|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
16-01-2009, 11:26 AM | رقم المشاركة : 1 |
منتدى السهلة الأدبي
|
( الربح والمتجر في علم النفس، ودور الإمام علي "ع" في ذلك ) صالح السعيد
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وعلى أصحباه المنتجبين، وبعد :. ونعيد اللقاء مرة أخرى مع مفاهيم اقتصادية في نهج البلاغة في حلقته الثانية والتي نتطلع من خلالها على : الربح والمتجر، في علم النفس ، في الطبقات، طُرُق الموازنة، ودور الإمام علي (ع) في ذلك . فلنبدأ : أولاً : الربح والمتجر : إن أمير المؤمنين (ع) قد خصصهما بالتخلص والتجرد من المادية، وجعلهما الارتقاء بالمادية إلى الروحية ووسيلة إلى السعادة النفسية، ونجد في الجانب المعاكس النظرية الماركسية الاقتصادية والتي جعلت من الربح والمتجر غاية لا وسيلة . ونرى النظريات تضرب الأمثال، فمنها : تقول بأن الله هو الغني والإنسان فقيرٌ، ودائماً معرض للخسارة والربح ففي الحج يخسر الإنسان مبلغاً من المال ففي هذه الحالة يصبح خسران، ويقول أمير المؤمنين علي (ع) لأبي ذر (رض ) : ( وستعلم من الرابح قداً )، فمن حديث الإمام (ع) يتبادر إلى أذهاننا بأن معنى مفهوم الربح ليس البيع والشراء، ولكن هو المفهوم ( الأخلاقي ) أي يريد أن يجعل الربح الاقتصادي منضوياً تحت المبادئ الأخلاقي، فكلاً منا يعلم بأن أبا ذرٍّ فقيرٌ ومعاوية غني، ولكن من هو الرابح من المنطلق الأخلاقي ؟ . ثانياً : في علم النفس : حدَّث الإمام علي (ع) ابنه محمد بن الحنفية (ع) ذات يومٍ وقال له : ( يا بني إني أخاف عليك الفقر ،فاستعذ بالله منه، فإن الفقر منقصة للدين، مدهشة للعقل، داعية للمقت )، ومن هذا أُدخِلَ الغني والفقر في التشبيهات للعامل النفسي والاقتصادي، حيث ( لا غنى كالعقل، و لا فقر كالجهل، ولا ميراث كالأدب )، والإمام ( سلام الله عليه ) يرى أن الفكر على المادة ولا ينكر تأثير المادة على الفكر ؛ لأن الإنسان نتاج الفكر والمادة . وهناك طريقان، فالطريق الأولى ( النازل )، وهو من العقل إلى المادية، والطريق الثاني ( الصاعد )، وهو من المادية إلى العقل . فما دامت المسألة تتعلق بالزمن والنفس اقتصادياً فإن الأمير (ع) لم يترك أهمية المال في التحكم في النفس، حيث قال ( المال مادة الشهوات )، وقال أيضاً ( القناعة مالٌ لا ينفد)، وهنا يوضح كيف يستطيع الغني التحكم في أمور النفس وشهواتها، وعلى الفقير أن يقنع قدر الإمكان . ** المنطلق النفسي عند الإمام علي ( ع) هو( الفقر الموت الأكبر )، فيتوجه (ع) إلى طبقة الأغنياء بالحديث، باعتبارها المسؤولة عن الفقر في المجتمع، فلو دفعت ما عليها من حقوق لما كان للفقر وجود، فيقول : ( فمن آتاهُ الله مالاً، فليصل به القرابة، وليحسن منه الضيافة .. وليعطِ منه الفقير )، فالفقر يؤدي إلى النقص في الحاجة، وكذلك الفراغ الروحي، والاغتراب حيث العنى في الغربة، وطني والفقر في الوطن غربة . ثالثاً : في الطبقات : إن مفهوم الإمام علي (ع) في الطبقات هو الملكية، حيث من كان يملك ما لا يستطيع إشباع رغباته فيعد من الطبقة الغنية كالرأسمالية والإقطاعية ،ومن كان معدماً للملكية، فيدخل في ضمن الطبقة الفقيرة كالفلاحين والعاملين . ومن هذا نستنتج أن المجتمع طبقتين، غنية وفقيرة، فهذا المجتمع غير متوازن، حتى يتم الخروج من الطبقة الفقيرة إلى الطبقة الغنية، وليس العكس، فلذلك نجد الإسلام يفرض ضرائب على كل مسلم ومسلمة الزكاة والخمس .. وغيرهما، ومن هذا يريد الإمام علي ( سلام الله عليه) أن يقول بأن الطبقة السائدة في المجتمع هي طبقة المعدمين ( الفقراء )، وهي الأكثرية، وتعتبر هذه الطبقة هي أساس المجتمع ؛ لأن بهذه الطبقة يتم العمل والإنتاج، وأما الطبقة ذات الحجم الأقل، وهم الذين يترفهون في العلو المادي، ولا يشعرون بما يدور حولهم، إلا الماديات ومصالحهم، والأفضل بنا أن نخفف عن الفقير حتى يتحسن وضعه . رابعاً : طرق الموازنة : في عهد الخلفاء الثلاثة من الخلفاء الراشدين يرى الأمير(ع) عدم اعتناق الموازنة الصحيحة في أموال المسلمين فمثلاً : 1) إعطاء الأموال لسابقين إلى الإسلام ومن كان سبق كان أكثر . 2) منع بعض الجنود من ملكية الأرض في العراق ن ولم يكن هناك منع للجنود في ملكية الأرض في مصر . 3) دعم الخليفة الثالث أقاربه اقتصادياً، حتى تجمعت لهم أموالٌ كبيرة وطائلة، ولكن نجد الخليفة الرابع عالج هذه السلبيات التي نشأت قبل عهده بالتساوي في توزيع الأموال . وقد استوحى الإمام علي (ع) منهجه بعد معالجة أخطاء السابقين من القرآن الكريم، وكانت على قسمين : أ - ما يتعلق بالحكومة . ب – ما يتعلق بالرعية . أ ) إن ما يخص الحكومة، فكانت على النحو التالي : - 1- مراقبة أموال الولاة والرؤساء، كمراقبته لشريح بن الحارث . 2- مراقبته لتصرفات الولاة، كما حدث لعثمان بن حنيف، حينما دٌعيَ إلى الوليمة، والإمام خاطبه بتلك الخطبة التي قال فيها ( أما بعد، يا بن حنيف، فقد بلغني أن رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبةً، فأسرعت إليها، تستطاب لك األوان، وتنقل إليك الجفان، وما ظننتُ أنك تجيب إلى طعام قومٍ عائلهم مجفوٍّ، وغنيهم مدعو، فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم، فما اشتبه عليك علمه فالفظه، وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه . ألا وأن لكل مأمومٍ إماماً يقتدي به، ويستضيء بنور علمه، ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه، إلا وأنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورعٍ واجتهاد وعفةٍ وسداد، فوالله ما كنزتُ من دنياكم تبراَ، ولا ادخرتُ من غنائمها وفراً، ولا أعددت لبالي ثوبي طمراً، ولا حزت من أرضها شبراً، ولا أخذتُ منه إلا كقوت أتان دبره، ولهي في عيني أدهي وأهون من عفصة مقرة، بلى ! كانت في أيدينا، فدك من كل ما أظلته السماء، فشحت علينا نفوس قومٍ وسخت عنها نفوس قومٍ آخرين ) . ولكن نرى في زماننا الحاضر أية حكومة اشتراكية كانت أو رأسمالية ، فالرؤوساء هم أول المستفيدين بالسلطة، وأما الإمام فقد قلب الآية في أن يكون الشعب هو المنتفع، والوالي عند الأمير هو الذي لا يملك ما يزيد عن حاجته من لباسٍ وطعامٍ وأن لا يكون ملاكاً، فلو وجِدَ مثل هذا لما عانى المجتمع . 3 – مراقبته لأموال المسلمين والمساواة بينهم وعدم التهاون في أمرهم ؛ لأن التجاوز عن الصغير يجر إلى الكبير . 4- عدم تمهل الإمام (ع) في عزل ما وجب عزله، مثل محمد بن أبي بكر، حيث إنه يعتبر ابنه بالتبني لقربه منه، ومع ذلك عزله، ولم يمنعه قربه منه من عزله، وعين مكانه الأشتر (رض ) مراعاة لمصلحة المسلمين . خامساً : الضرائب : إن الضرائب عند الإمام هي الوسيلة لبناء البلد وإسعاد الناس لا لإرهاقهم، وقد رسم الإمام (ع) مبادئ أخلاقية يجب أن يتحلى بها الجابي الضريبة، وأخرى لا يتصف بها الجابي . وأما طرق الضرائب فهي قسمين : إما نقدية أو عينية . وتوزع على حصتين : فحصة إلى الحكومة وهي الأعم، والحصة الأخرى إلى الفرد، وبالأخص الطبقة السفلى لرفعها من مستواها . ولا أنسى كيفية صرف الضرائب حيث، يتم توزيع الضرائب من العاصمة إلى المناطق ،وتصرف في شؤون المسلمين، والمتبقي يخزن في الخزينة، وبالضريبة يتم تأمين المساكن في المنطقة للأفراد غير القادرين على ذلك، كقوله (ع) للأشتر (رض) : ومُرْ أهل ملكة ألا يأخذوا منمساكن أجراً، فإن الله سبحانه وتعالى يقول : ( سواء العاكف فيه والباد ) . هذا والحمد لله رب العالمين، وصلى اللهم على محمد وآله الطيبين الطاهرين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
|
|