الطائفية في الوطن غربة !
الحدود الجغرافية لدول العالم متحركة؛ وبعض دول المنطقة العربية كمثال ؛ تم تحديد حدودها بين دبلوماسيين غربيين - سايس وَ بيكو - وصار المواطن العربي يُقاتل دون ذلك الخط الوهمي ويقتتل حوله اقتصاديا وإعلاميا وسياسيا وعسكريا واستخباراتيا ورياضيا وحتى فنيا.
ولهذا كان واجب حكومات الدول الحديثة أن تعزز اللحمة الوطنية بين مكونات شعبها. فهناك جغرافية حديثة التكوين وتتطلب تجذيرها في وجدان مواطنيها لتخلق فيما بينهم شعورا بالانتماء، تمهيدا لاستثمار ذلك في واقعهم بما يخدم الاستقرار بينهم وتحقيق التنمية المنشودة بهم ومعهم ولهم.
وللأسف لم تسعَ حكومات الدول العربية لبلوغ ذلك؛ فما زال الكردي في العراق يشعر بأنه ليس معنيا بابن البصرة. وما زال ابن نجد مرتابا من ابن القطيف والعكس صحيح أيضا؛ وما برح البحارنة يشعرون بالغربة في وطنهم الصغير؛ وما انفك الكويتيون ينتقصون بعضهم أمام أي موقف داخلي أو خارجي ......إلـخ.
أغلب الحكومات ملكت مساحة كافية من الزمن واستأثرت بسلطة مطلقة ومقدرات اقتصادية ضخمة؛ ولديها احتكار للإعلام والتعليم وحتى دور العبادة ؛ وخاصة بدول الخليج العربية؛ وكانت الفرصة مواتية لها لتجذير الشعور الوحدوي بين مواطنيها؛ وكان يمكن لها استثمار كل تلك الإمكانيات لخلق حصانة وطنية ذاتية من أي اختراق لعابث داخلي أحمق غير واعٍ أو لخارجي متربص.
في وطننا.. للأسف الشديد رأينا العكس عمليا؛ فما انفك عنا التأفف المصاحب للتعجب من استمرار بث قنوات الفتنة رسالتها الإعلامية من مكاتب بالعاصمة الرياض؛ بما تحمله تلك القنوات من رسالة تحريضية كلها كذب وافتراء ولغة التخوين تتطاير منها بلا هوادة ولا ترشيد؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
هي دعوة للغيارى على هذا الوطن وغيره، أن لا يبقوا متفرجين على غرق سفينة وطنهم، فالخطاب الطائفي لا يُحصد منه إلا المزيد من الإنقسام الحاد، والإنقسام الحاد لا يأتي باستقرار ولا تنمية ولا يُحصن وطنا من أي خطر سواء كان داخليا أو خارجيا.
يوسف خليفة الشريدة
جلسة شعبان /1434هـ