متكافئان في التعليم ولكنهما من كوكبين مختلفين

[المياسة]

متكافئان في التعليم وكل واحد منهما من كوكب مختلف
بقلم : ليلى بن رستم (مرشد أسري بمركز التنمية الاسرية فرع العمران، عضو في ملتقى الأحساء الإجتماعي)

في إحدى ليالي أبريل جائتني في مكتبي فتاة عشرينية تدرس هندسة في إحدى جامعات قطروطلبت مني أن أعطيها رقم محامي لترفع دعوى الطلاق ضد زوجها، فقلت لها نحن لاشأن لنا بالمحامي فقط دورنا إصلاح ذات البين، ولا ندعوا للطلاق ونحاول نمسك أي طرف في المشكلة ونعالج القضية بشكل إيجابي، ، فطلبت مني أن أساعدها وتعهدتني حينها أن تطبق كل ماأقول لها : فسردت لي قصتها :
(أنهيت الثانوية بتفوق وخطبت لابن عمي حيث كان مهندسا واستأذنه والدي أن ألتحق بكلية الهندسة في جامعة قطر ،حيث سيكون مقر دراستي بعيد وهو يعمل في المنطقة التي نعيش فيها ،ولكنه رحب بالفكرة وشجعني ، تمتعت بفترة خطوبة جميلة هي أحلى أيام عمري وكان كريما جدا وكنت أشعر بالاكتفاء ، وكان يجبرني أن أشتري شيئا حينما نخرج وذات مرة اشترى لي عطر بألف ريال، وفي يوم الزفاف حدثت مشاجرات بين الاهل أدى إلى رفض أم زوجي لحضور أهلي للزواج وأمي زادت (الطين بله) حيث لم تنتظر أن ينتهي الحفل بخير بل اشتكت لزوجي وهو يستعد لأحلى أيام عمره ووقع زوجي بين نارين حينها استأذن من أهلي أن لايحظروا الزواج إرضاء لأمه وبعد الزواج سيعالج الموضوع ويحل الخلاف، كان يوما عصيبا علينا وبعد أسبوع من الزواج تحول زوجي إلى رجل بوجه آخر،غليظ الطباع ويغضب مني ويكره أهلي بشدة وأنا أغضب منه لأدافع عن أهلي لتنشب بيننا حربا ضروس، دامت 6 سنوات حتى اليوم، أصبحت أيامي حينها جحيما لايطاق، وحينما تأخر حملي إلى 7 شهور بعد الزواج هددني بالزواج الثاني ولكن حكمة الله أن حملت بعد تهديده لي بشهر ورزقني طفل منه ، واستأجر لي شقة في قطر وجلب لي خادمة لترعى طفلي وبعد فترة انتقل معي إلى قطر يعمل وأنا أدرس، كان بخيلا جدا ويقتر علي في النفقة وكان يشترط علي أن أعطيه نصف راتبي بعد أن أتخرج وأعمل ودائما يشعرني أني ممتنة له لأنني حصلت على زوج مثله، تعبت كثيرا من صمته دائما وكثرة المشاجرات بيننا ،حتى التنفيس حرمني منه، كثيرا ماأطلب منه أن نخرج إلى نزهة ولكنه يرفض فمنذ أن خرجنا للنزهة معا في فترة الخطوبة لم نخرج بعدها حتى اليوم (6سنوات)وعلاقتي بأهله جدا رائعة وهويحترم أهلي بوجودهم فقط، كثيرا مالجأت إلى أهلي ولكنهم لايعيرونني اهتماما والكل يعلم أن علاقتنا مضطربة وسيئة للغاية بالرغم من أنني بشوشة دائما ولكن كل من يجلس معي ينفر من وجودي ) وكثير من القول قالته لي وكنت متفاعلة معها وعبرت عن أسفي وحزنني لوضعها ولكنني بشرتها بشئ أذهلها، أخبرتها أن زوجها رجل طبيعي ومحترم جدا وأن هناك ثغور بسيطة يجب إصلاحها فقط وأيضا هناك أمور يجب أن يعرفها كلا الزوجين قبل الزواج أوبعده :
1- إن فترة الخطوبة فترة خالية من المسؤوليات ومليئة بالهيجان العاطفي وذلك لانهما بعيدين عن بعض ولكن بعد الزواج تبدأ الحياة الطبيعية.
2- الذكر بطبيعته الفطرية يميل إلى النشافة ولسانه غير رطب بالكلام العاطفي ولكن يعبر عن حبه بالفعل بعكس الانثى تعبر بالقول ولذا (جلب الخادمة واستئجار شقة والنفقة الضرورية من الاكل والشرب وانتقال الزوج الى مقر دراسة الزوجة ورغبته بإنجاب طفل هو حب ) وأشياء كثيرة قالتها فسرناها على أنه حب وعليها أن تقبل به كما هو فهذا حال أغلب الذكور أما الزوجة التي تساوى عندها كل شئ قدمه لها زوجها بعد الزواج مع زجاجة العطر قبل الزواج فهذا لأنها محبطة وتشعر بالاكتئاب.
3- (1000) ريال لها قيمة شرائية وهي برتبة (راتب موظف أجنبي من خارج السعودية )فلا يتوافق البخل مع سلوك الرجل ولكن الرجل توقف عن العطاء ومال إلى التقتير لأن زوجته تشعره بعدم حاجتها له وأنها كانت في غنى عنه باعتقادها أنها لاتريد أن تشعر بالاذلال ، فأخبرتها (أن الرجل بطبيعة تركيبته الدماغية يحتاج من زوجته إلى التقدير والتشجيع والتأييد و تشعره بحاجتها له فكلما أشعرته بذلك ازداد عطاؤه ورعايته لها ولكن التعالي على الزوج وعدم إشباع غروره بالامتنان له فهذا من شأنه أن يدفع الزوج للانسحاب والإنزواء وربما يبحث عن زوجة أخرى أقل كفاءة من الزوجة الأولى لتشعره بالاحتياج والامتنان له وقد ورد في السنة النبوية أن المراة خير لها أن تكون ذليلة عند زوجها وعزيزة في أهلها.
4- صمت الزوج طبيعي جدا جدا ، فالرجال خلقهم الله قليلي الكلام لأن عقولهم تميل إلى النتيجة لا إلى التفاصيل كما النساء ، إضافة إلى ذلك غير مجهزة بذاكرة افتراضية أي لاتوجد لديهم ذاكرة حفظ بعكس النساء لديهم ذاكرة حفظ سعتها1000 جيجا بايت، وهذا من شأنه يدفعها للكلام ، وقد قال الله عزوجل (ولا نساء من نساء) أي نهى عن السخرية بين الناس ثم أشار مرة أخرى إلى النساء بالتحديد لطبيعة المجتمع النسائي من كثرة الكلام والقيل والقال ، أيضا الله عزوجل خلق دماغ المراة عبارة عن شبكة عنكبوتية تستطيع أن تجمع بين شتى الأمور بعكس دماغ الرجل الذي يتكون من عدة صناديق فلايستطيع فتح كل الصناديق أو صندوقين معا ، لانه كما قلنا تركيزي ويميل إلى معرفة النتيجة فقط ، كما أثبتت الدراسات ان الرجل يتكلم في اليوم 10000 كلمة ويصرفها كلها في العمل تقريبا أو مع أصدقائه بعكس النساء التي تتكلم 35000 كلمة في اليوم ولهذا تركز على التفاصيل، فحينما يجلس الزوجان معا تبدأ المرأة بالكلام بشي من التفاصيل مما يشعر الزوج بالاحباط لأنه يركز على النتيجة ولذا حبذا إخباره بالنتيجة ومن ثم سرد التفاصيل حتى يستطيع التفاعل .
5- في دماغ الرجل هناك صندوق اسمه اللاشيء، يحب أن يفتحه الرجل ويرفض بقوة أن تشاركه المرأة فيه ، وهذا سبب آخر لصمت الزوج ويغيض الزوجة وربما يؤدي بها إلى التشكيك في نواياه ولكن في الحقيقة هو صادق حينما تسأله ماذا بك فيجيب (لاشيء) لان المرأة لاتستطيع أن تبقى دقيقة واحدة دون تفكير وهذا طبيعتهما التي خلقهما الله عليها، فلابأس أن تتركي الزوج في شأنه حتى يأتي إليك.
6- كثرة الجدال مع الزوج أيضا تؤدي إلى انسحابه لأن طبيعة الرجل الدماغية يرفض أن تجادله الزوجة وتشعره أنها على حق وهو على خطأ ، مهما بلغ مستوى تعليم المرأة وثقافتها أعلى المستويات ولذا الصمت خير علاج أثناء الجدال ولابأس بتركه يهدأ ومن ثم معاودة الكلام معه في وقت آخر.
7- كثرة انتقاد الزوج وتجريحه لاتنفره من الزوجة فحسب، بل من البيت أيضا، فالرجل يحتاج إلى التأييد والقبول به كما هو بطبيعته كرجل وعلى الزوجة أن لاتتعامل معه بنفسية المرأة فهو كائن مختلف تماما عن المراة كما عبر القران عنه (أني وضعتها أنثى وليس الذكر كالانثى) ولقد صنف الدكتور جون جراي الرجال من كوكب والنساء من كوكب في كتابه الشهير (رجال من المريخ ونساء من الزهرة).
8- يقول الله تعالى (ان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم) وهذه حقيقة مؤلمة نعيشها في الوسط النسائي، نتزوج الرجل ونحن لانقبل به كما هو ، نريد أن نضع عليه العصا السحرية لكي يتحول إلى ذلك الفارس المغوار الذي يطارد حبيبته في المسلسل الفلاني، بدون أن نعي أن هذا إعلام فقط ويصور أحداث خيالية أغلبها لاتمت إلى الواقع بصلة ، والأدهى من ذلك أننا نسعى وبكل قوة لنغيره فمن الطبيعي الرجل سيفر مننا لأنه يشعر بالاختناق وهذا ماقالته الزوجة في القصة، ماشأنك وشأنه ، والله يقول (لايضركم من ضل إذا اهتديتم)هذه حقيقة قرآنية لابد أن نؤمن بها، كل رجل يحتاج من زوجته أن تقبل به كما هو وتثق فيه على أنه رجل ذو كيان مستقل مستعد لتحمل شؤونه بنفسه وتعطيه فرصة لكي يتنفس، نحن في زمن النعمة ، زمن الانترنت الذي ملأ كل فراغنا فلا يوجد لدينا وقت للملل، ماذا لوانشغلت المرأة بالقراءة وقراءة القران كل يوم ووضعت لنفسها هدف تسعى لتحقيقه، أنا أؤكد لها حينها لايوجد لديها وقت حتى للتفكير وستنال رضا زوجها وحبه لأن الزوج يحب الزوجة الواثقة من نفسها وسيتعهدها الله بلطفه وعنايته .
حينها اعترفت الفتاة الزوجة أنها بالفعل مقصرة ولم تنتبه لتصرفاتها والتزمت بالتعليمات وانطلقت ، وبعد يومين اتصلت بي مستبشرة قائلة : (لقد تعود زوجي على الشجار اليومي واليوم اتى من عمله كعادته وهو يرمي علي قذائف من الكلمات وقابلته بالصمت والابتسامة وكررها في اليوم الثاني واحترمته بصمت ولأول مرة دعاني فيها على عشاء بعد 6 سنوات من زواجنا) وبعد أسبوع اتصلت مرة ثانية مستبشرة أن زوجها بعد أن أيدته وشكرته في مشتريات البيت وطلبت منه أن تذهب للسوبر ماركت تفاعل معها ونفذ لها رغبتها وهي لم تصدق مايجري وبعد فترة قالت لي أن زوجي يحترمني ويحبني بقووة وطلب مني الحمل بطفل آخر.


ملاحظة:
- هناك تمويه ببعض الحقائق حفاظا على الخصوصية
- نحتاج لتعلم الفروق بين الدماغين للذكر والانثى واحتياجات كلا الطرفين وحينها أتوقع أن نكون سعداء ، ودمتم

 

 

[ابن الطرف]

جميل جداً أختــي المياسة

منذ زمن طويــل لم أقرأ في الواحة موضوع جميل وشيق ويستحق القراءة كهذا الموضوع

للأسف كثرت في الآونة الأخيرة الشاكل الزجية وسال الحبر على الورق بشكل غير طبيعي بحثاً عن حلول حتى أصبح الجميع مرشد وناصح للزوجين !
ولكن بكل تأكيد عندما يأتيــك الكلام من مختص يكون له الأثر البليغ كما في القصة المذكورة

شكراً لكــِ أختــي الكريمة بحجم السماء