31-03-2010, 05:50 PM | رقم المشاركة : 1 |
منتدى السهلة الأدبي
|
آية الخمس ـ طاهر بن علي الخلف
آية الخمس طاهر بن علي الخلف اعتبر الشيعة الأمامية ( الخمس ) أحد فروع الدين التي يجب على الإنسان المسلم أن يعتقد به كأحد أركان التشريع الإسلامي كالصلاة والصوم والزكاة والحج. واستدلوا على ذلك بروايات كثيرة وردت عن أهل بيت العصمة عليهم أفضل وأزكى الصلوات والسلام والتحيات. بل أنهم يعتقدون أن أصل تشريع الخمس ورد في القرآن الكريم، وذلك في قوله تعالى: ( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (1) . ولذلك فإن بحثنا يتوقف على نقاط: 1. دلالة لفظ (غنمتم) على عموم موارد الخمس: اتفق أصحاب المذاهب الإسلامية أن نزول هذه الآية ضمن سياق قرآني بدأ من أول سورة الأنفال، تحدث عن وجود اختلاف وتناحر بين الصحابة على توزيع الغنائم وظهور بعض القيم الجاهلية وذلك بعد معركة بدر الكبرى، فنزلت هذه الآية تأمر الناس بتقوى الله وتوجه دروسا في التربية، ولحسم النزاع بين المسلمين جعلت أمر تقسيم الغنائم والمصارف المالية بيد النبي الأكرم (ص). لكن المسلمين اختلفوا في المعنى المراد من الغنائم !! هل هو بخصوص غنائم الحرب ؟ وعلى هذا تكون مسألة الخمس قضية لا واقع لها من الناحية العملية في هذه الأيام ! لعدم وجود دولة إسلامية تجاهد الكفار والمشركين في هذا العصر. أو أن الغنائم أعم مما يأخذه المسلمون بالقتال، بل تشمل عدة أمور ثبتت في الروايات والأحاديث الشريفة، وعلى هذا القول تكون مسألة الخمس قضية لها واقع من الناحية العملية. ونحن نريد أن نثبت دلالة الآية على هذا المعنى الأعم، والخمس في فاضل المؤونة بالخصوص، ونذكر لذلك عدة وجوه: ( الوجه الأول ): أن سبب النزول، لا يعد دليلا على تخصيص الآيات القرآنية على الحوادث التي نزلت بشأنها، وهذا نظير قوله تعالى: ( مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) فإنها نزلت في شأن الأموال التي تقع في أيدي المسلمين دون حرب أو ما يسمى بـ ( الفيء )، لكن لا قائل من المسلمين يدعي أن طاعة الرسول المطلقة في هذا المورد بالخصوص. ( الوجه الثاني ): معنى الغنيمة في اللغة، لا يدل على غنائم الحرب، بل هو أعم من ذلك، بل يشمل كل أنواع الزيادة المالية وغيرها. في كتاب العين ولسان العرب وتاج العروس: ( الغنم: الفوز بالشيء في غير مشقة أو بلا مشقة ). وجاء في كتاب مفردات الراغب: ( غنَم: الغنم معروف، قال: ( وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا )، والغُنْم إصابته والظفر به، ثم استعمل في كل مظفور به من جهة العدى وغيرهم، قال تعالى: (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ ... )، والمغنم ما يغنم وجمعه مغانم ). ولم يقتصر هذا القول على أهل اللغة، بل أكّد ذلك أهل التفسير أيضاً. فقد ذكر القرطبي في تفسيره: ( إن الغنيمة في اللغة: هو الخير الذي يناله الفرد أو الجماعة بالسعي والجد )، وذكر الرازي في تفسيره: ( الغُنم: الفوز بالشيء، وإن المعنى الشرعي للغنيمة في اعتقاد أهل السنة هو غنائم الحرب ). وذكر الطبرسي في تفسيره مجمع البيان: ( أن الخمس واجب في كل فائدة تحصل للإنسان من المكاسب وأرباح التجارات وفي الكنوز والمعادن والفوضى وغير ذلك مما هو مذكور في الكتب، ويمكن أن يستدل على ذلك بهذه الآية، فإن في عرف اللغة يطلق على جميع ذلك اسم الغنم والغنيمة ). وذكر السيد الطباطبائي في الميزان: ( الغنم والغنيمة، إصابة الفائدة من جهة تجارة أو عمل أو حرب، وينطبق بحسب مورد د نزول الآية على غنيمة الحرب، ثم أعقب ذلك بكلام الراغب ــ وقد ذكرناه ــ ). ثم ذكر بعد أسطر قوله: ( وظاهر الآية أنها مشتملة على تشريع مؤبد كما هو ظاهر التشريعات القرآنية، وأن الحكم متعلق بما يسمى غنما وغنيمة، سواء كان غنيمة حربية مأخوذة من الكفار أو غيرها مما يطلق عليه الغنيمة لغة، كأرباح المكاسب والغوص والملاحة والمستخرج من الكنوز والمعادن، وإن كان مورد نزول الآية هو غنيمة الحرب، فليس للمورد أن يخصص ). (الوجه الثالث): الروايات الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام)، التي جعلت أرباح المكاسب والفاضل من المؤونة كواحد من تطبيقات هذه الآية الكريمة. التهذيب للشيخ الطوسي، ج 4: محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد وعبدالله بن محمد عن علي بن مهزيار، قال: كتب إليه أبو جعفر (ع) وقرأت أنا كتابه إليه في طريق مكة، قال: ( ... فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام، قال الله تعالى: ( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )، والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها ... ). وهذه رواية صحيحة. الكافي للشيخ الكليني، ج 1: علي بن إبراهيم عن ابن أبي عمير عن الحسين بن عثمان عن سماعة، قال: سألت أبا الحسن (ع) عن الخمس ؟ فقال: « في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير ». وهذه رواية موثقة، بل هي بحكم الصحيح (2) . 2. من هم ذوو القربى ؟ لا إشكال ولا شبهة بين العلماء من الطائفة المحقة أن المقصود بذي القربى هم خلفاء النبي والأئمة من بعده ( عليهم السلام ). ذكر السيد الطباطبائي في ذيل تفسيره لآية القربى عدة روايات من طرق الفريقين منها: عن الحسن بن علي (ع)، أنه خطب الناس فقال في خطبته: إنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم، فقال: ( قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ). ما أخرجه ابن جرير عن أبي الديلم، قال: لما جيء بعلي بن الحسين أسيرا فأقيم على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم، قال له علي بن الحسين: أقرأت آل حم ؟ أما قرأت ( قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) ؟ قال: فإنكم لأنتم هم: قال: نعم. ويقول الشيخ مغنية في تفسيره: يقسم الخمس إلى قسمين، والأول منها ثلاثة أسهم: سهم الله وسهم رسوله وسهم لذوي القربى، وما كان لله فهو للرسول، وما كان للرسول فهو لقرابته، وولي القرابة بعد النبي هو الإمام المعصوم القائم مقام النبي، فإن وجد أعطي له، وإلا وجب إنفاقه في المصالح الدينية، وأهمها الدعوة إلى الإسلام والعمل على نشره وإعزازه . 3. من المقصود بقوله (واليتامى والمساكين وابن السبيل) ؟ ثم يقول الشيخ مغنية في تفسيره: أما القسم الثاني فهو ثلاثة أقسام: سهم لأيتام آل محمد (ص)، وسهم لمساكينهم، وسهم لأبناء السبيل منهم خاصة، لا يشاركهم أحد في ذلك، لأن الله حرم عليهم الصدقات فعوضهم بالخمس. واضح من الكلام السابق أن اليتامى والمساكين وابن السبيل، هم طوائف من بني هاشم بالرغم من أن ظاهر الآية مطلق، إلا أن التقييد جاء على لسان الروايات، وهذا الأمر طبيعي فإن من وظائف السنة تخصيص العام وتقييد المطلق. التهذيب للشيخ الطوسي، ج 4: عن سعد بن عبدالله عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن عبدالله بن بكير عن بعض أصحابه، عن أحدهما، في قول الله تعالى: ( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) قال: ( خمس الله للإمام، وخمس الرسول للإمام، وخمس ذوي القرى لقرابة الرسول للإمام، واليتامى يتامى آل الرسول والمساكين منهم وأبناء السبيل منهم، فلا يخرج منهم إلى غيرهم ). وهي رواية موثقة (3) . يقول السيد الخوئي (4) : وفي غير واحد من النصوص أن الله تعالى قد جعل هذه الفريضة ــ أي الخمس ــ لمحمد (ص) وذريته عوضا عن الزكاة إكراما لهم وإجلالا عن أوساخ ما في أيدي الناس، كما ورد في المتن. ومنه هذه الرواية: عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: ( إن الله لا إله إلا هو، حيث حرّم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس، فالصدقة علينا حرام والخمس لنا فريضة، والكرامة لنا حلال ). وفي التهذيب للشيخ الطوسي، ج 4: بإسناده إلى سعد بن عبدالله عن موسى بن الحسن عن محمد بن عبدالحميد عن مفضل بن صالح عن أبي أسامة زيد الشحام عن أبي عبدالله (ع)، قال: سألته عن الصدقة التي حرمت عليهم ؟ فقال: ( هي الزكاة المفروضة ولم يحرّم علينا صدقة بعضنا على بعض ). وفي كتاب ( معرفة السنن والآثار ) (5) : ذكر الشافعي رحمه الله في رواية حرملة اختلاف الناس في آل محمد (ص)، ثم اختار أنهم بنو هاشم وبني المطلب الذين حرمت عليهم الصدقة وجعل سهم ذي القربى من خمس الفيء والغنيمة، واستدل على ذلك بما روي عن النبي (ص) أنه قال: ( إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد وأن الله حرّم علينا الصدقة وعوضنا منه الخمس ). ثم ذكر آية الخمس ( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم ... ) فأعطى رسول الله (ص) سهم ذي القربى وبني هاشم وبني المطلب، دلّ ذلك على أن الذين حرّم الله عليهم الصدقة وعوضهم منها الخمس والذين أعطاهم رسول الله (ص) الخمس، هم آل محمد الذين أمر بالصلاة عليهم معه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ الهوامش: (1)سورة الأنفال، آية رقم (41). (2) كتاب الخمس، الشيخ الأنصاري، الهامش ص 148. (3) كتاب الخمس، الشيخ الأنصاري، ص 286. (4) كتاب الخمس، السيد الخوئي، ص 10. (5) البيهقي، ج2، ص 43.
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|