العودة   منتديات الطرف > الواحات الخاصـة > منتدى السهلة الأدبي




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 16-01-2009, 08:11 PM   رقم المشاركة : 1
منتدى السهلة الأدبي
منتدى السهلة الأدبي






افتراضي ( شهادة النساء بين التـزكية والتضعيف في مجتمع محافظ !) يوسف خليفة الشريدة

شهادة النساء بين التـزكية والتضعيف في مجتمع محافظ!


يوسف خليفة الشريدة


في مجتمع محافظ جداً؛ يُصبح معه التعاطي مع المرأة مقياساً حساساً في تزكية الرجال! وأي همس لأحدهم من طرف أي امرأة مدعاة لتسقيطه في ذلك المجتمع، ولا حاجة مع ذلك للتثبت من صحة ما نسبته تلك المرأة لذلك الرجل.

في واقع «اجتماعي وسواسي» مع المرأة، صار البعض يغـفل عن بعض الحقائق التي لا يجوز التغاضي عنها، وفي مقدمتها حقيقة أن المرأة في شهادتها تـتأثر بالعوامل المصاحبة لكل حادثة؛ وهي طرف غير معصوم، ويمكن أن يخالط شهادتها بعض الهوى كأي طرف آخر، وأن الثقافة الاجتماعية المتشددة فرضت نفسها على الكثيرات من النساء بحيث يضطررن بحسب تقديرهن إلى إبراز ما يُردن إبرازه من فضائل ينسبنها لأنفسهن «حتى وإن كانت مفتعلة وغير متوفرة فيهن»؛ وإخفاء ما يمكن إخفاؤه من أخطائهن لتجنب أية تبعات قاسية عليهن في واقعهن الذي يتحسس من أي ارتباط للمرأة بالرجال الأجانب؛ وإن كان ذلك على حساب حقوق الآخرين أحياناً.

مشهد «العفة والحياء والضعف والخدر» في الواقع النسائي تـحـوّل إلى أداة وضيعة تستغل لتسقيط الآخرين والإساءة لهم؛ وصار وسيلة من وسائل الابتزاز المعروفة، فصارت المزايدات الأخلاقية التي ترفع «شعار خدر النساء وعفافهن» سلاحاً يستخدمنه النساء أنفسهن للطعن والنيل من الآخرين «الكلام هنا عن البعض طبعاً – محل الطرح -».

بعض الفتيات ركبن موجة المزايدات في استغلال واضح للتعاطف الشعبي العام مع ضعفهن المتسالم عليه وضرورة المحافظة على خدرهن، وصرن يستخدمن ذلك في تصفية خصوماتهن؛ مستفيدين من الجو الاجتماعي العام الذي يُـلبس على شهادتهن لبوس الصدق والورع والحرص على العفاف في مواجهة ذئب ذكوري هنا أو هناك.

نعم.. في واقعنا الاجتماعي تحولت شهادة المرأة الغير معصومة من «نصف شهادة» كما وضع لها الشرع في معاملاته؛ إلى «أقوى شهادة» في الواقع المعاش؛ ولا أحد يدقق في مدى أهلية تلك المرأة للشهادة أصلاً، فهن مصدقات على فروجهن شرعاً «عفواً.. مصدقات على حساب الآخرين اجتماعياً»؛ حتى أن البعض منهن صارت تستغل ذلك لصالح خدمة طرحها ضد أي طرف؛ وإلا كيف نقدّر ترجيح شهادة «امرأة مجهولة من طرفنا» بحق أي رجل وإن كان محترماً لدينا.

رسالة الموضوع يمكن تضمينها في هذه النقاط:

1- شهادة المرأة إنما تصدر من طرف غير معصوم، وبالتالي يمكن أن ينفذ الهوى لشهادتها في حق خصومها كغيرها من البشر الآخرين؛ وليس من الصواب الركون إليها في تسقيط أحدٍ، وهناك ضرورة لتـتبع أية شهادة «إن كانت هناك حاجة لذلك»، أو في حال نقلها يلزم الإشارة لحقيقة أنها شهادة صادرة من طرف واحد في قضية لا يمكن الجزم بها في غياب بقية الأطراف المعنية بتلك الشهادة.

إن التعاطي مع شهادة المرأة «بخصوصية» مدعاة للحيف، وهناك ضرورة للتعاطي معها بعيداً عن الإسقاطات الاجتماعية الخاصة لتأمين حكم دقيق على كل حادثة.

2- ثابت أن بعض النساء صرن يستفدن من حساسية المجتمع مع وضعهن الخاص؛ ومن ذلك استغلال تلك الحساسية في «تزكية أنفسهن» وإن كان ذلك على حساب الآخرين، لأن حجم المصلحة المتحققة بحسب تقديرهن يستحق مثل ذلك الاستغلال نتيجة الوضع الاجتماعي الخاص بمجتمعاتنا، والذي تحتاج معه المرأة إلى تزكية نفسها «بل.. وافتعال ذلك أحياناً».

3- صعوبة ملاحقة القضايا الاجتماعية؛ عامل حاضر بقوة عند بعض الأطراف لاستغلاله في تسقيط الآخرين، لأن المطلع على موقف معين فيه استدرار لعواطفه وقيمه الاجتماعية المسلّم بها؛ سيكتفي بما اطلع عليه! وسوف يسجل موقفه السلبي بحق المتهمين بسرعة؛ ولن يشغل نفسه بمتابعة موقف الأطراف الغائبة وردودها على تلك الاتهامات؛ وما إذا كانت تلك الاتهامات كلها صحيحة أم دخلها شيء من الافتعال نتيجة بعض الهوى الناشئ عن حدة الخصومة ؟! وما إذا كانت – تلك الاتهامات - يمكن إثباتها كلها أم لا ؟! وما إذا كانت الأطراف المُدعية نزيهة ومعصومة أم تقع عليها بعض المسؤولية في بعض تفاصيل القضية... إلخ.

كون المُـدان طرف غير ذي صلة بأحدنا؛ يجعلنا نستسهل استعجال تسجيل الموقف السلبي فيه؛ وهو ما يستفيد منه العاملون على تسقيط الآخرين في نشر كلامهم لأطراف يسهل ابتلاعهم لأي خبر يمس الآخرين، والذين لا يمكن لهم متابعة دقة ما سمعوه من كلام؛ وبالتالي يتم التسليم بصحة الخبر المنقوص وكما لو كان دقيقاً وثابتاً؛ وحين يكون المُـدعي «امرأة» والمتهم رجلاً، فإن التهمة أخلاقية على الأرجح، وكأي تهمة أخلاقية يصعب متابعتها في واقعنا الاجتماعي المحافظ جداً، وهنا تضيع بعض الحقوق.

4- هناك مستوى من الزيف فرضته طبيعة العلاقات الاجتماعية في البيئة المحافظة، وهذا الزيف لن يسلم منه أحد؛ لأنه زيف! وأي زيف يصعب رصده؛ لأنه يصعب توقعه! ويتحرك في مساحات وآفاق واسعة، وبالتالي تصدمنا الأحداث والمواقف المتناقضة دائماً.

قال تعالى: ﴿ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة؛ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ﴾.


لا يختلف اثنان أن الواقع الاجتماعي المحافظ يُـعطي لتقريرات المرأة قيمة خاصة؛ ومقولة " لا دخان من غير نار " صحيحة بقدر معين؛ ولكنها ليست دقيقة في تشخيص الحدث الاجتماعي الذي تـتداخل فيها عوامل متعددة وشخصيات منفعلة وتقديرات متباينة.

فالدخان المنبعث من مكان ما مصدره حصول احتراق! هذا صحيح، ولكن.. مَن المتسبب فيه ؟! وما درجة مسؤولية كل طرف فيه ؟! وقربنا أو بعدنا عن موقع انبعاث الدخان يُـؤثر في تشخيصنا لمركزه وحجمه والآثار المترتبة عليه. أليس كذلك ؟!

تعالوا بنا الآن نسقط هذه الكلام على واقعنا الاجتماعي المعاش.

توزيع المسؤولية عن حصول سلوك اجتماعي خاطئ مهم جداً؛ بل إن الأطراف المعنية بالخصومة تـنـشغل بتسجيل نقاط هنا وهناك ضد الآخر لتضخيم نسبة مسؤوليته عن حصول ذلك الخطأ! وهذا هو جوهر النشاط في أي خصومة اجتماعية. وبعبارة أخرى فإن حصول الخصومة في حد ذاته بين طرفين مدعاة لأن ينشغل كل طرف بإبراز عيوب خصمه؛ والتستر وإخفاء عيوبه وتقليل حجم ومستوى مسؤوليته عن التطور السلبي للأحداث الذي حصل.

وبالمثال يتضح المقال:

إحداهن تشكو لك أن «الشاعر الفلاني المشهور» يُلاحقها؛ وربما كشفت لك بعضاً مما يُـثبت صحة أقوالها!

هنا سيُصدر أحدنا تقريراً أولياً بإدانة ذلك الشاعر إذ إنه " لا دخان من غير نار "! ولكن.. هل هذا التقرير الأولي يمكن اعتماده في إدانـته وحده ؟ أم أنه أيضاً في الجانب المقابل يمكن لنا تفعيل مقولة: " لا دخان من غير نار "، وأنه ربما كانت تلك الفتاة لديها القابلية لذلك؛ وأنها أسهمت بدرجة معينة إلى جر ذلك الشاعر إلى تلك المرحلة التي جاءت تولول مذعورة منها الآن.

ما حجم مسؤوليتها في مقابل مسؤوليته عن حصول ذلك الخطأ ؟
هذا سؤال مهم جداً؛ ويجب أن لا يغيب عنا إذا ما أردنا بلوغ تشخيص منصف للطرفين.

أما بخصوص مدى شهرة المرأة بـ «الإيمان أو الفسق» في ترجيح شهادتها؛ فالواقع الاجتماعي المحافظ في كثير من الحالات يحرمنا من تقدير ذلك! وهي فرصة يستغلها كل طرف ضد الآخر؛ إذ يمكن لمن يرى مصلحة في تفعيل شهادتها تزكيتها وبالتالي البناء عليها؛ ويمكن في المقابل لمن يرى مصلحة في تجاوز شهادتها تضعيفها والطعن فيها؛ فضلاً عن أن شهادة المرأة السلبية بحق الرجل لا تكون في العادة إلا بعد أن تؤمن تـزكية نفسها عند المستمع لها! وتجتهد في إظهار نفسها بلباس الخدر والعفاف وتستغل حضور الإسقاطات العرفية المسبقة في ذلك؛ وإلا هل يتصور أحدنا أن تأتي امرأة لديها أبسط مقومات المنطق السليم لتقول أنها تعمدت ونجحت في فعل سلوك خاطئ مع فلان ؟!

في المجتمعات المحافظة تقدير الإيمان والفسق غير ثابت؛ فماذا نقصد بعبارة «امرأة فاسقة» عرفاً ؟ هل نقصد بها «ذات العلم» ؟ بالتأكيد لا، لأن طبيعة علاقاتـنا الاجتماعية العامة لا يوجد بها حضور لهذه العبارة كظاهرة أسوة بالمجتمعات المتحررة! وبالتالي فإن مصطلح الفسوق يمكن إسقاطه على مَن يغلب عليه هواه في محيطنا ولا يتورع عن اتهام الآخرين لتحقيق مصلحة يُـقدرها. والمثال الذي ذكرته عن ذلك الشاعر المشهور ومَن تطعن فيه أحد الشواهد التي نبتلى بها في واقعنا المحافظ! فالمرأة المُـدعية ليست «ذات علم» بالتأكيد؛ ولكنها لحاجة في نفسها تساهلت في الطعن بذلك الشاعر وتـزكية نفسها حين نقلت للمستمع لها أنها تقمصت دور الحرة التي لا تساوم على عفتها؛ وهي بالتأكيد لم تقم بذلك إلا بعد أن اطمأنت لحضور ذلك التقدير عند مستمعها؛ ولو تابع أحدنا حيثيات اتهاماتها بمجهر الرصد والمتابعة ربما يكتشف أنها كانت تـتحمل جانباً من المسؤولية؛ وربما فوجئنا بأن المعلومات التي نقلتها لنا ناقصة جداً ومجتزأة.

ولو طرح أحدنا سؤالاً مباشراً وشفافاً من واقعنا المعاش؛ كيف يمكن لنا فرز الشخصيات المنتدياتية الإنترنتية التي نخالطها حين تطعن وتسجل شهادات ضد الزملاء الآخرين؟! هل يمكن لنا التسليم بأنها شخصيات مؤمنة جميعها بالمصطلح الشرعي والعرفي بحيث نقبل شهادة كل طرف وإن كان يطعن في إيمان والتزام الآخر؛ وهي في الغالب شخصيات لا نعرفها إلا من خلال الوسيط الانترنتي! أو في أحسن الظروف نعرفها من بُـعد ولا نخالط واقعها القريب جداً لنعرف مدى رجاحة أو ضعف تقريراتها.

ومن هنا نقول بأن مصطلح الإيمان والفسق في واقعنا لا يكفي وحده في إثبات شيء أو نفيه! وخاصة حين نهتم بالتفاصيل التي لا تخلو مما يتم السكوت عنه أحياناً لهوى أو لعدم وجود مصلحة في إبرازه بحسب تقدير كل طرف لموقعه ولأهمية كل معلومة في خدمة ما يأمله.

الواقع الاجتماعي المحافظ يأخذ بالسلوك العام إلى تزكية الذات لأهميته وحساسيته؛ بل وافتعال ذلك أحياناً «كما أوضحنا سلفاً».

وأخيراً أقول:

الاتهام «الاجتماعي الأخلاقي» في كثير من الحالات يصعب التحقق من صحته يقيناً؛ لأنه يصعب جمع الأطراف إلى «حكمٍ واحدٍ» يفصل بينهم ويوزع المسؤوليات عليهم؛ ويكون مقبولاً منهم! بل تبقى الاتهامات متروكة لاجتهادات الناس وتقديراتهم وعلاقاتهم ومصالحهم وموقع كل واحد منهم من الأطراف المعنية، وكلما كان أحدهم قريباً من طرفٍ اجتهد «بشكل أو آخر» في محاولة البحث عن نقاط تبرئـته وإدانة خصمه! وإذا كان أحدهم بعيداً عن جميع الأطراف نجده يُـسلم في العادة بقبول ما بلغه من معلومات؛ ولا يتحمس كثيراً للتـثبت من صحة ما بلغه؛ إذ يصعب عليه ذلك نتيجة بُـعده عن الأطراف المعنية من جهة؛ ونتيجة عدم وجود مصلحة شخصية يمكن أن يهتم بتحقيقها من خلال متابعة مدى دقة تلك المعلومات من جهة أخرى «ويمكن للمتابع مراجعة النقطة رقم 3 في مطلع المقال».

الموضوع ليس للانتقاص من المرأة؛ بل.. دعوة لأن نضع شهادتها في ميزان واحد مع شهادة غيرها؛ وأن علينا استحضار حقيقة عدم عصمتها في تعاطينا مع شهادتها أسوة بغيرها؛ وأن الهوى يمكن أن ينفذ لشهادتها في بعض الأحيان نتيجة انتسابها لثقافة اجتماعية محافظة تأخذها لاستشعار ضرورة تزكية نفسها من التهم الأخلاقية وإن كان على حساب حقوق الآخرين.

كل التقدير والمحبة للمرأة؛ فهي أم.. زوجة.. أخت.. ابنة.. بنت العمومة.. بنت الجار.. بنت المجتمع؛ وإذا أشرنا لخلل فيها إنما نقوم بعمل يعـز علينا ذكره! ولا نقوم بذلك بهدف الانتقاص منها لتسجيل انتصار ضيّق وسريع عليها في هذا الموقف أو ذلك؛ بل ذلك جزء من تقويمنا لسلوكنا الاجتماعي العام؛ والمرأة نصفه! ونحن نؤثر في ذلك النصف ونتأثر به.

 

 

منتدى السهلة الأدبي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 06:48 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد