بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله
والصلاة على محمد الأمين وعلى آله الميامين والتسليم لله رب العالمين
أمام فتنة الدنيا وأمام النفس الأمارة بالسوء وأمام الشبهات والتأويلات الباطلة للدين وأكاذيب السياسة ودجل أصحاب المشاريع السياسية في العالم ، لا طريق للحصانة الحقيقية إلا بالإيمان بالله سبحانه ، فهذا الإيمان هو وحده الذي يحمي الإنسان ويحمي مصيره الأخروي ويحمي وعيه الثوري ويحمي ضميره ومبادئه وطهارته ونقائه ونزاهته ، الإيمان بالله رب السماوات والأرض هو وحده الذي يحمي صدق الإنسان مع نفسه ، ويحمي شجاعة الإنسان في مواجهة الأوهام وفي نبذ الدنيا وفي التمرد على المتسترين بالدين ، والإيمان بالله سبحانه وبقوته وبكرمه وبرحمته وبنعمه وبهيمنته إيماناً حقيقياً لا يتزعزع هو وحده الذي يبني الأسوار حول قلب الإنسان وروحه ، فيحميها من كل هجمات الباطل وهجمات الذنوب وهجمات الأهواء وهجمات الشبهات ، لذلك نعرف أن كل الذين يسقطون أثناء المسيرة ويجزعون ويتنازلون عن العهد ويبررون لأنفسهم السعي خلف الدنيا أو الركون للظالمين أو الدعوة للنفس ، فذلك لأنهم لم يكونوا يحملون إيماناً حقيقياً أثناء المسيرة ، إيماناً يمنحهم حباً حقيقياً لله وثقة حقيقية بالله وطلباً حقيقياً لرضاه ، فيجعل فيهم قوة إرادة لا تنهار أمام الهجمات الدنيوية ، فالإيمان هو وحده الذي يعطي الحصانة مثلما هو وحده الذي يعطي الحرية وهو وحده الذي يعطي قوة التغيير وهو وحده الذي يعطي المنهج الأوسط في الحياة ..
فالإيمان الحقيقي بالله سبحانه يحصن الإنسان لأنه يحميه من الغضب لنفسه ويجعله يغضب لله ولأولياءه وللحق فقط ، ولأنه يحمي الإنسان من شهوة التسلط على الآخرين ويحميه من الأهداف الدنيوية ويمنحه أهدافاً أخروية كبرى ، والإيمان الحقيقي يحمي الإنسان من إعطاء الشرعية للباطل وللظالمين ويجعله لا يعطي الشرعية إلا للحق ، والإيمان الحقيقي يحمي الإنسان من الإستسلام للنفس الأمارة بالسوء ويجعله مجاهداً دائماً يغير ما بنفسه نحو رضا الله سبحانه ، والإيمان بالله يحمي الإنسان من الإنتماءات المتدنية والضيقة ويجعله منتمياً لخالقه فقط ولا يشعر بالمديونية إلا لربه ولا يخضع إلا لله سبحانه ، والإيمان بالله يحمي الإنسان من التبعية للرموز والقيادات الدينية الدنيوية التي لا تمنح منهج هداية حقيقي ولا تملك طريق إيمان حقيقي ، والإيمان بالله يحمي الإنسان من التفكير بالقتل كطريق للنصر ويفتح أمامه سبل الصراع الفكري والروحي والأخلاقي والعقائدي التي بها ينتصر على أعداءه ، والإيمان بالله يحمي الإنسان من الفرح بالمشاريع السياسية التي لا تعطي حلاً حقيقياً للبشرية والتي تخدع الشعوب وتبعدها عن طريق اللجوء الى الله سبحانه ، والإيمان بالله يحمي الإنسان من الأخلاق الأنانية والأخلاق المتكبرة والأخلاق المادية التي تسبب كل الكوارث الإجتماعية والسياسية .. فلا طريق لحصانة الإنسان ولحماية المجتمع إلا بالعودة الى الإيمان الحقيقي بالله سبحانه ، الإيمان الذي يجعل الإنسان يثق بربه ثقة حقيقية ويتوكل عليه في كل أموره ويجعله لا يغفل عن ذكر ربه أبداً ، ولا يغفل عن ذكر نعم ربه ولا يركن الى نفسه ، ولا يزهد في طلب رضا الله سبحانه ، هذا الإيمان هو الذي نحتاجه كي نتحصن به أمام فتن الدنيا خصوصاً في زماننا حيث تتوالى الفتن من كل حدب وصوب ، فتن سياسية ودينية وأخلاقية ومادية وإجتماعية ، ولا طريق لمواجهتها جميعاً إلا بالتحصن بالله سبحانه والإيمان به جل جلاله .
والحمد لله رب العالمين