العودة   منتديات الطرف > الواحات الخاصـة > منتدى السهلة الأدبي




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 12-04-2013, 12:04 PM   رقم المشاركة : 1
منتدى السهلة الأدبي
منتدى السهلة الأدبي






افتراضي آية الله العلامة الدكتور الشيخ الفضلي.. جسر ما بين مرحلتين - باقر الرستم

بسم الله الرحمن الرحيم..
والحمد لله على قضائه..
ونسأله الصبر والعوض.
إنا لله وإنا إليه راجعون.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
يوم على آل الرسول عظيمٍ..

عالمٌ شغل موقعاً لم يزاحمه أحدٌ فيه أو عليه، ولا نرى وريثاً يأتي من بعده ليملأ مكانه..
عالمٌ آلَمَه العاجزون بأقسى ما يقدرون عليه، ليُشبعوا نزغهم الذي قرأنا بعضه شماتة بموته!!.
عالمٌ ثلم - بحقٍ- في الإسلام ثُلمَة، لا يسدها شيء.
فصبراً على بلاءك.. ولا راد لقضائك..

أقف الآن وما خطر ببالي أن أقف مؤبناً.. ولكن هي سنة الله في خلقه.. فغداً يقف صالح جيرتي فيؤبنني..
فالأمر لله.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وهنا أقف بين يدي أستاذي.. ومعلمي.. ورائد جيلي وملهمه على مستوى الكتابة والبناء التربوي في بلدي..
وعندما أقول أستاذي فهو بحقٍ أستاذي.. وبحقٍ هو معلمي.. والمربي الذي استلهمتُ منه الكثير..
قد لا أكون جديراً بأن أنسب نفسي له، ولكنه ما كان يتضجر من ذلك.. فحق لي أن أفخر بذلك..

تلك ثمرة عشرين عاماً من العلاقة والمودة.. ليكون كتابي الذي كان ابن محاضرة في هذا المنتدى (منتدى السهلة الأدبي) قبل عدة سنوات محل ثنائه وشكره.
كنا نتلقف المعرفة من مصادر شتى.. فنقف بين يديه لنقترف إثم الاعتداد بالنفس ونحن ما زلنا فراخاً.. فيحدب علينا، ليشعرنا أننا أخوته.. شركاؤه في الفكر والبناء..
بعضنا لا يستسلم لتلك الأبوة الحانية.. فيذهب ليتملّى معرفة.. فيكتشف أن ذلك الاعتداد كان حجاباً منعه ليفهم تلك الأبوة ومنهجها في احتضان الطامحين.. بُناة مستقبلهم..
أبوة تدفعك دفعاً أن تكون صديقاً.. وأستاذيةً تدفعك دفعاً أن تكون مشاركاً.. عندها لا تشعر أنك أمام عملاقٍ بينكما مراحل وقابلية وهمة وطموح واستشرافٍ للمستقبل.. لو خطرت ببالك لحظتئذٍ لشغلتك أن تطمح إلى مقامه أو أن تكون مثله.

فكيف بآلام الغربة والفراق والعزلة سنين طوال؟!.
قبل عدة سنين اأتمروا في سيهات حيث مثواه الآن وأسموه تكريماً.. فبكيتُ؛ لأنه تحول إلى محفلٍ للذكريات.. يسردها المشاركون، هم أبطالها!!.. أو قل هو الثناء على الذات وتزكية النفس!!.
رأيتُ بالأمس في محفل التشييع حشوداً هائلة غصّ بها المكان.. وسمعتُ عبارات وازنة عن أمةٍ في رجل.. لأتساءل.. أين هذه الأمة عن هذا الرجل؟!.
أم أننا اعتدنا أن نمدح العاملين عندما يسكتهم الموت؟!.

لا نتحملهم أحياء؛ لأنهم يقولون لنا: ((هذا عذبٌ فراتٌ سائغٌ شرابه، وهذا ملح أجاج)).. نريد منهم أن يأخذوا الخَرز ويقرعوا القرعة لنا.. ليكون الدين فقط في تلك الحدود.. ونكون نحن مصداق ((الناس عبيد الدنيا، والدين لعقٌ على ألسنتهم))..

ولو كان ذلك الجزع في حدود أولئك الناس أمثالي فقط لقلتُ: أنى لنا أن نغير ونحن دونما يريد.. ولكن عشرات الحوزويين الذين قصدهم وقصد النهوض بهم من خلال العشرات من كتبه.. ولو اجتمعوا إلى قصده لصنعوا بمعيته ما ينشدون..

ولكنهم لا يتحملون الغربة والهمز واللمز والنبز مثله.. فركنوا إلى الذين ظلموه.. لا لرفه العيش، ولا في رضًى عن الحال..
أبكيك أبا عماد.. لأنني عشتُ منشودك وهو منشودي أيضاً.. وجرحك.. وحتى صراخك منهم..
فوا أسفاه أن يكون مؤبنيه هم هاجروه..
وأن يكون المعني بشفقته وعنائه سنوات طويلة من الجهاد العلمي هو من هوّن قيمته وقيمة عطائه..
فأنى لهم العلياء، وقد أخلدوا إلى الأرض، وإلى رضى ما تشتهي أنفسهم
ولأنني أعرفك.. وأشعر بك.. سأطوي عن ذلك كشحاً.. وسأعتبر الموت صاعقاً يعيدني إليك بتلك الذكريات الجميلة.. والأماني الطموحة.. من خلال أسفارك لأقرأك منجزاً ومبدعاً..
ولكن أين ذلك الإنجاز وما مداه ليكون إبداعاً فريداً؟!..
هو هنا ما أريد قراءته..

شيخنا الأستاذ العلامة الفضلي ابن الحوزة.. وعاش ألم المناهج المثقلة بمشاكل التعقيد واستلذاذ البعض بالسنين الطوال في ردهات الدراسة..
قرأ سلبية هذه الظاهرة وتوصل إلى أصل المشكلة بمعية أساتذة عظام كالمظفر والصدر وتقي الحكيم ليقوموا بإسهامة نوعية في صوغ المناهج التي تنسجم ومشروع الإنجاز والإبداع..
إلا أن العلامة الفضلي تجاوز هذا الهاجس في عطاءاته ليشغله هاجس خطاب الحوزة في حراكين مزدوجين..
الأول: مكافحة المنطق القائل: نظم الحوزة في عدم نظمها بالعمل الجاد على نظمها، فكانت كلية منتدى النشر..
وكان المنطق والأصول للمظفر والحلقات للشهيد الصدر والأصول المقارن للسيد محمد تقي الحكيم..
أما العلامة الفضلي فكان عليه مراجعة المنجز، وإنجاز ما تبقى، ولذلك لم يواصل ذلك المشروع سواه.
كان الهدف هو اختزال ذلك الترهل في الدراسة والتعليم، ليبقى في حدود الإمكان والقابلية السهلة..
فالجراح يتم وضع مثل الإمام الخميني بين يديه ليشق لحمه بمشرطه ثم يستأصل الخطر ثم يخيطه من جديد ليعيد الإمام الخميني بروحٍ جديدةٍ وبصحة أفضل..
فهل هناك أكبر من هذا الخطر؟!.

فهل يطوي ذلك الجراح ثلاثين عاماً من عمره لعمل تلك الجراحة الخطيرة جداً للإمام وما يهدد مستقبل الأمة؟!.
عندما نرى طبيبَ الإمام شاباً فقطعاً سنقول بأنه لم يقطع هذا الطبيب ثلاثين عاماً فقط دراسة..
فيما المجتهد المتعارف عليه في الحوزة لا يتجاوز دراسة مناهج درجوا عليها لعشرات السنين وهي لا تتجاوز فقه الأحوال الشخصية.. فهل هي بحق تحتاج إلى ثلاثين عاماً من الدراسة ليصبح طالبها مجتهداً..
طبعاً ما أقوله ليس دقيقاً بشأن الثلاثين عاماً وإنما أقصد الكناية عن السنوات الطوال التي يقضيها الطالب ليصبح مجتهداً..
مراجعات العلامة المظفر والصدر والفضلي وتقي الحكيم ومغنية أوصلتهم أن السبب وراء ذلك هو التعقيد المزدوج في المفردة والجملة وتركيبهما، ليوعزه الفضلي ذلك إلى أن تطور علم الأصول كان على يد الفلاسفة والمتكلمين.

والظاهرة الأخرى قوة الاتجاه الساعي إلى محاربة أي خطوة إصلاحية تعمل لرفع ذلك التعقيد.
كانت مساعي الفضلي والصدر والمظفر وتقي الحكيم ومغنية كبيرة جداً على رغم العقبات الكأداء في هذا السبيل.. إلا أن فاعليتها في العقل الحوزوي لم تكن بمستوى تلك الإنجازات الجبارة والإبداعات النوعية.
جهد الشيخ كما قلنا تميز بأنه جعل مخاوف المظفر والصدر وتقي الحكيم ومغنية التي قللت من قيمتها نوعاً ما وراء ظهره.. بالرغم من تمتع مغنية بجرأة صاعقة.. قد تفوق جرأة شيخنا الفضلي..
إلا أن للإنجاز داخل النجف طعم خاص.. بالرغم من أن فقه الصادق وعلم الأصول يدخل في ذلك الاتجاه..
قراءة شيخنا الفضلي تتجاوز أولئك المبدعين.. وذلك أن مشروعهم هو المنهجة المقننة وذات الأمد المقروء.. فيما هو يرى أن تلك الخطوات تمهيدية أو خاصة لتلك المرحلة.. والحاجة أن يكون السعي في كل الاتجاهات لعصرنة المنهج واللغة والخطاب، مع الحفاظ على أصالة المشروع وعمق المادة وشمولية الحراك.
ولذلك فهو - على ما يبدو- لم يكن متعجلاً في تبنيها والتزامها كمشروعٍ وكخطابٍ وكمنهج.. وإنما يقدمها، بافتراض أن هوية الطالب الحوزوي الجديد لم يعد كالسابق، نظراً إلى أن شروط القبول أصبحت أكثر تقدماً، كما أن البقاء فيها أصبحت أكثر تقدماً..

الثاني: في ظل الهوية الضائعة للمدارس الإسلامية في تقديم فقهٍ للعالم غير الإسلامي، وعمل الإعلام الغربي في ضرب تلك الهوية بالإشارة إلى الغوغائيين والجهلة، وفقه الصبية الذي يتحدث عن رضاع الكبير وجهاد المناكحة، وغرق الكثيرين وبغوغائية مدمرة فيما يسمى ب((الحيل الشرعية)).
تقدم العلامة الفضلي ليقدم الفقه والأصول بمنطق القانون والتشريع المعاصر، ليقرأه الآخر بلغته الخاصة به، والتي تعتمد القراءة القانونية الصرفة..
بتلك الخطوة الجبارة تمكن من أن يقدم الفقه وأصوله بما يقرأه هو كفقيهٍ وكمثقفٍ وكإنسانٍ على أنه فقه الإنسان لنظم حياة كريمة ومستقرة ومنجِزة بدلاً من أن يكون فقه الموت والغوغاء والديكتاتورية والعزلة.
حيث أنهك الفقه حالات الشذوذ هذه في تقديمه للناس في الداخل والخارج..

فمن هنا تقرأ فقه الموت وجواز قتل تسعة ملايين من الناس لإسعاد ثمانية عشر مليون إنساناً!!.
وهناك تقرأ فقه الاستبداد والديكتاتورية والخنوع طاعة للإمام..
وثالثٌ أهلك الحرث والنسل بفقه المصالح المرسلة.. ورابعٌ أدخل الناس في عزلة بفقه سد الذرائع ودرء المفاسد بالمصالح.
والسلام عليكم ورحمة الله..


باقر الرستم
جلسة 29/ 5 / 1434هـ
الخاصة بتأبين الشيخ الفضلي

 

 

منتدى السهلة الأدبي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 07:56 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد