16-01-2009, 10:40 PM | رقم المشاركة : 1 |
منتدى السهلة الأدبي
|
( كابوس العام 2000 ( Y 2k ) حسين الشملان
حسين محمد الشملان قبل سنوات قليلة بدا لكثير منا أن عام 2000 بعيد جداً، وأنه عام متميز سيحمل أحداثاً جساماً وتطورات قد تجعلنا ننتقل جسدياً إلى الطرف الكرة الأرضية الآخر في طرفة عين، وهاهو عام 2000 يقترب ولا يفصلنا عنه سوى أيام، وهو يبدو لي عاماً عادياً كبقية الأعوام، لئن كان العالم يدندن على معزوفة الاستعداد لولوج الألفية الثالثة، فإني لم أطرب لها ولن أذهب مع الذاهبين لولوج ذلك الباب الألفي سيحلو لي السهر، لا لأني ممن يحتفلون بتلك الليلة الصاخبة الماجنة – كما يقولون – بل لأنَّ كابوساً للعام الجديد يهدد السلام العالمي للنوم، فمقدمات ذلك الكابوس تزورني بعض الليالي، فقد حلمت كأني في صبيحة الأول من يناير عام 2000 م، وقد تحركت بسيارتي إلى محطة البنزين فكانت معطلة بسبب مشكلة عام 2000، وتوجهت إلى البنك لأحصل على بعض النقود فوجدت طابوراً من العملاء في هرجٍ ومرجٍ يتحدثون عن أموالهم التي لا يستطيعون الحصول عليها والسبب مشكلة العام 2000 م، خرجت وأنا حانق على هذا العام الذي أخل نظام الدنيا وتوجهت صوب مكتب البريد وفتحت صندوق البريد فوجدت فاتورة الهاتف، فتحتها فهالني قيمة الفاتورة : إم م م، إنها مشكلة العام 2000، عندها لم أشعر إلا ودمي يكاد يخرج من وجهي فسقطت مغماً علي، نقلني أهل الخير إلى المستشفى فأفقت على صوت الطبيب يعتذر عن عدم علاجي ؛ لأن الأجهزة معطلة بسبب مشكلة عام 2000، وقال سنعطيك هذه الحقنة وهذا كل شيء، وما أحسست بوخز الإبرة حتى أفقت فزِعاً من ذلك الكابوس، إنه مجرد كابوس مزعج، فإذا كان هذا هو الحلم فإين الحقيقة ؟ . لو طالعت أي صحيفة أو مجلة أو استمعت لنشرات الأخبار أو شاهدت برامج التلفزيون لوجدت أنها جميعها تزخر بالقصص الحية عن الكارثة المنتظرة يوم الأول من يناير عام 2000م، وهو يوم لا يفصلنا عنه سوى نيف وأربعين يوماً، ولها تركز حول قصص مثل تلك التي وردت في الحلم – الكابوس، وما زال البعض يعتقد أن المسألة ليست بتلك الجدية، وأن الأمر لا يعدو كونه مبالغة من الصحافة ومصدر رزقٍ لبعض الشركات ( فمصائب قومٍ عند قومٍ فوائد) ،ولا يخلو هذا الاعتقاد من صحة ،فقد تناولت الصحافة مسألة الأعطال المرتبطة بالآثار المحتملة لمشكلة العام 2000، أو ما يُرمَز له بـ Y2K بالكثير من المبالغة، وظهرت نتيجة ذلك مهنٌ جديدة لمحللين لآثار المشكلة وحلولها، وشركات تصنيع تجهيزات خاصة بمواجهة تعطل الخدمات وبرامج وشركات ومسشارين وقانونيين لتقديم المشورة للشركات التي قد تواجه قضايا تقصير تجاه زبائنها بسبب مشكلة عام 2000، وربما تسبب الفزع من المشكلة في مشكلة أكبر . غير أن المتتبع لهذه المشكلة لا يستطيع إغفال وجود حقيقة في كثير من هذه المخاوف، فقطاعات مثل البنوك والأمن والرعاية الصحية والطاقة والاتصالات ستعاني مشاكل تتفاوت بين الحدة والبساطة، كما أن الاقتصاد العالمي قد يصاب بهزة حاسوبية إن لم تصلح المشكلة قبل حلول يوم نهاية العالم، عفواً يوم نهاية القرن الحالي . إنه من غير المحتمل أن تتفشى المجاعة، أو أن يقع انهيار مالي، أو أن يحل الظلام وقت الظهيرة . ما أصل هذه المشكلة وفصلها ؟ هذه المشكلة بسيطة من الناحية الفنية، إلا أن إصلاحها غاية في الصعوبة، فعندما كان استخدام الكمبيوتر ينتشر بسرعة في عقدي الستينات والسبعينات كانت أسعار الذاكرة ووحدات تخزين البيانات مرتفعة الثمن، وكان المهم أن تكتب البرامج بطرق تقلل من الحيز اللازم لتخزينها، ووجد المبرمجون الذين كانوا يستخدمون لغة كوبول، وهي لغة البرمجة السائدة ذلك العصر، أن فكرة استخدام خانتين فقط لتسجيل السنة عند كتابة التاريخ هي الحل لارتفاع ثمن الذاكرة والتخزين، وأصبح يشار إلى العام 1959م مثلاً، بالعام 59، والظاهر أن نسبة كبيرة من العمليات التي تقوم بها الكمبيوتر تعتمد على حسابات التاريخ، لهذا كان اختصار المساحة التي تشغلها خانات السنة عند كتابة التاريخ فكرة جيدة . واستمر العمل بهذا العرف حتى بعدما بدأت أسعار الذاكرة والتخزين بالانخفاض في عقد الثمانينات حين ظهرت أجيال جديدة من الأجهزة والبرامج والمبرمجين والمستخدمين، ولم يُعمل أي منهم عقله في اللبس الذي ستحدثه هذه الطريقة المختصرة التي لجأ إليها المبرمجون في الماضي . وفي مطلع التسعينات بدأت الشروخ العميقة في الظهور، وكانت شركة بوينج أولى الشركات الكبرى التي أبلغت عن وجود مشاكل لديها في حساب التاريخ في الفترات الزمنية التي تقع في العام 2000 أو بعده، وتحدث البعض عن الوقوع في هذه المشكلة ،إلا أن ما اتخذ حيالها من إجراءات كان محدوداً جداً، وبحلول عام 1995م انتشر الوعي بما أطلق عليه مشكلة العام 2000 ( أو Y2K )، ورغم أن مشكلة العام 2000 أصبحت مجالاً للكثير من التوقعات ،إلا أن عدداً قليلاً من الشركات فقط اتخذت إجراءات لمواجهتها، فالكثيرون لم يأخذوها على محمل الجد بشكل كبير على اعتبار أن هذه المشكلة كغيرها ستختفي لوحدها ،وإن لم يحدث ذلك سيعمل المبرمجون على حلها، فكل ما يتوجب فعله هو وضع 19 أو 20 قبل رقم السنة المدخل من خانتين، هكذا ظنوا . غير أن منتصف العام الماضي شهد تغيراً عميقاً في النظرة لهذه المشكلة إلى الأبد على ما يبدو، فقد بدأ الكثير من الشركات بإجراء مراجعات رسمية شاملة لمشلة Y2K وبرامج إصلاحها ،وأصبحت مشكلة عام 2000 الموضوع الثابت في المنتديات التي تعنى بشؤون الكمبيوتر، وتزايد عدد المؤتمرات التي تعقدها بشأنها، وبدا أن الأمور أخذت طابع الجد، فصورت الصحافة التجارية والشعبية الأمر وكان وكأن " السماء ستنطبق على الأرض " . وظهرت أبعاد جديدة لهذه المشكلة، فقد تبين أن المسائل المتعلقة بمشكلة Y2K تضرب بجذورها في أعماق الأنظمة التي تستخدمها الشركات والمؤسسات في شتى أنحاء العالم، وأن هذه المشاكل لا يمكن حلها بسرعة، ومن غير المتوقع أن يتم إصلاحها جميعاً في كل الشركات والمؤسسات بنهاية يوم 31 ديسمبر 1999 م . إن الحقيقية المبهجة والمحزنة أيضاً هي ترابط الأشياء في عالم اليوم خاصة عبر الحواسيب التي أصبح لها القول الفصل في شتى أمور حياتنا، فعندما يتعلق الأمر بتاريخ انتهاء رخصة القيادة أو بطاقة الائتمان أو بطاقة الصراف الآلي أو موعد تسدد الكمبيالة أو تاريخ تقاعدك أو مدة خدمتك في الشركة أو تاريخ انتهاء صلاحية دواء ما فإن المر يقلق ولا شك . ومما يفاقم المشكلة أن العام 2000 سنة كبيسة بعكس العام 1999م، لذا فإن البرامج ستفشل في الانتقال من يوم 28 فبراير إلى 29 فبراير، ثم إلى 1 مارس 2000م إذا ظنت أنها تعمل في القرن العشرين، فاليوم 29 فبراير لا يأتي إلا في السنوات الكبيسة، أي كل أربع سنوات . الأبعاد الحقيقية للمشكلة : ذكرت سابقاً أن هذه المشكلة بسيطة من الناحية الفنية ،إلا أن إصلاحها غاية في الصعوبة، البرامج التي كُتِبَتْ في عقود سابقة خاصة للأجهزة المركزية الكبيرة أو ما تسمى ( المينفريم ) تتكون من آلاف بل ملايين الأسطر التي كتبت وتراكمت على مدى السنوات وشارك فيها عدة أشخاص على فترات متباعدة لا يعلم إلا الله متاهاتها ودهاليزها وبالتالي يصعب تحديد مواقع الأخطاء وإصلاحها ومن ثم اختبارها، وحتى لو تم اختبارها فمن المستحيل أن نضع اختباراً يشابه كل حالة يمكن أن يتعرض لها النظام في حساب التاريخ لأمر أو لآخر، ورغم أن الجهود توجهت بشكل أساسي حل المشكلات المتعلقة بالمينفريم، فإن انتشار أجهزة الكمبيوتر الشخصي في الشركات والدوائر الحكومية يجعل من الضروري أن لا نهمل مشكلتها مع علة الألفية الجديدة ويمكن أن تقع المشكلة في حاسبك الشخصي في واحدة أو أكثر من الموضع التالية : 1- نظام الإدخال والإخراج الأساسي والمعرف بـ BIOS . وهو جزء من جهاز الكمبيوتر مسؤول عن التخاطب بين الجهاز والبرامج، فعندما يطلب أحد البرامج الوقت أو التاريخ يزوده نظام BIOS بذلك من ساعة مركبة في الجهاز، فإذا كان نظام BIOS يعامل السنة على أنها من خانتين، فقد وقع الخطأ، والخبر الطيب أن معظم الأجهزة المصنعة في السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة مزودة بـ BIOS خالٍ من علة القرن، ويمكنك فحص نظام BIOS بعدة طرق أبسطها تقديم التاريخ إلى 31 من ديسمبر 1999م، الساعة 11 و 59 دقيقة، إغلاق الجهاز وتشغيله بعد دقيقة فإن أعطى تاريخاً صحيحاً وإلا فإنه يعاني المشكلة . 2- البرامج أو التطبيقات : مثل برامج الجداول أو قواعد البيانات فبعضها يعامل السنة من خانتين عندها تحدث الأخطاء، وقد قامت بعض الشركات بإصدار تحديثات مجانية للبرامج المصابة بتلك المشكلة . 3- برامج الربط بين الأجهزة الشخصية في الشبكات المحلية أو العالمية : فقد تكون الأجهزة العاملة في شبكة ما متوافقة مع عام 2000، إلا أن البرامج التي تربط بينها ليست كذلك فتقع المشكلة . وتوجد العديد من البرامج لفحص توافق جهازك مع العام 2000 يمكنك المبادرة باستخدامها كي تنام قرير العين ليلة رأس السنة الجديدة وأنت آمن من كابوس مزعج قد يحرمك لذة النوم . حسين الشملان – الجبيل الصناعية
8/8/1420هـ
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
|
|