اسمحوا لي على المشاكه الطويله ولكنه مفيدةلجميع على ماأعتقد
بحوث اجتهادية الغناء والموسيقى آية اللّه السيد كاظم الحسيني الحائري لقد كتب هذا البحث قبل اكثر من عقدين.. وكان يرغب سماحةالسيد الكاتب # دام ظله # في تاخير نشره ريثما تسنح لهالفرصة باعادة النظر فيه مجددا.. غير اننا آثرنا نشره عاجلارغبة في افادة طلا ب العلم ورواده..(التحرير) غ الحمد للّه رب العالمين، وصلى اللّه على محمد وآله الطيبينالطاهرين اولا: حكم الغناء لا اشكال في حرمة الغناء في الجملة، لاستفاضة الاخبار بذلك،وفيها ما هو تام سندا.
والغناء هو الصوت المطرب، ولا فرق بين كون الطرب بنحويورث البكاء او الفرح، فان ذلك كله طرب وخفة، ويستعملللتلهي والتلذذ سواء كان التلذذ بالالحان المفرحة او بالتنفيسعن الهموم والاحزان عن طريق الاستعانة بالالحان المبكية.وليس المفهوم من الغناء الا امثال هذه الالحان المستعملة عادةللتلهي والتلذذ باحد الشكلين.
قال في لسان العرب: «الغناء من الصوت ما طرببه»((10)).
وفسر في الصحاح الطرب بمعنى: «خفة تصيب الانسان لشدةحزن او سرور»((11)).
وذكر في الصحاح ان «الغناء # بالكسر # منالسماع»((12)).
وفي لسان العرب: «الغنى من المال مقصور ومن السماعممدود، وكل من رفع صوته ووالاه فصوته عند العرب # غناء.والغناء بالفتح النفع، والغناء بالكسر من السماع»((13)).
وايضا في لسان العرب: «كل ما التذته الاذن من صوت حسنسماع. والسماع الغناء. والمسمعة المغنية»((14)).
ويبدو ان التعابير المختلفة تشير الى معنى واحد، وهو انحاءالصوت المعروفة للهو واللعب.
وعلى اي فتكفي في حرمة الغناء # كما قلنا: # الرواياتالمستفيضة مع صحة اسانيد بعضها، من قبيل: 1 # رواية زيد الشحام قال: «قال ابو عبد اللّه(ع): بيت الغناء لاتؤمن فيه الفجيعة، ولا تجاب فيه الدعوة، ولا يدخلهالملك»((15)).
2 # وايضا رواية زيد الشحام قال: سالت ابا عبد اللّه(ع) عنقوله عز وجل: (واجتنبوا قول الزور)((16)) قال: «قول الزورالغناء»((17)). وكلتا الروايتين تامتان سندا.
3 # ورواية حمران عن ابي عبد اللّه(ع) في حديث قال: «...
فاذارايت الحق قد مات وذهب اهله، ورايت الجور قد شملالبلاد...ويستمر في ذكر شياع الفحشاء والفساد الى ان يقول :ورايت الملاهي قد ظهرت يمر بها لا يمنعها احد، احدا ولا يجترياحد على منعها...»((18)).
وهذه الرواية وان كان لا يمكن ان يستفاد منها حرمة مطلق مايسمى لهوا ولكن الغناء او بعض اقسامه هو من ابرزمصاديقها.
نعم قد لا يتم فيهاالاطلاق لمطلق اقسام الغناء. وهذه الرواية ايضا تامةسندا.
وليست حرمة الغناء خاصة بايجاده وقراءته بل تشملالاستماع ايضا، وذلك لبعض الروايات التامة سندا: 1 # كرواية علي بن جعفر في كتابه عن اخيه موسى بنجعفر(ع) قال: سالته عن الرجل يتعمد الغناء يجلس اليه؟ قال:«لا»((19)).
2 # ورواية محمد بن مسلم عن ابي الصباح او محمد بن مسلموابي الصباح عن ابي عبد اللّه(ع) في قول اللّه عز وجل: (والذينلا يشهدون الزور)؟((20)) قال: «الغناء»((21)).
وان امكن المناقشة في دلالة الرواية الاخيرة بانه لعل شهادةالغناء لا تشمل مطلق الاستماع اليه بل تختص بحضور مجلسه،فلعل حرمته من باب حرمة حضور مجالس المعصية.
3 # ورواية عنبسة عن ابي عبد اللّه(ع) قال: «استماع اللهووالغناء ينبت النفاق كما ينبت الماء الزرع»((22)) اللهم الا ان يناقشفي دلالة هذه الرواية على اكثر من الكراهة.
وعلى اي حال فلا اشكال في تمامية دلالة الروايةالاولى.
المستثنيات من حرمة الغناء: وقد وردت في الروايات لحرمة الغناء عدة استثناءات: الاول # الحداء صوت يرجع فيه للسير بالابل، وذكرالشيخ(رحمهاللّه) في المكاسب: «لم اجد ما يصلح لاستثنائه معتواتر الاخبار بالتحريم، عدا رواية نبوية # ذكرها فيالمسالك((23)) # من تقرير النبي(ص) لعبد اللّه بن رواحة حيثحدا للابل، وكان حسن الصوت»((24)).
وذكر الشهيدي(رحمهاللّه) في تعليقته على المكاسب((25)) عنالصدوق(رحمهاللّه) انه روى باسناده عن السكوني عن جعفر بنمحمد عن آبائه(ع) قال: «قال رسول اللّه(ص): زاد المسافرالحداء، والشعر ما كان منه ليس فيه خناء». ورواه البرقي فيالمحاسن عن النوفلي عن السكوني نحوه والخناء بفتح اوله:الفحش.
وقد ظهر بذلك ان الحداء بعنوانه غير مستثنى، لان ادلتهضعيفة سندا. والرواية الاخيرة ذكرها في الوسائل عنالصدوق، ولكن قال: «ليس فيه جفاء وفي نسخة ليس فيه خناء»وقال: الخنا من معانيه الطرب((26)).
وعلى اي حال فقد عرفت ان الحداء بهذا العنوان لم يثبتاستثناؤه. الا انه بالامكان المناقشة في اطلاق دليل حرمة الغناءبنحو نحتاج في الحداء الى مخصص يخرجه، وذلك بان يقالبمقتضى مناسبات الحكم والموضوع: ان المفهوم عرفا من دليلحرمة الغناء حرمة الغناء اللهوي او التلهي بالغناء، اما الحداءبهدف تسيير الابل لا بهدف التلهي فهو غير مشمول لاطلاقالدليل، على انه قد يقال بعدم حرمة الغناء غير المقترنبالموسيقى على ما سوف ياتي في المستثنى الرابع، فلاموضوع لاستثناء الحداء.
الثاني # الغناء بالقرآن، فقد ورد عن ابي بصير بسند تام قال:قلت لابي جعفر(ع): اذا قرات القرآن فرفعت به صوتي جاءنيالشيطان؟ فقال: «انما ترائي بهذا اهلك والناس. فقال: يا ابا محمداقرا قراءة ما بين القراءتين تسمع اهلك ورجع بالقرآن صوتك،فان اللّه عز وجل يحب الصوت الحسن يرجع فيهترجيعا»((27)).
وقد حملها الشيخ الحر العاملي على التقية قائلا: «هذا محمولعلى التقية، لما ذكرنا من معارضة الخاص وهو الحديث الاولايرواية عبداللّه بن سنان ، والعام وهو كثير جدا قد تجاوز حدالتواتر...»((28)).
اقول: ان حمل هذه الرواية على التقية ان كان بسبب تعارضهامع مطلقات حرمة الغناء فهي تتقدم عليها بالاخصية، ولا تصلالنوبة الى الحمل على التقية.
وان كان بسبب تعارضها برواية اخرى، وهي رواية عبد اللّهبن سنان عن ابي عبد اللّه(ع) قال: «قال رسول اللّه(ص) اقراواالقرآن بالحان العرب، واياكم ولحون اهل الفسق واهل الكبائر،فانه سيجيء من بعدي اقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء والنوحوالرهبانية لا يجوز تراقيهم، قلوبهم مقلوبة وقلوب من يعجبهشانهم» ورواه الطبرسي في مجمع البيان عن حذيفة بن اليمان عنالنبي(ص)، ورواه الشيخ بهاء الدين في الكشكول مرسلا((29)).فهذه الرواية غير تامة سندا، فلا توجب حمل معارضها علىالتقية.
على ان الحمل على التقية هنا غير محتمل، اذ اي داعللامام(ع) للحث على هذا الغناء وجعله مستحبا؟! افلم يكنبامكانه(ع) ان يكتفي بفرض الجواز؟! بل اي داع للترخيصهنا تقية افليست حرمة الغناء كحرمة الفقاع مما لا مورد فيهللتقية؟! لانه ليس ذكر الحكم الواقعي فيه وهو الحرمة موجبالابتعاد الامام(ع) عن الامة وتقليل تاثيره(ع) فيهم؟! ولذا ترىان الائمة(ع) لم يتقوا في حرمة الفقاع.
نعم، لولا ضعف سند الحديث لكانت الروايتان تتساقطانبالتعارض فكنا نرجع الى العموم الفوقاني.
وعلى اي حال، فرواية ابي بصير لا تدل على جواز الغناءبالقرآن على الاطلاق اي حتى عند قراءته بالموسيقى، وغاية ماتدل عليه هي جواز قراءة القرآن بترجيع الصوت.
وهناك رواية اخرى غير تامة سندا تدل على عدم مرغوبيةالغناء بالقرآن بالمزامير بل مطلقا، وهي رواية عبد اللّه بنعباس عن رسول اللّه(ص) في حديث قال: «ان من اشراطالساعة، اضاعة الصلوات، واتباع الشهوات،والميل الى الاهواء # الى ان قال : فعندها يكون اقوام يتعلمونالقرآن لغير اللّه ويتخذونه مزامير، ويكون اقوام يتفقهون لغيراللّه، وتكثر اولاد الزنا، ويتغنون بالقرآن... الخ»((30)).
وعلى اي حال، فرواية ابي بصير وان كانت خاصة بتجويزالغناء في القرآن ولكن لا يبعد التعدي عرفا الى كل ما يذكربالحق كالمناجاة مع اللّه او مدح الائمة(ع) او النصائحوالمواعظ وما شابه ذلك.
هذا، وبالامكان القول بان ترجيع الصوت بالقرآن وبالمناجاةومدح الائمة وبالمضامين الحقة غير مشمول لاطلاقات دليلحرمة الغناء، لان المفهوم منه بمناسبات الحكم والموضوع انماهو ما يصنعه اهل الفسق والفجور من التلهي بالغناء، ولا يشملترجيع الصوت بالمضامين الحقة المساعد لتاثيرات تلكالمضامين الحقة في النفس.
ولعل المقصود من التغني بالقرآن المذموم في الرواية الاخيرة غير التامة سندا ايضا # هو التغني بمعنى قراءته بالحان لهويةوالتلهي به، لا مجرد الترجيع المساعد لتاثير القرآن فيالنفس.
الثالث # غناء المغنية في الاعراس، والدليل على ذلك ما نقل عنابي بصير بمتون ثلاثة كلها تامة السند: 1 # ما عن ابي بصير قال: سالت ابا عبد اللّه(ع) عن كسبالمغنيات؟ فقال: «التي يدخل عليها الرجال حرام، والتي تدعى الىالاعراس ليس به باس، وهو قول اللّه عزوجل: (ومنالناسم نيشتري لهو الحديث ليضل عن سبيلاللّه )((31))»((32)). 2 # ما عن ابي بصير عن ابي عبد اللّه(ع) قال: «المغنية التيتزف العرائس لا باس بكسبها»((33)).
3 # عن ابي بصير قال: قال ابو عبد اللّه(ع): «اجر المغنية التيتزفالعرائس ليس به باس، وليست بالتي يدخل عليهاالرجال»((34)).
والمتن الثالث فيه دلالة على ما هو اوسع من عنوان غناءالمغنية في الاعراس، وذلك لان ظاهره هو انه(ع) بعد ان نفىالباس عن اجر المغنية التي تزف العرائس اراد ان يوضح عدمالباس في ذلك ببيان مغايرة هذا العمل مع ما هو المحرم، وهوعمل التي يدخل عليها الرجال.
اذا فالحرام هو غناء المغنية التي يدخل عليها الرجال، اماالغناء غير المقترن بشيء من هذا القبيل فليس حراما.
ولا اقصد بذلك ان الغناء ليس حراما اطلاقا، وانما الحرام ماقد يقترن به من دخول الرجال عليهن، فان هذا خلاف قاعدةتقييد المطلق بالمقيد، فان المطلقات دلت على حرمة الغناءمطلقا، وهذه الرواية تتقدم على المطلقات بالاخصية، وليسمعنى التقييد عزل العنوان المحمول عليه الحكم في المطلق عنكونه بعنوانه موضوعا لذلك الحكم.
اذا فمقتضى الجمع بين المطلق والمقيد هو ان الغناء المقترنبدخول الرجال عليهن حرام، لا ان هذه الضميمة هي الحرامفحسب.
هذا، ولا يخفى ان هذه الرواية ليست لها دلالة على انحصار مايستوجب ضمه الى الغناء للحكم بحرمة الغناء في دخولالرجال على النساء، فلا تعارض بينها وبين ما سياتي فيالمستثنى الرابع من الرواية الدالة على حرمة الغناء المقترنبالمزمار، على انه لو فرض التعارض كان اطلاق الحصرمقيدا بتلك الرواية.
هذا، وبالامكان ان يقال: ان هذه الرواية لا تدل على ما هواوسع من عنوان غناء المغنية في الاعراس، بمعنى تحليل الغناءغير المقترن بعنوان آخر من قبيل عنوان دخول الرجال عليها،وذلك لان غناء المغنية في الاعراس ليس بطبعه مما لا يدخلفيه الرجال عليهن، بل هو ينقسم الى قسمين: فاماان يدخل الرجال عليهن، واما ان لا يدخلوا، فالمقصود منقوله: «ليست بالتي يدخل عليها الرجال» هو ان القسم الذيحللناه هو القسم الخالي عن دخول الرجال عليها، فلا يدل علىاكثر من جواز غناء المغنية في مجالس العرس الخالية عنالرجال.
الرابع # الغناء غير المقترن بالموسيقى، ومقتضى ذلك جوازالغناء الخالي عن الموسيقى حتى في غير مثل القرآن. وهذا مادلت عليه رواية علي بن جعفر في كتابه عن اخيه قال: سالتهعن الغناء هل يصلح في الفطر والاضحى والفرح؟ قال: «لا باسبه ما لم يزمر به». ورواها ايضا عبد اللّه بن جعفر في (قربالاسناد» عن عبد اللّه بن الحسن عن علي بن جعفر، ولكنه قال: «مالم يعص به»((35)).
والمتن الثاني غير تام سندا، والمتن الاول هو التام سندا، وهودال على ما ذكرناه في عنوان هذا المستثنى. وهذا ايضا لا يحملعلى ان الحرام هو الموسيقى او المزمار فحسب دون ذات الغناء# لو قلنا بان الموسيقى ليس غناء # فان هذا خلاف قانون تقييدالمطلق بالمقيد، كما شرحناه في المستثنى الثالث.
ومقتضى قانون التقييد # لو سلم عدم صدق الغناء علىالموسيقى # هو ان يقال: ان الغناء اذا اقترنت به الموسيقىاصبح حراما، واذا لم يقترن بالموسيقى لم يكن حراما.
الا ان هذه الرواية معارضة برواية اخرى، وهي رواية عبدالاعلى قال: سالت ابا عبد اللّه(ع) عن الغناء وقلت: انهم يزعمونان رسول اللّه(ص) رخص في ان يقال: جئناكم جئناكم حيوناحيونا نحييكم؟ فقال: «كذبوا، ان اللّه عزوجليقول: (وما خلقناالسماء والا رض وما بينهما لاعبين # لو اردنا ان نتخذ لهوالا تخذناه من لدنا ان كنا فاعلين # بل نقذف بالحق على الباطلفيدمغه فاذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون)((36)) ثم قال: ويللفلان مما يصف، رجل لم يحضر المجلس»((37)). فهذه الروايةتدل على عدم الترخيص في قول: «جئناكم جئناكم... الخ» بشكلالغناء رغم عدم افتراض السائل اقتران ذلك بالمزمار اوالموسيقى، فهي تعارض الرواية السابقة لكنها ضعيفة سندا،فتصبح الرواية السابقة بلا معارض.
وقد تلخص من كل ما ذكرناه ان الغناء وحده ليس حراما،وانما يحرم اذا اقترن بدخول الرجال على النساء او بالموسيقى،وان الغناء بالقرآن ونحوه بلا موسيقى ليس حراما ولا مكروها،واما الغناء بالاشعار اللهوية من دون اقتران بدخول الرجال علىالنساء ولا اقتران بالموسيقى فهو مكروه، لان اللهو # على الاقل# مكروه في الاسلام، كما دلت على ذلك روايات مضى بعضهاوما مضت من رواية عنبسة لو قلنا انها لا تدل في الغناء علىاكثر من الكراهة، فهي دالة على كراهة الغناء غير المقترنبالموسيقى، ولم يرد عليها مخصص عدا ما مضى من روايةجواز الغناء في القرآن والترغيب فيه. وقد ثبت بظواهر بعضالنواهي السابقة حرمة الغناء اللهوي. هذا كله في الغناء.
ثانيا: حكم الموسيقى واما الموسيقى فلاثبات حرمتها عدة طرق: الطريق الاول: التمسك بالروايات الواردة في الموسيقى منقبيل كثير من روايات الباب 100 من ابواب ما يكتسب به منالوسائل((38)) وغيرها.
وما رايته بالنسبة للموسيقى مما يكون تاما سندا هو: 8 # رواية اسحاق بن جرير قال سمعت ابا عبد اللّه(ع) يقول:«ان شيطانا يقال له القفندر اذا ضرب في منزل الرجل اربعينصباحا بالبربط ودخل الرجال وضع ذلك الشيطان كل عضومنه على مثله من صاحب البيت ثم نفخ فيه نفخة فلا يغاربعدها حتى تؤتى نساؤه فلا يغار»((39)).
2 # ورواية علي بن جعفر الماضية: عن اخيه سالته عن الغناءهل يصلح في الفطر والاضحى والفرح؟ قال: «لا باس به ما لميزمر به»((40)).
الا انه قد يناقش في دلالة الرواية الاولى بانها لعلها تنظر الىحرمة دخول الرجال على النساء، فانها لم ترد في مطلق الضرببالبربط، بل وردت في خصوص فرضية دخول الرجال علىالاهل والعائلة بقرينة قوله: «ودخل الرجال»، وقوله: «فلا يغاربعدها حتى تؤتى نساؤه فلا يغار».
كما قد يناقش في دلالة الرواية الثانية # لو قلنا بان الضرببالمزمار ليس وحده غناء # بانها انما وردت في الغناءالمصاحب لاستعمال المزمار، ولا تدل على حرمة الضرببالمزمار حينما يكون منفصلا عن الغناء.
ولكن قد يدعى ان روايات حرمة الموسيقى رغم ضعف اكثرهاسندا يكاد يبلغ حد الاستفاضة.
الطريق الثاني: التمسك بما ورد في تحريم الملاهي، وقدمضت الاشارة الى حديث تام السند، وفيه: «ورايت الملاهي قدظهرت يمر بها لا يمنعها احد»((41)). وهذا المتن وان لم يكنيستفاد منه الاطلاق لكن المتيقن عرفا من حرمة الملاهي حرمةالغناء والموسيقى، وايضا مضت رواية عنبسة استماع اللهووالغناء ينبت النفاق كما ينبت الماء الزرع»((42)). وقد يقال:انهذه الرواية لا تدل على اكثر من الكراهة.
الطريق الثالث: دعوى دلالة روايات حرمة الغناء للموسيقى،بدعوى شمول مفهوم الغناء للموسيقى حيث فسرت الغناء فياللغة بالصوت المطرب وبالسماع، والاول او كلاهما يشملالموسيقى. ويشهد لذلك تعبير الشيخ الطوسي(رحمهاللّه) فيالخلاف حيث قال: «الغناء محرم سواء كان صوت المغني اوبالقصب او بالاوتار مثل العيدان والطنابير والنايات والمعازفوغير ذلك، واما الضرب بالدف في الاعراس والختان فانهمكروه... الخ»((43)).
يبقى الكلام في امور: الامر الاول: ان الموسيقى هل يحرم استماعها ايضا او لا؟والجواب هوحرمة الاستماع، وذلك على اساس الطريق الثالث من طرقاثبات تحريم الموسيقى لو قلنا به، وكذلك على اساس الطريقالثاني، اذ لو قلنا بدلالة رواية عنبسة على الحرمة فالامرواضح، والا كفتنا رواية «ورايت الملاهي... الخ»((44))، لانالمفهوم عرفا وبمناسبات الحكم والموضوع من دليل حرمةالملاهي هو حرمة التلهي بها بلا فرق بين استعمالها اواستماعها.
بل ولعل الامر كذلك على اساس الطريق الاول ايضا بناء علىان ادلة تحريم الموسيقى # وكذا الغناء # يفهم منها عرفا ايضاالنظر الى جانب التلهي بها، فلا يفرق بين الاستماع والانشغالالمباشر بذلك.
نعم، لا دليل على حرمة سماع الموسيقى بلا استماع، كما لادليل على حرمة سماع الغناء كذلك.
الامر الثاني: ان حرمة الموسيقى مشروطة بكونها مطربة ولوبمعونة ما تقترن به او مقترنة بالغناء المطرب، اي ان الحرامانما هو الموسيقى بالنحو المرسوم عند اهل اللهو. اما لو لمتكن كذلك فلا دليل على حرمتها، لا من الوجه الثالث لعدمصدق الغناء بلا اطراب، ولا من الوجه الثاني، لعدم ثبوتحرمة ما يكون لهوا على الاطلاق # نعم يمكن القول بكراهةالموسيقى اللهوية غير المطربة تمسكا بمثل رواية عنبسة((45)) آولا من الوجه الاول، لان استفاضة روايات ضعيفة السند لوثبتت لا تثبت اطلاقا من هذا القبيل.
الامر الثالث: الموسيقى الحماسية يمكن القول بحليتها، لعدمدلالة شيء من الوجوه الثلاثة على حرمتها: اما الوجه الاول، فلان استفاضة روايات ضعيفة السند لو تمتلا تثبت اطلاقا من هذا القبيل.
واما الوجه الثاني، فلان الموسيقى الحماسية لو استعملتبداعي التهيج للحرب اذا ليست لهوا كي يشملها دليل حرمةاللهو، ولو استعملت بعنوان التلهي فقد قلنا انه لم يثبت بدليلحرمة اللهو حرمة اللهو مطلقا.
واما الوجه الثالث، فلو ثبت صدق الغناء على الموسيقىالحماسية بان يفرض ان الطرب الماخوذ في مفهوم الغناء يعنيمطلق الخفة لا خصوص الخفة الناشئة من الفرح او الحزنامكن ان يقال: ان دليل حرمة الغناء ينصرف بمناسبات الحكموالموضوع الى ما هو المتعارف في مجالس اللهو والطربوالموجب للرقص او على الاقل للذة الناشئة من البكاء اللهوي،اما ما لم يكن بطبيعته لاجل اللهو والتلهي بل كان لاجل خلقالحماس فدليل الحرمة منصرف عنه. ويؤيد ذلك ان طبولالحرب كانت متعارفة في عصر النصوص، ولم نر نصا وردعلى حرمته بالخصوص، فهذا على الاقل يدل على حليةالموسيقى الحماسية في حين استعمالها في سبيل الهدفالنزيه.
الامر الرابع: ان حرمة الموسيقى المطربة لا تختص بمثلالمزامير والاعواد، بل تشمل مثل الدفوف والطبول، وذلك علىاساس الوجه الثاني والثالث، دون الوجه الاول، لان ما يدل فيالوجه الاول على حرمة مثل الدفوف والطبول ليس على مستوىالاستفاضة، وهو ضعيف سندا.
وقد يقال: ان الرواية الثانية المذكورة في الوجه الاول((46)) تدلعلى جواز الغناء بغير مثل المزامير حتى ولو كان بمثل الدفوفوالطبول، وذلك لانه(ع) نفى الباس عن الغناء ما لم يزمر به.ولكن احتمال كون المزمار مثالا لمطلق الموسيقى موجود.
لا اقول: انه ينعقد لعقد المستثنى في الحديث اطلاق لمطلقالموسيقى، ولكن اقول: لا ينعقد لعقد المستثنى منه ايضا اطلاقينفي الباس عن الغناء المقترن بالموسيقى غير المزمار.
الامر الخامس: لا تختص حرمة الموسيقى بما اذا كانت فيضمن الغناء، بل الموسيقى الخالية عن قراءة اي شيء ايضاحرام للوجه الاول والثاني وكذلك الثالث لوقبلناه.
الطويلة ولكنة أعتقد سوف تفيد الجميع