عرض مشاركة واحدة
قديم 16-06-2011, 02:28 PM   رقم المشاركة : 1
طالب المريدين
الأستاذ الشيخ علي الحجي
طالب علم ومربٍ فاضل






افتراضي رحلة إلى ليالي القدر

بسم الله الرحمن الرحيم
في منتدى الطرف الثقافي يوجد رابط لحكاية العودة إلى الذات في رحاب المصطفى أحمد صلى الله عليه وآله وسلم
http://www.altaraf.com/vb/showthread.php?t=85525
وهنا اعود مجددا ومن رحاب الله تعالى انطلق لأقف على فصل جديد أكشف من خلاله شيئا لأبناء هذه الدنيا من خلال العمرة الرجبية في نقطة البداية لرحلة جديدة مكملة لحكاية العودة إلى الذات ولهدف الوصول إلى ليالي القدر أي خارج الذات وهكذا تعود النهايات إلى البدايات فرحلة وعودة ثم عودة ورحلة بيد ان العودة ليست تأخرا والرحلة ليست نهاية وهذا أشبه مايكون بالسعي بين الصفا والمروة فالعودة للصفا ليست تأخرا أو تكرارا ساذجا وليعذرني القراء الكرام إن سكبت ما يعد لهذه الرحلة من هذه الرحلة فلنبدأ على بركة الله .

كانت إرادتي هذه المرة متزلزلة في أن أذهب إلى مكة بحجة وأخرى وإلى يوم المغاردة إلا أن الأمر لم يخل من إشارة هادية وإيذانة سارية غالبا لا تتحقق إلا للمتعطش لحب الله تعالى وعلي الهرب إليه تعالى وكنت أمام معادلة صعبة في البداية فهل يمكن ان يجتمع العطش مع حالة التمرد ولربما جسد العطش الخفي حالة الواقع ولربما جسد التمرد حالة الظاهر من هنا سهل حل المعادلة في إجتماع حالة الواقع والظاهر .....
هنا فقط تأكد لي سر من أسرار العطف ولاح لي أسم من أسماء الوداد وظهر معنى من معاني المناجاة للإمام زين العابدين عليه السلام ( وبالغافلين عن ذكره رحيم رؤوف ويجذبهم إلى بابه ودود عطوف فالحمد لك ياربي على آلائك ونعمائك التي لاتحصى ) وبمثل هذا العطف أبدأ الإستعداد على أعتاب هذا الشهر .

والآن سأخوض بكم أعزائي الكرام في حل إشكالية لطالما أرقت إرادتي زمنا طويلا في جانب التعامل مع ابناء هذه الدنيا العجيبة بما طرحته في مشروع الدعوة إلى القرب وفيما كتبته في ( رفقاء على طريق القرب ) والذي يدشنه منتدى السهلة الأدبي من ضمن فعالياته
http://www.altaraf.com/vb/showthread.php?t=94311
فكما دعيت إلى رحابه الرحيمة رغم التمرد فلابد ان ادع أبناء هذه الدنيا حتى مع حالة التمرد رغم وجود الفوارق بين دعوة ليس مصدرها الإنسان وبين دعوة مصدرها إنسان فالأولى تكشف عن واقع وما أصدق وعد الكريم والثانية تكشف عن ظاهر يغلب فيه الرجاء وهنا سؤال يفرض نفسه
مالذي يتحتم على المتمرد بعد ان دعي إلى ساحات الرحمة ؟؟؟؟
حتما هو الشكر والفكر والعمل وكما أنشد المبدع ابن البحرين الجريح أبوذر الحلواجي :-
أبدأ صباحي وأرسمه سجدة شكر ذابت لرب العالمين
كل تلبياتي مقسمه باليجري مابين الأرض ويالجبين
والمهم على المتمرد أن يشكر الباري تعالى ان جعله في عداد المذكورين
وهذا معنى يدعو للتفكر في هذه النعمة العظمى وهل هذه المرة الأولى أن جعلني ربي مذكورا ؟؟؟ أم سبقها الكثير ( هل اتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا )؟؟؟؟

هنا فقط انحلت تلك الإشكالية المعرفية من خلال هذا الموقف فعدت أفكر في آية العهد والميثاق الذي أخذه الباري علينا حين وجه إلينا سؤال قديم في عالم الأزل حين خوطبت مع أبناء هذه الدنيا ألست بربكم ؟؟؟ فأشهدنا على أنفسنا حتى لانقول عن كنا هذا غافلين أو نقول إنما خالفنا بسبب آبائنا أو نقول اننا تأثرنا بالبيئة التي حجبتنا عن تلك الحقيقة وحين رجعت إلى الآية الشريفة ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ )

لأول مرة منذ قرائتي للقرآن طوال عمري الفائت أفهم شيئا من معناها وأن الباري تعالى فصلنا عن آبائنا وبيئتنا فأجبنا من دون أي ضغط او تاثير أو بيئة فكل فرد فصل ثم سئل ثم أجاب ورغم أن هذا الإيضاح مقنع للعقل تماما لكن تمام التصديق به ليس من الأمر السهل فلماذا لايذكر أبناء هذه الدنيا ذلك الحوار وتلك الحقيقة ؟؟؟ ومالذي حجبهم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ فهل هي العوالم نفسها وطول الدهر ؟؟؟ وإذا كان كذلك فلماذا الأشرار في عالم الآخرة لم ينسوا أصحابهم إذ راحوا يسألون عنهم ( وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَىَ رِجَالاً كُنّا نَعُدّهُمْ مّنَ الأشْرَارِ ) لم ينسهم الموت وسكراته ولم ينسهم عالم البرزخ بعقباته وكذا الآخرة باهوالها السؤال عن أصحابهم ...!!!!

لعلكم توافقوني هنا – فقط يا أبناء هذه الدنيا أن التمرد هو الحجاب الأكبر وإلا فنحن مذكورون من قبل ومتعهدون بعناية ربنا تلك , نعم ... يبقى سؤال حائرة بعد أن فهمنا أن سفراء الله تعالى خاصة المعصومين صلوات ربي عليهم ذاكرون لتلك المعاهدة التي أول من اجاب ندائها المصطفى صلى الله عليه وآله ونحن وأمثالنا لا نتذكر فهل هناك من غير سفراء الله يمكن أن تتذكر ؟؟؟ يبدو أن الإجابة ليست باليسيرة وهذه المسألة ناقشها أحد المراجع الربانيين
إلا أن ما يمكن ان نستظهره من مجموع ماذكر ان الأمر أقرب إلى الإمكان والله أعلم .

وهذا التذكر حتما سيكون على حسب مايحمل أبناء هذه الدنيا من علم وصفاء ... ومن هنا بعد هذه الجولة المؤرقة لعلكم أدركتم ما أريد لأن حالة التمرد هي العقبة الكؤود أمام تحقيق الصفاء وحصول العلم والإرتقاء في السلوك وحالة التمرد لايصح ان تبقى في مرحلة البقاء كما نشأت في مرحلة الحدوث .

هنا فقط أدركت ولأول مرة وأنا اطوف حول الكعبة أن إزالة العناد في إرادتنا وسلوكنا عقيدتنا هو المطلب الأهم .

وهنا ولأول مرة أدركت تأكيد العلماء على ما أسموه بالتخلية قبل التحلية والتحلي , فرددت أردد على نفسي العاثرة وانا حول الكعبة التخلية التخلية التخلية

وهنا فقط علمت ان تأكيد العلماء على جعل شهر رجب كله للتخلص من العناد والعصيان وجعل شهر شعبان كله للتحلي بالصفات الحميدة ثم إنتظار التجليات في شهر رمضان وإذا لم نتلزم بذلك وقد يكون حالنا كحال من عصى والديه لأجل عمل مستحب فتزين بالمستحب لكنه كسب عنادا جديدا .

فعلي من يريد السفر إلى ليلة القدر ان يتخذ الوسائل المعدة لذلك بكل عزم وإرادة ليحظى فعلا في ليالي القدر بما لايحتسب من الخير ولكي يكون مذكورا كما ذكر من قبل ومن بعد .
كما هو رجائي ان نكون من المذكورين في ليلة القدر .



ليلة مولد الأمير صلوات الله وسلامه عليه 1432هـ

 

 

طالب المريدين غير متصل   رد مع اقتباس