، لابد أن نستوحيها من مصادر الوحي، ومن تجارب العقول، وآراء العرف الرشيد؛ والله المستعان.

 

 

 توقيع رمز الإخاء :
<span style='font-family:Times'>الهم انصر من نصر الدين واخذل من خذل الدين يا رب العالمين</span>
رمز الإخاء غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 08:16 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد