العودة   منتديات الطرف > الواحات الإسلامية > ۞ ۩ ۞ الواحة الإسلامية ۞ ۩ ۞




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 22-12-2003, 05:37 PM   رقم المشاركة : 1
mone2002r
طرفاوي مشارك





افتراضي

عندما أتم الفكر نظامه والعمر تمامه والكون انتظامه جلسنا بين الركب

ندعو السماء في تلك المصيبة و الرحيل المفجع

على فقدك يا روح الله

أبتاه .. وحق أن تقال لك يامن ملأت الكون بصراط الحق

أبتاه .. يا من كتبت اسمك في قلبي علها تجعلني أنتدبك طول الزمان

أبتاه .. يا من حققت حلم الأنبياء والأوصياء والمرسلين العظام

وكأن جدك محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وجدك علي المرتضى وجدتك الزهراء البتول وجدك الحسن المجتبى وجدك الحسين الشهيد بكربلاء يحضرون ليواسوا شيعة آل محمد في فقدك يا ريحانةا لأسلام وناصره يا صديق الكون وعالمه .

أبتاه .. لم يكفهم أننا فقدناك وأننا يتمى من بعدك نحتسبك عن الله بل طعنوا في قدسيتك العظيمة والمقام الحميد لكن العظماء الأجلال لايضرهم سفهة القوم

أبتاه .. هلا انتظرتنا فهذا الشهر الحرام قادم وهذا الركب سائر منهم إلى محمد ومنهم إلى الحسين

أبتاه .. قم فهذه المراكب تنتظرنا وهم يريدونك فهذا النبي يدعوك وهذا علي وفاطمة والحسن والحسين يريدون أن يأخذوك

قم يأبي .....................

فقد حان الوداع ..............



اعزي الامة الاسلامية والعربية كافة بمناسبة رحيل الإمام الخميني قدس سره الشريف


لم يمت قوما جعلوا روح الله إمامهم ومرشدهم وقائدهم يأتمرون بأمره وينتهون بنهيه فلقد كان مثال عظيما يجب أن يقتى به في كل الأوقات و في كل الأزمان
الامام الراحل السيد الحكيم (قدس)

 

 

 توقيع mone2002r :
<******>drawGradient()
mone2002r غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22-12-2003, 09:45 PM   رقم المشاركة : 2
حامل المسك
نائب المشرف العام
 
الصورة الرمزية حامل المسك
 







افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

السلام عليك ياروح الله :

باسمه تعالى
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في الذكرى السنوية الرابعة عشرة لرحيل الإمام روح الله الموسوي الخميني (قده) 4-6-2003
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا شفيع ذنوبنا وحبيب قلوبنا أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين وجميع أنبياء الله والمرسلين والشهداء والمجاهدين في سبيل الله منذ آدم الى قيام يوم الدين
السادة والسيدات، الاخوة والأخوات، أيها الحفل الكريم، السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.
في الوقت المتاح وفي ذكرى الحادث الجلل، وأمام التحديات الكبرى لا وقت اليوم وفي هذا الحفل لحديث القلب وان كان لامامنا وسيدنا روح الله الموسوي الخميني في قلوبنا وأرواحنا وضمائرنا من المكانة والموقع والحضور ما يعجز اللسان عن شرحه وعن وصفه وعن التعبير عنه. في ذكرى رحيل الامام نعود الى الامام، الى فكره وشخصيته وقيادته، نستلهم منه ما يمكن أن نواجه به تحديات الحاضر وأخطار المستقبل، في كل السنوات الماضية كنا نفعل ذلك ونتعلم من الامام الموقف، عندما كنا نتحدث عن الامام الخميني والوحدة، والامام الخميني والقدس، والامام الخميني والجهاد والمقاومة، والامام الخميني وارادة الشعوب.
اليوم أود ومن وحي كل هذه التطورات الخطيرة والكبيرة التي حصلت أن أشير الى ميزة، الى صفة أصيلة في شخصية هذا الامام، ما نحتاج اليها في هذه المرحلة هي صفة الشجاعة والثبات. كان الامام معروفا بشجاعته الكبرى وكانت الشجاعة صفة أصيلة في روحه وكيانه وأخلاقه ووجوده المبارك، وهنا لا أتحدث عن الشجاعة كخلق شخصي نريد أن نتغنى بحسن خلق امامنا، وانما اتحدث عن هذه الصفة، لأنها كانت الصفة المركزية في شخصية القائد الذي استطاع أن يصنع هذا التحول، فالفكر والعقيدة والإيديولوجية والمشروع ووضوح الرؤيا وصفاؤها وسلامة الموقف وصوابية الطريق، كلها ليست كافية ان لم يتمتع قادة هذا الطريق واتباع هذا الطريق بشجاعة القيام وشجاعة الوقوف وشجاعة المواصلة، لا مكان في هذا العالم لأي فكر أو عقيدة أو ايمان ان لم يحمل رايته أولئك الشجعان المستعدون للتضحية بالغالي والنفيس وفي كل زمان وظرف ومكان.
أيها الاخوة والاخوات؛ نحن في هذه المرحلة الخطيرة ندعو الى استلهام هذه الصفة والى استحضار هذه الصفة في الزعماء والقادة والنخب الفكرية والثقافية والسياسية والقيادات وكل المواقع التي تمارس فعلا توجيهيا أو قياديا في هذه الأمة، في أي موقع وفي أي مكان من هذه الأمة. هذه الصفة يمكنها أن تحسم مصير ومستقبل شعب ووطن وأمة في مرحلة تاريخية حساسة؛ صفة شخص قائد يمكن أن تغير الكثير من المعادلات وبمعزل عن اختلال موازين القوى في الميدان، وهذا حصل كثيرا في التاريخ.
طالما كانت تحصل مواجهات حادة ويأتي ذكاء قائد واحد، ذكاؤه وحنكته وشجاعته وهدوء أعصابه ورؤيته لتغير مسار المعركة ولتغير مسار التاريخ. المسألة ليست هي دائما مسألة الحجم والحشود والقوى الكبرى، المميزات الشخصية في القادة لها تأثير مصيري في أي مواجهة يمكن أن تحصل، وهذا هو الذي جرى في ايران مع الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> في بدايات الثورة سنة 61 ـ 62 ـ 63 للميلاد عندما بدأت الثورة برجل واحد اسمه روح الله الموسوي الخميني، وهاجم بوليس الشاه تلك المدرسة الفيضية فقتل الطلبة واعتقل كثيرين، وجاؤوا الى بيت الامام وقالوا له: يمكنك أن تتحدث بما شئت ولكن هناك خطوط حمراء لا يجوز لك أن تتجاوزها؛ لا تتحدث عن الشاه ولا عن "إسرائيل" ولا عن أمريكا؛ أما الحكومة الايرانية ورئيسها ووزرائها لا مشكلة. الشاه و "إسرائيل" وامريكا هي خطوط حمر مقدسة.
في ذلك الجو المرعب في مدينة قم في البدايات، لو جبن الامام، لو ضعف الامام، لو خاف الامام، لما كانت ثورة، ولما كان نظام جمهورية اسلامية، ولما تحرر الشعب الايراني من أقسى طاغوت مستبد، تدعمه الولايات المتحدة الامريكية، ولما طرد الموساد والصهاينة والخبراء المحتلون الامريكيون من أرض ايران. في ذلك اليوم، شجاعة الامام وعزمه وارادته وتصميمه على المواصلة هو الذي بذر البذور الأولى وحسم مسار هذه الثورة، وفي النهايات ـ هذا مثل من البدايات ـ في النهايات عندما جاء الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> من باريس الى طهران واعلنت الحكومة الايرانية الشاهنشاهية في ذلك الحين الطوارئ والاحكام العرفية في كل ايران، وانزلت الى الشوارع كل فيالق الجيش الايراني، واصدرت الاوامر باطلاق النار على المتظاهرين في أي مدينة وفي أي مكان وفي أي زمان، في تلك الليلة كانت الثورة الاسلامية عند مفترق طريق، وكان الشعب الايراني عند مفترق طريق، بل كانت الأمة الاسلامية عند مفترق طريق. وجمع الامام أعوانه ومستشاريه وسألهم رأيهم، وكانت الأغلبية ان لم يكن الاجماع يقول للامام، يجب أن نحاذر دون نزول الناس الى الشوارع يوم غد، لأنه لو نزل الناس الى الشوارع ستسحق الدبابات ورصاصات جيش الشاه صدورهم وعظامهم، وسيقضى على الثورة، وقال لهم الامام ان لم ننزل غدا الى الشارع فان الثورة يعني قد انتهت، وسيدخل جيش الشاه الى بيوت المراجع والعلماء والقادة ليعتقلهم ويعدمهم في يوم واحد.
الامام بصفته هذه، بقيمة الشجاعة التي كانت تمتلكه، أخذ القرار وسأله بعض كبار الفقهاء، يا سيدنا من الذي يجيب الله يوم القيامة عن سيل الدماء الهادر الذي سينزف غدا، فقال روح الله بكل شجاعة ويقين: أنا روح الله عبد الله الفقير أملك الجواب الواضح يوم القيامة عن كل هذه الدماء.
وفي اليوم الثاني نزل الشعب الايراني الى الشارع وانهزم الجيش وسقط الشاه وانتصرت الثورة ولم يسفك الدم، وكان الله مع عبده الشجاع المخلص المضحي في ذلك القرار، رجل واحد بشجاعته وحكمته استطاع أن يغير ويبدل مسار التاريخ في ايران وفي المنطقة.
يجب أن ندرك ايها الاخوة والاخوات، أن الشجاعة لا يعني التهور، أن الشجاعة لا تناقض الحكمة، أن الشجاعة لا تعني التعقل والتروي أبدا، بل أقول لكم أن الشجاعة شرط في التعقل وشرط في التروي وشرط في الحكمة، لأن القلب الذي يتسلل اليه الخوف، لأن الانسان المرعوب لا يشتغل عقله وتضيع عنده قواعد الحكمة ويخطئ في قراءة الواقع، من لا أعصاب له ولا قلب له لن يبقى له عقل شغال ولا عقل فعال ليدرك المصلحة فيطلبها ويعرف المفسدة فيجنبها أمته وشعبه. الشجاعة هي شرط الحكمة، أنا لا أتصور وخصوصا في مواقع القيادة أنه يمكن أن تجتمع الحكمة مع الجبن ولا يمكن أن يكون الجبناء حكماء ولا يمكن أن يكون الجبناء قادة وأمة تضع مصيرها في يد حفنة من الجبناء هي أمة مهزومة لا محالة.
اليوم يحدثنا البعض عن السلام وهؤلاء هم أنفسهم الذين كانوا يحدثوننا خلال كل السنوات الماضية، عن اي سلام وعن أي أمن وديموقراطية ورخاء وتنمية وعدالة وحرية يحدثنا هؤلاء؟ والامريكيون اليوم هم أكثر التصاقا بالصهاينة، "بإسرائيل"، بالمشروع الصهيوني، أكثر من أي زمن مضى لتاريخهم الذي تحدث عنه أخونا العزيز الاستاذ وليد، ولحاضرهم الآن الدولة التي تمارس الاحتلال لن تتفهم على الاطلاق مشاعر شعب محتل في فلسطين، الدولة التي تنهب خيرات العراق، الدولة التي تعتدي على مقدسات العراق، الدولة التي تصادر حرية الشعب العراقي لا مكان لديها لا لمقدسات الفلسطينيين ولا لخيرات الفلسطينيين ولا لحرية رأي الفلسطينيين ولا لكرامة الفلسطينيين؛ عن أي سلام يريد هؤلاء أن يحدثونا؟
ما جرى بالأمس وما جرى أو يجري اليوم يمكن بكل بساطة وصفه بقمة أو قمم الاملاءات الامريكية، الأستاذ بل الجبار الأمريكي يجمع عددا من الرؤساء والملوك ويبلغهم ـ أنا حتى الآن لم أفهم لماذا قطع الارسال في شرم الشيخ، البعض قال خلل فني، ما هذا الكلام ـ حتى لا تسمع شعوب الدول العربية اللغة والمنطق والأوامر التي سيوجهها السيد بوش لملوك ورؤساء بلدانهم، هذه هي الحقيقة، ثم جاء المؤتمر الصحفي ليتحدث عن الالتزامات، التزامات كلها ترتبط بالانتفاضة الفلسطينية وبالمقاومة الفلسطينية وبالشعب الفلسطيني؛ ليست هي المرة الاولى ايها الاخوة والاخوات التي يجتمع فيها كبار وصغار وجبابرة وأقزام في شرم الشيخ ليتخذوا قرارات تتصل بتصفية حركات المقاومة في فلسطين؛ ليست هي المرة الاولى، يقولون "لا" الظرف الآن مختلف، ونقول أنه وقتها أيضا كان الظرف مختلفا، ويومها كانوا أقوياء وجبابرة وكان الاتحاد الاوروبي وروسيا والصين واليابان وأكثر من هذا العدد من الدول العربية، وواجه الشعب الفلسطيني وواجه لبنان وسوريا تلك الحملة الشعواء بمنطق الصمود والصبر والارادة والثبات وتجاوزنا تلك المرحلة. اليوم ما جرى في شرم الشيخ هو يعني لو كانت فلسطين ملكا شخصيا لبعض الاشخاص لما قبلوا أن يتنازلوا عنها بهذه البساطة؛ أن يقال لك أوقف دعمك للإرهاب حاصر الجماعات الارهابية، افعلوا كيت وكيت .. ونعدكم أننا سنناقش وأننا سنفاوض وأننا سنعطي وأننا وأننا .. علينا أن ندفع كل شيء ونقدم كل شيء وفي المقابل وعد بالدولة الفلسطينية المؤقتة التي لا نظير لها في التاريخ، وعد بالمفاوضة على الأوضاع النهائية، ثم يأتي شارون ليعلن أن لا حق عودة للاجئين الفلسطينيين أن القدس عاصمة أبدية "لإسرائيل" غير قابلة للتجزئة وأن المستوطنات الموجودة سوف يتم توسعتها لأسباب انسانية.
بوش يطلب من العرب أن يفعلوا كل شيء وكل ما بوسعهم لانهاء الانتفاضة في فلسطين، ولكنه يطلب بلغة مؤدبة من شارون التعامل مع قضية المستوطنات، التعامل وماذا يعني التعامل؟ عبارة مبهمة غامضة لم نفهم منها شيئا على الاطلاق. وبعد ذلك يطرح شارون في هذه الأيام ما هو خطير جدا وما أريد أن أدعو الى الانتباه اليه وتحليله ودراسته بعمق.
لماذا الاصرار على أن يعترف أبو مازن والفلسطينيون "بإسرائيل" كدولة يهودية؟ هم في اوسلو اعترفوا بدولة "إسرائيل" القائمة على أراضي الـ48 وذهبوا ليفاوضوا على أراضي الـ67. إعترفوا بها دولة قانونية شرعية الى آخره. لماذا الاصرار الآن على الاعتراف بها دولة يهودية؟ هذا كلام خطير جدا جدا، يمكن لم يتسن للبعض أن يقرأه أو يحلله أو يقف عنده حتى الآن، في الوقت الذي يطالب فيه الفلسطينيون والعرب باعادة اللاجئين الفلسطينيين يقال أن "إسرائيل" دولة يهودية، يعني لا عودة للاجئين الفلسطينيين، ولو كان الأمر عند هذه الحدود لما سمعنا جديدا، ولكن الدعوة الى اعتراف فلسطيني وعربي بأن "إسرائيل" دولة يهودية يكشف عن شيء قائم وثابت في عقيدة هذا الكيان الصهيوني وهي عقلية وعقيدة التطهير العرقي. اننا نشم من رائحة المطالبة بالاعتراف بأن "إسرائيل" دولة يهودية، نشم منها رائحة مشروع الترانسفير، مشروع تهجير فلسطينيي الـ48. يأتي الفلسطيني أو العربي ليقول أعيدوا اللاجئين في لبنان وفي سوريا وفي الأردن وفي أماكن أخرى فيجيب شارون تعالوا واقبلوا أن أهجر اليكم الذين يعيشون عندي في الـ48. هل هذا مقدمة لمشروع تهجير فلسطينيي الـ48؟ هل هذا مشروع في الحد الأدنى سلب فلسطينيي الـ48 من جميع حقوقهم المدنية؟ هذا ما يجب أن نبحث عنه؛ وهذا يعني أن "إسرائيل" في الحقيقة وللأسف الشديد تحسن الآن الاستفادة من الظرف الدولي والاقليمي لتمرير مواقف ومشاريع وأفكار ما كانت تظن أن يتاح لها فرصة طرحها علنا وبهذه الشاكلة.

وله تتمة

وتقبلوا المسك من حامله

 

 

 توقيع حامل المسك :



عَلَّمَتْنِي الْحَيَاة..ان أَجَعَل قَلْبِي مَدِيْنَة..بُيُوْتِهَا الْمَحَبَّة..وَطَرِيْقُهَا التَّسَامُح وَالْعَفْو وَأَن اعْطِي وَلَا أَنْتَظِر الْرَّد عَلَى الْعَطَاء ..وَأَن اصَدِق مَع نَفْسِي قَبْل أَن اطْلُب مِن أَحَد أَن يَفْهَمُنِي ..وَعَلَّمْتَنِي أَن لاأَندُم عَلَى شئ وَأن اجْعَل الْامَل مِصْبَاحَا يُرَافقُنِي فِي كُل مَكَان وَأَن احْتُفِظ بِأَحْزَانِي فِي قَلْبِي وَأَن ارْسِم الْبَسْمَة عَلَى شَفَتِي حَتَّى لاأَحْزن الْنَّاس
حامل المسك غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22-12-2003, 09:48 PM   رقم المشاركة : 3
حامل المسك
نائب المشرف العام
 
الصورة الرمزية حامل المسك
 







افتراضي

ويردف السيد نصر الله قائلاً :
أيها الاخوة والاخوات؛ أمام هذا الواقع الذي يراد فيه فرض الشروط الامريكية "الإسرائيلية" على الفلسطينيين، وأنا قلت هنيئا للبنان وسوريا، والبعض قال هذا كلام اخلاقي وليس له مكان، اليوم شغل سياسة؛ بالسياسة هنيئا لمن لم يحضر درس الاستاذ جورج بوش في شرم الشيخ ولم يسمع الاملاءات، هنيئا لمن سيؤجل بالنسبة له املاءات خوارط الطرق للبنان وسوريا، اذا اجلت يوم وشهر وسنة وسنتان تكون أذناه ترتاح من الاستماع الى اوامر الذل والتصفية الموجهة الى زعماء العالم العربي من أجل أن يحققوا بأيديهم ما عجز عنه شارون وما عجزت عنه أمريكا. المطلوب اليوم تصفية المقاومة الفلسطينية وتصفية الانتفاضة الفلسطينية؛ لو كان شارون جبارا وقويا وعظيما ومقتدرا ولا يمكن مواجهته فلماذا فشل حتى الآن في تصفية مجموعة من المجاهدين وليس من القتلة الارهابيين كما يقول بوش؟ لماذا عجز عن تصفية مجموعة من المجاهدين لا يملكون لا دبابة ولا طائرة ولا مدفع ميدان ولا ضد الدروع، وانما يملكون أسلحة بسيطة ومتواضعة جدا. لو كنا الى هذا الحد من الضعف لماذا استمرت المقاومة في فلسطين؟ لو كانوا هم الى هذا الحد من القوة لماذا عجزوا عن تصفية المقاومة في فلسطين؟ أليست هذه أسئلة واقعية؟ هل هذه شعارات؟ هل هذا شعر؟ أم هو واقع ميداني مشاهد؟
أيها الاخوة والاخوات؛ انا في هذه المناسبة أريد أن أؤكد في ختام الكلمة ـ وان كان لي حق أن أطيل لأنه في السنوات الماضية يحشرونني في المغرب، اليوم الحمد لله الامور جيدة وان كانوا حشرونا بأن الشباب التزموا بالوقت ـ أنا أريد أن أؤكد هناك شبهة عند الادارة الامريكية، هناك شبهة عند "الإسرائيلي"، هناك شبهة عند بعض المحللين السياسيين وبعض الكتاب الصحفيين أيضا، الشبهة تقول أن الشعب الفلسطيني خياره ليس خيار المقاومة، أتى أناس من العالم من خارج فلسطين وفرضوا عليه أن يقاتل ويقاوم، أملوا عليه خيار المقاومة وأحرجوه بهذا الخيار، وساعة يضعوها عند ايران وساعة عند سوريا وساعة عند لبنان وساعة عند المقاومة بلبنان وساعة عند الدولة العربية الفلانية وما شاكل، ويتصورون أن ممارسة ضغوط على هذه الدولة الاسلامية أو العربية أو تلك هو المفتاح لإنهاء المقاومة في هذا البلد أو ذاك البلد.
سواء في فلسطين أو في لبنان، يشتبه من يتصور أن هناك دولة في العالم هي التي صنعت المقاومة في لبنان، أو هي التي أوجدت المقاومة في لبنان، هذا مشتبه وهذا مخطئ. المقاومة في لبنان كانت فعل ايمان وارادة لبنانية حقيقية. المقاومة في فلسطين كانت فعل ارادة وايمان فلسطيني حقيقي. جاء الاحبة والاخوة والاصدقاء في سوريا وفي ايران وفي اماكن اخرى من العالم في الكثير من شرائح وفئات ونخب وأحزاب العالم العربي والاسلامي لتؤيد وتساند وتدعم وتحتضن. الخطأ المركزي والاستراتيجي في النظرة الى الامور تكمن هنا، الى الذين ينظرون الى حماس والجهاد وفصائل المقاومة في فلسطين على انهم مرتزقة لهذه الدولة أو لتلك الدولة. الخطأ الاستراتيجي يكمن هنا، في أولئك الذين يتصورون أن أحزاب أو فصائل أو حركات المقاومة في لبنان وفي طليعتها حزب الله أنهم مرتزقة أو عملاء أو مستخدمين عند هذه الدولة أو تلك الدولة؛ وبالتالي يتصورون أن محاصرة هذه الدول والضغط على هذه الدول يمكن أن ينهي المقاومة في فلسطين أو يمكن أن يدفع المقاومة في لبنان الى التخلي عن سلاحها، الى التخلي عن واجبها في تحرير الارض والاسرى والدفاع عن شعبها وكرامتها ومقدسات بلدها ووطنها وامتها؛ مشتبهون هؤلاء. وهنا اريد أن أوضح، عندما يتكلم سماحة السيد خاتمي رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية هنا في لبنان أو حتى في ايران أو عندما يتكلم السيد الرئيس الدكتور بشار الاسد أو يتكلم اي مسؤول آخر عن أن المقاومة في لبنان هي مقاومة لبنانية وهي مقاومة مستقلة، البعض يحلو له أن يفهم أن هذا تعبير عن التخلي الايراني أو السوري عن المقاومة وهذا ليس صحيحا، هذا وصف حقيقي لماهية وجوهر ووجود المقاومة في لبنان وحقيقة وماهية وجود المقاومة في فلسطين.
الحقيقة أن الاخوة الذين احتضنوا المقاومة في لبنان وفي فلسطين طوال عشرين سنة لم يوجهوا اليها الاوامر في يوم من الايام. كانوا دائما يقولون نحن نؤيد المقاومة؛ أما كيف يقاوم المجاهدون في لبنان وفي فلسطين هذا شأنهم. المقاومة في لبنان وفلسطين هي ارادة شعبية، ارادة ذاتية، هناك مضمون انساني لم يستطع هؤلاء أن يفهموه حتى الآن. ماذا يعني أن تلبس الام ولدها لامة حربه وتناوله سلاحه وتودعه وتدعو له بالنصر وبالشهادة؟ هل يمكن للارتزاق والعمالة أن تصنع أما كهذه الأم ومجاهدا كهذا المجاهد واستشهاديا كهذا الاستشهادي؟
اليوم ما أريد أن أؤكده في مواجهة هذه القمم التي لا نتوقع منها خيرا وان كنا نحن لسنا من أهل التفاؤل والتشاؤم بالمعنى الذي يقصده ابن الرومي، لكن سبحان الله، ماذا تتوقع من قمة في العقبة؟ هل يمكن أن نتنج يسرا وسهولة؟ ماذا تتوقع من قمة في ـ لينتبه المشايخ ! ـ في شرم الشيخ، هل ستشرم هذه الأمة وتمزقها؟ لقد أصبحت أسماء هذه الأماكن للأسف حاضرة بشكل مأساوي في وجدان الشعوب العربية لأنها ترمز الى كل ما هو ضعف وذل وضياع وهوان. قوتنا أيها الاخوة والاخوات ليست في أي مكان من العالم، قوتنا هنا، قوتنا في شعوبنا، في ارادة الصمود والثبات، في التمسك بالحق، وألا أقول كما نستعير كلام سماحة السيد القائد حفظه الله لنواب مجلس الشورى الاسلامي قبل أيام، وأنقل لكم ما قاله لهم لأنه ينطبق علينا وعلى الفلسطينيين وعلى كل شعوب هذا العالم، قال لهم اذا كنا نريد أن نقدم تنازلات للادارة الامريكية وأن نحقق بعض المطالب الامريكية، جيد حتى يزيلونا عن لائحة محور الشر، هل نقدر أن نفهم ما هو الذي يرضي الامريكيين ويقنعهم في آخر حد؟ لنفهم آخر حد حتى ندرس الموضوع بهدوء وروية وحكمة. اذا طلبوا من الآن ثلاثة أشياء وهذا ينطبق على لبنان وعلى سوريا وعلى فلسطين وعلى كل الشعوب والحكومات وبعضنا متورط وبعضنا ينتبه لنفسه ولا يتورط، لو أتوا ـ يكمل سماحة السيد القائد ـ وطلبوا منا ثلاثة أمور واستجبنا لها، بعد ثلاثة أو أربعة أشهر ظنوا بأننا استجبنا لأننا ضعفنا، وطلبوا أربعة أمور أيضا سنقول أن الحكمة والواقعية والمصلحة أن نستجيب لهذه الأربع أمور، وبعد سنة طلبوا ستة أو سبعة أمور يجب أن نستجيب حتى نتجنب المواجهة بمقتضى الحكمة، وفي الآخر الى اين يريدون الوصول؟ قولوا لي بماذا يمكن أن يقنع الامريكيون ويقف عند ذاك الحد ضغطهم وحربهم على ايران. وأضاف أنا أقول لكم الحد الذي يقنع به الامريكيون هو أن أقدم أنا استقالتي وانتم النواب تستقيلون ورئيس الجمهورية والحكومة أيضا، ونعقد اجتماعا ونحل النظام في ايران الذي أتى بارادة شعبية واستفتاء شعبي ونرسل وفدا الى السيد بوش ونقول له هذه ايران خذها ونصب عليها الحكومة التي تريد. هذا هو الحد الذي يقنع به الامريكيون. هل وأنتم انتخبنا من قبل الشعب الايراني الذي صنع هذا النظام بدماء مئات الآلاف من الشهداء، هل فوضونا صلاحية أن نسلم ايران للامريكيين لمجرد أن أمريكا تهدد ايران؟ ! واليوم كل يوم من مدريد الى أوسلو الى المطلب الجديد الخطير الاعتراف بأن دولة "إسرائيل" هي دولة يهودية أنا اريد أن أسأل القادة والزعماء الذين اجتمعوا في شرم الشيخ والذين يجتمعون اليوم في العقبة وكل أولئك الذين سيكتبون ويحللون ويقولون عما أقوله أنا وأنتم أنه كلام حماسي جيد، أنتم أهل العقل والحضارة والمدنية قولوا لي ما هو الحد الذي يرضي شارون؟ وما هو الحد الذي يرضي بوش في فلسطين وفي لبنان وفي سوريا وفي كل منطقتنا العربية والاسلامية لنناقش؟ ولكن هل تتصورون بأن شارون وحكومة شارون وبوش وحكومة بوش واللتان تجاوزتا التحالف السياسي الاقتصادي المصلحي الى مستوى التحالف العقائدي بشكل لم يسبق له مثيل، هل تقف عند حدود هذه المطالب التي سمعناها بالأمس وهي مطالب خطيرة؟ اذا نحن لسنا أمام نقاشات واقعية لنقبل بعضها ونرفض بعضها الآخر.
نحن في زمن الهيمنة والاستبداد والعلو والاستكبار الامريكي والاسرائيلي موضوعون أمام خيارين لا ثالث لهما، ومن كان لديه خيار ثالث منطقي معقول فيه بعض الكرامة والعزة فليعرفنا عليه. هم يضعوننا أمام خيارين، اما أن نستسلم فنقبل بالحكومات والانظمة والمشاريع والادارات التي يريدون فرضها علينا والحلول والتسويات التي يريدون تحقيقها في هذه المنطقة، واما أن نصمد ونقاوم. أنا أقول لكم اذا ضعفت أنا أو اخواني نحن لسنا مفوضين على الاطلاق، لا من أهلنا ولا من الشهداء الذين مضوا أن نستسلم لنجلس في البيوت ولنغادر مواقع المسؤولية.
في هذه المرحلة من تاريخ هذه الأمة، الزعيم القائد الرئيس المفكر المرجع الامام العالم الذي يتحمل أي مسؤولية في أي موقع، اذا كان يشعر في نفسه الضعف والجبن وعدم القدرة على مواجهة التحديات والتهديدات، لا يجوز له أن يسلم شعبه ولا أن يسلم مقاومته، فليذهب وليجلس في البيت وسيأتي الله لهذه الأمة ولهذا الشعب بمن هو لائق بقيادتها ومواصلة طريقها نحو الانتصار المحتوم، هذه هي الحقيقة. "إسرائيل" لا منطق لها، وامريكا اين منطقها.
أمريكا خلافا لقرارات الشرعية الدولية ومخالفة المجتمع الدولي تهجم على العراق وتحتل العراق وتسيطر على خيرات العراق وهي التي جاءت من وراء المحيطات، ثم تحذر ايران وسوريا جيران العراق من التدخل في الشؤون الداخلية للعراق. هل يوجد وقاحة وغطرسة أكثر من هذا؟ هل هذه دولة يحكمها منطق، عقل سليم، قواعد، قوانين؟ على الاطلاق. هذه دولة تريد أن تفرض سيطرتها على العالم بمنطق الغطرسة والعلو والاستبداد والعتو وكل التاريخ يقول لنا، كل العقائد والايديولوجيات تقول لنا، كل الافكار تقول لنا، والامام الخميني قدس سره الشريف أيضا قال لنا، في مواجهة القوى التي لا تملك العقل ولا الاخلاق ولا المنطق ولا القانون وانما تملك قوة الاستبداد والغطرسة ليس لكم خيار سوى أن تصمدوا وسوى أن تقاوموا وسوى أن تثقوا أيضا بأن لديكم القدرة على الانتصار. هكذا انتصرت امتنا على المغول وهم الذين احتلوا بغداد وقتلوا فيها مليون أو مليوني بغدادي بحد السيف. إقرؤوا هذا التاريخ الحاضر الذي هو استمرار لذلك التاريخ.
أيها الاخوة والاخوات، نعم أعود من حيث انتهيت، كنا نستلهم من الامام فكره ورؤيته وخطه، لا أظن أن في العالم العربي اليوم ولا حتى الرؤساء والملوك والامراء الذي اجتمعوا في شرم الشيخ من يمكنه أن يناقش في صحة المنطق الذي أقول؛ ولكن الجواب ماذا نستطيع أن نفعل؟ من لا يستطيع أن يفعل شيئا، من لا يملك ارادة أن يفعل شيئا فليترك مقعده الشريف والمبارك لإولئك الذين يستطيعون أن يفعلوا أشياء كثيرة. اليوم هذا ما نحتاج أن نؤكد عليه، أن نستلهم من الامام صفة الشجاعة والاصرار والعزم، لا لأننا نريد أن ندمر أمتنا كلا.
الذين يريدون تصفية المقاومة، الذين يريدون تسليم الأرض والمياه والمقدسات لبوش وشارون هم الذين يدمرون هذه الأمة، أما الذين يدافعون عن هذه الأمة بأرواحهم ودمائهم وفلذات أكبادهم هؤلاء هم أهلها وأصحابها الحقيقيون. سنبقى للامام أوفياء، لطريق الامام وفكر الامام ونهج الامام وعزم الامام، ولن يكون أمامنا سوى الانتصار الذي وعدنا به الامام منذ بدايات الطريق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وتقبلوا المسك من حامله

 

 

 توقيع حامل المسك :



عَلَّمَتْنِي الْحَيَاة..ان أَجَعَل قَلْبِي مَدِيْنَة..بُيُوْتِهَا الْمَحَبَّة..وَطَرِيْقُهَا التَّسَامُح وَالْعَفْو وَأَن اعْطِي وَلَا أَنْتَظِر الْرَّد عَلَى الْعَطَاء ..وَأَن اصَدِق مَع نَفْسِي قَبْل أَن اطْلُب مِن أَحَد أَن يَفْهَمُنِي ..وَعَلَّمْتَنِي أَن لاأَندُم عَلَى شئ وَأن اجْعَل الْامَل مِصْبَاحَا يُرَافقُنِي فِي كُل مَكَان وَأَن احْتُفِظ بِأَحْزَانِي فِي قَلْبِي وَأَن ارْسِم الْبَسْمَة عَلَى شَفَتِي حَتَّى لاأَحْزن الْنَّاس
حامل المسك غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2003, 12:45 PM   رقم المشاركة : 4
أحسائي
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية أحسائي
 







افتراضي

عندما جفت الدموع يا رسولها
وقفنا ننفض الترب عن ملهمها
وجلسنا بين ذاك الذي يقف يحيي إبداع الأمة
ومن يطعن في ملكوتها
وكلها لأنك قد فراقتنا يا حبيبها

سيدي
ابن جواد قد كان جبلا يرمى بنيرانها
لأنك من اسس هذا الجبل
ولأنك من ارسى دعائمها
وهيهات
أن يتأثر الجبل بحصياتها

سيدي
هذه هي الدنيا فيا لي حماقتها
وهذه هي أولادها
وانت من سجنهم في عقر دارها
ولم يقف إلا لينالوا من كرامة
الجبال وأن لها

سيدي
بذكرك كانت التحية للأسلام
وبنفسك فديته حتى
سال عليك كل بركان
وأنى للبراكين مجتمعه أن
تحرق الشمس جهنم الدنيا
ألا إنهم بذاك
ساقوا انفسهم إلى االموت السام

سيدي
طريقك مفتوح لكل من
عرف ان الحق هو طريق الله
وأن من تنحى عنه
هو في عقر الضلال
وكثيرون هم يا سيدي

يا خمينينا
يا حبيبنا
يا سيدنا
عد إلينا فلقد آن الاون

ابنك المشتاق

 

 

 توقيع أحسائي :
لحظة ..... لحظة
يقول الله تعالى (( إذا جاء نصر الله والفتح ))
ولقد جاء نصر الله بفتحه
أحسائي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2003, 01:23 PM   رقم المشاركة : 5
بو شهاب
طرفاوي مشارك





افتراضي

بسمه تعالى

السلام عليك أيها العبد الصالح

السلام عليك ياروح الله

تتجدد بنا تلك الحادثة الأليمة بفقد محقق حلم الأنبياء ...

شكراً لمن ذكرونا بتلك الشعيرة وكانوا مصداقاً للآية الكريمة : (( ومن يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب )) .

تكريما للسيد المظلوم السيد الشهيد الحكيم فأني هنا أتي بكلام هذا الشهيد السعيد حول الشخصية صاحبة المناسبة ؛ لنقف على مدى عظمة تلك الشخصية .

سنبدأ برؤية تمهدية للبحث

الفكر السياسي للأمام الخميني<img src='style_images/1/p3.gif'>
بين النظرية و التطبيق

السيد محمد باقرالحكيم

بسم الله الرحمن الرحيم
تـمهيـد:
انّ دراسة الفكر السياسي للامام الخميني <img src='style_images/1/p3.gif'> دراسة مستوعبة تحتاج إلى بحث واسع ومراجعة دقيقة وشاملة لجميع النتاج الفكري السياسي للامام (قده) ومتابعة لخطاباته وحركته السياسية التي كان يواكبها في الحديث والطرح.
كما تحتاج في نفس الوقت إلى ملاحظة مواقفه ونشاطاته السياسية وأعماله الكثيـرة التـي قام بها طيلة حياته، حيث يكشف كل ذلك عن آفاق وأبعاد فكرية في رؤية النظرية.
وكل ذلك يحتاج إلى وقت طويل ومجال أوسع من هذه المقالة.
ولكن نحاول هنا أن نلقي بعض الضوء على نظريته السياسية، ونحدد بعض المعالم الفكرية فيها، ونأخذ قضية التطبيق كمسألة مهمة تكشف عن العمق الفكري للنظرية ومدى التبني لها.
ومن الجدير هنا أن نشير إلى انّ الامام (قده) امتاز على غيره من المفكرين الاسلاميين بخصائص عديدة، منها انه تمكن أن يوضّح أفكاره وتصوراته في مختلف المجالات لما أتيح له من فرصة خلال حركته السياسية والاجتماعية قبل انتصار الثورة الاسلامية وبعده، حيث شملت هذه الأفكار مختلف القضايا الهامة الكلية، بل وحتى التفاصيل، الأمر الذي يثري الرؤية النظرية للامام ويجعلها دقيقة وواضحة المعالم.
وبصدد الحديث عن خصائص الامام (قده) في هذا المجال لابد أن نشيـر في هذا التمهيد أيضاً إلى بعض الخصائص الرئيسية التي تعنينا في هذا الأمر:
الأولى: الرؤية الواضحة والدقيقة للاسلام بمختلف جوانبه وتفاصيله، والتي تعتمد على المصادر الاسلامية الأصيلة المتمثلة بالتـراث الطاهر النظيف للحوزات العلمية، هذا المنبع العلمي النقي الذي لم يتأثر بالثقافة الأجنبية الوضعية، حيث يعتمد في تسلسله الفكري والاستنباطي على الحركة الذاتية، بدءاً من المقدمات والأساليب والمناهج العلمية إلى القاعدة الأخلاقية والتربوية، وانتهاءً بالاعتماد على المصادر الأولية الأصيلة التي احتفظت بها هذه الحوزات العلمية وتميـّزت بها على غيرها من المدارس العلمية والفكرية.
كما انّ هذه الرؤية اعتمدت على مستوى عالٍ من الدرجة العلمية التي تمتّع بها الامام (قده)، حيث انه ينظر إليه كأحد العلماء القلائل الذين تدور بينهم احتمال (الأعلمية) في أوساط الحوزات العلمية وتعتقد قطاعات واسعة من هذه الأوساط انه هو (الأعلم) من بين هؤلاء القلائل.
ويـمكن أن نجد خلاصة لـهذه الرؤية السياسية الواضحة للاسلام في وصيته السياسية التي دونها لتلخيص هذه الرؤية.
الثانية: الشجاعة والارادة القوية والتصدي الـمستمر لتطبيق هذه الرؤية السياسية في الواقع العملي والاجتماعي.
وهذه الشجاعة والارادة والتصدي في الوقت الذي تكشف عن الدرجة العالية في الايمان والتحلّي بالأخلاق الاسلامية الرفيعة والخلفية العقائدية والفكرية لها... تكشف أيضاً عن مدى العلاقة في نظر الامام<img src='style_images/1/p3.gif'> بين النظرية والتطبيق، وأهمية التطبيق وموقعه من النظرية نفسها وانه يمثل بعداً فكرياً وأفقاً نظرياً في نفس الوقت.
ولعلّ هذه الخصوصية في الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> هي أهم الخصوصيات في الجانب الشخصي والأخلاقي، ولكنها أيضاً من أهم الخصوصيات في البعد الفكري والنظري.
فانّ الرؤية الفكرية والسياسية الواضحة قد نجدها بشكل أو بآخر لدى كثير من العلماء والباحثين عندما يتحدثون عن الاسلام والفكر الاسلامي ويحاولون أن يستنبطوا النظرية الاسلامية من الكتاب الكريم والسنّة المعصومة، ولكن لا نجد في تاريـخنا إلاّ أفراداً معدودين كانوا ينظرون إلى قضية التطبيق هذه الرؤية المتميزة بحيث يكونوا على استعداد دائم ومستمر لأن يخططوا ويتابعوا ويناضلوا ويضحوا بكل شيء وبكل مايملكون من جاه ومال وأولاد وأهل وأصحاب ومُريدين ويوظّفوا كل قدراتهم وإمكاناتهم العقلية والمادية والاجتماعية من أجل التطبيق.
وتصريحات الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> وأقواله في التعبير عن هذا البعد جاءت متطابقة مع سلوكه ومواقفه العملية، الأمر الذي يعطي لمسألة التطبيق بعداً فكرياً وعقائدياً إلى جانب البعد الأخلاقي.
الثالثة: التجربة الحيّة والواسعة والدقيقة في الحياة السياسية والاجتماعية والأخلاقية والعلمية التي منحتها القدرة على تشخيص الظروف والمصالح والمنعطفات التي تمر بها حركة الاسلام في المجتمع وفي صراعه مع قوى الاستكبار والكفر العالمي والحضارة المادية، الأمر الذي يعطي البعد الفكري والعقائدي للامام ميـزة خاصة يـختلف بها عن أولئك العلماء الذين يستنبطون الاسلام ومعالـمه الفكرية من خلال المدارس العلمية والفكرية فقط.
فانّ النظرية الاسلامية هي نظرية للحياة الانسانية وللمجتمع الانساني وللكون والحياة ولتفسير ومعالجة الصراع الذي يخوضه الانسان مع الشيطان والهوى والطبيعة وأخيه الانسان من أجل الوصول إلى درجات التكامل العليا.
والنصوص الاسلامية جاءت تعالج كل هذه القضايا وفي خضم هذا الصراع وحركة الانسان المسلم والمجتمع الاسلامي في طريق التكامل، ولا يمكن أن تُفهم هذه النصوص بشكل كامل وصحيح بعيداً عن فهم الحياة وتجاربها.
وبهذا يمكن أن نفهم انّ التجربة الانسانية بجميع معالـمها لابد أن تُثري فهم الفقيه الـمجتهد للنصوص الاسلامية وتشخيصه للمصالح والمفاسد العامة ومعرفته لرأي العقلاء وموقفهم تجاه مختلف القضايا، هذه الأمور التي ارتبطت بها الكثير من أحكام الاسلام أو مضمون النصوص الاسلامية.
* * * * *

وسوف أحاول في هذه الدراسة المختصرة أن ألخّص الـمعالم الرئيسية في الفكر السياسي للامام الخميني <img src='style_images/1/p3.gif'> مع الاشارة إلى معالم هذه الرؤية على مستوى التطبيق.
وقبل الدخول في هذا الحديث أود أن أشير في هذا التمهيد إلى ملاحظتين بهذا الصدد:
الأولى: انّ الـمعالم الفكرية السياسية للامام <img src='style_images/1/p3.gif'> امتازت على غيرها بالاشارة إلى الـمصاديق الواقعية في الوقت الحاضر، الأمر الذي يجعل هذه الـمعالم مدرسة عملية واقعية ويسهّل علينا مهمة التأويل.
الثانية: انّ هذا الفهم لهذه الـمعالم لم يكن استناداً إلى أحاديث الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> ونتاجه الفكري فحسب، وانّما هو بالاضافة إلى ذلك يستند إلى الـمعايشة العملية لهذه الأفكار من خلال الاقتـراب من موقع الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> في بعض الـمحاور العملية.
وهذا يعطي هذه الأفكار والـمعالم أهمية خاصة، حيث انّ من الـملاحظ في الكثير من الدراسات والأبحاث وجود فاصل بين المفاهيم والأفكار التي يطرحها البعض في كتبه وشعاراته وبياناته وبين الموقف العملي الذي يحاول أن يجسّد تلك المفاهيم والنظريات.
خصوصاً إذا أخذنا بنظر الاعتبار انّ الانسان قد يواجه حالة تـجعله لا يطرح بعض الـمعتقدات بشكل صريح وواضح لـمصالح إسلامية عامة، ولكن يمكن أن تفهم هذه الـمعتقدات بشكل صريح وواضح إذا أضيفت إلى أحاديثه مواقفه العملية الثابتة.
ويمكن أن أؤكد هنا انّ جميع ما سوف أذكره له ما يثبته من أحاديث الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> ومواقفه.


إنتظروا القسم الثاني وبداية البحث

 

 

 توقيع بو شهاب :
من ولاء الطهر .. ومن طهر ولانا **
رقصت في مسرح الذكرى منانا
كم رشفنا روحها .. في أكؤس **
حالمـات .. كن غازلن رؤانا
ومشينا .. نعصر القلب طلاً **
لنــروي شـفة الشــعر بـيانـا
بو شهاب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2003, 01:54 PM   رقم المشاركة : 6
الفقير إلى رحمة ربه
طرفاوي نشيط جداً
 
الصورة الرمزية الفقير إلى رحمة ربه
 






افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

اعزي الامة الاسلامية والعربية كافة بمناسبة رحيل الإمام الخميني قدس سره الشريف وحشرنا الله في زمرة محمد وآل محمد (اللهم صل على محمد وآل محمد)

 

 

 توقيع الفقير إلى رحمة ربه :
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
الهي كفى بي عزاً أن أكون لك عبداً, وكفى بي فخراً أن تكون لي رباً, أنت كما أحب فاجعلني كما تحب برحمتك ياارحم الراحمين
الفقير إلى رحمة ربه غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2003, 02:53 PM   رقم المشاركة : 7
النور
طرفاوي بدأ نشاطه





افتراضي

السلام عليك ياروح الله
انتقل الإمام الخميني رضوان الله عليه إلى الملأ الأعلى،
ولكن استمرار حضوره في حياة الأمة أعظم من أن تخفيه السنون أو يمحوه الاستكبار، وليس هناك من نموذج أمثل كهذا النموذج اللبناني الإسلامي المقاوم.
لقد أعطى الإمام لحياة المسلمين معنى وكانوا قبل نهوضه وثورته يغفون في سراديب النسيان، وأعطاهم الأمل بأن التغيير ليس ممكنا فحسب
بل وحتمي أيضاً ، لقد حرر المسلمين المستضعفين من رعب الدول الكبرى ، ذلك السيف الذي استمر مسلطاً على رقابنا عقوداً وعقوداً ويحاول أن يستحضره المهزومون اليوم،
فقد أكد الإمام بثورته أن الدول الكبرى يمكن أن تنكسر ويمكن أن تتراجع إذا تحررنا من استلابها والتبعية لها، وإذا تملكنا إرادتنا حرة وبعثناها بالإيمان والعمل فاعلة قوية.

لقد أعاد الإمام للإسلام جوهره المحمدي النقي، إسلام الجهاد والاستشهاد والنهوض والثورة،الإسلام الذي يعيد الأمة إلى اصالتها وهويتها وروحها المسروقة،
الإسلام الذي يحرك الجماهير ويقودها ويخرج الملايين إلى الشوارع ضد الطواغيت والمستكبرين، الإسلام الذي يبرهن بعد أربعة عشر قرنا على انبعاثه كم هو ثابت في الأرض، راسخ في وجدان الأمة، قادر على التجدد والانبعاث من جديد، قادر على إقامة الدولة الإسلامية.

أختكم النور

 

 

 توقيع النور :
[SIZE=7]هم البنات من هم الممات
النور غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2003, 06:58 PM   رقم المشاركة : 8
بو شهاب
طرفاوي مشارك





افتراضي

********** بسمه تعالى ***************

والآن سنبحر على يد السيد الشهيد الحكيم ( رضوان الله عليه )في بحثه القيم للمعالم الأساسية في الفكر السياسي في فكر الإمام الخميني ( رضوان الله عليه ) ... ويمكن أن نلخّصها في الخطوط التالية:
أولاً ـ الحكم الاسلامي
ثانياً ـ الصراع في المجتمع الانساني
ثالثاً ـ منابـع القوة في الأمة الاسلامية
رابعاً ـ القاعدة الأخلاقيـة
خامساً ـ الثقافة الاسلامية الأصيلة
سادساً ـ المنهج السياسي في تعبئة الأمة
سابعاً ـ نصرة المستضعفين في العالم


أولاً ـ الحكم الاسلامي:
تعتبر قضية الحكم الاسلامي في الفكر السياسي للامام الخمينـي<img src='style_images/1/p3.gif'> القضية المركزية الأولى من حيث الأهمية في مجمل النظرية الاسلامية بعد قضية الايمان بالله ومايستلزمه من آفاق وأبعاد، بل انّ قضية الحكم تمثل بعداً من أبعاد الايـمان بالله تعالى كما تشيـر إلى ذلك الآيات الشريفة التي وردت في سورة النساء والتي ورد فيها قوله تعالى {فلا وربّك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليماً}( [1]).
وكذلك ماورد في الحديث الشريف الصحيح من قوله عليه السلام: (بُني الاسلام على خمس: الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية).
وكذلك الحديث الصحيح الذي ورد فيه بعد بيان الأمور الأربعة السابقة: الصلاة والحج والزكاة والصوم (ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمن الطاعة للامام بعد معرفته...)( [2]).
وقد انعكست هذه الرؤية الفكرية على نظرة الامام للأشياء ومواقفه العملية وحركته السياسية، حيث كان يرى انّ قضية الاحتفاظ بالحكم الاسلامي والدفاع عنه تمثل أهم القضايا على الاطلاق، وبدأ وصيته السياسية بالاشارة إلى دور أهل البيت <img src='style_images/1/p2.gif'> لأنهم يمثلون الأساس الصحيح للحكم الاسلامي.
ونجد الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> يوظّف كل حياته العملية من أجل اقامة هذا الحكم الاسلامي، ويتناول قضية الحكم بالبحث العلمي والبحث الاجتماعي والسياسي من خلال دروسه العلمية، ويتحامل ويعيب بشدّة الأوساط العلمية التي أهملت هذا الموضوع نسبياً في الأبحاث العلمية بسبب ابتعاد المسلمين عن فكرة الحكم الاسلامي.
ثم نجد الامام (قده) يكون على استعداد للتضحية بكل شيء من أجل هذا الحكم، حتى انه لم يعرف عنه انه تراجع عن أي موقف في حياته السياسية باستثناء موقفه تجاه الحرب العدوانية ضد ايـران بسبب احساسه بالـخطر الذي يتعرض له الحكم الاسلامي، وعبـّر عن هذا الموقف بأنه على مستوى شرب السم.
وبقي الامام (ره) يرى انّ أهم قضية تحظى بالعناية وتأتي في الدرجة الأولى من الأولويات هي قضية ترسيخ دعائم هذا الحكم.
وهذا هو الذي يفسّر لنا اهتمام الامام بارساء قواعد المؤسسات الدستورية وذلك للمحافظة على الحكم الاسلامي.
كما نجد أيضاً انّ اقامة الحكم الاسلامي كانت أضخم عمل قام به الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> في حياته وأعظم انجاز حققه في عمله لخدمة الاسلام.
وفي نفس الوقت كان لاقامة الحكم الاسلامي أعظم الأثر ايجابياً في نهضة المسلمين وطبيعة المواجهة التي يخوضونها مع أعدائهم.
فالنهضة الاسلامية التي يعيشها العالم الاسلامي، والتي أصبحت حركة عالمية، تمكنت من طرح الاسلام كمحور أساس في الصراع العالمي، وقد حققت ذلك بفضل قيام الحكم الاسلامي وهي مدينة فعلاً في كل وجودها لهذه النقلة النوعية الكبيرة.
كما انّ أعداء الاسلام في محاولتهم للقضاء على الاسلام والوجود الاسلامي ركزوا أكثر ماركزوا على زرع اليأس في نفوس المسلمين من إمكانية إقامة الحكم الاسلامي وإبعادهم عن التفكير بالوجود السياسي لهم.
ولا يمكن للمسلمين أن يجسّدوا نظرياتهم في الأخلاق والـمجتمع والحياة إلاّ من خلال وجود الحكم الاسلامي، وبقدر ما يتمكن هذا الـحكم من تـجسيد الاسلام وتطبيقه واقعياً يكون الاسلام قادراً على خوض معركة الحضارة الانسانية.
وعلى هذا الأساس نجد الامام يؤكد انّ التشريع الاسلامي الـمتمثل بتشريع الولاية والحكم الاسلامي هو أهم من بقية التشريعات الاسلامية، وتطبيقه يأتي أيضاً بهذه الدرجة من الأهمية.

ثانياً ـ الصراع في المجتمع الانساني:
وتأتي قضية تشخيص طبيعة الصراع في المجتمع الانساني في المرتبة الثانية في فكر الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> من حيث الأهمية.
ويرى الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> انّ طبيعة هذا الصراع انّما هو صراع حضاري وليس صراعاً مادياً على الثـروة أو المال أو المزيـد من الأرض والمياه، أو اختـلاف الولاءات السياسية لهذا المعسكر أو ذاك، أو استبدال هذا الشخص أو الجماعة بغيـرها أو تحقيق بعض الحقوق السياسية أو الاجتماعية أو الممارسات السلوكية.
بل كل هذه الألوان والأشكال للصراع انّما تعبـّر عن ظواهر ترتبط بالمحور الأساس للصراع الذي يجب تشخيصه على مستوى النظرية والمصداق الخارجي، ليتمكن الانسان المسلم أن يخوض هذا الصراع برؤية واضحة ويوفـّر له شروطه ومستلزماته ويعرف مقوّمات النصر فيه وأهدافه.
وهذا المحور الأساس هو الصراع بين الله والطاغوت، وبين الحق والباطل، وبين النور والظلمات، وبين العدل والظلم، وبين الانسان الصالـح والشيطان، وبين العبـودية لله تعالى والعبودية للهوى والطغيـان.
وينطلق هذا التصور لمحور الصراع من الرؤية القرآنية للصراع في التاريخ الانساني عبر مراحله المختلفة، وإن كانت تختلف مصاديقه في كل مرحلة عن أخرى.
{الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إنّ كيد الشيطان كان ضعيفا}( [3]).
{الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النـور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}( [4]).
وقد كان الطغاة والجبابرة أولياء الشيطان من الكافرين والمشركين والمنافقين يحاولون دائماً أن يعطوا رؤية أخرى في تشخيص محور الصراع لصرف الأنظار عن المحور الحقيقي، فتطرح القضايا القومية والقضايا المادية الضيقة أو السعي إلى السلطة والجاه كمحاور للصراع.
وتأتي في هذا السراط أيضاً الاتهام بالدوافع المختلفة من الشعر والسحر والكذب والافتـراء أو التخيل والمثالية أو التطرف والارهاب والرجعية.
ونلاحظ مثل هذه الاتجاهات في التفسير والتأويل والاتهام إذا راجعنا القرآن الكريم عندما يتحدث عن قصص الأنبياء خصوصاً أولي العزم منهم (نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد <img src='style_images/1/p1.gif'>).
وعلى هذا الأساس نـجد انّ الامام (قده) يؤكد انّ الصراع يدور اليوم بعد قيام دولة الاسلام بين الأمة الاسلامية الناهضة والوارثة لقيم السماء والتي تقود البشرية إلى الخيـر والصلاح والسعادة الأبدية من جهة وبين الاستكبار العالـمي بقيادة أمريكا (الشيطان الأكبر) التي تسعى لأن تدفع البشرية إلى مهاوي السقوط والفساد والشقاء من جهة اخرى، وانّ مايدور الآن من صراعات جانبية في العالم انّما هو تعبير عن هذا المحور الحقيقـي.
فالمواجهة الحضارية هي التي تمثل المواجهة الحقيقية والجذر الأصيل لجميع الواجهات الأخرى مع الاستكبار العالمي وأمريكا وتبقى المواجهات الجانبية والمطامع الاستكبارية في هذا البلد أو ذاك تعبـّر عن مظهر من مظاهر تلك المواجهة الحقيقية.
ولذلك وجدنا انه كيف كانت تتبدل المصالح بسرعة والعلاقات الدولية في المواجهة بعد أن أخذت تتجلّى طبيعة الصراع وتنكشف للعالم.
ورأينا انّ أمريكا والدول الاستكبارية وعملاءها عندما فشلوا في المواجهة المكشوفة مع المحور الاسلامي تحولوا إلى ايجاد الصراعات الجانبية في الأمة الاسلامية كمحاولة للتضليل.
كما وجدنا من طرف آخر انّ الامام (قده) بناء على تفسيره لهذه المواجهة تبنى بشكل حقيقي عدة قضايا ذات أهمية خاصة في مستلزمات ومقومات هذا الصراع الحضاري، مثل قضية وحدة المسلمين، التي لم يطرحها كشعار سياسي فحسب بل تبناها كقضية استراتيجية قدّم من أجلها تضحيات كبيرة في الداخل والخارج ضد أولئك الذين يسعون باستمرار إلى تمزيق هذه الوحدة أو أولئك الجهلة الذين تحولت مسألة تشتت المسلمين بالنسبة لهم مسألة مصدر للعيش وللكسب الضيق أو أصبحت جزءاً من وضعهم النفسي أو العقائدي.
وقد كان هؤلاء كثيرون بسبب التخلّف الذي شهدته الأمة الاسلامية في العقود الماضية من ناحية ونشاطات قوى الشر والكفر في صفوفهم من ناحية أخرى، حيث كانوا يغذون مثل هذه الخلافات والصراعات الجانبية.
وكمثال على ذلك نجد قضية فلسطين باعتبارها القضية الرمز التي تجسّد مظلومية الاسلام والمسلمين في وجودهم ومقدساتهم من ناحية وعدوان الاستكبار على البلدان الاسلامية والحقد الذي تكنّه الصليبية والصهيونية العالمية للاسلام والمسلمين من ناحية أخرى.
إذ انّ قضية فلسطين ليست قضية انسانية تتمثل في شعب مظلوم شرّده المجرمون والطغاة عن وطنه وتعرّض للقتل والتشريد فحسب، وإلاّ فقد نجد نماذج لذلك في مناطق أخرى من العالم، بل هي قضية عدوان على الأمة الاسلامية جـمعاء من خلال زرع هذه القاعدة الاستكبارية الغربية عن هذه الأمة الخاتمة من أجل مـمارسة الضغط ووضع الأغلال في عنـق الأمة الاسلامية ومنعها من النهوض والتقدم، كما هي في نفس الوقت قضية عدوان على مقدسات المسلمين والقبلة الأولى ومحاولة إلغاء حقّهم في الحياة والطعن بوجودهم وتاريخهم.
انّ الصراع مع أمريكا ليس صراعاً سياسياً فحسب، بل هو صراع مع القيم والحضارة المادية الغربية ومع الروح العدوانية والسلطوية الاستكبارية.
كما انّ الصراع مع أمريكا ليس صراعاً شخصياً أو نفسياً ينطلق من الحقد أو من الأضرار التي لحقت بشخص الامام أو الشعب الايراني المسلم في عهد الشاه على يد أمريكا، بل ينطلق من انّ أمريكا هي قائدة الصراع المعادي للاسلام وهي الشيطان الأكبر، لأنّ مايجري في أفغانستان ولبنـان وفلسطين والعراق وجـميع أنحاء العالم الاسلامي من مظالم للمسلمين ومن عدوان على الاسلام والأمة الاسلامية انّما هو بقيادة أمريكا وبتوجيهها.
فأمريكا تؤيـّد دخول الجيش الأحمر إلى آذربيجان لسحق حركة الشعب الآذربيجاني لأنه شعب مسلم، وتضع الفيتو على تدخُّل هذا الجيش نفسه في مناطق أخرى، وتسمح للجيش الصيني أن يدخل مناطق المسلمين في الصين لسحقها، وتحتج عليه عندما يتدخل لمنع الفوضى في العاصمة بكين، وترفع شعار حقوق الانسان في وجه حكومات أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية، وتستخدم حق الفيتو لمنع مجلس الأمن من اتخاذ قرار ضد اسرائيل أو النظام المجرم في العراق أو نظام آل سعود لأنهم يذبحون المسلمين حتى لو استخدموا الأسلحة المحرّمة كقنابل النابالم والأسلحة الكيمياوية.
ونجد الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> على استعداد للتضحية بمصالح ايران الاسلامية الخاصة من أجل مصلحة الاسلام والأمة الاسلامية عامة، وللتأكيد على طبيعة هذا الصراع وأهمية هذا الفهم.
كما وجدنا ذلك بشكل واضح في قضية كتاب (الآيات الشيطانية) حيث ضحّت ايـران بمصالحها مع بريطانيا والدول الغربية في ظروف بالغة الصعوبة، وفي قضية (الحج الابراهيمي) والبراءة من أمريكا حيث ضحّت ايران ببعض مصالحها الهامة في المنطقة، ولازال الشعب الايراني (مصدوداً) عن الحج لعامين وهو مقبل على العام الثالث.
وانطلاقاً من هذه الرؤية، يرى الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> انّ الموقف تجاه هذا المحور من الصراع يجب أن يقوم على أساس خطين متوازيين ومتلازميـن:
الأول: الهجوم الفكري والثقافي والسياسي الشامل على الاستكبار من قبل الأمة الاسلامية بقيادة الجمهورية الاسلامية، هذا الهجوم الذي يجب أن يصاحبه توعية فكرية وثقافـية وسياسية للمسلمين أنفسهم، وهو مايعبـّر عنه بتصدير الثورة الاسلامية.
الثاني: موقف الاستعداد المستمر والدائم للدفاع العسكري والجهاد في سبيل الله دفاعاً عن الاسلام وقيمه أمام الأخطار العسكرية والعدوان المسلّح الذي تتعرّض له البـلاد الاسلامية.

ثالثاً ـ منابـع القوة في الأمة الاسلامية:
وفي هذا الصراع الواسع والكبير لابد للأمة الاسلامية من أن تتسلّح بمقومات القوة والقدرة لتصبح قادرة على تحقيق النصر والصمود في هذا الصراع الدامي.
خصوصاً وانّ قوى الاستكبار العالمي تمتلك من القدرات والامكانات المادية قدراً هائلاً.
ويرى انّ الأمة الاسلامية تمتلك هذه المقومات الأساسية، وتنطلق رؤية الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> هذه من الرؤية القرآنية لمقومات القدرة والقوة وهي:
القدرة الالهية، والمحتوى العقائدي والايماني للانسان المسلم، والوجود الواسع والكبير للأمة الاسلامية، والامكانات الواسعة والكبيرة المادية والثقافية التي تملكها الأمة الاسلامية.
ونلاحظ في القرآن الكريم التأكيد الكثير على القدرة الالهية في مقابل قدرة أعداء الله تعالى، وكذلك على دور الايمان والعقيدة في منح الانسان المؤمن هذه القوة واستحقاقه للامداد الالهي.
{قال انّما آوتيه على علم عندي أو لـم يعلم انّ الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً ولا يُسئل عن ذنوبهم المجرمون}( [5]).
{أو لـم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجائتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}( [6]).
بالاضافة إلى انّ الأمة الاسلامية هي خير امة أخرجت للناس ولابد أن تكون الوارثة للأرض بمقتضى الحركة التكاملية في المسيرة الانسانية.
{وكنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}( [7]).
{ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر انّ الأرض يرثها عبادي الصالحون}( [8]).
والواقع الفعلي والتاريخي يدلل على هذه الحقيقة أيضاً بما تملك الأمة من جذور علمية وثقافية وحضارية، حيث انطلقت الـحضارة الانسانية من مواقع الأمة الاسلامية، كما انّ الامكانات الفعلية المادية التي تملكها الأمة الاسلامية هي أعظم الامكانات والثـروات على الاطلاق.
ومن هنا نجد الامام (قده) يؤكّد على الدور الالهي في النصر ويعتبر قضية التوكل على الله تعالى واستمداد النصر منه هي أولى القضايا في مقومات القوة والقدرة، وكان شعار (الله أكبر) هو شعار الثورة الاسلامية لا على مستوى التبريك فحسب، بل كان هذا الشعار يجسّد هذا المفهوم في مقومات القدرة في الصراع، وكان الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> يعتبر انّ هذه القدرة يمكنها أن تـحقق النصر حتى من خلال الصرخات وقبضات الأيـدي والتعبير عن الرفض والغضب بشكل سلبـي.
واستخدم هذا المنهج في المواجهة عملياً في مجالات كثيرة سواء قبل انتصار الثورة الاسلامية أو بعدها.
وتعتبر قضية الايمان والعقيدة الراسخة وماتستلزمه من روح عالية الشرط الأساس في استنزال هذا الامداد الالهي واستحقاق هذا النصر، ولذا كان (قده) يؤكد على ذلك في خطاباته وبياناته وتربيته العملية لأنصاره وأصحابه وتوعيته السياسية للشعوب الاسلامية.
فالدور الحقيقي في المواجهة إنّما هو للانسان المؤمن، ومن هنا اتجه إلى الاعتماد على الله والانسان المؤمن واهتم بتوسيع قاعدة الانسان المؤمن، فكلّما اتسعت دائرة الايمان تمكن المسلمون من تحقيق النصر في المواجهة.
وتنطلق رؤية الامام في الاعتماد على الشعب من هذا المنطلق، حيث كان يرى (قده) انّ الايمان يمكن أن يتوفر في جميع طبقات الشعب دون استثناء، ولكن الطبقة المستضعفة من الشعب هي أكثر تفاعلاً مع قضية الايمان لأنها متحررة ذاتياً من العوامل النفسية المادية الضاغطة باتجاه الهوى، وانها تحتاج إلى التوعية السياسية والثقافية.
وهذا هو الذي يفسر لنا توجه الامام إلى طبقات معينة من الشعب بشكل خاص، واعتماده عليها في عملية الثورة ومن ثـمّ نجاحه في تعبئتها تعبئة سياسية مؤثـرة.
كما نلاحظ ذلك في اهتمام الامام (قده) بالمرأة المسلمة التي تشكل نسبة كبيرة جداً في المجتمع وهي في نفس الوقت تعبـّر عن طاقة عظيمة من هذه الزاوية.
فبالرغم من انّ المرأة تبدو في النظرة الأولى انها ضعيفة وغير قادرة على المساهمة في المواجهة، إلاّ انّ الامام (قده) أثبت من خلال التجربة انّ مساهمتها يمكن أن يكون مهمة وفعّالة، بحيث انّ نسبة مهمة من الانتصار في الثورة حققته المرأة الايرانية.
كما نلاحظ اهتمام الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> بالطبقة الفقيرة في الأمة التي هي أكثر الطبقات تضرراً، حيث انّ هذه الطبقة لا تملك الامكانات المادية أمكنها ـ بعد التعبئة الروحية والسياسية لها ـ أن تحقق النصر على الاستكبار العالمي ونظام الشاه في ايـران، كما انها دافعت بـحرارة وقوة عن الثورة الاسلامية عندما تعرضت إلى المؤامرات والعدوان الداخلي والخارجي.
وأيضاً اهتمام الامام (قده) في التعامل مع الشعوب الاسلامية أكثر من التعامل مع الحكومات والأنظمة في العالم الاسلامي.
وقد أثبتت التجربة المعاصرة صحة النظرية الاسلامية وفهم الامام (قده) لها في مناطق مختلفة من العالم الاسلامي في فلسطين ولبنان وأفغانستان وغيره، ولكن أوضح المصاديق هو صمود الشعب الايراني المسلم لفترة تزيد على عشر سنوات من عمره في حياة الامام، في وجه كل المؤامرات التـي اشتركت فيها جميع القوى الشيطانية العالـمية وبوتيرة عالية وفاعلية نشطة، واستخدمت فيها كل الأسلحة والوسائل والأساليب.
وقد كان الامام (قده) ينبه دائماً إلى هذه المقومات التي تملكها الأمة الاسلامية عندما يتحدث عن هذه المواجهة، ويعتقد انها قادرة على تحقيق النصر باذن الله إذا تمكنت الأمة أن تعـي وتدرك حقيقتها وتحقق الايمان اللازم لها.

********************
إنتظروا النقاط الأربع المتبقية

 

 

 توقيع بو شهاب :
من ولاء الطهر .. ومن طهر ولانا **
رقصت في مسرح الذكرى منانا
كم رشفنا روحها .. في أكؤس **
حالمـات .. كن غازلن رؤانا
ومشينا .. نعصر القلب طلاً **
لنــروي شـفة الشــعر بـيانـا
بو شهاب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 24-12-2003, 11:08 PM   رقم المشاركة : 9
بو شهاب
طرفاوي مشارك





افتراضي

******* بسمه تعالى ***********

نكمل ما ابتدأناه من البحث القيم للسيد الشهيد الحكيم ( قدس سره ) حول الفكر السياسي للإمام الخميني ( رضوان الله عليه )..

والمتبقي لنا من البحث أربعة مبادىء كان السيد الإمام الراحل يتمتع بها ... فتابعوا ...
************************** رابعاً ـ القاعدة الأخلاقيـة:
انّ القاعدة الأخلاقية في النظرية الاسلامية تأتي من حيث الأهمية في مقومات المجتمع وقدرته بعد الايمان بالله تعالى، بل هي في الحقيقة تعبـّر عن عمق هذا الايمان وتجذّره في النفس الانسانية ومدى تفاعل الانسان مع قضية الايمان على مستوى المحتوى النفسي والروحي له.
ومن هنا نجد القرآن الكريم يعالج قضية الأخلاق في المجتمع الجاهلي وفي عملية التغييـر والبناء الجديد للمجتمع بعد معالجته لقضية الايمان بالله تعالى، ويحاول أن يجعل مصب جميع التعاليم والأحكام الاسلامية باتجاه بناء هذه القاعدة الأخلاقية بحيث تصبح (التقوى) التـي تعبـّر عن الفهم الصحيح لهذه القاعدة هي الهدف من جـميع هذه التشريعات، كما انها تمثل القيمة الصحيحة في كرامة الانسان وتحقق الامتياز له.
وبهذا يمكن أن نفهم أيضاً ماورد في الحديث عن النبي <img src='style_images/1/p1.gif'> عندما قال للمسلمين وقد رجعوا من احدى غزواتهم وعملياتهم العسكرية (مرحباً بقوم قضوا الـجهاد الأصغر وبقى عليهم الجهاد الأكبر، فقيل يارسول الله وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس)( [9]).
فانّ القاعدة الأخلاقية التي هي الأساس لكل شيء لا يمكن بناؤها إلاّ من خلال هذا الجهاد، وجهاد العدو الذي هو الجهاد الأصغر لا يمكن للانسان أن يمارسه إلاّ مع هذه القاعدة الأخلاقيـة.
وقد اهتمَّ الاسلام في قضية المواجهة السياسية مع أعداء الاسلام بالبناء الأخلاقي ومستلزمات هذه المواجهة من الناحية الأخلاقية، فجاء الاهتمام بالصبر والثبات والتضحية والبـذل والعطاء سواء في المال أو النفس في المئات من الآيات القرآنية فضلاً عن النصوص النبوية في هذا المجال.
ومن هذه الرؤية النظرية والمنطلق الفكري والعقائدي نجد الامام الخميني (قده) يهتم بشكل خاص بهذا الجانب الأخلاقي في قضية المواجهة السياسية، ويؤكّد على قضايا الصبر والثبات وروح الأمل والحضور في ساحة المواجهة والاستعداد للتضحية والفداء وممارستها، بحيث تحوّل هذا الاهتمام إلى ظاهرة تميـّز حركة الامام (قده) السياسية باعتبار عظم المواجهة وشدّتها، كما تميـّزت حركة الاسلام في الصدر الأول بهذه الخصوصية، وكما اتّسمت حركة أهل البيت <img src='style_images/1/p2.gif'> التصحيحية التي فجّرها الامام الحسين (عليه السلام) بتضحيتها، وأكّدها بعده أهل البيت <img src='style_images/1/p2.gif'> سواء في ممارستهم الشخصية كما في حركة زيد بن علي و (حسين فخ) والحسنيون وغيرهم من أهل البيت (عليهم السلام)، أو في التأكيد العقائدي أو المأساوي لهذه الحادثة، بحيث أصبحت السمة المميزة لهذا الخط المحمدي الأصيل في التاريخ الاسلامي و الحياة الاسلامية.
ولم يكتف الامام (قده) بطرح هذا الشعار ودعوة المسلمين لتجسيده عملياً في حركتهم السياسية، بل كان سلوكه الشخصي وسلوك أصحابه وأنصاره المقربين، وكذلك مواقفه في مختلف الأحداث والقضايا يعبر عن هذه الرؤية وبشكل عملي.
وهذا هو الشيء المهم الذي يميز حركة الامام الخميني <img src='style_images/1/p3.gif'> عن أصحاب النظريات حيث انّ الله تعالى ابتلاه بالتجربة والمحنة الصعبة في حياته وشاهد أمام عينيه كيف يسقط أعز الناس إليه وعلى جميع المستويات: العلماء والتجار والمثقفون والكسبة والعمال والفلاحون والنساء والأطفال الأبرياء... والأحبة والأصدقاء والأنصار المقربين والتلاميذ الذي أنفق أفضل أيامه في تربيتهم وتأهيلهم، يسقط كل هؤلاء صرعى مضرجين بدمائهم في سبيل الله، وشاهد بأم عينه كيف تتعرض أعز البلاد إلى التدمير والقتل والتشريد ويصبح الخطر منه شخصياً أقرب مايكون، ولا يتوقف لحظة عن الاستمرار في الطريق، وأحاديثه في هذا المجال كثيرة حيث يقول فيها انه لو قطعوا أوصالنا وقتلوا أبناءنا وهدّموا ديارنا... لما تخلينا عن هذا الموقف.
انّ هذه الروح هي القاعدة الاخلاقية التي تمكن أن يوجد بها الامام هذا الزخم المعنوي القوي الذي امتد إلى جميع أنحاء العالم الاسلامي وأدخل الرعب في قلوب الكفار في جميع المواقع واصبح القوة التي لا يمكن أن تقهر في فلسطين ولبنان وافغانستان والعراق وغيرها من بلاد المسلمين.
وبقدر ما يمكن للامة ان تبقي هذا الزخم مستمراً تكون قادرة على تحقيق النصر على اعدائها في هذه المواجهة.

خامساً ـ الثقافة الاسلامية الأصيلة:
إنّ الثقافة والمعرفة الاسلامية تأتي من حيث الأهمية بعد قضية الأخلاق، والمشكلة التي يواجهها المسلمون في قضية المعرفة الاسلامية والثقافة هي هذا الفاصل الزمني الكبير بين المسلمين والمصادر الاسلامية الأولى للمعرفة والذي يمتد أربعة عشر قرناً من الزمن، وقد تعرضت الثقافة في هذه المدة الزمنية الطويلة إلى ألوان مختلفة من التحريف والتشويه والضياع، كما انّه في العقود الأخيرة من هذا القرن أصيبت الثقافة الاسلامية بضربة قوية بسبب الغزو الثقافي والعسكري للحضارة الغربية للعالم الاسلامي، حيث حاول الغزاة الحاقدون أن يشوهوا الاسلام ويستخدموا أساليب الخداع والتضليل والدس والقوة العسكرية والسياسية والاقتصادية لابعاد المسلمين عن ثقافتهم.
وكانوا يعتمدون بشكل أساسي على عاملين رئيسيين:
أحدهما: شعور المسلمين بالانبهار والضعف أمام القوة المادية للحضارة الغربية.
ثانيهما: العملاء والاذناب الذين باعوا انفسهم للهيمنة الغربية ودرسوا في المدرسة الاستعمارية وأصبحوا أيادي قذرة للغرب يتسلط من خلالهم على المسلمين ثقافياً وسياسياً وعسكرياً.
وقد حاول الغربيون والمستغربون ان يؤكدوا على عدة قضايا جوهرية في تشويه الثقافة الاسلامية:
الاولى: قضية فصل السياسة عن الدين.
الثانية: زرع اليأس في نفوس المسلمين من امكان رجوع الاسلام إلى الحياة الاجتماعية.
الثالثة: الغاء فكرة الجهاد والمواجهة مع الاستكبار والكفر العالمي والتعويض عنها بروح الاستسلام.
الرابعة: زرع الاحساس الذاتي بالضعف والضعة أمام القوة العقلية والمادية للانسان الغربي.
الخامسة: الربط بين حالة التخلف في مجتمعات المسلمين والعقيدة الاسلامية.
السادسة: التشكيك بمصادر المعرفة الاسلامية (القرآن الكريم والسنية النبوية) فضلاً عن المصادر الأخرى.
السابعة: اثارة النعرات القومية والطائفية والاقليمية.
الثامنة: اشاعة الفساد والتحلل الاجتماعي تحت شعارات الحرية والمطالبة بالحقوق الدينية والسياسية.
إنّ هذه القضايا تعتبر من القضايا المهمة في قائمة التشويه والمسخ الثقافي الذي مارسته الأجهزة الاستكبارية لتشويه الفكر والثقافة الاسلامية.
ومن خلال هذه المشاكل المهمة التي تفاقمت في بلاد المسلمين أصبحت الأمة الاسلامية تعيش حالة من الضياع والتيه بعد أن بدأت تفقد الرؤية في الطريق والاصالة في الثقافة والمعرفة والقدرة على المبادرة واتخاذ الموقف.
ومن هنا أصبح الحصول على المصدر الثقافي الاسلامي الأصيل قضية مهمة جداً لمعالجة كل هذا الركام الهائل وردم هذا الفاصل الكبير في الثقافة الاسلامية.
وتأتي معالجة الامام الخميني <img src='style_images/1/p3.gif'> انطلاقاً من المعرفة بهذا الواقع والاحساس بحجم المشكلة وآثارها من ناحية و ادراكاً للحقيقة التأريخية الرائعة التي شهدها العالم الاسلامي حيث اعتمد في قضية الثقافة الاسلامية على المصدر النقي والأصيل الذي لم تمتد اليه يد التشويه والتحريف ولم يقع تحت تأثير الغزو الثقافي الغربي وبقي يحتفظ باصالته الذاتية في المحتوى والمنهج والاسلوب وحتى في المسألة المالية والادارية.
وهذا المصدر هو الحوزات العلمية في اوساط مذهب أهل البيت <img src='style_images/1/p2.gif'> التي بقيت على قدراتها الذاتية في العطاء والتجديد والاجتهاد ومواكبة مسيرة الحياة.
ولذا نجد الامام (قده) يولي هذا الموضوع أهمية خاصة في حركته السياسية عندما يؤكد على هذا الدور الثقافي لهذه الحوزات، ويلتزم باصرار على أن تساهم هذه الحوزات العلمية في جميع مرافق الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية والجهادية.
وليس هذا الاصرار كما يحاول اعداء الاسلام ان يفسروه منطلقاً من الايمان بهذه الطبقة من الناس أو اعتماداً على طبقة من الامة لتأمين الحماية السياسية، بل ينطلق هذا الموقف من الايمان بالدور الذي يمكن ان تؤديه هذه الثقافة الاصيلة للحوزات العلمية في بناء المجتمع الاسلامي بناءً اسلامياً اصيلاً، فضلاً عن الروح العالية التي تتمتع بها الحوزات العلمية في المواجهة.
ومن هنا نجد الامام يحرص في هذا المجال:
أولاً: على تطوير الحوزات العلمية باتجاه تكاملها الأصيل، فلابد لها من أن تستمر في منهجها العلمي الذي يعبر عنه انه منهج صاحب الجواهر والشيخ الأنصاري، هذين العلمين الكبيرين الذين رسما المنهج للحوزات العلمية في المائة والخمسين سنة الماضية.
ولكن في نفس الوقت لابد أن تهتم الحوزة في الآفاق لاجتماعية و السياسية والاقتصادية... الجديدة بحيث يمكنها من معالجة المشكلات التي يرفضها هذا الواقع الجديد.
ثانياً: على وحدة الحوزة العلمية وتماسكها واذكاء روح التصدي والممارسة السياسية والجهادية فيها، وعدم اعطاء الفرصة للمتخلفين ان يستفيدوا من نقاط الضعف أو بعض السلبيات لدفع الحوزة باتجاه العزلة عن الحياة الاجتماعية والسياسية.
ثالثاً: المحافظة على استقلالية الحوزة وقدرتها على الاعتماد على الذات سواء في مواردها المالية أو في الادارة العلمية.
ولعلّ في وصيته بتحويل أمواله الشرعية إلى شورى الحوزة واهتمامه ببناء تنظيماتها في حياته، مع تقديره العميق لدور القيادة الاسلامية في الحياة العامة، يعبر عن هذا الحرص في استقلال الحوزة العلمية.
رابعاً: على إقامة الجسور والصلاة الوثيقة بين الحوزة وجميع المؤسسات العامة من الدولة الى اصغر المؤسسات الاجتماعية والثقافية والخدمية حتى يمكن أن تأخذ الحوزة دورها الحقيقي في التوجيه الثقافي.
وهذه الممارسات وإن كانت كافية في التعبير عن رؤيته للقضية الثقافية، إلاّ أن الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> لم يكتف بهذا القدر، بل اكد ذلك كله ببيانات متعددة وفي كل مناسبة ذات علاقة بهذا الموضوع، وكان آخرها بيانه الخاص بالحوزة العلمية الذي كتبه في آخر أيامه والذي أوضح فيه رؤيته للحوزة ورسالتها في الامة، وأيضاً ما تضمنته وصيته السياسية في الحديث عن هذا البعد.
وقبل أن ننهي الحديث عن هذه النقطة لابد أن نشير إلى أهمية ماطرحه الامام (قده) في توضيح دور القضية الثقافية من تقسيم الاسلام إلى اسلام أمريكي واسلام محمدي أصيل، فانّ هذا التقسيم ينطلق في الحقيقة من هذه الرؤية للثقافة الاسلامية، وانّ الاستكبار العالمي إذا كان في مرحلة يعادي اسم الاسلام وشعائره الظاهرية فهو الآن على استعداد أن يقبل هذا الاسم وشعائره العبادية على أن تكون مفرّغة من مضمونه الحقيقي الأصيل، وعلى أن تتم صياغته على الطريقة الغربية الأمريكية التي شوّهت الاسلام وحرّفته.

سادساً ـ المنهج السياسي في تعبئة الأمة:
إنّ النظرية الاسلامية التي تناولت جميع مناحي الحياة بالتصور والتغيير لم تستثن المنهج السياسي في تنظيم الأمة وتعبئتها في التحرك السياسي باتجاه التغييـر.
وهذا الموضوع لازال حتى الآن بدون دراسة كافيـة ومستوعبة، والسبب في ذلك انّ الأمة الاسلامية عاشت قروناً في ظل الدولة الاسلامية القوية، وكان انتشار الاسلام تحت ظل هذه الدولة من خلال التبليغ العلنـي أو الفتح الاسلامي.
والمجتمع الاسلامي وإن عاش حركات اسلامية كثيرة انتهت إلى تغييرات في الحكم، إلاّ انّ هذه الحركات كانت حركات للنخبة على الأكثر، وهي تمثل وجهات واجتهادات أصحابها الذين كانوا على الغالب سياسيين أكثر من مجتهدين يعتمدون على النظرية الاسلامية، باستثـناء بعض الحالات كحركة أهل البيت <img src='style_images/1/p2.gif'> في زمن الامام علي<img src='style_images/1/p2.gif'> أو في زمن بعض الأئمة من بعده.
وقبيل وبعد سقوط الدولة الاسلامية أصبح المجتمع الاسلامي متأثراً بالحضارة الغربية، وشهد المجتمع حركات سياسية اسلامية متعددة ولكن متأثرة إلى حد كبير بالأساليب الغربية أو بالحركات الباطنية التي شهدها العالم الاسلامي في القرون الماضية.
ولم نجد حركة اسلامية أصيلة إلاّ بعض الحركات التي كان يقودها علماء الاسلام هنا وهناك، ولكن بشكل محدود أو بدون رؤية واضحة للمنهج الاسلامي.
ومن هنا نعتقد انّ دراسة رؤية الامام الخميني (قده) في هذا المجال تتسم بأهمية خاصة للأمور التالية:
1ـ انّ الامام الخميني <img src='style_images/1/p3.gif'> هو أحد كبار المجتهدين المسلمين في الفكر الاسلامي والشريعة الاسلامية.
2ـ انّ الامام له تجربة ناجحة في العمل السياسي الاسلامي وتمكن أن يحقق أهدافه إلى حد كبيـر في التغييـر.
3ـ انّ الامام بقي يقود التجربة حتى آخر أيامه وبنفس القوة والقدرة التي كان يمارسها في بداية التجربة بالرغم من تطورات الأحداث ووضعه الصحي.
4ـ انّ الامام الخميني <img src='style_images/1/p3.gif'> قاد التجربة الاسلامية في التحرك من موقعه الدينـي والاجتماعي دون أن يدخل أي تغيير يذكر على هذا الموقع.
وتوجد في أحاديث الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> وتصريحاته وبياناته وعمله ثـروة كبيـرة في هذا المجال.
وانـّي وإن كنت قد توفقت لاستنباط النظرية الاسلامية في التحرك السياسي اعتماداً على النصوص الاسلامية وملاحقة التجربة الاسلامية الأولى لرسول الله <img src='style_images/1/p1.gif'> والمسيرة العامة لأئمة أهل البيت (سلام الله عليهم)، ولكن يمكن أن نجد هذه الرؤية النظرية في بيانات وأعمال الامام الخميني (قده) بشكل واضح.
ويمكن تلخيصها بالنقاط التاليـة:
1ـ الاعتماد على القيادة العلمائية بجميع مستوياتها، والتي يُمثل الفقيه العادل الشجاع المدبـّر والمتصدي والعارف المطلع على الأمور السياسية القيادة العليا في المسيـرة.
2ـ الاعتماد على المؤسسة الاسلامية (كالمسجد والحسينيات والتكايا والمدارس...) في التربية والتوعية وايجاد الكادر الوسطي من جانب والتعبئة الجماهيرية من جانب آخر بحيث لا تنفصل القيادة والكادر عن القاعدة الجماهيرية لا في الوضع النفسي والروحي ولا في الوضع الاجتماعي والمعاشي.
3ـ إلتزام منهج المركزية في القيادة التي تتحمل مسؤولية التخطيط السياسي والحركي واتخاذ الموقف السياسي العام والاشراف على المسيرة فكرياً وسياسياً وكذلك الأمور المالية الشرعية، ومنهج اللامركزية في التنفيذ وفي تشكيل النواة والخليـة التـي يراد لها التحرك في الأمة (التشكل في الصيغة أو في أصل ايجاد هذه النـواة).
4ـ اعتماد طريقة الصلة المباشـرة (مهما أمكن) بين القيادة والأمة وجعل القيادة الاسلامية هي مركز الولاء السياسي.
5ـ اعتماد العلنية في التحرك (مهما أمكن) في طرح المفاهيم والأفكار والقضايا العامة التي تهم الأمة، والكتمان في شـؤون التحرك والعلاقات الحركية وحتى الانتماء أمام الأعداء عند الحاجة.
6ـ التدرج في طرح القضايا بالمقدار الذي يتناسب مع حركة الأمة في طريق دفعها نحو التكامل وبالمقدار الذي يتناسب مع موقف الأعداء لفضحهم والكشف عن زيفهم وضلالهم ومعاداتهم للأمة ومصالحها.
7ـ عدم فصل القضايا الثقافية والروحية والاجتماعية عن القضية السياسية التي تمثل القضية الجوهرية في الدين على مستوى الطرح والممارسة معاً، وذلك من أجل ايجاد المزيج الثقافي والروحي الصحيح من ناحية وتربية الأمة على ممارسة العمل السياسي إلى جانب ممارسة العمل الثقافي والاجتماعي ووضع حركة التطبيق والممارسة في مسارها الصحيح إلى جانب المسار المعنوي والنظري من ناحية أخرى.
8ـ الاعتماد في المواجهة على الأمة والشعب (العامة) لا على النخبة وخصوصاً الطبقة الفقيرة والنساء والشباب مع اعطاء النخبة دورها الصحيح في تعبئة الشعب وتسهيل قيادته، أي دورها يكون شعاعياً لا هرمياً.
9ـ أفضل السبل لتعبئة الأمة سياسياً وروحياً هي ممارسة الشعائر الاسلامية بطريقة صحيحة تعبّر عن الحياة الاجتماعية والسياسية للمسلمين، كصلاة الجمعة والجماعة والحج والمواكب الحسينية ودعاء كميل وغيرها.
10ـ الاهتمام بالمحاور الرئيسية للصراع السياسي مع الطاغوت والمشاكل الأساسية التي تهتم بها الأمة وعدم الانشغال بالقضايا الجانبية مع الطاغوت والتي قد يحدثها لأجل إلهاء الأمة بها عن القضية الأساسية.
11ـ تجنّب الصراعات الجانبية مع المنافسين أو المخالفين وذلك لتوظيف كل الامكانات والقدرات باتجاه العدو الرئيسي وعدم تبديد القدرة.
ومن هذا المنطلق يأتي الاهتمام بوحدة الأمة في مواجهة الطاغوت، وإلاّ فقد تصبح الوحدة على حساب القضية نفسها.
ومن خلال التجربة الواقعية لمسيرة الامام، نجد هذه الخطوط تشكل مجمل تصور الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> عن منهج التحرك السياسي.
ولم يكن الامام يحارب الأحزاب أو الحركات ذات التنظيم الواسع، إلاّ انه يؤمن انّ المنهج الصحيح للتعبئة اسلامياً انّما هو هذا المنهج، ويمكن للأحزاب والتنظيمات والجمعيات أن تأخذ دورها في الحياة السياسية إذا تحولت إلى مفردة أو مؤسسة اسلامية ذات أهداف محدودة في الحياة السياسية في المجتمع، أما عندما تتحول إلى الأهداف العامة فسوف تصبح لا محالة منافساً للقيادة الاسلامية أو معرقلاً لعملها في توحيد صفوف الأمة في المواجهة أو في سرعة حركتها وتفاعلها مع الأحداث.
وكان الامام (قده) يعتقد انّ هناك محاور ثلاثة لابد من الاهتمام البالغ بها وهي تمثل المحور الأساس في المنهج السياسي، وهذه المحاور هي (الحوزات العلمية، العلماء، المساجد)، وانّه إذا أردنا أن نحصل على حركة شاملة في صفوف المسلمين فلابد من الاهتمام بهذه الأمور الثلاثة.

سابعاً ـ نصرة المستضعفين في العالم:
انّ قضية نصرة المستضعفين تشكل في النظرية الاسلامية نقطة مهمة وأساسية أكّد عليها القرآن الكريم في آيات عديدة مثل قوله تعالى:
{وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربّنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيرا}( [10]).
وقد اهتمّ الاسلام بهذه النقطة انطلاقاً من حالتين واقعيتين في حركة التاريخ التكاملية.
الأولى: انّ حركة الجماعة باتجاه الله قد تواجه طغياناً واسعاً وكبيراً لا يمكن للجماعة في مرحلة معينة أن تكسر القيود والأغلال، لأنّ الطاغوت يستخدم القمع والارهاب بدرجة عالية تـؤدي إلى ايقاف حركة الجماعة ومحاصرتها مادياً ونفسياً وروحياً، بحيث تصبح الحركة الذاتية للأمة غير قادرة على كسر هذا الطوق والحصار.
الثانية: انّ انتصار حركة الجماعة في بعض المواقع قد يـؤدي بالطاغوت إلى اتخاذ اجراءات قمعية جديدة وتصعيد حالة الارهاب والخوف والحصار، وقد يستفيد الطاغوت من تجربته السابقة التي مني فيها بالهزيمة من أجل اتخاذ هذه الاجراءات.
وفي كلتا هاتين الحالتين يصبح من الضروري تدخل العامل الخارجي الذي تمكن من الحصول على أهدافه في التحرر من الطاغوت في سبيل نصرة واعانة الجماعة التي تتعرض إلى الطغيان والقمع على خلاف إرادتها ورغبتها.
والآية الكريمة السابقة تشير إلى هذه الحقيقة التاريخية بوضوح، كما انّ التجارب الانسانية في التاريخ تحدّثنا عن ذلك، وفي حالة المسلمين في الصدر الأول في مكة بعد انتصار الاسلام في المدينة مايؤكّد هذه الحقيقة أيضاً.
وهذا المفهوم الاسلامي أصبح مقبولاً من الناحية النظرية في حضارة الانسان اليوم بعد مئات السنين، حيث نجد انّ بعض الحكومات تقوم بممارسات سياسية وحتى عسكرية لفك الحصار عن أولئك الذين يتعرضون إلى الحصار من قبل الطاغوت تحت شعار حقوق الانسان.
صحيح انّ هذا الايمان النظري يصاحبه ممارسات كثيرة تحريفية من قوى الاستكبار لتبرير أعمالها وجرائمها، إلاّ انه يكشف في نفس الوقت عن انّ هذا المفهوم يعبـّر عن قضية فطرية في الانسان كشف عنها الاسلام قبل ألف وأربعمائة سنة أو يزيـد.
وقد جسّد الامام الخميني (قده) هذا المفهوم نظرياً من خلال دستور الجمهورية الاسلامية الذي أكّد على هذا الحق الانساني ومن خلال بياناته وتصريحاته.
ولكن الأهم من كل ذلك الموقف العملي والتطبيق الجدّي لهذا المفهوم، حيث يمكن أن نشير في هذه العجالة إلى بعض المواقف المهمة في التطبيق:
1ـ الموقف من قضية الشعب الأفغاني، فبالرغم من ظروف الثورة الاسلامية في ايـران الصعبة التي كانت تواجه فيها أمريكا وحلفاءها، نجد الجمهورية الاسلامية تقف إلى جانب الشعب الأفغاني ضد الروس الذين يمثلون العدو الألد لأمريكا، وفي نفس الوقت يمثلون تهديداً حقيقياً لايـران في ظروف الثورة الأولى.
ويستمر هذا الموقف حتى بعد العدوان على الجمهورية الاسلامية من قبل نظام صدام المجرم، وتصبح قضية مداراة الروس قضية مهمة ليست على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى العسكري أيضاً.
2ـ الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني واللبناني في أحرج ظروف الحرب وصرف الطاقات والامكانات بهذا الاتجاه وتحمل جميع التبعات.
3ـ والأهم من كل ذلك الوقوف إلى جانب الشعب العراقي في محنته مع الطاغوت صدام حسين، حيث تحملت الجمهورية الاسلامية تبعات الحرب من أجل هذا الشعب.
وإذا كانت الحرب في السنوات الأولى لها دفاعاً عن الوطن والكيان السياسي الاسلامي، فانّ قرار الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> بالاستمرار في الحرب في سنواتها الأخيرة انّما هو من أجل الشعب العراقي.
وكان هذا القرار يتحمله الامام <img src='style_images/1/p3.gif'> وحده وبجدية انطلاقاً من هذا المفهوم الاسلامي، كما صرّح بذلك مرات عديدة.
ولو لا التطورات الأخيرة للحرب التي فرضت على الجمهورية الاسلامية ولمصلحة بقاء النظام الاسلامي من ناحية وسمعته في العالم الاسلامي والمجتمع الدولي من ناحية أخرى، لكان الامام على استعداد لتحمل نتائج الحرب تحقيقاً لهذا المفهوم.
لقد قاتل الامام (قده) بكل وجوده وبشعبه من أجل الشعب العراقي والمقدسات في العراق.
وفي نفس الوقت قدّم الشعب العراقي المسلم أغلى ما لديه ولازال يقدّم من أجل الثورة الاسلامية.
هذه خلاصة للخطوط الفكرية السياسية للامام <img src='style_images/1/p3.gif'> حاولت أن استنبطها من بياناته وأعماله.
واني في الوقت الذي أشعر ـ كما ذكرت ـ انّ هذا البحث يحتاج إلى تفصيل أكبر ودراسة أعمق، ولكن أرجو أن أكون قد وفقت لتقديم صورة مختصرة، أرجو أن تكون مفيدة عن الخطوط الأساسية لفكر الامام السياسي.
أسأله تعالى له الرحمة والرضوان، وسلام عليه يوم ولد ويوم جاهد في سبيل الله ويوم ذهب إلى ربـّه راضياً مرضياً.
والسلام عليه وعلى جميع الشهداء.
ومن الله التوفيق والسداد.
والحمد لله ربّ العالمين.
15 شــوال محمد باقر الحكيم
1410هـ

 

 

 توقيع بو شهاب :
من ولاء الطهر .. ومن طهر ولانا **
رقصت في مسرح الذكرى منانا
كم رشفنا روحها .. في أكؤس **
حالمـات .. كن غازلن رؤانا
ومشينا .. نعصر القلب طلاً **
لنــروي شـفة الشــعر بـيانـا
بو شهاب غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 02:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد