العودة   منتديات الطرف > الواحات الإسلامية > ۞ ۩ ۞ الواحة الإسلامية ۞ ۩ ۞




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 11-06-2009, 03:28 PM   رقم المشاركة : 1
سلمان الفارسي
شاعر وكاتب وباحث قرآني قدير






افتراضي العصمة في سورة الفاتحة ( حلقات )

بسم الله الرحمن الرحيم

العصمة في سورة الفاتحة

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين وبعد:

فإن العصمة من المفاهيم الكلامية التي اتفق علماؤنا على مجملها ،وقد أشبعت بحثا في المظان الكلامية وبحسبك أن تطل إطلالة سريعة على المكتبة الكلامية فإنك لا تلبث أن تجد عشرات من الكتب والأبحاث قد تناولت هذا البحث ،وقد خطر ببال هذا العبد الحقير أن يدلو بدلوه في قليب هذا البحث ،غير أنني أخذت على نفسي أن ابتكر الطريقة في ذلك ،وأن أكون أبا عذرة هذا البحث،لكنني والحق يقال قد اهتديت بنائرة كتاب الألفين للعلامة الحلي فقد سرحت فيه فكري فوجدته يغريني ويفتق في خلدي الفكر الجديدة ،ولا غرو فهو من هو علما ومعرفة .وكنت قد ألقيت هذا البحث مرتجلا في بعض المجالس ،لكنني تركته شرودا حتى أزمعت تقييده الآن ،فخذوه فعسى أن يكون ذا نفع وفائدة ومن الله أستمد العون والتوفيق.

قال تعالى: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الفاتحة2

ابتدأ الله عز وجل هذه الآية بقوله: الْحَمْدُ،وهي كلمة معرفة بلام التعريف ،فما نوع هذه اللام؟قال الزمخشري في الكشاف:فإن قلت :ما معنى التعريف فيه ؟قلت :هو نحو التعريف في أرسلها العراك ،وهو تعريف الجنس ،ومعناه الإشارة إلى ما يعرفه كل أحد من أن الحمد ما هو،والعراك ما هو،من بين أجناس الأفعال،...ج1ص112.

فالزمخشري يرى هاهنا أن اللام هي اللام الدالة على الجنس،ومقتضى ذلك أن كل ضروب الحمد له سبحانه ،وأنه خلو من كل ضروب الذم ،ولازم ذلك أنه لايفعل إلا المحمود بل لايدع ماكان في تركه ذم له سبحانه وتعالى،فهو محمود في أخذه ومحمود في تركه،وهو محمود في عقابه ومحمود في ثوابه وهكذا دواليك.وقد تسأل فتقول :إن هذا المقتضى هو مقتضى لام الاستغراق لالام الجنس فما الجواب؟فأقول:إن الجنس يقتضي إطلاق لفظه على كل فرد من أفراده ،فقولك :إنسان ،لفظ جنس ولكنك قد تطلقه على كل فرد من أفراده ،وقد تعنى به كل أفراده على نحو الاستغراق ،فتأمل ،وقد قيل في تعريف الجنس إنه: اسم دال على كثيرين مختلفين بأنواع .


وكلي مقول على كثيرين مختلفين بالحقيقة في جواب ما هو من حيث هو كذلك فالكلي جنس.(انظر التعريفات للجرجاني).والله أعلم.وقد ذكروا في الفرق بين لام الجنس ولام الاستغراق أنهما من حيث اللفظ والمدلول متحدتان ،ومن حيث الدلالة غير متحدتين لأن لام الجنس تدل على جنس الشيء بالمطابقة وتدل على جميع أفراده بالواسطة ،أما لام الاستغراق فتدل على جميع أفراد الشيء بالمطابقة.(انظر: رسائل الكركي ج3 ص165الهامش.


فعلى هذا –إن صح-فإننا نريد الوجه الذي اتفقتا عليه ،فالجنس إذن استغراق في جهة من جهاته.والله أعلم.

عود:فإذا كان الأمر على ما قدمت لك فإن الله سبحانه وتعالى قد خلق الخلق وهو بين أمرين إما أن يرشدهم ،وإما أن يدع إرشادهم ،ولازم الثاني ضلالهم وهذا قبيح يذم عليه ،فعليه يلزمنا الأول وهو أن يرشدهم ،وإرشادهم إما أن يكون بمعصوم أو بغير معصوم ،ولازم الثاني الخطأ والسهو والنسيان والغفلة وغلبة الشهوة ثم عدم الرشاد ومقتضى ذلك أن يذم الله تعالى –والعياذ بالله-فيلزمنا الأول وهو المطلوب والله العالم وإلى لقاء آخر .

 

 

سلمان الفارسي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-06-2009, 04:54 PM   رقم المشاركة : 2
طالب الغفران
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية طالب الغفران
 







افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

أستاذنا / سلمان الفارسي، أشكرك جزيل الشكر على هذه الإلتفاتة المباركة والخوض الدقيق في كتاب الله جل وعلا، لاحرمنا الله من فيوضاتك وتأملاتك العميقة والمفيدة.

طالب الغفران

 

 

 توقيع طالب الغفران :

"العالم بزمانه لا تَهجمُ عليه اللَّوابس"

الإمام الصادق عليه السلام


رد: العصمة في سورة الفاتحة
طالب الغفران غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-06-2009, 11:01 PM   رقم المشاركة : 3
عركاوي 89
طرفاوي مميز
 
الصورة الرمزية عركاوي 89
 







افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

أحسنت أخوي سلمان الفارسي

ماقصرت

 

 

 توقيع عركاوي 89 :
رد: العصمة في سورة الفاتحة
عركاوي 89 غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 13-06-2009, 05:58 PM   رقم المشاركة : 4
همووسه
طرفاوي نشيط
 
الصورة الرمزية همووسه
 







افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

أحسنت

وفي ميزان أعمالك إنشاء الله

 

 

 توقيع همووسه :
رد: العصمة في سورة الفاتحة
همووسه غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14-06-2009, 09:44 PM   رقم المشاركة : 5
سلمان الفارسي
شاعر وكاتب وباحث قرآني قدير






افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

ثم قال تعالى : { للّهِ}،وهذه اللام المتصلة بلفظ الجلالة يسميها علماء النحو لام الاستحقاق ،قال ابن هشام في المغني :وللام الجارة اثنان وعشرون معنى :
أحدها :الاستحقاق ،وهي الواقعة بين معنى وذات ،نحو : {الْحَمْدُ للّهِ}والعزة لله،والملك لله،والأمر لله ،...انظر المغني ج1ص233.أقول :والظاهر لي –والله أعلم-أنها تحتمل معنى الملكية أيضا ،أي أن الحمد مملوك له لكن ليس على نحو الاختصاص،قال السهيلي في نتائج الفكر :...ولذلك قال الله –سبحانه- : {الْحَمْدُ للّهِ}بالألف واللام التي للجنس ،فالحمد كله له إما ملكا وإما استحقاقا،فحمده لنفسه استحقاق ،وحمد العباد له وحمد بعضهم لبعض ملك له ،فلو حمد هو غيره لم يسغ أن يضاف إليه على جهة الاستحقاق وقد تعلق بغيره.اه ص 371 أقول :فإذا كان الحمد له على نحو الاستحقاق والملكية فينبغي أن يكون- إذا ترك الخلق بلا مرشد معصوم-غير مستحق للحمد ولامالكه –والعياذ بالله –لأنه لايستحق الحمد ولا يملكه من يدع خلقه وهم القاصرون من غير مرشد كامل بل يستحق الذم من ذوي العقول والنهى ،وهو ما نجل عنه الله سبحانه وتعالى ،فهو يستحق الحمد من وجوه كثيرة وعلى رأس تلك الوجوه أنه سبحانه وتعالى لم يترك عباده هملا لاراعي لهم يدلهم إليه،ويوفدهم عليه ،ألا تراه يقول سبحانه وتعالى: {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً }الإسراء15وقد استنبط علماء الكلام من هذه الآية ونظيراتها قولتهم الشهيرة :قبح العقاب قبل البيان ،ولا يكون العقاب قبيحا إن كان البيان قبله ،وكان كاملا ،وليس يكمل إن كان المبين غير معصوم ،على أن لبعض العلماء نظرا في الاستدلال بهذه الآية –كمافي وسيلة الوصول إلى حقائق الأصول للميرزا حسن السبزواري-لكن إن بطل الاستدلال بها فلهم من سواها دليل جلي كقوله تعالى:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ }القصص59 وقبلها الدليل العقلي.والله العالم

 

 

سلمان الفارسي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15-06-2009, 05:48 PM   رقم المشاركة : 6
سلمان الفارسي
شاعر وكاتب وباحث قرآني قدير






افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

ثم إننا نسأل هاهنا سؤالا وهو:إن كان الله يستحق الحمد -وهو كذلك-فهل يستحقه في آن دون آن ،أم يستحقه في كل آن ؟والجواب :إننا إن قلنا بالأول وهو أنه يستحق الحمد في آن دون آن فسيلزمنا أن نؤمن أنه يجوز أن يذم في ذلك الآن الذي لايحمد فيه لأنه يكون قد خلا مما يحمد عليه أو يكون جمع الحمد إلى الذم وهذا مما لايصح بحال من الأحوال،فإذا انتفى الأول ثبت الثاني ،وهو أنه يحمد في كل آن،فإذا ثبت عندك هذا ،فإنك تكون قد أثبت وجود الإمام الحجة -عليه السلام-لأن عدم وجوده يقتضي عدم وجود المعصوم وارتفاع هذا اللطف الإلهي قبيح يذم عليه-تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا-فعلى هذا يثبت لك وجوب العصمة واستمرارها في كل زمان ،وهذا ماقرره الحديث الشريف الذي رواه علماؤنا ورواتنا فقد نقله الشريف المرتضى في الانتصار،قال:...في قوله (صلى الله عليه وآله):إني مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلواكتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.ص80ووجه الاستدلال به يكون في قوله:لن يفترقاحتى يردا علي الحوض،وعدم وجود العترة أوعدم عصمتها افتراق بينهما ،وهو ما نفاه الحديث الشريف على نحو مطلق إن قوله تعالى{الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الفاتحة2لم يذيل بزمن ولم يقيد به.والله العالم

 

 

سلمان الفارسي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15-06-2009, 08:39 PM   رقم المشاركة : 7
طالب الغفران
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية طالب الغفران
 







افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

أستاذي الكريم/ سلمان الفارسي، لا حرمنا الله من استدلالاتك وشواهدك المفيدة وتفكرك في كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار ونفعنا الله بما أعطاك من فضله وجعله الله ذخراً لك يوم لاينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فواصل رحمك الله وزادك الله بسطة في العلم والجسم إنه سميع مجيب الدعوات.

 

 

 توقيع طالب الغفران :

"العالم بزمانه لا تَهجمُ عليه اللَّوابس"

الإمام الصادق عليه السلام


رد: العصمة في سورة الفاتحة
طالب الغفران غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15-06-2009, 10:33 PM   رقم المشاركة : 8
ابن الشهيد
مشرف الواحة الإسلامية وهمس القوافي
 
الصورة الرمزية ابن الشهيد
 







افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعدائهم

أستاذي الموقر تاج راسي سلمان الفارسي

جميل بوحك ورائع تفكرك هكذا يقرأ القرآن وهكذا يشاهد

لا حرمنا الله من نور ما اتحفك به وأمد به عقلك

واصل وصلك الله بنور علمه والهمك اليقين من اسرار كتابه .

 

 

 توقيع ابن الشهيد :
وطائفة منهم قد خطفهم الحسين منهم
ابن الشهيد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18-06-2009, 04:39 PM   رقم المشاركة : 9
سلمان الفارسي
شاعر وكاتب وباحث قرآني قدير






افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

وقد قسم علماء النحو الجملة إلى أقسا م كثيرة وذلك بحسب وجه القسمة ،لكن التقسيم الذي يهمنا من تلك التقسيمات هو تقسيمهم الجملة إلى قسمين هما:الجملة الاسمية والجملة الفعلية،قال الدكتور فاضل السامرائي:الجملة الاسمية هي التي صدرها اسم كمحمد حاضر ،والجملة الفعلية هي التي صدرها فعل نحو:حضر محمد وكان محمد مسافرا وظننت أخاك مسافرا.انظر :الجملة العربية تأليفها وأقسامها ص157
أقول :ولما كانت الجملة الاسمية مبتدئة باسم كانت الدلالة مختلفة فيها عن الجملة الفعلية لابتدائها بفعل،قال الدكتور السامرائي :ذكر بعضهم أن الجملة الاسمية تدل على الثبوت والجملة الفعلية تدل على الحدوث وهذا من باب التجوز في القول أما الصحيح فهو أن الاسم يدل على الثبوت والفعل يدل على الحدوث ف(منطلق)يدل على الثبوت و(ينطلق)يدل على الحدوث والتجدد ....فالجملة لا تدل على حدوث أو ثبوت ولكن الذي يدل على الحدوث أو الثبوت ما فيها من اسم أو فعل كما ذكرنا.... المصدر السابق ص161-162 فإذا ثبت عندك هذا فاعلم أن قوله تعالى: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الفاتحة2 جملة اسمية وذلك لابتدائها بالاسم:الحمد ،والاسم كما سبق يدل على الثبوت ،فإذا ثبت هذا فإن الحمد لله (سبحانه وتعالى )يكون ثابتا لا متغيرا ولا متحولا عنه ،فإذا كان كذلك وجب أن لا يعتري هذا الثبوت ما يؤدي به إلى عدم الثبوت ،ومما يؤدي إلى عدم الثبوت فعل شيء يذم عليه –تعالى الله عن ذلك –ومما يذم عليه –كما قلنا سابقا-تركه الخلق بلا معصوم يرشدهم وفي هذا ضلالهم بلا شك .والله أعلم.

 

 

سلمان الفارسي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20-06-2009, 08:41 PM   رقم المشاركة : 10
سلمان الفارسي
شاعر وكاتب وباحث قرآني قدير






افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

ثم إن قوله تعالى : { للّهِ}فيه بحثان يدلا ن على العصمة:
الأول:وهو الذي نحسبه هو الرأي الأمثل في معنى لفظ الجلالة والعلم عند الله ،قال الراغب الأصفهاني:الله قيل أصله إله فحذفت همزته وأدخل عليه الألف واللام فخص بالباري تعالى ولتخصصه به قال تعالى : { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً }مريم 65.المفردات ص31وقال الشيخ الطبرسي : { الله}أصله :إله ،فحذفت الهمزة ،وعوض عنها حرف التعريف ،ولذلك قيل في النداء:{ياالله}بقطع الهمزة،كما يقال:{ياإله}.ومعناه :أنه الذي يحق له العبادة ...جوامع الجامع ج1ص52،فإذا علمت هذا فهاهنا سؤال وهو:إذا كان لفظ الجلالة يدل على المستحق للعبادة من حيث الاشتقاق فالمستحق للعبادة ينبغي أن يكون كاملا كمالا مطلقا لايشوبه أي نقص أبدا فإذا ثبت هذا فإنه وقد خلق عبادا وكلفهم بعبادته بين أمرين لا ثالث لهما وهما: الأول :وهو أنه يأمرهم بعبادته عن طريق رسول يرسله ثم يكون هذا الرسول غير معصوم ولازم هذا أن أن يقع في خطأ في التبليغ أو أن يفهم ما بلغه خطأ أو أن يسهو في تبليغه أوأوأوفكيف تتحقق عبادته إذن ؟فلابد على هذا من معصوم وهو المطلوب.أما الثاني:وهو أن يرسل رسولا معصوما لايخطىء في تبليغه ولا يسهو ولا يفهم ما بلغه خطأ ولاولاولافذلك هو مرادنا وقد أثبتناه في الأول .ولا يمكن أن تكون عبادته بوحيه لكل أحد من الناس فإن : {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }الحج75.هذا هو البحث الأول.
أما البحث الثاني فيتعلق بمعنى لفظ الجلالة عند علماء التوحيد والعرفان ،قال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في كتابه الأمثل: بعد كلمة الاسم نلتقي بكلمة (الله) وهي أشمل أسماء ربّ العالمين فكل اسم ورد لله في القرآن الكريم وسائر المصادر الإِسلامية يشير إلى جانب معين من صفات الله. والاسم الوحيد الجامع لكل الصفات والكمالات الإِلهية أو الجامع لكل صفات الجلال والجمال هو (الله).
ولذلك اعتبرت بقية الإسماء صفات لكلمة (الله) مثل: (الغفور) و(الرحيم) و(السميع) و(العليم) و(البصير) و(الرزاق) و(ذو القوة) و(المتين) و(الخالق) و(الباري) و(المصوّر).
كلمة (الله) هي وحدها الجامعة، ومن هنا اتّخذت هذه الكلمة صفات عديدة في آية كريمة واحدة، حيث يقول تعالى: (هُوَ اللّهُ الَّذِي لاَ إِلهَ إِلاّ هُوَ الْمَلِكُ الّقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزيرُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ)(27)
أحد شواهد جامعية هذا الاسم أنّ الإِيمان والتوحيد لا يمكن إعلانه إلاّ بعبارة (لا إله اِلاّ الله)، وعبارة (لاَ إِلهَ إلاَّ القَادِر... أو إِلاَّ الخالِق ... أو إِلاَّ الرَّزَّاق) لا تفي بالغرض. ولهذا السبب يشار في الأديان الاُخرى إلى معبود المسلمين باسم (الله) فهذه التسمية الشاملة خاصة بالمسلمين.ج1ص31-32
أقول:بناء على قول الشيخ الشيرازي فإننا نقول:إذا كان لفظ الجلالة{الله}جامعا لكل الصفات والكمالات فإنه لا يكون كذلك –وهوسبحانه كذلك-إذا خلق خلقا وتركهم هملا بلا معصوم يرجعون إليه ولو أرسل إليهم غير معصوم ماأدى مراد الله لأنه يحتاج إلى غيره من الخلق،قال تعالى: {قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }يونس35.والله وحده هو العالم.


 

 

سلمان الفارسي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22-06-2009, 05:12 PM   رقم المشاركة : 11
سلمان الفارسي
شاعر وكاتب وباحث قرآني قدير






افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

أما قوله تعالى : { رَبِّ الْعَالَمِينَ }الفاتحة2 ففي قوله : { رَبِّ}ما نستنبط منه دليلا على العصمة وإليك –أيها القارىءالعزيز- مقدمة قبل استنباط الدليل وهي مقدمة لغوية:قال ابن فارس في مقاييس اللغة :
(رب) الراء والباء يدلُّ على أُصولٍ. فالأول إصلاح الشيءِ والقيامُ عليه فالرّبُّ: المالكُ، والخالقُ، والصَّاحب. والرّبُّ: المُصْلِح للشّيء. يقال رَبَّ فلانٌ ضَيعتَه، إذا قام على إصلاحها.وقال أيضا في المادة نفسها: والرّبُّ: المُصْلِح للشّيء. والله جلّ ثناؤُه الرَّبٌّ؛ لأنه مصلحُ أحوالِ خَلْقه.مادة ربب.
وقال الراغب في المفردات مادة (رب): الرب في الأصل: التربية، وهو إنشاء الشيء حالا فحالا إلى حد التمام، ويقال ربه، ورباه ورببه.
وقال الزبيدي في تاج العروس: الرَّبُّ هُوَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ وهو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالِكُه له الرُّبُوبِيَّةُ على جَمِيعِ الخَلْقِ لا شَرِيكَ له وهو رَبُّ الأَرْبَابِ ومَالِك المُلوكِ والأَمْلاَكِ .مادة ر ب ب
أقول :فإذا علمت هذا فها هنا بحث وهو:إذا كان الله هو الرب ،أي المصلح لأحوال خلقه فصلا ح أحوال خلقه على نحوين:نحو تكويني وهو ليس محل بحثنا فلا نتكلم فيه،ونحو تشريعي ،وهذا النحويقتضي إنزال دين وتحميله رسلا يبلغونه إلى الخلق المكلفين بل حده كذلك ،وليس تتم التربية التشريعية مالم يكن من حملها معصوما ،لأن مقتضى عدم عصمته أن لا تتحقق التربية التشريعية على النحو الذي يريده الله {عز وجل}لأنه –كما أسلفنا –سيخطىء وسينسى وسيغلبه هواه وما سوى ذلك من لوازم عدم العصمة ،قال تعالى: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ }الأنعام116وقال تعالى: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }القصص50والله أعلم.

 

 

سلمان الفارسي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-06-2009, 04:41 PM   رقم المشاركة : 12
ابن الشهيد
مشرف الواحة الإسلامية وهمس القوافي
 
الصورة الرمزية ابن الشهيد
 







افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعدائهم

أستاذنا الموقر سلمان الفارسي زدني من تأملاتك فقد والله اذهلتني
وزدتني رغبة في المعارف القرآنية

هكذا يقرأ القرآن .

 

 

 توقيع ابن الشهيد :
وطائفة منهم قد خطفهم الحسين منهم
ابن الشهيد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-06-2009, 05:50 PM   رقم المشاركة : 13
سلمان الفارسي
شاعر وكاتب وباحث قرآني قدير






افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

ومما يقال في هذا اللفظ أن للحمد اعتبارات كثيرة والربوبية من أجلى اعتباراته ألا تراه كيف بدأبه السورة ،ثم إنك إذا حمدته بهذا الاعتبار فقد حمدته فيما حمدته على أن لم يتركك بلا معصوم يهديك –بإذن الله –إلى صراط مستقيم فعليك أن تكون صادقا في حمده هذا،فلا تحمده على ما ذكرت لك ثم تكون مخالفا لما يأمرك به المعصوم ،فتكون كمن لم يحمد الله على وجود المعصوم،بل قد يرى أنه ربما فهم شيئا لم يفهمه المعصوم –والعياذ بالله-فيطيع هواه ومناه بل قد يبلغ الحال ببعض الناس أن يعترض على حكم المعصوم وتلك هي الداهية الدهياء ولكن الله {عز وجل}يقول: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }النساء65
إنك إذا أردت أن تعرف كيف أن الله يوفقك عبر صفة الربوبية-من حيث التشريع- فانظر كيف طاعتك للمعصوم فهي مقياس لذلك ،وهنا أقول: إن من ينكر العصمة البتة مع قيام الحجة البالغة عليه فإنه ينكر النحو التشريعي من التربية –علم أم لم يعلم-وذلك أن التربية التشريعية منوطة بوجود المعصوم ،ولذلك كان الله غير معذب لأمة لم يبعث إليها معصوما ،قال تعالى: {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً }الإسراء15بل إن الوجود المادي للمعصوم رافع للعذاب ،قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }الأنفال33والله العالم

 

 

سلمان الفارسي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-06-2009, 07:44 PM   رقم المشاركة : 14
طالب الغفران
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية طالب الغفران
 







افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

أستاذنا الكريم/ سلمان الفارسي، نعم ماأحوجنا إلى أمثال هذه التأملات العظيمة والدقيقة في آيات كتاب الله المقدس، واصل فنحن معك على الدرب سائرون.

 

 

 توقيع طالب الغفران :

"العالم بزمانه لا تَهجمُ عليه اللَّوابس"

الإمام الصادق عليه السلام


رد: العصمة في سورة الفاتحة
طالب الغفران غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 25-06-2009, 02:23 PM   رقم المشاركة : 15
عاشق الشهادة
طرفاوي بدأ نشاطه







افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

واشوقاه للنهل من هذه المعارف

بوركت أستاذنا القدير ، بانتظار البقية ...

 

 

عاشق الشهادة غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 25-06-2009, 03:44 PM   رقم المشاركة : 16
سلمان الفارسي
شاعر وكاتب وباحث قرآني قدير






افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

أما لفظ {العَالمِينَ}فقد اختلف المفسرون في معناه وقد لخص الشيخ الطوسي (رحمه الله) في التبيان آراءهم ،قال : والعالمين جمع عالم وعالم لا واحد له من لفظه كالرهط والجيش وغير ذلك
والعالم في عرف اللغة عبارة عن الجماعة من العقلاء لأنهم يقولون جاءني عالم من
الناس ولا يقولون جاءني عالم من البقر وفي عرف الناس عبارة عن جميع المخلوقات
وقيل إنه أيضا اسم لكل صنف من الأصناف وأهل كل زمن من كل صنف يسمى
عالما ولذلك جمع وقيل عالمون لعالم كل زمان قال العجاج :
فخندف هامة هذا العالم
وهذا قول أكثر المفسرين كابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة وغيرهم
واشتقاقه من العلامة لأنه علامة ودلالة على الصانع تعالى وقيل إنه من العلم - على
ما روى ابن عباس - قال هم صنف من الملائكة والإنس والجن لأنه يصح أن يكون
كل صنف منهم عالما.انظر تفسير سورة الفاتحة من التبيان.
وقد ذكر الله في هذه الآية التي نحن في الحديث عنها أنه {عز شأنه}{رب العالمين}والعالمون -على أي وجه فسرتها-مربوبون لله {عز شأنه}والمربوب لله لا يكون مرتبطا بالله ارتباطا ماديا لأن الله {عز شأنه}لايجوز عليه ذلك- كما ثبت في محله من أبحاث علم الكلام والفلسفة عند علمائنا-أي أنه سبحانه وتعالى ليس بمادة فيصح عليه الالتباس بالمادة ولما كان الله {عز شأنه}كذلك ،كان لابد من واسطة بينه وبين خلقه وذلك ليس قصورا في قدرته على أن يتصل بهم مباشرة ولكنه قصور في المخلوق .
والمخلوق على نحوين هما:مخلوق وهب مناط التكليف وهو العقل ،ومخلوق جرد منه فلا يكلف وهو ليس محل حديثنا،والمخلوق الذي وهب مناط التكليف له مصاديق في الخارج وعلى رأس هذه المصاديق بل هو أفضلها الإنسان ،والتكليف أوامر ونواه والأوامر والنواهي يتلقاها المكلَف من المكلِف،والتلقي لابد له من قابلية يستطيع بها المتلقي حمل الرسالة قال تعالى: {وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ }الأنعام124وقال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }الحج75
ولما كان الأمر كذلك كان الظالم ممن لايصح تلقيه للرسالة ،قال تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }البقرة124فمن هاهنا وجب أن يكون المتلقي معصوما لأن الذنب حجاب والاتصال بالسماء يحتاج إلى طهارة وصفاء ونزاهة وليس يخلومنها الظالم ولما كان أهل البيت{ عليهم السلام} حملة لهذه الرسالة كان لابد أن يكونوا مؤهلين لذلك قال تعالى:{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33والله العالم.

 

 

سلمان الفارسي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 25-06-2009, 05:15 PM   رقم المشاركة : 17
الغريب
المشـرف العــام
 
الصورة الرمزية الغريب
 






افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

اللهم صل على محمد وآل محمد

مجهود رائع تُشكر عليه

بارك الله فيك على ما كتبته

وننتظر المزيد من هذه المشاركات القرآنية









وفق الله الجميع

 

 

 توقيع الغريب :
الغريب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 27-06-2009, 08:00 PM   رقم المشاركة : 18
سلمان الفارسي
شاعر وكاتب وباحث قرآني قدير






افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

ثم قال تعالى : { الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ }الفاتحة 2،إن هذه الآية الشريفة قد تضمنت اسمين من أسماء الله عز وجل ،ولست أريد الكلام على الفرق بينهما ،فهذا بحث له موضعه ،غير أنني أريد الكلام على صفة الرحمة التي هي من أجلى صفات الله {عزوجل}،إنها صفة لم تدع شيئا إلا وكان لها فيه فعل ،أليس الله{عزوجل} يقول :
{وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ }الأعراف156وورد في دعاء كميل :{اللهمَ إني أسألكَ برحمتكَ التي وسعت كلَ شيءٍ}
إن هذه الرحمة لها مصاديق كثيرة ،ليس يدركها الحصر ،لكن المصداق الأجلى لها هو رسول الله {صلى الله عليه وآله وسلم}،وآله الطاهرون {عليهم السلام }وفي الزيارة الجامعة :{أنتم السبيل الأعظم،والصراط الأقوم،وشهداء دار الفناء،وشفعاء دار البقاء ،والرحمة الموصولة،..}مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج10ص424،فإذا علمت هذا فهاهنا سؤال وهو:كيف يكون الرسول الأعظم{صلى الله عليه وآله وسلم} وآله الطاهرون رحمة؟فأقول :هذا بحر لا ساحل له، فبحسبك أن تعلم أن وجودهم في هذه الدنيا هو من أعظم ما يرحم به الوجود كله ،وقد قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }الأنفال33وفي بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار قال:حدثنا محمد بن عيسى قال حدثني المؤمن حدثني أبو هراسة عن أبي جعفر عليه السلام قال لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لساخت بأهلها كما يموج البحر بأهله.ص508 ومثل هذا الحديث كثير جدا في المظان الحديثية،وفي الزيارة الجامعة:{وبكم ينزل الغيث والرحمة ،وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه،وبكم ينفس الهم،ويكشف الضر،...} مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج10ص423،ثم إنه{صلى الله عليه وآله وسلم}،وآله الطاهرين {عليهم السلام }بما جاؤوابه من الدين وما تركوه لنا من التشريع قد أركبونا مركب النجاة والرحمة ،أليس الله {تعالى شأنه }يقول: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء107والحديث الشريف يقول:{إني مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي...}انظر :الانتصار للشريف المرتضى ص80 ومصادره كثيرة جدا.ومقتضى كونهم رحمة تشريعية –وهم رحمة تكوينية أيضا-أن يكونوا معصومين ،لأنهم لو كانوا على غير ذلك لكانوا –حاشاهم-يذنبون، والذنب مما يناقض الرحمة بل وينقضها أليس الله تعالى يقول: {أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ }غافر21ويقول: {أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ }الأنعام6،فكيف نرحم بهم وهم يذنبون ،ولوكانوا يذنبون لكانوا هم أنفسهم سببا لارتفاع الرحمة وهذا نقيض ما خلقوا من أجله. وهذا واضح بحمد الله وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق.والله أعلم بصواب القول في كتابه.

 

 

سلمان الفارسي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 27-06-2009, 11:49 PM   رقم المشاركة : 19
سلمان الفارسي
شاعر وكاتب وباحث قرآني قدير






افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

ومما يقال في هذا الموضع من البحث إن الله {سبحانه وتعالى }جعل الاستغفار بابا من أبواب الرحمة ،قال {عز من قائل}: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ }هود52،وقال أمير المؤمنين {عليه السلام}في نهج البلاغة: وقد جعل الله سبحانه الاستغفار
سببا لدرور الرزق ورحمة الخلق فقال : " اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً
يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارا ًوَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ " فرحم
الله امرأ استقبل توبته ، واستقال خطيئته ، وبادر منيته .انتهى.ثم إنه {تعالى} قال في كتابه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً }النساء64 فانظر كيف أن هذا الاستغفار الذي هو
سبب لدرور الرزق ورحمة الخلق قد كان الواسطة فيه و الوجه الذي يؤتى لقبوله هو رسول الله{ صلى الله عليه وآله وسلم}.ثم أتظنه يصل إلى هذا المقام ثم لا يكون معصوما؟!!حاشا وكلا،وشاهد آخر يؤكد ما ندعيه وهو قوله {تعالى}:{قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ #قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }يوسف98-97ووجه احتجاجنا بهاتين الآيتين جلي{ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }ق37.ومن الآيات التي وصفت الرسول { صلى الله عليه وآله وسلم}بالرحمة قوله تعالى: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }التوبة61.
وإذا شئت أن تتبين كيف أن العصمة رحمة ،فهب أننا بلا معصوم فكيف ترانا نكون ؟إليك هذه الرواية ،فهي جوابك الذي لا تسأل بعده عن جواب:فعن رسول الله{ صلى الله عليه وآله وسلم}أنه قال:{أشد من يتم اليتيم الذي انقطع عن أبيه،يتم يتيم انقطع عن إمامه،ولا يقدر على الوصول إليه،ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه، ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا،وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره،ألا فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى}.انظر :ميزان الحكمة ج4 ص3710وهذه الرواية تعني بانقطاع الإمام عن الناس أنه لايستطيع الاتصال بهم لأمرما ،فما ظنك إذن بعدم وجوده مطلقا ؟؟؟!!!

 

 

سلمان الفارسي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29-06-2009, 02:15 PM   رقم المشاركة : 20
فاقد الحنان
طرفاوي بدأ نشاطه







افتراضي رد: العصمة في سورة الفاتحة

الســلام عليكم ..
نفحات طيبة من قلب مبارك
ونور الله تعالى صدرك بكتابه الكريم

أستاذنا سلمان الفارسي
لدي سؤال
في الآية{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً }
أن هناك ممن يخالفنا يقول إن الآية بدأت بإستغفار النفر حينما قال {جاؤوك فاستغفروا الله} الذين يريدون أن يستغفروا ثم ذكر إستغفار الرسول (ص) { واستغفر لهم الرسول} لاحقا أي بعد إستغفارهم ، فلعل قائل يقول
إن لم يتحقق إستغفاركم لله فتوسلوا بإستغفار الرسول (ص)

فما وجه القول لديكم ؟

 

 

فاقد الحنان غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 12:53 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد