09-09-2009, 10:59 PM | رقم المشاركة : 1 |
إداري
|
الندوة السنوية المخصصة للشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي
منتدى السهلة الأدبي الندوة السنوية المخصصة للشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي رمضـان المبارك 1430هـ ـ الموافق 3 سبتمبر 2009م الإحياء الإسلامي في كتابات د.الفضلي ( الحوزة والجامعة في مشروعه ) المحاضر: الشيخ إبراهيم آل راضي ملف PDF لنص المحاضرة كما اخذت من التسجيل الصوتي وأيضا نص مقدمة مدير الندوة الأستاذ جابر الخلف التسجيل الصوتي سأحاول لاحقاً تحميله لوضعه ، لأن حجمه كبير نسبيا.
|
01-04-2010, 08:52 AM | رقم المشاركة : 2 |
منتدى السهلة الأدبي
|
رد: الندوة السنوية المخصصة للشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي
الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي في سطور(1): ولد الشيخ عبد الهادي بن الشيخ محسن البصري الإحسائي الفضلي عام 1352هـ، وهاجر إلى النجف ودرس في كلية الفقه ثم تخرج منها وأصبح مدرساً فيها، وكان ممن يتابع الدروس الحوزوية على سماحة السيد الخوئي في الفقه والأصول، ويقوم بإلقاء المحاضرات والتأليف والنشاط الثقافي في مختلف المناطق العراقية. ثم انتقل إلى القاهرة ونال درجة الدكتوراه وعاد إلى المملكة العربية السعودية، وتعيّن في جامعة الملك عبدا لعزيز أستاذاً للغة العربية، كما تولى رئاسة قسم اللغة العربية بكلية الآداب، وله أسلوب سهل وميسر رائع في الكتابة وعرض الأفكار العلمية. ولا يزال شخصية علمية مباركة لدى كافة المستويات الثقافية والاجتماعية في المملكة العربية السعودية والخليج والعراق وإيران، ويتمتع بالاحترام والتقدير عند الجميع، وهو ممن يقل نظيره في عالمنا الإسلامي هذا اليوم. له مؤلفات عديدة منها: الإسلام مبدأ. أسلوب الدعوة الإسلامية. الأمثال في نهج البلاغة. التربية الدينية. ثورة الإمام الحسين (ع). حضارتنا في ميدان الصراع. خلاصة المنطق. دليل النجف. الدين في اللغة والقران. علم البلاغة العربية: نشأته وتطوره. في انتظار الإمام. لماذا اليأس. مبادئ أصول الفقه. مبدأ الاشتقاق في اللغة العربية. المبدأ الأول في الفكر اليوناني قبل سقراط. مشكلة الفقر. مصطلحان أساسيان. من البعثة إلى الدولة. مختصر النحو. مختصر الصرف. دراسات في الإعراب. تلخيص البلاغة. دراسات في الفعل. في علم العروض: نقد واقتراح. تقديم مدير الندوة الأستاذ: جابر بن عبدالله الخلف(2) تأتي هذه الندوة أو المحاضرة في دورتها الثالثة، وهذه ندوة تدور حول شخصية مهمة في منجزها المعرفي، وهي فضيلة الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي. في 11 رمضان 1428هـ تناول الشيخ محمد العباد محاضرة بعنوان: الشيخ الفضلي الشخصية الاستيعابية، وفي 18 رمضان 1429هـ تناول الأستاذ باقر الرستم محاضرة بعنوان: الشيخ الفضلي الإنجاز الكبير لمدرسة الشهيد الصدر، وتأتي هذه الندوة في سلسلة اهتمام المنتدى بهذه الشخصية المنجزة. أن يبقى الحديث مستمراً حول الشيخ الفضلي، وحول قراءة منجزه المعرفي بهذه خطوة مشروعة وجديرة الاهتمام، باعتبار أن الشيخ الفضلي قدم ما يستحق القراءة والمراجعة والتواصل. أول ما يلفت نظر القاريء في مدونة الشيخ الفضلي هو عنايته بتناول المفاهيم المعاصرة برؤية عصرية وأصالة معرفية، سواء في الثقافة الإسلامية أو في طرحه الديني، فلا تخلو محاضرة له أو كتاب من تأصيل لمفهوم معاصر أو إعادة إنتاج لمفهوم تراثي أصيل، ولكن بأسلوب عصري، ولغة علمية رصينة. إن تحرير الأفكار والرؤى الإسلامية من عوالق التقاليد والأعراف الدينية والاجتماعية الثقافية لهو مجهود عسير يحتاج إلى طاقة علمية، وجهد متواصل وهذا بالضبط ما اشتغل عليه الدكتور الفضلي، ولذا نأى بنفسه عن القيل والقال وكثرة الأقوال، وإعادة المقال. لا يخلو بحث أو محاضرة أو طرح له من مفهوم للتجديد أو التطوير أو الإحياء أو ضرورة إعادة الاجتهاد به، باعتبار أن عملية الاجتهاد لديه حركة فكرية معرفية وليست شهادة أو رتبة أو لقباً أو إجازة. ثم الحمد الله رب العالمين. جهوده في ضرورة الاجتهاد الفقهي والتطوير الفكري والتجديد الثقافي والأدبي جهود جلية واضحة تستحق منا على الأقل مداومة القراءة في استمرارها ثم التواصل معها قراءة وتحليلاً ونقداً، فهذا المنجز المعرفي الثر والواعي والناضج والمنفتح على الثقافة والحياة والدنيا والآخرة يستحق منا القراءة الجدية والمتواصلة؛ ولذا جاءت هذه الندوة الرمضانية التي تهدف إلى محاولة القراءة في مدونة الشيخ الفضلي والتواصل معها معرفياً وثقافياً.. !! لم يمارس الفضلي دور الداعية أو الواعظ بقدر ممارسته دور المفكر والباحث المتسائل؛ ولذا قال مرة: ( الوعظ ينبه ولكن لا يُربي ) ولهذا اشتغل على مفهوم ( التربية الدينية ) وليس الوعظ الديني الذي يتقنه كل من يملك حنجرة مستطيرة أو أحبالا صوتية علية النبرة. لم يكتف بأن يكون معيداً دور الخطيب بل ارتضـى لنفسه أن يمارس دور الفقيه المثقف، ولذا اشتغل على مفهوم ( تراكم الممارسات ) حسب تعبير المفكر العربي عبدالإله بلقزبز. لم يحفل بمجرد الحظوة الاجتماعية والوجاهة الدينية، بل انحاز إلى دور الأستاذ المشارك والشيخ المجتهد لا بالمعنى الأكاديمي المحض ولا بالمعنى الحوزوي الصرف ولكن بالمعنى المعرفي، فنراه التزم بالعمق والشمولية والدقة العلمية وسهولة التعبير ومتانة اللغة والأسلوب التربوي والتواصل مع الآراء العلمية الحديثة والنظريات الفكرية المتطورة. هناك كثير من المفكرين والمشتغلين بالقضايا الفكرية المعاصرة يربطون كثيراً بين الأحياء والتجديد والتطوير وبين القضايا الدينية والمفاهيم الإسلامية، ومنهم الشيخ الدكتور الفضلي، ولذا نحن الآن مجتمعون كي نستفيد ونتعلم من كتابات الشيخ الفضلي ومحاضراته. ومع فضيلة الشيخ إبراهيم آل راضي، فله منا كل الشكر والتقدير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 13 رمضان 1430هـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ الهوامش: (1) الترجمة منقولة بتصرف من كتاب: مع علماء النجف الأشرف، للسيد محمد الغروي. (2) معلم لغة عربية، شاعر وأديب متميز، له كتابات ثقافية كثيرة ومتنوعة، محلية وخارجية، لا تكاد تمر أمسية بمنتدى السهلة الأدبي إلا وله مشاركة فاعلة فيها.
|
01-04-2010, 08:56 AM | رقم المشاركة : 3 |
منتدى السهلة الأدبي
|
رد: الندوة السنوية المخصصة للشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي
نص المحاضرة: بسم الله الرحمن الرحيم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وشفيع ذنوبنا أبي القاسم محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين.
رب أشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي. سلامٌ عليك أيها الشيخ يوم ولدت ويوم كتبت ويوم ألفت ويوم أضحيت جامعاً للمثقف والفقيه. سلامٌ عليك يوم أضحيت رقماً هاماً كما عبر الإمام الصدر في رسالة منه إليك. سلامٌ عليك وأختم بهذا الكلام يوم رفضت كل العناوين وقبلت عنوان واحداً؛ عنوان: ( الممثل للولي الفقيه ). في البداية أتقدم بجزيل الشكر والامتنان لهذا المنتدى المبارك في هذه القرية الطيبة على هذه الجهود المباركة في رفع سقف الوعي والثقافة في الأمة. كنت مسروراً جداً، وكان أكثر سروري عندما استقبلت رسالةً من الأستاذ الفاضل: يوسف الشريدة على هذه العنونة والعناوين المتعددة، والتي تفتح آفاقاً للمتكلم. نعم لو اقتصر على عنوانٍ لكان ذلك ضيق، ولكن السعة في التعدد. أقول وأنا أمام النخبة الطيبة والمباركة ما أنا إلا كناقل التمر إلى هجر، لعل المستمع قرأ أكثر مما سمع، ولذا أضحت الشخصية رمزاً لدى هذا المنتدى. ويحق لهذا المنتدى أن يتخذ الفضلي رمزاً إذ أبى هو إلا أن يكون كذلك. الكلمة والعنوان ( الإحياء الإسلامي ): نطلُّ أولاً على أطلس العالم عبر خارطة العرب وتحديداً عبر منفذ الجزيرة، حيث كان آنذاك والعالم كله يعيش سباتاً عميقاً، إذ ما كانت هنالك من يقظة فهي لدى حضارات اليونان وفارس والهند إلى ما هنالك من هذه الأمم. أما العرب ولاسيما الجزيرة منها فكانت خارطتها معدومة فيها كل التضاريس الحضارية، ويكفي من الانعدام ما عبر عنه القرآن بصيغة العموم ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا.. )، أميون بكل ما تحمل الكلمة من معنى !! وكان المعنى الواضح والماثل هو الموت، الإماتة الفكرية التي يترشح من موت الفكر، وموت الروح، وموت القيم والسلوك، وموت الحضارة. هكذا كانت الحضارة، وإذا بالسماء تفتح نافذةً لتطلَّ على الأرض من خلال ما سمي بالسماء بـ ( أحمد ) وفي الأرض بـ ( محمد )، والجامع بينهما هو المحمود ( صلى الله عليه وآله ). تطل السماء من هذه النافذة وتبعثه على حين فترةً من الرّسل، فكان هو ذا الانقطاع، وإذا بالحياة تدّبُ وتنبعث بانبعاث الرسول (ص) إلى جسد الأمة وبقية الأجساد في أطراف الأرض، لذا كانت هذه الحياة والحياة فقط من خلال المنظومة الرفيعة والعالية، منظومة القيم والمعارف القادمة من السماء والنازلة من الله، وكما أوجز وعبر عنه الشهيد الصدر رضوان الله عليه في تعريفه للحكم الشرعي: هو الخطاب الصادر من الله لتنظيم كافة شؤون الحياة. هكذا الحياة تبدو عند المشرع وبقلمه وفكره. إذن.. الإحياء الإسلامي حقيقةً كان إحياءً للأرض، كان هنالك مصطلح ما زال ساري المفعول، وهو ما يعبر عنه ( بالموات في الأراضي الميتة )، جاء المشرع ليُحي هذه الأرض، ولكن أعتقد هنا الأرض الحقيقة هي أرض الإنسان، أرض البشر، لأن من موت البشرية سوف تموت الأرض، وإذا ما حيا الإنسان سوف يحيا كل ما يحيط به. أقول: الإحياء الإسلامي كلمة كبيرة وكبيرة جداً، ولكن أنا اختصر هذه الليلة لانتقي أداة من أدوات الإحياء؛ ولعلها هذه الأداة هي من الجمجمة، هو الإحياء الفكري الذي هو أساس لكل أنواع الإحياءات وأساس للحياة. أداة إزالة الأميّة ( القراءة ): حينما نبحث في باب الأوائل في الأحاديث القدسية نرى أول ما يطلّ علينا من نتيجة بحثية هو قول الله تعالى: ( أول من خلق الله العقل، فلما خلقه استنطقه، فقال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحب إليَّ منك ولا أكملتك إلاّ فيمن أحب، أما إني إيّاك آمر، وإياك أُنهي، وإيّاك أُعاقب، وإياك أُثيب ). من هنا كان الإحياء الفكري أساساً للحياة، وأنموذجاً للحياة الحقيقية، هذه الحياة الفكرية نرى النبي (ص) أول ما شكل هذه الخارطة أو أطلس العالم شكلها بهذا الضرس البارز؛ وهو ضرس الفكر من خلال الأداة ( الفكر ) ألا وهي القراءة، فأول أوقر الله في أذن النبي (ص): ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ أقرأ باسم ). إذن ليست الأداة الحقيقية لإزالة الأميَّة إلا القراءة، وهذا ما يُكتبُ اليوم في الخطوط العريضة في البطاقة، وفي الهوية، متعلم أو أميّ، أساس العلم القراءة، ما أريد أن أتحدث من مفردة ومن أنموذج لهذه القراءة الدقيقة هو قراءة سماحة شيخنا آية الله الدكتور عبدالهادي الفضلي، فبحق لم تنبعث الحياة في هذا المجتمع إلا حينما طلّ علينا بقلمه ولسانه، من خلال من ما سطر من كُتبٍ ومن كراريس ومن مؤلفات، حتى تشكل هذان الجناحان في الأمة ألا وهو جناح الحوزويين وجناح المثقفين. وإن كنتُ أرفض التثنية، لأنني ومن خلال ما أفهم أن المشرع الإسلامي يرفض الوثنية والتثنية في كل شيء، لأن ديننا دين التوحيد، فهو لا يطلب إلا أن يكون كل مثقف متدين، وكل متدينٍ مثقف، وهنا تتجلى الوحدة في الأنموذج الواحد ألا وهو: ( الفقيه المثقف الشيخ الفضلي )، كان بحقٍ أنموذجاً لهذه الوحدة ورفض هذه التثنية، لأن التثنية لا تعني إلا الوثنية والصنمية. من هنا أقول: سماحة آية الله الشيخ الفضلي شكّل هذه التشكيلة الاجتماعية من خلال الكتابات والمحاضرات، فشكّل نُخبتين من النُخب. الشيخ الفضلي والحوزة: حينما نطل على مناهج الحوزة لا نرى ـ ولا أقل اليوم ـ إلاَّ أن يقف طالب العلم منذ البداية في المقدمات وحتى حينما يرتقي للسطوح، بل وحتى حينما يصل إلى بحث الخارج، لا نرى إلا ويتكئ على متكآت الشيخ في مؤلفاته، لأنها تتسم بالعمق الحوزوي وبالطرح الأكاديمي المُمنهج والمنقط. لذا يرى الطالب حالة انسياب مع الكتاب، وهذا ما يميز كتابات الشيخ حتى في الحوزة، من هنا في هذا الاتجاه اكتفي بهذه الإشارة: أن اليوم أضحت مؤلفات الشيخ ـ ويحق لنا أن نفخر ـ أنها خرجت من هنا، من هذه الواحة الخضراء، من ( هجر ) خرج هذا الفكر ليتصدر الحوزة في مناهجها، ليس في حوزة ( الأحساء ) وإنما حتى في حوزة ( قم)، وقبل ( قم ) كانت ( النجف )، وإن كان نحو المختصرات والخلاصات، إلا أن المهم في الخلاصة، لأن الخلاصة تعني عصارة الشيء، فلذا الشيخ اعتمد هذه الخلاصات والتلخيصات ليقدمها في ثوبها الجديد لطالب الحوزة. الشيخ الفضلي والجامعة: وأما الجامعة والتي تعتبر أنموذجاً آخر وجناح ثان من أجنحة الأمة الواعية والمثقفة فحدث ولا حرج، حتى أنه أضحى عميداً للجامعيين في كلية الآداب، أضحى وبجدارة فائقة ولأنه تمتع بعقلية العمق الحوزوي والطرح الأكاديمي. أطروحات الشيخ في محاضراته نوعاً آخر من الإحياء الإسلامي: نعم.. يبقى نوع آخر من الإحياء الإسلامي وهو من خلال ما قدمه من مفاهيم، كانت هذه المفاهيم بحقٍ جديدة ولا أقل على هذا المجتمع. كانت البداية في مؤلفاتٍ على نحو الكراريس، ولكنها أضحت من أبجديات الوعي الإسلامي، حينما ألف: ( مشكلة الفقر )، وحينما كتاب: ( في انتظار الإمام )، وحينما وحينما ألفَ ألفَ، وناقش وكتب في كثير من المفاهيم. نعم.. كان الشيخ قوياً هنا بلسانه، فكان يتمتع بلسانٍ ذربٍ وبلسانٍ عميق، فلذا انتعشت حينما تقاعد ولكن عن التدريس ولم يتقاعد عن العطاء، هنا هذا التقاعد اعتبره نعمة متوفرة لديه ألا وهو التفرغ لخدمة المجتمع، فكانت المحاضرات بحق بامتيازٍ عال، كانت الأمة تحتاجها وكانت الأذن تنصت لها إنصات جيداً. أتذكر حينما استمتعت له ولأول محاضرة كانت عام ألف وأربعمائة واثنان ـ يعني ثمانية وعـشرون سنة ماضية ـ كانت تحت عنوان ( الإيدليوجية الإسلامية )، فقدم فيها ولو على نحو التنظير ما تمتاز به هذه الحضارة الإسلامية من إيدليوجية عالية جداً، قدمها ببساطة واستوعبها كل من حَضرَ، النُخب وحتى ما نسميهم ( العامة ). هكذا الشيخ أضحى خطيباً؛ لأن الخطيب من يتمتع بعنصر الخطابة ألا وهي البلاغة ( مراعاة مقتضى الحال )، فكان يُراعي ـ وراعيته عالية ـ جماجم المستمعين ومستويات الحضور، وكذلك الحالة العامة. الحقيقة الناصعة للإحياء الإسلامي: أختم بما قدمه من أنموذج عالٍ وعال جداً في المفهوم الإسلامي للنظام السياسي، أبى الشيخ إلا أن يقدم الصورة الناصعة لحقيقة الإحياء الإسلامي، هذا الإحياء لا يكون إلا من ( روح الله ) حينما ألف كتباً عالياً ألا وهو ( الحكومة الإسلامية )، قدم في هذا الكتاب حقيقة النظام الإسلامي، وأن هذا النظام لا يمكن أن يأتي إلا من خلال القراءة الشاملة والدقيقة للمنظومة الدينية. أعتقد وأختم بهذا الاعتقاد أن أفضل صياغة للأديان صيغة على ضفاف الغدير التي انبثقت الحياة ولا تنبثق إلا من الماء، هنالك وعلى الضفاف جاءت الصياغة كاملة في قوله تعالى: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ). هذه الصياغة انتقلت على كف المعصومين من كفٍ إلى كف، لذا لم يصبها خلل ولا نقص ولا تحريف، لماذا ؟ لأنها بيدٍ معصومة، والقرآن عصمَ نفسه: ( لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ )، وكذلك المقترن بقرن أكيدٍ مع القرآن وهي العترة: ( إني مخلف فيكم الثقلين إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) ( )، لأن العترة معصومة: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ). كانت هذه الصياغة مرت عليها قرون وقرون من الغيبة ـ بغيبة الولي ـ، ولكن يا تُرى نسأل وإياكم في أداة الإحياء الإسلامي وهل الصياغة تغيب بغيبة الولي ؟ الجواب: لا.. لا تغيب لأن النبي (ص) أبى إلا أن تكون ظاهرة، لأن أظهر هذه الصياغة: ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ). نعم.. لا تغيب لأن ( حلال محمد حلال أبدا إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة ). نعم.. نحن نتمتع بمناظير عالية ودقيقة تقرأ ما بين السطور، وأفضل المناظير في قراءة هذه الصياغة للأديان عبر منظور: ( ولاية الفقيه )، هذه القراءة الشاملة والدقيقة والتي تمتعنا وإياكم من خلال هذه القراءة. كان شيخنا آية الله الفضلي أحد القراء من منظور ( ولاية الفقيه )، وكان يعتمدها اعتماداً أساسياً، ويشيد بهذه القراءة الخمينية. واليوم وهو يجل كثيراً الإمام الخامنئي إلى درجة يعتبره أنموذجاً دقيقاً وفريداً ووحيداً في قراءة هذه الصياغة للأديان، ويقول ـ وأنقل ما سمعته ـ: إذا ما أعطى الله الإمام الخامنئي عمراً سوف ترون ما يُذهل مما يقدم من قراءات وافية لهذه الصياغة في إحياء الإسلام. نعم.. هكذا أضحى الشيخ في هذه المنظومة وفي هذه الصياغة قارئ، وقارئ مجيد، وبلا ملل وبلا كلل. عطاء الشيخ في مرضه: حينما أصابته الجلطة الأولى قمت بزيارته، وكنت متواصل إلا في هاتين السنتين حيث أمتنع من اللقاء، ـ وأنا أقدر له هذا الامتناع ـ لأنه يرفض أن يُرى بهذه الحالة، رأيته وسألته: هل لا زلت تكتب ؟. قال: يا شيخ أضحيتُ أميّاً، لأنني لا أكتب إذا القلم لا أتمكن من رفعه، ولا أرى حيث لا أتمكن من القراءة، فأنا أميّ. أقول: لست أميّاً لأننا وقد استمعنا في مهرجان الفقيه المثقف من ولدك ( فؤاد ) ـ الذي أضـحى فـؤاداً لك ـ أنك كتبت وكانت من خيرة الكتابات في فترة الأميّة. هذا الحال في الأمية فكيف إذا رجع إليك بصرك، وتحركت يدك، ما عساها إلا أن تمسك القلم لتنبعث الحياة من جديد !! أسأل الله لشيخنا العمر المديد والصحة والعافية، وأتمنى من أخواني أن يكونوا على مقربة قريبة من كتابات هذا الشيخ، فإن من لا يقرأ لمثل الشيخ أعتقد سوف يبقى أميّاً وإن قرأ، فعلينا أن نزيل الأمية من خلال ما قدمه الشيخ في الإحياء الإسلامي، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
|
01-04-2010, 08:58 AM | رقم المشاركة : 4 |
منتدى السهلة الأدبي
|
رد: الندوة السنوية المخصصة للشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
|
|