العودة   منتديات الطرف > الواحات الأدبية > مكتبة المنتدى




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 14-01-2011, 01:27 AM   رقم المشاركة : 1
زكي مبارك
مشرف مكتبة المنتدى






افتراضي الرستم حين يغتسل من جنابة التاريخ (مقال)

إنه الشمس ..
التي لا تزال تشرق على الأغنياء والفقراء، والأصدقاء والأعداء .. على حدٍ سواء !!
إنه السيف ..
الذي خرج من رحم السماء ، والذي مافتأ يذكر محمداً صلّى الله عليه وآله وسلّم
إنه الوردة ..
التي تمتار من رحيقها السماء والأرض، ويضوع من عبيرها المكان والزمان!!

لا تُحدَّد بهِ زماناً وَوَقْتَا
يُمنةً يُسرَةً وَفوقَاً وَتحتا

هوَ ملأُ الوجودِ أنَّى التفتَّا
جَاوَزَتْ قَدَماهُ قوسَ الصعودِ




إنه علي !!
وقد فاز اليوم من استعلى !!

الرستم .. حين يغتسل من جنابة التاريخ !!
قراءة انطباعيّة في كتاب
تأريخ الإمام علي بن أبي طالب – عليه السلام – السياسي
للأستاذ عبدالله بن علي الرستم
بقلم : صادق موسى السماعيل

كنجمٍ قد هوى .. في حجري، التقطت كتاب (تأريخ الإمام علي بن أبي طالب – عليه السلام – السياسي) للكاتب والباحث الأستاذ (عبدالله الرستم) الذي أهدانيه مشكوراً بمعيّة باقة من الكتب إبّان زيارتي له بمخدعه الأدبي في الرياض.
قرّرت أن أجعله سميراً لي في تلك الليلة ، فعكفت على مسامرته على مدى أكثر من ساعة ونصف كانت كفيلة بأن أعثر على المحار وأنا أسبر غور الكتاب وأغوص في أعماقه.
هذا الكتاب الذي أكره أن أصغّره وأقول عنه (كتيب)، وإن كان كذلك حجماً لا قدراً، قد ضم بين دفتيه بعضاً من تأريخ حقبة زمنية مؤرقة في تأريخنا الإسلامي المأزوم، حيث تعدّدت فيها القراءات والنتائج المستندة إلى مبانٍ وقناعات وأمزجة متعددة، وذلك من مختلف المذاهب الدينية والمشارب الفكرية، لهذا فهو مصنف حقيق بالقراءة وخليق بالتأمل والمطالعة.
هنا .. وفي هذه الاستراحة دعونا نستريح تحت ظلال هذا النتاج الرستمي الجديد بعض الوقت، وإن كنت أعتقد أنه يستحق كل الوقت.
أقف على بعض جوانبه وأن أخلص بقراءة انطباعية صِرْفة وليست قراءة تاريخية متخصّصة كوْنه قراءةً موجزةً عن بعض الأوضاع السياسية في حياة أمير المؤمنين عليه السلام – كما وصفه المؤلف -.
وقبل كل شيء بودّي أشير إلى أن الكتابة التأريخية كتابة مرهقة للقلم، ولا يكاد يخرج منها كل كاتب إلا وقد علق عليه شيء من غبار المعارك ودم العراك، فالتأريخ لا يستدل على تدوينه بوجود صراع، بل بصراع وجود، فالكل يريد أن ينقش تأثيره وفاعليته على أبعاد الحدث المكانية والزمانية.
ومن هذا المنطلق وبعد أن خلع الرستم لامة حربه ونفض غبار ثوبه، وأوَى إلى ربوةٍ ذات قرارٍ ومعين، أعيروني آذانكم لأقرأ عليكم مما سمح به الظرف، وأذن له (الكيبورد).
إنَّ أمير المؤمنين عليه السلام وبعد أن حُمَّلَ أعباءً مرهقة ودماءً مُهرقة جرّاء جرّه لحروبٍ ثلاث كانت تشكّل انعطافةً مصيريةً هامة في مفصل التأريخ الإسلامي، قد حدّد للناس في أيّة منطقةٍ يجب أن يكونوا فيها، فلم تعد هناك منطقةٌ رمادية قِبال منطقتي الحق والباطل.
فهو – عليه السلام – جعلت منه الحروب رجلاً كثير الأعداء، ورجل بلا أعداء رجل بلا قيمة، فحروب الناكثين والقاسطين والمارقين هي ندوب شوهاء في جبين التأريخ، وهذا ما ألمح له المؤلّف ضمناً في تمهيده.
وبرغم ما كابد عليه السلام من مآسٍ أعقبت له سخطاً ونقمة، إلا أنه لم يداهن أولي المطامع ولم يصانع أرباب المصالح، ولم يلوّث أخلاقه، ولم يتجرّد من مبادئه، فالتجرّد من المباديء أشدُّ عُريَاً من التجرّد من الثياب.
وهذا كلّه ما أراد المؤلّف بيانه في هذا الكتاب المستطاب واستحضاره أكثر من مرّة بعقد فصول مستقلة له، وعليه ومن خلال قراءتي غير السريعة للكتاب أشير إلى بقع الضوء الكامنة فيه، ومن ثم أوجز لكم محطّات يجدر بكاتبنا الأعز أن يقف عندها، ويتقبل مروري عليها بقبولٍ حسن.

أوّلاً : بقاع الضوء:
1. محاكمته للواقعة التأريخية محاكمةً موضوعية: فهو لا ينقل الحدث مجرداً دون أن يكون أي دورٍ لعاطفته وميوله، مستنداً في ذلك كله إلى أمهات المراجع التأريخية، والقاريء المنصف يلمح ذلك في مطاوي الكتاب، ففي صفحة 61 يحاكم قول الدكتور محمد إبراهيم أبالخيل بشأن الخلاف بين الإمام علي عليه السلام وأصحاب الجمل، ويذكر جملةً من الأسباب الراشدة التي توهن قول ذلك الدكتور وتقضّ حجته.

2. استنطاق الحدث: لم يكتفِ المؤلف بالسرد الجامد عند إيراده لأية واقعة تأريخية، بل أعمل فيها معولَه بالبحث والتنقيب، بمعنى أنه يستنطق أكثر من زاوية للحدث نفسه، الأمر الذي جعلني أحطُّ على نكاتٍ جميلة ولفتاتٍ ذكية من لدن الكاتب، ودوننا ما كتبه في صفحة 53 حول واقعة نباح كلاب الحوأب وذكره لقرائن تعضد ما ذهب إليه وأشار له واستدلّ به.

3. استعراض الموقف : من البقع الأكثر ضوءاً والتي يزدان بها الكتاب هي عكوف كاتبه على استعراض ما دونه أقطاب المؤرخين، فهو يسعى لبسط أكبر قدر ممكن من المماحكات التأريخية لأولئك الأقطاب، وأدّلّ دليل على ذلك ماجاء في مورد ذكره لحديث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لعمّار بن ياسر (ياعمّار تقتلك الفئة الباغية)، وذلك في صفحة 71، حيث يستعرض من صحّح هذا الحديث من أعلام المسلمين وعلى رأسهم ابن حجر وابن تيمية وابن كثير، وهذا لعمري ممايشدّ البحث ويقوّمه.

4. الرد على الشبهات: لعل من الحق القول بأن الكاتب كان عميقاً في معرض ردوده على مايثيره الكثير من الكتّاب المخالفين، كما كان جريئاً في تقحّمه هذا الأمر المُرّ، فقد عَمِدَ إلى اتباع سياسة النقض والحل لرد أيّة شبهة، ففي صفحة 82 يرد على الباحثة لطيفة البكّاي بعض ماضمّنته في كتابها الموسوم بـ(حركة الخوارج)، حيثُ كانت الردود متسمةً بالعمق الذي يدل على توسّع الكاتب في ثقافته العلمية فضلاً عن التأريخية.

ثانياً: محطّة موجزة:
قلتُ فيما سَلَفَ من القول أنَّ هذا الكتاب ذو صبغة تأريخية محضة، ومن متلازمات هذه الصبغة أن لاتكون موجزاً يسرد فيها المؤلف بعض الأوضاع السياسية في حياة أمير المؤمنين عليه السلام، فمقتضى الدراسة أن تكون دراسة موسّعة.

حيثُ أرى أن خلع عنوان (تاريخ الإمام علي (ع) السياسي) لا يناسب حجم الكتاب كمّاً وكيفاً، وإن نَعَتَهُ مؤلفه بأنه عبارة عن قراءة موجزة، علماً أن هذا الأمر لا يقدح في متن الكتاب.

لذا ارتقب أن يشمّر الصديق الأستاذ الرستم ساعديه ويكبُّ على توسيع رقعة الكتاب مستقبلاً، فمادة الموضوع دسمة وتحتاج لصفحات كثيرة وليس إلى 100 صفحة، هذا فيما لو اتجه نحو الكتابة التأريخية حصراً.



17محرم 1432 هـ



منقول

أخوكم


زكي مبارك

 

 

 توقيع زكي مبارك :
الرستم حين يغتسل من جنابة التاريخ (مقال)
الضربات التي لاتقصم الظهر فإنها تقوي
زكي مبارك غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 07:54 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد