***10*** السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما تأخرت معلمتي عن المجيء بشكل يثير التساؤل ، أخذت أنظر إلى زميلاتي ، ولم أعلم بما داخلي ، أحسست بثورة عائمة في صدري ، ترغمني على التعرف على بعضهن ، لم أعلم حينها ما هو تفسير هذا الشعور ، فأنا لست بالسنة الأولى لي من الدراسة فقد درست إلى ما يقارب عشرة سنوات متواصلة ، لم أعلم أهي نظرات تلك الفتاة التي لم تبعد عيناها عن النظر إلي ،لم أعلم فخلال اشتراكي في الدخول لهذه الدورة النسائية ، أدى نفسي تغيرت في تصرفاتي ، أنا لا أعلم ..لقد تطورت حالتي إلى حالة أخرى مزرية ، لقد أصبحت عصبية جدا ، على غير العادة ، فأنا فتاة أحاول جاهدة أن أكون حليمة بكل معنى الحلم ، ولكن ماذا أعمل فتاة بأوج مرحلة المراهقة ، فتاة تلاقي آلاما ، لمن تشكوا ، لمن تتحدث ، أتتحدث لهذه الجدران ؟!، أم لهذه الأعمدة المسندة ؟! ، بكت بشدة من حرقة الألم التي انتابتها ، فهي في أوج ألمها و تعبها ومعاناتها ، طرقت أختها الكبرى الباب بشدة ، مسحت دموعها ، فتحت الباب ، وإذا بأختها غاضبة ، نفسها مليئة بالغضب الذي في نهايته سوف ينهال على رأسي قالت غاضبة : ما الذي كنت تفعلين لوحدك في الغرفة ؟ لم تدعني أكمل ، اعترفي بسرعة !! بكت وقالت : من أعطاك الحق في أن تسأليني ماذا أفعل وماذا أقول ؟؟ ثارت ثائرتها فقالت :لتحقن السهم بالسم ،لتحقن الجراح بالرماد ، قامت لتحطم جميع روابط الأخوة الصادقة ، الصدمة قادمة ، هل ستتحمل ما سيحدث ؟! صفعتها مرة و أخرى قائلة لها : لي كل الحق في أن أسأل وأنت تجيبين فقط ، أفهمت أم أعطيك دروسا في الأدب مع الكبار ؟!
و ثم خرجت لتضرب بالباب، ضربة قوية مليئة بالغضب و الكبرياء ، آه خرت الفتاة صعيقتة من هول ما حدث ، أخذت تبكي بكاءا شديدا حتى دخلت أختها التي تكبرها بسنة واحدة ،نظرت إليها وبادرتها بالسؤال : ماذا بك ؟؟ ما الذي حدث ؟؟ نظرت إلى أختها نظرة خوف ، بكائها ليس بالبكاء العادي من جراء ألم ، لا أعلم ما هو هذا السبب ؟ سألتها أجيبيني يا إيمان ماذا حدث ؟! نظرت إليها فاطمة ألن تجيبي يا إيمان ، أنا أختك ، حدثيني ما الذي جرى لتبكي هكذا ؟؟ رمت إيمان بنفسها بحضن أختها فاطمة وبكت ، واحتضنتها فاطمة ، لتعطيها بعض الحنان الذي قد تكون فاقدة له ، قالت وهي تمسح دموعها إنها سمية يا فاطمة لقد .. لقد ضربتني ، تحولت نظرة فاطمة إلى نظرة استعجاب و استغراب وقالت : سمية تضربك ولماذا ؟؟ تساءلت وهي تنظر إلى أختها إيمان وقد أحمر لونها من شدة البكاء وصغرت عيناه الجميلتين من شدة البكاء و قالت إيمان : لا أعلم سر كراهيتها لي ، دخلت غرفتي منزعجة غاضبة ، ولم تراعي شعوري ، كفتاة في مرحلة المراهقة ، تحتاج إلى عطف وإلى مشاركة في أحاسيسها وآلامها ، ضربتني دون وجه حق ، إنها ظالمة .. نعم ظالمة .. وبدأت بالبكاء . تعجبت فاطمة من قول أختها محدثة نفسها ماذا يجري في هذا المنزل ؟ ثم قطعت إيمان سلسلة أفكار فاطمة بشهقة عالية جعلت فاطمة تخاف فسألتها : ماذا بك يا إيمان أخبريني ؟ ، قامت إيمان لترفع همها الثقيل معها ,وارتمت على سريرها وحاولت أن تستسلم للنوم ولكن دون جدوى ، فهذا الهم الثقيل جدير بأن يجعلها تسهر الليل بطوله ، و بعد لحظات حيث أخذ الظلام مكانه في الغرفة ، فتح الباب بشدة فراع إيمان الأمر ، لابد أنه أمر مريب ، خبأت وجهها تحت الغطاء ، أملة بأن تكون بعيدة كل البعد عن هذا الأمر الذي لم أتعرف عنه شيء ، فتحت الأنوار و من ثم أحست بمن يريد أن يرفع الغطاء ، وإذ ترى إنها سمية ، فما الخطب ؟؟ ثم جاءت فاطمة مهرولة ، وإذا سمية تقفل الباب ، جلست إيمان قائلة : ماذا تريدين ؟ ألم يكفيك ما فعلته منذ سويعات قليلة ، فهال الأمر لدى سمية ،فقالت:أنا من سيعلمك الأدب يا آنسة إيمان فأخذت إيمان تضحك وترد بسخرية لا أعلم يا آنسة سمية من يستحق الأدب هل الضارب أم المضروب؟ فعلمت فاطمة بأنها حرب أخوية فلا بد من الوقوف في وجه هذه الحرب,تفاديا للضحايا,وأردفت فاطمة قائلة لسمية: لا تغضبي يا سمية إن إيمان تضحك معك ، إنه مجرد مزح فقاطعتها إيمان قائلة : لا يا فاطمة كلامي ليس بمزح و إنما ما قلته هو الحقيقة ، إن سمية ليست بأخت ولا تعرف معنى الأخوة ، لا أعلم ماذا نستفيد من هذا الكلام الذي يرميه لنا العجائز ( هذه أختك من لحم و دم ) ، وهذه كبيرة لابد أن تحترميها ، وهذا أبوك وتلك أمك ، وهذا خالك ، وتلك عمتك ، ماذا نستفيد بالله عليكم سوى التعب لا غير ، فهل مرة من المرات رأيت خالا أو عما يطرق الباب للسؤال عنك و عن
أحوالك لا أقول هذا فقط ، ليتهم يسألون عن أقل شيء ماهي طموحاتك عند مجيئهم للتسلية لا لقصد صلة الرحم أبدا فهم لا يؤمنون بها ، لكنهم عبثا ، لا يأتون إلا لخدمة مصالحهم الخاصة ، إما من عند والدي ، أم من عند والدتي ، وفي تلك الأثناء حاولت فاطمة أن تسكت إيمان ، لأنها أحست أن أعصاب سمية شبه محترقة ، لكن الموقف الذي صدر من سمية جعل فاطمة مستغربة ، فقد قالت لي بصوت مليء بالألم : لا يا فاطمة دعيها تكمل الكلام ، قد يكون هذا الكلام حقيقة وواقع ، ثم أكملت إيمان قولها بكل حزم وقوة ، إذا كنت يا سمية تعتقدين أني خاطئة الحكم عليك بأنك لا تعرفين معنى الأخوة ، فاسمحي لي ، فأنا لم أجدك يوما جلست بجانبي لتحملي جزءا من أعبائي و آلامي ، بل وجدتك من تشغلين ألاما على ألامي ، لم أجدك يوما تضحكين معي مثل كل هؤلاء الأخوات ، بل وجدتك تشعلين حقدا و ألاما و دموعا ، لم أجدك يوما تمسحين على رأسي لكي أحس بقربك ، لم أجدك تقفين معي في زلاتي ، أنا لا أريدك أن تكوني مثل الأخوات الحقيقيات ، لكني تمنيت أن أراك تراعين مشاعري، هل تعلمين أنك لم تقصري في حقي فقط بل حتى في حق فاطمة ، وعندها أصدرت فاطمة شهقة عالية ، فقالت إيمان : أتريدين أن أخبرك بالواقع يا حبيبتي ، كلنا نتألم ونتعذب ولكن لكل شيء حدود ، أتعلمين أن صفعاتك قد أوقدت في نفسي حقدا عليك ، لم يكن كل شيء في صالحك ، ولم تكن معاملتك القاسية تجدي نفعا ، كان لديك الحل لكنك لم تستخدميه ، لأنه في نظرك وفي نظر جميع المتخلفين ليس من التربية لأنه يجلب الدلع ، لقد نسيتي يا أختي الكبرى قول الله تعالى (( وكلمة طيبة كشجرة طيبة )) ألم تعلمك أيام المراهقة شيئا ، ألم تتألمي ، إنك ... إنك أنانية يا سمية ، نعم أنانية ، أنا لا أقولها لك لكي أهينك لا ... وألف لا وصدقيني يا سمية أنني لا أرضى لأي أحد أن يهينك لا أنت ولا فاطمة لأنكم جزءا مني ... ولكني أطلب منك ورغم أنه واجب عليك إلى يوم القيامة وسوف تحاسبيني عليه ، أرجوك حاولي أن تفهميني .. لا أقول لك أفهميني لأنه شيء ليس بالسهل عليك ولا علي ، ولكن أقول لك حاولي .. حاولي .. وانهمرت الدموع من أجمل عيون لأجمل فتاة ، صرخت بقوة وحزم عن حقها .. بل عن حق جميع الفتيات من عمرها وبعدها .. أخذت سمية تحتضن أختيها إيمان وفاطمة وعيناها تفيض بالدمع .
والحمد لله
***10*** أم نوووووووووره
.