الحب الحقيقي....
هل تعلق قلبك , قلبك ِ بشخص ما لدرجة العشق والذوبان ؟
وهل فكرت , فكرتي مليا في هذا الحب ؟
وهل تعتقد , تعتقدين أن هذا الحب والعشق صحيح أم أنه مجرد إعجاب أو نزوة؟
هل حبكم هذا أيها المحبين والعاشقين حب للوطن ....أم حب لشخص .....أم حب الأم والأب.....؟
إحدى الحالات القلبية للإنسان الحب, هذه الصفة وإن كانت غالباً من الحالات الإنسانية بمعنى أنها تمر
بسرعة وبدون مقدمات على نفس الإنسان , وتزول بسرعة أيضاً لكنها أحياناً تكون من الملكات الراسخة
والصفات الثابتة , توجد هذه الصفة في الغالب في جميع الحيوانات أيضا وقد تكون في بعضها قوية جداً ولكنها
قد تصل في الإنسان إلى درجة تشغل معها جميع القوى الفكرية والبد نية , وتجعل جميع اختياراته في قبضتها
غاية الأمر أن لهذه الصفة أقساماً وأنواعاً مختلفة ودرجات متعددة , وأنا هنا سأقوم بالإشارة إلى بعض هذه الأقسام ساعية أن لا أخرج بحديثي هذا عن حدود الأخلاق.......
أنواع الحب: بعض أقسام الحب جيدة وجميلة وتعتبر من الصفات الكمالية , وبعضها قبيح وسيء ويكون من
الصفات الرذيلة , وهذا التفاوت راجع إلى متعلق ذلك الحب أو ما يحبه الإنسان ويتعلق به إن كان بموجود
شريف ومقدس وجميل ,أو بموجود حقير وسافل , ومن هنا تتضح أقسام المحبة ومراتبها .
من أفضل الأقسام وأجمل الأنواع حـــب الله , وفي الأصل إن ميزان الكمال والفضيلة والسمو الروحي
للإنسان من هذه القسم , وقد كان الهدف الأصلي والأصيل لجميع الأنبياء و الأولياء تحصيل هذا الكمال
وتعليمه , ومحبو الحق في هذه الصفة مقامات متعددة ودرجات مختلفة , وعلى رأس هذه القافلة البشرية
الأنبياء العظام الذين كانوا دوماً عشاقاً لله وهائمين ومتيمين بذاته القدسية.
هناك مثل يجري على لسان العظماء حيث يقولون " من أحب شيئاً أحب آثاره " فمن الطبيعي أن تؤدي
المحبة والعلاقة بشخص ٍ أو شيء إلى محبة متعًلقاته ولوازم وجوده وآثاره وأعماله , وعلى هذا الأساس
يتعلق محبو الإله بأنبيائه ورسله وأيضا يتعلقون بما يصدر عنه وباسمه وآثاره ولهذا يقول الأمام زين العابدين
(ع) في إحدى مناجاته " اللهم ارزقني حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يوصلني إلى قربك" في هذه الجمل ثلاثة أمور مهمة من الله , محبة ذات الحق المقدسة التي هي أعظم النعم الإلهية وأعلى الفضائل الإنسانية , ومحبة أحباب الحق التي هي من آثار محبة الحق , والأمر الأخير , محبة الأعمال التي هي طريق الوصول إلى الصراط المستقيم للنزول في ساحة المحبوب القدسية , وطبق هذا الميزان حديث رسول الله (ص) :" والذي نفسي بيده لا يؤمننّ عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وأبويه وأهله وولده والناس أجمعين"
فبنفس المقدار الذي يكون في قلب الإنسان محبة لغبر الرسول يكون هناك نقص في الإيمان والمحبة الحقيقية
, ويكون حب الرسول ظلاً من عشق الله ومن أغصان الشجرة الطيبة التي (( أصلها ثابت وفرعها في السماء
تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها)) أجل فإن التعلق بالمعبود ومحبته شجرة قوية وراسخة في مملكة قلب المحبين , قد غرست من اليوم الأزل واشتدت وقويت ونمت أغصانها في فلك الإنسانية والإيمان , تؤتي في كل لحظة وساعة ثمراً طيباً , تلك الشجرة المباركة هي حب الله وأغصانها حب أحبائه وهم أهل البيت (ع) وثمارها المختلفة والمتجددة الأعمال الصالحة التي تضيء على العالم الظلماني وتمنح المجتمع غذاء عذباً وحياة جديدة وقد أشار الأمام الصادق(ع) في كلماته بشأن شيعته " يحزنون لحزننا ويفرحون لفرحنا" وقال أيضاً " من أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله"
علامات حب الله : ورد في الحديث عن رسول الله (ص) :" علامة حب الله حب ذكر الله " وطبيعي أن الإنسان
إذا تعلق بأي شخص يحب أن يتحدث عنه ........ فكيف إذا كان الحبيب هو الله ..........
تحصيل هذه الفضيلة : إن الوصول إلى هذه الصفة وتحصيلها أمر بالغ المشقة . فالإنسان الطالب للكمال والعاشق للجمال ينبغي أن يبقى لفترات مراقباً ومحاسباً لنفسه كما قال الأمام الصادق (ع) : " حاسب نفسك أشد من محاسبة الشريك لشريكه "
وهنا يقول الأمام زين العابدين (ع) :" إلهي اجعلني ممن أهلته لعبادتك وهيّمت قلبه لإرادتك واجتبيته لمشاهدتك
وأخليت وجهه لك وفرغت فؤاده لحبك ورغبته فيما عندك"