العودة   منتديات الطرف > الواحات الخاصـة > منتدى السهلة الأدبي




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 25-08-2014, 10:32 PM   رقم المشاركة : 1
منتدى السهلة الأدبي
منتدى السهلة الأدبي






افتراضي من الاعتقادات إلى تصحيح الاعتقادات (من موضوعات الندوة) ـ جابر الخلف

من "الاعتقادات" إلى "تصحيح الاعتقادات" !!
قراءة نقدية في كتاب "هوامش تدقيقية"، للشيخ عبدالجليل البن سعد
نظرة في "العنوان" و"المقدمة" و"المدخل" !!


أولا: مدخل تمهيدي
ثانيا: لمحات عامة، وهي تتعلقُ بمحاسن الكتاب وإيجابياته
ثالثا: ملاحظات نقدية: إشكالية المنهج !!
رابعا: خاتمة تأليفية


أولا: مقدمة:
أهم ما في أيّ كتابٍ ليس أفكاره وحسب، وإنما مقولاته؛ أي ما تتركه المقولات في وعي القارئ من إثراء إيجابي، وأثر معنوي، أو ما تتركه في وعيه من تزييف وهدر !!
ولا شك في أن التّساؤلَ هو أهمُّ إثراءٍ وأثر إيجابيٍّ يتركه أيُّ كتابٍ، كما أن استلابَ الذاتِ وارتدادَها أمام مقولات الكتاب هي أخطرُ تزييفٍ للوعي، وأفدحُ هدرٍ لها وله !!

تتنزل هذه الورقة النقدية في سياق المثاقفة بين الآراء، وكلُّ ورقةٍ أو مشاركة لها وجهة هي تُوَلّيها، وسأحاول أن تكون الوجهة هي اغتنامَ فرصة الحوار بين الثقافي والحوزوي؛ لتجاوز مقولة التصنيف التي لا طائل منها !!
الشيخ حسين الراضي باحث ذو توجه تحقيقي في قراءة التراث بآليات نقدية تراثية، وهذا واضح في مجموعة من مؤلفاته، ولا يعني هذا أن ما يقوله مبرأ من الأخطاء، خال من العيوب؛ ولكن في الوقت نفسه لا يعني أنه يقود حملة على التراث الحديثي والتاريخي والعقائدي كما يلمِّح المؤلف !!
ولذا نرحب جميعا بخطوة الشيخ عبدالجليل البن سعد النقدية التي جاءت مشاركةً منه في إتمام الجهد، وتحقيق فعل القراءة الناقدة !!
في عصرٍ تكثرُ فيه التَّساؤلاتُ والمراجعاتُ .. يكون القارئ ـ لأي كتاب ـ بين خيارين: إما أن يكون قارئا مستلبا يقبلُ المقولات، أو قارئا متسائلا يُناقش فيما يقرأ .. !!
هذه الليلة بمشاركة كريمة من فضيلة الشيخ عبدالجليل البن سعد (حفظه الله) الذي أراد لنا أن نكونَ قرّاءً متسائلينَ لا مستلبين، وأراد أن تكون القراءة في كتاب من كتبه، فهو متفضلٌ مرتين: مرة حين أراد أن نكون قراء متسائلين، وانضم معنا مشاركا في إقامة فضيلة القراءة، ومرة أخرى حين وافق أن نقيم هذه الفضيلة، ونحيي شعيرة الحوار حول كتابه الموسوم بـ"هوامش تدقيقية" على بحثٍ لفضيلة الشيخ حسين الراضي (حفظه الله) .. فالشكرُ قبلُ له، والشكر بعدُ للشيخ الراضي اللذينِ أصبحا عَلامَتين مشاركتينِ في صناعة السؤال في الأحساء، وتحقيق إرادته في الوعي: اجتماعيا ومعرفيا !!
نرحب بفضيلة الشيخ عبدالجليل البن سعد، ونشكر له تفضله بالحضور بيننا مشاركا في هذا الحوار بوصفه ذاتا قارئة متسائلة ناقدة !!
وسؤال الوعي في الأمم "الحيّة" هو سؤال متواتر مستفيض، لا يجرحُ تواترَه الجوابُ "المرسل"، ولا يُوقفُ مَدَّهُ القولُ "المعتل" !!
وحين أقول: "في الأحساء"؛ فليس معنى هذا تأطيرَ الحوار المعرفي الواعي في حدودها بالمعنى المناطقي الجغرافي الضيق، ولكنها "بهجة الأسئلة" التي أخذت تترى من هذه الواحة المِخْصَاب، فهي واحةٌ ولودٌ ودود: أَدبًا وفكرًا وفقهًا وأصولا وحديثًا ورجالا ونساء.. فالمجد لمن شارك في إحياء هذه "الواحة أدبيا وفكريا"، فمن أحيا أرضًا مَواتًا فهي له كما في شريعة الفقه، فكيف بمن أحيا "واحةً مخصابا" ؟!
لقد مرَّ التاريخُ الحضاريُّ بهذه "الواحة"، فقال عنها بأنها كانت واحة أدبية، ودوحة علمية، ومركزا ثقافيا .. و"ذاك التاريخ"، و"هذا الحاضر" يؤهلانها أن تكون ينبوع سؤال، ومرجع جواب؛ وليست مجردَ "هَامشٍ" على "مَتْنينِ"، أو "مَدِينتين" (1) .
وفي ما يطرحه ـ مؤخرا ـ الشيخ الراضي من تحقيقاتٍ ودراسات علمية حول الموروث الديني (الكامن في الجينات الاعتقادية) إن صوابا أو خطأ .. لهو مما يبعثُ الحياة في هامدِ تلك الأسئلة المتوارية وراء المقولات: ومقول المقولات، وهذا جهدٌ يُذكرُ ويُشكرُ، ويُعَدُّ وينقدُ !!
وتكتمل حلقة هذا الحراك المعرفي بمشاركة من الشيخ عبدالجليل البن سعد، فهو ممن بادر ـ مشكورا ـ إلى إعادة النظر النقدي في تلك التحقيقات العلمية بـ"هوامشه التدقيقية" على بعض متون الشيخ الراضي، وهو بحثه "حديث الكساء بين التواتر والوضع"؛ بغيةَ استماعِ القولِ، واتباعِ أحسنه، وهذه مشاركة من الشيخ عبدالجليل البن سعد تذكر وتشكر، وتعدُّ وتنقدُ .. حذو النقد بالنقد، وحذوَ الحوار بالحوار.
وما سنقوم به نحن جميعا ـ هذه الليلة ـ من قراءات أو ملاحظات نقدية على كتاب "الهوامش التدقيقية" يذكر ويشكر، ويعدُّ وينقد .. وهكذا سندخلُ في غمام الآراء، وغيوم التساؤلات .. نَتَراءى أنواء السّحاب نستمطرها "نافورة من نخيل"، وهل النخيل إلا حوار دؤوب بين الفلاحِ وحقلِه، والحقلِ ومحراثهِ، والمحراثِ وعرقهِ ؟!

التزاما بالوقت المحدد، وتنفيذا لاتفاقنا المسبق، لن يسعَ الوقتُ لتناولِ الكتابِ كلّه (من الغلاف للغلاف)، ولكن سأقتصر مشاركتي على قراءةٍ في "عنوان الكتاب"، و"مقدمته"، و"مدخله"؛ رعايةً لوقت الجميع، ولكي نتوفر على أكبر عدد من المشاركات والمداخلات.
في البداية حبذا الإشارة إلى مبررات اختيار كتاب "الهوامش التدقيقية" للمناقشة والحوار، وهي كالآتي مختصرة:
1ـ يأتي الكتاب في سياق نقدي لبعض أبحاث الشيخ الراضي الذي اختاره المنتدى الشخصية المحتفى بها في حياتها، بعد الانتهاء من الاحتفاء بشخصية الدكتور عبدالهادي الفضلي (في حياته) على مدى خمس دورات ثقافية، وخير احتفاء ـ كما نراه ـ هو مناقشة الأفكار في حياة أصحابها لا إقامة مهرجانات التأبين عليهم (2) !!
2ـ صدور الكتاب في طبعته الأولى في 1435ه/2014ه، فهو كتابٌ مُحَاينٌ من حيث تاريخ صدوره، وهو يناقش أفكارا محاينة في الفضاء الاجتماعي والديني في الأحساء.


ثانيا: لمحات عامة، وهي تتعلقُ بمحاسن الكتاب وإيجابياته:
1ـ مبادرة الشيخ عبدالجليل البن سعد إلى (تأليفِ) كتابٍ في نقدِ (بحثٍ) للشيخ الرّاضي هو أمرٌ حقيق بالتقدير والإشادة، وهي خطوةٌ بليغةٌ وبالغةٌ: بليغةُ المبنى، وبالغة المغزى؛ فبدلا من "خطاب القيل والقال" على رؤوس الأشهاد فوق المنابر في الحواضر والبوادي (غمزا ولمزا)، أصبح بين أيدينا "بحثٌ" منشورٌ، و "كتابٌ" مطبوع، وهذه فضيلة محمودة، وغاية معدودة لجناب الشيخ عبدالجليل البن سعد، وهذا يجعل للكتاب قيمتين: قيمة المبادرة، وقيمة النقد، إلا أن الكتاب لم يخلُ من سلبيات الخطاب الشفوي المنبري الإنشائي الذي يراعي المواضعات الاجتماعية والدينية !!
2ـ أثار المؤلف في مقدمة الكتاب مشكلة المنهج وإشكالياته، وقد بدا ذلك واضحا منذ العنوان الفرعي للكتاب، فهو"مقارنة علمية بين منهجيْ البحث العلمي الأصيل، وتيارات النقد المعاصر"، وألمح المؤلف إلى أن علم الحديث هو من أشرف العلوم الإسلامية، وأن أصفى فهم له وأنقاه هو عند من يجمع المعقول والمنقول، وهو ما أسماه المؤلف بـ"منهج النفس الملائي"، أو "منهج البحث العلمي الأصيل"، كما ألمح إلى انطلاق مناهج معاصرة، وقد أصبحت تيارات، وأطلق عليها المؤلف "تيارات النقد المعاصر".
ولا شك في أنّ ملف "المنهج"، وعلاقته بالحراك النقدي خطوة قيّمة، وقد كان "سؤال المنهج" هو سؤال النهضة العربية منذ مطلع القرن العشرين، وهو سؤال فتح باب النقاش في التراث بأكمله، وقد دارت رحى معارك أدبية وفكرية بين مختلف التيارات الأدبية والفكرية حول المنهج وإشكالاته، وما زال سؤال المنهج مستمرا حتى يومنا هذا ؟!
3ـ إشارة المؤلف في المقدمة إلى اطلاعه على أبحاث عديدة للشيخ الراضي، ومتابعة قراءتها، مثل: زيارة عاشوراء، وحديث الأفلاك، والمؤامرة الكبرى، ثم اختار أبرزها وضوحا في الأدوات والآليات، وهو بحث "حديث الكساء بين التواتر والوضع"؛ ليكون مدار تعقبه بهوامشه التدقيقية.
4ـ سَعْي المؤلفِ إلى إحياءِ أمورٍ صار مرغوبا عنها، وهي:
- "النّفس الملائي" في تناول الحديث سندا وفقها.
- الحوار النموذجي الذي يهتم بالجانب العلمي، لا لغة التفتيش في النوايا والانتماءات.
- الموضوعية التي يجب أن تتمثل بالاعتراف بالحق.
5ـ محاولة المؤلف تهذيب متن كتابه، وإعادة النظر في أسلوب صياغته، وتحويله من خطاب المناظرة إلى لغة الحوار، وهذه النقطة بالذات تحتاج إلى إعادة المحاولة من المؤلف؛ حتى تكتمل المحاولة، وينجح الحوار !!
6ـ لفتَ المؤلفُ نظرَ القارئ إلى أن البحث الذي "تطارح" حوله ليس مطبوعا في كتاب، ونوّه إلى أن ترقيم الصفحات يتبع الطباعة من الموقع الإلكتروني مباشرة.
7ـ أقدر للمؤلف قبوله للحوار النقدي، كما أقدرُ حضوره بنفسه للمشاركة في هذا الحوار، وهذا يدل على رحابة صدره، وهذا بعدٌ إنساني خلاّق في شخصه الكريم، فله منا الشكر والاحترام.

ثالثا: ملاحظات نقدية:
في أيِّ حراكٍ معرفيِّ أو ثقافي سواء كان أدبيًّا أو فكريًّا.. حوزويًّا أو أكاديميًّا يتبلورُ تياران: تيار إعادة النظر والتدقيق والمراجعة والتحقيق، وتيار المحافظة والالتزام والحراسة والتصدي والتَّحصين، وقد ألمح المؤلف في المقدمة إلى أننا في "عصر الجدل والجدليات"، وهذه لمحة منه إلى حضور تيار المساءلة والنقد للموروث الديني، وإن كان هذا التيار لم ينجح حتى الآن في تشكيل وعي المجتمع، ولكنه ناجح في إثارة الأسئلة، وليس عصرنا فقط هو "عصر الجدل والجدليات"، وإنما في كل عصر أسئلته القصوى، وجدله المعرفي !
ونخلص من هذا التمهيد إلى مناقشة بعض النقاط المهمة التي تشكل عناصر أساسية في هيكل الكتاب، ومن أهمها: "العنوان"، و"المقدمة"، و"المدخل"، وسأحاول أن ألتزمَ شرطَ المؤلف، وهو التزام الجدية لا الحدية، فإن أسأتُ فمن خطأ القول، ولا يدفع خطأ القول إلا صحيح القصد، ونبلُ الغاية، وسماحة الرجل الشهم الكريم، وسيكون محور ملاحظاتي حول المنهج، وما يتناسل حوله من أفكار:


نظرة في العنوان:
أ ـ عنوان الكتاب هو "هوامش تدقيقية على بحث حديث الكساء بين التواتر والوضع"، وله عنوان فرعي، هو "مقارنة علمية بين منهجيْ البحث العلمي الأصيل، وتيارات النقد المعاصر في علم الحديث".
يُتوقعُ من هذا العنوان أن ينفتحَ على محاولة "تدقيقية" ذاتِ خلفيّةٍ تأصيليّةٍ متينة لمفهوم المؤلف لمصطلح التدقيق والتحقيق، ولكن المقدمةَ خلت من هذا التوضيح الدقيق لمراد المؤلف من التدقيق والتحقيق !!
أَهذهِ الهوامش التدقيقية على "حديث الكساء المتواتر" الذي لا ينكره الشيخ الراضي، أم هي على مآخذ الشيخ الراضي على "حديث الكساء الموضوع" المتداول بين أيدي الناس وألسنتهم، يتلونه على المنابر، وفي الفضائيات؛ لأن هذا هو جوهر بحث الشيخ الرّاضي ؟!
وقد أكد المؤلفُ في عنوان الكتاب الفرعي على أن هوامشه التدقيقية هي "مقارنة علمية"، ولكن المؤلف لم يفِ الكتابَ حقّه من حيثُ التزامه بالمقارنة العلمية بين منهج البحث العلمي الذي وصفه بـ(الأصيل)، و"تيارات النقد المعاصر"، فقد خلتِ المقدمة والمدخل من ضرورة التأصيل لمقصود المؤلف من هذا العنوان الفرعي المدجّج بمنظومة مفاهيمية تُركت دون بيانٍ، "والبيان لا يؤخر عن الحاجة"، فأين هي المقارنة العلمية، وأين هو البيان الضروري الواضح لما يعنيه المؤلف من فروقٍ علمية بين منهجيْ البحث العلمي الذي وصفه بـ(الأصيل)، وتيارات النقد المعاصر التي "يحاول بعض أبنائها أن يُلَبّسَ؛ فيعطي شربة سائغة لمن يتربص بنا المزالق"، كما هو تعبير المؤلف ص247، أهذه مقارنة علميةٌ، أم هو التّحيز اللغوي والمنهجي منذ عنوان الكتاب ؟!
ولي أن أتساءل: عن أي منهج علمي "أصيل" يتحدث المؤلف ؟ وعن أي تيارات نقدية معاصرة في علم الحديث ؟ ولا يخفى على المؤلف أن "المناهج" و"التيارات" لا تُحصى كثرةً، ويمكن مراجعة (على سبيل المثال) أطروحة حيدر حب الله "نظرية السنة في الفكر الإمامي الشيعي: التكون والصيرورة"؛ ليكتشف تعددها واختلافها، وتعدد أدواتها، واختلاف آلياتها .. وعليه فقد وقع العنوان الفرعي للكتاب في مأزق الإيهام والإبهام من حيث أراد الإيضاح، وإذا كان العنوان مبهمًا غيرَ دالٍّ تاهَ القارئُ في بيداءِ الوهم، ومهمهِ الإبهام، فالعنوان الفرعي هو "عنوان بلا عنوان"، وأي كتاب يخلو عنوانه من بيان مصطلحاته ومفاهيمه حسب ما أرادها مؤلفه لا حسب ما أرادته الألفاظ تلو الألفاظ وقع في إشكالية منهجية تتبعها إشكاليات في الأفكار، ولتجاوز هذه الإشكالية لا بد من تحديد الموضوع، وتحديد جهازه (المفاهيمي) و(الاصطلاحي)، وتحديد المنهج النقدي الذي سينظر من خلاله المؤلف في بحث الشيخ الراضي !!


نظرة في المقدمة:
ب ـ ألمح المؤلف إلماحًا إلى أن ما يعنيه بالمنهج العلمي "الأصيل" هو ما أسماه بـ"النفس الملائي" تارةً، وبـ"المنهج الملائي" تارة أخرى، واصفا إياه بـ"الأصيل"، واكتفى المؤلف لتوضيح ما سعى إلى إحيائه من الأمور التي صار مرغوبا عنها بأنْ قالَ: "وسابقًا كانَ العلماءُ يرونَ أنَّ أصفَى الفهمِ، وأنقَى التّأويلِ للحديثِ عندَ مَنْ يجمعُ المعقولَ والمنقولَ، ويُوصفُ مَنْ يتناولُ الترّاثَ الحديثيَّ ـ بهذا النّفسِ المركّبِ ـ بـ"الملائِي". ص7. أهذا بيانٌ علميٌّ لمنهج علميٍّ يصفه مؤلفه بالأصيل وكفى، فما خصائص هذا المنهج، وما سماته، وما هي إيجابياته، وسلبياته مثلما فعل المؤلف مع تيارات النقد المعاصر على الأقل ؟!
كان حريًّا بالمؤلف طالما يريد أن يقيمَ "مقارنةً علميةً" بين منهجين أن يُعرّفَ بهما تعريفًا علميا أولا، ثمَّ يقوم بإجراء تقويمٍ نقدي (شارحا الإيجابيات والسلبيات لكل منهما) ثانيا، ثمّ يقومُ بإصدار تقييم موضوعي ثالثا، لا أن يكون أحدهما "أصيلا" منذ عنوان الكتاب، والآخر "ملبّسا" في عرض الكتاب وطوله.
فلقد أصدر المؤلف حكمه (غيابيا) منذ أسطر المقدمة الأولى على تيار النقد المعاصر (الذي لا نعرف معالمه كما أرادها المؤلف)، فهذا التيار في تقييم المؤلف الخاص يعيش مشكلة لا تقدما، ومشكلته، هي:
1ـ النظرة التجزيئية.
2ـ إرسال النظر على مساحة الحديث من زاوية واحدة، وهي "السياق الواقعي والظرفي"، على خلاف ما يتمتع به "المنهج الملائي" الموصوف بالأصالة منذ العنوان. ص7.
هذا النقد من قبل المؤلف نلمسه موجها إلى تيارات النقد المعاصر فقط، أما المنهج الملائي الذي يجمع أصحابُه بين (المعقول والمنقول) ـ حسب تقيم المؤلف ـ فهو منهج أصيل لا يأتيه النقد من بين يديه ولا من خلفه، وهذا تحيزٌ منهجيٌّ (آخر) يعكّر صفو المقارنة العلمية التي يطمح أن يحققها المؤلف في هوامشه التدقيقية.
ولا يخفي المؤلفُ احتفاءه بـ"المنهج الملائي" الذي يراه أصفى منهجٍ وأنقاه في فهم الحديث؛ لأنه "يجمع بين المعقولات والمنقولات"، ولم يكتفِ بذلك، بل سعى إلى إحيائه، وتطبيقه في دراسة علم الحديث سندا وفقها، (وهذا حقّه)، ولكنه يتناسى أن "وظيفة المعقولات" ـ أيًّا كان نوعها ـ هي "تصحيحُ المفاهيم"، ونقدُ السّائدِ (الذي يُظَنُّ أنه من المسلمات)؛"ذلكَ أنَّ الرّأيَ إنّما نصححُه عندَ أنفسنا؛ بأنْ نفكرَ ونروّيَ ونقيمَ في أنفسنا أموراً ومعقولاتٍ شأنها أنْ تصححَ ذلكَ الرّأي." حسب تعبير الفارابي، في كتاب إحصاء العلوم، ص167.
ج ـ ورد في المقدمة أن من مآخذ المؤلفِ على تيار النقد المعاصر أنه "يضع مجموعة من الأحاديث تحت النظر النقدي، ويَعملُ فيها بنظرية السياق الاجتماعي". ص7.
لم يتضح لي ماذا يعني المؤلف بـ"نظرية السياق الاجتماعي" التي وصفها تارة أخرى بـ"السياق الواقعي والظرفي". ص7، وهذا راجع إلى أن المؤلف كثيرا ما يرسلُ (في مقدمته) الكلام في مفاهيمَ ونظرياتٍ ولا يوضّح قصده منها بالضبط؛ لأنّ تحديدَ المفاهيمِ والعناوين وتحريرَها أمر حتمي في أصول البحث العلمي (الحوزوي والأكاديمي)، وهذه مشكلة منهجية تبدأ من العنوان والمقدمة، ولا تتوقف عند حدٍّ .. وأراها تفتكُ بهيكل الكتاب وحلقاته !! فلم يوضح المؤلف ماذا يعنيه بـ"نظرية السياق الاجتماعي"، ولا مَنْ هم أصحاب "التيارِ التجزيئيِّ" الذين يضعونَ الأحاديثَ تحتَ النّظرِ النّقديِّ من منظورِ نظريةِ السياقِ الاجتماعيِّ (3) ؟!
ويضيف المؤلف: "والحديثُ عند التيار التجزيئي "ويعني به تيار النقد المعاصر" مقصورُ الدَّلالة على سياقه، ومردودٌ في نفسه ما دام خارقا للأنس والطبع العام، وإن لم يرجع إلى ضرورة عقلية، أو شرعية"، ص8.
لا يخلو هذا الكلام من وقوعه في "التّعميم"، فحين يصف المؤلف "تيارا" مترامي التّوجهات، متنوع المنطلقات !! فعن أي تيار، أو نظرية، أو أعلام، أو أشخاص .. يتحدث المؤلف ؟ وأيُّ "حَدِيثٍ" يقصدُ ؟!
إضافة إلى أن نظرية السياق هي نظرية شاسعة، وفي داخلها تيارات متعددة، وتوجهات مختلفة لا يمكن اختزال الكلام عنها في بضعة سطور في المقدمة؛ تلميحا لا تصريحا (4).
ولنا أن نتساءل: هل فعلا كانت دراسة الشيخ الراضي في بحثه لحديث الكساء هي من منظور نظرية السياق الاجتماعي؛ ليظل المؤلف يُلِحُّ على نقد هذه النظرية ونتائجها في المقدمة التي لا تتجاوز بضع صفحات ؟!

د ـ يقول المؤلف: "هناكَ درجاتٌ بين القبولِ وبين الرّدِّ عندَ الصنفِ الأوّلِ الأصيلِ (النّفس الملائيِّ) من قبيلِ الحَمْلِ على أيِّ وجهٍ صحيحٍ، والتّوقفِ عن صدِّهِ، وإرجاعهِ إلى أهلهِ؛ حتى تقومَ عليه علامةٌ واضحةٌ تشهدُ بوضعهِ وكذبهِ، بينمَا لا يتحدّثُ التّيارُ الثّاني (تيارات النقد المعاصر) عن شيء من ذلكَ"، ص8.
من الطبيعي جدا أن تختلف نتائج أي دراسة تبعًا لاختلاف المنهج المتبع في تكوينها؛ ولذا ليس من الموضوعية أن يُقارن المؤلف بين المنهج الملائي ـ حسب تعبيره ـ وتيار النقد المعاصر من حيث النتائج؛ لأنها ـ حتمًا ـ ستكون مختلفة؛ لاختلاف المنهج، فهذه مقارنةٌ غير علمية إلا إذا أراد لها المؤلف أن تكون علمية وحسب!! إضافة إلى أن هذا تحيز واضح تجاه منهجٍ ضدَ منهجٍ آخر، فلا نتائج صحيحة إلا النتائج التي يراها المنهج الفلاني، مع أن الكتاب مقارنة علمية، وهذا خلل منهجي لم يحسم المؤلفُ موقفه منه !!
كان حقيق بالمؤلف أن ينقد منهج الشيخ الراضي بأدواتِه وآلياتِه نفسهِا المتبعةِ في بحث "حديث الكساء بين التواتر والوضع"، خصوصا أن تلك الأليات والأدوات كانت جلية واضحة كما ذكر المؤلف في المقدمة، لا أن ينقد بحثه نقدا شموليا بآليات منهج هو يراهُ ولم يحدد لنا معالمه أصلا (5) !!
ه ـ يتابع المؤلف نقده لـ"تيار" النقد المعاصر، ويركز نقده في الفقرة الثامنة من المقدمة على اتجاه مولعٍ بالكشف عن الآثار "الموضوعة"، و"المكذوبة"، وأصبح دوره محاصرة تلك الأحاديث وتحليلها بـ"أدواته التي تطاوعه"، ويأخذ على أصحاب ذلك التيار أحكامهم الجازمة في توجيه النقد لتلك الأحاديث، وأنها من فعل الغلاة تارة، والزنادقة تارة ثانية، وأهل الخلاف تارة ثالثة. ص8
ولم يألُ المؤلف جهدا في توجيه النقد لأعلام هذا الاتجاه الذين يعيشون تصورا فحواه أن نسبة الوضع والوضاعين هي نسبة عالية جدا في التراث الحديثي، كما يأخذ عليهم قولهم بأن الأوائل من حملة الحديث قد تساهلوا مع الوضع والوضاعين.
لا أدري لماذا يُلَمّحُ المؤلفُ ولا يُصَرّحُ، فهو يتهم تيارا كبيرا بالولوع في نقد التراث الحديثي، ولا يذكر أعلاما، ولا كتبا، فلا ندري هل أن الشيخ الراضي نفسه من الاتجاه المولع بنقد التراث، وممن يقول بارتفاع نسبة الوضع والوضاعين في الأحاديث هكذا جزافا كما تملي عليهم تصوراتهم !! فالحديث الموضوع لدى هذا الاتجاه المولع بالتصورات لا يحتاج إلا إلى مشكلة في السند؛ لكي يقوموا بالاستبعادات المحضة له، وكل ذلك راجع عندهم إلى "الضعف التحصيلي في العلوم الأخرى كاللغة والعقيدة والفلسفة"؛ فيحكمون على الممكن بأنه محالٌ، وعلى الصحيح بأنه غلطٌ، وعلى الجائز بأنه ممتنعٌ.. (هكذا) !!
هذه أحكام تهوينية، وتعميمات إنشائية لا علاقة لها بالمقارنة العلمية، ولا بالموضوعية التي هي قيمة من قيم البحث العلمي "الأصيل" !!
ولا أعلم لماذا يحتاج أي (محقق) إلى كل علوم الكون حين يريدُ تحقيقَ حديثٍ، أو خبر تاريخي، أو قصة مختلقة، أو حكاية اعتقادية مؤسطرة، بينما لا يحتاج أي (خطيب) أو (رادود) إلى دحرجتها في أسماع الجمهور وأذهانهم إلا إلى جهارة الصوت، وترديد الصلوات !!
و ـ يقول المؤلف: "إن أبرز وأقدم من أدار هذا المشروع هو ابن الجوزي في كتابه الموضوعات"، ثم تبعه (المتشددون) من أبناء السنة حيال تراثهم، (ولم يفلحوا)، بل تعالت الأصوات المنكرة عليهم، وليس لابن الجوزي من الجهد إلا أنه أكدى نفسه، وأضاع وقته في كتاب الموضوعات، فقد استدرك عليه العلماء من بعده حتى أصبح كتابه بلا قيمة، وأنه لا يؤخذ بالكثير من طعونه عند المحصلين من (أبناء السنة). ص14، ويضيف المؤلف قائلا: "وإنْ كانَ هناكَ مَنْ يتمثّلُ دورَه وأقوالَه إلى وقتنا الحاضرِ ممن هم على شَاكِلَتِهِ"، ص15.
لقد تناهبني العجب العجاب من هذا القول العجيب، فبالإضافة إلى أن المؤلف شنّ هجوما نقديا في المقدمة على تيار النقد المعاصر (وهو ليس موضوع عنوان كتابه)، شنّ الهجوم نفسه ـ تالياً ـ على كتاب الموضوعات لابن الجوزي (ت 597ه)، (وهو أيضا ليس موضوع الكتاب)، وهنا يمكن تسجيل عدة ملاحظات:
1ـ لم يكن ابن الجوزي أقدم من ألف في "الموضوعات"، فقد سبقه عدة من العلماء، ومنهم على سبيل المثال:
- كتاب الموضوعات، من تأليف النقاش أبي سعيد محمد بن علي بن عمرو بن مهدي الأصبهاني الحنبلي (ت 414ه).
- تذكرة الموضوعات، من تأليف أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي المعروف بابن القيسراني، (ت 507ه)، وله كتاب آخر بعنوان الذخيرة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة.
- الموضوعات من الأحاديث المرفوعة، من تأليف الحافظ أبي عبدالله الحسين بن إبراهيم الجورقاني الهمذاني (ت 543ه)، وقد اعتمد عليه ابن الجوزي في كتاب الموضوعات كثيرا، كما اعتمد عليه في كتابه الآخر العلل المتناهية في الأحاديث الواهية (6) .
2ـ يصف المؤلف الذين ساروا على نهج ابن الجوزي في تحقيق تراثهم الحديثي بـ"المتشددين"، وهذا الوصف فيه شيء من التبخيس والتهوين، ولا أدري لماذا تجنب المؤلف أن يصفهم مثلا بـ"المحققين"، أو "المدققين"، أو "المراجعين"، ولا أعلم لماذا اختصر تقيم جهود ابن الجوزي، ومن سار على طريقته في نقد الموضوعات من العلماء السنة بأنهم "لم يفلحوا"، وقامت عليهم الأصوات المنكرة، ونتساءل: هل أن تعالي الأصوات المنكرة تدفعُ باطلا، أو تقيمُ صوابا، أو توقف تيارا تحقيقيا، وهل تعالي الأصوات المنكرة (وما أكثرها في زماننا) هي شهادة الحق التي لا قبلها ولا بعدها ؟؟!!
وألمح المؤلف أن العلماء قد استدركوا على ابن الجوزي (ردودا ونقودا)، ومن وجهة نظري أن هذه الاستدراكات تدل على التأثير في عصره، وما تلاه، وأن كتابه اكتسب قيمتين لا قيمة واحدة: كونه كتابا نقديا يأتي في سلسلة كتب نقدية في نقد تراث عتيد، وكونه كتابا أثار عاصفة في عصره، وتتبعته الاستدراكات كما ذكر المؤلف، وهاتان من محاسن ابن الجوزي، ومن محاسن كتابه !!
3ـ استعمل المؤلف عبارة "ممن هم على شاكلته"، وهو يقصد بهم من ساروا على نهج ابن الجوزي في نقد الموضوعات في التراث السني، وهذه العبارة إضافة إلى كونها عبارة إنشائية تبخيسية تهوينية هي عبارة غير علمية:
فقد أحصى الأستاذ المتتبع: أبوحيدر أحمد الفايز (بمراجعة سريعة) في قوائم الكتب والمؤلفات في التراث السني، واكتشف بأنه تم تأليف أكثر من أربعين رسالة وكتابا وموسوعة في نقد الموضوعات في التراث السني ليس آخرها جهود المحقق الألباني، عدا رسائل الماجستير والدكتوراه، وفي كل هذه الكتب والموسوعات نقد ومآخذ وثناء على ابن الجوزي على ما ألّف في باب نقد الموضوعات، فأين هي الأصوات المنكرة عليه، وأين هو ابن الجوزي الآن، لقد اخترق القرن الواحد والعشرين، وبقيت أصواتهم المنكرة في حدود القرن السادس (7).

ز ـ بعد ثلاث صفحات من المقدمة التي انتقد المؤلف فيها بشدة تيار النقد المعاصر، وتيار نقد الموضوعات، يرى أن ليس ما ذكره في المقدمة تمهيدا لتصنيف الشيخ الراضي في هذا التيار أو ذلك الاتجاه "على وجه مانعة الجمع، سيما أنه لم ينجزْ دراسةً عامةً [تعبر] عن رأيه في الحديث والمحدثين، كما صنع (البعض) (8) ممن قادوا نفس الحملة على التراث الحديثي، وكل ما قام بمعالجته هي مفردات قليلة كزيارة عاشوراء، وحديث الكساء، وأخيرا حديث الأفلاك". ص10.
لم أفهم لماذا المؤلف أدخل القارئ في موجة نقد التيار المعاصر، وتيار نقد الموضوعات طالما هو لم يهدف إلى تصنيف الشيخ الراضي إلى هؤلاء أو هؤلاء ؟! وإني أحمدُ له أن نأى بنفسه عن الفرز والتصنيف، ولكنني أتساءل: ما ضرورة هذه الصفحات الثلاث إذن ؟! وما قيمة جعلها في مقدمة كتاب في نقد بحث من تحقيق الشيخ الراضي ؟!
ولكن لم يلبث المؤلف في الهامش رقم 3 من ص14أن قال: "اليوم هناك مجموعة أسميناها تيار النقد المعاصر صارت تتحمس لتقصي الأخبار الضعيفة، ومما توالت عليه كلماتهم حديث الكساء، وهذا الكتاب بحث مفصل في أدوات هذا التيار حيث اجتمع منها قدر غير يسير في طريقة الشيخ الراضي".
إذن نفهم أن طريقة الشيخ الراضي هي من طرائق تيار النقد المعاصر الذين يشنون حملة على التراث الحديثي، ويحملون راية نقد التراث، ويوظفون جملاً خبرية صارمة ذات نبرة قطعية تكون مسممة للأفكار والعقيدة، وفيها إقصاء للرأي الآخر؛ لأنها كلمات تتضمن موقف الشجب والاستنكار المطلق.


كل قارئ منصف لن يقبلَ حملات تسميم العقيدة والأفكار، ولا أساليب إقصاء الرأي الآخر لو ثبتَ ذلك فعلا، ولن يثبتَ ذلك إلا بالأمثلة والبراهين لا بالأساليب الإنشائية، والتعميم المطلق، ولكنّ حملات تصحيح الاعتقادات، ونقد الأفكار يوجه لها مثل ذلك الاتهام الكلاسيكي المعاد المكرور.
ذكر المؤلف إلى أن الشيخ الراضي لم ينجزْ دراسةً عامةً [تعبر] عن رأيه في الحديث والمحدثين...إلخ.
بمراجعة سريعة لسيرة الشيخ الراضي العلمية يتبين أنه ألف كتابين في هذا المجال:
1ـ تاريخ علم الرجال.
2ـ دروس في القواعد الرجالية (ثلاثة مجلدات) تحت الطبع.
إضافة إلى أن رأي أي محقق يمكن معرفة رأيه ومنهجه من خلال كتبه وتحقيقاته، ودراساته التطبيقية، ومعالجاته النقدية، مثل: زيارة عاشوراء، وحديث الكساء، وأخيرا حديث الأفلاك، إضافة إلى كتاب المؤامرة الكبرى، وقد التفتَ المؤلفُ إلى ذلك فقال: "ولكن ربما أستفيد من دراسته المؤامرة الكبرى أنه معتقد على مستوى الحديث الإمامي بوجود أثر عميق للغلاة، وأن علماء الإمامية (...) لم يتعاملوا معهم بالشدة المطلوبة التي تكفي لتنقية التراث من شوائبهم"، وهذه التفاتة قيمة من المؤلف إلى أن للشيخ الراضي رأيا ومنهجا في الحديث والمحدثين، ولكنه مبثوث في كتبه التطبيقية، مثل: المؤامرة الكبرى، وأن أدواته وآلياته هي أكثر بروزا، وأجلى ظهورا، هي في "حديث الكساء بين التواتر والوضع" حسب وصف المؤلف نفسه ص10؛ ولهذا اختار هذا البحث التطبيقي لكي يتعقبه بهوامشه التدقيقية.


نظرة في المدخل:
ح ـ افتتح المؤلف المدخل بقوله: "وأبدأ (أظنها وأوّلُ) شيء أذكّرُ به هنا أنني لا أهدف لإثبات حديث الكساء بطريق صحيح، كما لا أتسرع في محاكمة النوايا".
جوهر بحث الشيخ الراضي هو التحقيق في إثبات حديث الكساء المتواتر، والقول بوضع حديث الكساء المشهور المتداول على الألسن، بينما المؤلف في هوامشه التدقيقية على بحث الشيخ الراضي لا يهدف إلى إثبات حديث الكساء بطريق صحيح، ولم نعرف عن أيهما يتحدث ؟!
وأخذ المؤلف في التنبيه على أن علماءنا في القديم والحديث لم يخف عليهم وقوع الدس والتزوير والكذب في مصنفاتهم سواء في نصوص المعصومين، أو في نصوص العلماء، ولفتَ نظر القراء إلى أن ما يقوله الشيخ الراضي ليس اكتشافا جديدا، وأن القول بمسألة وجود الوضاعين والمكذبين .. لا يعدو أن يكون رأيا شخصيا من قبل من يحملون راية نقد التراث اليوم كالشيخ الراضي (عفا الله عنا وعنه) (9) .
إذا كان الدس والتزوير والوضع لم يخف على العلماء قديما وحديثا لماذا لا يتم نشر نتائج تلك التحقيقات على المنابر؛ كي يطلع عليها الجمهور، فإن كتمان أمر تلك التحقيقات هو من كتمان العلم الصحيح، والتحقيقات المهمة في أمور اعتقادية ضرورية وحاسمة ؟! فكل ما فعله الشيخ الراضي هو مناقشة حديث الكساء بين التواتر والوضع بمنهجية علمية تراثية من صميم العمل العلمي الحوزوي مستعرضا أقوال العلماء عرضا ونقدا، ثم خلص إلى قول رأيه، ثم أعلنه منشورا في موقعه، فأين المشكلة إذن ؟!
ولا أظن أنها قضية جوهرية أن يكون ذلك اكتشافا جديدا يسجل للشيخ الراضي، أو قديما يسجل لغيره فإن الأمر الجوهري هو نتيجة البحث وإعلانها منشورة للقراء والجمهور.

ط ـ انتقد المؤلف في المدخل كتاب الأخبار الدخيلة للشيخ محمد تقي التستري (ت 1415ه)، حيث رأى الكثير من العلماء والنقاد أنه راجلٌ أشبهُ منهُ بالفارس في هذا الكتاب، ورأى أن هذا هو حاله في معظم كتبه، وقد وقف المؤلف على الكتاب، ورأى فيه ما يضحك الثكلى، ويسقط الحبلى، فهو من الكتب التي أوقدت نار الولوع بهذه المنهجية، وحببت إلى الكثير من المنتمين إلى التيار المعاصر النظر في التراث بعين النقد، واستثنى المؤلف كتاب قاموس الرجال للتستري فقد وقع موقع القبول العام.
لقد حلّ على كتاب الأخبار الدخيلة للتستري ما حلّ بكتاب الموضوعات لابن الجوزي، ولن نعد هذا رأيا للمؤلف في الكتاب حتى يطرح دراسته التي قال بأنه لا يشك في أهمية طرحها حوله؛ لأن العبارات التي أطلقها المؤلف على كتاب الأخبار الدخيلة ومؤلفه، مثل: "هو راجل أشبه منه بالفارس"، و"رأيت ما يضحك الثكلى، ويسقط الحبلى"، ليست تقييما علميا، وإنما هي بالعبارات الإنشائية أشبه منها بالآراء العلمية !!
يبدو لي أن المؤلف يرى أن أي كتاب يحظى بالقبول العام فهو الكتاب (القَيّم)، أما إذا لم يحظَ بالقبول العام فهو كتاب مغضوب عليه ولا الضالين، مثل كتاب "الأخبار الدخيلة"، فهل هذا معيار علمي موضوعي ؟!

ي ـ في ختام المدخل يقول المؤلف أنه ليس من غاية هذه الهوامش والتذييلات والتعقيبات خَلْقَ جوٍّ من المواجهة العنيفة في وجه الشيخ الراضي (سامحه الله)، ولا في وجه مَنْ يسيرُ في اتجاه الحملة على التراث؛ ولكن ليعلمَ الآخرون أنه بعدَ أن تحدّث وأطالَ مُظهرا أنه يتكلمُ بالأسلوب العلميِّ أردتُ أن أبيّنَ أن كثيرا مما جاء به في بحث "حديث الكساء" ليس على الطريقةِ العلميةِ في شيء، و(هي وجهة نظر شخصية) آمل أن يتقبلها"، وهي ليست مبارزة قتالية لإثبات حديث الكساء؛ لأن هذا الحديث يصنف في أبواب الروايات التي لا تحتاج إلى الأسانيد الصحيحة والثابتة بالقطع واليقين خلافا للرأي الذي تشدد له هو في نهاية [بحثه]، ويختم المؤلف قائلا: "فالمحاكمة إذن هي للأسلوب والمنهج المتبع لديه". ص15، ص16.
لقد حاول المؤلف أن يبرر ـ عبر الأقوال مرارا وتكرارا ـ أنه لن يقع في أسرِ المواجهة، والمبارزة، ولكنّه على مستوى التعبير اللغوي لم تخلُ لغة الكتاب من الغمز واللمز والكنايات الرامزة، والتعابير الغامزة مما أوقع الكتاب في حالة مواجهة ومبارزة عبر صور شتى؛ فتارة بأسلوب التحشيد اللغوي، وتارة عبر إعلان الدفاع عن (التراث الحديثي) بلغةٍ خطابيةٍ في وجه زحف تيارات النقد المعاصر، ومن يحملون راياتهم الخفاقة في المشرقين، ولم يخفَ حرصه على التحصين المذهبي "للشباب المؤمن"؛ حتى ولو على حساب البحث المنهجي الموضوعي !!
أعلن المؤلف في مقدمة الكتاب ومدخله أنه سيلتزم بمحاكمة منهج الشيخ الراضي وأسلوبه في بحث حديث الكساء، أقولُ: لقد أعلن ذلك، وَلَيْتَهُ فَعَلَ !!

رابعا: خاتمة تأليفية:
أجدد للمؤلف الشكر على قبوله هذا اللقاء الحواري، وهذه فضيلة أخلاقية وإنسانية تحمدُ لهُ، وألخّص أفكار هذه الورقة النقدية في النقاط الآتية:
• لدى المؤلف (من خلال كتابه) حرص واهتمام بالتراث الحديثي، ولكن لديه نزعة تخوف وتحفظ وتحوط من نقده، كما لديه في الوقت عينه أشواقٌ فكرية، وتساؤلات دفينة، فهو كمن يصبح متسائلا، ويمسي متحفظا محتاطا، بل مترددا كما قال الشاعر: (هممتُ ولم أفعل وكدتُ وليتني)، فتشعر به أحيانا متسائلا يدفعه شوق السؤال المعرفي، ولكنه يفضّل أن يكون محتاطا في رياض اليقين على أن يكون جوّابا في براري السؤال المؤرق.
• احتفى المؤلف تحت عنوان "خاتمة المطاف" من كتابه بتيار النقد الاعتدالي، وبدا حفيًّا بالتدقيق والتحقيق في التراث الروحي الشيعي من قبل أعلام كبار في الطائفة الشيعية، ولكن لا أدري لماذا بدا موقفه ملتبسا من جهود الشيخ الراضي في تحقيق بعض جوانب هذا التراث الروحي .. !! فما معنى أن يرى المؤلف في جهود بعض الأعلام "اعتدالا"، ويرى في جهود الشيخ الراضي "اعتلالا" ؟؟!! هذا مجرد تساؤل.
• كنت آمل أن يكون النقد أكثر منهجية ودقة؛ كي نربح بحثا علميا، وكتابا علميا، ولكن لم يكن الأمر بالتمنيات !!
• أقترح على المؤلف (في الطبعة الثانية) أن يعقد حلقة من حلقات كتابه حول جهود الشيخ الراضي العلمية والتحقيقية معرّفا بها، عارضا لمضامينها، ذاكرا الشيخ الراضي بالثناء والنقد !! فهذا من ثوابت البحث العلمي الأصيل.
• لم يخل الكتاب من خلل منهجي جذري، وهذا واضح منذ المقدمة والمدخل، ولا مفر من معالجة هذا الخلل؛ كي يستقيم الكتاب على سوقه ناضجا مثمرا ناجحا !!
• هناك دوما في عالم الأفكار والكتابات والمؤلفات نقاش مستمر بين دعاة الأصالة، وأنصار المعاصرة، بين دعاة التقليد، وأنصار التجديد، ولكن كلما تجاوز أي مؤلف هذه الثنائيات الضدية كلما كان أقرب من أصالة البحث العلمي ومنابعه !! فالحقيقة بنت البحث وكفى!!


---------------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
(1) في ما كتبه الدكتور عبدالهادي الفضلي حول مادة "أحساء" في دائرة المعارف الإسلامية الشيعية، والشيخ محمد بن عبدالله آل عبدالقادر في تحفة المستفيد بتاريخ الأحساء القديم والجديد، والمؤرخ الشيخ عبدالرحمن بن عثمان الملا في تاريخ هجر، والشيخ جواد الرمضان في مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرين، والسيد هاشم الشخص في أعلام هجر من الماضين والمعاصرين .. شواهدُ على أصالة هذا الحراك الإنساني والعمراني بمعناه الحضاري !!
(2) أقام المنتدى في الجلسة الشهرية المؤرخة في شهر ذي الحجة 1434هـ محاضرة للشيخ عباس الموسى بعنوان "الشيخ حسين الراضي: فكرا ومنهجا"، وهذا هو الاحتفاء الثاني بالشيخ الراضي باستضافة الشيخ عبدالجليل البن سعد ناقدا له !!
(3) تناول حيدر حب الله في أطروحته "نظرية السنة في الفكر الإمامي الشيعي: التكون والصيرورة" قضية "تاريخية السنة الشريفة"، من ص713 ـ ص747 ، أو ما أسماه بـ"القراءة التاريخية"، أو "الفهم التاريخي"، أو "نزعة القراءة التاريخية"، وقد قسم المفهوم إلى قسمين: التاريخية المعرفية، والتاريخية الواقعية، ويرى حب الله أن ثمة فروقا بين قاعدة تحول الأحكام بتحول الموضوعات كما في علم الأصول، وما يعنيه بمقولة "تاريخية السنة"، ويرى ضرورة دراسة النص الديني من منظور "نظرية القراءة التاريخية" قبل دراسته من منظور قاعدة تحول الأحكام بتحول موضوعاتها، ويرى ضرورة طرح السؤال: هل النص الديني يفرز حكما مرحليا مقيدا بظروف "زمكانية"، أم هو حكم إلهي أبدي، ومقولة تاريخية النص لا تعني إلغاءه.. واستعرض تاريخ هذه المقولة في التراث الشيعي إن في النصوص أو في آراء الأصوليين والفقهاء والمفكرين من عصر الشيخ الصدوق إلى محمد باقر الصدر وقوله بـ"وعي الواقع التاريخي"، إلى محمد مجتهد شبستري، ومحمد مهدي شمس الدين، ومحمد حسين فضل الله، وذكر نماذج شيعية تطبيقية لتاريخية السنة، وصلت إلى أربعة وثلاثين نموذجا.
وأشار حيدر حب الله في سياق حديثه عن نزعة القراءة التاريخية إلى الدرس الهرمينوطيقي في الفكر الشيعي، وأن جذور هذا التوجه تعود إلى منهج تفسير النصوص المقدسة في الغرب، ويقول:"هذا السياق الغربي للتأويل ترك أثره مؤخرا على الفكر الشيعي"، ص792، ويضيف:"إذن فالحس التاريخي على المستوى النظري كان حاضرا بقوة عند شبستري، ونحن نعتقد أن تيارا عتيدا بدأ يتشكل اليوم في الثقافة الشيعية ينحو نحو التاريخية هذه؛ تأثرا بحركة ترجمة ـ لعله لا نظير لها في الوسط الديني ـ للأفكار الهرمنيوطيقية الغربية"، ص731، ويعبر بشكل واضح بأنه يوجد "هناك خوف من إنفاذ هذه المقولة "تاريخية السنة" في فهم النصوص الحديثية في الداخل الشيعي"، ص734
(4) نظرية السياق متشعبة الأنواع: وممن له جهود بارزة في هذه النظرية "جون فيرث"، و"مالينوفسكي"، و"جوزيف فندريس"، و"رومان جاكبسون"، و"بلومفيلد"، و"هاليداي"، و"هايمز"، و"ليفيس"، وهناك نظريات تدرس السياق، مثل: نظرية السياق في النحو التحويلي، والسياق في نظرية أفعال الكلام، والسياق في علم لغة النص، وقد اهتم النقاد والبلاغيون والأصوليون بنظرية السياق في التراث العربي الإسلامي كما عند بشر بن المعتمر، وعبدالقاهر الجرجاني، والشافعي، والمعتزلة، والشيعة، والسنة، وللسياق مستويات مختلفة، منها: سياق الموقف، والسياق اللغوي (الوظيفة الصوتية، والمعجمية، الصرفية، والنحوية، والدلالية)، والسياق الثقافي، والسياق العاطفي، وغير ذلك.
(5) مثال ذلك كتاب المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري، فقد استدرك على البخاري ومسلم في صحيحيهما بناء على (شرطيهما)؛ أي منهجيهما !!
(6) من إفادات الأستاذ المتتبع أبي حيدر أحمد الفاير.
(7) كتب الشيخ الراضي فصلا (الفصل الرابع) في كتابه "المؤامرة الكبرى" بعنوان: "المؤلفات في الأحاديث الموضوعة والضعيفة في التراث السني أحصى فيه أكثر من خمسين كتابا وموسوعة تدرس هذه الظاهرة الخطيرة، ونقد "ندرة" التأليف من علماء الشيعة في هذا الجانب العلمي المهم غضبان أسِفا !! وذكر حيدر حب الله إلى أن التأليف في نقد الموضوعات في التأليف السني أقدم وأبكر وأكثر وأسنى.
(8) لديّ حساسيةٌ من استعمال لفظة (البعض) في تأليف الكتب، وكنت أرجو أن يسلم منها كتاب "الهوامش التدقيقية"، ولكن يبدو أنها أصبحت خطابا لغويا، وليست مجرد لفظة لغوية متوغلة في الإبهام، فَمَنْ هم هؤلاءِ (البعض) الذين قادوا نفس الحملة على التراث الحديثي (فطالما تكررت هذه النبرة في الكتاب) ؟!
(9) تكرار الأدعية من المؤلف للشيخ الراضي بشكل ملفت !!



جلسة شوال 1435هـ
جابر الخلف


 

 


التعديل الأخير تم بواسطة منتدى السهلة الأدبي ; 25-08-2014 الساعة 10:46 PM.
منتدى السهلة الأدبي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01-09-2014, 05:59 PM   رقم المشاركة : 2
منتدى السهلة الأدبي
منتدى السهلة الأدبي






افتراضي رد: من الاعتقادات إلى تصحيح الاعتقادات (من موضوعات الندوة) ـ جابر الخلف

روابط ذات صلة ببقية أوراق الندوة


كلمة التقديم
الأستاذ/ يوسف الشريدة
http://www.altaraf.com/vb/showthread.php?t=111571

كلمة سماحة الشيخ عبدالجليل البن سعد حول كتابه:
(هوامش تدقيقية...)
http://www.altaraf.com/vb/showthread.php?t=111601



(...........)

-2-
قراءة انطباعية في هوامش تدقيقية
الأستاذ/ أحمد الربيح
http://www.altaraf.com/vb/showthread.php?t=111575

-3-
الحواشي حينما تعبث بالمتن
الأستاذ/ حسن الربيح
http://www.altaraf.com/vb/showthread.php?t=111570

-4-
المنتخب الطريحي وحديث الكساء
الأستاذ/ حسن البوصالح
http://www.altaraf.com/vb/showthread.php?p=1071302#post1071302

-5-
علامات الوضع
الأستاذ/ طاهر الخلف
http://www.altaraf.com/vb/showthread.php?t=111586

-6-
المنهجية بين الشيخين
الشيخ/ علي صالح الحجي
http://www.altaraf.com/vb/showthread.php?t=111587

 

 


التعديل الأخير تم بواسطة منتدى السهلة الأدبي ; 01-09-2014 الساعة 07:07 PM.
منتدى السهلة الأدبي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-09-2014, 01:33 PM   رقم المشاركة : 3
منتدى السهلة الأدبي
منتدى السهلة الأدبي






افتراضي رد: من الاعتقادات إلى تصحيح الاعتقادات (من موضوعات الندوة) ـ جابر الخلف

وهنا التسجيل الصوتي الكامل
لفعاليات الندوة



http://www.altaraf.com/vb/showthread.php?t=111610

 

 

منتدى السهلة الأدبي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-09-2014, 02:04 PM   رقم المشاركة : 4
منتدى السهلة الأدبي
منتدى السهلة الأدبي






افتراضي رد: من الاعتقادات إلى تصحيح الاعتقادات (من موضوعات الندوة) ـ جابر الخلف

وهذا رد الشيخ عبدالجليل البن سعد على ورقة الأستاذ جابر الخلف
ننسخه من موقعه كما هو مكتوب دون مراجعة لغوية ونلقي عاتق المسؤولية الكتابية على الموقع.


بسم الله الرحمن الرحيم

صحيح أننا وفي هذه الجلسة نعنى بالايرادات التي تخص إصدارنا الأخير ( هوامش تدقيقية) بيد أنه و في هذه المداخلة التي جاءت منبسطة في الطول والعرض بعض النقاط التي تحمل هوية الثقافة المتمردة ــــ بالمعنى الأدبي لابالمعنى السمج للكلمة ــــ وقد افتتحها بمفهوم بين من حيث هو غامض وغامض من حيث هو بين أعني به التساؤل، وأدعو نفسي هنا ان أقف بالقارئ على جانب من حقيقة السؤال والتساؤل حتى لا نكون ممن يعب من كأس الشعارات الفضفاضة، الذي هو كأس النشوة في عصرنا ؟!
أهمية ومهمة الكتاب في حياتنا:
اقترن اسم الكتاب بالمرجعية الفكرية، والخبرة العلمية و التحقيق المنطقي، والتعليم السليم، أو المطارحة [الجدل الموضوعي] الذي لا يختم إلا عن صورة من النتائج المفيدة.. كما أن الكتب السماوية قد اقترنت من قبل بالحقيقة المطلقة من حيث كانت مأمونة على من يتعلمها قال عم سناؤه:{ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ }، فالكتاب كان صندوقا يغلق ويفتح عن جواهره، كما كان التسخيف نصيبَ ما يكتب على خلاف هذه الطريقة وإن كان كاتبه من أجلة العلماء..
بينما ما نقرؤه في هذه المداخلة لأخينا الكريم هي دعوة غريبة تشيد بالكتاب على اساس ما يثيره من تساؤل في وعي وعقل كل أحد حتى غير المختص ؟!!
إن جعل التساؤل أهم إثراءٍ واثرٍ يتركه الكتاب ــ بحسب قول الاستاذ جابر ــ دون الاخذ بعين الحكمة أقسام السؤال، وهل أن حق الاثارة مفتوح أم معزو؟ كأن يحق للبعض و يمنع من الآخر، وكذا فإن تقييمه المطلق للتساؤل دون دراسة ما يترتب عليه من سلوكيات خطيرة عندما يكون مفتوحا، وأبسطها أن يكون التساؤل موضة و فوضة عارمة، كل ذلك نوع من المسامحة اللامسؤولة..
والحقيقة المفيدة في معرفة مدى و ردى هذه الأطروحة تحتاج إلى تفسير النفساني والمؤرخ الذي يمكن أن يضعنا أمام عنفوان التساؤل الهادر وضرباته الموجعة على طول الملحمة التكاملية.
مرة أخرى إن غياب الجانب الفلسفي في تكوين عقلنا الثقافي جعلنا نسير بلا هوية ولعلها الأزمة الأعمق في حياة ونشاط المثقف العربي بالخصوص، ففي غضون سنوات بسيطة فقط نصبت كل الاتجاهات الفكرية مخيماتها في وسطنا فقدمت العرض وكثر الطلب لكن لا على أساس الانتخاب ولا على أساس العشوائية أيضا إنما على اساس اللامنهجية و عدم الوعي بالدور والفعل الفلسفي في الحياة ــــ أوما بحكمه كالتعاليم الدينية اليقنية ـــــ فهذه هي الأزمة الأقوى في مسيرة المثفف العربي و (طبعا) هي مسألة نظر تقديرية لا أكثر.
السؤال مثالا:
إن الظن بالسؤال أنه حالة عفوية لا تعقيد فيها أو أنها حق مفتوح لا معزو أو أنها ردة فعل فكرية من المجهول وليس للبعد النفسي والأخلاقي دور فيها هو جهل بالأرضية الفلسفية للسؤال وقديما راعني مقال فارسي ــ وعقلية الثقافة الفارسية تبتني على الفلسفة بخلاف العقل العربي ـــ بعنوان سؤال جيست؟ (ما هو السؤال) ومن بدائع هذا المقال (1)فيما أتذكره تعريفه السؤال:
أن السؤال يتحرك نحو المعرفة (لا نحو الاثارة) فالسائل يشعر أنه قد اصبح في مواجهة ظلمة الجهل وأنه يريد العبور من تنوع الترددات والاحتمالات والظنون إذن فالسؤال هو الانتقال من المجهول إلى المعلوم...
والحق أننا لو وقفنا عند هذه الوصفة المنطقية الفلسفية: (الانتقال من المجهول إلى المعلوم) لعرفنا أن السؤال له في الفلسفة العامة معنى يستتبع شروطا وخصائصا فكثير مما نعتقد أنه سؤال هو ليس بسؤال، إذ ربما عكس بنا الدرب فأخذنا في رحلة استعبادية من المعلوم إلى المجهول ؟!!
فالصحيح أن التساؤل رتبة معرفية تحدد قيمتها من طبيعة ومنزلةِ حاكيه، و مركزية مدرسته التي ينتمي إليها، كما أنه يرتبط بزمانه ومكانه، وهذه كلها اعتبارات التساؤل المنهجي (المعرفي)..
وأحلى الاختصار أن نقول: أننا لا نفهم معنى كون التساؤل إثراء بحكم مطلق غير معلق فقد يكون التساؤل نزعة والنزعة إلى الجهل أقرب منها إلى الوعي !!
كما أن الطبيعي أن يتساءل الانسان ثم يقرأ ليستأصل شأفة السؤال لا أن يقرأ ليزداد تساؤلا ؟!؟!
وهل الشبهة والزيغ إلا من التساؤل غير المنهجي(المعرفي) الذي هو الحد الأوسط والأمثل بين التساؤل المطلق وبين الاستلاب!
عزيزي.. ربما وافقتني وربما عارضتنني لكن هذه مشاركة وليست معارضة ..
التعريف بالكتابين:
ساق الأخ الفاضل في بداية ورقته تعريفا على وجه المقارنة بين الشيخ حسين الراضي حفظه الله و ضيف الندوة في كتابه الهوامش وقد جاء ذلك في عدة مواضع من مقالته الجميلة فذكر في مطلعها حكما استبق فيه نتائج الندوة فنراه قد لفّ ثياب و أوصاف التحقيق وكأن وهما خالجه بأن الهوامش جاءت لتنزعها منه، وفي المقابل أعتبر أن التلميح والتلويح بالنبز قد امتزج بأسلوب وأدبيات الهوامش ..
والمسألة ببساطة أن المؤلفين يسيران في اتجاه واحد أحدهم في ظهر الآخر يضع قدمه في كل أثر قدم لسابقه ويحاققه فيما يطرح ويشرح بالعودة به إلى ماهو ثابت و معنون في المصادرالعلمية المقررة لا بمجرد الفهم والذوق الشخصي، ولذا فإن ما يجب أن ننظر فيه هو أي الدراستين أحكم و أسلم في الاستفادة من قوانين الأصول والدراية والرجال والفقه، وحتى لا نفوّج الكلمات ولا ننفخ في المفاهيم بما يزيدنا بعدا عن الغاية يكفينا أن نقول أن الهوامش التي يجتمع الأخوة المنتدون في هذه الندوة لقراءتها امسكت بقلم التصحيح، وهي تنتظر قلم المراجعة بعد التصحيح وهذا ما يحتم علينا نقد كل فصل فصل من الكتابين..
أجمل ما في المقال الجميل:
هو الروح الجميلة التي قد ابتنت على خير دعوى وهي دعوى التجرد، فقد نال تقديري حين جعلها الميزان في النظر، وأشار ــــ متكرما ــــ إلى الشيخ الراضي، و الهوامش بعده، ولم يستثني ورقته الشخصية، بل كل ما سيقدم في هذه الندوة وجعلها جميعا في الحكم سواء قائلا أنها : تذكر وتشكر وتعد وتنقد !
سلبيات الحديث عن الإيجابيات ؟!
أفاض صاحب هذه الورقة وسال مع كلمات الشكر والتقدير لحضوري وتوافق رغبتي مع رغبتهم في إحياء مناخ حواري حالم، وهي المشاعر التي تقدمت وستتكرر في باقي الأوراق، وهي التحية التي عَجزتُ عن مجاراتها إلا بمثلها فلهم لقاء كل شكر شكرٌ مني، و حيال كل تقدير تقديرٌ مني، وهل يستوي من حاز فضل السبق والمبادرة ومن هو لاحق .. لا يستوون!
كما أنه قد حاصر المحاسن في خمسة مواضع من مقدمة الكتاب وأراد ان يتحدث عنها بعيدا عن الملاحظات التي أرجأها إلى المقطع الثالث من مقاله.. إلا أنه مني بخلل فني هنا، حيث تعلق بما يراه بعين السلبية ولم ينتظر بها حتى المرحلة الثالثة المخصصة لذلك؟! ومن السلبيات ــ بحسب فهمه ــ أن الكتاب لم يخلُ من سلبيات الخطاب الشفوي المنبري الانشائي الذي يراعي المواضعات الاجتماعية والدينية.
لست أفهم كيف استغنى كاتبنا العزيز عن التدليل ولو بمثال واحد ؟! أليس من الوارد أن نختلف في الخطابية بيانا ومبينا عنوانا ومعنونا؟؟
على أن الخطابية والانشائية ليست سلبية في كل الأحوال، فإن من الضعيف في نفسه ما يكتسب قوته مما يضاف إليه كما قال ذلك الأدباء في باب المعارف، وعزائي أن لكل أديب فجوة !!
وفي الأمر الثالث حسب ترتيبه تنبه الأخ اللطيف إلى أن صاحب الهوامش قرأ أبحاث نظيره و لكنه عين بحث حديث الكساء لاجل أنه الأنسب لبحث الأدوات والآليات، وهي لفتة جميلة ولكن سرعان ما اختطفها النسيان وسوف نكتشف نسيانه لذلك عندما ينقلنا إلى الملاحظات !
وفي الأمر الخامس أشار إلى أن محاولة إعادة الصياغة للارتقاء بالحوار لم تتم ولذا هي بحاجة إلى استئناف، وهذه كسابقتها لم ترفق بوجه أو مثال، ومن اللافت أنه سيستمر في إرسال التقييمات المجملة باسلوب الجمجمة فلا يفصح عن أي مخبئ في الكتاب يتحدث!
نقد النقد:
أرسل الكاتب المحترم نظره في العنوان ورأى من النقص في جماليته أنه لم يؤسس لفرق واضح بين التحقيق والتدقيق وبذلك يخيب ظن القارئ الذي كان يعيش توقعا وترقبا من هذا القبيل..
وأنا أيضا لا أستبعد أن هناك قارئ بسيط ومبتدء تتولد عنده التوقعات ويعيش حالات من الترقب لما لا يتوقع ولا يترقب بالطبع!!
كمن يقرأ تفسيرا علميا للقرآن فيقول توقعت أنه سيعرب الآيات؟!
أو كمن يقرأ كتابا استدلاليا نظريا في بحث الإرث من الفقه ولكنه يبحث عن طرح العمليات الرياضية في تقسيم الحصص ؟!
فالخطأ إذن على من لم يميز منشأ توقعه فصار يطلبه في غير موقعه، كما أن توفير المؤلف والمصنف لكل التوقعات حتى البعيد منها هدر للطاقة، والساعات.!
على أن عنوان الكتاب ومقدمته التي اشتغل بها الأستاذ لم تحو على كلمة " تحقيق" ولو أنها ضمت كلمة "تحقيق" إلى جنب "تدقيق" لكان هذا التساؤل حقيقا لأن من المشتركات ما إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا، فالحاجة إلى بيان الفرق في صورة الاجتماع لا الافتراق يا عزيزي ..
ومما يعزز الاشارة إلى أن هذا التساؤل لن يقف عنده القارئ الجيد أن بعض الأوراق التي قدمت في الندوة عكست ذكاء قارئها ورأى أن في اختيار صاحب الهوامش لعبارة تدقيق دون عبارة "تحقيق" مغزى واضح وسأشير إلى ذلك عندما نتناول تلك الورقة عينا إن شاء الله تعالى(2) .
وبما ان بوصلة الدراسة تتوجه جهة المقارنة بين منهجين في زاوية واحدة فقط وهي التعامل مع الموضوعات، فقد كنت اتوقع ان يلتبس القارئ ويظن أنني منفتح على بحث كل ما يخص التيارات المعاصرة في نقد الحديث فحفزني ذلك على تكرار الاشارة إلى الجانب الخاص بالمقارنة، وهذا أبرزته على مستوى المقدمة، والفصول، والعناوين الأصلية والفرعية، وفوق وتحت الخط من الصفحة راجع على سبيل المثال:
الصفحة (8) و (9) و (13) و (14) و (15) و (46) و (49) و (57) و (87) و (172) و (231) و (243) و (247) و (273).
وهنا ينشب بعقلي سؤال كيف قد فاتت على قارئنا الكريم كل هذه الإشارات؟؟
كما أوضحت في المقدمة طبيعة هذا التيار المتصورة لدي أنا خاصة ومن زيادة التوضيح على التوضيح قلت:"" وفي تقييمنا الخاص أن هذا التيار يعيش مشكلة وليس تقدما والمشكلة هي النظرة التجزيئية...الخ"".
ومن هنا أصبحت لا ألمس معنى لمداخلته حين قال: "فقد خلت المقدمة والمدخل من ضرورة التأصيل...وأن البيان لا يؤخر عن موضع الحاجة"، إذ قد عرفنا بهوية كل اتجاه بفكرة مختصرة يكفي لبيانها ثم إن القاعدة ((عدم تأخير البيان عن موضع الحاجة)) تتحدث عن البيان النسبي، بينما التأصيل يستدعي التفصيل وهي دعوة إلى الاستطراد الممل!!
وإن سطرين مهمين جدا جاءا في المقدمة التي تفرغ الاستاذ العزيز لدراستها قد فاتاه وهذا ما جعله يفتش ويطالب بضرورة ان تحضر مدارس التيارات المعاصرة في الكتاب باسمائها ومعالمها وكافة سلبياتها وإيجابياتها وإلا كان ثلبا منهجيا يرى لنفسه الحق في إعلانه .. ثم ارتقى بالرأي فقيم العنوان على أنه تحيز لغوي ومنهجي ؟!!
بينما قد كشفت أنا وفي قول صريح وفاصح عن العلاقة بين تيار النقد المعاصر وبين البحوث المختصة بباب الموضوعات ـــ المجال الذي أخذ الشيخ الراضي على نفسه متابعته ــ فقلت : " وإن التيار النقدي المعاصر استفاد من هؤلاء واتكأ عليهم وروج لدراساتهم؛ لذا عممنا عنوان الأطروحة وقلنا ـ مقارنة علمية بين منهجي البحث العلمي الأصيل وتيارات النقد المعاصر في علم الحديث ـ".
ولو تفطن لهذين السطرين لعلم أنه في غنى عن ثلث مقالته؟!!
ونلملم هذه النقطة في أمرين مع إضافة مهمة:-
1 إننا لم نطرق باب التيارات الحديثة إلا من جزئية واحدة وهي تغذيها بشكل أساسي على الأبحاث التي تناولت الموضوعات فقط، وسوف يستبد بك العجب حين ترى الكاتب العزيز وبعد أسطر يعود للقراءة الصائبة التي كانت تنتظر من مثله ويعترف بأن نقد التيار المعاصر ليس هو موضوع الكتاب حيث قال: "" ان المؤلف شن هجوما نقديا في المقدمة على تيارالنقد المعاصر(وهو ليس موضوع عنوان كتابه)"" !!!!.
2 اننا عَرّفـنا بسيرها العام وأنها تُعنى بالسياق الظرفي والاجتماعي ليس غير، بمعنى أنها لا تقبل مثل قانون " المورد لا يخصص الوارد " ونحوه من القوانين المعينة للدلالة، فكان على الباحث الكريم ــ كناقد ــ أن ينقض ذلك أو ينقل لنا تفاصيل من أعلام المدرسة ذاتها تكشف عن سطحية هذه النظرة تجاههم وسقم تعبيرها عن موقفهم إزاء مادة الحديث، لأن تركه ذلك والاكتفاء بالتساؤل فقط لا يجعل نقده يتقدم بالموضوع بل على العكس، فالناقد يجب أن يرفع ما اشتكاه نظره ويصحح ما يخطؤه تصحيحا مباشرا وبما يكفي، وهكذا أظنه قد نسي واجبه من حيث أطال في التساؤل عن واجب صاحب الهوامش ذاك الذي لم يفته أن يضع القيد و يحاصر جهة بحثه وأنها خاصة بظاهرة الوضع وتحليلها وأن التعريف بطرقهم في هذا الجانب بالخصوص ابتدأ مع المقدمة واستمر حتى تحية المطاف ؟؟
ثم إن الاستمرار في قراءة أدوات وآليات التيار المعاصر مع المحاكمة الاستقصائية لكل مفردة مفردة وعلى مستوى دراسة واحدة يقدمها من له ميول معاصرة كما تم مع بحث حديث الكساء للشيخ الراضي هي المقارنة التي تشهد بالأصالة على المنهج العام و بالوهن على المنهج المعاصر الذي يكتفي أساتذته بالنظر في الجزئيات ـــ يلعبون دور الكليات في الجزئيات ـــ إذن فلا موقعية للقول : " لا أن يكون أحدهما أصيلا منذ عنوان الكتاب، والآخر ملبسا في عرض الكتاب وطوله "!!وإن شاء الله سنشير مرة أخرى إلى إشكالية لعب دور الكليات في الجزئيات لانها أبرز و أكبر فجوة في منهج التيارات المعاصرة، وقد لا حظنا هذا جليا في بعض دراسات الهرمينو طيقا بالخصوص فكلما كان الهرمينوطيقون أبعد عن قيود القواعد والكليات كلما وجدوا الفسحة أمامهم أوسع للكلام وبث الفرضيات.
الأصالة والأصيل:
لما كانت الاضافة مقبولة لأدنى مناسبة أمكن أن ننعت المنهج العملي بالأصالة لقدمه و لارتكازه إلى الأصول النظرية التي يسبق إعدادها مرحلة التطبيق..
ولغة يقال رأي أصيل أي له أصل، وأصّـل الشيء قتله علما فعرف أصله(3).
ومهما يكن من قراءة فإن المقصود بكلمة الأصيل ليس هو حسم النتيجة لصالح المنهجية المألوفة وإن كنا من أتباعها إلى حد ما كبير،فإن المنهجية شيء والنتيجة شيء آخر إذ أن كل منهجية فيها مساحة للاختلاف في النتائج، وإنما المقصود كما قلنا سابقا ــــ ولا زلنا بحاجة إلى أن نكرر ـــ هو أنها محددة الأصول والقواعد في علم خاص بها وهو علم دراية الحديث وسائر العلوم التي تمثل عناصر مستقلة لفهم وتحليل مادة النص الديني أي بما استودع فيها من مفاتيح لكل مسألة مسألة بحيث تقوم الحركة العلمية داخلها بتجديد وإعاد صياغة المفاتيح ضمن دكان ذلك العلم وبشكل بحثي تفصيلي يقابل فيه النظرية بالنظرية و يقرن الحل بالنقض والقاعدة بتطبيقاتها، أي ما يساوي قتل المسألة علميا وإنفاذ مغارز القواعد في كيانها.. ولكن من المثقفين عموما من لا يزال غير مدرك لأهمية هذا الأمر، فلا يرى حاجة إلى ضرورة أن يكون الثائر على الموروث قد مارس النظرية أولا!! ولذا نرى العزيز جابر وفي الجزء الأخير من مقالته قد استنكر طلبي هذا بالتهكم أولا فقال: ""ولا أعلم لماذا يحتاج أي محقق إلى علوم الكون حين يريد تحقيق حديث أو خبر تاريخي...""، وبالطبع فهذه شارة أخرى على البدائية وقصور الاحاطة لدى الأخ العزيز بفكرة الآلية في العلوم ويحتاج في ردم هذه الهوة المعرفية لديه إلى مراجعة تعريف المحققين لعلم الأصول وبالأخص بحث الشهيد الصدر قد سره في بيان العناصر المشتركة في الاستنباط ومدى صلتها بالعلوم الأخرى..
ثم عطف بالاستهجان لقولي: "" أن الشيخ لم ينجز دراسة عامة تعبر عن رأيه في الحديث والمحدثين""، فقال: "" ...إن أي محقق يمكن معرفة رأيه ومنهجه من خلال كتبه وتحقيقاته ودراساته التطبيقية ومعالجاته النقدية مثل زيارة عاشوراء وحديث الكساء وأخيرا حديث الأفلاك"". ويأتي قوله هذا على خلفية الغفلة كل الغفلة عن الفرق بين تحليل الجزئية قبل الكلية، و إبراز المعتقدات والمرئيات الشخصية بعيدا عن خلفياتها النظرية.
وبكلمة: إن من لعبة دور الكلية في الجزئية ما هو مجازفة علمية وبحق..
وأما ما ذكرناه في الاشارة إلى المؤامرة الكبرى فإشارة إلى معتقده ورأيه بخصوص الغلو ولم ندعي اننا وجدنا قاعدة أو أصلا منقحا بقلم فضيلة الشيخ في ذلك الكتاب، رغم أنه حاول أن يعرف بأسباب الوضع والتزوير فذكرها سردا مازجا بين الأسباب الواضحة وغير الواضحة، وإننا نقلنا عن العلامة المامقاني أن شيئا من تلك العلامات لا تفيد الجزم ..
والأغرب في الجواب أنه أراد دلالتنا على كتاب لسماحة الشيخ يرى أنه سيقنعنا من خلاله بأن الباحث في وضع حديث الكساء قد كتب في العلم الآلي فذكر مثالا لكتاب تاريخي اسمه تاريخ علم الرجال ؟!؟!! ويقصد به الكتاب الذي كتبه الشيخ مشكورا في الدفاع عن النجاشي قبل سنين خلت أرخ فيه الشيخ لرجالي الشيعة عبر الطبقات وسرد أسمائهم.
وفي تعليق محرج نقول:
إذا كنا لا نفرق بين الدراسات التاريخية التجميعية(4) والدراسات العلمية فلا غرو أن تفكيرنا لا يصل إلى أهمية الفصل بين العلوم الآلية المفتاحية والبابية وبين العلوم الدلالية، بل ولن نعرف أن صفة البراعة والتحقيق هي حظ الذي يصول في الأولى ممن لا يأتي الثانية إلا من بابها.
ثم إن هنا سؤالا طارئا: هل لا زال الشيخ على آرائه القديمة المحافظة في كتاب النجاشي أم أنه تنازل عنها بعد أن قرأ أبحاث يحي محمد حول كتاب النجاشي مثلا ؟!!
نعم نحن ننتظر الكتاب الموسوم بـ(القواعد الرجالية ) والذي لا يزال بيد الطبع ــــ بحسب نقل الأخ الفاضل ــــ ، فمرحبا بالبشرى ..وهل طالبنا إلا بالمنهجية؟؟
وعلى القارئ المهتم بهذا الحوار أن يلتفت إلى أن هذا الأمر سوف أكرره في النقاش مع الاستاذ بل ومع سائر الأوراق المقدمة وبعبارات شتى آمل أن تسهم في بيان الاشكالية المنهجية التي يقع فيها هذا الصنف من أرقام التيار المعاصر إن شاء الله.
و لو أن الأخ الطيب سأل منذ البداية عن استيعاب تلك التيارات ومتابعتها وهل أن هذا المقدار الذي قدم في الهوامش يكفي لذلك أم لا؟ لأقررت معه بأنه الأمر الذي يقصر عنه كتابي بتمامه وليس المقدمة فحسب، لذلك تحركت وبدافع من هذا الشعور لكتابة بحث مفصل عن نظرية السياق الاجتماعي وتأثيره على فقه الحديث وأخذه أو رده تعقبا و سجالا مع بعض الكتابات المعاصرة كيوسف شلحت من الناشرين الأوائل في هذا التيار، و عبد الجواد ياسين، ووجيه قانصو، وووالخ، وقد رشحت أجزاء من ذلك البحث ضمن سلسلة محاضرات العشرة الحسينية 1435هـ
هل هناك اتجاه رئيسي في علم الحديث أم اتجاهات كثيرة؟؟
تساءل الكاتب الموقر بالقول: "" ولا يخفى على المؤلف أن المناهج و التيارات لا تحصى كثرة ويمكن مراجعة على سبيل المثال أطروحة الشيخ حيدر حب الله نظرية السنة ليكتشف تعددها واختلافها..."".
من شروط النقدِ البصيرةُ النافذة وعدم التقليد ولذلك يقال "" الناقد بصير""، فالاتكاء على الغير له ضريبة يدفعها المتكئ بالوكالة !!
إن كاتبنا المحترم انبهر بالتبويب والسرد الذي اعتمده الأخ الفاضل الشيخ حيدر حب الله الذي فصل بين مدرسة اليقين والظن ونقد السند ... ولم يحتمل ولو بنسبة ضعيفة أن ما رقمه الشيخ الفاضل عرضة للنقد والملاحظة الفنية و الصناعية على حد سواء، إذ قد فات سماحته المواضع الكثيرة من التهذيب للشيخ الطوسي ورسائل المرتضى وتعابير الصدوق وكلمات للعلامة في التذكرة والمنتهى التي تفسد بعض الثمار التي هي من حصاد هذا الكتاب، بل رأيته أضعف من أن يجمع بين موقفين للعلامة الحلي فبعد أن وقف على نصوص يضعف العلامة فيها السند لوجود بتري أو واقفي أو زيدي أو فطحي من الرجال قفل قائلا كالمتفاجئ :"" ... رغم كل هذه المواقف المتشددة من العلامة والمركزة على امر السند إلا أننا نجده يتخذ مواقف أخرى لم يبد بعضها واضحا لنا فقد قبل الرواية التي فيها رجال من البترية مع توثيق الأصحاب لهم ...""(5).
الخلل في دراسة الشيخ حب الله:
لن أستوسع في الحديث عن مشروع الشيخ حب الله ولكن هي وقفة جاءت مناسبة لبيان الخلل المنهجي لدى متزعمي التيار المقابل.
إنه ظل يحاول دراسة الظاهرة السابقة معتمدا على الكتب الفقهية للأعلام، ولم ينتقل إلى مناهجهم الأصولية إلا نادرا ، فلو أنه وقف على كلام الطوسي في العدة لعرف سر تباين مواقفه ومواقف العلامة بين المورد والآخر قال الشيخ:
""وإذا كان الراوي من فرق الشيعة مثل الفطحية والواقفة والناووسية وغيرهم نظر فيما يرويه فإن كان هناك قرينة تعضده أو خبر آخر من جهة الموثوقين بهم وجب العمل به وإن كان هناك خبرآخر يخالفه من طريق الموثوقين وجب اطراح ما اختصوا بروايته والعمل بما رواه الثقة وإن كان ما رووه ليس هناك ما يخالفه ولا يعرف من الطائفة العمل بخلافه وجب أيضا العمل به إذا كان متحرجا في روايته موثقا في أمانته وإن كان مخطئا في أصل الاعتقاد.
ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحية مثل عبد الله بن بكير وغيره وأخبار الواقفة مثل سماعة بن مهران وعلي بن أبي حمزة وعثمان بن عيسى ومن بعد هؤلاء بما رواه بنو فضال بنو سماعة والطاطريون وغيرهم فيما لم يكن عندهم فيه اختلاف "" (6).
بل سيتملكك العجب إلى ما لا نهاية حينما تعرف بأن صاحب الدراسة استاذ حوزي يحاول اكتشاف مسألة التعارض لدى العلامة من خلال كتبه الفقهية غافلا عن مراجعة كتبه الأصولية في الوقت الذي نرى العلامة قد كفانا مؤونة التساؤل عنه من بعده بما شرحه وفصله في أوسع كتاب أصولي له وهو كتاب نهاية الوصول إلى علم الأصول فلو أن الأستاذ حب الله رجع إلى الجزء الخامس من هذه الموسوعة لرأى تحليل العلامة لاختلاف رأي المجتهد من كتاب لآخر (7)ولتعرف على وجوه الترجيح التي كان يطمئن لها اجتهاد هذا العيلم الفذ؟!!بل إن من يسيح مع تفصيلات باب الترجيح بقلم العلامة يعرف أن من رأيه عدم الحصر للموائز التي توجب الترجيح ولذا ليس بمستغرب أن يقبل عن راو هنا عندما يكون المرجح إلى صف روايته ولا يقبل عنه في موضع آخر.
و قد زاد لنا كيلا من عجب: حين رأينا أن الأوائل لم يغفلوا النظر إلى السند وإنما لم يطغى على تفكيرهم؛ لأنه كان عندهم واحدا من أربعة عشر قرينة يميز بها الخبر المقبول من غيره ولم يكن تمامية السند في حسبانهم من أفضل تلك القرآئن، وأن العلامة ومن قرب من عصره دار مدار السند بشكل يفوق من سبقه لفقدان كثير تلك من القرائن التي تحفز على السكون والاطمئنان للرواية، فمتى ما تجلى له شيء منها كعمل الأصحاب مثلا رفع اليد عن السند واقتفى أثر سلفه فلا تباين حقيقي إذن، علما بأن الشيخ الفاضل مر بذلك وأشار إليه في موقع من مواقع مناقشاته لكنه لم يعرف كيف يستثمره في حل هذا الإشكال لأنه قد اشتغل في كتابه نظرية السنة بنقل نصوص سبقه إلى جمعها وترتيبها أمثال السيد الغريفي في كتابه قواعد الحديث وكأنه نقل بحثه بتمامه، ومع ذلك كان يحللها ويقرؤها بالطريقة التي جارى فيها النياقدة الجدد..
وقصارى القول: أنه ليس هناك منهج جديد يفصل بيننا وبين من تقدمنا سوى لمسات وإضافات فمن يقرأ كتاب معرفة الحديث (القرن الثالث الهجري)، ويقرأ كتاب البداية للشهيد الثاني(القرن العاشر)، ويختم بكتاب المامقاني(القرن الرابع عشر) يرى التطابق الكبير ــ وإن لم يكن شاملا ــ تبويبا واصطلاحا وفروعا ..بل حتى المدرسة الأخبارية لم يبتدعوا مقالات أساسية ذات عدد يذكر، وإنما توسعوا وبالغوا في العمل ببعض القواعد والتي منها دعوى إمكانية تحصيل القطع واليقين في بعض الكتب على وجه الخصوص فطبقوها على الكتب الأربعة مثلا.(8)
عندما لا نكتشف محور الكتاب الذي جردنا أنفسنا لنقده!!
"" أهذه الهوامش حول حديث الكساء المتواتر الذي لا ينكره الشيخ الراضي أم على حديث الكساء الموضوع المتداول بين أيدي الناس وألسنتهم...""؟؟
هكذا تساءل حبيبنا الاستاذ جابر..
لقد جئت بالعجب فوق العجب وطلبت ما لا يشرع فيه الطلب لأنه بَـينٌ بالقرينتين الحالية والمقالية على السواء..
أما الحالية فإن فضيلة الشيخ قد صان الحديث المتواتر وخصص الحلقة الأولى كاملة لاثباته وقد سكتت الهوامش عما مارسه في الحلقة الأولى من بحثه إلا ما كان على نحو الاستدراك بحق بعض الجزئيات، والقاعدة هي أن السكوت علامة الاطمئنان بالطرح والمطارح ..
وأما المقالية فأوضح بطبيعة الحال لأنها تصريح من جهة ولأنها تكررت من جهة أخرى فقد قلنا في مستهل الكتاب: "" جاء البحث (حديث الكساء بين التواتر والوضع ) للشيخ الراضي في خمس حلقات وسنضع تذييلاتنا وهوامشنا النقدية والتدقيقية بالتسلسل مع هذه الحلقات إن شاء الله تعالى""(9).
ومن المعلوم أن طريقة البحث في كتاب الشيخ وفي الهوامش أيضا لم تكتب للسذج من الناس فالطبقة المعنية بالبحثين تميز جد التمييز ان الشيخ الراضي تمحور حول الحديث بصياغته المشهورة لا المتواترة، وأما الهوامش فهي على اثر ذلك البحث لا تعلو جبلا ولا تهبط واد إلا معه .
وقلنا "" الحقلة الأولى نمر فيها بما ذكر من المصادر الاسلامية لرواية حديث الكساء حتى ما جاء من قبل بعض المتشددين من أهل السنة كابن تيمية ""(10).
وهذا جاء في صفحة العنوان للحلقة الأولى تمهيدا وتنبيها على جهة البحث !!!
وقلنا بالنقل عن فضيلة الشيخ اعترافه بالحديث المتواتر: "" والحاصل أن حديث الكساء كما ألمحنا إليه سابقا ثابت بالتواتر لا مرية فيه عند مختلف المسلمين سنة وشيعة ونحن إنما نقلنا غيضا من فيض ""(11).
ولئن كان قد فشل التمهيد والتنبيه سابقا فماذا نطلب وراء كل هذه التصريحات ؟؟؟
وهكذا نحتار لحيرة الناقد العزيز حينما يتساءل تحت عنوان: " نظرة في المدخل" عن أي الحديثين تحدث صاحب الهوامش أعن حديث الكساء المتواتر أم الحديث المشهور والمتداول على الألسنة؟؟
وليت شعري كم قد هتفت في هذه الهوامش مبينا أنني لا عن هذا أتحدث ولا عن ذاك، إنما هي أبحاث جردت تعقيبا على منهج واسلوب تمت الدعوة من قبل الماتن على أنه علمي فكل ما كنت أريده هو الكشف عن المفارقات العلمية، وهدفي هذا قد أشرت إليه جهارا ومرارا وتكرارا، أنظر الصحفة: 10 و 15 و 101 و 105 و 128 و 132 و 140 و 147 و 159 و 165 و 169 و 179 و 228 و 255 . فهل يصح أن نتعرض لكتاب بالنقد في حين اننا لم نكتشف محور بحثه بالرغم من الاشارة إليه في أربعة عشر موضعا ؟!

الأحكام التهوينية:
وتتجلى القراءة المبتسرة عندما يتحدث عزيزنا عن وجود أحكام تهوينية وباخسة في الكتاب!!
فهو أولا صار يفتش عن المقارنة العلمية الواسعة بين المنهجين ولم يستوقفه شيء من العبارات التي تحدد جهة الدراسة
وثانيا جاء يفتش عن المقارنة العلمية المزعومة في المقدمة ذاتها، فيتمسك ببعض ألفاظها على أنها تعميمات إنشائية وكأنها مقالة منفصلة نشرت في إحدى المجلات مثلا، وهذا من عجيب ما رأيت في أساليب النقد والقراءة؟!!!
فلو أننا فرضنا كون الباحث المحترم لا يمتلك القدرة على استيعاب كل ما جاء في الكتاب لأنه بحث مختص أو أن الوقت لم يمهله لذلك فإنه يعلم أننا قد أقفلنا باب البحث بلملمة سريعة و شاملة لما تناثر في الكتاب وذكرنا ستة عشرة مؤاخذة على مسيرة بحث الشيخ الراضي الواحدة بعقب الأخرى فكان بإمكانه أن يركز عليها أضواء النقد ويجعل القارئ هو يحكم بأن ما مورس في الهوامش تهوين أو تعميم إنشائي بدلا من طريقة التلقين التي أراه يحرص على مزاولتها بين كل ثنية وأخرى من ثنايا مقاله ؟!!!
فهل أن القول بأن تعدد نسبة الكتاب بين الثقات ــ لاغير الثقات ــ دليل على عدم صلاحيته للاعتماد قول هين في نفسه أم هو من رأي قلم التهميش ولا يشاركه أحد؟؟
وهل أن دعوى الاجازة وأنها لاتكون إلا في سن العشرين علما بأنهم يجيزون الأطفال غير المميزين ليُحتفظ لهم بها بعد عمر التمييز والادراك، فهل هذه النسبة هينة بنفسها أم أنا من مارس التهوين ؟؟
وهل أن رفض التعبير عن السيد بالشيخ من جهة شيخوخة الاجازة والرواية المعروفة جدا، هين بالحقيقة أم هو محض أنشاء يا أستاذ ؟!
وهل أن عدم التفرقة بين تعرض المؤلف لآية التطهير وبين ذكرها مثالا على مبحث هو بعيد أقصى البعد عن موضوع نزولها و عمومها وخصوصها هين في ذاته أم أننا جنينا جناية حينما حاكمنا ذلك ؟؟
وهل أن ذكر طرف من الروايات التي تدعو للتحفظ على الحديث وترك التطرق للطرف الآخر الذي يبين أن رد الحديث له حد لا ينبغي تجاوزه موقف هين الحظ علميا أم أنه عظيم؟؟
وهل أن تفخيم دور الكذب ورمي أصحاب الأئمة به بشهادة رجل عامي (مخالف في المذهب)، موجب للتهوين أم نخدع أنفسنا بأنها دقة علمية ؟!
والعديد العديد من المؤاخذات التي لو وقف عندها صديقنا المحترم لأصاب بفهمه حقيقة المقارنة، ولاستوعب أن عدنا لسماحته في الحاملين على التراث ليس إنشاء؟؟
ثم يا سيدي لو كنت تريد أن تدفع التوهين أو التهوين فكان عليك أن تأخذ بهذه الموارد وتبين نزاهة صاحب المتن من الوقوع فيها، أو صحتها وبالتالي كان عليك بيان أن تصور صاحب الهوامش لها تهوين وأما مادمت متحاشيا متناسيا لها فأنت مقر بها بالاقرار السكوتي الضمني ؟
بين ابن الجوزي وابن مذهبي :
تفضل صاحب المقال بذكر اسماء لمن ألف في الموضوعات من أعلام أهل السنة تشكيكا في قول من يعتبره مرجعا لرواد التيار المعاصر، كما اهتم أن يصحح وصفي له: " وأن إبرز وأقدم من ادار هذا المشروع هو ابن الجوزي "، فعقب بأن ابن الجوزي ليس أول من ألف في الموضوعات وذكر قائمة من الأسماء كانت سابقة عليه، وهنا شارة أخرى على أن حبيبنا لم يمسك بالهوامش إلا كما يمسك الطالب المتململ(12) بالكتاب المدرسي فلم يسبر سطوره دعك عن أغواره رغم تصديه لنقده!!
فقد سرت نحو ابن الجوزي على سكة هذا الكتاب وتوقفت معه في المحطة الخامسة وهناك ماذا هناك؟؟
لقد صرحت أنه ليس أول من ألف في الموضوعات راجع إلى هامش الصفحة 89،فما عسى أن تضيفه لنا الملاحظة الأولى من ملاحظات المقالة؟؟
و نقلت كلام بعض النياقدة الذين تنحني لهم رقاب العلماء كأبي الصلاح والسخاوي الشافعي والسيوطي، كلاما يشتمل على لب ملاحظاتهم ولم أعبر بألأصوات المنكرة في إيهام وإبهام كما يصم الأستاذ الفاضل هنا..
ولي أن أزيدك وأزيد القارئ بما هو أعجب أن بعض من تبنى هذه القراءة النقدية للحديث وألف في الموضوعات و فزع من المجعولات واستقرارها في كتب الرواة عارض ابن الجوزي وعده متطرفا سائرا على غيرما هدى فلم يقبل أن يكون ابن الجوزي سلفا له ولا أن ينسب إليه رغم اشتراكهما في التصدي للموضوعات؟!؟!
منهم الامام الشوكاني إذ نراه يقول مبينا أهمية فرز الموضوعات وأنها كثيرة:
"" ...فلما كان تمييز الموضوع من الحديث على رسول الله ص من أجل الفنون أعظم العلوم...ولو لم يكن منها إلا تنبيه المقصرين في علم السنة على ما هو مكذوب على رسول الله ص ليجتنبوه ويحذروا من العمل به واعتقاد ما فيه وإرشاد الناس إليه ..."".
بعدها لم يقبل لنفسه وهو المتحسس من الموضوعات أن يُجعل حاطب ليل كما هو ابن الجوزي ــ في رأي الكثير ــ فقال باستدراك خفي:
""وقد أذكر ما لا يصح إطلاق اسم الموضوع عليه بل غاية ما فيه أنه ضعيف وقد يكون ضعيفا ضعفا خفيفا وقد يكون اعلى من ذلك والحامل على ذكر ما كان هكذا التنبيه على انه قد عد ذلك بعض المصنفين موضوعا كابن الجوزي فإنه تساهل في موضوعاته حتى ذكر فيها ما هو صحيح فضلا عن الحسن فضلا عن الضعيف، وقد تعقبه السيوطي بما فيه كفاية... ""(13)
وإن هذا الكلام يحوي وجوها للانكار وهو اتهام الصحيح والحسان حسب الموازين التي يسلم بها عمومهم، ومثله كلام الذهبي بعد أن مدحه في نفسه واطرى عليه:
"" أما الكلام على صحيحه وسقيمه فما له فيه ذوق المحدثين ولا نقد الحفاظ المبرزين فإنه كثير الاحتجاج بالأحاديث الضعيفة مع كونه كثير السياق لتلكالأحاديث فيالموضوعات والتحقيق أنه لا ينبغي الاحتجاج بها ولا ذكرها في الموضوعات وربما ذكر في الموضوعات أحاديث حسانا قوية...""(14).
وإن في نقاده من يرى مشروعه حاويا على الفوائد ولكنه معيب من ناحية تساهله وتجاوزه حتى على الصحيح والحسن يقول عبد الله بن يوسف الخديع:
"" ومن أشهر المؤلفات فيه كتاب الموضوعات لابي الفرج ابن الجوزي، وهو كتاب نافع غير أنه أنتقد فيمواطن منه وعيب عليه فيه أمران اساسيان:الأول: أنه أدخل فيه أحاديث لا تبلغ الوضع بل الضعف إنما هي من الحديث المقبول وبعض ذلك من كتب السنن ومسند أحمد بل فيه حديث هو في صحيح مسلم""(15).
وهذا كسابقيه كلام معلل وإنكار موجه فيه إنصاف يتراء في الجمع بين الاطراء والنقد، وليست مجرد أصوات إنكار بحسب تعبير الباحث الكريم..
فمن يهمه امر الدفاع عن ابن الجوزي فما عليه إلا أن يمتشق القلم ويرقم سطور المحامات.. فهات بحثك يرحمك الله ودلل على عقيدتك في ابن الجوزي بعد أن تقرأه وتقرأ غيره ثم قل بعد ذلك لم أره قد هبط بصحيح أو ضعيف إلى درجة الوضع وأنها فرية على ابن الجوزي عسى أن يقبل منك فذاك خير لك من أن تنافح دونه أو تتكلم بلسان الخريت ولست من أهل الاختصاص !!
وتسائلت لما لم يصفهم بـ" المحققين" و " المدققين" و " المراجعين"، وكأن الألقاب العلمية ثوب عروس يعار أويأجر ؟!!
ولا غرو فإن ظنك برخصها جعلك تعبر عن الألباني بالمحقق أيضا ؟!!
وهنا لن أحيلك للتعرف على مستوى التحقيق لديه على الشيخ السقاف وكتابه " تناقضات الألباني " في ثلاث مجلدات .. ولن أذكرك بالمواضع التي حمل فيها الألباني على بن الجوزي فقال :عنه أنه.. أساء.. أو أسرف .. أو أخطأ خطأ فاحشا وما إلى ذاك، ولا عن أدبه الجم عند حديثه عن منتقديه في مقدمتي سلسلة الأخبار الصحيحة وسلسلة الأخبار الضعيفة سوى اني سأرفع لك طرفا من الستر عن شكل واحد من اشكال الاختراع العجيب عند الألباني الذي يلعب بالمصطلح الثابت من أجل أن يتمكن من الخروج بجديد:قال عند الكلام على الحديث: "الشمس والقمر ثوران مكوران يوم القيامة" قال:
والسند رجاله ثقات كما قال ابن عراق ... يعني دون الرقاشي وإلا فهو ضعيف كما عرفت ولكنه ليس شديد الضعف فيصلح للاستشهاد به، ولذلك فقد أساء ابن الجوزي بإيراده الحديث في الموضوعات على أنه قدتناقض فقد أورده أيضا في الواهيات يعني الأحاديث الواهية غير الموضوعة ...""(16)،
فهنا يبين أن الحديث الضعيف غير الموضوع وأن ابن الجوزي أحسن من حيث فصل بين الواهي والموضوع وأساء من حيث أورد الضعيف في الموضوع ..
ولكنه في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة قال في الكلام على الحديث (141) الذي وصفه كل من البيهقي و أبي نعيم بالضعيف واحتج السيوطي بقولهما في رد ابن الجوزي الذي عده في الموضوع، هنا تحدث الألباني:
"" ولا يخفى أن تعقب السيوطي المذكور لا فائدة منه؛ لأن كلام البيهقي، وكذا أبي نعيم ليس نصا في أن الحديث غير موضوع حتى يعارض به حكم ابن الجوزي بوضعه لما أخبرناك غير مرة أن الموضوع من أنواع الحديث الضعيف""(17).
وهنا ملاحظات:
الأولى: أنه مرة جعل الموضوع قسما يجب أن يفصل عن باقي أقسام الضعيف وأن عدم الفصل سيء وخطأ فاحش.. ومرة يستسيغ فيها تداخل الأقسام فالتعبير بالضعيف وإرادة الموضوع دون تصريح به صحيح ولا ينجر إلى التعارض ؟!!
الثانية: تغليط لكبار العلماء وفحول علم الحديث من أسلافه كالذهبي، والسخاوي، الشافعي، والسيوطي، والشوكاني ووو ممن جعل إدخال بن الجوزي الضعيف في الموضوعات من أشد الشنائع عليه.
الثالثة: أن هذا المحقق جاء يتظاهر أنه حل نزاعا طويلا بين العلماء على مر العصور فهو يقول أن الموضوع ضعيف والضعيف موضوع ــ وإن كان هناك عموم وخصوص ــ فالنزاع بين الطرفين لفظي فحسب، وهذا الكلام يجعلنا في مواجهة مشكلتين إحداهما: أن العلماء ذكروا قسما سموه المطروح أو المتروك وقالوا أنه منزلة بين منزلتي الضعيف والموضوع (18)مما يدل دلالة واضحة على فصل علماء الاصطلاح(19) بين هذه الأقسام، ثانيتهما: إفراغ لفظة الوضع والموضوع من محتواها وهو الجزم بكذب الحديث ونسبته إلى واضعه (عُين أم لم يُعين) ولا ينسب إلى من أسند عنه.
الرابعة: وهذه أهم في بيان منزلة التحقيق التي ناشد بها الكاتب المتفهم ــ والكلام هذه المرة عام لجميع من تحدث في خصوص الموضوعات سيما من اخواننا أهل السنة ــ ولكن كيف؟
إن ما حققه علماء دراية الحديث ــــــــ وقد عرضنا له في الهوامش ــــــ أن الكشف عن ضعف الحديث أمر له طرقه الموضوعية، ولكن وصم الحديث بالوضع هو عمل صعب ويقرب من المجازفة أحيانا، وأول ما ينبه على ذلك أننا نجد رواد هذه الحملة يتناقضون مع أنفسهم تارة، ويتعارضون فيما بينهم تارة أخرى وبدرجة شديدة غير عادية، وعلى من يتساءل عن صحة كلامي هذا أن يتابع معنا فيما سنخرجه إن شاء الله من مقالات أو محاضرات صرت أرى الداعي لطرحها يقوى يوما بعد يوم..
والمهم في الكلام هنا أن من يستحقون في نظر صاحبنا العزيز أوسمة التحقيق(20) قد تجاوزوا هذه الصعوبة وارتكبوا الأصعب منها فتراهم إذا وقفوا على الأحاديث التي سجلوها ضمن الموضوعات قالوا: هذا من وضع فلان .. وذاك من وضع فلان .. و الآخر من وضع فلان ...الخ
فنراهم قد حصلوا الجزم في الجزم، إذ جزموا بأنه موضوع أولا، وجزموا أن فلان الوضاع أو المتهم هو واضعه تعيينا لوجوده ضمن سلسلة السند، بينما ذكر أهل الممارسة والصنعة أن تصريح الوضّاع بالوضع تدور حوله الاحتمالات فضلا عن مجرد وجوده الذي لا يكون مسبوقا بتصريح منه، و فضلا عن مجرد اتهامه بالوضع غير المقطوع باحترافه..
إذن حق لنا أن نتساءل:
أهذه هي سمة التحقيق التي بتنا نتباكى عليها؟
ومهما يكن من أمر، فهذا هو النهج الذي أردنا محاورته بجدية من خلال نموذج واحد من نماذجه فقط .. نعم هو النهج الذي قلنا أنه نهج ابن الجوزي ومن هم على شاكلته وقلت أنت أنه إنشاء وتبخيس وتهوين من حيث إخالك لا تدري بمثل هذه المشاكل التي وضحنا جزءا منها، ولو علمت بها لعلمت بأن معارضتك أولى بنعتك ..
تصحيح التصحيح:
وفي الصفحة (13) جاءت عبارتي: "" وأبدأ شيء أذكر به"" وظنها الأخ الأديب خطأ وافترض بديلا عنها : "" وأول شيء""، وجميل هذا التعاون على تصحيح الأخطاء التي ليس منها بد، فتقبل مني وردة شكر أخي الأديب ، ولكن كم تمنيت أن أعرف على ماذا اعتمدتم في منع اشتقاق اسم التفضيل من الفعل "بدأ" الذي اجتمعت كل شروطه هنا من كونه ثلاثيا، ومتصرفا، وقابلا للمفاضلة، وليس فعلا ناقصا، ومثبتا لا منفيا ...الخ.
هذا ما أدركه بفهمي وجلّ من لا تلتبس عليه الأمور سبحانه.
مع كتاب الأخبار الدخيلة:
كان الخلل في الوقوف على ماذكرته حول هذا الكتاب خلالا بينا كيف لا؟ .. وإن التصريح من قبلي بضرورة إفراده بدراسة مستقلة لهو اعتراف بعدم كفاية التقييم العابر سيما وأنني أعلم بأن الكتاب ليس كله في الموضوعات بل تحدث عن الاشتباه من قبل النساخ والتحريف غير المتعمد، فكان يجب على الناقد العزيز أن يسجل هذه نقطة في سجل موضوعية صاحب الهوامش من حيث هي واضحة. وكم كان الأجدر به أن يقف على المثال الذي ذكرته في الغفلة عن معنى مادة (ج ه د) في اللغة العربية والخروج بالحكم بالوضع بناء على ذلك الفهم الخاطئ جدا من قبل التستري نفسه (عليه الرحمة)؟!(21) ولكنه خشي أن يفعل ؟!!
كما أنني لم ادعي المقارنة العلمية لكل كتاب تضمنتْ الهوامش ذكره فما أكثر الكتب التي ذكرتها في تحية المطاف واستشهدت منها بما قد يكون خطاء ولكن لم أعمد لمعالجة خطأ الشواهد التي أخذتها منها.. لأن المقارنة العلمية في هذه الهوامش خاصة بجدلية الوضع حسبما جاء في بحث (حديث الكساء) للشيخ الراضي فقط، وهذا ما تم التأكيد عليه وبهذا يتضح للمرة الأخرى أن الكاتب المحترم نقد كتابا بطريقة الاسقاطات ولا يهمه إن كانت ستذهب بأدنى تأمل في سطور الكتاب ؟!!
خاتمة خاصمة:
في هذه الخاتمة وجه الاستاذ ناظور بندقيته ناحية أهم ميزة كان يرجوها صاحبُ الهوامش لهوامشه وهي مبارزة النهج والاسلوب العلميين عدا عن النوايا واساليب الاحتقار اللفظي أو المعنوي ..فقال ــــــ وأرجو أن لا يكون من باب قلب الأدوار ـــــــ : "" لم تخل لغة الكتاب من الغمز واللمز والكنايات الرامزة والتعابير الغامزة ...""، واعتبر أيضا أن في الكتاب تحشيدا لغويا ولغة خطابية في وجه تيار النقد المعاصر... ومرة أخرى أكد الأخ الكريم أنني لم التزم بمحاكمة اسلوب الشيخ .. وأنه تمنى في الكتاب أن يكون علميا ولكن الكتاب لم يكن بالتمنيات..
كل هذه الدعاوى دون أن يترك للمتابع مثالا واحدا على كل دعوى من دعاويه فهل هي من حيلة قلب الأدوار وطريقة التلقين الخطيرة؟ أتمنى ألا يكون ذلك.. فلعله كان يستحثنا على المجاملة أو ظل يتفقدها فلم يجدها فساءه ذلك، وعذري أن هذا ما بررت لاهماله في مقدمة الكتاب باختيار الجدية العلمية منهجا التي هي اللون الثالث في أدب الحوار، ينكسر أمامه لون المجاملة والحدية الفظة..
قد ينسخ العجب بما هو أعجب منه!!
مهما وقفنا على نقاط أثارت منا التعجب في طريقة تهجي الاستاذ الكريم للكتاب إلا أن هنا ما يعدل الجميع !!
ما الأمر؟؟
لقد وقفت (في تحية المطاف) مبينا للمنهج الأصيل للحوزة في التعاطي مع الأراء المختلفة محاولا تصحيح الصورة النمطية التي فعلت فعلها في النفوس سواء مع بعض من بعض من المثقفين ممن يظن أن وظيفة رموز الحوزة هي إطلاق الفتاوى بطريقة القنص الإرهابية!! أو مع بعض من بعض من الطلبة الذي ربما ظن أن التزام القطيعة و التماس الفضيحة هو الدين مع كل من يشطح به لسانه أو قلمه فقلت ملتمسا صلاح الحال:
" إن الجامعة الدينية ربتنا على الاشكال والسؤال خلف كل حقيقة فالسؤال لا يشين السائل و الكلام لا يحط منزلة المتكلم ... "ومن أجل أن أثبت ذلك سردت أمثلة لاسماء معاصرة وغير معاصرة ممن طرحوا آراء مختلفة في مجال التفسير والكلام وغيرهما ولم تحرك الجامعة الدينية ساكنا معهم بل ربما عاشوا كما يعيش الاستاذ المكرم واعتبرت وجود هؤلاء أمثلة شاهدة على الاعتدال، وكان المقصود هو اعتدال الحوزة في نظرها إلى المختلفين معها فكريا، فوصف الاعتدال كان للحوزة، وهنا نتفاجئ مع سعادة الاستاذ كيف فهم أن من ذكرت شذوذهم على مستوى الرأي العلمي هي أمثلة على اعتدالهم في انفسهم لا على اعتدال الحوزة في التعامل معهم بينما العكس هو الغاية، لهذا أفرز عنده هرمون الاستفهام فقال: "" ما معنى أن يرى المؤلف في جهود هؤلاء الأعلام اعتدالا ويرى في جهود الشيخ الراضي اعتلالا ""؟!!؟!، وهذا الفهم جاء بالرغم من تأكيدي للمقصود مرتين كانت الأولى في صفحة 247 و الثانية في صفحة 251.
وكنت سأعده علامة أخرى على القراءة غير الحاذقة التي قام بها سعادته، ولكن لا أكتم القارئ سرا أننا وفي اجتماع ودي على هامش الندوة تم طرق هذه النقطة وأجبت عنها واستعنت بابراز الموضع من الكتاب وأعدت قراءة المقطع بحضور ثلة كريمة من الشباب المؤمن بينهم بعض المشاركين في الندو، فبينت المقصود الحق من الكلام وأكدت أن ما قرر فهمه التباس قد نشأ من عدم إصابة الفرق بين الممثل له والممثل به كل ذلك سابقا على نشر ورقته فلما هذا الاصرار على ابقاء الورقة كما هو حالها السابق ومن دون إشارة هامشية إلى ما جرى الحديث عنه ؟؟
لست أدري وحسببي قول الشاعر:
فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر
و من صور الخير أنه أحب أن يبقي على الملاحظة حتى لا أهمل التوضيح الذي قد يحتاجه أي قارئ آخر.

--------------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
(1)قد يكون للمفكر الراحل الشيخ محمد تقي جعفري فعلمي بالكتاب قديم.
(2) وهي ورقة الاستاذ علي الحجي.
(3)لسان العرب.ج 1 . 106 .
(4) هذا في خصوص الباب الأول من تاريخ علم الرجال و يعادل ثلثي الكتاب، واما الباب الثاني فحول أهمية النجاشي ورجاله ومميزاته في أربع صفحات، وأما الباب الثالث فيهتم ببيان أضبطية كتاب النجاشي من خلال مناقشة ما جاء في موسوعة رجال الشيعة، فلا شيء من هذه المسائل مرتبط بالقواعد العامة كقواعد الوضع مثلا.
(5)نظريةالسنة في الفكر الإمامي الشيعي: 182.
(6)العدة: 1 / 150- 151.
(7)راجع إلى نهاية الوصول للعلامة: ج5/ 282- 365.
(8)لقد جرى جلسة بحث علمية مع شباب المنتدى الموقرين على هامش الندوة واستمرت طويلا وكان مما جرى الحديث عنه مشروع الأخ الفاضل الشيخ حب الله فاستوجب ذلك أن اتناوله هنا بشيء من النشاط، وإن لي فيه قراءة خاصة أكبره في بعض نتاجاته وانقده في بعضها،وإن خلافنا معه أبسط من خلافنا مع غيره من رموز التيار المعاصر لأنه وفي كتاباته الأخيرة صار يبدي تقربا من التراث ويكتفي بالملاحظات الفنية متلمسا الحجةوالعذر لما سبقه من المدارس الشيءالذي يشي ببعض التحول في مساره الفكري ولو على المستوى التكتيكي .
(9)هوامش تدقيقية: 13.
(10)ن/م: 17.
(11)ن/م: 19.
(12)في خاتمة مقاله وقف على تحية المطاف وعكس المعنى تماما مما يؤكد أنه قد أخذ بالكتاب أخذا ضعيفا ولكنه سامحه الله تصدى لنقده !
(13)الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للامام محمد بن علي الشوكاني:10.
(14)تاريخ الاسلام:42/ 213 .
(15)تحرير علوم الحديث:2/ 1068.
(16)سلسلة الأحاديث الصحيحة: ج1.ق1. 244.
(17)سلسلة الأحاديث الضعيفة:ج1. 271.
(18)فتح المغيث:2. 132.
(19)الاصطلاح اسم من اسماء علم الحديث يقال: علوم الحديث والمصطلح.
(20)عندما تساءل المتحدث الناقد عن سبب الامتناع من إطلاق هذه التسميات على من يظن فيهم ذلك كان يرى أنه إجحاف مقصود ونابع عن مزاج شخصي لمن خط الهوامش.. فهو لا يدري أن حرمة هذه المصطلحات في الحوزة بلغت أن العلماء لا ينادون الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق، والنوري صاحب المستدرك والقمي صاحب المنتهى وسفينة البحار إلا بالمحدث دون المحقق، رغم أنهم يمارسون نقد الحديث بدرجة ما، وما ذالك إلا لاختصاص هذه المنزلة بمن ضبط القواعد الأصولية والرجالية والدرائيةوأحسن تطبيقها، ثم إن التمييز بالمنزلة ليس تعريضا ولا تجريحا بل هو من ضرورة المرحلة وإلا فكيف يمكن أن يكون المتنفذ في المعقول والمنقول محقق ومن هو دون ذلك بمراحل محقق أيضا ؟؟
(21)الهوامش التدقيقية:9.


وهذا رابط الرد من موقع الشيخ/

http://qabbas.com/index.php?show=news&action=article&id=649

 

 


التعديل الأخير تم بواسطة منتدى السهلة الأدبي ; 05-09-2014 الساعة 02:17 PM.
منتدى السهلة الأدبي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 04:37 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد