العودة   منتديات الطرف > الواحات الإسلامية > ۞ ۩ ۞ الواحة الإسلامية ۞ ۩ ۞




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 05-07-2010, 09:09 AM   رقم المشاركة : 1
سلمان الفارسي
شاعر وكاتب وباحث قرآني قدير






افتراضي ملاحظة ثالثة

ملاحظة ثالثة

بسم الله الرحمن الرحيم

قال القرطبي في تفسيره ج19ص30:
ويقال : كيف قال : تبتيلا ولم يقل تبتلا ؟ قيل له : لأن معنى تبتل بتل نفسه فجيء به على معناه مراعاة لحق الفواصل ؟
أقول:قد كثر بين المفسرين واللغويين قولهم: مراعاة للفواصل ،أوماشابه هذه الكلمة وإليك نماذج من أقوالهم:
قال أبو حيان في البحر المديد: و { على العرش } : خبره . و { على } : متعلقة باستوى ، قُدمت للفواصل .
وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير: وذكرت القرى باعتبار ما فيها من السكان تفنناً ومراعاة للفواصل .
وقال أبو السعود في تفسيره: وقرىء الظالمون على أن ( عهدي ) مفعولٌ قُدم على الفاعل اهتماماً ورعايةً للفواصلِ.
وغير ذلك كثير تجده في التفاسير.والحق –والله العالم –أن لا تكون مراعاة الفواصل علة تامة في ما تذكر فيه لأن الفاصلة لفظ واللفظ ليس هو غاية وإنما هو حامل للمعنى وليس حاكما عليه ،والمعنى
هو الذي يحكم اللفظ فهو العلة في التذكير والتأنيث والتقديم والتأخير والتعريف والتنكير وغير ذلك من الأغراض ،وليس مراعاة اللفظ
من دأب القرآن فقد يخالف إلى سواها لاقتضاء المعنى ذلك ،قال تعالى: وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً{1} فَالْحَامِلَاتِ وِقْراً{2} فَالْجَارِيَاتِ يُسْراً{3} فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً{4} إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ{5} وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ{6} وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ{7} إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ{8} يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ{9} قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ{10} الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ{11} يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ{12} يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ{13}فانظر كيف تتنقل الآيات من فاصلة إلى أخرى وقد تعود إلى السابقة!!قال الدكتور فاضل السامرائي في أسرار البيان في التعبير القرآني:
لا يراد بالفاصلة القرآنية مراعاة الحروف وإنما يراد المعنى قبل ذلك ويلتقي الحرف بالمشابهة اللفظية مع المعنى. وأحياناً لا يراعي القرآن الكريم الفاصلة بل قد تأتي مغايرة عن غيرها وهذا دليل على أن المقصود بالدرجة الأولى هو المعنى.
في سورة طه مثلا: تأتي الآية (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ {78}) مغايرة للفاصلة القرآنية في باقي آيات السورة (تزكى، يخشى، هدى) لأن المقصود الأول هو المعنى. وكذلك في سورة الأنبياء الآية (قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلَا يَضُرُّكُمْ {66}) مغايرة لباقي آيات السورة (يشهدون، ينطقون، تعقلون) وليس لها ارتباط بما قبلها وبعدها.
وقال محمود توفيق في كتابه: العزف على أنوار الذكر: وقد جاء عن "الزمخشري " فيما نُقِلَ عن كشافه القديم قوله : « لاتحسنُ المحافظة على الفواصل لمجردها إلاَّ مع بقاء المعاني على سردها ، على المنهج الذي يقتضيه حسن النظم والتآمه ، فأمَّا أن تهمَل المعاني ،ويهتمّ بتحسين اللفظ وحده غير منظور فيه إلى مؤداه ، فليس من قبيل البلاغة »
وعودا إلى ماقاله القرطبي ،فإن القرآن الكريم اختار( تبتيلا) بدلا عن (تبتلا)وذلك لسبب بياني ،قال الدكتور السامرائي في أسرار البيان في التعبير القرآني: ومثال آخر في قوله تعالى (وتبتّل إليه تبتيلا) القياس أن يقال تبتّل تبتّلاً إنما في الآية جاء بالفعل ولم يأت بمصدره وإنما جاء بمصدر فعل آخر ليجمع بين أمرين. (صيغة تفعّل تفيد التدرج مثل تجرّع الماء أي جرعة جرعة وتحسّر فيها التدرج والتكلف) ومثلها تجسّس وتحسّس وكسر وكسّر أي جعله كسرة كسرة وقطع وقطّع تفيد التكثير لأن صيغة فعّل تفيد التكثير. فهو الآن في قوله تعالى (وتبتّل إليه تبتيلا) جمع بين المعنيين التدرج والتكلف والمبالغة والتكثير ووضعهما وضعاً تربوياً عجيباً يبدأ بالتدرج ثم ينتهي بالتكثير فالتبتّل هو الانقطاع إلى الله في العبادة وقد علّمنا تعالى أن نبدأ بالتدرج في العبادة شيئاً فشيئاً ثم ندخل في التكثير ولا ندخل في العبادة الكثيرة مباشرة لأن التدرج في العبادة يؤدي إلى الكثرة فيها فيما بعد وهذه هي الطريقة التربوية للعبادة تبدأ بالتدرج وتحمل نفسك على العبادة شيئاً فشيئاً ثم تنتهي بالتكثير والكثرة في العبادة. والتدرج والتكلف جاء بالصيغة الفعلية الدالة على الحدوث والتجدد (تبتّل)ثم جاء بالصيغة الاسمية الدالة على الثبوت (تبتيلا) فبدل أن يقول تبتّل إليه تبتّلاً وبتّل نفسك إليه تبتيلا وهذه صياغة فنية تربوية عجيبة وقد جمع في الآية عدة أمور بيانية في التعبير. والعرب قديماً كانوا يفهمون هذه البلاغة بالفطرة لكنهم عجزوا عن الإتيان بالصيغة التي جاء بها القرآن الكريم وهذا هو التحدي والإعجاز في القرآن.
أقول هذه الآية الشريفة مثل قوله تعالى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }آل عمران37فانظر كيف قال:{ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً}فجعل القبول للفعل تقبل وليس التقبل وجعل النبات للفعل أنبت وليس الإنبات فتأمل.

والله العالم بأسرار كتابه

 

 

سلمان الفارسي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-07-2010, 09:32 AM   رقم المشاركة : 2
ابن الشهيد
مشرف الواحة الإسلامية وهمس القوافي
 
الصورة الرمزية ابن الشهيد
 







افتراضي رد: ملاحظة ثالثة

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعدائهم

أستاذنا الكريم زدنا بيانا فلقد ازلت عنا بعض غبار الجهل باسرار التنزيل

جميل جدا ورائع ما تلاحظه , اللهم أجعل القرآن له أنيسا في الدنيا والآخرة .

 

 

 توقيع ابن الشهيد :
وطائفة منهم قد خطفهم الحسين منهم
ابن الشهيد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-07-2010, 08:38 AM   رقم المشاركة : 3
ابن الشهيد
مشرف الواحة الإسلامية وهمس القوافي
 
الصورة الرمزية ابن الشهيد
 







افتراضي رد: ملاحظة ثالثة

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعدائهم

أستاذي الكريم هل تعتبر البسملة من الفواصل ؟؟؟

 

 

 توقيع ابن الشهيد :
وطائفة منهم قد خطفهم الحسين منهم
ابن الشهيد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 06-07-2010, 09:28 AM   رقم المشاركة : 4
سلمان الفارسي
شاعر وكاتب وباحث قرآني قدير






افتراضي رد: ملاحظة ثالثة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


قال الزركشي في البرهان:
معرفة الفواصل ورءوس الآي:
وهى كلمة آخر الآية كقافية الشعر وقرينة السجع
وقال الدانى: كلمة آخر الجملة ....

وقال أيضا:وفرق الإمام أبو عمرو الدانى بين الفواصل ورءوس الآي، قال: أما الفاصلة فهى الكلام المنفصل مما بعده والكلام المنفصل قد يكون رأس آية وغير رأس وكذلك الفواصل يكن رءوس آي وغيرها وكل رأس آية فاصلة وليس كل فاصلة رأس آية فالفاصلة تعم النوعين وتجمع الضربين.

أقول :والتعريفان السابقان الأولان هما محل الشهرة والقبول،فإذا عقلتهما فهاهنا مسألة وهي مسألة خلافية بين الفقهاء وهي مسألة جزئية البسملة من السورة ،فإن ثبت أن البسملة جزء من السورة فإن آخرها وهوقوله{الرحيم}يكون فاصلة حتما وعلى كل حال، وإن قيل بالرأي الآخر وهو أن البسملة ليست جزءا من السورة فإن قرأتها فقد جعلت فيها فاصلة ،وإن تركت قراءتها فلاتكون فاصلة ،فهي عند صاحب هذا الرأي ليست فاصلة أصلية .ثم إن الحديث هنا هوعن البسملة الواقعة بين السور لاالبسملة التي تقرأعند القراءة من غير رأس السورة فإنها لا شك في عدم كونها جزءا من السورة.

والله العالم بأسرار كتابه

 

 

سلمان الفارسي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-07-2010, 03:49 AM   رقم المشاركة : 5
ما لا يقل عن خمسة
طرفاوي جديد






افتراضي رد: ملاحظة ثالثة

وعودا إلى ماقاله القرطبي ،فإن القرآن الكريم اختار( تبتيلا) بدلا عن (تبتلا)وذلك لسبب بياني ،قال الدكتور السامرائي في أسرار البيان في التعبير القرآني: ومثال آخر في قوله تعالى (وتبتّل إليه تبتيلا) القياس أن يقال تبتّل تبتّلاً إنما في الآية جاء بالفعل ولم يأت بمصدره وإنما جاء بمصدر فعل آخر ليجمع بين أمرين. (صيغة تفعّل تفيد التدرج مثل تجرّع الماء أي جرعة جرعة وتحسّر فيها التدرج والتكلف) ومثلها تجسّس وتحسّس وكسر وكسّر أي جعله كسرة كسرة وقطع وقطّع تفيد التكثير لأن صيغة فعّل تفيد التكثير. فهو الآن في قوله تعالى (وتبتّل إليه تبتيلا) جمع بين المعنيين التدرج والتكلف والمبالغة والتكثير ووضعهما وضعاً تربوياً عجيباً يبدأ بالتدرج ثم ينتهي بالتكثير فالتبتّل هو الانقطاع إلى الله في العبادة وقد علّمنا تعالى أن نبدأ بالتدرج في العبادة شيئاً فشيئاً ثم ندخل في التكثير ولا ندخل في العبادة الكثيرة مباشرة لأن التدرج في العبادة يؤدي إلى الكثرة فيها فيما بعد وهذه هي الطريقة التربوية للعبادة تبدأ بالتدرج وتحمل نفسك على العبادة شيئاً فشيئاً ثم تنتهي بالتكثير والكثرة في العبادة. والتدرج والتكلف جاء بالصيغة الفعلية الدالة على الحدوث والتجدد (تبتّل)ثم جاء بالصيغة الاسمية الدالة على الثبوت (تبتيلا) فبدل أن يقول تبتّل إليه تبتّلاً وبتّل نفسك إليه تبتيلا وهذه صياغة فنية تربوية عجيبة وقد جمع في الآية عدة أمور بيانية في التعبير. والعرب قديماً كانوا يفهمون هذه البلاغة بالفطرة لكنهم عجزوا عن الإتيان بالصيغة التي جاء بها القرآن الكريم وهذا هو التحدي والإعجاز في القرآن.
أقول هذه الآية الشريفة مثل قوله تعالى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }آل عمران37فانظر كيف قال:{ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً}فجعل القبول للفعل تقبل وليس التقبل وجعل النبات للفعل أنبت وليس الإنبات فتأمل.

 

 

 توقيع ما لا يقل عن خمسة :
ما لا يقل عن خمسة غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 06:39 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد