العودة   منتديات الطرف > الواحات الخاصـة > منتدى السهلة الأدبي




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 20-05-2014, 12:44 AM   رقم المشاركة : 1
منتدى السهلة الأدبي
منتدى السهلة الأدبي






افتراضي بين الموقف والرؤية في الثورة الحسينية - صالح الغانم

بين الموقف و الرؤية في الثورة الحسينية
بعض أصحاب الإمام الحسين أنموذجاً

قال تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ آل عمران: 173.
إن أكثر ما استأثر باهتمام الناس من ثورة الإمام الحسين عليه السلام هو جانب القصة فيها بما اشتمل عليه من مظاهر البطولة النادرة و السمو الإنساني المعجز لدى الثائرين (1)
وإذا ما طرحنا أمام أعيينا مفاهيم الإسلام التي لا تسمح بممارسة عملٍ دونما وعيٍ له، واستحضار الشعور معه، وإخطار الذهن بالنية المرادة، في المقابل لا يؤيد العفوية و اللامبالاة و الانحراف بإيحاء اللاشعور، والانجراف في تيار السلوك الجمعي، بل يدعو إلى الهدفية في كل خطوة من خطوات مسار المسلم الصادق.
ومن هنا فالنية الخالصة لرضا الرحمان هي الدعامة الكبرى و الأساسية في قبول العمل مع نجاحه و ثراء نتائجه (2)
ومن ذلك سنعرض حياة شخصيتين من رجالات كربلاء و ما هي النتائج التي خرجت بهما هاتان الشخصيتان.
الشخصية الأولى: الضحّاك بن عبد الله المشرقيّ
وهذا نموذج من المُتخلّفين عن الحسين عليه السلام، وقصّته معروفة في كُتبِ السيرة.
رافق الإمام الحسين عليه السلام إلى ساحة المعركة، ودخل المعركة معه، وقاتل قِتال الأبطال وأبلى بلاءً حسناً في القتال, استحسَنَــه الإمـــام, ولكنّــه اشترط على الإمام عليه السلام - منذ أن التحق به- أن يجعله في حلٍّ منه، إذا دارت دائرة الحرب عليه ولم يعد ينفعه قتاله ودفاعه عنه.
فلمّا رأى أنّ المعركة قد دارت على الحسين عليه السلام، ووجد أنّ الحسين وأهل بيته وأصحابه عليهم السلام لا مَحالَة مقتولون، ولم يعد ينفع الحسين قتاله ودفاعه، استأذن الحسين عليه السلام أن يترك ساحة القتال وينجو بنفسه، فأذنَ له الحسين كما وعَدَه من قبْل، فهرب الضحّاك بن عبد الله المشرقيّ بنفسه من ساحة المعركة، وترك الإمام ومَن معه من أهل بيته وأصحابه للقتْل في ساحة المعركة، ونَجا بنفسه.
فلنقرأ أوّلاً خبر الضحّاك بن عبد الله المشرقيّ, برواية الطبريّ عن أبي مَخنَف, ثمّ نحاول أن نُحلِّل هذا الخبر.
روى أبو مَخنَف عن الضحّاك بن عبد الله المشرقيّ، قال: قدمتُ ومالك بن النضر الأرحبيّ على الحسين، ثمّ جلسنا إليه، فردّ علينا فرحّب بنا، وسألَنا عمّا جئنا له. فقلنا: جئنا لنُسلّم عليك، وندعو الله لك بالعافية، ونُحدِث بك عهداً، ونُخبرك خبر الناس. وإنّا نُحدِّثك أنّهم قد أجمعوا على حربك، فَرِ رأيك. فقال الحسين عليه السلام: حَسبــي الله ونِعــــم الوكيل. قال: فتَذمَّمنا, وسلَّمنا عليه، ودعونا الله له قال: فما يَمنعُكما من نُصرتي؟
فقال مالك بن النضر: عليّ دَين ولِي عِيال، فقلتُ له: إنّ عليّ دَيناً وإنّ ليَ لَعيالاً، ولكنّك إن جَعلتَني في حلٍّ من الانصراف إذا لم أجد مقاتلاً، قاتلتُ عنك ما كان لك نافعاً وعنك دافعاً, قال: فأنت في حلّ(3).
قال أبو مَخنَف: حدَّثني عبد الله بن عاصم عن الضحّاك بن عبد الله المشرقيّ، قال: لمّا رأيتُ أصحاب الحسين قد أُصيبوا وقد خلُصَ إليه وإلى أهل بيته، ولم يبقَ معه غير سويد بن عمرو بن أبي المُطاع الخثعميّ، وبشير بن عمرو الحضرميّ, قلت له: يا بن رسول الله، قد علمت ما كان بيني وبينك: قلت لك: أُقاتل عنك ما رأيت مقاتلاً، فإذا لم أرَ مقاتلاً فأنا في حلٍّ من الانصراف، فقلت لي: نعم؟! فقال: صدقتَ، وكيف لك بالنجاة؟ إن قدرت على ذلك فأنت في حلّ. قال: فأقبلت إلى فرَسي، وقد كنت حيث رأيت خيل أصحابنا تُعقَر، أقبلت بها حتّى أدخلتها فسطاطاً لأصحابنا بين البيوت، وأقبلت أُقاتل معهم راجلاً، فقتلتُ يومئذٍ بين يدي الحسين رجُلَين وقطعتُ يد آخر.
وقال لي الحسين يومئذٍ مراراً: لا تشلل، لا يقطع الله يدك، جزاك الله خيراً عن أهل بيت نبيّك صلى الله عليه واله وسلم. فلمّا أذن لي، استخرجت الفرَس من الفُسطاط ثمّ استوَيت على متنها ثمّ ضربتها، حتّى إذا قامت على السنابك رميتُ بها عَرض القوم، فأفرجوا لي، وأتبعني منهم خمسة عشر رجُلاً، حتّى انتهيت إلى (شفيّة)- قرية قريبة من شاطئ الفرات- فلمّا لحقوني عطفت عليهم، فعَرفني كثير بن عبد الله الشعبيّ، وأيّوب بن مشرح الخيوانيّ، وقيس بن عبد الله الصائديّ، فقالوا: هذا الضحّاك بن عبد الله المشرقيّ، هذا ابن عمّنا، ننشدكم الله لمّا كَفَفتم عنـه. فقال ثلاثة نفَر من بني تميم كانوا معهم: بلى، والله لنُجيبنّ إخواننا وأهل دعوتنا إلى ما أحبّوا من الكفّ عن صاحبهم. قال: فلمّا تابع التميميّون أصحابي، كفَّ الآخرون. قال: فنَجّاني الله (4).
قال السماويّ في إبصار العين: بقيَ الضحّاك بن عبد الله المشرقيّ مع الحسين عليه السلام، حتّى إذا أمر ابن سعد بالرُماة فرموا أصحاب الحسين، وعقروا خيولهم، أخفى فَرَسه في فُسطاط، ثمّ نظر فإذا لم يبقَ مع الحسين إلّا سويد بن عمر، وبشر بن عمرو الحضرميّ، فاستأذن الحسين، فقال له: كيف لك النجاة؟ قال: إنّ فرَسي قد أخفيتُه فلم يُصَب، فأركبُه وأنجو، فقال له: شأنك, فركب ونجا بَعْد لأيٍ (5).

تأمّلات في خبَر الضحّاك
أقبل الضحّاك بن عبد الله المشرقيّ، ومالـــك بـــن النضــر الأرحبيّ على الحسين عليه السلام , ليُسلّما عليه وليُجدِّدا به العهد- كما في رواية أبي مَخنَف- ويظهر أنّ هذا اللقاء تمّ في موقع كربلاء (الطف)، بعدما استقرّ الحسين عليه السلام بأهله وأصحابه فيه، ولم يكن في الطريق, وقبل أن يُحاصَر الحسين عليه السلام, فقد استأذن مالك بن النضر الأرحبيّ الحسين عليه السلام في الانصراف، وانصرف من دون أن يواجه مشكلة من قِبل الجيش الأُمَويّ.
ويظهر من الرواية أنّهما كانا عارفَين بموقع الحسين عليه السلام، وحَقّه وذمّته وحُرمته في الإسلام، وموقعه من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.
ففي رواية أبي مَخنَف: فتذمّمنا، وسلّمنا عليه، ودعونا الله له.
والتذمّم بمعنى: حفظ الذمام، وحفظ العهد والحَقّ والحُرمة، كما في المُدوَّنات اللُغويّة.
إذاً، فهما قد عظما وأكبرا ما على ذمّتهما من حقّ الحسين وحُرمته وعهده، فلمّا أرادا الانصراف، استوقفهما الحسين عليه السلام وقال لهما: فما يمنعكما من نُصرتي؟.
ويَلفِت نظرنا أنّ الإمام يسألهما عمّا يمنعهما من نُصرته، قبل أن يسألهما النصرة ويدعوهما إليها.
وكأنّ في خروج الحسين عليه السلام على يزيد- بتلك العصابة القليلة- إلى العراق ما يُغني عن الدعوة والاستنصار، فلا حاجة مع ذلك, إلى أن يستنصر أحداً أو يدعوه, ففي خروج الحسين عليه السلام إلى العراق دعوة واستنصار لكلّ المسلمين، وللحسين عليه السلام حَقّ وحُرمة على ذمّة كلّ المسلمين.
إذاً، يسأل الضحّاكَ وصاحبَه: فما يمنعكما من نُصرتي؟.
أمّا مالك بن النضر الأرحبيّ، فقد أراح نفسه وأراحنا بوضوحه وصراحته في الاعتذار عن الاستجابة للحُسين والتخلّف عنه، فقال: عليّ دَين ولِيَ عيال, فأعرَض عنه الحسين عليه السلام، وانصرف هو لشأنه، فقد أقبلت السعادة والتوفيق عليه فأعرضَ عنهما.
وأمّا الضحّاك بن عبد الله المشرقيّ، فأجاب الحسين عليه السلام بجوابٍ مُعقَّد، شديد الالتواء والتعقيد، فلا هو رفضَ دعوة الحسين وأعرَض عنها، كما رفضَها صاحبُه وأعرضَ عنه، ولا هو استجاب للحسين عليه السلام وقبِل عنه، كما استجاب له أهل بيته وأصحابه.
ولنتأمّل في جواب الضحّاك، فإنّه يُمثِّل شريحة واسعة من النفوس والمواقف إزاء الدعوة وإنّنا ندرس, من خلال الضحّاك بن عبد الله في موقعة الطفّ، شريحة كبيرة في التاريخ الإسلامي، وشريحة كبيرة في تأريخنا المعاصر، ونحاول أن نرسم أبعاد هذه الشريحة في حياتنا المعاصرة، ونُشخِّص نقاط الضعف في شخصيَّتها، عسى أن نقوِّم من سلوكها ما يمكن تقويمه.
وسوف نجعل جواب الضحّاك للحسين عليه السلام في موضع التأمّل والدراسة، ضمن مجموعة من النقاط
النقطة الأُولى: الاعتذار
قدّم الضحّاك أوّل ما قدّم الاعتذار للإمام عليه السلام، بما عليه من ديون ومال، شأنه في ذلك شأن صاحبه، فقال: إنّ عليّ دَيناً، وإنّ لي لَعيالاً.
وأوّل ما يَلفِت نظرنا في هذا الجواب: أنّ الضحّاك ومالك بن النضر لم يختلفا في الجواب، فكلّ منهما اعتذر عن تلبية دعوة الحسين عليه السلام بالعيال والدَين، غير أنّ الضحّاك استجاب لدعوة الحسين، استجابةً محدودة ومُقيَّدة ومشروطة، بعد أن اعتذر أوّلاً، وأمّا صاحبه الأرحبيّ، فلم يَستجب مُطلَقاً لدعوته.
وفي هذا الاعتذار والاستجابة المشروطة، من التعقيد ما ليس في موقف صاحبه، وقد كان أحرى به أن يستجيب استجابة محدودة ثمّ يعتذر. فلماذا قدّم الاعتذار على الاستجابة؟ إنّ في الأمر لسرّاً كامناً في أعماق نفس الضحّاك، فعندما طلب الحسين عليه السلام منه النصرة، تزاحمت في نفسه حالة الشُحّ وحالة الإنفاق، فغلبت حالة الشحّ حالة الإنفاق، وسبقتها إلى البروز، ولكن لم تُصادِر الحالة الأُخرى تماماً، كما كان في موقف مالك بن النضر الأرحبيّ.
ولنتأمّل إذاً في اعتذار الضحّاك بعياله وديونه وجها الحياة الدنيا:
إنّ الابتلاء بالدَين والعيال من سُنَن الله في حياة الإنسان، وقلّما يشذّ عنه إنسان شأنهما في ذلك شأن غيرهما من سُنَن الله تعالى في حياة الإنسان فلا بدّ للإنسان من عيال، ولابدّ أن يدخل مع الناس في بيع وشراء، فيكون دائناً ومَديناً، يطلب الناس ويطلبونه.
والدَين والعيال هما وجهان مُختلفان للدنيا، فالعيال تعبير عن تعلّق الإنسان بالدنيا، وهو أحد وجهَي الدنيا، وهو ما يُسمّيه القرآن الكريم بـ (الشهَوات) وتجمع هذه الآية الكريمة طائفة من هذه التعلّقات
﴿زُيّنَ لِلنّاسِ حُبّ الشّهَوَاتِ مِنَ النّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذّهَبِ وَالْفِضّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَاللّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾آل عمران:14.
والدَين هو الوجه الآخر للدنيا، وهو وجه التَبعات والمسؤوليّات.
والدنيا هي عبارة عن تعلّقات وتَبعات، ومن أجل لذّة التعلّقات يتحمّل الإنسان مرارة التَبعات، ولابدّ لكلّ إنسان من هذه التعلّقات ومن هذه التبعات، ولا يشذّ عن هذه السُنّة الإلهيّة في الحياة إلّا القليل.
بمجموعها، (التعلّقات) و(التَبعات) وهذه هي العوائق في طريق الإنسان وحركته إلى الله تعالى، تُعيق الإنسان عن الله سبحانه، وقد أعاقتا- في هذه القضيّة- مالك بن النضر الأرحبيّ، إعاقة كاملة، وأعاقتا الضحّاك بن عبد الله المشرقيّ إعاقة ناقصة.
فكيف نتعامل نحن, في الدنيا, مع هذه العوائق؟ وما هو موقف الإسلام منها؟
إنّ الحلّ الذي يُعطيه الإسلام للتعامل مع هذه العوائق (التعلّقات والتَبعات) دقيق في غاية الدقّة، وأكثر الّذين شَطّوا في فهْمِ الحلّ الإسلامي لمسألة الدنيا بوجهيها، كانوا ضحيّة عدم الدقّة في تناول هذا الحلّ بأبعاده الكاملة.
فليس في الإسلام أن يتخلّى الإنسان عن عيال أو دَين، أو حتّى أن يتخفّف عنهما، والتخلّي أو التخفّف من العيال والمال من الرهبانيّة الّتي يرفضها الإسلام.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يعيش مع الناس، ويتزوّج ويتعامل مع الدنيا, كما يتعامل غيره. وكان له عيال وعليه ديون وتبِعات, كما كان لغيره، وكان له بيت يضمّ عياله، وكان يدخل السوق في حاجاته وشؤونه, كما كان الآخرون يعملون.
وقِوام الحلّ الإسلامي هو: أن يتحرَّر الإنسان من أسرِ العيال والمال، وليس أن يتخلّى أو يتخفّف منهما، وبين الأمرين بَوْن بعيد؛ فليس من الإسلام أن يتخلّى الإنسان أو يتخفّف من عياله وماله، ولكن من صلبِ الإسلام وتعليماته وتوجيهاته أن يتحرَّر الإنسان من سلطان عياله وماله.
فلا يرفض الإسلام البيت أو السوق في حياة الإنسان، ولا يأمره أن يعتزل هذا أو ذاك، ولكن يرفض أن يتحوَّل البيت أو السوق إلى سجن في حياة الإنسان، يقيِّدان حركته ويمنعانه عن الانطلاق، ويحجزانه ويُعيقانه عن الله تعالى.
وبشكل أوضح وتعبير أدقّ، إنّ الإسلام يرفض أن يتحولّ العيال والمال في حياة الإنسان إلى عوائق، تعيق حركة الإنسان، كما أعاقت حركة مالك بن النضر الأرحبيّ، والضحّاك بن عبد الله المشرقيّ.
كيف تتحوّل العوائق إلى مُنطلَقات؟
ومن عجَبٍ أنّ الطريقة الإسلاميّة الصحيحة للتعامل مع وجهي الحياة، إلى تحوُّل هذين الوجهين من الدنيا (التبِعات والتعلّقات) من عوائق الدنيا إلى مُنطلَقات، فتكون الدنيا للإنسان مُنطلَقاً إلى الله سبحانه وليست عائقاً، ويكون ماله وعياله مادّة لحركته إلى الله تعالى، ومُنطلَقاً لعروجه إليه عزّ وجلّ.
وإلى هذه الحقيقة يُشير الإمام عليّ أمير المؤمنين عليه السلام في كلمته، وقد سمع رجلاً يذمّ الدنيا، فقال له في ما قال:
الدُّنْيَا دَارُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا وَدَارُ نَجَاةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا ، وَدَارُ غِنًى لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا مَهْبَطُ وَحْيِ اللَّهِ ، وَمُصَلَّى مَلائِكَتِهِ ، وَمَسْجِدُ أَنْبِيَائِهِ ، وَمَتْجَرُ أَوْلِيَائِهِ ، رَبِحُوا فِيهَا الرَّحْمَةَ ، وَاكْتَسَبُوا فِيهَا الْجَنَّةَ ، فَمَنْ ذَا يَذُمُّهَا وَقَدْ أَذِنَتْ بِبَيْنِهَا ، وَنَادَتْ بِفِرَاقِهَا ، وَشَبِهَتْ بِسُرُورِهَا السُّرُورَ وَبِبَلائِهَا الْبَلاءَ ، تَرْهِيبًا وَتَرْغِيبًا ، فَيَا أَيُّهَا الذَّامُّ لِلدُّنْيَا ، الْمُعَلِّلُ نَفْسَهُ ، مَتَى خَدَعَتْكَ الدُّنْيَا أَوْ مَتَى اسْتَدَامَتْ إِلَيْكَ ؟ أَبِمُصَارِعِ آبَائِكَ فِي الْبَلَى ، أَمْ بِمُصَارِعِ أُمَّهَاتِكَ تَحْتَ الثَّرَى ؟ كَمْ مَرَّضْتَ بِيَدَيْكَ وَعَلَّلْتَ بِكَفَّيْكَ ، تَطْلُبُ لَهُ الشِّفَاءَ وَتَسْتَوْصِفُ لَهُ الْأَطِبَّاءَ ، لا يُغْنِي عَنْكَ دَوَاؤُكَ وَلا يَنْفَعُكَ بُكَاؤُكَ.(6).
وقال عليه السلام في كلمة أُخرى: الدنيا دار مَمَرٍّ، لا دار مَقرٍّ، والناس فيها رَجُلان، رجلٌ باع نفسه فأوبَقَها، ورجلٌ ابتاعَ نفسه فأعتَقَها(7).
النقطة الثانية: الاستجابة المَشروطة
والنقطة الثانيـــة في جـــواب الضـــحّاك أنّه لــم يرفض القتال إلى جانب الحسين عليه السلام , ولم يعتذر بصورة مُطلَقـة, كما اعتذر صاحبه مالك بن النضر، بل قاتل مع الحسين، وضربَ الأعداء بين يديه، ودعا له الحسين عليه السلام.
وهذه نقطة أُخرى مُشرِقة في موقف الضحّاك من الحسين، فهو ليس من الذين وصفَهم الفرزدق الشاعر بقوله: (قلوبهم معك وسيوفهم عليك)، وإنّما كان قلبه وسيفه مع الإمام الحسين، وهو صـــادق في هذا وذاك، إلّا أنّه لم يعط سيفه للحسين عليه السلام، ولم يضع سيفه تحت أمر الحسين عليه السلام إلّا بمقدار، وحدَّد لذلك شَرطَين: (إذا لم أجد مُقاتلاً، قاتلت عنك ما كان لك نافعاً وعنك دافعاً، وهذا شرط غريب!
إنّ الضحّاك يحصر نصرته للحسين عليه السلام بين شرطَين:
1- أن يكون الحسين عليه السلام بحاجة إليه، ولا يُغني عنه غيره.
2- وأن يكون قتاله دون الحسين عليه السلام نافعاً له، فإن لم يكن هذا أو لم يكن ذلك، فإنّ الضحّاك في حلِّ من أمره.
ونحن لا يُعجبنا أنّ نشكِّك في صِدق نيّة الضحّاك في موقفه من الإمام، رَغمَ فراره من الزحف, في اللحظات الأخيرة، وتركه الإمام عليه السلام في أحرجِ اللحظات، وإيثاره للعافية، فإنّ لدينا- مع كلّ ذلك- من الشواهد ما يكفي لإثبات حُسن نيّة الضحّاك، وصِدقه في الوقوف إلى جنبِ الإمام والدفاع عنه، إلّا أنّنا نجد عنده إحساساً محدوداً بالمسؤوليّة تجاه الموقف، وتَقتِيراً شديداً في العطاء في إطارِ هذه المسؤوليّة، ومحاولة جادّة في إخضاع الإنفاق في سبيل الله لمُعادَلات دقيقة شديدة التعقيد.
فهو يُعطي من نفسه لله تعالى، ولكنّه عطاء مشروط ومحدود وبحساب، وضمن تقديرات دقيقة، وليس كما يقول الله تعالى: ﴿إِنّ اللّهَ اشْتَرَى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنّ لَهُمُ الجنّة﴾ التوبة:111.
والدقّة في المحاسبة، والمحاسبة الدقيقة أمرٌ جيّد، لا نشكّ في حُسنه وفائدته، ولكن عندما يكون طرف المحاسبة هو نفس الإنسان، وقد ورد في الحديث: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا), وأمّا عندما يكون طرف الحساب هو الله تعالى، فإنّ المحاسبة بهذه الدقّة, وضمن هذه الشروط والقيود, أمر قبيح مع الله سبحانه.
والضحّاك هنا يتعامل مع الله تعالى، وإن كان طرف التعامل, في ظاهر الأمر, هو الحسين عليه السلام.
ولا يطلب الحسين عليه السلام أمثال الضحّاك في حركته هذه، وإنّما يطلب لنصرته أُولئك الّذين يبذلون كلّ ما عندهم من الأنفُس والأموال لله تعالى، من دون حساب وشروط وحدود وقيود, فقد خطب عليه السلام في الناس لمّا أراد الخروج من مكّة إلى العراق وقال:
(ألا ومَن كان فينا باذلاً مُهجته، موطِّناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا، فإنّي راحل مصبحـاً إن شـاء الله)(8).
ولا شكّ أنّ هذا العطاء الشحيح خير من النضوب, على كلّ حال، ولكن أصحاب هذه العطاء المحدود لا يستطيعون أن يُسايروا الحسين عليه السلام في مثل هذه المرحلة
وأعتقد أنّ عبارة (لم يوفق) في هذا الموضوع تساوي عبارة (لم يستطع), فإنّ الضحّاك (لم يوفق) أن يُقاتِل من دون الحسين بلا حدود وقيود، وبنفس الملاك (لم يستطع) أن يُساير الحسين إلى الشوط الأخير من رحلته.
العلاقة بين العمل والجزاء:
إنّ العمل والجزاء نوعان من العطاء, العمل: ما يقدّمه الإنسان لله تعالى: ﴿فإِنَّ اللّهَ غَنِيّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ آل عمران:97 والجزاء: عطاء الله للإنسان في مقابل عمله. العمل من الإنسان, والجزاء من الله سبحانه، وبين الجزاء والعمل صِلة وعلاقة يستعرضها القرآن الكريم بدقّة وتفصيل، ولسنا الآن بصدَدها، وإنّما نحن بصدَد اختلاف الجزاء من عند الله باختلاف العمل من جانب الإنسان, من حيث الحساب واللاحساب، وهي مسألة جديرة بالاهتمام وموضع الشاهد في حديثنا هذا، فإنّ عطاء الإنسان محدود على كلّ حال، إلّا أنّه قد يُعطى لله تعالى بحساب ومقدار، وقد يعطى من دون حساب وتقدير.
وهاتان طائفتان من الناس:
طائفة تعطي لله بحساب وتقدير، كالضحّاك بن عبد الله المشرقيّ، يعطي لله شيئاً ويحتفظ لنفسه بشيء، وإذا تواردت على شيء إرادة الله تعالى وهواه، قدّمَ هواه على إرادة الله سبحانه.
وطائفة أُخرى تعطي لله ما آتاها الله تعالى، من غير حساب ولا تقدير، وهؤلاء هم الّذين تقول عنهم الآية الكريمة: ﴿إِنّ اللّهَ اشْتَرَى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنّ لَهُمُ الجنّة﴾ التوبة:111.
هؤلاء اشترى منهم الله أنفسهم، وباعوها لله تعالى، وقطعوا علاقتهم بأنفسهم، فهي لله عزّ وجلّ، اشتراها منهم، ولا شأن لهم بها بعد، يصنع بها ما يشاء، والثمن مقبوض ﴿بأنّ لهم الجنّة﴾.
فقد تمّ البيع وتمّ الشراء، وتمّ استلام الثمن، فلا يملك المؤمن من نفسه وماله إذاً شيئاً, ليملك التقدير والحساب في عطائه وبَذلِه، فهي كلّها لله تعالى، يأخذ منها ما يشاء ويدع منها ما يشاء، والله تعالى يجزي هؤلاء وأُولئك على نحوين من الجزاء: جزاء محسوب ومحدود، وجزاء من غير حساب، وها نحن نشرح تفصيل هذا الأمر:
إنّ الأجْر الذي يعطيه الله لعباده في مقابل أعمالهم كريم وعظيم، وكبير وحسن وغير ممنون، وهذه خمسة أوصاف للأجر الذي يرزق الله عباده على حسناتِهم.
1- فهو أجْر كريم
: ﴿مَن ذَا الّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ الحديد:11.
2- وهو أجر عظيم: ﴿لِلّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾, ﴿وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ آل عمران:172 و179.
3- وهو أجر كبير: ﴿وَالّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ لَهُم مّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِير﴾ فاطر: 7، ﴿فَالّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ الحديد: 7.
4- وهو أجر حسَن: ﴿فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللّهُ أَجْراً حَسَناً﴾ الفتح:16.
5- وهو أجر غير ممنون: ﴿وَإِنّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ﴾ القلم: 3،﴿إلّا الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ فلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ التين: 6.
وهذه الأوصاف الخمسة عامّة شاملة لكلّ أجْرٍ يرزقه الله عباده، ممَّن يعطي لله بلا حساب أو بحساب. إلّا أنّ الذين يعطون لله تعالى من دون حساب وتقدير، يُحاسبهم الله في السيّئات حساباً يسيراً:
﴿فَأَمّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ - فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيرا﴾ الانشقاق: 7 و 8.
هذا في حساب السيّئات، أمّا في الحسنات، فإنّ لله تعالى نوعين من الأجر: أجراً محدوداً وبحساب، وأجراً غير محدود, ومن دون حساب.
والأوّل منهما للّذين يعطون لله تعالى بحساب وتقدير، والثاني منهما للّذين يعطون لله تعالى من أموالهم وأنفسهم بلا حساب وتقدير.
وليس معنى الحساب والتقدير, من جانب الله, المساواة بين العمل والجزاء، في الحجم والكَم، وإنّما معناه: وجود التناسب بين العمل والأجر.
وأمّا عندما يكون عطاء العبد لله من دون حساب، فإنّ جزاء الله تعالى له يكون من غير حساب وتقدير. يقول سبحانه:
﴿إِنّمَا يُوَفّى الصّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ الزمر:10.
وتستوقفنا هذه الآية المباركة من سورة النور طويلاً في شأن الجزاء، عندما يكون العمل من جانب الإنسان من غير حساب:
﴿رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَإِقَامِ الصّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ - لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزيدَهُم مِن فَضْلِهِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب﴾ النور:37- 38.
وهذه ثلاث خصائص للجزاء الإلهيّ :
الخاصيّة الأُولى:
﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا﴾, فالجزاء من عند الله ليس بأسوأ ما يعمل العبد، ولا بمتوسّط ما يعمل العبد، وإنّما بأحسن ما يعمله.
ولابدّ من توضيحٍ لهذه الفقرة من الآية الكريمة
فإنّ للناس في الجزاء طريقين معروفين:الجزاء بأسوَأ ما يعمل الطرف الآخر. فقد يُحسِن الإنسان إلى صاحبه عُمْراً طويلاً، ثمّ يُسيء إليه مرّة واحدة، فيجعل صاحبه هذه الإساءة ميزاناً لعلاقته به، وينسى كلّ ما سبق له من فضل وإحسان إليه، وهذا هو الجزاء بالأسوأ.
وقد يكون الجزاء في ما بين الناس بأوسط ما يفعلون. كما يُقدِّر المُدرِّسون درجات طلاّبِهم بأوسط إجاباتهم في الامتحانات، وهو الحساب بالمُعدَّلات.
والله تعالى لا يجزي عباده بأسوأ ما يعملون، ولا يجزيهم بأوسط ما يعملون، وإنّما يجزيهم بأحسن ما عملوا، وله الحمد ربّ العالمين.
والخاصيّة الثانية للجزاء, في هذه الآية المباركة هي: ﴿وَيَزيدَهُم مِن فَضْلِه﴾.
ولا علاقة لهذا بأعمالهم إطلاقاً، فهو تعالى يزيدهم في الجزاء من فضله بما يشاء وكيفما يشاء.
والخاصيّة الثالثة: ﴿وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.
وهذا أعظم ما في هذه الآية, فإنّ رزق الله تعالى لعباده يوم القيامة, في مقابل حسناتهم, رزق من غير حساب ولا تقدير، فإنّ العبد لو كان يعطي لربِّه ممّا آتاه من غير حدود ولا حساب، فإنّ الله تعالى أولى بأن يعطي عبده, يوم القيامة, من غير حدود ولا حساب.

النقطة الثالثة:
(التَحلّل من الالتزام):
بعد أن يعتذر الضحّاك إلى الحسين عليه السلام بديونه وعياله، يطلب من الإمام أن يجعله في حلٍّ من الانصراف إذا شاء، فيقول:
(ولكنّك إن جعلتَني في حلٍّ من الانصراف، إذا لم أجد مقاتلاً قاتلتُ عنك). والحلّ في مقابل الالتزام، ولا يمكن أن يرتبط الإنسان بالتزامين مُتعاكسَين في وقت واحد، فإذا كان الضحّاك مُلتزِماً تجاه ديونه وعياله، فمن الطبيعي أنّه لا يستطيع أن يكون مُلتزِماً تجاه الإمام، ولابدّ من أن يتحــرَّر من أحد الالتزامَين، وقد آثر أن يتحرَّر من التزامه تِجاه الحسين عليه السلام، دون التزامه تجاه ديونه وعياله، والالتزام تجاه الحسين هو الالتزام تجاه الدعوة والجهاد.
(التزام) و (حِلّ):
والضحّاك يكشف لنا, هنا, عن موقف غريب، في سلوكه وتعامله مع عياله وماله من طرف، ومع الله تعالى من طرفٍ آخر.
ولابدّ من أن نكشف في هذه الوقفة هذا الموقف, لتكتمل عندنا الصورة الّتي نريد أن نرسمها للضحّاك، من خلال جوابه للحسين عليه السلام. فهو يطرح أوّلاً عُذره من خلال التزامه بالنسبة إلى عياله وديونه، ثمّ يطلب ثانياً منه أن يكون في حِلٍّ من أمره عندما يريد الانصراف، إذا لم يجد قتاله من دونه نافعاً له.
ثمّ يعرض على الحسين عليه السلام استعداده للقتال والدفاع عنه، بصورة محدودة ومُقيَّدة, فهو- حسب هذا التسلسل الّذي نجده في جوابه للإمام- يُقدِّم التزامه تجاه عياله وديونه أوّلاً، ثمّ يطلب إلى الحسين عليه السلام أن يكون في حلٍّ من أمرهِ ثانياً.
وواضح أنّ هذا الالتزام الّذي يحرص عليه الضحّاك تجاه الدنيا، وهذا الحِلّ الّذي يطلبه الضحّاك من الحسين عليه السلام تجـاه الله، أمرٌ غريب في شخصيّة الضحّاك، وقد كان أحرى به وأجدر أن يكون حريصاً بهذا الالتزام تجاه الله، وبهذا الحلِّ والتحلُّل والتحرّر تجاه الدنيا.
إنّ تفكير الضحّاك بن عبد الله في هذا الموقف تفكير مُحتاط ومُتحفِّظ بصورة غريبة، فهو في الوقت الذي يستجيب فيه لدعوة الإمام، يُبقي الأبواب من خَلفِه مفتوحة، ليتمكّن من العودة إلى الدنيا, عندما يبلغ المُفترَق الّذي لا يستطيع بعده أن يجمع بين الدنيا والآخرة، ولابدّ من أن يختار إحداهما، إمّا ديونه وعياله، وإمّا الآخرة، فيُبقِي الأبواب من ورائه مفتوحة، ليتمكّن من أن يرجع إلى الدنيا في اللحظة الحَرِجة من المَسير.
ونحن إذا استثنينا أُولئك الّذين يتحرَّكون على غير صراط الله، ويَصدّون الناس عن الحركة إلى الله تعالى، نجد أنّ سائر الناس في تحرّكهم إلى الله على طائفتين:
الطائفة الأُولى: تتحرّك إلى الله سبحانه, في جدٍّ وعَزم وصدق، تهدم من ورائها جسور العودة إلى الدنيا، لا يطردون الدنيا ولا يهجرونها، ولكنّهم إذا بلغوا المُفترَق الّذي لابُدّ لهم من أن يختاروا عنده الدنيا أو الآخرة، لا يُؤثرون على الآخرة شيئاً.
وهؤلاء هم (الصادقون) في التحرّك إلى الله
﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ الأحزاب:23، وموقعهم من الله عزّ وجلّ في الآخرة
﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ﴾ القمر:55.
وطائفة أُخرى من الناس: يتحرَّكون إلى الله في حَذرٍ واحتياط، يُحبّون الله ورسوله ولكن، ما لم يُزاحم دنياهم، وما لم يسلبهم دنياهم، فإذا بلغوا المُفترَق الذي لابُدّ فيه من الاختيار الصعب، آثروا الدنيا على الآخرة، واختاروا شقَّ الدنيا وعادوا إليها. ولكيلا ينقطع طريق العودة عليهم, في اللحظات الأخيرة، لا يهدمون من ورائهم الجسور التي تنقلهم إلى الدنيا.
فهؤلاء يتحرّكون إلى الله سبحانه، ولا نشكّ في نيِّتهم وصدقهم- في هذه الحدود-، ولكن كلّما قطعوا شوطاً من الطريق، مَدّوا من ورائهم بقدره جسراً ينقلهم إلى الدنيا.
وهكذا كان الضحّاك بن عبد الله، اشترط على الحسين عليه السلام - قبل كلّ شيء- أن يكون في حلٍّ من الانصراف إلى دَينِه وعياله، فدخل مع الحسين عليه السلام في ما دخل فيه من قتال جيش بني أُمية، وقاتل بين يدي الحسين عليه السلام، وقتل منهم وجرح عدداً، ولكنّه قد تحوَّط لنفسه منذ أوّل ساعة، فأخفى فرسه داخل فسطاط بين البيوت، وقاتلَ راجِلاً بين يدي الحسين عليه السلام، لتَسْلَم له فرسه وليركبها ويفرّ بها إلى خارج ساحة المعركة، ويهرب عن جند ابن زياد، في اللحظة الحَرِجة الّتي لابُدّ له فيها من أن يختار أحد الأمرين.. فلمّا جدَّ الجِدُّ، ذكَّرَ الإمام الحسين عليه السلام بإذنه له في الانصراف متى شاء، ومتى لم ينفعه دفاعه عنه وقتاله من دونه، فصدَّقه الحسين عليه السلام، فركب فرَسه وهرب من الآخرة إلى الدنيا.
إنّ هذا الرجل دقيق في تقدير المسافة الّتي يستطيع أن يُساير الحسين عليه السلام فيها، يضبط حساباته في هذه الحركة بشكلٍ دقيق، ويَتَحوَّط للعودة إلى الدنيا, عندما يصل إلى المُفترَق الذي يُؤثر عنده الدنيا على الآخرة.
يُشخِّص المُفترَق بدقّة، ويُحدِّد المسافة الّتي يُساير فيها الحسين عليه السلام بدقّة، ويَتَحوّط للعودة من الله إلى الدنيا في اللحظة المناسبة، ويُبقِي من ورائه- وهو يتحرّك مع الحسين عليه السلام إلى الله- بابَين مفتوحين، يرجع من خلالهما إلى الدنيا عندما يريد:
أحدهما:
مُوافَقة الحسين عليه السلام أن يكون في حلّ من أمره عندما يريد الانصراف إلى الدنيا.
وثانيهما: فَرسه التي احتفظ بها في فسطاط داخل البيوت، عندما حاصر جيش بني أميّة الحسين عليه السلام , ليستطيع أن يركبها في اللحظة المناسبة من الآخرة إلى الدنيا.
الجسر الذي مدَّه الضحّاك إلى الدنيا من عُمق الطفّ
ولنستمع إليه مرّة أُخرى: (لمّا رأيتُ أصحاب الحسين قد أُصيبوا، وقد خلُص إليه وإلى أهل بيته، ولم
يبقَ معه غير سويد بن عُمَر الحنفـي، وبشير بن عمرو الحضرمي، قلتُ له: يابن رسول الله، قد علمتَ ما كان بيني وبينك)، قلت لك: (أُقاتل عنك ما رأيت مقاتلاً، فإذا لم أرَ مقاتلاً فأنا في حلٍّ من الانصراف)، فقلتَ لي: (نعم)؟! فقال:
(صدقت، وكيف لك النجاة؟ إن قدرتَ على ذلك فأنت في حلٍّ).
قال: فأقبلتُ إلى فرَسي، وقد كنت حيث رأيت خَيل
(أصحابنـا) (9)
تُعقَـر، أقبلت بها حتّى أدخلتُها فسطاطاً لأصحابنا بين البيوت، وأقبلتُ أُقاتل معهم راجلاً... فلمّا أذِنَ لي، استخرجتُ الفرَسَ من الفسطاط، ثمّ استويتُ على متنِها، ثمّ ضربتُها حتّى إذا قامت على السنابك، رميتُ بها عرض القوم، فأفرجوا لي..) (10).
إنّ أمر الضحّاك لغريب في نوعه، فهو يمدّ جسور الدنيا إلى عُمقِ معركة الطفّ، وإلى داخل خيام الحسين عليه السلام، حيث لا يوجد فيها غير الآخرة! فهذه الفرَس التي أخفاها الضحّاك في فسطاط لأصحاب الحسين عليه السلام بين البيوت يوم عاشوراء، هي الجسر الذي مدّه الضحّاك لينقله إلى الدنيا.
وقد رأينا وسمعنا كثيراً عن امتداد الدنيا إلى أعماق النفس، في مختلف مراحل الطريق إلى الله سبحانه، ولكنَّنا لم نرَ في ما رأينا، ولم نسمع في ما سمعنا، أنّ الدنيا تنفذ وتمتدّ وتكمُن في نفس الإنسان إلى هذا الحدّ، فيدخل الإنسان معركة الطفّ مع الإمام, ويسقط أهل بيت الحسين عليه السلام وأصحابه صرعى بين يديه، ويُقاتِل بين يديه، ويدعو له الحسين عليه السلام، وهو يرى الإمام واقفاً وحده بين يدي الأعداء، ثمّ لم يُفارقه حُبّ الدنيا ونفوذ الدنيا، وسلطانها على نفسه، في هذه المراحل جميعاً.
إنّ التصاق الدنيا بنفس الإنسان لَغريب، ومن الخطأ أن يغترَّ الإنسان بنفسه، فيتصوّر أنّه قد تحرَّر من سلطان الدنيا ونفوذها، ولم يعد بحاجة إلى معاناة وتزكية وجهاد للنفس.
إنّ في نفس الإنسان خبايا عميقة وأعماقاً مجهولة، يكمُن فيها حُبّ الدنيا، ويبقى هذا التعلّق يُطارِد الإنسان في حركته إلى الله تعالى، من حيث يعلم الإنسان أو لا يعلم، حتّى إذا بلغ الإنسان نقطة الاختيار الصعب، برزَ حُبّ الدنيا من أعماق النفس المجهولة إلى السطح البارز للنفس، وغيَّر وجْهَة الإنسان وحركته, من الله تعالى إلى الدنيا.
إنّ حُبّ الدنيا يلاحق الإنسان إلى هذه النقطة، الّتي لا يكاد أن يبلغها الإنسان إلّا بعد أن يخرج من مصفاة الابتلاء عشرات المرّات، ومع ذلك كلّه، يبقى هذا الحُبّ كامناً في نفسه.
إنّنا لا نريد أن نتَّهم الضحّاك في صدقهِ وحُبّه للحســــين عليه السلام، وليــس مـــن سبـــبٍ يدعونا إلى أن نتّهم هذا الرجل الذي وقف هذا الموقف يوم عاشوراء من الحسين عليه السلام في نيّتِه وصدقِه، فلم يطلب الضحّاك من الدفاع عن الحسين عليه السلام ومن القتال بين يديه, دنيا. وهذا حقّ يجب أن نقول به ونعترف له به. لكنّه مع ذلك كلّه، لم يتحرَّر من حُبّ الدنيا، ومن التعلّق بالدنيا، ومن تبِعات الدنيا، حتّى عندما ساقه التوفيق والسعادة الإلهيّة إلى هذه المعركة الحاسمة بين الحقّ والباطل في التاريخ، ووضَعه الله تعالى في أشرفِ موقِع يتصوّره الإنسان، وهو موقع الدفاع عن الإسلام إلى جنْب ابن بنت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.
والآن، بعد هذا التحليل النفسي لموقف الضحّاك بن عبد الله المشرقيّ، يجب أن نوجز مرّة أُخرى العناصر التي تدخل في تكوين هذا الموقف الغريب، وأهمّ هذه العناصر هي:
1- حبّ الدنيا والتعلّق بها:
وهو رأس هذه العناصر جميعاً، وهو أوّل شيء اعتذر به الضحّاك إلى الحسين عليه السلام عن مسايرته ونصرته، فلم يتخفّف ولم يتحرَّر الضحّاك من الدنيا، وهو في وسط هذه المعركة المصيريّة, كما تخفّف وتحرَّر منها (زهير بن القين) مثلا.
2- شحّة العطاء:
وهي غير نضوب النفس، ففي حالة النضوب والجفاف ينقطع كلّ خير عن نفس الإنسان، أمّا في حالة (الشحّ)، فيبقى للإنسان عطاء محدود وشحيح. وقد رأينا كيف وضع الضحّاك نصرته للحسين عليه السلام ضمن مجموعة من الشروط، ولم يبذل نصرته بَذلاً, كما صنع سائر أصحاب الحسين عليه السلام، ولم يُوطِّن نفسه لقاء الله، كما طلب الإمام الحسين عليه السلام من المسلمين في مكّة المكرَّمة.
3- التحرّر من الالتزامات التي تفرضها الدعوة والجهاد
والتحلّل من القيود والعهود التي يفرضها الولاء لله تعالـى, ولرسوله ولأئمّة المسلمين.
وهذه العناصر الثلاثة تؤدِّي إلى ظواهر سلبيّة كثيرة في شخصيّة الإنسان، من قبيل: الخوف، والجُبن, والخضوع، والانقياد للطاغوت، وانحسار سُلطان الضمير عن حياة الإنسان وسلوكه.
ولسنا نريد أن نقول:
إنّ هذه العناصر كانت موجودة مجتمعة في موقِف الضحّاك بن عبد الله، ولكنَّنا نريد أن نقول: إنّ أمثال هذه المواقف يُمكن أن تنحلَّ إلى هذه المجموعة من العناصر السلبيّة.
وفي ختام هذه التأمُّلات، نعتذر إلى الضحّاك بن عبد الله المشرقيّ، إذا كنّا قد أسأنا إليه، وتناولنا موقفه من الحسين عليه السلام بالتحليل والنقْد بهذه الصورة، ولا نريد أن نبخسه حقّه، فقد نال ما حُرِمنا منه نحن، من شرفِ القتال بين يدي الحسين عليه السلام، ومن دعاء الحسين عليه السلام له...، وإنّما كنّا نريد أن نجعل من نقاط الضَعف في موقفه, وسيلة لتقويم نقاط الضعف في مواقفنا وسلوكنا
الشخصية الثانية : الهفهاف بن المهند الراسبي
ممن يعد من أصحاب الحسين عليه السلام الهفهاف بن المهند الراسبي البصري الذي قتل يوم الطف بعد شهادة الحسين عليه السلام على مارواه حميد بن أحمد في كتاب الحدائق الوردية، قال: كان الهفهاف فارسا شجاعا بصريا من الشيعة، و من المخلصين في الولاء، له ذكر في المغازي، والحروب، وكان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، وحضر معه مشاهده كلها، ولما عقد الألوية أمير المؤمنين عليه السلام يوم صفين ضم تميم البصرة إلى الأحنف بن قيس، وأمر على حنظلة البصرة أعين بن ضبيعة، وعلى أزد البصرة الهفهاف بن المهند الراسبي الأزدي، وعلى ذهل البصرة خالد بن معمر، وكان ملازما لعلي عليه السلام، إلى أن قتل علي عليه السلام، فانضم بعده إلى ابنه الحسن عليه السلام، ثم إلى الحسين عليه السلام، فلما سمع بخروج الحسين عليه السلام من مكة إلى العراق خرج من البصرة إلي كربلاء، فسار حتى انتهى إلى العسكر بعد صلاة العصر من يوم عاشوراء، فدخل علي عسكر عمر بن سعد، فسأل القوم: ما الخبر؟ أين الحسين بن علي؟
فقالوا له: مه من أنت؟ فقال: أنا الهفهاف الراسبي البصري جئت لنصرة الحسين عليه السلام حين سمعت خروجه من مكة إلي العراق، وبلغني نزوله بكربلا وهو غريب وحيد.
فقالوا له: قد قتلنا الحسين عليه السلام وأصحابه، وأنصاره، وكل من لحق به، وانضم إليه، ولم يبق غير النساء، والأطفال وابنه العليل علي بن الحسين عليه السلام، أما ترى هجوم القوم على المخيم وسلبهم بنات رسول الله؟
فلما سمع الهفهاف بقتل الحسين عليه السلام وهجوم القوم علي بنات رسول الله انتضي سيفه، وهو يرتجز، ويقول:
يا أيها الجند المجند
أنا الهفهاف بن المهند
أحمي عيالات محمد
ثم شد فيهم كليث العرين، يضربهم بسيفه، فلم يزل يقتل كل من دني منه من عيون الرجال حتى قتل من القوم جماعة كثيرة سوى من جرح، وقد كانت الرجال لتشد عليه، فيشد عليها بسيفه، فتنكشف عنه انكشاف المعزى، إذا شد فيها الذئب وهو في ذلك، يرتجز بالشعر المقدم، وقد أثخن بالجراح، فصاح عمر بن سعد بقومه: الويل لكم! احملوا عليه من كل جانب.
قال علي بن الحسين (عليهما السلام): (فما رأى الناس منذ بعث الله محمّداً (صلّى الله عليه وآله) فارساًـ بعد علي بن أبي طالب (عليه السلام) ـ قتلَ بيده ما قتل، فتداعوا عليه خمسة نفر، فاحتوشوه حتّى قتلوه رحمه الله تعالى (فما رأى الناس شجاعا بعد أهل البيت كهذا الرجل فتداعوا عليه فأقبل خمسة عشر نفرا فاحتوشوه، حتى قتلوه في حومة الحرب بعد ما عقروا فرسه رضوان الله عليه) (3)
الخصائص المستخلصة من رؤية الهفهاف بن المهند:
الخاصية الأولى: طبيعة الباعث و قيمته (العقيدة الصالحة)
لا نبالغ إذا قلنا: إن طبيعة الباعث لأي عمل ما؛ هي التي تحدد قيمته، ومن ثم نجاحه، بل تعطي أبعاده قبل تحققه.
فسر البقاء هو في طبيعة الدوافع التي تمنح الرجال وضوح الرؤية و تجلي الموقف نحو العظمة، فالقيمة إذن تؤخذ من أصالة الباعث قبل الوقوف على طبيعة العمل و نتائجه.
فالرجل ضمن جماعة في البصرة كانت تعد نفسها لنصرة الحسين عليه السلام، وقد طال استعدادها بالعدة والعدد والخيام والخيل، فلما رأى الأمر سيطول وقد سمع بنزول الحسين أرض الطف؛ بادر لركوب فرسه وسار نحو كربلاء وحيدا فريدا يقطع الفيافي والغفار حباً في الله ورسوله وآل بيت الرسول.
الخاصية الثانية : الموقف ليس وليد اللحظة (العزيمة الواضحة)
بمعنى أن الإنسان يتقلب قلبه في اليوم بل في الساعة شرقا وغربا، ومن كان ك الهفهاف صادق النية وشفاف البصيرة من أول أيام حياته، فقد كان صلبا في محبته لإمامه علي بن أبي طالب عليه السلام، حيث شهد معه حروبه الثلاث، وبعد مقتل أمير المؤمنين عليه السلام؛ ظل ملازما للإمام الحسن عليه السلام، ثم من بعده لازم الإمام الحسين عليه السلام.
وعليه كان بإمكانه حينما سمع بقتل الحسين عليه السلام أن يعود القهقرى بحجج كثيرة؛ أقربها: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، أو بما أن المعركة قد انتهت فليس عليه بعدها ذمام أو أو ...
لكن هذا الموقف يظهر لنا قيمة الرؤية؛ ودور الحس بالمراقبة الربانية الراصدة لكل الخواطر، إنها نتيجة ترويض للنفس وتربية صلبة ضد الأهواء؛ فالرجل ليس شاباً مندفعاً وإنما تعدى الأربعين عاماً وهو بدوره ربى نفسه وروضها على اتخاذ الموقف الصحيح في اللحظة الحاسمة، مع تناسيه للحب الشخصي للذات من أجل المبدأ والمعتقد و الحب الرسالي.
الخاصية الثالثة: الأزمة المستأثرة بالاهتمام
وصل الهفهاف كربلاء وقد قتل الحسين عليه السلام، فوجد أمامه الخيام المحروقة والأطفال التائهة، والنساء الحائرة، فانتضى سيفه دفاعا عن آل الرسول، دفاعا عن حرمة المسلم والعائلة المسلمة، أمام النفوس المتصفة بالانتهازية والنفعية.
تجلى الهفهاف بالمثالية والبطولة التي عبرت التأريخ بتلقائية، لتسجل المنهجية الواضحة التي لا تتساهل مع النفعيات وروادها، ولا تتهاون مع المصلحيات وعبادها، منهجية القول و الفعل التي تكافأت مع النتائج الناصعة لسفر هذا الرجل نحو الله .
السلام على الحسين
و على علي بن الحسين
و على أولاد الحسين
و على أصحاب الحسين
________________________________________
(1) ثورة الحسين ظروفها الاجتماعية و آثارها الإنسانية، محمد مهدي شمس الدين، دار التعارف للمطبوعات، بيروت – لبنان، الطبعة السادسة 1401هـ - 1981م ، ص 13.
(2) التسيير الذاتي لأنصار الحسين، محمد علي عابدين، دار الكتاب اللبناني، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى 1980م، ص 9.
(3) تأريخ الطبريّ، طبعة ليدن: ج7 ص 321.
العلّامة الشيخ محمّد مهدي الآصفيّ. وقد تصرّفنا بحذف جملة: المتخلّفون عن ثورة الإمام الحسين من العنوان, لضرورات فنيّة.
(4) تأريخ الطبريّ، الطبعة الأوربيّة: ج 7 / ص 354- 355. ونَفَس المهموم للشيخ عبّاس القمّي: ص 298ـ 300.
(5) إبصار العين في أنصار الحسين ع : الشيخ محمد طاهر السماوي، تحقيق : الشيخ محمد جعفر الطبسي،مركز الدراسات الإسلامية لحرس الثورة الإسلامية ص 101.
(6) نهج البلاغة: باب الحِكَم/ الحكمة رقم: 126.
(7) نهج البلاغة: باب الحِكَم/ الحكمة رقم: 128.
(8) مقتل الحسين، للسيّد المقرّم، منشورات مؤسّسة البعثة- طهران: ص 166. واللهوف على قتلى الطفوف، للسيّد ابن طاووس: ص 33. وابن نما: ص20.
(9) يقول الضحّاك: خيل (أصحابنا)، وهو عازم على مفارقتهم والانفلات من مصيرهم! وأيّ صُحبة يا تُرى بعد أن فارقَهم وهجَرهم إلى دَينه وعياله، ولَحقَ بصاحبه مالك بن النضر الأرحبيّ؟!
(10) انظر: تسمية من قتل مع الحسين، الفضيل بن زبير الكوفي الأسدي، تحقيق: السيد محمد رضا الحسيني الجلالي، قم: 1405هـ، ص 30- 31.
- وسيلة الدارين في أنصار الحسين، السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني، ص 203- 204.
- مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة، محمد جعفر الطبسي وزميله، الطبعة الثانية 1425هـ، شبكة الإمامين الحسنين (ع) للتراث والفكر الإسلامي4/350-351.


صالح محمد الغانم
جلسة محرم الحرام
26/1/1435هـ

 

 

منتدى السهلة الأدبي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30-06-2014, 02:23 AM   رقم المشاركة : 2
بن جابر
طرفاوي جديد






افتراضي رد: بين الموقف والرؤية في الثورة الحسينية - صالح الغانم

شكرا لا يوجد مصدر للاقتباسات

 

 

بن جابر غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 04:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد