بحث حول علم التفسير ومايتعلق به ( حلقات )

[طالب الغفران]

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل ِ على محمد وآل محمد

الحلقة الخامسة والأخيرة

الجزء الثاني

آفات التفسير بالمأثور:-


1- ضعف الأسانيد وإرسالها أو حذفها رأساً ؛ مما يوجب القدح في التفسير بالمأثور.

2 - وفرة الإسرائيليات في التفسير والتاريخ بما شوه وجه التفسير.

3 - كثرة الوضع والدس والتزوير في الحديث والتفسير، بما أوجب زوال الثقة به.

وإليكم ماتبقى من أنماط التفسير الأخرى والتي بدأنا بأولها في الجزء الأول من الحلقة الأخيرة:-


2 ) التفسير الإجتهادي: هو التفسير الذي يعتمد العقل والنظر أكثر مما يعتمد النقل والأثر؛ ليكون المناط في النقد والتمحيص هو دلالة العقل الرشيد والرأي السديد ، دون الإعتماد على المنقول من الآثار والأخبار.لقد بدأ العمل الإجتهادي في وقت مبكر في عهد التابعين.ولعل من آفات هذا التفسير هو الخوف من الولوج في التفسير بالرأي والذي سوف نتحدث عنه لاحقاً.

يتنوع التفسير الإجتهادي تنوعاً حسب مواهب المفسرين وقدراتهم العلمية والأدبية، ومعطياتهم في العلوم والمعارف، وإليكم الأنواع التي تندرج تحت هذا التفسير:-

أ ) التفسير الفقهي: وهو عبارة عن استخراج الأحكام الفقهية من آيات الأحكام في كتاب الله جل وعلا.

من الأمثلة على هذا النوع من التفسير:-

أحكام القرآن ( المنسوبة إلى الإمام الشافعي ) – أحكام القرآن لأبي يعلي الحنبلي – أحكام القرآن لابن العربي المالكي – زبدة البيان في أحكام القرآن للمحقق الأردبيلي – قلائد الدرر في بيان الأحكام بالأثر للشيخ أحمد بن إسماعيل بن عبد النبي الجزائري.

ب ) التفاسير الجامعة : وهي تفاسير تشمل الكلام في جوانب مختلفة من التفسير، لغة ً وأدبا ً وفقهاً وكلاماً.

من الأمثلة على هذا النوع من التفسير:-

التبيان في تفسير القرآن لشيخ الطائفة الطوسي – مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي – رَوح الجِنان ورُوح الجَنان لأبي الفتوح الرازي – التفسير الكبير ( مفاتيح الغيب ) لفخر الدين الرازي .


ج ) تفاسير أدبية: وهي التفاسير التي يغلب عليها الطابع الأدبي، النحو والبلاغة وسائر علوم اللغة.

من الأمثلة على هذا النوع من التفسير:-

الكشاف للزمخشري – البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي – معاني القرآن لأبي زكريا يحيى بن زياد الفراء – إملاء ما منّ به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن لأبي البقاء العبكري.

د ) تفاسير لغوية : وهي التفاسير التي تعرضت لغريب اللغة في القرآن ( الغريب: يعني اللفظة المستعملة في قبيلة دون أخرى ) ، وفسرت معاني الكلمات التي جاءت غريبة في كتاب الله.

من الأمثلة على هذا النوع من التفسير:-

تأويل مشكل القرآن وتفسير غريب القرآن وكلاهما لابن قتيبة الدينوري – كتاب المفردات للراغب الأصفهاني – تفسير غريب القرآن الكريم لفخر الدين الطريحي .

هـ ) تفاسير موجزة: وهي التفاسير التي اتخذت طريقة الإيجاز في تفسير القرآن وتبيين معانيه وذلك في محاولة إلى تقريب معاني القرآن إلى الأذهان في خطوات سريعة ومتقاربة.

من الأمثلة على هذا النوع من التفسير:-

تفسير القرآن الكريم للسيد عبدالله شبر – التسهيل لعلوم التنزيل لأبي القاسم الكلبي الغرناطي – تفسير الجلالين لجلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي – الوجيز في تفسير القرآن العزيز لمحمد علي دخيّل.


بقي لي معكم الجزء الأخير من الحلقة الخامسة

طالب الغفران

 

 

[طالب الغفران]

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل ِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

الحلقة الخامسة

الجزء الأخير

أواصل معكم ماتبقى من أنواع التفسير الإجتهادي.

و ) التفسير العرفاني الصوفي: وهو تفسير يقوم على الأخذ بظاهر القرآن واعتباره الأصل في تنزيله، غير أن لأصحاب هذا النوع من التفسير في كلام الله مذاقات عرفانية رقيقة لا يمكنهم إغفالها ، لأنها بمثابة واردات أو هواتف هي سانحات ملكوتية قدسية ، تُفاض على القلوب الواعية.

من الأمثلة على هذا النوع من التفسير:- تفسير كشف الأسرار وعدة الأبرار للمولى أبي الفضل رشيد الدين الميبدي – لطائف الإشارات للقشيري – تفسير التستري – حقائق التفسير للسُّلمي – تفسير ابن عربي .

ز ) التفسير في اتجاه عصري: هو تفسير جاء مع عصر النهضة العلمية الحديثة، حيث أن هذا التفسير يقوم على التوفيق بين ظواهر القرآن وما جد من نظريات علمية صحيحة وذلك لإثبات أن القرآن هو الكتاب الخالد الذي يتمشى مع الزمان في جميع أطواره ومراحله. وقد أفرط البعض في توسعهم في هذا المجال حتى وصلوا حد الغلو وخرجوا عن حد الإعتدال.

لهذا النوع من التفسير أربعة ألوان وهي :-

1 – اللون العلمي: وهو أول الألوان التي ظهرت على الوجود، متأثراً بمكتشفات العصر الحديث.

من الأمثلة على هذا اللون من التفسير:-

كشف الأسرار النورانية القرآنية للطبيب محمد بن أحمد الإسكندراني – رسالة للسيد هبة الدين الشهرستاني – رسالة إعجاز القرآن للأستاذ مصطفى صادق الرافعي – رسالة الأستاذ رشيد رشدي العابري – الجواهر في تفسير القرآن للطنطاوي – التفسير الفريد للفقيه محمد عبد المنعم الجمال.

2 – اللون الأدبي الإجتماعي : وهو ثاني الألوان، المتأثر بالأدب المعاصر، والمظاهر الإجتماعية الحاضرة.

من الأمثلة على هذا اللون من التفسير:-

تفسير المنار – محاسن التأويل للقاسمي – تفسير المراغي – في ظلال القرآن لسيد قطب – الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي – من هدى القرآن للسيد محمد تقي المدرسي – من وحي القرآن للسيد محمد حسين فضل الله – التفسير الأمثل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي .

3 – اللون السياسي: وقد ظهر هذا اللون على أثر التشعبات الحزبية السياسية الحديثة في المجتمع الإسلامي.

4 – اللون العقلي: الذي كان فيه بعض المحاولات لتأويل آيات ، كانت بظاهرها متنافية مع مظاهر العلم أو العقيدة الإلحادية، التي أورثتها النهضة الصناعية العلمية، منذ القرن التاسع عشر للميلاد.

وهذين اللونين الأخيرين هما حصيلة أفكار متطرفة وأخرى إلحادية كافرة ، وليس لهم تفاسير شاملة ، سوى آيات التقطوها ، كانت متشابهة ، ومن ثم اتبعوها ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويلها، فهي تفاسير لايُعتد بها.

أخيراً ، ماذا عن التفسير بالرأي؟

التفسير بالرأي قد يعني واحداً من ثلاثة معان هي:-


الأول: إن المراد من التفسير بالرأي هو أن يفسر الإنسان النص القرآني اعتمادا على رأيه وذوقه الشخصي في مقابل الفهم العام للقرآن المتمثل بالظهور العرفي ( وذلك فيما يتعلق بتفسير اللفظ ) .

الثاني:أن يكون النهي الوارد على لسان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن التفسير بالرأي، هو كمعالجة لظاهرة برزت في زمنه في تفسير القرآن وبشكل محدد ، ثم تطورت وبشكل واسع حتى تكونت على أساسها مدارس في المجتمع الإسلامي. حيث ورد النهي آنذاك عن البحث في تفسير الآيات العقائدية أو التاريخية تأثراً بالديانات السابقة وفلسفاتها وتاريخها كاليهودية والنصرانية والبوذية وغيرهما .

الثالث :هو الاعتماد في فهم المضامين القرآنية على الذوق والاستحسان، فيرى أن هذا النوع من المضمون هو الأقرب إلى النفس أكثر من غيره ( وذلك فيما يتعلق بتفسير المعنى ،وتشخيص المصداق ) .

وإليكم بعض الروايات التي تنهى عن التفسير بالرأي:-

1 - روى الصدوق باسناده عن الإمام أمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ قال: " قال رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ قال جلّ جلاله: ما آمن بي من فسّر برأيه كلامي ". 2 - وقال الإمام أميرالمؤمنين ـ عليه السَّلام ـ: " إيّاك أن تفسر القرآنبرأيك حتى تفقهه عن العلماء".

3 - وروى أبو جعفرالطبري، باسناده عن ابن عباس، عن النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ : " من قال في القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار".

4 - أخرج الترمذي عن النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ قال: " اتّقوا الحديث إلاّ ما علمتم، فمن كذب عليّ متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار".


إلى هنا أصل معكم إلى نهاية البحث حول علم التفسير، أرجوا أن تكونوا قد استمتعتم به ،واعذروني عن أي تقصير فما أنا إلا متعلم على سبيل نجاة.

أخوكم / طالب الغفران

 

 

[طالب الغفران]

بسم الله الرحمن الرحيم

إخواني وأخواتي، للمزيد حول موضوع علم التفسير وما يتعلق به ، عليكم بالرجوع إلى المصادر التالية:

1 - التمهيد في علوم القرآن للعلامة محمد هادي معرفة ، الجزءين التاسع والعاشر.

2 - علوم القرآن للشهيد آية الله السيد محمد باقر الحكيم.

3 - المدرسة القرآنية للشهيد آية الله السيد محمد باقر الصدر.

4 - المناهج التفسيرية في علوم القرآن لآية الله الشيخ جعفر السبحاني.

5 - مقدمة تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي.

وفقكم الله

طالب الغفران