31-03-2010, 05:15 PM | رقم المشاركة : 1 |
منتدى السهلة الأدبي
|
جولة في: محاضرات شمس الدين من كتاب عاشوراء ــ حسن بن مبارك الربيح
جولة في: محاضرات شمس الدين من كتاب عاشوراء حسن بن مبارك الربيح الكتاب يقع في مجلدين من الحجم الكبير؛ المجلد الأول يحوي (457) صفحة، والثاني يحوي (494) صفحة، والكتاب عبارة عن حصيلة محاضرات جمعت من قبل المؤسسة الدولية للدراسات والنشر ابتداءً من 1980م / 1401هـ، وحتى 1999م/1420هـ، وكل هذه المحاضرات ألقيت في العشرة الأولى من المحرَّم على مدى هذه السنوات. آثرتُ أن آخذ جولة سريعة حول هذه المحاضرات لتسليط الضوء على أهمِّ أفكار الشيخ المتعلِّقة بالواقع الديني والاجتماعي والسياسي الذي ما زلنا نعاني من أزماته إلى هذه اللحظة، وستكون هذه الجولة عبارة عن اقتباسات تعطي نظرة عامة حول محاضرات الشيخ وأفكاره، وهي دعوة إلى قراءة هذا السفر الجليل لمعرفة أفكاره التجديدية والتنويرية بالتفصيل. ممَّا يؤكِّد عليه الشيخ في أكثر من محاضرة ذلك المرض الطائفي في التعامل مع نهضة الحسين، الذي أصيب به المجتمع الشيعي خاصة، فهو يقول: ( على مدى التَّاريخ المتأخر في الإسلام، من العصر البويهي، ولدواعٍ طائفيَّة محضة، أعطيت هذه الذِّكرى مضموناً شيعيَّاً، وكان تزويراً حقيراً وإجراميَّاً في حق هذه الذكرى، وتزويراً للتاريخ واستغلالاً، على أننا نكنُّ احتراماً للبويهيين، ولكنَّهم زوَّروا التَّاريخ، وسرقوا الذكرى، وأعطوها مفهومهم الطَّائفي على حساب جوانبها الإسلامية، وكان من خطأ أرباب الفكر في ذلك أنهم استجابوا لهذا التَّغيير، ودرج المسلمون من ذلك الحال وإلى العصر الحديث على هذا اللَّون من الفهم التَّاريخي والمزوَّر والمخالف لروح الإسلام ولحقيقة التَّاريخ الإسلامي ) ج 1، ص 7، 8. ويقول في موضع آخر: ( هذه الثورة الحسينية الإسلامية الَّتي ليست من حقِّ الشِّيعة أبداً أن يدَّعوها لأنفسهم وليست من حقِّ الشِّيعة أبداً أن يلوِّنوها بلونهم. ينبغي أن تكون هي الوسيط الذي يعيد صهر المسلمين في لبنان وصهر المسلمين في العالم الإسلامي وإعادة الاعتبار إلى هذا الفكر الحيِّ الذي أنتج هذه الثَّورة، هذه الثَّورة حينما نتجاوز بها هوية الفكر الديني هي في صميمها في بعدها الأعظم والأصفى والأنقى هي ثورة إنسانية، ليست من حق المسلمين أبداً أن يدعوها لأنفسهم لأنَّ مسيحيين قد اشتركوا فيها كما يثبت التَّاريخ ). ج 1، ص 104. وينتقد بشكل حادٍّ النظرة الضيِّقة في محاضرة ثالثة، إذ يقول: ( تعرفون أني أقول دائماً أن الشيعة يسيئون الأدب مع الرسول وآل بيته بمقدار ما يظنون أنفسهم أنهم مؤيدون ومعززون ومحبون ومخلصون للرسول وآل بيته، وأنا أقول الشيعة يسيئون الأدب، وبالعامية أقول الشيعة يصغِّرون الكبار، ويصغِّرون كبارهم. الرسول لو قرروا أن يعملوه نبيَّ الشيعة لكانوا فعلوا ذلك، ولكنَّ أئمةَ اهل البيت العظام أئمة الإسلام أئمة البشرية صغَّروهم وصغَّروهم حتَّى عملوهم أئمة الشيعة ). ج 2، ص 103، 104. وفي هذا السياق يتعرَّض إلى خطأ وقع فيه بعض الشعراء في تصويرهم للإمام الحسين (ع)، فيقول: ( يبدو وكأنَّ الثورة تفهم على أنها عمل خاص وشخصي من إنسان ونتعصب له، قصيدة السيد جعفر الحلي وهي تعكس جانباً كبيراً جداً من شعر الرثاء، تعكس الجانب الخاص والشخصي، بكل أسف تحمل الحسين وتحمل مشروعه.. وتحمل قصور الناس، وتحمل الأفكار المحدودة التي قلصت الحسين من عملاق هو بالتأكيد في حجم الإسلام، وفي نظري هو بالتأكيد أوسع من حجم الإسلام إلى أن يكون في أحسن الحالات زعيم حزب وإمام طائفة، وأن تتحوَّل حركته من مشروع إسلامي عام إلى مأساة عائلية خاصة وإلى سمة مذهبية أشد خصوصية، وأن تتحول ملحمته من مشروع حضاري إلى مجرد حكاية تعكس انفعالات وإن كانت شريفة ومشروعة، وتقتصر على بعض ما أريد منها، دموع بريئة وطاهرة ومقدَّسة وتنتهي عند ذلك). ج 2، ص 457، 458. لذا فهو يدعو إلى توسيع الأفق في نظرتنا للحسين (ع)، يقول: ( ندخل إليها "ثورة الحسين" من بابها الإسلامي الرحب، ومن بابها الإنساني الواسع، ليس لها باب آخر ندخل منه. ليس لها باب مذهبي، وليس لها باب طائفي، ومن يريد أن يدخل إلى هذا الإنجاز الإسلامي الإنساني المطهَّر النقيِّ، من الباب المذهبي أو الطائفي، فإنه يضيع في متاهات لن تؤدي به إلى ثورة الحسين ). أقول: لن تؤدي به أبداً إلى ثورة الحسين. قد تؤدي به إلى رؤية مذهبية للثورة، تقزِّمها وتحجِّمها، ومن ثمَّ لا يكون الحسين موجوداً فيها، لأنه كبير، كبير، لأنه إمام المسلمين والمستضعفين، مسلمين كانوا أو غير مسلمين. وقد تؤدي به إلى رؤية طائفية، الثورة بريئة منها؛ لأن الثورة الحسينية في ذاتها كانت إدانة كبرى للنَّهج الطائفي في الحكم وفي المجتمع، وفي علاقات النَّاس والجماعات داخل المجتمع السياسي ). ج 1، ص 196. كان يركز الشيخ على استجلاء مفاهيم حركة الحسين (ع) وخروجه على النظام السياسي آنذاك، من هذه المفاهيم: الثورة، الفتنة، الإصلاح، ومن الشواهد على ذلك: ( الثورة ليست دائماً هي العنف، وليس التَّعبير عن الثَّورة دائماً بالسَّيف. إنَّ الموقف، هو الَّذي يحدِّد ما إذا كان الإنسان ثائراً أم لا. فالموقف يعبَّر عنه بالكلمة، ويعبَّر عنه بالسكوت، وإلا إذا أردنا أن نجعل هناك مجانسة مستمرة بين العنف وبين الثورة وأن من لا يكون عنيفاً، لا يكون ثائراً، أين نصنِّف أئمة أهل البيت (ع) بعد الإمام الحسن (ع) والثورة كانت موجودة عندهم جميعاً، منذ الإمام الحسن (ع) حينما حاول واكتشف طبيعة مجتمعه آثر أن يسلك الطَّريق الآخر، وأن يعمل بأسلوب آخر ثمَّ تغيَّرت الظُّروف والشُّروط والمخاطر، في عهد الإمام الحسين (ع) ثمَّ جاءت ظروف جديدة وشروط جديدة، ومخاطر جديدة بعد استشهاد الإمام الحسين (ع). إذاً لم يكن هناك تغيير في الموقف الثَّوري، وإنما كان هناك تغيير في الأسلوب ). ج1، ص 156، 157. وهذه المحاضرة جديرة بالقراءة لأنه استجلى فيها مفهوم الثورة والفرق بين بينها وبين التمرد والفتنة بالإضافة إلى مفهوم الخوف كأحد مسببات الثورة، وفي محاضرة أخرى يستجلي مفهوم الفتنة، فيقول: ( الحسين (ع) قام بثورة، نحن نسميها ثورة الحسين، أو نهضة الحسين ولكن بعض الشعارات التي سادت وانتشرت في ذلك الحين سمت حركة الحسين فتنة، سمتها خروجاً، جعلوا الحسين خارجياً، الخروج باصطلاح الفكر الإسلامي هو الفتنة، هو الخروج على الأمة، فرق بين الثورة وبين الفتنة، الفتنة تفرِّق الناس، الفتنة تأتي إلى الكلمة الواحدة فتفرِّقها، تدفع الناس إلى مقاطعة بعضهم بعضاً، وإلى محاربة بعضهم بعضاً، وإلى معاداة بعضهم بعضاً ). ج2، ص 421. أمَّ عن مفهوم الإصلاح فيقول في محاضرة أخرى: ( كلمة الإصلاح كلمة عريقة في الإسلام، وردت في القرآن مراراً وتكراراً. وهو تارةً إصلاح الشيء، وتارةً الإصلاح بين شيئين، الله سبحانه وتعالى يقول: ( لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ )، ويقول: ( فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ) والإصلاح بمعنى إصلاح شيء فاسد، ليس بين شيء وشيء، ليس بين جماعة وجماعة، شيءٌ يكون فاسداً كله يحتاج إلى إصلاح، ترى: هل خروج الحسين (ع) كان للإصلاح بين المسلمين، أو كان لإصلاح المسلمين ؟؟ الإمام الحسين (ع) هو لم يخرج للإصلاح بين المسلمين، وإنما خرج لإصلاح المسلمين ... ) ج 1، ص225. وهذا مصداق قوله: ( لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمة جدي ). ويقف عند بعض الأحداث والمرويات مشككاً؛ ليحاكمها محاكمة علمية، يقول: ( أنا ذكرتُ شيئاً يتَّصل بالسيدة زينب (ع): بعض الرواة يروي بعض المواقف الجازعة عنها، أنا أشكُّ في أن يكون قد صدر عنها مواقف جازعة. من قبيل أنها قالت: يا ويلاه، هل من ناصر ؟. السيدة زينب (ع) بطلة كربلاء التي تحمَّلت ما لم يتحمَّله الأبطال لا يصدر عنها هذا الموقف. أنا أرى أن شخصية زينب، وعظمة زينب (ع) أكبر من هذا الموقف، هي تعلم أن هؤلاء القوم ليس منهم رجاء. مجموعة من الذئاب المتعطشة للدماء. السيدة زينب (ع) التي ثبت عنها أنها بعيونٍ جافَّة، وقلب جريح خرجت إلى ساحة المعركة، ووقفت على جسد أخيها وهو بلا رأس، وقالت بعد أن رفعت رأسها إلى السماء، اللهمَّ تقبَّل منَّا هذا القربان، زينب (ع) التي تطرَّقت إلى التفاصيل الشرعية والسياسية، لا يمكن أن يصدر عنها موقف ضعف، وسأبقى أشك في ما لم يثبت ذلك ثبوتاً علمياً ) ج1، ص302. ويؤكِّد على هذا المعنى في موضع آخر، إذ يقول: ( من هنا لنا رأي، فيما يروى عن زينب (ع) بالخصوص من مواقف ضعف، ومواقف انكسار أمام الناس. نقول بينها وبين أخيها، وبينها وبين ربها ربما تشعر بالضعف، أما الروايات التي تتحدث عن زينب أنها بكت، بحيث رآها الناس تبكي، أنها ضعفت بحيث رآها الناس ضعيفة، هذه الروايات تسمعونها.. من خطباء المنبر، وأنا شخصياً ما لم يثبت هذا ثبوتاً علمياً حقيقياً، أنا أشك فيه ). ج 1، ص 402. وفي موضع ثالث يوضح بأنه لا ينفي البكاء مطلقاً، فيقول: ( وبكاؤها لم يكن إلا حزناً، لا بكاء الذل والضعف، لأن بكاء الضعف مذموم ) ج 1، ص310، وفي الممارسات العاشورائية يقول: ( طريقة إحياء الذكرى ــ الكلام فيها: الشعارات، الأفكار، الأطروحات الإيمانية والسياسية، والاجتماعية التي تلقى في هذه المجالس، يجب أن تكون مضبوطة وملائمة للشرع. هذه المجالس هي مؤسسة. وعند المسلمين الشيعة بشكل خاص مؤسسة المأتم الحسيني من سنة الستين للهجرة إلى هذه السنة. السؤال: كيف تدار هذه المؤسسة ؟ هل تدار لأجل ترويج الخرافات ؟ هناك مبالغات في قصة الحسين (ع) كم يقال على هذا المنبر من خرافات ليس لها أي أساس: تحت ستار حسيني. وهذه المسؤولية، هي مسؤولية قراء التعزية، أن لا ينقلوا إلى الناس فيها عناصر كاذبة، وإنما ينقلون إليهم الحقيقة التاريخية. ... ما يلازم هذه الذكرى، من يافطات وملصقات، وتسجيلات، الأطروحات التي تطرح على الناس يجب أن تحسب بالحساب، لا تثير المشاعر التحريضية، والتقسيمية سواء في داخل المسلمين الشيعة، أو في خارجهم أو أن تحوَّل هذه الذكرى إلى احتفال حزبي. إنَّ الإمام الحسين (ع) ليس ملكاً لهذا الحزب أو لذاك الحزب، هو إمام للمسلمين، إمام للإنسانية. لمَ أنت أيها الإنسان تزوِّر الحقيقة لأجل أن تجعل من الحسين (ع) رجُلَك الخاص ؟. هذه المسألة ما أنزل الله بها من سلطان ) ج 1، ص 336. وأخيراً نختم بهذا المقطع الرائع من محاضرة أخرى: ( لقد حاولنا طيلة عقود من السنين أن نحول هذه الذكرى بكل مفاهيمها إلى سياق حضاري عام في النجف وفي غير النجف، ولا أنسى أن أذكر هنا جهوداً خيرة اشتركنا فيها في لبنان مع الإمام السيد موسى الصدر من خلال الرؤية التي أريد لها أن تعيد إلى هذه الذكرى وإلى غيرها من ذكريات الإسلام مضمونها الحضاري الرحب والإنساني الأوسع والإسلامي الجامع. لقد كان كبيراً من لبنان في الفكر والعلم والرؤية الإسلامية النقية وأحد أبرز علماء عصرنا هو الشيخ عبدالله العلايلي "رضوان الله عليه" من أفضل من عبَّر في كتبه عن روح الثورة الحسينية وتجلياتها ومداها في مسيرة الإسلام ومسيرة الإنسان ) ج 2، ص491. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|