العودة   منتديات الطرف > الواحات الخاصـة > واحـة الديـرة




موضوع مغلق
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 14-04-2010, 05:18 PM   رقم المشاركة : 61
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

اقتباس
زكي مبارك:

أحيي الأخ/ قميص يوسف، وأحيي الأخ/ باقر الرستم على هذه الاستضافة

وبعيداً عن المقدمات الطويلة التي هي في الواقع تعبر عن شعور كل إنسان تجاه الضيف العزيز، لذا سأطرح أسئلتي على النحو التالي:

1- طبع الأخ/ باقر بعض الكتب طباعة محلية، مثل: مالك الأشتر- الإمام الخوئي - وغيرها من البحوث التي هي في متناول الأخوة .. ألا يجدر بأخينا طباعة كتبه طباعة فنّية مثل كتاب (التطبير)؟ فهل هذا تواضع أم خوف من النقد؟.



لا تواضع.. ولا خوف من النقد، وإلا لما رحبت به هنا.. ولكن لعامل الوقت، وتتالي الموضوعات والبحوث، وإلا فإنه في ضمن اهتماماتي، وآمل أن أوفق لإصداره..

اقتباس
2- قرأت أكثر من كتاب لضيفنا العزيز، وقدمت رؤيتي لكتاب (كربلاء ثورة الوعي وصناعة التاريخ)، ومما لاحظته البساطة في الإخراج، الأخطاء المطبعية، الأخطاء اللغوية، وكذا في الكتاب الأخير (التطبير) والذي أعكف على قراءته حالياً .. يا ترى إلى متى نبقى متواضعين في التعامل مع الكتاب؟ ألا يكفيه هجرانا من قبل شريحة كبيرة من الشباب ونأتي لنزيد الطين بلة في التساهل في عملية إخراجه؟ أتمنى من الأخ باقر تجاوز هذه المرحلة.



عذراً أخي(زكي مبارك).. ما قدمته لنا من ملاحظات كانت مفيدة حقاً، ولكنها فنية، لا علاقة لها بالفكرة ولا المشروع.. وأما الإخراج فهو عمل على أن يكون وفق أحدث الإخراجات التي تُعمل لإنتاج الكتب، ولكن الإشكالية ليس في الإخراج، وإنما في نظافة وإبداع الجهة التي أشرفت على طباعته، كانت بداية، وهو ما أعطى ذلك الانطباع..

أما الأخطاء التي تتحدث عنها فهي نتيجة عمل فردي.. يكتب.. ويقرأ.. ويعيد.. ويراجع.. ويطبع.. و..و.. كان بعض الأخوة أبدى استعداده لي، ولكن أيضاً تصيبهم الانشغالات، وأنا لا أتحمل التأخر الكثير جداً.. وأتذكر عندما كنت مشرفاً على منتدى السهلة الأدبي وعدتُ بطباعة كل أعمال المنتدى.. وكان من ضمن مشروعي أن أعطي كل شخص كتاباته ليطبعها.. وقدمت كتاباته إليه.. وظللتُ أنتظره ستة أشهر وهي لا تتجاوز 20 صفحة!!.. وبالتالي فأنا أقوم بعملي كله.. تأليفاً.. وكتابةً وقراءة وإعادة القراءة للمراجعة.. تصحيحاً، وطباعة.. وفي ظل هذه الأجواء، لا يمكن أن يسلم البحث من هذه الأخطاء..

بالنسبة لبحث التطبير، فقد أشرتُ في ذلك في مدونتي الشخصية، بأن مشكلة الدار على ما يبدو عدم وجود منسق لغوي.. وأتمنى أن أوفق لمساعد تكون همته أكبر من همتي، ليكون الإنجاز أسرع.. إلا أن ما تتحدث عنه مر الكلام بشأنه عند سماحة العلامة الفضلي، فقال: يجب ألا يبقى الكتاب دون طباعة بحجة الخشية من الأخطاء.. اطبع.. فلا تأمن عليه من التلف ما دمت فكرته يمكن أن تصل بشكل جيد.. فيما بعد قم بمراجعته.. أو قد يتيسر له من يراجعه، وضرب مثلاً بكتابه في الأصول الذي طبع، وقد تحدث عن وجود أخطاء فيه، وكان متألماً، ولكنه كان مرتاحاً لطباعته، لأنه في خطوته الأولى قد رأى النور..

فلا تتصور أن هناك استخفافاً بالكتاب، فليس أنا من ينظر إلى الكتاب بهذه النظرة.. وإلا لبلغ عدد كتبنا المائة وتزيد.. وأتذكر كلمة للعلامة المرحوم الشيخ محمد جواد مغنية في كتاب تجاربه بأن هناك من ينشغل بالخطأ النحوي هنا، والمطبعي هناك، ويترك قيمة الكتاب.. ومع ذلك فأنا تشغلني هذه المسألة كثيراً، ولكن للأسباب التي ذكرتها اعتقد أنها تساهم في تعزيز قبول العذر..

أتذكر أن كتاب مالك الأشتر كتبته بخط يدي وقرأته بحدود الثمان مرات، ومع ذلك فإنني بعد طباعته وجدتُ أخطاءً فيه.. ذلك مما لا أجد مفراً منه..

اقتباس
3- من خلال العشرين بحثاً التي كتبها، طبع جزءاً منها والباقي حبيس الأدراج، ما دور ضيفنا العزيز في بعث روح الهمّة والنشاط بالنسبة للشباب وغير الشباب في مجال القراءة، والكتابة على حدٍ سواء؟.



أبذل جهدي لدفعهم للقراءة والكتابة، وصناعة شخصياتهم، وأتذكر العام الماضي أنني طرحت مشروع دورة تدريبية للذين يملكون توجهاً نحو الكتابة، إلا أن الإعداد لها خالف ما تمنيته، ولم تنجح.. فيما الذين حولي قلت لهم أكثر من مرة أتمنى أن تكتبوا.. وتألفوا وأتذكر أنني طلبت في إحدى الليالي قبل ثلاثة أو أربعة شهور تقريباً أن يكتب كل منهم مقالاً.. أو بحثاً.. أو دراسة.. وله مهلة شهرٍ لإتمامها، ومضتْ هذه المدة ولم يأتني أحدٌ بشيءٍ.. كنتُ دائماً أقول لهم لا تنظروا إلى أنفسكم بالدونية، وهنا أكرر دعوتي للجميع.. بعض الأخوة يتصور أنه إذا لم يكن عندما يبدأ الكتابة كفلان، فإنه لن يكتب.. يخشى من النقد.. من سوء طالعٍ يقتل قابليته.. إلا أن هذا ليس صحيحاً.. على الجميع أن يضع في حسابه أن الخطوات الأولى دائماً تواجه التعثر، كما هو بداية المشي بالنسبة للطفل.. يقوم ويقع، ولكنه لا يبالي بوقوعه وهو ذلك الطفل الذي لا يفهم معنى تكرار المحاولات، فليحاولوا، فإن البدايات هي هكذا طبيعتها..

عموماً.. لا أكاد أجد سانحة إلا وأبعث همة من حولي للكتابة.. أقول لهم اكتبوا.. ولا تخافوا النقد أبداً.. بعضهم يكتب، ولكن لا زالت سمة التردد تعتريه..

اقتباس
4- بصورة أخرى: ما نراه في كثير من الشباب يتناولون رؤاهم النقدية في مجالس مغلقة، ولا نراهم فعّالين في مجالات أخرى مثل: الاحتفالات الدينية، المنتديات الالكترونية ... الخ؟ ما دورك في تفعيل جانب القراءة والكتابة لهذه الشريحة؟.



وأيضاً هنا دعوت، وكنت أحياناً أطرح مواضيع لا يُكتفى بالسماع عنها ليكون الحديث عنها في جلسة حوار، وإنما ذات سمة معقدة نوعاً ما ليدفع الشباب للقراءة.. أنا أرى ثمرة ذلك، ولكن ليس بالدرجة المطلوبة، إذ أن اهتماماتهم مختلفة، وأنا احترام ذلك التنوع فيهم.. كما عودتهم أنني أرفض أن أفرض على عليهم رؤيتي، أو رؤيتهم لأنفسهم، ولكن قد يجدوا واقعاً أفضل يدفعهم نحو ذلك.. وهذا ما يحصل بإذن الله وبهمة الجميع..

اقتباس
5- هناك شريحة من المثقفين ورجال الدين بعيدين كل البعد عن ما يجري حولهم من قضايا فكرية وثقافية واجتماعية، أو هم قريبون منها، ولكن لا يحركون ساكناً، وإذا فكروا في التحرّك انتقدوا أو أيدوا بين جدران أربعة!!. ما دور أخينا (باقر) في هذه الظاهرة، وهل هو منهم أم عكسهم؟.



لا أدري أين تريد أن يكون الدور.. معالجة الإشكالية، أم تعميقها وترسيخها؟!.. ولكن على ما يبدو الاتجاه إلى معالجتها.. الفاضل الحوزوي عندما يبدأ بالقراءة يكون قد بلغ عمراً يرى نفسه وقد حدد نوازعه واهتماماته.. وليس في مرحلة البحث عن الذات.. كما أنه عادةً لا تشده القراءات الثقافية ونزوعه نحو الدراسات الفقهية والأصولية إلا ما ندر.. وإذا ما كان له ميلاً إلى ذلك فإنه تجده يبحث عن الكاتب الحوزوي المثقف.. قد يوفق لكاتب مبدعٍ وفذ، وقد يتورط مع كاتبٍ لا يخدم تطلعاته وطموحاته.. ولكن عندما تبرز ظاهرة الكاتب المثقف ثقافة حوزوية، والحوزوي المثقف ثقافة أكاديمية فإن هذا يعني أننا سننتقل بإذن الله إلى ما تتفضل بالدعوة إليه.

اقتباس
6- لكل مثقف أو كاتب أو باحث أو رجل دين أو غير ذلك.. هل لأخينا (باقر) اتصال مباشر بهذه الشريحة أم ماذا؟.



لعل الأخ زكي مبارك يقصد (لكل مثقف أو كاتب أو باحث أو رجل دين اتصال) .. فإن كان هذا هو المقصود، فلا غنى للمتدينين من التواصل مع بعض الفضلاء، وأنا لستُ بدعاً عنهم..

اقتباس
7- كما نعرفه أن كثيراً من المثقفين والباحثين لهم صلة بالصحافة، قراءة وكتابة، وحسب معلوماتي أن ضيفنا يقرأ الصحف، ولكن هل فكّر في الكتابة فيها؟ وإذا كان لم يفكر، لماذا لا يبادر؟.



نشرتُ في بعضها، وبعضهم يطلب مني، وآخر عهدي بذاك ما طُلب مني في كتابة مقال عن الإمام الحسين(ع).. إلا أني لا أميل للكتابة في الصحف التي اختلف وإياها في منظومتي الفكرية والثقافية والعقائدية.. كما الكتابة في الصحف بذاتها لا تشعرني بجاذبيتها.

 

 

باقر الرستم غير متصل  
قديم 14-04-2010, 05:23 PM   رقم المشاركة : 62
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

اقتباس
أمل المستضعفين:

لدي سؤالان :

الأول / استفتا الإمام الخميني الشعب الإيراني في أمر الحكومة الإسلامية .. ما الحكمة التي أرادها من وراء ذلك و هل سينزل على إرادة الناس لو لم تقبل بالحكومة الإسلامية ؟



في لقاءٍ مع صحف أجنبية للإمام عندما كان في باريس تم توجيه سؤال له:

س. إذا جاءت المعارضة الدينية إلى السلطة فهل يأتي الشيوعيون على أنقاضها؟.
ج. مستحيلٌ على الإطلاق إن30 مليون إيران [آنذاك] تعمر قلوبهم بالإيمان الديني، أما القلائل الآخرون فهم مضللون، ولا يمكن أن يأتوا إلى السلطة.

وفي سؤال آخر لصحيفة أخرى: قيل أيضاً أنه في رحيل الشاه سيحل الشيوعيون مكانه، فما هي القدرات الحقيقية لليسار الإيراني؟.

فأجاب: هذا الكلام يمثل وجهاً آخر من الدعاية الشاهنشاهية ليبين أن الشعب الذي تمرد ضده إما ماركسي أو ماركسي إسلامي، وهدف الشاه أن يقنع الغرب أنه في حالة رحيله سيسلم الشيوعيون السلطة في البلاد، وكلنا نعرف أن الشيوعيين في إيران عددهم قليل جداً، وأنهم لا يتمتعون بأي نفوذٍ حقيقيٍ في مواجهة حركتنا الإسلامية، وأنه لا يمكن أن يكون لهم أية سلطة حتى في حال اعتمادهم على أية دولة أجنبية..

وفي سؤال وجهته له أبوكا الإيطالية: فلنفترض أنه تحقق قلب نظام الشاه، فكيف تقترحون إعادة بناء الهيكل السياسي للدولة؟.

فأجاب: شعبنا يريد إقامة جمهورية إسلامية، وهذا يعني إقامة حكومة عن طريق انتخابات شعبية.
فإذن يتضح أنه(قده) قرأ الساحة وما ستؤول إليه نتيجة الاستفتاء.. أما أنه هل سيقبل لو كانت النتيجة سلبية سينزل عند إرادة الناس، فأنا أتصور أنه لو خالجه ظنٌ من هذا النوع، فإنه لن يطرح الفكرة، وسيبحث عن بدائل تسير في نفس الاتجاه، وتخدم تطلعاته وإيمانه بشعبه..

وفي الواقع أن الإمام ينظر إلى هذه المسألة بعنوان حراك الشعب البارز وتوجيه الخيارات إنما كان وفق الأدبيات التي يتبناها والخطاب الذي يتعاطاه، فإنه لا يمكن أن يكون له خياراً آخر غير الخيار الذي يتكلم عنه الإمام ويتبناه..

اقتباس
الثاني / ما أصل الخلاف بين السيد الإمام والسيد الشيرازي ومتى نشأ وما أبرز المراحل التي مر بها ؟ ( أرجو الإجابة بشيء من الاسهاب)



بحدود اطلاعي إلى الآن فإنَّ ما أعرفه عن أصل الخلاف لا يتجاوز التسريبات والنقولات والأحاديث التي تتداولها الألسن، وليس من شيءٍ مكتوبٍ يمكن الركون إليه باطمئنان، ولكن لا يعني عدم وجود شيءٍ مكتوبٍ وموثق للآن، ولكني لم اطلع عليه، ولذلك لا أملك الحديث عنه بقيمة وثائقية، ولكن البارز هو الاختلاف في نظرية ولاية الفقيه، هل هي في فرد أم شورى بين المراجع؟، ومجموعة من العناوين الأخرى.. إلا أن ما اعتقده أن هذا لا يستحق أن يسمى خلافاً، وهو موجود أيضاً بين الإمام وفقهاء ومراجع آخرين، ولم يبرز كعنوان أو عناوين للخلاف أو الاختلاف، ولكن الراجح عندي أن تأجيج هذه القضايا من قبل جهات مستفيدة من إثارتها بطرق غير مسؤولة وغير أخلاقية هم وراء ما سُمِّي بالخلاف فيما بعد، لتضخيم مسألة الاختلاف مع الولي الفقيه، والتشهير بهذه المسألة من أنه يفرض نفسه على نظرائه من الفقهاء..

 

 

باقر الرستم غير متصل  
قديم 14-04-2010, 05:26 PM   رقم المشاركة : 63
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

اقتباس
حامل المسك:

أَعُوْد لِلاسْتَاذ بِاقِر بِسُؤَال لَعَل جَمِيْعُنَا يَبْحَث عَنْه .

مَتَى بَدَا الأُسْتَاذ بِاقِر فِي الْكِتَابَة الْمُمَنْهَجَة اقْصِد فِي الْعُمُر ؟



عندما كنت في سن الواحد والعشرين.. أي عام 1411هـ.. إلا أن أول كتاب كتبته وتم طباعته هو كتاب(( مالك الأشتر القائد القدوة)) الذي دخلتُ به في مسابقة كتابة البحوث في القطيف(الدبابية) عام 1414هـ، والثاني كان كتاب (( أحداث فتوى التنباك)) عام 1415هـ..

اقتباس
لِكُل شَخْص مُبْدِع شَخْصِيَّة بِتَأَثُّر بِهَا فَمَن هِي تِلْك الْشَّخْصِيَّة أَو الْشَخِصَيات الَّتِي تَاثُّر بِهِم ضَيْفُنَا الْكَرِيْم ؟



الشخصيات التي تأثرت بهم أو استفدت منهم، فقد ذكرتهم في جواب سؤال سابق..

اقتباس
لِلْضَّيْف الْكَرِيْم عَلاقَة وَطَيْدَة وَحَمِيْمَة مَع ايَة الْلَّه الْشَّيْخ الْفَضْلِي دَام مُبَارَكا فَمَا الَّذِي كَان يُوْصِيْك بِه وَأَنْت تَعَرَّض عَلَيْه بَعْضا مِن كِتَابَاتِكُم ؟.



وأما ما كان يوصيني العلامة الفضلي أن أواصل الكتابة ولا أخشى النقد، أو أن أجعله يشل قابليتي.. إذا كتبت فاطبع.. لا تجعل الكتاب في الدرج خوفاً من الأخطاء.. والكثير من الوصايا الراقية ومنها ما قاله لي في لقاء العمر بالنسبة لي معه، والمنشور في مجلة المنهاج في العدد(47):

(( أرجو أن يكون الحوار مستمداً من الواقع المعاش، ومن أجل أن يُلقي أضواءً على هذا الواقع، ويكشف ما في الواقع من مفارقات تتطلب منا في وضع الأسئلة والأجوبة في هذا اللقاء أن نخطو خطوة، ولو واحدة في مجال رفع مستوى هذا المجتمع إلى ما هو أفضل)).

 

 

باقر الرستم غير متصل  
قديم 15-04-2010, 02:33 AM   رقم المشاركة : 64
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

اقتباس
الجرح العارف:

بداية أشكر الأخ العزيز الأستاذ/ باقر على تلبيته الدعوه وإنه لشرف كبير بأن يكون ضيفًا لنا ننهل من تجاربه العلمية...

أخي وأستاذي/ باقر ما نعرفه أن لك بحوث وكتابات قيمة تشارك بها في الاحتفالات الدينية... سؤالي وإن كان طلبًا أكثر منه سؤال: هل من الممكن جمع هذه الكتابات وطباعتها في كتاب مستقل بعد تعديلها وتنسيقها وترتيبها بما يتناسب مع وضع الكتاب.


أهلاً وسهلاً بك أخي(الجرح): نعم.. ممكن.. بل عملت في ذلك في كتاب ذُكر في قائمة المصنفات بعنوان: حكاياي ما بين ميلادين.. انتظر السانحة لإخراجه بإذن الله تعالى.

 

 

باقر الرستم غير متصل  
قديم 15-04-2010, 02:43 AM   رقم المشاركة : 65
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

اقتباس
الأخ ذكريات الماضي:

مداخلتي هنا عبارة عن مقال قرأته فأعجبني و وددت أن أشارككم به و أرى رأي الأستاذ باقر الرستم فيه و أرجو منه ( إن لم أثقل عليه) بعض التعليق عليه بشكل عام.

اقتباس

رسالة لكل شيعي...رسالة لكل الشيعة سواء أكان مقلداً للسيستاني ام للصدر أم للشيرازي، للخامنائي أم ....حذار من أي فتنة، فإن عملتها فأنت مع أمريكا في حربها ضد الشيعة... لا تقل عن غيرك أنه ليس شيعي لأنه يخالفك، بل قل عنه هو أخي وهو يوالي علياً فأنا معه ويدي بيده.

أمنيتي أن تزول هذه المشاكل، ولكنها موجودة.. ولو انتبهنا إلى أن هذا التنوع طبيعي فإن المشكلة ستزول، خاصة وأن لكل انتماء ذائقة، يجد نفسه يختار هذا الاتجاه أو ذاك.. المهم ألا ينظر أحدنا إلى الآخر بنظرة استعلاءٍ لذاته ودونية للآخر.

اقتباس
[SIZE="4"]اسم الكتاب: مؤامرة التفريق بين الأديان الإلهية.

اسم المؤلف: الدكتور مايكل برانت.

وقد أجريت معه مقابلة مطولة و كشف فيها عن برنامج مدروس لللإستخبارات الأمريكية (c.i.a.) وموجه ضد المذهب الشيعي و الشيعة.

وإليكم الآن خلاصة لما جاء في الكتاب المذكور:

اقتباس

ظلت البلاد الإسلامية لقرون تحت سيطرة الدول الغربية، ورغم أن أكثر الدول الإسلامية نالت استقلالها في القرن الاخير، إلا أن أنظمتها السياسية والاقتصادية و خصوصا الثقافة الاجتماعية ما زالت تحت السيطرة الغربية و تابعة لها.

أبان عام 1978م. نجحت الثورة الإسلامية في إيران، وسبب ذلك لأمريكا خسائر فادحة. في بداية الأمر كنا نتصور أن الثورة جاءت تلبية لإرادة الشعب المتدين وأن قوادها استغلوا ذلك، واستفادوا من الأوضاع يومذاك، وأنه بزوال الشاه يمكننا الاستمرار في سياستنا عبر أفراد مناسبين لنا.

لكن بمرور الزمان و توسع ثقافة الثورة الإسلامية و مفاهيمها و سرايتها لدول المنطقة، بخصوص العراق و باكستان و لبنان و الكويت و دول أخرى ، عرفنا أننا مخطئون جدا في تحليلاتنا السابقة.

في إحدى جلسات الاستخبارات بحضور كبار مسئوليها و حضور ممثل للاستخبارات البريطانية (بسبب تجاربها الطويلة في الدول الإسلامية)، توصلنا إلى نتيجة حاصلها:

إن الثورة في إيران لم تنتصر بسبب فشل سياسة الشاه تجاهها فقط، بل هناك عوامل أخرى، مثل قوة القائد الديني وهيبته واستغلال ثقافة (الشهادة)، التي ترجع جذورها إلى حفيد نبي الإسلام(الإمام الحسين ع)قبل 1400 عام، و تروج هذه الثقافة و تمتد في العمق كل عام أيام محرم عبر العزاء الحسيني.

كما توصلنا إلى هذه النتيجة أيضا: و هي أن الشيعة أكثر فعالية وأنشط من بقية أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى في هذه الجلسة تقرر القيام بتحقيقات أوسع على المذهب الشيعي، ووضع خطط و برامج منظمة طبق تلك التحقيقات. و قد رصدنا لذلك(40) مليون دولار.

و قد تم ترتيب ذلك على مراحل ثلاث:

1- مع المعلومات و الإحصائيات اللازمة.

2- تحديد أهداف على المدى القصير، مثل البرامج الإعلامية ضد الشيعة وإثارة الاختلافات بينهم و بين المذاهب الإسلامية الأخرى.

3- تحديد أهداف على المدى البعيد، تتكفل باجتثاث المذهب الشيعي من أصوله.

عملا بالمرحلة الأولى و تطبيقا لها أرسل محققون و خبراء لتتوفر لنا إجابات عن الأسئلة التالية:

أ . ماهي مناطق نفوذ الشيعة في العالم و أماكن تواجدهم؟.

ب . كيف نثير بينهم الاختلافات الداخلية و نلقي بينهم الاختلاف الشيعي الشيعي؟.

ج . كيف نثير الخلافات الشيعة السنية، وكيف نستفيد من ذلك لصالحنا؟.

بعد جمع المعلومات من مختلف مناطق العالم ، و بعد البحث و أخذ و جهات النظر حصلنا على النتائج مهمة للغاية .

فقد عرفنا أن قدرة المذهب الشيعي و قوته في يد المراجع و علماء الدين ، و أنهم يتولون حفظ هذا المذهب و حراسته.

إن مراجع الشيعة لم يتابعوا و لم يتعاونوا طيلة التاريخ مع أي حاكم غير مسلم أو حاكم ظالم، ففي إيران فشلت بريطانيا بفتوى آية الله الشيرازي، واقتلعت حكومة الشاه الموالي لأمريكا من جذورها بيد آية الله الخميني، و في العراق لم يستطع صدام بكل قواه إجبار الحوزة العلمية في النجف الأشرف على الانقياد له، مما اضطره لتضييق الخناق عليها و محاصرتها سنين عديدة، وفي لبنان أجبر آية الله الإمام موسى الصدر جيوش بريطانيا و فرنسا و اسرائيل على الفرار، كما أن حزب الله لبنان أوجع جيش اسرائيل و ألحق به خسائر فادحة، وفي البحرين ورغم صغر حجمها قامت أحداث كبير ضد الحكومة أجبرت الحكومة على إجراء الميثاق ولاتزال تلك الأحداث جارية ولكن بشكل حرب باردة نتيجة عدم تلبية الحكومة لمتطلبات الشعب.إن تحقيقاتنا في هذا المجال أوصلتنا إلى نتيجة :

و هي أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال مواجهة المذهب الشيعي و محاربته بصورة مباشرة، وإن هزيمته أمر في غاية الصعوبة، وأنه لابد من العمل خلف الستار. نحن نأخذ و نعمل طبق المثل القائل : (فرق و أبد) بدلا من المثل الانجليزي (فرق تسد).

من أجل ذلك خططنا ووضعنا برامج دقيقة و شاملة للمدى البعيد، من ذلك رعاية الشخصيات المخالفة للشيعة ، و الترويج لمقولة كفر الشيعة بنحو يفتى بالجهاد ضدهم من قبل المذاهب الأخرى في الوقت المناسب.

ومن ذلك تشويه سمعة المراجع و علماء الدين عبر الشائعات و نحوها كي يفقدوا مكانتهم عند الناس و يزول تأثيرهم.

من المسائل التي يجب الاهتمام بها مسألة ثقافة عاشوراء والاستشهاد في سبيل الله، حيث إن الشيعة تبقى هذه الثقافة مضيئة ووهاجة عن طريق مراسم عاشوراء السنوية.

لذا صممنا على تضعيف عقائد الشيعة و إفسادها ، والعبث بثقافة (الشهادة) والاستشهاد، وأن نحرف المفاهيم بحيث يبدو للناظر أن الشيعة ليسوا سوى طائفة جاهلة تهوى الخرافات .

وهذا يكون عبر الدعم المالي لبعض الخطباء و المداحين و المؤسسين الرئيسيين لمجالس عاشوراء، فإن فيهم النفعيين و محبي الشهرة.

وفي المرحلة الآتية يجب أن نجمع ونعد الشيء الكثير مما يسقط المراجع ، ونبث ذلك بلسان و قلم الكتّاب النفعيين.

والأمل معقود على إضعاف المرجعية بحلول 2010م ومن ثم سحق مراجع الشيعة بيد الشيعة أنفسهم وببقية علماء المذاهب الأخرى، وفي النهاية نطلق رصاصة الخلاص على هذا المذهب و ثقافته.[/
SIZE]



سمعتُ بهذا المقال من قبل، ولم أقرأه، وذلك لأنني- في الواقع- لا تثيرني المقالات من هذا النوع، ولا أحفل بها.. فما في المقال عن المرجعية والمؤامرة ضد التشيع يدخل في الأساس ضد الإسلام والمسلمين دون استثناء.. هذا إذا ما كان التقرير فعلاً صحيحاً ودقيقاً، في حين أن هناك مشاكل كثيرة موجودة منذ أكثر من قرنٍ تقريباً.. وحراك السيد جمال الدين الأفغاني والثورة الدستورية في إيران وقضايا التطبير في النجف وسائر الحوزات تتحدث عن تلك المشاكل المؤسفة، دون أن تكون لهذه الجهة التي يتحدث عنها المقال يد في ذلك.. إذ أن لدينا من يملك القابلية في أن يتبرع لخلق المشاكل، وهناك من لا يفر إلا إليها..

وفي الواقع الغرب يستهدف الإسلام كله.. بمذاهبه كلها، وقد عمل طويلاً ليجعل من نفسه إلهاً، ولكن لم يستطع أن يلغي حتى مذهباً صغيراً مذهباً صغيراً، أو أن يضع يده عليه.. فالمذاهب الإسلامية ليست حديثة النشوء، ومع ذلك لا زالت حتى تلك التي لا يلتزم بها إلا بضعة أشخاص، ولا أزيد من المذهب الدرزي الذي يعيش سرية وخصوصية مختلفة، ومع ذلك لا تجده استطاع أن يوجد منطقاً أو فكراً أو فقهاً مخالفاً لما عليه أصوله، أو حتى لبعض المسائل العادية التي تعني الخصوصية الدرزية..

ولا أظن أن وثائق كهذه تسرب، وفي المقابل تسرب في حق المذاهب الإسلامية الأخرى، إلا لإيجاد الوحشة فيما بين المذاهب الإسلامية.. ولكي يتهم كل مذهب المذهب الآخر بأنه هو من أصبح وسيلة لضربه..

بعضهم يقول بأن عقولنا أصبحت لا تفكر إلا بمنطق المؤامرة، ولكن الصواب، بأنه إذا لم نفكر بهذا، فهل يصح لنا أن نتعامل ببساطة ونلغي أن يكون الغرب يستهدف الإسلام؟!.. فأشد أعداء المسلمين اليوم هو إسرائيل، وهي صديقته وربيبته ويحدب عليها، فيما يموت الفلسطينيون بلا ذنبٍ فلا يبالي بهم، فهل في ضوء ذلك نلغي اهتمامه بأن يكون دائماً متفوقاً علينا، وأنه يريد أن تسود الفتنة فينا وبيننا..

بتصوري أن مقولة البكاء على عقولنا لأنها تفكر بمنطق المؤامرة هي أيضاً يدخل ضمن مشروع الإضعاف الذي يراد به شل حركتنا كمسلمين.. بل شل قدراتنا لفهم تصرفاته.

ومع ذلك فأنا اعتقد أن شرف الانتساب إلى الإسلام يعطي صاحبه توفيقاً إلهياً بدرجة ما يمثل ذلك الانتماء من قرب إلى حقيقة الإسلام..

ولكن الواقع يقول بأنه بحجم حضورك يقرؤك الآخر، ويتعاطى معك على قدر ما يفهمه من ذلك الحضور.. وكيفما تراه هو أيضاً يراك..

وبالخلاصة لا أقول إلا: أنت تريد، وأنا أريد، والله يفعل ما يريد.. ولله أمر هو بالغه.. ولا أحفل بمثل هذه المقالات..

 

 


التعديل الأخير تم بواسطة باقر الرستم ; 15-04-2010 الساعة 03:18 AM.
باقر الرستم غير متصل  
قديم 15-04-2010, 02:57 AM   رقم المشاركة : 66
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

اقتباس
القلب السليم

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرحب بضيفنا المكرّم الأستاذ: باقر الرستم، وأقدم إكليلا من الورد للأستاذ قميص يوسف (الذي قلّ نظيره- كما نعته بذلك ابن الشهيد-).

بداية (وأرجو عدم تحرير الرد )، إنه لفي منتهى الخسارة أن نجعل ضمن الأسئلة الدارجة (في هذا اللقاء)، ما ينمّ عن سوء فهم، وقلة معرفة بمنهج وفكر الأستاذ الموقر (الضيف).

فبدلا من التطرق واغتنام فرصة هذا اللقاء بوجه إيجابي مثمر، نجد البعض يضع السمّ في العسل ، بأسئلة ليس مؤداها إلا الفتن، كـ(الاتهام بتسويق لمرجعية معينة، وكذلك الإدعاء بأن إطروحات الأخ باقر موافقة لإطروحات مرجعية ضالة (بزعمهم)..وهذا ما هو إلا نتاج القيل والقال، والاستنتاجات الذاتية المنحرفة ... رجائي عدم تحرير الرد...

سؤالي للأستاذ الموقر، والواقع أنه مرادف لسؤال أخينا حامل المسك (يحفظه الله) :من الذي كان لك بمثابة المرشد والمشرف والموجه والذي أسهم بدوره في إيصالك إلى هذا المستوى المتألق، أم أنها جهود ذاتية (شخصية)، وإن كان كذلك، ما هي البذرة التي استحثتك على التقدم؟.

وفرصة موفقة جدا أن نلتقي بأستاذ ناجح بارع مثلك ...

وتحياتي لكل الأعضاء المحترمين...السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البدء أتمنى من الجميع أن يتسع صدره للآخر.. قد يضيق بعضهم من أسئلة لا يراها مناسبة، ولكنها تجيش بصدر سائلها، ويرى في مثل هذه اللقاءات أننا يمكن أن نجاوب عليها، فإن رأينا الجواب، فسنجيب، وإن رأينا بها لحنا ما فنحن لسنا ملزمين بالإجابة.. وبالنتيجة ستجد أن السؤال إنما هو طبيعة ورؤية ومناخ السائل.. وثقافته وذائقته وأيضاً ميوله واهتماماته.. فلا أجد حرجاً من سؤالٍ ولا أضيق بأحد.. وأقدر هذه الأحاسيس، ولكن أتمنى أن يشمل جميع المشاركين بحسن الظن..

وأما بالنسبة لسؤالك، فكما تفضلت، فإن سؤال الأخ حامل المسك حضن الجواب، ولا أظن أننا بحاجة لتكراره.

 

 

باقر الرستم غير متصل  
قديم 15-04-2010, 03:06 AM   رقم المشاركة : 67
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

اقتباس
حسين علي:

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

بالبداية أوجه شكري للأستاذ قميص يوسف لترتيبه اللقاء الشيق مع الأستاذ الفاضل باقر ، ورغم أنه لم يتسنى لي قراءة كتبه ولا لقاءه شخصيا، إلا أنني تعلمت واستفدت الكثير من مشاركاته ومواضيعه في منتديات حوارية مختلفة؛ فوجدت في مشاركاته الإنسان المتواضع المسؤول في ما يقول، المتسامح مع مخالفيه، المبادر إلى الخير ومد الأيدي، وفي نفس الوقت الغيور وصاحب عزة النفس التي لا تسمح له بالذل والمهانة.

لدي بعض الأسئلة التي أود أن يجيب عليها أستاذنا الفاضل:

1- أجد في عناوين مؤلفاتكم بضعة كتب متعلقة بموضوع التطبير، وكذلك ما قرأته لكم من مواضيع منشورة بالمنتديات. يا ترى ماهي القصة مع التطبير؟ ولماذا نجد في عاشوراء من كل عام ضجة كبيرة بين مؤيد ومعارض؟! ألم يحن الوقت لترك هذه المسألة والالتفات لما هو أهم؟.

ما تراه يمثل السخونة والحيوية الأدبية المفتوحة في الساحة الشيعية، والتي لا تعرف الكلل ولا الملل في الحوارات، وإعادة القراءات على المألوف التي قد تفرز رؤية جديدة أو موقف جديدٍ من مخاض ذلك المخاض، وهو أيضاً يعتبر من الملفات التي اعتاد رواد الانترنت مراودتها باستمرار.. قد يكون أحياناً الخوض فيها سياسة عند إحدى إدارات المنتدى.. لكسب عددٍ كبيرٍ من الأعضاء المسجلين لديهم، وقد تكون شرارة يثيرها أحد الأعضاء فيشعل الأجواء بها.. وقد تكون غاية عند بعضهم للمسِّ بالآخرين.. فهو إذن من الملفات التي تحرك الحوارات المستمرة في المنتديات..

بالنسبة لي لا أرغب في الدخول في قضايا الخلاف الداخلي بين أبناء الطائفة، ولكن لأن هذا الملف أسفر عن انتهاك لحرمات فقهاء عظام، والافتقار الواضح إلى وجود رؤية واضحة وذات مبانٍ علمية لجبهة الرفض ما دفعني لكتابة هذه الدراسة (( التطبير أزمة حادة، بين منتج الوعي الشعبي ومفروضات الدليل))..

وقد اتضح لي من متابعتي لهذا الملف ولعل هذا أيضاً واضح لدى كثيرين أنه ومن خلال عبارات بعضهم أنهم يقصدون الوقيعة والإساءة ما استطاعوا بالمخالفين لهم..

ولذلك تصديت للموضوع من باب القيام بالتكليف الشرعي.. ولك أن تتصور أنني ظللتُ سنين أشارك في الموضوع بما يحفظ الألفة ما أمكن، وبما يدفع سوء الظن عند بعضهم تجاه المتصدي لتحريم التطبير، ولم أتصدَ يوماً لفتح موضوعٍ مستقلٍ عن التطبير، إلا موضوع((التطبير أزمة حادة)) الذي أسفر عن هذه الدراسة فقط.. أما قصة الكتاب الآخر(( التطبير والإشكالية المزمنة)) فهو بالأساس أشبه بالمقدمة لكتاب((التطبير أزمة حادة))، نظراً إلى أنه يحتوي مطالب الكتاب الأول، وكان دافعي لإصداره هو طلب بعض الأخوة أن أقدم تلك الدراسة بما يمكِّن غير الراغبين في قراءة الدراسات الموسعة.. بمعنى ملخص لتلك الدراسة.. ولذلك قمت بعرض أهم ما جاء في تلك الدراسة في كتيب صغير، مع إضافات أخرى اختص بها الكتاب الصغير تحت عنوان(( التطبير والإشكالية المزمنة)).

وفي الواقع كنت أتمنى أن من تطرق للتطبير التفت لما قدمناه من دراسة، إلا أنك تعجب أنه لم يلتفت لها، بالرغم من أن الأعضاء الذين دخلوا عليها يتجاوزون الألفين تقريباً.. حيث سجل الموقع الذي وضعتُ فيه الدراسة عدد الداخلين بـ 6890 شخص لمدة سنة ونصف.. وإذا رفعنا المكرر فإنه سيتجاوز الألفين.. ومع ذلك لا تجد من تطرق للتطبير ناقش المطالب التي تناولناها.. ما يعني أن هناك توجهاً خاصاً لمواصلة الإثارة.. وبالتالي فإن هذا السؤال الذي تفضلت بإثارته أيضاً يثيرني.. ولكني لا أملك إلا أن أجيب عن الإشكال الذي يمس الموضوع مباشرة.. أما ما وراء الإثارات، فهذه أتركها للمتابعين.. لعل وعسى أن يكون لهم تواصل مع مثيري الموضوع، فيلفتوا نظرهم إلى عدم جدوى ذلك.

اقتباس
2- هل تؤيدون فتح باب انتقاد الوجهاء والقيادات من قبل العوام؟ وإلى أي حد يجب أن يكون هذا الانتقاد؟.



أي نشاط يمس الناس مباشرة فإن الناس معنيين بتقييمه.. ولا يمكن أن نقول لهم اصمتوا، ما دام هذا النشاط يمسهم مباشرة، ولو فعلنا ما استطعنا.. ولذلك بعضهم يتوجس خيفةً.. ويصاب بهستيريا عندما يرى نقداً من هذا أو ذاك لهذه الشخص أو ذاك لمجرد أنه يحمل صفة رمزية عالية.. والصحيح أن نستوعبهم ونستمع إليهم، فإنه قد يحمل إليك بعضهم مدى تقصيرك أو قصورك تجاههم، فيما التعالي عليهم يدخلنا في نرجسية لا يناسب المتصدين أن يدخلوا فيها..

نعم يفترض بنا أن نشاركهم همومهم، ولنتعاون معهم لتخفيف حدة استيائهم من بعض الأمور.. فإذا ما نجحنا في ذلك فإن ملاحظاتهم أو انتقاداتهم مهما كانت ستكون بالحدود المعقول.. أما تجاهلهم أو تحريم ذلك عليهم فإنه يفاقم الأمور، وتصنع حاجزاً كبيراً بينك وبين الآخرين، ومع ذلك فلن تستطيع أبداً أن تمنع من أن ينتقد أو أن يقول وجهة نظره.. وليس بيدك أن تضعه في خانة يبدي من خلالها رأيه.. ولكن بإمكانك أن تجعل وجهة نظره مهذبة ونقده مثمراً..

أما أن يكون بقصد الإساءة والوقيعة بالقيادات أو الوجهاء أو هكذا يؤدي، فهذا مرفوض قطعاً.. وقد ذُكر في المأثور أن نبي الله موسى(ع) ناجى ربه وطلب منه أن يجعل الناس يرضون عنه، فقال: تلك صفة لم أجعلها لنفسي.. فلا نتوقع أن يحصل كل عامل على رضا الناس جميعهم، ولا يصح أيضاً أن نمنع الانتقاد، ووجهات النظر، فقد يكون بعضها ناضجاً ولا غنىً عنه، ووأد هذه الظاهرة يعني سيادة الرأي الواحد، وقتل الطاقات وكبتها.

بعضهم يتصور أن الرأي الواحد يعني سهولة العمل والإنجاز، في حين أن من لم يسعَ معك مقتنعاً فإنه قد يسهم في تدمير العمل، وليس فقط في إبطائه، ولا يعالج هذه الإشكالية إلا الاستماع إلى وجهات النظر الأخرى والاعتناء بها.

مسؤوليتنا أن نرقى بمستوى النقد والأطروحات، فإذا رأونا نقابل انتقاداتهم بروح ودية، فإن فورة غضب بعضهم ستهدأ، وقد تتبدل وجهات نظرهم للأحسن، ولكن إذا قابلناها بالقمع فإنها بالتأكيد ستتطور إلى حد فقدان الثقة بين الجميع.

طبعاً أنا هنا لا أبرر أي وجهة نظر، مهما كانت، إذ بعضها انتقائي، وهدفها تدميري، وإقصائي وعدواني، ومعرفة ذلك من خلال خطابها ومشروعها.. ولا اعتقد أن النخبة أو ما تُسمى بالقيادات غافلة عن ذلك، وإذا ما غفلتْ تلك القيادات عن هذه الحالة فلا تستحق أن تكون في ذلك المقام..

اقتباس
3- وحدة الأمة الإسلامية هي أشبه بالنظرية التي يمكن تطبيقها نظريا، ولكنها صعبة التطبيق بالواقع، ليس فقط بالسعودية ولكن في مختلف البلدان. وقد أثبت الكثير من المخالفين عدم جديتهم، و رأينا تقلب الكثير منهم لمجرد اختلاف سياسي بسيط، فإلى متى نظل نسعى خلف سراب؟.



ما لا يدرك كله لا يترك كله، المسلمون يتمنون تطبيق الحكم الشرعي منذ أكثر من ألف سنة، وهي أقل بكثيرٍ جداً من مشروع الوحدة الإسلامية، ومع ذلك لم يتوقف هذا الطموح وتلك الأمنية.. هو حكم شرعي، لا يدفعنا الواقع إلى رفضه.. وإنما نسعى إلى تطبيقه ما استطعنا.. فأنا مثلاً استطيع أن أطبق الحكم الشرعي علي في شكلي.. في سلوكي في بيتي بين أهلي.. فلأسعى إلى ذلك.. أُمرتُ بالصلاة فلأصلي، ولو امتنع الناس كلهم عن الصلاة.. لنتعاطى مع مشروع الوحدة الإسلامية بهذا العنوان..

فالله تبارك وتعالى قال: (( ولا يغتب بعضكم بعضاً، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه))، وقال تعالى(( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)).. وكلا الأمرين يتحركان في بناءٍ واحد ولخلق واقعٍ واحدٍ، ليأتي أيضاً النهي الإلهي من االممارسات التي تتحرك في الاتجاه الخاطئ والمخالف.. حيث الفتنة والاقتتال ، قال تعالى(( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة))، ومن هنا فإن أكبر الآثام ما استُخف بها... ولذا فأنت لا تسعى خلف سراب، وإنما تسعى للقيام بمسؤوليتك.. وهي مسؤولية شرعية وأخلاقية.. تهمك الثمرة فهذا صحيح، ولكن بما أنها مسؤولية فليس عليك أن تحقق نتائجها..

وقد تحدثنا سابقاً من أن الفتنة تقع عندما يتوفر طرفان.. يقومان بخلقها وتغذيتها وإنمائها وديمومتها.. وأحياناً من عدم الاستجابة علاجاً لبعض الأصوات الناشزة، كما قول المثل الشعبي(( الحقران يقطع المصران))، و(( النار تاكل نفسها إذا ما حطيت عليها حطب)).. المشكلة في موضوع الوحدة الإسلامية أننا نتحدث عنها، ولكن لا نملك رؤية ولا قراءة ومشروعاً ولا آليات لبلورتها.. وإنما ألفاظاً وتنميقات مملة وغير مثمرة.. بل أحياناً يتحرك بعضنا في هذا الإطار ليس من أجل الوحدة الإسلامية، وإنما من أجل إيجاد موطئ قدمٍ له بين الناس ما دام هذا المشروع يمكنه توفير ذلك الموطئ له.. فإذا ما وجد نفسه غير محتاجٍ إليه سعى إلى تدميره.. هذه مشكلة حقيقية في هذا المشروع.. الأمر الذي لم نستوعبه إلى الآن هو كيف لمشروع بهذا الحجم، ويواجه كل تلك التحديات، ولا نملك إلا العبارات والألفاظ له لإنجاحه.. بالتأكيد لن ننجح..

ولكنني أتصور أن الخطوة التي نسعى بها لأجل هذا المشروع، ولو بالكلمة الطيبة.. التي تسهم في تطييب الخواطر، وتخفيف تداعيات الـ(لامشروع) سيكون ذا قيمة، ولو قليلة ولا نشعر بها، ولكن تجاهل الأمر يعني الاستجابة لمشاريع الاستدراج إلى الفتنة.. وما أداء سماحة السيد السيستاني دام ظله الشريف في وأد الفتنة ، وهكذا أيضاً السيد الخامنئي دام ظله الشريف كونهما الفقيهان اللذان يعيشان في قلب العاصفة إلا دليلاً على أن تلك المساعي ليست سراباً ولا تذهب هباءً أو هدراً..

اقتباس
4- ما ردكم على من يحاول أن يصنف المراجع والعلماء إلى مرجعية سياسية ومرجعية غير سياسية؟
في الوقع من غير المنطق أن يتصدى جميع المراجع دفعة واحدة لقضية واحدةٍ.. إذ تصديهم جميعاً يعني أن فرضية الصدام لا مفر منها أبداً.. والصحيح أن المنطق المسؤول والخطاب الشرعي يقول بأن حضورهم هو بعنوان الواجب الكفائي، فإذا حضر من يقوم بذلك الواجب سقط عن الباقين، في حين أن لأولئك الفقهاء أدوار ومواقع أخرى يمكنهم القيام به، ولا غنى عنهم في تلك الموارد.



ولا من الواقعية أن يكونوا في كل تفاصيل الحياة اليومية دون الأخذ في الاعتبار تنوع الحقول، وحاجتها إلى مبدعين من نوعٍ آخر غير الفقه والفقاهة.

وهذه الحالة هي ما يوجد تلك العناوين التي تتحدث عنها في سؤالك.. ولكن لا يوجد في الواقع مرجعية سياسية ومرجعية غير سياسية؛ لأن ذلك ما يؤدي إلى الإساءة إلى أحد العنوانين.. فالذين يريدون أن يسيئوا إلى ما يسمى بالمرجعية السياسية؛ سيقال عنها أنها غير متفرغة للفقه والأصول والتدريس، والذين يريدون أن يسيئوا إلى ما يسمى بالمرجعية غير السياسية فسيقال عنها أنها لا تُعنى بواقع الأمة ولا تهتم به..

الصحيح أن نقرأ الفقيه باللون الذي طرحته الحوزة، ولا نجترح من عندنا عنواناً خاصاً به، كما أن مسؤولية الفقيه أن يتموضع الموضع الذي يليق به.. ويقدر على ملئه، وفي هذا الصدد يعجبني السيد الخامنئي في تعاطيه خانات التموضع التي مر بها.. إذ أنه يتموضع فيها أو يقبلها بما هي مسؤوليته وواجبه وتكليفه، لا مجرد إلحاح بعض الناس عليه للقيام بها والتصدي لها.

أكتفي بهذا القدر ولكم جزيل الشكر

تحياتي

 

 

باقر الرستم غير متصل  
قديم 15-04-2010, 07:05 AM   رقم المشاركة : 68
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

[COLOR="Red"]
اقتباس
المنادي:

بسم الله الذي لا أرجو إلا فضله ، ولا أخشى إلا عدله

وحمدا لله كثيرا ، السلام عليكم أحبتي ورحمة الله وبركاته

ما أبهج قلبي بهذه الفكرة الهادفة وهي استضافة هذا الأستاذ الشامخ ، التي سننهل من خلالها قبسات نيّرة من عطاء قلمه المضيء...ولا أنسى أخص أستاذي قميص يوسف بجزيل الشكر والثناء على فكرته البرّاقة.

اقتباس: المشاركة الأصلية بواسطة القلب السليم:

إنه لفي منتهى الخسارة أن نجعل ضمن الأسئلة الدارجة (في هذا اللقاء)، ما ينمّ عن سوء فهم، وقلة معرفة بمنهج وفكر الأستاذ الموقر(الضيف).فبدلا من التطرق واغتنام فرصة هذا اللقاء بوجه إيجابي مثمر، نجد البعض يضع السمّ في العسل، بأسئلة ليس مؤداها إلا الفتن، كـ(الاتهام بتسويق لمرجعية معينة، وكذلك الإدعاء بأن إطروحات الأخ باقر موافقة لإطروحات مرجعية ضالة (بزعمهم)) ....وهذا ما هو إلا نتاج القيل والقال ، والاستنتاجات الذاتية المنحرفة

حقا أخي (القلب السليم) ، هذا من المؤسف، وياللحسرة تواجد هؤلاء في صفحات هذا الموضوع ، وعلى أية حال ...

أسئلتي التي أوجهها للضيف الأستاذ:

س1/ ما موقف نقباء أهل البيت (الاثنا عشر) عليهم السلام من الفلسفة كمنهج وليس كعنوان؟


أرجو عدم المؤاخذة بالإطالة، أسأل الله جل شأنه أن ينفعنا بكم، ويمحو الجهل عنا، بتجلي علمكم...وصلى الله على محمد وآله الأطهار...[/COLOR]



الفلسفة كلمة مشتقة من كلمة فيلوصوفيا، وتعني محب الحكمة، ومن قرأ نهج البلاغة، ومناظرات أهل البيت(ع) وقواعد الجدل في خطابهم(ع)، وخاصة في التوحيد، وقرأ احتجاجات المعصومين مع غير المسلمين أو الذين لا يعرفون الخطاب الشرعي يعرف أن أهل البيت يتعاطونها بالحدود التي تمثل عنوان الحكمة.. والفلسفة بعنوانها ذاك تمثل أحياناً الـ(كلمة سواء) التي أشار إليها القرآن، حيث لا أيدلوجية تحكم الفرقاء.. فليتقون من خلال الفلسفة إلى معرفة الحق والمبدأ الحق.

طبعاً هذا لا ينفي أن تكون هناك شطحات من قبل بعض الفلاسفة لأنها بالنتيجة علم إنساني يعمل على تفكيك وعي المرء والفهم الإنساني ومبادراته العقلية في معرفة الخالق وأصل الكون وجوهره، وكل ما يرتبط بهذه المسائل، ليصنفها ويقرؤها وفق أدبيات انتمائه.

اقتباس
س2/ هل من الصحيح أن نربط بين التصوّف والعرفان ، وما هي أوجه الاختلاف بينهما وأوجه الشبه- إن وجدت-؟ وهلا أرشدتني لمؤلفات تتناول دراسة تلك الفروق؟



بالتأكيد ليس صحيحاً، ومن يتوهم هذا الربط فهو لقلة معرفة.. إذ التصوف خليط من العبارات غير المفهومة، والسلوكيات التي تسمى بالدروشة.. ولكل جماعة من جماعات التصوف طريقة.. والتي عرفت مرة بالطرق الصوفية، ومرة بطرائق الشيوخ.. كما يلتزمون باللباس الخاص والخشن.

أما العرفان، فلا يوجد فيه شيء اسمه شيخ طريقة، ولا عبارات غير مفهومة، ولا طلاسم ولا شيء من هذا النحو، ولا لبساً خاصاً، ولا حركات خاصة..

وأفضل من جسد العرفان العملي هو الإمام الخميني(قده)، الذي أذهل المراقبين في العالم، بل حتى أهل العرفان والصوفية.. إذ أن العرفان عند أهل العرفان يعني اعتزال الدنيا، وعدم الخوض في أيٍ من شؤونها.. وإذا بالإمام(قده) حول هذا الاعتزال إلى صناعة عالمٍ متدين.. دخل السياسة وخاضها خوض محترفٍ.. ولكن كان خوضاً ملتزماً.. قدم رؤية للمتدين في طريقة خوضه للسياسة، في أن السياسة لا تعني الانحراف واللا أخلاقية.. لا تعني الانتهازية.. وإنما تعني الإدارة والعمل المدروس بشكل صحيح لإيجاد مجتمعٍ متدين وقرآني.. ولذلك فإن الإمام الراحل هو أفضل من قدَّم العرفان العملي للأمة، بل ليس أفضل من قدمه فحسب، بل أفضل من عرفه، ولذلك قال: لا الاعتزال الصوفي دليل الارتباط بالحق، ولا الدخول في المجتمع وتشكيل الحكومة شاهد الانفصال عن الحق، الميزان في الأعمال دوافعها.
...ميزان العرفان والحرمان هو الدافع، كلما كانت الدوافع أقرب إلى نور الفطرة.. أكثر تحرراً من الحجب، حتى حجب النور.. تكون أكثر ارتباطاً بمبدأ النور..

((إذن فالعرفان عند الإمام هو قوله: الميزان في أول السير هو القيام لله.. إنْ في الأعمال الشخصية والفردية أو في الفعاليات الاجتماعية)).

اقتباس
س3/ في الفترة الأخيرة تعرض عدد من الأعلام كالسيد الإمام قدس ، والشيخ بهجت قدس للتكفير من بعض (......لا أريد نعتهم بشيء)، وهناك من رماهم بالتصوّف ، ولعلهم أحيانا يبررون سبب ذلك بأن العالميْن المذكوريْن يؤمنان بوحدة الوجود والموجود ،

السؤال هنا: هل في العصور المتقدمة تطرق لهذه المسألة العقدية أساطين المذهب، أمثال الشيخ المفيد أو الشيخ الصدوق أو العلامة الحلي رضوان الله عليهم أو.....أي أحد سواهم ، وماهي صدى هذه القضية ووجودها في مصنفات العقائد؟



بالنسبة لتناول العلماء سأترك الجواب للنص الآتي.. بحكم أنه وردني وأنا لم أبحث في المسألة بحثاً جديراً بأن أحسب الجواب لي فيه.. وكنت سأترك الجواب، ولكن رأيتُ أن يستفيد الجميع منه، ليعرفوا موقف الإمام في المسألة في أجواء اعتداء بعضهم على الإمام والجرأة عليه،

وأما خلاصة الذين يتكلمون على الإمام بتلك الجرأة .. فالمتتبع لهم ولعباراتهم يعرف إما أنهم فهموا خطأً هذه المسألة أو أنهم يتعاملون معها بطريقة تفتقر للمصداقية.

وفي هذا الصدد قال الإمام الراحل قدس سره أن الملا صدرا (صدر المتألهين) سمع شخصاً يدعو عليه ويلعنه ويقول: اللهم العن ملا صدرا.. فقال له: لماذا تلعنه: قال لأنه يقول بوحدة الوجود.. فقال ملا صدرا: هاه.. اللهم العنه..

يعني أنهم ملتفتون إلى هذه الحالة، وليسوا غافلين عنها، وقد حاولت أن أفهم منطق التكفير ومنهج الفهم لدى الآخر الذي تعاطى مع هذه المسألة بتحامل شديدٍ، فأجد من خلال عباراتهم أنهم لم يستوعبوه جيداً أو أنهم يتصرفون من منطق غير منطق العلم..

وهنا أنقل سؤالين وجوابين.. الأول سؤال عن وحدة الوجود نفسها وقد أجاب عنها أحد العلماء.. لم أوفق للاطلاع على اسمه الآن، وإن شاء الله أوفق لاحقاً، ولكن جوابه مفيداً.. والثاني لآية الله الشيخ فاضل اللنكراني، بخصوص عقيدة الإمام الراحل في المسألة:

اقتباس
السؤال: وحدة الوجود

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

السؤال: أود معرفة نظرية وحدة الوجود بشكل موجز, و أنواع هذه النظرية أي من قال بوحدة الوجود ووحدة الوجود بأنواعها, و أهم العلماء الذين اتبوعوا هذه النظرية.

وإذا كان بالامكان مع معرفة رأي سماحتكم بالموضوع؟

و شكرا

جزاكم الله خير الجزاء.
ً


الجواب:

الأخ عمار الموسوي المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لم تطرح مسألة وحدة الوجود في كتب الفلاسفة القدماء بالصورة التي هي عليها الآن من حيث عنوانها والشكل الذي تراها عليه في الكتب الحديثة، فالفلاسفة السابقون لملا صدرا لم يذكروها كما هي عليه بعده... وربما كان العرفان الإسلامي أحد أهم العوامل المؤثرة في ذلك - يعني في أدخال بحث الوحدة والكثرة في أبحاث الفلسفة - ولعل أول من أدخل هذه المسألة إلى العرفان الإسلامي وذكرها بهذا العنوان الصريح هو محيي الدين بن عربي في القرن السابع الهجري.

نعم، كانت مسألة الوحدة مطروحة في العرفان قبل ابن عربي ولكن حتى ذلك الوقت لم يستطع أصحاب النظر والعلماء من القطع بأن الوحدة التي يدعيها العارف هل هي وحدة شهود أم أنها وحدة وجود؟
وبعبارة أخرى، ان هذه الوحدة التي بحثها العرفان هل هي وحدة لها صفة إنسانية؟ ومعنى ذلك ان العارف يصل إلى مرحلة لا يرى معها غير وجود الله, أم انها وحدة واقعية؟ ومعنى ذلك أنه على مستوى الواقع والحقيقة لا يوجد شيء في هذا العالم سوى الحق تعالى.

والفرق بيّّن كبير جداً!!

فالأولى مسألة متعارفة, فالعارف لشدة تعلقه بالحق تعالى وشدة عشقه له لا يرى غير معشوقه ومحبوبه في هذا العالم...

ويعتقد البعض الآخر أن العرفان القديم في القرنين الثالث والرابع الهجريين حينما يتحدث عن وحدة الوجود فانه لا يعني سوى وحدة الشهود وإن النظرة العرفانية للكون لا تعني بالوحدة الوحدة الو الوجود الوجود الوحدة الحقيقية ولكنهم لم يجدوا تعبيراً فلسفياً لهذه المسألة وان ما أنجزه محيي الدين بن عربي هو أنه عبر عن المسألة بتعبير فلسفي لا غير... ثم دخلت هذه المسألة- بعد محيي الدين- في الفلسفة المشائية والاشراقية وعلم الكلام كما فتح لها باباً خاصاً في مسائل العرفان وقد دخلت في فلسفة ملا صدرا بشكلها الخاص.

فمسألة وحدة الوجود ذات أصل عرفاني وما ذكره ملا صدرا في فلسفته حول وحدة الوجود قد استعاره من العرفان, وليست المسألة من ابداعات ملا صدرا كما يعتقد. (أنظر ص 163 ـ 165 من كتاب بحوث موسعة في شرح المنظومة).

وقد نسب السبزواري إلى الفهلويين القول بوحدة الوجود ، فعندما أراد أن يؤرخ لمسألة وحدة الوجود نراه يرجع تأريخها إلى زمن بعيد فيقول:

ان الفهلويين ـ حكماء إيران القدماء ـ يقولون بوحدة الوجود... ولكن ملا صدرا وأمثاله ردوا عليه وقالوا ليس مقصود شيخ الاشراق ـ الذي اعتمد السبزواري على نظريته في النور ـ من النور هو الوجود لأنه يقول بحقيقة النور واعتبارية الوجود.

ثم إنه هناك ثلاث أو أربع نظريات في باب وحدة الوجود وكثرته وهي:

النظرية الأولى: وهذه النظرية من الأفضل تسميتها بوحدة الشهود وليس بوحدة الوجود ، وحتى إذا لم نقل أن العرفاء من الجيل الأول لم يقصدوا وحدة الشهود وإنما كانوا يقصدون وحدة الوجود ، فان العرفاء من الجيل الثاني كانوا يقصدون وحدة الشهود، حتى ان القشيري يرى ان من سبقه من العرفاء يقولون بوحدة الشهود ولا يقولون بوحدة الوجود.

النظرية الثانية: وهي النظرية القائلة بكثرة الوجود كثرة مطلقة, والكثرة المطلقة تعني أن الوجود يتكثر بتكثر عدد الموجودات فلا يوجد أي اشتراك وسنخيه بين وجود وآخر، وترى هذه النظرية ان الاشتراك من مختصات الماهية, ولم يذكر هذا القول بهذه الصراحة في كلام أي حكيم من الحكماء، ولكن ملا صدرا وأمثاله من الفلاسفة استبطنوا مثل هذا الكلام من أقوال الفلاسفة المشائين، ولكن من الصعب نسبة هذه النظرية بهذه الكيفية لهم، ولكن على الرغم من ذلك ألصقت هذه المسألة بالفلاسفة المشائين وشاع أن المشائين يقولون بكثرة الوجود, الكثرة التي لا تدع مجالاً لأي نوع من الاشتراك مهما كان صغيراً.

النظرية الثالثة: وهي ما ذكره العرفاء في باب وحدة الوجود حيث قالوا: لا وجود لأي نوع من أنواع الكثرة في الوجود والوجود حقيقة واحدة وهو واحد محض لا غير, وليس للكثرة فيه من سبيل, وهذا يساوي القول بالوجود بالذات لأن حقيقة الوجود تساوي الوجود الذاتي ومن هنا فحقيقة الوجود تساوي ذات الحق حتماً وعلى هذا (فليس في الدار غيره ديار)… وإذا ما تنازل العرفاء عن اعتقادهم في وجود الموجودات فانهم يقولون: ان العالم ليس إلاّ شيئاً تجلت فيه الحقيقة الإلهية وليس هو حقيقة مستقلة بذاتها. وهذا الكلام يتجلى بصراحة منذ عصر محيي الدين بن عربي ومن بعده من العرفاء حيث انه يصرح بقوله: العالم غائب ما ظهر قط, والله تعالى ظاهر ما غاب قط.

النظرية الرابعة: وهي للعرفاء أيضاً, ولعلها تشترك مع سابقتها من جهة أنهم يقولون: ان الوجود حقيقة واحدة ولكنها وحدة في عين الكثرة، وكثرة في عين الوحدة، وهذا يعني ان الوجود واحد ذو مراتب وليس الوجود أموراً متبايناً كما يقول المشاؤون كما أنه ليس واحداً محضاً لكي لا يقبل المراتب كما هي النظرية السابقة بل هو حقيقة واحدة ذات مراتب متعددة وكل مرتبة ليست مباينة لنفس الحقيقة وإنما هي عين تلك الحقيقة وليست شيئاً آخر, لأن القول بالمراتب لا ينسجم مع التباين, بل أن القول بالمراتب لا يصح إلاّ مع وحدة السنخية, فإذا ما قلنا بالتباين فإن هذا يعني نفي المراتب لأنه لا يصح أن يكون شيئان متباينان وبنفس الوقت يعبران عن مرتبتين لحقيقة واحدة.

وإذا أردنا التعرف على ما انتخبه الفلاسفة من هذه النظريات الأربع وأصبح مورداً لقبولهم، فهو القول بأن (الوجود حقيقة ذات مراتب) وهذه المراتب مختلفة ، فمرتبة غنية ومرتبة فقيرة ، أو بعبارة أخرى ، مرتبة شديدة ومرتبة ضعيفة ، وفيما بين الشديدة والضعيفة توجد مراتب كثيرة ترتبط شدتها وضعفها تبعاً لقربها وبعدها عن عين الوجود وهو الحق تعالى، فكلما كانت المرتبة بعيدة عنه كانت أكثر ضعفاً وكلما اقتربت منه ازدادت شدة. (أنظر ص 175 ـ 178 من بحوث موسعة في شرح المنظومة).

والوجود بالاصطلاح الفلسفي يساوي مطلق الواقع وهو المقابل للعدم وحسب الاصطلاح فانه نقيضه ولهذا فهو يشمل الذات الإلهية المقدسة والواقعيات المجردة والمادية الجواهر منها والاعراض والذوات والحالات.
وهذه الواقعيات العينية عندما تنعكس في الذهن بصورة قضية فانه يؤخذ منها على الأقل مفهومان اسميان يحتمل أحدهما طرف الموضوع ويكون عادة من المفاهيم الماهوية ويحتل الآخر الذي هو مفهوم (موجود) طرف المحمول وكونه محمولاً يقتضي أن يصبح مشتقاً.

وبتعبير آخر، أن الواقع الخارجي عندما ينعكس في الذهن بصورة قضية فإن مفهوم (موجود) يصبح محمولها.

ودمتم في رعاية الله.

وقد أخذتُ جواب آية الله العظمى الشيخ الفاضل اللنكراني من موقع ملتقى البحرين بطريقة(( نسخة مخبأة)) كون رابطه لا يعمل، ولعل السؤال والجوال في الصفحة الأولى.. ولكن هنا أنقل جوابه على سؤالين على ما يظهر من جوابه، أنقلهما كلاهما، خاصة وأن السؤال على ما يظهر من الأخ المنادي يريد أن يعرف رأي الإمام في المسألة:

اقتباس
بسم اللَّه الرحمن الرحيم‏

السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته‏

الظاهر أن الناقل لم يصل إلى‏ مقصود السيد الإمام(قده) فانه لم يعتقد بأن نفسه هو اللَّه تبارك وتعالى‏ ومقصوده من وحدة الوجود والموجود ليس هو ما فهمه هذا الشخص وللوصول إلى‏ المقصود الأصلي يجب المراجعة إلى‏ الكتب المعدّة للعرفاني النظري وكيف يقول عالم بأنه اللَّه مع قوله من جانب آخر إنا لم نصل إلى‏ حقيقة العبودية ولا نكون عبداً واقعياً لله ‏تبارك وتعالى‏ للقصور أو التقصيرات الكثيرة.
السلام‏



وهذا هو النص الذي أرفقه الأخ نادر المتروك مدير الشبكة والذي كما هو واضح كأنّما يشرح الأمر بصورة أجلى إن لم يفهمه البعض في الرد الأول

اقتباس
لقد ذكرنا سابقا أن الذي يوجب الكفر هو الاعتقاد بوحدة الموجود و أن الله تبارك و تعالى هو عين هذا العالم و الأشياء التي موجودة فيه وأما الاعتقاد بوحدة حقيقة كما نعتقد بأنه النور له حقيقة واحدة سواء كان نور الشمس أو نور الشمعة فهذا حق لا ريب فيه و رأي الإمام قدس هو وحدة حقيقة الوجود لا وحدة الوجود. ولكن لما غفلوا عن هذا ارتكبوا جريمة التهمة.


 

 

باقر الرستم غير متصل  
قديم 16-04-2010, 02:38 PM   رقم المشاركة : 69
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

اقتباس
aramco02

س: أين عاشت السيدة زينب عليها السلام بعدما تزوجت؟.



في بيت زوجها أم في بيت أبيها مع إخوتها سلام الله عليهم أجمعين؟.

عاشت في بيت زوجها عبدالله بن جعفر(رضوان الله عليه)، إلا أن عبدالله بن جعفر رضوان الله عليه كان يسكن بجوار أمير المؤمنين(ع) في المدينة، وعندما انتقل إلى البصرة انتقل معه ومعه كانت السيدة زينب(ع)، وهكذا عندما انتقل إلى الكوفة..

وهذا ما جعلها لا تفارق أباها.. وهو لا يكاد يفارقها.

 

 

باقر الرستم غير متصل  
قديم 16-04-2010, 02:44 PM   رقم المشاركة : 70
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

شهود..

عدنا والعود أحمد..


اقتباس
1- ما مدى تدخل العرف في الحجاب ؟؟.



يدخل العرف في حدود لون الحجاب، ومظهره.. على أن يتسم بالحشمة، وأن يحقق القصد الإلهي في الأمر به، حيث كرامة المرأة وهيبتها ووقارها.. وأن تكون بعيدة عن تطفل مرضى الناس من الرجال، وأيضاً عن إثارة الآخر واستفزاز شهوته، والذي قد يكون وحشاً كاسراً لا يبالي بأي التزاماتٍ، ما يجعلها صيداً منكسراً وتائهاً.. كما وصفه القرآن(( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا)).

وكما شرع الدين على الرجل الظهور بمظهر الحشمة والوقار، فإنه لا بد أن يكون الأمر كذلك بالنسبة للمرأة، ليوجد توازناً في صياغة العلاقة بين الجنسين، وفق آلية الخطاب القرآني ((ولقد كرمنا بني آدم)).

فما لا نستطيع أن نتجاوزه هو أن المرأة هي الطرف المعني بإثارة غريزة الرجل وإشباعها، والرجل كذلك بالنسبة للمرأة، والتي صيغتْ بالزواج الشرعي، فإنه لا يمكن أن تخضع للأعراف الاجتماعية ما لم تكن طبيعة العرف وقاءً من الوقوع في المحاذير التي تخالف قصدية التشريع في الحجاب..

وعلى ضوء ذلك، فإن لم يكن العرف يتحرك في هذا الإطار، ويشبع هذا العنوان، فإنه لا يمكن أن يكون حاكماً في المسألة، خاصة وأننا نرى اليوم ظاهرة الموضة التي لا تقف عند عرف ولا عنوان.. ما يجعل الركون إلى العرف في هذه المسألة غير وافٍ في تحقيق الفلسفة الإلهية في الحجاب.

اقتباس
2- وما رأيك في من يقول أن الحجاب يشل حركة المرأة ويضعها ضمن أختيارات محدودة ؟؟.
في البداية يجب أن نتعرف عن الحركة التي يُفترض بالمرأة أن تقوم بها ، لنتعرف بعد ذلك عن الشللية التي يفرضها الحجاب عليها..



إذ أن المشكلة الحقيقية التي وقعنا فيها هو أننا ننظر إلى حركة الرجل ونريد أن تتحرك المرأة على ضوئها!!، بغض النظر عن طبيعة الجنسين وقابلياتهما.. فالذين تحدثوا عن هذه الشللية في الحجاب، لم يقدموا لنا نموذجاً حقيقياً يعالج المسؤولية والحماية التي يقوم بها الحجاب للمرأة، وإنما بدأوا يلقون المسؤولية على عاتق الرجل هكذا بلا هوادة.. ليمثل هذا المنطق قول الشاعر في بيته الخالد:

ألقاه في اليم مكتوفا وقال له====إياك إياك أن تبتل بالماء

أين يجب أن تتحرك المرأة؟!.. وكيف عليها أن تتحرك فيه؟!..

أنا لا أسوِّغ كل المظاهر التي نرى المرأة فيها، وإنما ما طرحته هو بمثابة المقدمة، لتضبط السؤال، والقراءة التي تدفع الكثيرين وتجعلهم يتحمسون لهذه المسألة بغض النظر عن قيمتها ومنطقيتها.

هناك مسؤوليات متبادلة بين الرجل والمرأة لبلورة الدور وإنجازه.. وإخفاق أو تجاوز أي من الطرفين في دوره أو تخاذله عنه يعني إرباك الشراكة بينهما، وتجاهل أي منهما لذلك يشل أي محاولة لمواجهة الأخطاء أو الأفكار النشاز التي تربك ثقافة الانسجام والوئام بينهما.. فهما لم يخلقا ليكون منفصلين عن بعضهما، ولا ليدير أو ينجز كل منهما حياتها بعيداً عن الآخر.. فذلك ما يقضي على النوع، ويحيل الحياة جحيماً..

منطق جماعة تحرير المرأة لم يضعوا تصوراً واضحاً للمدار الذي تتحرك فيه المرأة، خاصة وأنهم جماعة لا يحكمهم خطابٌ واحدٌ ولا أدبيات واحدة.. سوى إخراج المرأة من بيتها ومن التزامها الديني.. إخراجها من الحجاب.. إخراجها من بيت الزوجية.. إخراجها حتى من مسؤولياتها الطبيعية.. إلى أين؟!.. ليس المهم إلى أين.. المهم أن تفعل بعد أن تتحرر من تلك الضوابط ما تشاء!!.

بل لغفلة أولئك عن القيم والأخلاق التي تدير حياتي الرجل والمرأة، فإنك لا تكاد ترى لهم حديثاً عن الأخلاق والالتزام.. وكيف يكون كذلك وفي الحجاب هو أهم سمة أخلاقية يٌفترض أن تلتزم بها المرأة، حتى غير المسلمة.. هو العفة والحياء، وهما ما يحفظان لها كرامتها وعزتها، وتجعل بينها وبين محاولة ابتزازها حجاباً منيعاً.. وعندما تخلع المراة حجابها فإن عفتها وحيائها ستكون في معرض الخطر.. لا أقول أنهما انتهيا.. فلطف الله أنه جعل الحياء والعفة معها كي تكون أكثر قدرة على مواجهة أي انفلات أو تجاوز أخلاقي، أو حتى نوازع الغريزة المغروسة فيها، والتي تدفعها للاستجابة أو الخضوع واللين .. ولكن لا يعني أنهما بقوتهما وهي ملتزمة بالحجاب ومتعلقاته.. وليس الحجاب فقط.. وإنما أيضاً عجم الخضوع بالقول، والابتعاد عن الاحتكاك المباشر والمقصود بجسم الرجال.. لما لأصل العلاقة الجنسية من مقدمات منها ذلك الاحتكاك، أو ما يمكن أن نسميه الملامسة المقصودة؛ لما لنا من قدرة على تحفيز الغرائز عند الطرفين.

حتى تلك الملامسة التي توصف بأنها بريئة، فإنه لا يمكن لأحدٍ أن يدعها عدم قدرتها على إنتاج علاقة غير بريئة.. فإذا أراد الإسلام إقامة مجتمعٍ فاضلٍ، فلا يمكن أن يتسامح في مثل العلاقات أو مقدماتها، وهي تولد علاقات غير مشروعة، وتنتهك الخصوصيات، وكذلك الزينة والتعطر الذي يثير شهوة الرجال ورغبتهم في المرأة، وليس الذي يظهرها بأنها طيبة المحضر، وكذلك أيضاً زينة الوجه.. إذ أن المرأة في تزيين وجهها إنما لتوجه الآخر إلى موارد الإثارة لديها..

ونحن عندما نحاول أن نقرأ المرأة وحضورها في مجتمع تحرير المرأة فإننا لا نراهم قد قدموا لنا الصورة النموذجية والخلاقة والرائعة لمفهوم العلاقة المتوازنة والرشيدة التي يدعونها من دون حجاب.. وإنما أشغلوها بإخراجها من بيتها وحشمتها وعفتها وحيائها إلى (( غير هدفٍ.. وغير رؤيةٍ.. وغير تصورٍ)).. ما جعلهم يبحثون فيما بعد عن حضورٍ مصطنعٍ هنا وهناك.. لنجدها بكامل زينتها وإثارتها للرجل على أغلفة المجلات.. فتاة إغراء أو ليل.. وفتاة للدعاية الإعلامية حتى في القضايا التي لا ترتبط بالمرأة كبرامج التفحيط مثلاً والتي لا يقوم بها في المنطقة إلا مراهقين، وسباقات الفورمولا والتي لم أجد إلى الآن امرأة دخلت مع الرجال في هذا السباق.. وفي الغرب الذي دفع المرأة الشرقية لتخلع حجابها لو قرأنا المرأة الغربية أين تكون وأين تنشط؟!.. تعجب عندما تقرأ التقارير بأنها مستهدفة وتتعرض للتحرش الجنسي في تلك الدول التي تدعي الحرية، وتدفع المرأة للبروز أكثر فأكثر.. لتتداعى انحرافاته تلك ليشرعوا المثلي.. زواج المرأة بالمرأة وزواج الرجل بالرجل!!.. ولذلك كل الأمراض المعدية والخطيرة تأتينا من جهتهم، وآخرها انفلونزا الخنازير.. والسارز.. وانفلونزا الطيور..والإيدز..

وقراءة خاطفة لمواقع حضور المرأة، وفاعليتها في عالمنا العربي والإسلامي.. ابتداءً من المرأة الأم، والزوجة.. ومديرة ومدبرة المنزل، وهو المؤسسة الكبرى، والملقاة إدارتها على عاتق المرأة أكثر من الرجل، ودور الرجل فيها بحدود ضبط إيقاع مسيرتها، ويكفي أن نجد الآن الكثير من النساء يستعيننْ بالمربية والمربيتين ليقمن بهذا الدور، وهو بالتأكيد يأخذ من وقتها الكثير الكثير، مع أن المربية أيضاً امرأة.. فلا أدري أيهما أكثر إبداعاً وإنجازاً.. الأم التي تعطي بلا حدود ولا منٍّ لصغارها.. لبيتها.. لزوجها.. أم الموظفة.. الزوجة قد تتحمل إساءات زوجها بكل قساوته أحياناً من أجل أطفالها.. والزوج قد يتحمل شقاوة زوجته وطول لسانها ولا مبالاتها وكثرة تمردها عليه.. كل ذلك من أجل البيت الذي سيصدر الجيل الآخر إلى المجتمع.. كم سيحتاج ذلك من وقتٍ وجهودٍ وخصوصية لا يحملها بقيمتها وخصوصيتها إلا هما.. ولكن هل ستتحمل العاملة شيئاً من ذلك من أجل البيت؟! أم ستتعامل معها بقدر أجرها.. لا أتصور أن أحداً يدعي ذلك، خاصة وأننا نقرأ كوارث الخادمات المتتالية ما يجعلنا لا نتجاهل تلك القيمة لتلك المؤسسة.

ولذلك فإننا عندما نتحدث عن حضور المرأة خارج البيت، فيجب أن لا يسيء لحضورها هناك إلى دورها الأهم في البيت، وإلا صرنا لا نبالي بإيجاد التوازن الذي لا يمكن أن تستقيم حياتنا إلا به، ولا نستطيع أن نأمِّن للمجتمع جيلاً صالحاً إلا من خلال ذلك..

وبغض النظر عن الحضور خارج البيت إلا أننا يمكننا الحديث عن تلك المواقع أيضاً كممارستها مهمة التعليم والطبابة والتمريض وسائر المهام التي تتناسب وقابلياتها وطاقتها..

هذا المواقع التي يمكن للمرأة أن تتواجد فيها تدفعني للتساؤل الجاد.. في أي المواقع هذه يمكن أن يعيق الحجاب تواجدها هناك؟!.. لا أدري.. أين المواقع التي يمكنها أن تفرض على المرأة أن تخلع الحجاب؟!..

طبعاً عندما ترفع الحجاب بين النساء لا يصدق عليها أنها خلعت الحجاب.. وإنما يصدق ذلك عليها عندما ترفعه بين الرجال.. وهذا يعني أن الهدف ليس ممارسة دور يناسبها، وإنما هو استجابة لإشباع غريزة الرجل في أن يرى المرأة بكامل فتنتها أمامه، وعندها نتركهما لإشباع رغبتهما برضاهما.. حيث هكذا شرعوا هناك في أن العلاقات الجنسية إذا ما كانت برضا الطرفين فلا حق لأحدٍ أن يعترض عليهما.. والأعجب من هذا أن حالات التحرش والاغتصاب لم تتوقف هناك.. بل لم تقل نسبتها.. وذلك لأن الغريزة لا تندفع إلى المستجيب لها فقط، وإنما للمثير لها.. المستجيب وغير المستجيب.

فأصبح شعار تحرير المرأة عبئاً جديداً أضيف إلى مشاكلنا التي لا نستطيع إيجاد حلول مناسبة تناسبنا لها!!.

نعم قد يتسبب تواجدها في تلك المواقع المذكورة الكثير من المشاكل، ولكن ليس لأنه يعود لذات المرأة؛ لأن واجبها في التزام الحجاب والعفة والحشمة قد قامت به، ولكن لغياب الرؤية التي تضبط حضور أيٍ من الطرفين في تلك المواقع، أو حضورهما معاً وفق الخطاب الشرعي، وما نراه من اجتماعهما في كل مناسك الحج، وفي الحياة العامة في الشارع والسوق يدفعنا إلى القول بأن ذلك بحاجة إلى قراءة ذلك التواجد وإيجاد وسائل ناجعة لاستيعاب ذلك الحضور، وتحاشي التداعيات المحذورة، دون أن يعني وقوع بعض التجاوزات فشل الحالة..

هناك إشكالية أخرى تتعلق بعمل المرأة في السعودية بالتحديد، باعتبارها تلبس العباءة وتضع على وجهها غطاءً..

وهنا أعود إلى حيث ابتدأت.. أننا يجب أن نقرأ الموقع والمدى الذي تتحرك فيه المرأة، وحاجة مجتمعها إلى ذلك النوع من الحضور، وحاجتها أيضاً..

وما قيمته بالنسبة لها، وماذا سينتج عن غيابها؟!.. ما يعني أننا لإنجاح أي حضور للرجل أو للمرأة يجب ملاحظة أبعاد ذلك الحضور أو الغياب وتداعياته، بما يجعل ذلك الحضور إيجابياً ومثمراً..
نعم هناك تساؤل بـ(البنط العريض) لدى الفتاة.. وهو أنني أقطع مشواراً عمره ما بين الـ12 إلى الـ25 عاماً دراسة.. فهل يعقل أن يقال بأن واقعك لا يسمح لك إلا أن تشتغلي موظفة بالحدود الضيقة التي يتيحه لك واقعك، أو بعضهم يفرض عليها زوجها أن تجلس في البيت.. ليتعين عليها نسيان ذلك العمر الطويل من الدراسة والتحصيل؟!.

لا نستطيع أبداً أن نقول للمرأة إذا لم تستطيعي فرض وجودك بالمنطق.. فعليك أن تفرضيه بالقوة.. بالتمرد.. بالانجرار وراء كل دعاية أو دعوة للخروج عن أي ضوابط منطقية وعقلائية، فذلك أيضاً ما ابتُلي به الرجل، فكم رجل يحمل شهادة عالية، وقد درس لتحصيلها تلك السنوات الطوال يجد رئيسه في العمل لا يملك شهادة ابتدائية.. وقد ابتُليتُ أنا أيضاً بذلك، بل حديثي أنا عن العمل نفسه يجعل مديري في العمل يتبنى رؤيتي كاملة دون تعديلٍ لها.. كلما تكلمتُ عن التنظيم وإدارة القسم الذي أعمل فيه..
إذا ما ظل المجتمع خاملاً وغير قادرٍ على تشخيص حضور المرأة وتقييمه، فهذا دليل على أن المرأة أيضاً ليست قادرة على تشخيص حضورها وتقييمه؛ لأنها من ذلك المجتمع.. إذ أن التخلف لا يمكن أن يرفع كلاكله عن المرأة ويهيمن على الرجال.. بل حضوره في المرأة أكبر لأن اهتماماتها في أوج طموحاتها سيكون في الغالب اهتمامات ذاتية وشكلية، وهذا ما جعل المرأة من أكبر عناصر الضغط في كل المجتمعات لإيجاد حالات من اللامبالاة واللامسؤولية..

من هنا فالمرأة الذكية هي التي تقرأ الخيارات، وتلتزم بأفضلها، وبآلية مقبولة، فيما نحن نشهد طفرة ثقافية وقناعة بتخفيف القيود والضغوط على المرأة.. ليأتي دورها في تحديد ما تريد.. لتقنع شقيقها الرجل بأنها ستختار الأفضل، ولن تكون عبئاً ثقيلاً ينضاف إلى مشاكله التي لا حد لها.

والمؤلم أننا نرى العروضات العشوائية هذه الأيام تعرض المرأة بصورة مقرفة وانتهازية إلى أبعد الحدود، خاصة وأن أرباب المال لا يبالون بالقيمة المعنوية بقدر ما يعنيهم القيمة المادية التي تأتي بها الأفكار والمشاريع.. ولا يمكننا أبداً أن نقول أنها أخرجت بالقوة من بيتها..

ولو تجاوزنا هذه المتابعة لنقرأ ما تنتجه التلفزيونات الأوربية والأمريكية، فسنعرف النظرة الحقيقية للمرأة التي ينظر بها الغربيون إلى المرأة..

وبرأيي بغياب القراءة والدراسة العملية المبنية على القيمة الأخلاقية والدينية فإنه يجب التعامل مع أي أطروحة بحذرٍ وتأنيٍ ينسجم مع المخاوف التي يعني تجاهلها النتائج العكسية الخطيرة.

اقتباس
3- وهل تؤيد عمل المرأة ؟؟؟ وهل تؤيد شعار (المساواة بين المرأة والرجل) ولماذا ؟؟؟.



الحاجة إلى المرأة في بعض المواقع يصعب أن يقوم الرجل مقامها، ولكن كما قلنا لا بد أن يكون ضمن رؤية قادرة على استيعاب الرؤية والتداعيات، وإشكالياتها.

ومع ذلك لو انطلقنا في حضورنا على أساس فقط حاجة الجميع، فإننا بهذا سنتجاهل حاجة الفرد، وهذا منطق شيوعي في بعض لحنه.. أي- بالنسبة للذين لا يعرفون هذا المعنى- أن الفرد لا قيمة له في المنطق الشيوعي.. وأن عليه أن يذوب لمصلحة الكل.. فيما نحن نرى الإسلام يعطي من الاهتمام للمجتمع بقدر ما يعطيه للفرد، فيما المنطق الشيوعي أراد أن يضحي بالفرد لمصلحة الكل.. أو قل لا يرون ذلك حقه، وإنما عليه أن يعمل تحت طائلة هذا العنوان.

للمرأة حاجة أن تعمل، وعلينا أن نفكر في حضورها، وأن نتعاطى في ذلك وفق رؤية تمنع استغلال الحضور، أو الإساءة إليه، وذلك من خلال وضع ذلك الحضور وفق إيقاع أخلاقي وديني، يأخذ في نظر الاعتبار غياب الخلوة والاستفراد بالمرأة.

ولكن على ما يبدوا أن غياب تقنين هذه المسألة يجعل من بعضهم يُرجع المشاكل إلى قضايا جانبية، فيما بعضهم في غفلة عنها أساساً، ولا يهتم بها.. لأنه في الأساس لم تكن لتشغله هذه الحالة.

وأما شعار المساواة بين المرأة والرجل، فإننا لو طرحنا السؤال الأهم.. أنتم بيدكم الواقع الذي تنشدونه.. فماذا صنعتم للمرأة.. لم تعد أماً.. لم تعد زوجاً.. لم تعد مسؤولة عن بيت.. المجتمع الذي أفرغوا المرأة عن مسؤولياتها ماذا صنعوا به؟!.. وماذا ينجز أو ماذا أنجز؟!..

لو نظرنا نظرة عابرة إلى هذه المسألة.. فإننا نجد الغرب الذي يدفعنا بكل السبل لكي نتمرد على قيمنا وديننا، ولكنه يبخل علينا بإمكانياته التي يمكننا الاستفادة منها كي نكون أمةً راقيةً ومتطورةً، بل ويسعى جاهداً كي نبقى في حالة احتياجٍ تامٍ ومطلق له، في كل ما يمكن أن يجعلنا أمةً تحترم حاضرها وحضورها وتاريخها؛ لأنه يفكر دائماً بمنطق الغلبة والتسيد على الآخر.. ألا تجدون كيف يعملون على الإساءة إلى رموزنا وتاريخنا، ويتبنون المسيئين وحمايتهم، كما نرى في حماية سلمان رشدي وتسليمة نسرين وما يحدث في سويسرا والدانمارك، ومن جانبٍ آخر يحرمون بلا منطق حتى مناقشة الهلوكست.. وأن مناقشتها يؤدي إلى السجن!!.. هل هذا المجتمع يتحرك مع إسرائيل بتلك الأدبيات التي يتعاطاه معنا؟!..

هذه القضايا يثيرونها وقد تجدهم يطالبون بالحرية للتعبير بالرأي فيها، ولكنهم لا يتحملون أن يترتب على ذلك ما نطمح أن نكون عليه وإليه.. وإلا فإن تدمير المفاعل النووي العراقي نموذج من تلك الحقيقة التي نحن فيها، وهي أنهم يرحِّلون إلينا المشاكل والإشكاليات، ويأخذونا منا الطاقات العلمية المبدعة..

أما شعار المساواة فهو ظلم للمرأة وللرجل.. ما نراه من شعار المساواة هو ما يشبه المساواة بين رجلين أحدهما قوي البنية والآخر هزيل، ونطلب منهما أن يقوما بعمل واحدٍ.. إن ناسب قوي البنية فإنه لا يمكن أن يناسب الهزيل، وإن ناسب الهزيل، فإنه لا يليق بالقوي..

الحديث عن المساواة دائماً يتناول الحقوق، ولكنه يتجاهل الواجبات، وهذا يعني أنه يهدف فقط لإضافة المشاكل إلينا، وليس لمعالجتها.. إذ الحقوق التي يحظى بها الرجل تتناسب والواجبات الملقاة على عاتقه، وهكذا يفترض أن تكون المرأة، وهكذا يجب أن يكون النقاش وما يدور بشأنه الحوار.

 

 

باقر الرستم غير متصل  
قديم 16-04-2010, 11:44 PM   رقم المشاركة : 71
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

اقتباس
علي رضا:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الشكر الموصول للأخ العزيز قميص يوسف

تحية طيبة مكللة بباقة من الأسئلة المتعطشة للجواب الشافي .

السؤال الأول / كأحد الذابين والذائبين في نهج الإمام روح الله الخميني، كيف ترون الخط الفكري لهذا النهج على مستوى الخليج؟
.



نظراً لوجود ظاهرة التدين عند الشيعة، ومن بينهم شيعة الخليج، فإن انعكاس أي حراك أو رؤية سياسية أو اجتماعية لأي مرجعية دينية شيعية سيكون على واقعنا بحجم تلك الشخصية وجاذبيتها، وبحجم قدرتها على فهم المعطيات الواقعية للأمة كأمة وكشرائح اجتماعية تنتمي إلى أوطانٍ مختلفة في طبيعتها الجغرافية والقومية والسياسية، وطبيعة الحراك الشيعي في منطقتنا هو الالتزام الشرعي بمسألة التقليد، واحترام ما تقدمه مرجعيات التقليد من رؤىً وقراءات فكرية وسياسية تتشكل في مجتمعات تقليدها انتماءات تُعرف بـ((الخط الفلاني))، وإن لم يكن من يقلد هذه المرجعية لا يهتم بالشأن السياسي أبداً، أو أن المرجع نفسه لا يشتغل الشأن السياسي، كما هو شائعٌ من قبل عبارة(( خط السيد الخوئي))، و((خط السيد السيستاني))، ما يظهر أن ذلك الاحترام هو ما يتشكل من خلاله مفهوم الانتماء إلى هذه المرجعية أو تلك.

ولذلك الحضور الشيعي المتدين تحضر مرجعياته بالمعنى الذي يفهمه المكلف، وينسجم مع وعيه وثقافته، وبحجم فهم تلك المرجعية للحوادث الواقعة وقدرتها على إنتاج رؤية واقعية ومنسجمة مع واقع المكلفين..

ونظراً لأن الواقع السياسي في الخليج لا يتعاطى ولا يعيش ثقافة الحزب السياسي والتيار السياسي، وإنما أداؤه في حدود معالجة قضاياه اليومية، وشؤونه الاجتماعية.. فإنه يعالجها بذلك الانتماء الذي لا يتجاوز معالجة تلك القضايا من خلال الفتوى والرأي الفقهي..

وقد حاول البعض إدخال المنطق الحزبي في الحياة الاجتماعية في الناس، إلا أنه وجد الواقع لا يحفل بتلك المحاولات، ما أعادها إلى حيث يتقبلها الواقع الاجتماعي، وهو الانخراط في العمل الاجتماعي في حدود المتاح والقابلية الاجتماعية.

وفي بعض البلدان الخليجية مارس الشيعة النشاط السياسي، ولكن ليس بعنوان الحزب ولا حتى المشاريع السياسية، وإنما بحدود المشاركة المتاحة، والتي يتقبلها الواقع السياسي والاجتماعي في تلك البلدان..

وبالرغم من إعجاب الشيعة بمفكرين ومثقفين وكتاب من العراق وإيران ولبنان، كما هو إعجاب السنة بكتاب ومثقفين من مصر وسوريا وباكستان، كسيد قطب وأبو الأعلى المودودي وأبو الحسن الندوي وعلي طنطاوي، فإنهم عاشوا واقعهم أبناء له، ولا يتناولون أي لونٍ من الكتابات التي ليست بمقاس واقعهم.. ولا يستوردون رؤىً ويسقطونها على واقعهم.. قد يكون هذا في الثمانينات فترة الحماسة والانفعال، إلا أنهم الآن يقرأون واقعهم وينتجون له رؤىً من محض ذلك الواقع الذي يعيشونه، وإن كان ذلك من خلال وعيهم وثقافتهم التي اكتسبوها لسنوات طويلة وتجارب كبيرة ومخاض طويل في التعاطي مع الأفكار التي تغذي إيمانهم ووعيهم.

وبالنتيجة فإن هذه النماذج تمثل التنوع في الواقع الشيعي، كما هو التنوع أيضاً في الواقع السني، بغض النظر عن الملاحظات على هذا الحضور أو ذاك، دون أن يعني أنها تمثل الحضور الدقيق لتلك المرجعيات، فيما كل حضورٍ- سواء كان في الخليج أو في أي مكانٍ آخر في العالم العربي والإسلامي- يمثله إنجازه على المستوى الشيعي والإسلامي والعالمي، كما هو حضور سيد قطب، ومحمد قطب، وزغلول النجار والقرضاوي، إلا أن الخصوصية الشيعية إنما يكون الانتماء للمرجع والمرجعية، بعنوان أن المرجع هو نائب الإمام المعصوم الغائب، ولا يرتبطون بالأشخاص ذوي المراتب الأقل، ولو كانوا مفكرين من الطراز الأول.

اقتباس
السؤال الثاني/ ما هي أبرز السمات الفكرية للإمام الخامنئي وفي أي المصاف يوضع على مستوى مفكري العالم الإسلامي ؟.



تحدثنا سابقاً عن عناصر الجذب فيه، وأما الموقع الذي نرى فيه السيد الخامنئي فهو ما يمكن أن نقول عنه بأنه ثمالة الباقين من جيل الشهيد الصدر والشهيد مطهري والشهيد بهشتي والشهيد مفتح.. وقد برز في قراءاته المتعددة المشابهة لقراءة ومراجعات الشهيد الصدر.. إلا أنها في بعضها كما هو في مشروع تطوير وإصلاح الحوزة يعطي نضوجاً يحكي نضوج الشهيد الصدر ومراجعاته.

وكذلك في قراءاته المتميزة لحضور المعصومين(ع)، والتي تشبه قراءات الشهيد الصدر في كتابه(( أهل البيت.. تنوع أدوار ووحدة هدف))، والتي كانت إبان قراءات الشهيد الصدر لهذه المسألة.

وبمقاربة تساعد على المطلوب، هو أن الشهيد الصدر قدم لموسوعة الإمام المهدي(ع) للشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر، فأصبحت تلك المقدمة رؤية وبحجم كتاب، تستحق أن تقدم فيها وعلى أساسها الدراسات، وهكذا السيد الخامنئي في تقديمه لألفية الشيخ المفيد، وذلك عندما كتب افتتاحيته لمؤتمر ألفية الشيخ المفيد(قده).. إذ تتميز بالعمق والأصالة والاستيعاب، وسيجد هذا المعنى من يقرأ الرسالة.

ما يعني أن توثب سماحته للإنجاز والإبداع في كل المواقع التي تواجد فيها على رغم جدتها على الحوزوي.. بل حتى على المستوى العالمي.. كونها فاجأت الجميع.. في طريقة تعامل الحوزوي مع الشأن السياسي.. لنجد إبداعاته في معالجاته وقراءاته تحكي حاجة الجديد وتموضع العناصر المختلفة في ذلك الكائن الجديد والمتجدد باستمرار.

اقتباس
السؤال الثالث/ لكل نظرية عمر افتراضي. يا ترى هل ستقدم نظرية ولاية الفقيه استثناءا في هذه الناحية؟.



هذا الكلام قلناه من قبل، وولاية الفقيه لا تمثل استثناءً في ذلك، ولكن لا يعني أن كل نظرية ولدت عينا أن ننتظر نهايتها، إذ أن بعض النظريات ذات مدى بعيدٍ، لأنها تستمد حضورها وحياتها من خلال وعي مؤسسيها للخطاب العقدي الذي تؤمن به الأمة، وليس اختزاله في شخص ما.

ولاية الفقيه متولدة عن نظرية الإمامة، إلا أنها لا تأخذ مدى الإمامة بكل أبعاده، نظراً إلى أن الذي يقف على رأس نظرية ولاية الفقيه وليس معصوماً.. وبنظري أن ولاية الفقيه التي استطاعت أن تتبلور وأن تستوعب كل المستجدات على رغم حداثة ترجمة قراءتها للواقع منذ ثلاثة عقود لتثريه بإنجازات فذة ومنقطعة النظير فإنه يصعب تصور العمر الافتراضي لها في ظل فشل كل النظريات التي تولدت قبلها وبعد تصديها للعمل السياسي.. إلا إذا ارتبطت هذه النظرية بالأشخاص، فإنها بالتأكيد لن تستطيع الصمود كثيراً. وبرأيي أن خروجها من مأزق المرحلة الانتقالية من المؤسس الإمام الراحل إلى السيد الخامنئي بالرغم من أنه حينها لا يعيش حجم الإمام ولا الكاريزما التي اختص بها الإمام.

أي أن السيد الخامنئي عندما تصدى لمسؤولية القيادة لم يكن حينها مرجعاً، ما يعني أن النجاح الذي بلغه إنما بقابلياته وإدارته لبلاده بعد رحيل المؤسس، ولذلك لا أتصور أنهم يصلون إلى باب مسدود، بعد نجاحهم في تجاوز المرحلة الانتقالية، وهي الأخطر في حياة كل الأنظمة السياسية الناشئة..

كما هو الحال بالنسبة للإمامة.. إذ الخصوصية والندرة تعني أنه ليس بإمكانية أي أحدٍ تغطية ذلك الحضور.. فموقع الإمام المعصوم لا يمكن أن يقوم به غيره، ولكنه كما في الخطاب الحوزوي يمثل الفقيه القدر المتيقن لتمثيل ذلك الحضور، ولا يعني تمثيله له بذلك القدر المتيقن أنه كالمعصوم في حضوره وفي مدى ذلك الحضور، وإنما بالحدود الذي كما أسماه المراجع (( ما لا يرضى الشارع المقدس بتركه)) حتى في غيبة المعصوم.

اقتباس
السؤال الرابع/ كانت هناك دعوة من بعض الطلبة أو المثقفين على مستوى الاحساء للمرجعية المحلية أو الداخلية، هل الاحساء قادرة على تقديم مشروع بهذا الحجم؟ وما مدى ملائمة مثل هذا الطرح؟.



مراجع التقليد اليوم غير مراجع التقليد الذي كان الحال قبل مرجعية الإمام الراحل والسيد محسن الحكيم والشهيد الصدر.. إذ حينها كانت مرجعيات موجودة كالشيخ حبيب بن قرين والسيد العوامي ونظراؤهما؛ لأنها تحاكي طبيعة المرجعيات العليا في النجف الأشرف والحوزات الشيعية الكبرى الأخرى.

لا يوجد ما يمنع من أن تصل شخصية من منطقتنا إلى مقام المرجعية، ولكن يجب ألا يكون الشرط الأول هو أن تكون من الأحساء أو من الخليج؛ لأن هذا الشرط لم يكن موجوداً من قبل، ولن يستوعبه الشيعة الآن، حتى لو كانوا يطمحون لوصول أحدٍ بذاته من منطقتهم إلى المرجعية..

المرجعيات الشيعية البارزة أضحت عالمية، وتمتلك رؤىً تملأ الواقع الإسلامي والشيعي، على تنوعه وخصوصياته، ما جعل ذلك الحضور وكأنه شرطاً غير مكتوبٍ أو منطوقٍ في تصدي أي مرجعية.. بمعنى أنهم يقبلون الحد الأدنى بذلك الحضور.. وهو أن المرجعية هي من تفرض نفسها، بل وتميز حضورها هو من يجترح الشروط، وليس الرغبات والعواطف من يفعل ذلك.

وهذا يعني عدم جدوى صناعة أية مرجعية لم تصنع نفسها على مستوى حوزة النجف وقم، وإذا ما اهتموا بهذه الخصوصية في المرجعية المعاصرة فإنه يمكن في يومٍ من الأيام أن تكون موجودة..

ولكن على المدى المتوسط لا نجد من يمكنها الوصول إلى هذا المقام بعد تعذر آية الله الشيخ الفضلي(دام ظله الشريف) عن التصدي لهذه المسالة.. إذ بتصوري هو الوحيد المؤهل لهذه المرتبة.. أما ما نراه من عزم بعض الفضلاء في المنطقة للتصدي للمرجعية، وإعداد أنفسهم لذلك المقام، فإنه في ظل تفاوت الرتب العلمية، ودون الأخذ في الاعتبار المفهوم العلمي للمرجعية المعاصرة فإن ذلك غير منطقيٍ، ولا أتصور أنه قابل للتوفيق.. والله العالم.

اقتباس
السؤال الخامس/ قدمت الثورة الإسلامية مفكرين مثل الشهيد بهشتي والشهيد مطهري، هل هذه الحالات استثناءا أم هناك شخصيات موجودة لكن غير معروفة؟.



بالتأكيد ليست استثناءً، وإلا لانهار بناؤهم الذي بنوه بعد رحيلهم.. ولكننا لا نتواصل حقيقةً بالمفكرين الحقيقيين، وإنما نتحرك حيث الإعلام يشدنا إلى هذا أو ذاك..

اقتباس
السؤال السادس/ لكم علاقة عميقة بسماحة السيد عبدالله الموسوي حفظه الله :

1- صف لنا هذه العلاقة كيف بدأت وما الذي أضافته لكم؟.



هي علاقة أخوية وصداقة أيضاً.. إذ أننا متقاربين في العمر.. فهو يكبرني بسبعة أعوام، كما أنني أحتاجه كثيراً في المسائل الشرعية لعامل التخصص وكونه وكيلاً شرعياً.. كما أن اهتماماته الفكرية والثقافية تجعله موضع اهتمامي.. أما ما أضافه إلي فهو أنه مهما كانت نظرة بعضهم اسيئة لك، فلا تنساق خلفها لتدخل في صراعٍ (وهواش) مع كل من له وجهة نظر غير مريحة بالنسبة لك.. وأنك إذا ما تحملت الآخر فإنه لربما تأتي الأيام له بصورة مختلفة عنك، يكون ذلك الأخ والصديق، وهذا يذكرني بحديث أمير المؤمنين(ع) عندما قال: إذا أحببت فاحبب هويناً فلعل من أحببته يكون يوماً عدواً، وإذا أبغضت فابغض هويناً، فلعل من أبغضته يكون يوماً حميماً.. أي لا تنساق خلف الخصومة والعداوة..

الأمر الآخر هو أنه لا ينساق وراء المشاكل التي تثار بين الفينة والأخرى في مجتمعنا، وإن كانت له وجهة نظر غير مريحة للآخرين، فإنه لا يدفع أحداً للإيمان به، ولا حتى من حوله..

وما استفدته منه أيضاً أنه لا يلتفت إلى متصيدي الأخطاء للتشهير به، وقد رأينا في الانترنت نماذج من ذلك، بالرغم من أنها محاولات سقيمة، وسريعاً ما فشلت.

اقتباس
2-ما هي أبعاد شخصية السيد عبدالله الموسوي وهل له نتاج فكري مطبوع؟.

منها ما ذكرته سابقاً، مضافاً إليها أنه يرى نفسه ملزم بما يراه تكليفه الشرعي، وغير ملزم بترك تكليفه لأن من حوله يريد منه ذلك، وقد تحمل الكثير في مسألة الهلال لالتزامه بتكليفه..

قد يكون مخطئاً، ولكن ما يقوم به هو إيمانه أن ذلك تكليفه، ولا يمنع من أن يُناقش في ذلك، دون أن يتمنطق بمنطق من يفرض رأيه، وإن كان مخالفاً..

أما ما أعرفه عن نتاجاته فإنه يسعى إلى ذلك، ولكن لم يطبع شيء له حتى الآن، وأتمنى أن يقوم بذلك، وقد ألححتُ عليه كثيراً، ولعله ضجر مني لكثرة إلحاحي عليه!!..

 

 


التعديل الأخير تم بواسطة باقر الرستم ; 18-04-2010 الساعة 12:44 AM.
باقر الرستم غير متصل  
قديم 17-04-2010, 12:19 AM   رقم المشاركة : 72
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

اقتباس
ابن الفجر:

باسمه تعالى

سلامي الولائي عليكم..

في مدارات الثقافة العربية الرصينة و في أعماقها الإسلامية الأصيلة تفجر أخونا وأستاذنا العزيز بموهبته الأصيلة والقوية المتينة بقواعدها صلبة الإيمان وقوة العزيمة ؛ حتى وصل إلى ما وصل إليه من درجات في سلم المعلومة الدقيقة والموثقة والتي رأيناها في أبحاثه وكتاباته من مثل (التطبير.. أزمة حادة بين منتج الوعي الشعبي ومفروضات الدليل)؛ وذلك بفضل القراءة المجيدة والنظرة الثاقبة إلى أصالة المصدر ومتانة الدليل اللذين اعتمدهما الأخ الفاضل أبو محمد(رعاه الله).

ذلك ما جعلني أشحذ فكري وقلمي القاصر المتواضع لأكتب هذه السطور القليلة معقباً لها بتساؤلات؛راجيا من الله العلي القدير أن يوفق الله القائمين على هذا المنتدى المبارك لاستضافات مفيدة للغاية المرجوة ،وللوصول إلى الفكر السليم الخالي من كل شائبة؛شاكرين لهم إتاحة هذه الفرصة الثمينة.

كل هذا الإبداع والتميز للأخ الرستم ما كان ليتم لولا توخيه المعلومة الدقيقة ومن مصادرها الوثيقة،وكذا تحرّيه العمق السليم ،وأيضا التزامه الموضوعي بالحياديه،وذلك ما نلحظه جلياً في كتاباته. فقد أعجبت كثيراً وأنا أتابع بشغف تام لأطروحاته في موضوع (التطبير.. أزمة حادة بين منتج الوعي الشعبي ومفروضات الدليل.)على شبكة السيدة خولة -عليها السلام-والتي كانت بحق حلقات مشوّقة وممتعة للغاية،وما ميّزها أنه يطرح الرأي المخالف لما يراه هو بتفاصيله ، ثم يطرحه على طاولة النقد البنّاء ليردّه بالدليل القاطع.

الأخ الرستم هل لي بتساؤلات:

1- كيف ترى نفسك في حضرة العلماء الأفاضل سواء في محضرهم أو في مناقشتهم؟.



في الحقيقة أكون في شوقٍ وحماسة، وفي الوقت ذاته أرى نفسي في هيبة العلم والفضيلة ووقارهما.. وأيضاً أرى نفسي جريئاً في السؤال.. إلا أنني لا أذكر أن أحداً منهم استاء أو أظهر تململاً من أسئلتي وإثاراتي.. وآليتي في المناقشة والحوار، وأنا هناك التركيز دائماً على المنهجية العلمية على السؤال وعلى الإجابة التي يطرح بها العالم رؤيته، وإذا ما رأيتُ أن هناك شيئاً غير مفهومٍ.. فإنه بالتأكيد تتداعى لدي الأسئلة والإشكالات؛ فأطرح السؤال والإشكال، إلا إذا رأيتُ أن ذلك يُسيء إلى حيثيتهم ومكانتهم.. فإنني امتنع عن ذلك.. وعادة لا يفتح العالم ذراعيه للحوار وتجده يخشى على حيثيته من الهتك؛ إلا إذا كان المحاور غير ملتفتٍ إلى ذلك..

وأتذكر أنني جمعني بأحد العلماء الذي يظهر من شكله أنه صاحب فضيلة علمية، في البقيع الغرقد قبل 19عاماً تقريباً.. وقمتُ بطرح الأسئلة والإشكالات المتتالية.. فرأيته يعمق الإثارة والإشكال في أجوبته، ولم يكن في مستوى ما يظهر به ظاهره من فضيلة علمية.. وبخلافه التقيت بفاضلٍ عند ضريح النبي(ص) في المسجد النبوي، وطرحتُ عليه الأسئلة والإثارة والإشكال.. فكان منبسطاً ومنشرحاً في الإجابة.. وقد أنستُ منه كثيراً..

أحياناً تمنعني هيبة العلم من طرح السؤال والإشكال.. إلا أن المسؤولية الأخلاقية تدفعني للسؤال، ومن بين أولئك العلماء كان آية الله الدكتور عبدالهادي الفضلي، وآية الله السيد جعفر كريمي.. إلا أن إجاباتهما كانت شافية..

اقتباس
2- ما هي أهم العوامل التي ساعدت على تكوين شخصيتك الثقافية؟.



الطموح، والقرف من الشعور الذي اجتاح منطقتنا بأننا لا نستطيع أن ننجز شيئاً.. وأن الإنجاز يمكن أن يكون عن غيرنا ولسنا في وارد أن نقدم رؤية أو إنجازاً، وهذا ما يدفعني دائماً لمتابعة إنجازات أولئك الذين يستصغروننا أمامهم.. فلاحظتُ أننا نملك القابلية الكافية ليس فقط على أن نجاريهم، وإنما أيضاً أن نتجاوزهم.. ذاك كان يدفعني كثيراً للعمل بقصد الإنجاز والإبداع، وليس فقط بقصد المجاراة.. فكان أول عاملٍ هو أن تلك المواقع التي تسنمها الكبار ليست بعيدة المنال.. ولكن ما الآلية التي تصل بنا إلى هناك؟!.. فرأيتُ السؤال، وملاحقة الجواب.. ملاحقة الإثارة ومصادرها والجواب عنها ومصادر الجواب أيضاً وتنوع جهاته وتعدد مدارسه.. فكانت قاعدتي الرئيسة هي: يجب ألا نخشى من السؤال..

اقتباس
أخيراً وليس آخراً لي ملحوظة على من ادّعى أن الأخ باقر يروّج لمرجعية معينة!!

كيف يكون ذلك وفي ثنايا سيرته المختصرة والمبدعة كتاب جميل هو(الإمام الخوئي والموقف.)؟؟!! فهل يطلعنا من يدّعي ذلك على كتابٍ أو حتى كتيب أو حتى مقالة عن مرجع غير الذي يتبنى تقليده؟!
"قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمّن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) آية 35 سورة يونس.



لا تغضب أخي من ذلك، وإن كان قاسياً، ما دام يبحث عن جوابٍ حقاً.. وأما بشأن السيد الخوئي(الإمام الخوئي والموقف)، فكنتُ مقلداً لسماحته، ولكن في مصنفاتي ما يصلح شاهداً لك، وهو ((آهة من جراح الزهور))، والذي كان دفاعاً عن آية الله العظمى السيد السيستاني بعد إساءة بعض القيادات الفلسطينية لسماحته، وقد كان أستاذاً جامعياً، ووافق أن تعرفتُ على فلسطيني متشيعٍ في الانترنت، فسألته إن كان بالإمكان التواصل معه، فأجاب بأنه أستاذه، فطلبتُ منه أن يقدم قراءتي تلك إليه، وبالفعل.. وما رأيته فيما بعد أنه هناك تحولاً في خطابه وتصريحاته.. لا أقول أنني أنا من أوجد هذا التحول عنده، فبالتأكيد هناك من حاوره وانفتح عليه.. ولكن يكفيني في الدفاع عن سماحة السيد السيستاني أنني كنت شريكاً في ذلك، ولو أسهمتُ بنسبة 1% فذلك أيضاً شرف لي.. طبعاً بلغني أن دفاعي الذي وضعته في هجر بعنوان(( الدفاع عن المرجعية الشريفة)) وصل إلى المرجعية الشريفة في النجف السيد السيستاني، ولعل أيضاً مرجعيات أخرى في النجف الأشرف، وقد نشره بعض المؤمنين بعنوان: ((كشف المقال))، وقد سُرتَّ بذلك.
رعاكم الله ،،

 

 

باقر الرستم غير متصل  
قديم 17-04-2010, 03:43 PM   رقم المشاركة : 73
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

اقتباس
حامل المسك.. عدنا والعود أحمد

إِن كَمَال الْمَرْء يَقُوْم عَلَى الْعِلْم وَالْعَمَل بِمَا عَلِم وَبِهِمَا يَعْتَدِل كَتِفَيْه وَنَقْص أَحَدُهُمَا عَن الاَخَر يَذْهَب بِجَمَال قِوَامُه. فَمَا هُو أَفْضَل الْسُّبُل فِي احْرَاز تَسَاوِيْهِمَا عِنْد الانْسَان ، وَأَيْن يَجِد كَاتَبْنَا الْقَدِيْر نَفْسِه مِن هَذَا الْكَمَال ؟.


عوداً كريماً وأهلاً وسهلاً بك..

عندما يرى نفسه دائماً ما بين التقصير والقصور، فإنه يندفع لإصلاح ذاته، وينُصتُ كثيراً للنصيحة إذا ما كانت بقصد الزينة له لا أن يدعيها الناصح وهو يقصد التشهير، أو يقصد النصيحة ولكنها لا تأتي إلا بعنوان التشهير.

هنا يتمكن من متابعة النقص والقصور والتقصير الذي يعتريه، ولكن في الواقع مهما اجتهد فإنه سيخطئ، وإن قلل من نقصه وقصوره.. وأنا ذلك الإنسان القاصر والمقصر.. لا يمكن أن أدعي الكمال، ولا يمكن أن أحدث نفسي بأنني كامل..

ولكن بالتأكيد من سمات الكمال أن يسعى المرء إلى أن يترجم قناعاته بنفسه، لا أن يحمل الآخرين ترجمتها.. إذ عندها يعرف إن كانت واقعية وفي المستطاع القيام بها، أم هي مجرد قراءات تنظيرية لا يقوى عليه حتى من سنها..

وهذا ما يشغلني كثيراً، وأهتم به كثيراً.. وآمل بإذن الله تعالى أن أوفق والمؤمنون إليه..

 

 

باقر الرستم غير متصل  
قديم 17-04-2010, 03:52 PM   رقم المشاركة : 74
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

اقتباس
حامل المسك: الأخ العزيز باقر

س. تطرقت في تقديمك للشيخ الأكرف في حسينية السبطين بالبلد قبل حضوره للحسينية بأن حمزة الصغير يمثل نوعا في اللطم الذي يعتبر في القمة ممثلا فيه العاطفة والمصيبة وهذه المدرسة تميزت عن غيرها في تلك الحقبة التاريخية التي مر بها اللطم والعزاء أما الشيخ حسين مثل الجديد والتحول في العزاء فما الذي تقصده من ذلك ؟.



بلغني ذلك منذ أن ألقيت الكلمة بعد مدة.. وكنت أتمنى أن تفضل صاحب الملاحظة أو أصحاب الملاحظة، للسؤال، وهذا أفضل من أن تترك هكذا وتتضخم، لتأتي إليها قضية أخرى بنفس حالتها، لتتراكم القراءات غير الإيجابية، عندها تتضخم السلبية، لتكون معالجتها حينئذٍ من أصعب الأمور.
وقد رأيت هذا الرأي في إحدى المشاركات لأحد الأعضاء، ولكن تم التعديل عليها، فتم حذف الرأي المتعلق بهذا الشأن.

وصارحني بعضهم، وتصور البعض أن الرأي انطلق من حماسة وانفعال، مع أنني لا أنزه نفسي عن ذلك، ولكن ما حصل هو في الحقيقة من رؤية واضحة.. وجدتُ مناسبة التقديم للشيخ حسين الأكرف(وفقه الله تعالى) فرصة سانحة جداً لإبدائها، وكنتُ أشرتُ إلى هذا النحو في محاضرة طلبت حضور الرواديد آنذاك إليها قبل وفاة الرادود المرحوم جاسم السعيد(رحمة الله عليه)، وقد طبعتها آنذاك ومقالين في أبي عبدالله الحسين(ع) في كراس باسم عاشورائيات.

متابعتي لأداء الرادود الملا حمزة الصغير أو (الزغير)، والرواديد المعاصرين له أمثال ملا وطن، والحاج ياسين الرميثي، وآخرون أن حمزة ثري في عطائه.. تعدد العطاء.. تميزه.. بل هو جديدٌ من خلاله.. إذ قدم الحاج حمزة (الزغير) لطميات وأساليب لا نقول عنها أنها على نحو اللطمية ولا على نحو النعي.. غاية في الإبداع.. وكان إبداعه في الواقع فوق طاقة من حوله.. إلى حد أن تجد الرواديد بعده يرددون ألحانه.. أساليبه إلى ما بعد ثلاثة عقود، ومع ذلك تشعر بجدتها وحيويتها واكتنازها الإبداع والنضج.. من جانبٍ آخر تجد ما قدمه كثيراً جداً، ونادراً ما تجده يتشابه، في اللحن.. في المواضيع.. بل تجد فيها مواضيع مرتبطة بالأمة، وإن لم تكن حسب استماعي لها وفق استراتيجية لها، وإنما بناءً لما يعيشه العراق من وقائع وأحداث وإسهامات الشاعر والرادود في أحداثها لصالح المرجعية الكبرى حينها، والمتمثلة في آية الله السيد محسن الحكيم، خاصة وأنه لم يمكث بعد السيد محسن الحكيم كثيراً.. إذ وافته المنية رحمة الله عليه عام 1395هـ.

الآخرون من الرواديد على ما قدموه إلا أن ما قدموه لا يضاهي ما قدمه الملا حمزة.. إذ تجد لأحدهم شريطاً أو شريطين لهذا، أو ذاك، وقد لا تجد ما قدمه بذلك التميز الذي قدمه الملا حمزة.. لذلك فإنني مع تقديري لما قدمه الشيخ حسين فإنه لم يبلغ في نظري ما بلغه الملا حمزة.
وفي الواقع أن الملا حمزة يحتاج إلى قراءة أكثر من هذه لمن تابع النقلة الحقيقة التي قدمها للقصيدة الحسينية، ولمفهوم الإبكاء في إنشاده.. إلا أن عطاؤه كان أكثر إثماراً وقيمة هو ما كان في الجانب العاطفي.

ولكن هناك شيء لاحظته لم يكن وقفاً في الملا حمزة، وإنما انسحب إلى الشيخ حسين الأكرف على ما يبدو في الآونة الأخيرة، وهو التعاطي ومع قضية الإمام الحسين(ع) بأقل ما تستحق.. وقد تكون مسؤولية الشيخ حسين الأكرف أكبر من مسؤولية الملا حمزة.. إذ أن مستوى وعيه ومستوى علمه يتقدم على الملا حمزة، إذ أنه لم يكن فقط حوزوياً، وإنما تجاوزت دراسته لبحث الخارج الست أو السبع سنوات.. ما أوجد لديه ذائقة فقهية جيدة، قد تسعفه حتى على استنباط الحكم الشرعي إن كان دقيق التتبع للآراء الفقهية ومعرفة مواطن الاختلاف فيها والقوة والضعف، وكيفية استيلاد الحكم الشرعي..

وملاحظتي التي أتمنى الاهتمام بها كثيراً من قبل الخطباء والرواديد، هي أنه لا يمكن تجاهل معاناة أسرة رسول الله(ص) وإحساسهم بالألم والمعاناة لأبشع جريمة في تاريخ أولياء الله، وقد تحمل الإمام الحسين(ع) وأهل ذلك من أجل الله عندما قال(( هون ما نزل بي أنه بعين الله))، ولكن علينا ألا نجعل هذا الاهتمام يلغي تماماً اهتمامنا بقضية الإمام الحسين(ع) وجهاده ونضاله ونضال النبي(ص) والمعصومين(صلى الله عليهم أجمعين وسلم).

ويجب أن يحظى منا هذا الجانب بذات الاهتمام الذي حظي به الإمام الحسين(ع) والأئمة المعصومين(ع) الذين آلمتهم مصيبة الحسين(ع) واهتموا بقضية الحسين(ع) كما هو اهتمامهم بالمحافظة على حرارة تلك الفاجعة، والذي ينتهي في الأساس إلى إحياء قيم هذا الدين العزيز.

لذلك أتمنى أن نواكب اهتمامنا بهذه القضية بأي درجة، ليقرأ الناس الإمام الحسين(ع)، وكل المعصومين عند الحديث عن فاجعة ارتحالهم إلى الملأ الأعلى قضاياهم التي ناضلوا من أجلها بأسلوب دعوي، يدفع الناس أن يستلهموا منها، خاصة عندما تكون بالأسلوب الخطابي والمهيج للأحاسيس والمشاعر النبيلة لدى الناس الطيببي، والذي يقدمه الخطباء والرواديد..

ولكن صراحة شيئاً من هذا وجدته في الرادود المبدع الشيخ حسين الأكرف.. وخاصة في قصائد المسيرات، والتي هي أيضاً المسار الذي عليه أغلب رواديد البحرين، إلا أن الشيخ حسين تميز بشكلٍ ملحوظ في ألحانه المتميزة والفذة.
الشيخ حسين الأكرف توفر على شعراء حسينيين- كما هو أغلب رواديد البحرين- كانوا مطواعين لرؤاه، وكانت قابلياتهم مفتوحة، وشهيتهم لا حد لها، ومستوى عالٍ من المخيال الشعري المتألق.. حتى لتجدهم يقتحمون العقول المغلقة في تبليغ رسائلهم، وعلى رأسهم الأستاذ العزيز عبدالله القرمزي والأستاذ نادر التتان، وعبدالجليل البلادي.

وإلى أولئك الشعراء الذين يشبعون أطروحات الشيخ الأكرف في العزاء قابلياته الفذة والمنقطعة النظير في توليد الألحان بشكل ملفت، إلى الحد الذي تراه غير راضٍ عندما يتشابه لحنان في عطاءاته.. وإن كان ذلك مما لا مفر منه في كثيرٍ من الأحيان.. ولكن أن تشغله هذه المسألة فهذا يعني أنه يعنيه أن يكون متميزاً جداً في كل أدائه، خاصة وأنه يعنيه أن يكون ذلك اللحن حتى المشتق من هنا أو هناك جديداً في إبرازه.. هذا ما لفت نظري في الشيخ حسين، وهو نفسه ما يبلور المدرسة التي كنت أقصدها.. فهو أدخل الشأن العام والأمة بطريقة ملفتةً والمقاربات في هذه العملية قوية وملفتةً بشكل لا يمكن أن يتجاهلها المهتمون.. طبعاً قد تكون الأطروحة للشيخ حسين الأكرف، ولكن المنتج هو الشاعر الذي صاغ هذه النقلة.. فإذن اشترك المبدعون في إنجاز الإبداع.

المراقبون، وقد اجتهدت أن انتبه مثلهم إلى أن الشيخ حسين الأكرف لا يمكن تصنيف أدائه إلى المدرسة البحرانية الجديدة، وإنما خرج عن ذلك بقوة، دفع كثيرين من الرواديد في المنطقة لاقتفاء أثره.. ما جعله مدرسة متميزة بجدارة، دفعني ذلك إلى تلك المقاربة بين الملا حمزة والشيخ حسين.
هنا نأتي للملا باسم الكربلائي، والذي كان أول رادود جديد تنفتح عليه نفسي بعد الملا حمزة، وكان مبدعاً ورائعاً في بداياته، إلا أنه مر بمرحلة مراوحة لا يتجاوز فيها المكان لا أدري ما سببها، إلا أنه عاد للتألق من جديد، وبتميز ملفت أيضاً.

وقد توفر للملا باسم شاعر مبدع هو الأستاذ جابر الكاظمي، وهو كالأستاذ عبدالله القرمزي والتتان، إلا أن ما يميزهما عنه أنهما يمدان الرواديد بالقصيدة الفصحى بلا نضوب ولا كلل، في حين أن الحاج جابر الكاظمي كان وقفاً عند القصيدة بالدارج العراقي، وإن قرأت في بعض قصائده نتاجاً بالفصحى، ولكن لا يمكن أن ينافس عطاء القرمزي والتتان، فيما هو قد يتفوق في مواضع كثيرة عليهم في الدارج العراقي..

إلا أن ما لاحظته على الملا باسم على الكثير من إبداعاته الرائعة هي أنها لم تخرج عن خصوصية وخصائص مدرسة الملا حمزة.. وإن كانت له ألحاناً جديدة كثيرة، إلا أنها أيضاً تظل تحمل سمات مدرسة الملا حمزة.. وهذا ما كنتُ أقصده..

ولا يعيب الملا باسم أن يُنسب إلى مدرسة الملا حمزة، ولا يقلل من قيمة الإبداع الذي استطاع تقديمه في الكثير من عطاءاته.. فالملا حمزة كما قلتُ كان عطاءً مبدعاً متجدداً، ولا زال من يقدم لطمية لحمزة بحاجة إلى خاصية متميزة كما هو المبدع الملا محمد الحجيرات، ولكن ذلك لا يعني أن نعتبر عطاءه مدرسة، بالطريقة التي يريدها مني بعض المؤمنين، وإن كنتُ غير راضٍ عن استجابته لبعضهم في مسألة التطبير، إلا أنه لا أحد يستطيع تصنيفه كمدرسة تنفصل عن الملا حمزة.

إلا أن بعض الأخوة كان يتصور أن مسألة التطبير هو الذي دفعني إلى عدم ذكره بمفهوم التميز الذي كنتُ أقصده في كلمتي حسينية السبطين(ع)، في حين أن ما كنتُ أقصده هو ما وسعتُ الكلام بشأنه هنا.

وأتمنى من الملا باسم في أن يسمع كلمتي في عدم الخوض في القضايا التي تدفع بكثيرٍ من جمهوره الذين يحترمونه ويقدرونه بالتخلي عنه مع حبهم لأدائه..

اقتباس
س. من يستمع لك أو يقرأ ما كتبت يجد أنك تتكلم في العقيدة تارة وتتكلم في التاريخ تارة اخرى وتتكلم في الفكر، بل وفي السياسة.

فلماذا لا تحدد نوع الاتجاه الذي تخوضه؟ اي بمعنى اصح لماذا تعمل في كل تلك الحقول ولا تتخصص في أحدها مثلاً؟.



في الواقع أن لكل موضوعٍ من هذه القضايا قصة تتحدث عن طبيعة تعاملي معها، إما أنها فرضت نفسها علي لبعض الوقائع والدوافع، أو أنني أجد نفسي مندفعاً للتعامل معها دون معاناة.. فمثلاً في العقائد والفقه.. كنتُ قد قرأتُ كتاباً للرد على الشيعة والطعن على عقائدهم للكاتب المثير والمتشدد إحسان إلهي ظهير، ورأيته يتناول العقائد الشيعية بطريقة غير أمينة وخارج كل السياقات العلمية والمهنية، ولكنها بطريقة التفافية خادعة عجيبة، حتى تكاد أن تجد نفسك بلا خليفة ولا تاريخ.. هذه الحالة دفعتني لحركة كبرى في تقصي الحقائق وطريقة استفادة ظهير من النصوص، لأكتشف أنه يقوم بعملية تزوير كبرى، وممارسة القص واللصق والتقطيع في النصوص، وتوليف حالة من الغوغائية والطوباوية والجهل والعدائية، ونسبتها إلى الشيعة والتشيع، لتظهر لك على أنها أبعد ما تكون عن العقل السليم أو حتى قريبة منه، ومن ذلك ما نقله عن كتاب(( فرق الشيعة)) للنوبختي، في رواية عن الإمام الصادق(ع) في أن الشيعة لا علاقة لهم بأهل البيت(ع).. فبحثتُ عن الكتاب، فحصلتُ عليه، فرأيت النص الشاهد، فإذا به قد وقع تحت طائلة التوجيه الفاسد.. إذ هو فعلاً كلام الإمام الصادق(ع)، وكان الإمام الصادق(ع) يخاطب جهة شيعية تدعي الانتساب إلى أهل البيت(ع).. ولكن تلك الجماعة من المنحرفين عن أهل البيت(ع) ومعروفون عندنا بانحرافهم، فاستعان بالنص ليوجهه ضدنا.. وهو نفس محاولة الاستفادة من عبارة(( تباً لكم أيتها الجماعة وترحاً)) عن أبي عبدالله الحسين(ع) الذي يقصد أولئك الجماعة الذين دعوه إليهم فخذلوه. .. وهكذا كان منهجه في كل كتابه، ما جعلني اتتبع كتبه واحداً تلو الآخر، وأقرأها كلها، لألاحظ هذه السمة هي الأبرز فيه، ومن ذلك كتابه ((الشيعة وأهل البيت)) و((الشيعة والقرآن))، ولشدة عداوته ذهبت مرة لمكتبة المتنبي بالدمام، ورأيت كتابه(( الشيعة والقرآن)) فرأيتُ عشرين صفحة قد تم شقها من النصف من عرض الكتاب.. ولكنها لا زالت في الكتاب، فطلبتُ شراء الكتاب بـ(5) ريالات، فقبل، فقط لأقرأ ماذا في الكتاب.. فرايته ما شاء الله في العمل العبثي والتحريضي..

وأتذكر أنني كتبت في بداياتي حينها أكثر من 300 صفحة بحجم ورق دفاتر المدرسة بقصد الرد عليه.. ولا زلتُ احتفظ بتلك الدفاتر، وقد دفعتني هذه القراءات والمتابعات لشراء الكثير من الكتب العقائدية والتتبع الشديد للروايات، وأيضاً للقراءة في كتب الاستدلال بحماسة وبكثافة أيضاً، وكتب الاستدلال فتحتني بذاتها على نظائرها.

وأما في التاريخ، فإن قصتي معه بدأت من تأليفي لكتاب مالك الأشتر القائد القدوة، ثم أحداث فتوى التنباك، وتشعبت كثيراً.. وكانت قراءاتي قراءات تتبع ومناقشة للرواية والأخرى التي تعارضها، وليست لمجرد للنقل، واستمرت هذه العملية في قراءة الواقعة وقراءة أناسها وتداعياتها عليهم، ومن خلالها ثقافتهم، ومستوى الرشد ومفهومه عندهم في أحداث فاجعة كربلاء.. وهكذا.

وأما في السياسة، فمن منا لا يتابع ولا يقرأ الأخبار والشؤون السياسية هذه الأيام؟! ولا تكاد فضائية تخلو من البرامج السياسية واستضافة الضيوف.. الجيد منهم والنطيحة والمتردية.. وكل متابعٍ لهذه الشؤون تجد أثر هذا الاتجاه أو ذاك عليه، ناهيك عن الاحداث المتسارعة والمثيرة التي تدفع المرء للمتابعة.. ولم أكن بدعاً من الناس في هذه الشأن، ومن يتابع المنتديات يجد نفسه أنه لم يستثنِ أحدٌ نفسه من ادعاء معرفة السياسة، بل بعضهم بالغ في نفسه، ليضع نفسه في مقام الملهم للجميع، ليكون عمر قراءاتي ومتابعاتي ما يزيد على الـ25 سنة، في الصحف والمجلات المحلية والخليجية، بالإضافة إلى الحياة والوسط والشراع.. وقد تكوَّن من ذلك أرشيف كبيرٍ عندي، حتى ضاقت عائلتي به، فتخلصتُ منها بكل أسف..

وأما في الشعر والأدب والنقد.. فهل يخفى على أحدٍ اهتماماتي في هذا الشأن.. وكيف يخفى هذا على من عرف منتدى السهلة الأدبي، وتسامرنا هناك، وقول الشعر والأدب.. وأتذكر أنني كثيراً ما كنتُ أتناول هذه المسائل مع شباب المنتدى، ولم يضع أحد على نفسه فيتو ولم يستطع أن يضعه على غيره أيضاً، ولي مجالس سمر حافلة مع عديدٍ من الأدباء والمثقفين في البلد والمنطقة.. بعضهم كان ينضح تواضعاً، وبعضهم كان ينضح نرجسية انتهت به إلى التيه.

هذه الحصيلة وقراءات أخرى بالتأكيد تصقل القابليات الظاهرة والكامنة لدى المرء وتنميها، وما كنتُ لأنسى أي استفادة، مهما صغرت أو استهان بها بعضهم، إلا أنه مع مرور الوقت برزت ظاهرة التحليل والمناقشة التي يعرفها بعض المتابعين أنها طريقتي.. ولكن المثقف إذا ما اشتغل لتنمية قابليته فإنه يمكنه أن ينفتح على كل الواقع الذي يكون حاضراً فيه، ولكن ستجد أداءه وفقاً لوعيه واستيعابه لذلك الواقع.

نعم.. لدي بعض الاهتمامات ما أثر على اهتمامات أخرى، إذ اهتمامي بالبحث والكتابة على أدائي في الشعر، إذ بالكاد أتمكن من توليد قصيدة في السنة والسنتين، في حين أنني من قبل أكثر قدرة على ذلك.. بل أثر حتى على تمكني من أخذ القصيدة بناصيتها..

وأثر علي أيضاً في الرسم، والتي كنت التزم بفتوى مرجعي آية الله السيد أبي القاسم الخوئي في رسم ذوات الأرواح حينها، بالرغم من أنني قلدتُ السيد الكلبيكاني فيما بعد، إلا أن النفس لا تجد نفسها راغبة للعودة للرسم إلا لبعض الأعمال العادية جداً.. والتي لا تصلح أن يوسم صاحبها بالرسام.

عندما تمر بي بعض الأمور فإن انفعالي معها هو بحجم جاذبيتها إلى نفسي، ووجود قابلية لدي للاستجابة لها.. وعندما أشعر بقوة جاذبيتها إلى نفسي فإنني اشتغل على تنمية وعي وفهمي لها بكثافة، لأجد نفسي ومن يتعاطاها بتخصص نفهم خطابها، وأرى أن فهمه لها باعتباره المتخصص ليس أكثر قدرة مني في تعاطيه معها.

هكذا الأمور بالنسبة لي..

وأتذكر هنا أنني كنتُ في مركز النسخ والتصوير في عملي، وكنتُ قد أخذتُ دورةً في(معالجة الكلمات) في معهد الإدارة، على نظام كمبيوتر (الماكنتوش)، وكان معقداً.. إذ لا تشبه لوحة مفاتيحه أي لوحة مفاتيح أخرى.. لا نظام البانتيوم، ولا نظام الآلة الكاتبة، ولا حتى المعالج الصغير.. ما جعلني لا أتمكن من التدرب عليه إلا في المعهد فقط.. ومدته كانت ثلاثة أسابيع فقط..

من قبل كنت لا أتمكن من كتابة كلمة واحدة من دون النظر إلى لوحة المفاتيح.. ولكن آليتُ على نفسي ألا أنهي البرنامج التدريبي إلا بنتيجة مثمرةٍ لي..

كان الأستاذ المحاضر رائعاً جداً، واسمه الدكتور عبدالله نصيف.. قال في أول حصة حضور عنده: لو تمكنت من كتابة أربعين كلمة في الدقيقة فإنني لا أعتبرك ناجحاً ما لم تكتبها بالطريقة التي يعتمدها البرنامج، وهي ((طريقة اللمس))، أي الكتابة دون النظر إلى الحروف في لوحة المفاتيح، وبتشدد الدكتور وعزيمتي في المسألة تمكنت من النجاح مبدئياً بتقدير (جيد) من خلال كتابة(23) كلمة في الدقيقة.. بعد الحصول على شهادة المعهد رجعتُ إلى العمل.. وقمت بالتدرب لمدة أسبوع أو أسبوعين على نظام البانتيوم.. وهو موجود في العمل وفي البيت.. ونجحتُ في كتابة(34)كلمة في الدقيقة.

بعضهم لعله يبلغ الخمسين كلمة في الدقيقة، وأما الذين يبلغون 80 أو90 كلمة في الدقيقة، فهؤلاء لا قدرة لي على منافستهم، ولكن الذي أختلف فيه عن بعضهم أنه يكتب من دون العناية بالهمزة، ولا بعلامات الترقيم، والكتابة الفنية، ولا بأي شيء.. تجد كتابته أشبه بالكتابة قبل عصر التشكيل، ونظام إعداد الكتب الأكثر روعة وفناً.. وهذا طبعاً يفقد هذا الكاتب خاصية مهمة في إنجازه، وهو معرفة طبيعة النص الذي يكتبه، في حين أن أكثرهم يكتب النصوص بطريقة هي أشبه بطريقة الرسم.

هذا البرنامج مع خبراتي التي سبقته في هذا الشأن جعلني بفضل الله أكثر من اهتمتْ به الإدارة لبروز استفادته من البرنامج، وقد تركتُ آثاراً بهذه الخبرة، ومنها كتابة دليل الهاتف لكل إدارات المؤسسة، ولا زالت العديد من الإدارات تستفيد منه إلى الآن.

تلك كانت المقدمة.. وبتلك الدراسة التي لم تبلغ الشهر رشحني مدير القسم للإشراف على اختبار بعض الشباب المتقدمين لوظيفة ناسخ للمؤسسة وقد أحيلوا لاختبارهم عندنا، وكان بعضهم خريج معاهد خاصة لسنوات، وواحدهم كان صاحب شهادة جامعية في الحاسب الآلي وكتابة النصوص على ما أظن،.. لا أعرف تسميتها، ولكنها على هذا النحو، ولعله أخذ دورة خاصة، وقد اختبرته فرأيته أنه بحاجة إلى تنمية مهاراته، ولم يأخذ الدرجة التي يتجاوزها المبتدأ في النسخ.. وبالمناسبة فإن برنامج(معالجة الكلمات) خدمني كثيراً جداً.. إذ أنه ساعدني على كتابة كل بحوثي المنسوخة بالكمبيوتر.. إذ لم يكتب لي أحدٌ نصاً سوى ما كتبه الخال العزيز صالح الرستم والشيخ العزيز حسين الطريبيلي والأستاذ حسين الشملان.. وذاك كان في بداياتي قبل امتلاكي لجهاز الكمبيوتر.. أي قبل 14 عاماً.. وهذه إضافة جديدة لعل أكثر من حولي يعرفني، ولا يبخس حقي فيها..

وهذا ما يجعلني التفتُ إلى أنه لا يمكن لشخصٍ أن يكون فقط صاحب قابلية واحدةٍ أبداً، أو صاحب مهارة واحدة فقط، ومن كان كذلك فهو بالتأكيد قليل حظٍ في المعرفة والنجاح والتوفيق في التعاطي مع هذا التنوع الذي تزخر به ذاته، حتى تلك التي في متناول الجميع.

ولدينا مثلاً الأستاذ جاسم الصحيح، شاعر مبدع لا تضاهيه شاعرية معاصرة كما أحسب، ومع ذلك هو مهندس في شركة آرامكو، ولا وجه للمقاربة بين الأمرين.. الدكتور غازي القصيبي.. شخصية سياسية بارزة.. ومع ذلك هو شاعرٌ وقاصٌ وأديبٌ وباحثٌ وناقدٌ وإداريٌ أيضاً، هذا ما لمسته أنا من قراءتي لبحوثه وكتاباته وبعض دواوينه.. ومما لا شك فيه أنه لديه أشياء أخرى.. وللإثارة فإن هتلر الدموي كان رساماً مبدعاً!!..

وهنا أقف عند نقطة مهمة وحساسة، وهي أنني عندما أخوض شأناً ما، فإنه لن يقبل الآخرون المتخصصون أو ذوو العلاقة أن أكون عابثاً أو مهرجاً في أي تعاطٍ لي مع الشأن الذي يرون أنفسهم فيه، وما كنتُ كذلك بحمد الله، وإذا رأيت أنه من العسير عليه التعامل معه فإنني لا أقحم نفسي فيه، بل لا أجد نفسي تحفل به.

الله تعالى حين خلق المرء جعله يملك قابلية التعاطي مع كل واقعه، دون أن يكون بحاجة إلى أن يذهب إلى جامعة ليستجيب لمفروضاته واستحقاقاته.. إلا أن هناك مسائل لا يمكن الخوض فيها إلا باطلاعٍ يناسب وحاجة الخوض فيه، فيما هناك قضايا لا يمكن الخوض فيها إلا بتخصص دقيق كالطب والهندسة والكثير من الملفات التي يطلق على واحدها بالعلم.. ولكن يمكن للمرء أن يتخصص في أكثر من موضوع..

كثير من القضايا التي تؤخذ بالجهود الذاتية ولا تحتاج أكثر من الاستعداد والقابلية والتنمية الذاتية وفق حاجة تلك القضايا من الإشباع.. وما لدي من حاجة إلى دراسته فقد أخذته عن طريقه القانوني، وهو الكتابة بطريقة اللمس مثلاً، وما أستطيع الحصول عليه عن طريق الجهود الذاتية فالرغبة والاستعداد هو ما ساعدني عليه بعون الله.. وإلا هل سمعتم أن شاعراً حمل شهادة دكتوراة في الشعر؟!.. لو قبلنا بذلك فإننا سنرفض شاعرية الأستاذ جاسم الصحيح.. وهل سمعتم أن الشيخ علي آل محسن تخرج من جامعة ما في المسألة العقائدية.. أو أن الشهيد الصدر مر بسنوات الدراسة ليفوز بشهادة جامعية في الاقتصاد الإسلامي؟!! والتفسير التجزيئي؟!.. كيف يكون ذلك وهو مؤسس هذه النظريات، ولكن بجهوده الذاتية.. فلم يدرس الاقتصاد الإسلامي ولا التفسير التجزيئي في الحوزة..

العمل العبثي هنا وهناك هو عندما تدخل في شأنٍ ما وتخرج إلى آخر، ثم إلى ثالثٍ وإلى رابعٍ، وأنت لا تعرف إن كنت تريد هذه الانتقالات أم لا تدري إن كنت تتنقل أم لا؟! ودون بصيرة أو روية.. أما استخدام معرفتك المتنوعة هذه في هذا الحقل وهذا الحقل وهذا الحقل لصياغة قراءة متميزة وفذةٍ، وبانتقالات مدروسة وصحيحة فإنك بلا شك ستقدم الأفضل والأروع.. وقد رأيتُ هذه الظاهرة في الإمام الراحل(قده).. فإنك عندما تقرأ له في العرفان، تتصور أنه ابن الاصطلاحات العرفانية فحسب.. وعندما تقرأ له في الفقه تتصور أنه لا شيء يربطه بغير الفقه والأصول، وهكذا عندما تقرأ له في السياسة.. ذلك لأن كل موضوع لا علاقة له بالآخر، ولكن عندما ترتبط الفلسفة بالمنطق، فإنك تجد تأثيرات أحدهما على الآخر، ونظراً لأن الشعر مجرد قالبٍ لفظي يمكن أن يتعاطاه العاشق، والمقاتل و..و.. فإنك تجد أثر ذلك في قصيدته، وهكذا ظاهرة العرفان في شعر الإمام الراحل(قده)؛ لأن الإمام كان شاعراً فذاً، وقد أثرى العرفان تلك الشاعرية، وأنضجها لعدم حاجتها للتملق والاستجداء.. وما كان الإمام يدخل بقصائده في المحافل ولا المنتديات الشعرية.. ما يجعل القصيدة أبعد عن الخضوع لمفروضات تلك المحافل والمنتديات.. وبالتالي فإن خصوصيتها وقيمتها الفنية لم تكن لإثارة انتباه جمهور ما، وإنما لأنها خلجات روحٍ تنفست أغنية العاشق والواله..

فإذن أنا أتعاطى ما أشعر بجاذبيته إلى نفسي، وما أشعر أنني أجيد الخوض فيه، ولا أجد محرمات في ذلك إلا ما حرمه المرء على نفسه، أو لعدم وجود قابلية لدي تستوعبه، وهنا أتذكر الآية الشريفة(( كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه)).

 

 

باقر الرستم غير متصل  
قديم 17-04-2010, 08:27 PM   رقم المشاركة : 75
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

اقتباس
طالب الغفران

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بدايةً، أشكر الأستاذ الفاضل قميص يوسف على هذه الفكرة الجميلة ، كما أشكر الأستاذ الفذ باقر الرستم على إتاحة الفرصة وفتح المجال للحوار معه.

سوف أطرح أسئلتي وأتمنى من الأستاذ باقر تقبلها بصدر رحب وروح عالية.

1- ماهي الرسالة التي يود إيصالها أستاذنا من خلال كتبه وأطروحاته المتنوعة؟ وماهي الآليات التي استعملها لذلك؟.



رسالتنا هي أن الإسلام قادر على ملء الحياة لو قرأناه بشكل صحيح، والآليات التي استعملتها كما أدعي هو أننا إذا ما رأينا إشكالاً أو إثارة.. يفترض بنا أن نذهب إلى الإسلام للبحث عن جوابه على ذلك.. والجواب الذي لا يكتفي برد الشبهة فحسب، وإنما يحتضن الأداء والخطاب الدعويين (( رحم الله عبداً أحيا أمرنا، فقلت له: وكيف يحيى أمركم؟ قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس، فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا))، وشخصيات كآية الله الشهيد الصدر لا زال قادراً على الحضور في جوابه، وهكذا أيضاً آية الله الشهيد المطهري، وحالياً آية الله السيد الخامنئي..

ووجهة نظري هو العمل على أن لا يثير الجواب إشكالاً جديداً، أو أن يكون مقدمة لإثارة الإشكال وإشكالية.

وهذا يعني عدم الاستهانة بأي جهة مخالفة.. يجب قراءة الآخر.. خطابه.. آلياته.. خلفياته.. ما وراء سؤاله.. ليكون الجواب بصدد استيعاب كل ذلك.. وأتصور أن ذلك يكون بالحراك الواسع والمران الطويل.. الذي يكون أوله القابلية والاستعداد، وعنصره الأهم طول النفس، والاستعداد لسماع رؤيته وفكرته كاملة، دون الغفلة عن مواطن الجذب والسلب فيها..

اقتباس
2- أين تكمن الأخلاق في قاموس الأستاذ؟ ولماذا لانجد له كتابات في مجالها؟ وهل تتمثل الأخلاق في شخصيته؟.



سأبدأ من آخر السؤال عوداً على أوله..

ليس لي أن أزكي نفسي، وإنما الله يزكي من يشاء، وينطبع ذلك على المخالطين.. إن أنِسوا معاشرتي ومخالطتي، فذلك لاهتمامي بالجانب الأخلاقي.. وماذا لو رفضني هذا أو ذاك.. هل رفضني لسوء خلقٍ فيَّ أم لأنه لم يتحمل وجهة نظري المخالفة لي.

شخصياً كنتُ أتابع من كان معي واختارَ أن يكون بعيداً عني، وهذا شأنه، ولكن الذي لاحظته أنه لم يكن لسوء خلقٍ صدر مني بحقه، وإنما لأنه وجد البديل الأفضل له وفقاً لقراءته فيمن يحظى بصداقته، وأنا آسف ألا أكون كذلك، ولكني لا أستطيع أن أقف عائقاً أمام اختياره.. رأيي في هذه المسالة أن المرء يمر بتجارب كثيرة جداً.. وفي هذه المسيرة الطويلة لحياته سيجد في كل مرحلة أطيافاً مختلفة من الناس.. يتفق معهم ويختلف معهم.. بتصوري في كل مرحلة سيكون هناك أناساً يكونون أقرب إلى نفسه، ولكنهم قد لا يكونون كذلك في مرحلة أخرى، ولكن قاعدتي في هذه المسألة هو ما قاله أمير المؤمنين(ع):

(( المؤمن نفسه منه في عناء والناس منه في راحة)).. أي أن تتحمل الألم والعناء فيما الناس مرتاحون لوجودك وحضورك، والقاعدة الأخرى في قوله(ع): ((أعجز الناس من عجز عن كسب الأصدقاء، وأعجزهم من كسبهم فضيعهم))، وبما أنني- واللهُ يعلم- أبذل جهداً ألا أخسر صديقاً واحداً، فإن كثيرين من اختاروا صداقة أخرى إنما لأنهم وجدوا مناخاً أكثر مناسبة يوافقهم ويناسب تطلعاتهم.. إما من حيث العمر أو من حيث تطلعاتهم أو من حيث أدبيات قراءتهم للصداقة.

إلا أنه لا بد من الإشارة إلى أن اختياره هذا أو ذاك صداقة أخرى لا يعني أنه تحول إلى عدواً.. أبداً.. فبعضهم اختار صداقات أخرى، ولكن لا زال يتعامل معي بودٍ واحترامٍٍ يجعلني ممتناً له دائماً.

اقتباس
3- حتى يستطيع الكاتب أن يوصل فكرةً معينة إلى مجتمع ما ، لابد أن تكون له قاعدة شعبية يستند إليها لنشر فكره، فهل لدى الأستاذ قاعدة شعبية يُمكن أن تتبنى أفكاره ورؤاه؟ وما هي الأساليب الصحيحة لصُنع تلك القاعدة؟.



عفواً.. هذا البناء غير صحيح.. لا يحتاج الكاتب إلى قاعدة شعبية لإيصال فكرته.. إيصال الكاتب لفكرته بحاجة إلى أن يتميز أسلوبه بالجاذبية والقيمة الفكرية والعلمية النافذة.. أي أن يكون قادراً على تشخيص الآلية التي يصنع بها قناعات قراءه.. وهذا قد لا يكون حولك.. بمعنى قد تكون في الأحساء، وكتابك بيد قارئٍ لك في نجران أو في أسيوط في مصر.. ومع ذلك قد لا ينجذب إلى كتابك شخص حولك، ولكن يتحمس لك شخص آخر أنت لا تعلمه.. فجمهور الكاتب يختلف عن جمهور الوجيه الاجتماعي، والذي في مجتمعه بهذا العنوان، وأنا لستُ الأخير، وإن رأى بعضهم وجاهة اجتماعية لي، فإنني لا أعمل على تكريسها، أو تضخيمها، فذلك فضل الله علي، ولكني لا أعتمدها في لتحصيل قرائي.. إذ قد يتوجه القارئ لك إلى كتابك وهو مشحون ضدك بخلفية سيئة، ولكنه عندما ينفرد بالكتاب، فإنه قد يتحول إلى أشد الناس حماسة لك.

اقتباس
4- ما مدى تقبل الأستاذ باقر للنقد، سواءً الشخصي أو الكتابي– إن صح التعبير- ؟.



المدى الذي أشعر أنه وجهة نظر بناءةٍ، وليست لغرض الانتقاص والمذمة وإظهار العيوب والتشهير.. والنقد البناء هو الذي يتحسس مواطن الخطأ، ويبذل جهوداً جديرة بالاحترام لإيصال فكرة النقد بطريقة صحيحة، وهو ما تحدث عنه النبي(ص): (( من نصح أخاه سراً زانه، ومن نصح أخاه علناً شانه)).. أما النقد للأفكار، فليس بالضرورة أن يتحول الكاتب لما يريده الناقد أو الأفكار الناقدة؛ إذ قد يفوت الناقد بعض الأساسيات التي ساهمت في بناء هذه الفكرة أو تلك، ومهمة الناقد أن يستوعب الفكرة بتمامها، ثم يعمل لطرح الأفكار النقدية المتعلقة بها.

والنقد يحكي معاينة الأداء وتولد وجهة نظرٍ تجاهه.. قد تكون دقيقة وقد تكون غير منطقية، ولكن من الخطأ أن يضحي المرء بصديقٍ اختلف معه، وإنما يجب أن يتم بذل الجهود المكثفة للاحتفاظ به ما دام الاختلاف معه في حدود الأفكار والأولويات الفكرية، وليس لعجرفة أو لانحراف في سلوكياته وتعامله مع الآخرين.

وقد استفدتُ كثيراً من بعض الأفكار الناقدة البناءة، ولأصحابها مقاماً عزيزاً على قلبي بسببها، حتى الأفكار النقدية التي لم أرَ صوابيتها.. إذ يكفيني أن صاحبها قالها لي ليساهم في بناء باقر الإيجابي، وأنه لم يخشَ أن يطرح فكرته ونقده لي.. بمعنى أنني لستُ بعبعاً لا يمكن توصيل الآراء النقدية له.

اقتباس
5- لدى الأستاذ مجموعة طيبة من الشباب المؤمن، فما مدى استفادتهم من فكره وكتاباته؟ وهل سعى لصنع باقرٍ آخر من خلالهم؟.



هذا يمكن الحصول على جوابه من خلال سؤالهم هم.. أما أن أصنع باقراً آخر فوجهة نظري أنني لا أسعى لتكرار نسخة لي حتى ابني.. وإنما يُفترض بي أن أبذل جهوداً لصنع نموذجاً أفضل، ويملك جاذبية أكبر.. ولكني لا أتعامل مع أصحابي كأبناء أو أطفالاً صغاراً أو أنني الملهم لهم وصانعهم لأصنع باقراً آخر منهم.. فهذا منطق التعالي ومنطق الشعور بالتفوق على الآخرين، وهذا منطق محبط للعمل والعياذ بالله، ولا يمكن أن أقبله في نفسي مع أصدقائي..

أما إن كان بقصد الحدب عليهم والتواضع لهم، فهذا واجبي وليس تفضلاً مني عليهم أبداً.

ما علي فعله هو المساعدة، والمناقشة الجادة، وعدم تهيب الحوار.. ولدى الكثيرين منهم استعدادات كبيرة هم يجهدون لتطوير ذاتياتهم والعمل لإبرازها بالطريقة التي يرونها تناسبهم، وليس بالضرورة أن تكون عن طريق الكتابة.. إذ بعضهم له حضور في الانترنت، ويحاور ويناقش.. وبعضهم الآخر في الحوارات الشخصية هنا وهناك.. وهذه الرغبة أتمناها لكل أبناء البلد الواعد، ولذلك طرحتُ العام الماضي فكرة برنامج تدريبي للكتابة وبناء الأفكار، إلا أن معوقات جانبية أعاقت تنفيذها.

اقتباس
6- هل الاختلاف مع الآخرين يُوجب وضع الحواجز والنفرة ؟.



يُفترض ألا يحدث ذلك، لا اختلافك معهم، ولا اختلافهم معك.. ولكن بالتأكيد ما يوجب النفرة هي الأساليب الفظة والتعالي على الآخرين، واتباع أساليب الاختبار، بمعنى أنك عندما تتحاور معهم لا تظهر أنك تختبر جوابهم أو تختبر أساليبهم أو تختبر أخلاقهم، فإذا ما شعر بك أحد وأنت بهذا اسللوك فإنه بالتأكيد سينفر منك..حاور الآخرين على أنك تريد الإفادة منهم، وليس لإبراز عيوبهم وتفوقك عليهم..

نعم قد تكون أحياناً مضطراً من أجل بنائهم، فإن ذلك يكون زيناً لهم وليس شيناً، ودع ذلك لهم.. عندما يطلبون منك، وليس أن تفرضه عليهم..

اقتباس
7- لماذا لا نجد للأستاذ باقر حضوراً واضحاً في أوساط الشباب ، حيث نجد أنه يقتصر في تواجده على شريحة معينة؟.



لا أعرف كيف يريد الشباب أن أكون بينهم.. هل آتي لأفرض نفسي عليهم؟!.. هذا كلام غير منطقي.. هم من يعنيهم أن أكون بينهم أم لا.. وهم لم يقصروا.. إذ كثيراً ما توجه لي الدعوة لمحاضرة أو مشاركة، ولا أذكر أنني تعذرتُ عن ذلك..

وما أحمله من مودة لهؤلاء الشباب هو أنهم إذا ما حضرتُ بينهم أجد علائم الارتياح طافحة فيهم، ما يعني أن لي مكاناً مقبولاً بينهم، وهذا وسام فخرٍ أضعه على عنقي..

أما هؤلاء الشباب الذين يتفضلون بزيارتي فإنما لأنهم ألفوني وألفتهم، كما أن لهم أيضاً أصدقاء آخرين ألفوا بعضاً، وهناك من أصدقائي أمثال الأستاذ الشيخ علي الحجي ألف أناساً وألفهم.. وهكذا الأخ الأستاذ الشيخ صالح الغانم، وهو ما يمكن أن نسميهم خاصة فلان..

الالتزام الذي أنا متقيد به هو أنني عندما يقبل أحد علي، فواجبه علي أن أقبل عليه أكثر مما يتصوره.. ولكن عندما يختار أُلفة أخرى، فلا يحق لي أن أتدخل في اختياره.

اقتباس
8- كتب أستاذنا حول زواج المتعة، فما هي السبل الصحيحة لتطبيقه في أرض الواقع مع وجود الكثير ممن ينفر منه؟.



تطرقتُ إليها في موردٍ آخر، يمكن الرجوع إليه.

اقتباس
9- هل لتعدد الزوجات في واقعنا المعاصر أهمية لدى الأستاذ كما لغيره من الموضوعات؟.



يبدو أن هذا السؤال تحريك شريحة من المجتمع ضدي (للملاطفة فحسب)!!..

ولكن في الواقع نحن لا نستطيع الهروب من المسؤولية الشرعية تجاه هذه المسألة.. في تقرير لجريدة اليوم ذكرت أن عدد العوانس في السعودية بلغن مليوناً، فيما عدد الشعب السعودي بحدود العشرين مليون نسمة.. وهو ليس كله نساءً.. إذ العنوسة تعني المرأة المتأخرة عن الزواج، وتحدد بسن الثلاثين عاماً فما فوق.. بمعنى أن المرأة دون هذا السن لا تعد من العوانس..

فتصور النتيجة على هذه الصورة كيف ستكون.. هل نتصور أن الفتيات اللاتي ابتلين بهذه السمة غير السارة لا يشعرن ولا يتألمن؟!.. هل اشتغلنا لحظة بآلامهن..

عندما يتحدث خطيب في هذه المسألة تجد النساء المتزوجات يتعسكرن ضده!!.. وقد يقاطعنه مستقبلاً، ولكن قد تبتلى هذه المرأة التي قاطعته يوماً بأن ابنتها تأخرت عن الزواج كثيراً، فإذا بها تقبل بابنتها ضرة وزوجة ثانية!!!.. فهل بعد ذلك ستعود لذلك الخطيب!!.

المشكلة في هذا الملف المعقد أن التعاطي معه لا زال بحدية لا تجعل المعالجات له عقلانية.. وبظني أن المسؤولية هي على الطرفين.. فالمرأة إلى الآن لم تجد النموذج المشجع لقبول هذه الفكرة.. فإذا ما تزوج الرجل تجد الأولى أنها أصبحت من الماضي، يهجرها زوجها وقد تكون مسألة طلاقها على طرف لسانه.. فيما الثانية تستبد وتتصور أنها ملكت الدنيا بما فيها!!.. وقد يكون العكس أيضاً.. إذ قد يتزوج الثانية فيشعر بعد ذلك بالندم، فيرجع إلى الأولى ويترك الثانية ويتعامل معها وكأنها عبئاً ثقيلاً عليه.. ناهيك عن أن المرأة أيضاً في غيرتها التي بالغت فيها كثيراً إلى حد المعصية الكبيرة والتي تأتي بآثار خطيرة على الحياة الزوجية وعلى واقع جميع الأطراف..

هذه الصورة قاسية جداً تجعل الجميع غير واضحين في موقفهم من هذه المسألة.

وقد جلسنا كثيراً وكثيراً لنقاش هذه المسألة، ولكن علاجها ليست بيدنا وإنما الجزء الأكبر منها بيد المرأة، وأيضاً على الرجل مسؤولية كبرى في رفع الرعب من الفكرة لدى الزوجة الأولى وأم الزوجة الثانية..

وأتذكر أنني دخلتُ في نقاش مع امرأة بحرانية تعرف نفسها في معرفها بأنها دكتورة في إحدى المواقع في مسألة تعدد الزوجات.. إذ كانت تطرح المسألة من باب معالجة أرامل الحروب والفقر و.. و..
وقالت بأن القرآن يقول(( فإن لم تعدلوا فواحدة))، وفي آية أخرى يقول((وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ))، ما يعني أنها شروط صعبة، فمن يستطيع أن يعدل؟! والقرآن يقولها : ((وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ))، هنا أدع الجواب للمولى الصادق(ع) عن هذا، فلنقرأ جوابه (ع):

((أن هشام بن الحكم سأله ابن أبي العوجاء عن هذه المسألة، فقال له: فأخبرني عن قول اللّه عزّ وجلّ: (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ ألاّتَعْدِلُوا فَواحِدَة) (3) أليس هذا فرض؟ قال هشام: بلى. وقال: فأخبرني عن قوله عزّ وجلّ: (وَلَنْ تَسْتَطيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَميلُوا كُلَّ المَيْلِ فَتَذَرُوها كَالمُعَلَّقَة) (4) فقال ابن أبي العوجاء أيّ حكيم يتكلّم بهذا؟!.

فرحل هشام إلى المدينة، و قصد دار الاِمام الصادق- عليه السّلام-، فقال: « يا هشام في غير وقت حجّ ولا عمرة؟!» قال: نعم- جعلت فداك- لأمر أهمّني. إنّ ابن أبي العوجاء سألني عن مسألة، لم يكن عندي فيها شيء قال: وما هي؟ قال: فأخبره بالقصّة، فقال الإمام: « فأمّا الآية الأولى فهي في النفقة، وأمّا الآية الثانية فإنّما عنت المودّة، فإنّه لا يقدر واحد أن يعدل بين امرأتين في المودّة». فقدم هشام بالجواب وأخبره. قال ابن أبي العوجاء: واللّه ما هذا من عندك. وفي حديث آخر قال: هذا حملته من الحجاز)).

ولو نظرنا إلى واقع المسألة فإن المرأة هي من انقسمت على نفسها في هذا الأمر.. إذ تجد من يرفض الزوجة الثانية أهل الزوجة الأولى.. أمها أخوتها.. أخواتها.. وأن من يقبل بذلك ويفرح له وبه هم أهل الزوجة الثانية.. بل تجد الزوجة الجديدة فرحة بالزواج كما هو فرحة الزوجة الأولى، وهكذا أهلها وأخوتها..

وعلى هذا الانقسام، هل تتأسس الرؤى والقراءات.. بالتأكيد لا.. وأما مساعيَّ في هذا الصدد.. فقد سعينا بما نستطيع، وقد وفقنا بلطف الله، ولعل بعض المؤمنين اطلع على ذلك أو كان ممن سعينا للعمل له، ولكن الأعمال الخيرة هذه ليستْ مما يُتجاهر به أمام الناس لأنه دافعٌ للغرور والرياء والعياذ بالله.. وأتمنى ألا تكون محتاجاً لخدمتي في مثل هذه المسألة، وإنما تجد الطريق سالكة أمامك دون الحاجة إلى مساعٍ لتذليل العقبات من أحد.

10- هل يجد الأستاذ نفسه مطالباً بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مجتمعه؟ وما مدى تطبيقه لذلك الواجب؟ .

ليس هناك من يسقط عنه هذا التكليف الشرعي، ولا أدعي أنني أعمل أو أقوم بكامل واجبي، ولكن اجتهد في ذلك.. وقد ذكرتُ في ميلاد الإمام علي(ع) بعنوان نصيحتي ما يجب على من لديه ملاحظات وإشكالات وشبهات عقدية، ولكني لا أنبش المنكر لأقوم بواجب النهي، وإنما إذا رأيت تجاهراً به فإنني أقوم بواجبي تجاهه، إما بمباشرة النهي عنه أو بالعمل على ذلك.. وقد شهدت محكمة الجفر موقفاً من هذا، عندما قام بعضهم بالتحرش بفتاتين فاعترضناه، فشكانا إلى المحكمة، فظلت القضية بحدود السنة استدعاءات وشكاوي.. حتى اطمأن المدعي بأنه لن يحصل على شيء من شكواه، فترك حضور المحكمة.. وما كنتُ أتمنى ذلك هذه، لأحظى بأجرها كاملة.. وأسأل الله القبول على كل حال.

اقتباس
11- كتب أستاذنا حول التطبير وأسهب كثيراً فيه، فهل يجد أن هذا الموضوع مصيري إلى هذه الدرجة؟ وهل أهميته تفوق كل الموضوعات حتى يتم التركيز عليه بهذه الكتابات؟ ألا يمكن الإكتفاء بحكم السيد القائد وفتاوى المراجع العظام حفظهم الله في هذا المجال؟ هل استطاع أستاذنا أن يغير من نظرة من لايؤمنون بولاية الفقيه ويرى مراجعهم عدم حرمة التطبير؟ ومامدى ذلك التغيير ؟ وكم عدد المتأثرين بكتابات الأستاذ في هذا المجال؟.



كان يفترض أن يُكتفى بذلك، ولكن الإمعان في إثارته كل حين، فهذا السؤال يُفترض أن يوجه إلى من يثيره بمناسبة وبدون مناسبة.. بل يُفترض أن يوجه إلى من يثيره ويسوق الناس للقول والاعتقاد به ولا يفعله هو!!.. مضافاً إلى أنه أصبح من أكثر المسائل التي يشهر بالطائفة بسببه.. مع أن من يقرأ عناوين الكتب التي تفضل بها الأستاذ قميص يوسف لا يرى إلا عنوانين بشأن التطبير.. بل هو بالأساس كتاباً واحداً، والثاني كان بالأساس للتسهيل على الشباب الذين لا يطيقون قراءة كتاباً من 600 صفحة.. وأضيف أيضاً إليها مما لم أذكره في طلب الأستاذ قميص يوسف هو: شهيد ظهر الكوفة.. آية الله السيد محمد باقر الحكيم.. والثاني: دراسة في الغدير.. وكانت مشروعا لمسابقة الغدير، والتي تم إلغاؤها.

أما بالنسبة لتغيير وجهة نظر الآخرين الذين لا يؤمنون بولاية الفقيه في العمل بحكم الحاكم الشرعي الجامع للشرائط، فأنا لا أعمل على هذا، ولم أقم باستطلاع بشأنه، وما يهمني هو الإخلاص في العمل.. وليس علي انتظار النتائج كما قال الإمام الراحل..

والجواب الأخير يشمل الفقرتين من نفس السؤال.

اقتباس
12- ذكر المحقق الكبير السيد جعفر مرتضى العاملي في مقدمة كتابه:" مراسم عاشوراء....شبهات وردود" الكلام التالي:- (إن هذا الكتاب » مراسم عاشوراء « قد جاء جواباً على تلك الأسئلة التي كثرت، وتوالت، ربما لأن البعض لم يزل يحارب هذه المراسم، ويهاجم حتى مواكب اللطم، بشتى الأساليب، ومختلف الوسائل، وهو يصفها باستمرار بأنها من مظاهر الجهل والتخلف.. بل لقد ادعى بعضهم:أن أي شيء يُلحق بالجسد أذى، أو ألماً، فهو حرام شرعاً حرمة ذاتية.. والأدهى والأمر من ذلك: أن ثمة من يحاول أن يدّعي للناس: أن هذا هو نفس ما يقوله سماحة آية الله السيد الخامنه إي[مد ظله]، مع أن ما يقوله سماحته[حفظه الله]في هذا المجال، لا يلتقي مع هذا القول، لامن قريب ولا من بعيد.. إذ أنه [حفظه الله]، لم يمنع من اللطم ـ مهما كان نوعه ـ ولا رأى أنه من موارد الإيذاء للجسد المحرم ذاتاً.. وحتى بالنسبة للتطبير ـ وهو ضرب الرؤوس بالسيوف ـ فإنه حفظه الله لم يقل: إنه حرام ذاتاً وقبيح عقلاً، بل هو قد حرَّمه من حيث أنه موجب لتوهين المذهب في الوقت الراهن.. كما ذكره في إجابة له على استفتاء بتاريخ 24/3/2002م رقم 18046.. فقوله [حفظه الله]: في الوقت الراهن.. ظاهر الدلالة على أنه بصدد تشخيص الحالة الخارجية الموجودة فعلاً، وقد أصدر حكمه المذكور، لا لأجل أن ضرب الرأس حرام ذاتاً، بل من حيث إنه رآه متعنوناً بعنوان ثانوي، هو ما يستلزمه من وهن في المذهب في هذه الأيام. فما يقوله سماحته، يوافق، من حيث مرتكزه، ما يقوله سائر علماء ومراجع الأمة.. وما ورد في هذا الكتاب من نصوص قد جاء ليؤكد صحة ما قاله مراجع الأمة، ومنهم سماحة السيد القائد في هذا الصدد. ويوضح مدى الخطل الذي وقع فيه ذلك البعض، حيث اعتبر: أولاً: أن كل أذى حرام ذاتاً.. وثانياً: أن السيد القائد[حفظه الله] يقول بهذه المقالة.. مع أن الحقيقة هي أنه لا يصح نسبة ذلك إلى فقهاء الأمة، وعلمائها..فلماذا وإلى متى يتم التعاطي مع هذا الأمر بهذه الطريقة؟! ). فما هو رأي الأستاذ باقر في هذا الكلام ؟ وما رأيه في الكتاب ككل؟ ملحوظة: أحب أن أذكِّر أستاذنا الكبير بأن معظم ماذكره الشيخ عبدالرؤوف القرقوش تلك الليلة التي انزعج منها كثيراً أستاذنا ، موجود في الكتاب الآنف الذكر، فلقد قرأتُ كتاب السيد جعفر قبل حضور المحاضرة واستشفِّيتُ ذلك.



ألا تلاحظ أن كثرة الأسئلة المتعلقة بالتطبير تدل على أنهم يشاركونني بدرجة ما في أهمية معالجة المسألة؟!..

وأما عبارة: فإنه حفظه الله لم يقل: إنه حرام ذاتاً وقبيح عقلاً.

فجوابه من كلام السيد نفسه: ((وفي الحقيقة أنني كلّما فكّرت وجدت بأنه لا بدّ أن احذّر أبناء شعبنا العزيز من هذه الظاهرة التي هي في الواقع بدعة وخلاف لتعاليم الدين ليكُفّوا عن هذا العمل))، وقال في ذات الخطاب: ((فإن هذا العمل يعتبر خلافاً بلا ريب ولا يرضى عنه الإمام الحسين(عليه السلام)، ولا أدري من أين نشأت هذه الأعمال التي جاؤوا بها إلى مجتمعاتنا الإسلامية)).

فهل هذا الكلام يستبعد القبح العقلي في العملية؟!.. اكتفي بهذا النص..

وهذا الكتاب ألفه للرد على السيد فضل الله في موقفه من التطبير، على أنه حرمه على أن حرمته ذاتاً، وهذا يتجاوز حدود الانفتاح العلمي.. فليس صحيحاً أن يكون ملاك الرد عليه لمجرد تفرده بالرأي.. في حين أن السيد الخوئي تفرد بآراء كثيرة، فالسيد محسن الأمين كان يرى أيضاً الحرمة فيه ذاتاً، ولم نرَ سماحة السيد جعفر حفظه الله تعالى رد عليه..

أما الفتوى التي ذكرها السيد جعفر مرتضى العاملي فهي أولاً للمكتب في سعيهم لتخفيف ردة فعل البعض، مضافاً إلى أنها تحكي طبيعة الحكم.. إذ أن طبيعة الحكم هو المؤقت.. فقد يعتبر القائد الحكم في رأيه لحرمة ذاتية، ولكنه كحكم لا يأخذ صفته الدائمية، كما هو حكم السيد محمد حسن الشيرازي(قده) في التنباك.. فإذن عندما قال بالوقت الراهن، فذلك يعني حكمه.. أي أن حكمه الملزم للآخرين ما دام هو على طبيعته هذا، ولكن هذا لا يعني أنه لا يرى فيه قبحاً ذاتياً.. وقد قرأنا عبارته فيه.

والكتاب بمجمله لا يناسب الأسلوب والطريقة العلمية التي عهدناها منه في دراساته المعمقة والفذة.. إذ يغلب عليه الحماسة والانفعال.

اقتباس
13- أين يجد الأستاذ باقر نفسه في مجال التحقيق؟.



أعمل على أن أكون مفيداً.. وأجد نفسي هناك في غاية الراحة والسعادة.. حيث أنني أجتهد للوصول إلى قناعة حقيقية.. عندها أرضى عن قناعتي؛ لأنها تولدت عن بحث وتحقيق.

وهي في ثلاثة موارد، التاريخ والعقائد، والقضايا الفكرية التي تشغل الناس.

اقتباس
14- نفى الأستاذ باقر الرستم في كتابه :" كربلاء ثورة الوعي وصناة التاريخ" حضور السيدة ليلى أم الأكبر في كربلاء ، فيا تُرى ماهو رأيه فيما كتبه السيد جعفر مرتضى العاملي في كتابه:" كربلاء فوق الشبهات" والذي يقول في بدايته: 11

1ـ إن الهدف من هذا الكتاب هو إلقاء الضوء على مدى صحة الأدلة والشواهد التي وردت في كتاب "الملحمة الحسينية" المجموع من خطب وكتابات للعلامة الشهيد مطهري رحمه الله، والتي تحدثت عن وجود خرافات وأكاذيب في تاريخ الحركة الجهادية المباركة للإمام الحسين عليه السلام، وتبيان أن أكثر ما ذكروه لا يدخل في دائرة الأسطورة، أو الخرافة، أو الأكذوبة.

2ـ لقد تم التركيز على قضية حضور ليلى في كربلاء وإثبات عدم صحة ما ذكروه سنداً ومعتمداً في ادعائهم أن حضورها يدخل في دائرة الكذب، أو الأسطورة.

3ـ لو سلمنا أن البحث في قضية حضور ليلى في كربلاء، ليس بذي قيمة في حد ذاته إذ أن القيمة إنما تكمن فيما تجسده من عِبرة، أو تثيره من عَبرة، وتصب في حفظ أهداف حركة الإمام الحسين الجهادية.
ومن هنا فإننا تصدينا لبحث هذه القضية بالذات إنما هو لأجل أنها أصبحت تمثل مدخلاً للطعن في قضايا عاشوراء، فأردنا إسقاط العنوان العريض المتجسد بها، أعني به عنوان: "الأكذوبة والأسطورة"!. نعم لقد حاول البعض أن يجعل منها مدخلاً للطعن في صدقية أحداث كربلاء، ومدخلا للبعض، للتشكيك والهجوم الشرس على كل ما يورده قراء العزاء من أحداث كربلائية، وما يعرضونه من مواقف الجهاد والتضحية والفداء.

4ـ قد تحدثنا أيضاً عن مدى إمكانية الإعتماد على كتاب "الملحمة الحسينية" المجموع من كتابات ومحاضرات للشهيد العلامة المطهري، ومدى إمكانية نسبة ما في الكتاب المذكور من آراء الى ذلك الشهيد السعيد ، وماهو رأيه في الكتاب ككل؟ .



بالنسبة لنسبة الكتاب للشهيد المطهري فأنا أسلم به وأرى أنها له.. فنفس الشهيد المطهري في كتاب الملحمة واضحٌ، ولعل من رفض نسبته إما أنه بنية أن الكتاب سُبَّةً، فيريد بذلك النفي رفع السبة عنه، أو أنه لم يتعرف بعدُ على أسلوب الشهيد المطهري في الكتابة والمحاضرة، أما إن كان لديه وقائع عملية يثبت هذا فهذا أمر آخر، وقد يكون ذلك صحيحاً، ولكني لم أحصل على شيئٍ من هذا، إلا أنه يظل أسلوب الشهيد المطهري في كتاب الملحمة واضحاً.. فإن كان هناك إشكالاً في هذا النحو فنتمنى مناقشة هذا الأسلوب الذي هو أسلوب الشهيد مطهري.. فمن حاكى هذا الأسلوب؟!.

وفي الحقيقة أن العلامة السيد جعفر مرتضى لم يكن موفقاً في تأليف هذا الكتاب(( كربلاء فوق الشبهات)).. وهنا أنقل العبارة من كتاب كربلاء ثورة الوعي وصناعة التاريخ في مناقشة رأيه: ((ذكر المحقق العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي مجموعة من المبررات التي تجعله يتبنى حضورها ، إلا أنها مبررات غير علمية ، ويمكن بالسهولة دحضها ، فهو يقول(( إن من يريد نفي وجود شيءٍ ما ، فلا بد أن يقرأ جميع كتب التاريخ ، بل كل كتاب يمكن أن يشير إلى الأمر الذي هو محط النظر)) ثم يقول (( كما أن حضور ليلى في كربلاء لا يختص بكتب التاريخ، فقد تشير إلى ذلك أيضاً كتب الأنساب، والجغرافيا، والحديث والتراجم وكتب الأدب، وما إلى ذلك…)) ، ثم يعلق على ما نُسب إلى الشهيد مطهري من نفيه لوجود ليلى بقوله (( وهل قرأ رحمه الله كل هذا الكم الهائل من هذه الأنواع المختلفة من كتب التراث، المخطوط منها والمطبوع، حتى جاز له أن يصدر هذا الحكم القاطع بنفي حصول هذا الأمر من الأساس )) ثم بعد أن قال((وقد تجد ذكراً للكثير من المصادر التي كانت متداولة في أيدي المؤلفين والمصنفين الذين سبقونا، وقد نقلوا لنا عنها أشياء لم تذكر فيما وصل إلينا ونتداوله نحن من مؤلفات القدماء، وقد أشار بعضهم– كصاحب البحار وسواه– إلى العديد منها، ونقلوا عنها الكثير، لكنها قد تلفت قبل أن تصل إلينا))، ثم يعقب بقوله: (( وهل يصح للشهيد مطهري وسواه: أن ينفي أمراً يُحتمل أن يكون ناقله قد أخذه من مصادر لم تصل إلينا– وما أكثرها ؟! ))، وبعد عدة أسطر كمقدمة يقول (( فهل يصلح لأحد بعد هذا أن يبادر إلى نفي قضية ما لمجرد أنه لم يجدها في عدد يسير من كتب التاريخ التي راجعها ذكراً لما يبحث له عن ذكرٍ أو سند ؟! ))، ثم يشير إلى مسألة ضياع الكثير من الكتب أو حرقها أو تحريفها، حيث ضاعت فيها الكثير من الحقائق، ثم أنه لا يمكننا نفي قضية ما لمجرد وجودها في كتاب مليء بالكذب والتزوير، ثم يتوجه إلى تحليل الحادثة ليقول (( لم نسمع أي شيء عن ليلى مما يدخل في دائرة الخيال المحض، لا بالنسبة لليلى وهي في فسطاطها، ولا بالنسة لها حين كانت تلاحظ ولدها من بعيد في ساعة الوغى )) .

وتأخذ مناقشته وردوده صفحات كثيرة من كتابه، هي من صفحة 106 إلى صفحة 130 لينقل قصة ليلى والأكبر من كتاب إكسير العبادات في أسرار الشهادات للفاضل الدربندي، دون أن يشير إلى أيٍ من تلك المصادر الأخرى التي من الممكن أن تكون قد تعرضت إلى حضور أم الأكبر.. مع ملاحظة أن قراءتنا وقبولنا ونفينا لواقعة ليس بناءً لما نفترض وجوده في مصادر لم تصل إلينا، وإنما لوجود شاهدٍ له قيمته على ذلك، فيما قيمة هذا المصدر الذي ركن عليه لإثبات حضور ليلى لا قيمة له عند العلماء، وهو لا يختلف عند العلماء عن كتاب(( بيان الأئمة)) الذي رد عليه هو بنفسه مع احترامه للفاضل الذي رد عليه، ونحن نكن له كل احترامٍ وإجلالٍ، ولكن المسؤولية الأخلاقية حين الحديث عن هذه المسألة أن نقف موقفه ذاته في شأن كتاب بيان الأئمة.

بالنسبة لكتاب إكسير العبادات للفاضل الدربندي عند المحدث العلامة الشيخ حسين النوري وهو المحدث الخبير بالأخبار والحوادث التاريخية هو كما جاء في كتابه اللؤلوء والمرجان: (( وفد يوماً سيد خطيب عربي من الحلة إلى كربلاء، وقدم للشيخ عبدالحسين الطهراني مخطوطات قديمة، ورثها عن أبيه، بقلم أحد علماء جبل عامل، تتضمن روايات عن حياة أهل البيت ومصائبهم، وبعد أن اطلع عليها الشيخ وجد فيها كثيراً من الأكاذيب الواضحة والأخبار الواهية، لذلك نهى السيد العربي عن نقلها، لكن يبدو أنها وقعت في يد الفاضل الدربندي الذي كان يسكن العتبات العاليات آنذاك، وكان مشغولاً بتدوين أسرار الشهادة، فنقل تلك الروايات وأضاف إليها من عنده، وزاد على أخباره الواهية المجهولة، وفتح باب الطعن على مخالفيه والسخرية منهم والاستهزاء بهم على مصراعيه، ووصل به الأمر حيث عد جيش الكوفة ستمائة ألف راكب ومليوني راجل، وهيأ بذلك ميداناً وسيعاً للخطباء، لا يضيق بهم مهما صالوا وجالوا فيه، ومادة غزيرة لا ينتهي بها الافتراء على العظماء، وحجتهم أن الفاضل الدربندي قال كذا)).. ولا حاجة للتعليق على هذا الكتاب بعد تعليق المحدث الشيخ النوري عليه.

وأما رواية حضور ليلى أم الأكبر فأنقل أولاً رأي المحدث المحقق الشيخ عباس القمي في كتابه(( نفس المهموم في مصيبة سيدنا الحسين المظلوم: (( وأما أمه- أي أم الأكبر- هل كانت في كربلاء أم لا؟ لم أظفر بشيء من ذلك والله العالم))ص286..

وقال العلامة الأستاذ السيد عبدالرزاق المقرم: (( ولم يظهر لنا سنة وفاتها ولا مقدار عمرها، ولا حضورها في مشهد الطف، وإن نسبه((الدربندي)) في أسرار الشهادة إلى بعض المؤلفات المجهول صاحبها مع أن المؤرخين أجمع أهملوا ذكرها، ولعلها متوفاة قبل الطف.

وقال الشيخ الجليل المحدث الشيخ عباس القمي في نفس المهموم ص167_حسب النسخة التي عنده- (( لم أظفر بشيء ))، وناهيك بهذا المحدث الخبير المدقق، فإن عدم عثوره على مجيئها إلى الطف فيه قناعة لمن يتطلب الوقوف على حقائق التاريخ)) علي الأكبر ص15.

واكتفي بهذا..

اقتباس
15- ماهو رأي الأستاذ باقر الرستم في كتاب:" مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة" والذي شارك في تأليفه مجموعة من المحققين والفضلاء ؟ وهل له مكان في مكتبة الأستاذ؟.



هو جهد كبير وجبار، ولكن ذلك لا يعني التسليم بكل ما جاء فيه..

اقتباس
16- لدى البعض طموح كبير لأن يكون لمجتمعنا قيادة حكيمة يمكن الاعتماد عليها في كثير من الأمور وتكون مسموعة الكلمة، فهل تلك القيادة موجودة في مجتمعنا أم لا؟.



التشخيص في هذه المسألة نسبي، والتعاطي معها أيضاً نسبي، فقد ترى هذه الشخصية هي الأنسب، ولكن الآخرون قد لا يرون هذا الرأي، فيما نحن لسنا بين خيارين، إما التيه أو القيادة الحكيمة، إذ نحن لو لم تتوفر لنا الحكمة بتمامها في أي شخصية قيادية.. سواء كانت اجتماعية أو دينية علينا أن نساعدها في معالجة أي قضية تمس واقعنا.. لا أن نقف جانباً نتحين قصورها أو تقصيرها للانتقاص منها والتشهير بها.. فهذا يخالف التكليف الشرعي، وهو حرام شرعاً..

اقتباس
17- الكثير منا سمع بإدارة المشاريع ، فيا تُرى هل ستكون لأستاذنا باقر يد فيها أو دور؟ وماهو ذلك الدور– إن وُجد - ؟ .



هي ليس لها هذه السمة، وإنما هو منتدى شبابي يعمل لمعالجة المشاكل التي يمكن معالجتها من قبله، وليس أن يحل محل الجهات الرسمية.. فمثلاً مشكلة التوفيق بين المؤمنين لا يحتاج إلى جهة رسمية لذلك، كما أن إدارة الاحتفالات لا تحتاج إلى إدارة رسمية لإدارته..

أما حضوري في العمل الاجتماعي فهو بقدر ما تسمح به ظروفي وما أشعر بأنه مسؤولية شرعية وأخلاقية.. وألا يتعارض ذلك مع خدمتي في الكتابة والتأليف.. فذلك الهم الذي لا أرى نفسي تنفك عنه.

اقتباس
18- كان للأستاذ عضوية أساسية– بل إدارية - في ملتقى الشباب الثقافي، فأين ذهبت تلك العضوية؟ وما هو السبب – إن أمكن - ؟.



لم تكن لي عضوية في ملتقى الشباب مطلقاً.. وإنما كان بعض الأخوة طرح اسمي فيه كواجهة اجتماعية، وكشخصية يستفاد منه في إبداء الرأي والنصيحة، وكان أيضاً طرح بعض الأسماء، إلا أنني رفضتُ ذلك.. وأتذكر في هذا الشأن أن بعض الأخوة جاءني ليطرح علي فكرة من هذا النوع قبل أكثر من عشر سنوات، وذلك عندما رأى مجموعة من الشباب يجلسون كجلسة منتدى السهلة الأدبي.. فقلتُ له بأن ذلك شأنهم، ولا أرى أن في ذلك مشكلة أبداً.. بل أنا من جهتي أشجع عليه؛ وذلك لأن فلان قد لا يرى أنه يتمكن من طرح رأيه بحرية وصراحة وجرأة في وجود باقر.. فلماذا يلزم نفسه بوجود باقر.. ذهب عني.. وبعد فترة سمعت بهذا الملتقى..

 

 

باقر الرستم غير متصل  
قديم 18-04-2010, 01:07 PM   رقم المشاركة : 76
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

اقتباس
أحمدي نجاد:

شكرا للاستاذ القدير : قميص يوسف على هذه الفكرة .. والشكر موصول للأستاذ باقر .

س 1 : ماهي نظرت الإمام الخميني ( رحمه الله ) في الوحدة الاسلامية ؟ وكيف نطبق مبدأ الوحدة عمليا ونظريا سواء كان مقروءا أو مسموعا ( في القراطيس أو المنتديات أو الفضائيات ) خصوصا نحن نعيش في مجتمع خليط بالمذاهب المتعددة ؟



تناولت هذه المسألة في سؤال سابق.. يمكن الرجوع إليه..

اقتباس
س 2 : ماهو القرار الذي اتخذته في حياتك بسرعه وندمت على اتخاذه ؟ والعكس .



القرار الذي اتخذته بسرعة وندمتُ عليه هو الجواب بسرعة، وأما العكس فلا أعلم ما مقصوده.. هل القرار البطيء وندمتُ عليه، أم القرار السريع وفرحتُ به.. وعلى كل حال سأجيب على الاحتمالين:
القرار البطيء الذي ندمتُ عليه: فكرة شراء البيت، تريثت كثيراً.. إذ استشرتُ واستشرتُ واستشرتُ.. حتى ضاعت فرص كلفني ضياعها الكثير من الأسف والخسارات..

القرار السريع الذي فرحتُ به: فكرة شراء أرض للبناء والسكن.. إذ كان قراري بشأنها سريعاً وأرى أنه من انجح القرارات التي وفقتُ بلطف الله ومنِّه إليه.

 

 

باقر الرستم غير متصل  
قديم 18-04-2010, 01:15 PM   رقم المشاركة : 77
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

اقتباس
عاشق الشهادة:

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

الأستاذ العزيز: باقر تحية طيبة لك، وللأستاذ قميص يوسف على هذا اللقاء الطيب ولدي بعض الأسئلة وهي كالتالي:

1- شهدت مدينة القطيف خلال الأيام الماضية (ماراثون نسائي) شارك فيه المئات من النساء (كما يذكر) وكانت هذه الفعاليات بين مؤيد ومعارض، ورأى بعض المؤيدين أن حدوث مثل هذه الفعاليات هو نوع من إنتصار المرأة على الهيمنة الذكورية، أو أنها جاءت كرد فعل لواقع المرأة المهمش وغير ذلك ، بل ووصف بعضهم من عارض ذلك ( بطالبان الشيعة ) رغم أن معارضتهم كانت تحت عنوان درء المفاسد والحفاظ على صون المرأة ورفض السفور:

أ‌- ما رأي الأستاذ باقر في هذه الفعاليات وما أثرها سلبا أو إيجابا على مجتمعنا المحافظ؟.



أنا شخصياً لستُ مع الفكرة؛ لغياب الرؤية للخطوة، وماذا يراد منها، وما هي الخيارات البديلة التي تم تداولها ولم تكن تستحق النظر.. لأن المسألة هنا إخراج المرأة من بيتها!!.. لماذا وما وراء ذلك ومن ورائها.. بالنسبة لي أتحفظ على هذه الخطوة.

اقتباس
ب‌- ما موقف الأستاذ من رأي المؤيدين، وهل واقع المرأة فعلا مهمش في مجتمعاتنا؟



هم معنيون بتقديم المبررات المقبولة شرعاً وأخلاقاً، خاصة وأن عنوانها مريض وغير أخلاقي، وهو انتصار المرأة على الهيمنة الذكورية!!.. أي تمرد المرأة على الهيمنة الذكورية.. فهل هذا هو المشروع الذي تُدفع المرأة للخروج من بيتها لأجله؟!.. بالتأكيد أنا لا أرى هذا صحيحاً، وحتى الطلبة الذين قاموا به لا يعون تداعيات المسألة على المرأة والأسرة.

اقتباس
ج- وما موقفكم من هذه التسمية (طالبان الشيعة) التي أطلقها أحد الكتاب على معارضي الماراثون النسائي.



هذا منطق التنويريين في إقصاء الآخر.. المجتمع ليس لهم، وليس لأحدٍ.. القيام بمبادرات مباشرة لتحريك المجتمع بالاتجاهات الحادة في مواجهة العفة والحشمة هو دلالة على إفلاس وليس تنوير.. نحن نريد أن نساهم في تحرير المرأة والرجل من التعامل مع بعضهما على أساس فكر هيمنة القوي منهما على الآخر، ولكن ليس لإيجاد أجواء تمرد ومواجهة.

اقتباس
2- نسمع في الفترة الأخيرة عدم وضوح مفهوم الوحدة الإسلامية عند الكثير ، وأصبح ينادي البعض بالدعوة إلى التعايش لا الوحدة حيث أن بعضهم يقول أن الوحدة حاصلة أصلا ، فلا معنى للمناداة بالوحدة الإسلامية وفريق آخر يقول أصلا لا وحدة بيننا وبين من نختلف معهم ولكن كلاهما يقولان ما يجب أن يكون بيننا وبينهم هو التعايش:

أ‌- مالفرق بين مفهوم الوحدة ومفهوم التعايش؟ .

ب‌- ما هو مفهوم الوحدة الإسلامية كما يريدها الإمام الخميني(أعلى الله مقامه) حينما نادى بها وجعل لها أسبوعا سماه أسبوع الوحدة الإسلامية؟.


التعايش هو التسليم بالأمر الواقع، دون أن يعني أن مشكلة أي من أطراف التعايش تعني الأطراف الأخرى، وأما الوحدة الإسلامية فتعني الإيمان بالمصير المشترك، وصناعة الواقع والأمة والحاضر والمستقبل.

اقتباس
ج- هل وفت واستجابت منطقتنا بهذا النداء أم لا ؟ وما نتائجها إن إستجابت، وإن لم تستجب فما هو السبب في نظركم ؟.


نعم وفت ونتائجها أنها أطفأت نار الفتنة في العراق ولبنان.. وأما المواقع التي لم تحظَ بحضورها فتلك التي لم يعِ أهلها آثارها الإيجابية عليهم، وسبب ذلك تأثيرات خطاب الفتنة، وضعف العرض والقراءة في تقديم الرؤية ومعالجة الإشكاليات الواردة عليها.. مع ملاحظة أن المتطرفين من أي اتجاه ليس في حسابهم أي خطابٍ توافقيٍ أو وحدويٍ أو حتى على الأقل تخفيف حدة التوتر بين أبناء المجتمع الواحد والمتنوعين في انتمائهم.

ولو قرأنا الصورة للحجاج وهم يرفعون صوتاً واحداً (( لبيك اللهم لبيك)) ونفرتهم وأدائهم لكامل مناسك الحج، لعرفنا حقاً قيمة هذه المشاهد الكبيرة وذات القيمة.. في لبنان لم يطرد إسرائيل من لبنان الشيعة وحدهم، وإنما كان السنة أيضاً معهم، وإن كانت لهم حصة الأسد، وهكذا يُفترض أن يكونوا في مواطن الدفاع عن الأمة.. وقد جسدوا صوراً رائعة في ذلك..

بعضهم لم يلتفت إلى دور القيادات السنية في لبنان في إخماد نار الفتنة، والتي لولا الله سبحانه وتعالى وما قام به أولئك من جهودٍ مضنية في وأد نار الفتنة لم يستطع المدافعون عن لبنان من كسر شوكة إسرائيل.. إذ هم الجبهة الخلفية التي لم يستطع المقاومون أن يستمروا لولا تلك الجبهة الخلفية المتماسكة.. بل حتى المسيحيون، وقد نُقل عن السيد نصر الله امتنانه الحار والكبير لصمود المسيحي ميشيل عون في تلك الحرب، وعدم خذلانه المقاومة في تلك الظروف.. فإذن تأمين الجبهة الخلفية كان مهماً بحجم أهمية تأمين الأمامية، وهكذا أيضاً في أفغانستان، إذ أن الشيعة والسنة هم من كسروا شوكة الاتحاد السوفيتي، ولنرى ماذا أفرزت حال التشتت والتفرق الذي تعيشه أفغانستان الآن، وأما إذا لم تستجب، فلا أظن أن أحدنا يتوق لمشاهد الدم في الصومال وأفغانستان والجزائر.. لأن مشروع تصفية الحسابات بالسلاح تعني الموت للجميع، وأن المنطق يفرض أن نؤمن بحق كل جهة بالتزامها بأخلاقها وقيمها وهويتها وانتمائها..

ويذكرني هذا بكلمة لجنرال روسي ساهم في توقيع اتفاقية بين الرئيس الانتقالي للشيشان الراحل مشهادوف وبين روسيا الاتحادية، حيث قال: الحرب يشعلها أحمق، ويتعب عشرات الحكماء في إطفائها.. فجديرُ بأمة بحجم أمتنا ألا تدع الحمقى يقررون مصيرها.. إذ أن الحروب الأهلية والطائفية ليست مشروعاً للعقلاء.. فلا بد أن تكون إذن نتيجة تصرفات الحمقى.

اقتباس
3- ما رأيكم من الدعوة لإبرام وثيقة التعايش بين الشيعة والسلفية كما ينادي بها البعض، وهل تتوقع لها أن تتم؟.



قضى الله أن نكون في بلد واحدٍ.. وأحياناً في قرية واحدةٍ.. وأحياناً في حي واحدٍ وأحياناً جيراناً.. وفي الحياة العملية يقوم الشيعي في وظيفته بإنهاء إجراء معاملة السلفي، وهكذا السلفي يفعل ذلك.. وفي الحج نؤدي مناسكاً واحدةً وبعنوانٍ واحد.. وهكذا هي طبيعة من يعيشون هذا التنوع في بلدٍ واحدٍ وبدينٍ واحدٍ، ليس أمامهم من خيار إلا التعايش، وهذا ما يفرض تلك الصيغة، بل يُفترض أن تكون موجودة من غير صياغتها أو الحديث عنها.. لأن البدائل تعني القطيعة المسببة للعداوة وتصيد الأخطاء وتوارث العداوات والأحقاد بين أبناء البلد الواحد، وهو ما يتولد عنه الفوضى التي لا يقبل بها أحدٌ، ولا يوجد من هو مستعد لتحمل تبعاتها.. ولكن لن تكون هذه الصيغة ذات قيمة ما لم تأخذ في نظر الاعتبار الاحترام المتبادل، وعدم إحساس أي طرفٍ منهما بالغبن.

نحن عشنا إلى جانب بعضنا من دون وثيقة سنوات طويلة، ولا زلنا نتذكر تلك الأيام، ولا زلنا نتأسف عليها، وما زلنا نتمناها في أفضل مما كانت عليه.

ولصياغة هذا النوع من الوثائق ذات الصلة بالحياة الاجتماعية والعامة للناس يُفترض أن يتصدى لإدارتها القيادات الاجتماعية والدينية التي تتصدر هذا الانتماء أو ذاك، وحسب ما يجري في الساحة يبدو أن ذلك هو الجاري حالياً، ونأمل أن تكون جهوداً مكللة بالنجاح إذا ما توافرت النية الصادقة والرغبة الحقيقية.

 

 

باقر الرستم غير متصل  
قديم 18-04-2010, 01:27 PM   رقم المشاركة : 78
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

اقتباس
الروح المجرد:

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله

نشكر الإدارة الكريمة على إستضافتهم للشخصية المميزة والراقية الأستاذ باقر رستم حفظه الله، ولا شك أننا سنستفيد من أطروحاته وآرائه التي نتعطش لها في أيامنا هذه التي بات فيها العلم والمعرفة وطلب الحق منبوذ عند الكثير.

1- ما هو سبيل نشر التشيع في بلاد الغرب التي يختلف واقعها عن واقع البلاد العربية والإسلامية؟ هل ترون صحة الاندماج بالثقافة الغربية لكي تصل الرسالة بلغتهم أم يجب علينا الحفاظ على الطريقة التقليدية الموروثة في بلادنا العربية والتي لا تتلاءم وثقافة وتقاليد البلاد الأخرى؟.



لنشر أي عقيدة أو مفهومٍ ثقافي يُفترض أن يكون قد أخذ في تخلُّقه ليس فقط في تبيان مواطن ضعف الكائن العقائدي الموجود والمستهدف بتلك العقيدة كبديل وإخفاقاته، وإنما آخذاً في الاعتبار أيضاً أن يكون لدى الناس البديل الأنجع الذي يصوغ له الفكر الأفضل، والمنطق الأروع، والواقع الأكثر تقدمية ومقبولية لديه من الواقع الذي ألفه أو وجد نفسه فيه يوم أن جاء إلى الدنيا..

والإسلام لا يعني أنه عندما يُسلِم ثلة من شباب أوروبا يلبسون ثيابنا، ويتكلمون بطريقتنا ولهجتنا، وبشأننا نحن، لمجرد أن الإسلام انطلق من هنا، وإنما أن يعيشوا واقعهم ويلبسون ثيابهم ما لم تكن مخالفة للذوق العام، وأن يتكلمون لغتهم وبطريقتهم ولهجاتهم، وأن يتحدثوا في شأنهم، دون أن يعني ذلك تجاهل الواقع الإسلامي وقضايا المظلومين سواء في الشرق الأوسط أو الأدنى أو الأقصى، كما هو اهتمام المسلمين في الشرق الأوسط بأوضاع المسلمين في البوسنة والهرسك وألبانيا والإيغور الصينيين وسبته ومليلة.. ليس فقط امتثالاً لقول النبي(ص): من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، وإنما أيضاً لأن هذه المسألة إنسانية وأخلاقية، ولا تحتاج إلى توصية للاهتمام بها..

واجبهم والتزامهم هو أن يكون عندهم التزاماً أخلاقياً وإنسانياً، وذلك ما يتوافق وما تفرضه الشريعة، وتحث عليه.

ولو غاب عنا النموذج الذي يمثل هذه الرؤية لقلنا بأننا نتكلم عن منطق نظري تغيب عنه الواقعية، إلا أن ما لدينا من نموذج رائع هو ما قدمه الأستاذ المفكر الشهيد آية الله السيد محمد باقر الصدر الذي جاء بحثاً عنه للتواصل معه ما يمثل العقلية الغربية الناضجة حينها، وهو المفكر الفرنسي المسلم لاحقاً روجيه غارودي، والذي جاء إلى العراق للسؤال عن ((الشيخ)) محمد باقر الصدر، وقد تم تضليله كي لا يلتقي به.. وكذلك استطاع أن يغزوا المجتمعات الإسلامية المغلقة جداً.. ليمثل النموذج القادر على اختراق أي منظومة فكرية مغلقة غاية في الإغلاق.

والانتشار الكبير للإسلام في أوروبا الآن يدل على أن الإسلام قادر على اختراق التابوهات المغلقة وحتى الحملة الشرسة تحت عنوان (( إسلام فوبيا))، وما يغذي ذلك من حماقات وممارسات إرهابية لبعض المحسوبين على الإسلام، مع القصور الشديد في أداء الرسالة التبليغية للإسلام وفقدانها روح الدعوة الراشدة والإبداعية الفذة، وفي ظل ممارسات ساذجة أو غبية في تشكيل المظاهر الإسلامية الغافلة عن المسؤولية الأخلاقية والشرعية في عدم الظهور بمظهرٍ يكون وسيلة للتخويف من الإسلام.

فإذن ما دام الإسلام أنتج الشهيد الصدر الذي كان فيلسوفاً بحجم روجيه غارودي يحج إليه، وهكذا الكثيرون من العلماء والأساتذة والمفكرين الذين يؤدن رسالتهم بمنطق دعوي راشد ومتميز.

فلنلفت إلى النموذج الذي شكله الشهيد الصدر والشهيد مطهري، ونظرائهم من الأساتذة المفكرين العاملين في حقل الدعوة للإسلام.

ولذلك علينا أن نقرأ العناصر التي اعتمدها الشهيد الصدر في عمله الرسالي والتبليغي.. إنه كما قلنا يدرس الظاهرة ومدى ما تشكله من مساءلة وخطابٍ متعدد الأوجه والحراك.. ليأتي ليس فقط إلى النص، وإنما إلى استيعاب المفهوم الإسلامي في صياغة العقل الراشد والمنسجم مع منشود الفطرة وآليات الإيمان والقناعة التي تقبلها وتعتمدها وتعترف بها.. ومن هناك ينطلق إلى النصوص ليولد من خلال مقاربات ذكية وفذة تمكن بها من أن يكون النموذج القادر على الوصول إلى كل المناخات المختلفة.. حتى المعادية.

اقتباس
2- لا شك أن طريقة فهم الحركة الحسينية والحركة المهدوية تكون نابعة عن مجموعة اعتقادات مسبقة تتعلق بالرؤية الكونية لدى الفرد، ومن البديهي وجود آراء وأفكار مختلفة لدى علماء الشيعة أنفسهم حول حقيقة هذه الحركات المقدسة، فيكون بناء الايديولوجية حسب تلك الرؤية مبايناً من رأيٍ إلى رأي. فما هي نظرتكم للحركة والثروة الحسينية والمهدوية؟ وما هو واجبنا تجاه حمل هذه المسؤولية والعمل على استمراريتها؟.



الحركة الحسينية ذات امتدادٍ لا يتوقف ولا يهدأ.. هكذا طبيعتها.. وجمهورها هم الذين يحملون في طبيعتهم المنطق الحسيني والفهم الحسيني والخيار الحسيني.. وهو دائم الحركة والفاعلية وصناعة الإنسان الحسيني ما دام هناك حركة خاتمة معنية بإنجاز المهمة التي تنهي حالة المعاناة لدى الإنسان المضطهد والمظلوم، وتمكنه من وراثة الأرض..

وأما واجبنا.. فهو أن ألا نكون العائق الذي يترجم ذلك المشروع إلى واقع.. أي أن نجتهد في استقامتنا، فكل واحد منا معني بأن يكون عنصراً صالحاً.. يصلح أن يكون في دولة القائم.. صالحاً في نشر ثقافة أهلها.. ليكون منجزاً حسينياً صانعاً في عصر الظهور والواقع المنشود الذي وعدنا به الحق تعالى على يدي إمام الزمان(ع)..

 

 

باقر الرستم غير متصل  
قديم 18-04-2010, 01:51 PM   رقم المشاركة : 79
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

اقتباس
الفجر الجديد..

تحيةً معطّرة إلى الأخ قميص يوسف في استضافته أخنا الأستاذ باقر وفقّه الله تعالى .

لي عددٌ من الأسئلة وقد أشار لها بعض الأخوة الأعزّاء ضمن أسئلتهم لذا سأكتفي بما يلي :

1- من يكتبون كثرٌ في مجالات شتّى, ولكن الكتابة التأليفية- إن صحّ التعبير- ذات لغة، وأدوات خاصة, فهلاّ أطلعتنا على أهمّ هذه الأدوات؟ وماذا يجب على الكاتب أن يستحضره للبدء في مشروع كتابة كتاب؟.



قد لا أستطيع حصرها، ولكن يمكنني إجمال ما أعرفه مفيداً في هذا الشأن:

أولاً: لا يمكن أن تكون كاتباً قبل أن تكون قارئا.. وفي قراءتك يُفترض بك أن تكون ملتفتاً إلى أداء الكاتب الذي تقرأ له في طريقة صياغة مفردته.. في طريقة عرض مادته.. مع ملاحظة النَّفَس الذي تحتاجه الفكرة لكي تتمكن من إشباعها عرضاً وقراءةً..

ثانياً: أن تقرأ الشريحة التي تعنيها بكتابتك، وتنظر إلى لون الكتابة والمفردة التي تحتاجه لكي تصل فكرتك وافية بالمطلوب، وكما تريدها.

ثالثاً: أن تعمل على مشاركة القارئ في عقله.. بل حتى في صياغته، ما يجعله ليس فقط طرفاً إيجابياً لصالح فكرتك، وإنما أيضاً داعياً إليها بنفس قناعتك، وتحفزه لتطوير أدائه ليكون إضافة جديدةً في مشروعك، ومشروع قراءتك.

رابعاً: يُفترض في الكاتب أن يختزل كتابته في حدود حاجة القارئ المعني بمشروع الكتابة وهو ما يسمى بالإيجاز، وهذا أن يكون في حدود تبليغ الفكرة وتحديد نوع القارئ، ولكن عندما تريد أن تتحرك في أكثر من شريحة، وهم شرائح مختلفة.. بمستويات مختلفة، وهذا ما يستدعي توفير حاجة تلك الشرائح في ذلك الخطاب الذي يتحرك في الكتاب.. وهو ما يفرض عليك أحياناً الإسهاب كثيراً، ولكن ليكون ذلك مدروساً ومهندساً بشكل صحيح في خطة البحث، بحيث لا يوجد الخلل في إعطاء كل شريحة ما تنتظره من الكاتب في مشروعه.

خامساً: أن ينتبه إلى مادة كتابته، ولون المصادر التي تحتاجه لتدعيم الرؤية وترسيخ قاعدتها البنائية لها، وطريقة المصدر.. أي أن هناك مصادراً تختص بمناقشة الأفكار، لا تصلح أن تكون مصدراً للرواية إلا إذا كان مؤلفها من أهل الحديث، كما لو كنت تستشهد مثلاً بكتاب كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق، أو كتب الشيخ المفيد أو الشريف المرتضى أو الطوسي، ولكن قد تكون نصوص الروايات تحتضن أفكاراً.. وذلك لمرجعية مصدر النص..

سادساً: أن يعمل على تكثيف المران، والتواصل مع من يمكنه مساعدته في بداياته.. دون اليأس، أو أنه غير مؤهل.. إذ ما دامت الرغبة لديه في هذا المجال، فإن عدم وصوله للمكانة المأمولة التي ينشدها إنما لحاجته المكثفة إلى صقل موهبته وتطويرها، وليس للاستسلام واليأس.

اقتباس
2- ماذا أراد الأستاذ باقر أن يضيف إلى مكتبة عاشوراء من خلال كتابه (كربلاء ثورة الوعي وصناعة التاريخ).



كنت متوجهاً لكتابة قضايا مرتبطة بواقعة كربلاء وبنظام الكتابة الحولية.. وكنتُ اهتم كثيراً بفلسفة حركة الإمام الحسين(ع)، وأهدافها، والمديات التي يريد الإمام الحسين(ع) أن تصل إليها حركته..

ولكن في قراءاتي تلك لاحظتُ أن الكثير من الوقائع في كربلاء بحاجة إلى إعادة قراءة، والتحقيق فيها.. وذلك لفتح الباب أمام التحقيق المدروس والمبني على قواعد علمية رصينة، وليس بالقيام بالقياسات الساذجة والخارجة عن ثقافة ووعي الواقعة وشخوصها.. ومع ذلك عندما أعود لقراءة تلك الدراسات من جديد أرى أنها بحاجة مرة أخرى لمعاودة البحث والتحقيق..

وبالنتيجة.. لأصل إلى توليفة متكاملة بين طبيعة الحدث ورساليته.. ولا أعلم ما حجم تلك الإضافة إلى مكتبة عاشوراء، ولكن أنا على يقين بأنها إضافة جيدة.

اقتباس
3- هل لدى الأستاذ باقر أطروحات حبيسة الأدراج يتوجس من إظهارها ؟ ولو لم يكن لديه مثل ذلك , فهل ترى من الواجب على كل من يملك أطروحة تمثّل رؤية خاصة به أن يظهرها أيّاً كانت وتحت أيٍّ من الظروف؟.



نعم.. لدي ما هو حبيس الأدراج، ولكن ليس لأنني أتوجس خوفاً من إظهاره، وإنما لما أواجهه من صعوبة شديدة في التوفيق بين إنجاز الدراسة، ومراجعتها وتنسيقها وترتيبها، وترتيب موقعها في الأهمية والأولوية وطباعتها..

اقتباس
4- سياسياً هل لديك اطلاّعٌ على حقيقة الصراع الرئاسي الأخير في إيران الإسلامية , وهل هذا الصراع بحجم ما يروّج له الإعلام العربي والغربي على حدٍّ سواء؟.



في أي انتخابات.. لا بد من وجود فائز وخاسر، ولذلك فإن الاعتراضات ما لم تكن قانونية ومنطقية فإنها لن تجد لها صدىً ومقبولية لدى الناس.. وقد تابعنا كلنا الاعتراضات وطريقة التعامل معها، حيث وجهت القيادة المعترضين لاتباع الطرق القانونية، وأوصت الجهات المعنية بأخذ الاعتراضات على محمل الجد.. إلا أنهم لم يفعلوا ذلك، وتوجهوا إلى الشارع لتهييجه وإثارته، حتى أنك ترى أن المتحالفين معهم لم يكونوا يعملون في احتجاجاتهم بأجندتهم، وإنما كل فصيل يعمل بطريقته، فيما من أسموا أنفسهم بالمعارضة وجدوا أنفسهم في قائمة طويلة من مطالبات غير منتهية تبدأ من المطالبة بإعادة الانتخابات، وتنتهي بالاستفتاء على النظام الجمهوري الإسلامي!!!.

وقد حاولنا أن نتعرف على نوع الاعتراضات المتعلقة بالانتخابات، إلا أننا لم نرهم قد قدموا شيئاً ذا قيمة يمكنه أن يكون ذريعة مقبولة في اعتراضاتهم، فيما اعترافات أبطحي وسائر القيادات الذين أخذت إفاداتهم بهذا الشأن كانت تتحدث عن تخطيطٍ مسبقٍ ومدروس لطرح فكرة التزوير فيما إذا لم يفز موسوي.. حتى قال أحدهم عن جنون القول بالتزوير في ظل الفارق الشاسع بين نجاد وموسوي، والبالغ 11 مليون صوت، وإلا فإن دعوى التزوير يفترض أن تكون بشواهد يتحدث بها الناس والإعلام، ولن يستطيع أحد الاحتراف فيها وتغيير مسار نتيجتها، وكلما كان التزوير كبيراً كلما كانت القدرة على اكتشافه أسهل، إلا أنهم على رغم حديثهم عن تزويرات لا يصدقها عاقل.. إذ يقولون بأن لموسوي 25 مليون صوت، ولكروبي 13 مليون صوت، ولرضائي 4 مليون صوت، ولنجاد 3 مليون صوت.. أهذه نتيجة يقول بها عاقل؟!.. والتي توحي بمشاركة من يحق له التصويت 100%، في حين أن كل استطلاعاتهم والاستطلاعات التي كانت تُجرى بواسطة التليفون كانت تعطي نجاد هذه النسبة التي فاز بها، حتى أيقنوا بالنتيجة إلا أنهم لم يكونوا يقبلون بها بالرغم من زعيقهم الذي أبرم الناس عن حق الناس في اختيار مصيريهم..

تصور من نماذج الاعتراضات التي يريدون منها إلغاء حق 24.5 مليون صوت أنهم يقولون أنه لم يُعهد فوز أي مرشحٍ في منطقة منافسه؟!.. طيب هذه النتيجة هل بإمكانها أن تلغي النتائج ما لم يؤتَ بوقائع عملية للتزوير في تلك المناطق؟!.. فالمرشح الفائز كان رئيساً من قبل، وقد عمل في تلك المناطق، في حين أن موسوي غاب عن السياسة عقدين من الزمن، ما يعني أن الناس يعرفون نجاد وإن لم يكن ابن منطقتهم، ولكنهم لا يعرفون موسوي الذي غاب عنهم طيلة تلك السنوات، حتى أن كروبي في حملته الانتخابية في إطار انتقاد موسوي تطرق لهذه المسألة بالتحديد.

ومن بين ما أشيع آنذاك دعوى أن الأقلام التي يتم التصويت بها كانت مختلفة.. حيث كان الحبر في التصويت لنجاد يكون غير حبر التصويت لموسوي.. حبر نجاد غير قابل للاختفاء، فيما حبر موسوي قابل للاختفاء؟!.. ما هذه العقلية، وكيف صدقوا أنهم يتحدثون وفق منطق؟!.. هل قدموا قلماً خاصاً مكتوباً عليه نجاد، وقلماً خاصاً مكتوباً عليه موسوي؟!.. وأين الـ 40ألف مراقب لموسوي في دوائر الانتخابات الذين فاقوا مراقبي نجاد المتطوعين؟!..فإذن كل ملاحظاتهم كانت على هذا النحو..

ما أكد أن الصراع لم يكن لخروقات قانونية حقيقية وملموسة، واعتراضٍ على خارجين عن القانون، وإنما هو الصراع الثقافي والأخلاقي.. بين أناسٍ يرتأون أن قيمهم والتزاماتهم الفكرية ورؤاهم الإدارية قادرة على تلبية الحاجات المطلبية للناخبين، وبين أناسٍ يرون أن الثورة والتزاماتها وقيمها وصلت إلى نفق مسدود، ويجب أن يتم تجديدها برؤىً وقراءاتٍ أخرى أكثر حيوية وفاعلية غير خاضعة لقيم دستورية أو دينية!!..

ولو أن نتائج الانتخابات جاءت هكذا لقلنا لعلهم مصيبون.. أما أن تكون خلافاً لما أرادوه وعملوا لأجله فهذا يعني أن رؤاهم تلك لم تكن منبثقة من منطق شعبيٍ ورؤية شعبية، وذلك أنه رأى أن ما يتحدثون عنه إنما لتغيرات جذرية حصلت في قناعاتهم، حيث فتحوا الباب على مصراعيه لمراجعات دائمةً ومفتوحة وبآلية الفوضى في السؤال، لينتج الفوضى في الجواب وإرباك الساحة لضرب الأسس الفكرية والعقدية للنظام السياسي الديني.. في حين أنهم طيلة ثمان سنوات عاشوا فيها يديرون دفة البلاد ولم تكن بحجم طموحات الناس الذين أعطوهم ثقتهم وصوتوا لهم.. فقالوا بأن ذلك بسبب الفيتو والاعتراضات الدائمة والإعاقات المستمرة للعمل الإصلاحي لخاتمي وإدارته.. فيما هم الآن وقد انتهى كل شيء، ولا زالوا يثيرون اللغط باستمرار، ولم يلتفتوا إلى أن ذلك يمكن أن يكون عائقاً لعمل حكومة بلدهم.. وقد تحدث نجاد في المناظرات التي سبقت الانتخابات إلى الضغوط الهائلة التي كانت تواجهه لإعاقة عمله، ومع ذلك حظي بثقة الناخبين لدورة أخرى في ظل هجمة شرسة ومفتوحة وبكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة.

فإذن الصراع كان ثقافياً وعقائدياً، ليس بحدود التعديل الطفيف أو الملاحظات المتواضعة والمتفرقة هنا وهناك والمنبثقة من حاجات الناس، أو أن الشعب كان يتحرك للبحث عنها، وإنما لأن هناك زلزالاً حقيقياً كان يعتري قناعات طائفة من السياسيين الكبار أسفرت عن ارتداداتٍ خطيرة في عقليتهم السياسية في قراءتهم لحضورهم وحضور الأجنحة الأخرى في الأداء السياسي والفكري والثقافي، ما فاجأ القيادات الدينية والسياسية العاملة في الساحة..

طبعاً عندما تكون تلك القيادات قد فتحت الباب على مصراعيه لمناقشة عقائدها وقبول إضافات من صحفيين ومتطفلين وحتى لمفترضات سياسية آنية في قراءة الواقع والسياسة فإنه بالتأكيد ستكون أيضاً قابلة للأخذ بملاحظات مستهدفي نظامهم.. فإيران في صراع مفتوح مع الغرب على جميع الأصعدة، والجانب الثقافي والعقائدي في مقدمة الحرب المفتوحة تلك، فكيف يجد طريقاً للوصول إلى هذه المسألة ويدعها؟!..

اقتباس
5- بصفتي من المهتمين بالقضايا الاجتماعية يهمنّي رأيك إن كنت ترى أنّ ثمّة ظواهر اجتماعية لم تأخذ حقّها في البحث والمعالجة, تصح أن تكون مادّةً أو مشروعاً للكتابة ؟.



المؤسف هناك العديد من الظواهر التي إما أننا مرتاحون لأننا لسنا ضحاياها أو أننا مفتعلوها على الآخرين.. فمثلاً الظاهرة التي تحدثتُ عنها في جواب سؤال سابق ظاهرة العنوسة.. وكذلك ظاهرة الشعور بالدونية.. أي أننا أقل من أن نكون قادرين على أي إنجاز.. وكذلك ظاهرة تصنيم الشخصيات والتي جعلت من العسير أن ينتج أحدٌ رأياً مفيداً في أجوائها.. حيث كثرت المصانعة والمداهنة.. وكذلك ظاهرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من قبل غير العارفين للأسس الشرعية والأخلاقية، وآليات العمل في هذا الشأن.. وكذلك ظاهرة ترؤس شيعي في المؤسسات الحكومية وتداعيات مسؤوليته على الشيعة.. فهو يتحاشى اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين له من السنة بحجة خوف اتهامه بالطائفية، ويمتنع من أن يقدم خدمة قانونية للشيعي خوفاً من اتهامه بأنه منحاز لابن جماعته.. فيخسر تلك المكانة.. بالرغم من أنه موظف حكومي.. إن لم يربح فهو لن يخسر، إذ المراتب هذه ليست بيد مديره في العمل أن يلغيها عليه، وإنما بيد المؤسسات الكبرى، وهي لا تأخذ كلام المتطرفين ضده على عواهنه..

وكذلك هناك معالجة ظاهرة الشائعة وانتشارها وقراءة أضرارها وتداعياتها، وأيضاً سوء الظن بين أبناء المجتمع الواحد بسبب بعض القضايا الخلافية..

هناك أيضاً ظاهرة جديدة وهو تأخر الشباب إلى سن الثلاثين في الزواج، وظاهرة الزواج من مصابين بأمراض الدم الوراثية.. وظاهرة اعتماد أدبيات وأساليب أجنبية في قراءة قضايا الدين والعقيدة، وهي أشبه بمن يطبق قواعد النحو على مسائل الفيزياء والكيمياء، أو تطبيق القراءات النقدية للكنيسة على الإسلام والمسجد.. إذ أن تلك الإسقاطات الخطيرة أنتجت مجتمعاً يؤمن بالإسلام ويريد التشريع بدلاً عن الله له!!..

فإذن الظواهر كثيرة، وبإمكان توجيه قلم الكاتب إليها لمعالجتها، واعتقد أنها إذا ما أخذت حقها من البحث والمتابعة فسنتمكن من الوصول إلى معالجة الكثير من القضايا المرتبطة بها.

 

 

باقر الرستم غير متصل  
قديم 18-04-2010, 01:58 PM   رقم المشاركة : 80
باقر الرستم
باحث وكاتب قدير







افتراضي رد: الـلـقاء المـفـتوح مع الكاتب القدير الأستاذ باقـر عبدالوهاب الرستم

إلى هنا انتهينا من الإجابة على أسئلة الأخوة الأعزاء.. المشاركين في هذا اللقاء الذي فتح لي آفاقاً إلى كيفية معالجة النخب للإثارات التي يعيشونها أو يتحركون بها..

وليعذرني الأخوة إن لم أخص أحداً منهم بتحية خاصة، والدخول في الإجابة مباشرة، لأنني قمتُ بواجب التحية في بداية الحوار.. وها آنا الآن أكررها.. وأقول لهم بأنني سُعدتُ تماماً بحضورهم المبارك.. والذي لم يكن فقط حواراً وإنما هو إنساً بهم.. وحماسة في الحوار معهم..


رأيتُ تألم بعضهم من بعض الأسئلة التي يمكن أن تكون فخاً أو استفزازاً.. إلا أنني أتفهم منطلقات البعض، والذي لا يمكن أن يسلم بكل ما نقول، أو لا يرى ما نراه.. إلا أن واجبنا أن نتعامل معه بحدود ما طلبه منا..

مزيداً من الحوارات المفتوحة التي تجعلنا نرقى أكثر.. وننتج ونبدع أكثر..


والشكر موصول للأخ العزيز قميص يوسف الذي قام بإدارة هذا الحوار.. وكذلك ما قدمته لي الإدارة في الإعداد والمشاورة في الأمر كحامل المسك والغريب..

وكل من ساهم ..


وتحياتي للجميع.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

 

 

باقر الرستم غير متصل  
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 04:47 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد