16-01-2009, 10:09 AM | رقم المشاركة : 1 |
منتدى السهلة الأدبي
|
( الكتابة وحرية التعبير ــ إنها أول اليقين !! ) جابر عبدالله الخلف
• الكتابة عمل تحريضي .. !! د. عبدالله الغذامي . • الكتابة مثار للحساسية الشديدة .. !! د. عبدالملك مرتاض . • الكتابة نوع من الإفراز النفسي .. !! محمد العلي . • الكتابة شوق مزمن للحرية !! محمد العباس . • لا تفسر كلامي بملعقة الشاي أو بفِخَاخ الطيور ، يحاصرني في المنام كلامي .. كلامي الذي لم أقله، ويكتبني ثم يتركني باحثا عن بقايا منامي ... !! محمود درويش . منذ أكثر من سنتين كنت أقرأ في كتاب اسمه (الإمام الصادق كما عرفه علماء الغرب) ، وهو مجموعة الأبحاث العلمية التي أعدها مركز الدراسات العليا المتخصصة في تاريخ الأديان بجامعة استراسبوغ الفرنسية بمشاركة نخبة من علماء الاستشراق وأساتذة الجامعات الأوربية والأمريكية ، وعدد من العلماء المتخصصين من الدول الإسلامية ، وكنت أثناء القراءة أخطط ـ كعادتي ـ بالقلم الرصاص حول ما يلفت نظري في الكتاب . نقل الكتاب إلى العربية الدكتور نور الدين آل علي ، وراجعه الأستاذ وديع فلسطين ، ووطأ له محمد قبازرد ، وقدم له الدكتور محمد عبدالمنعم خفاجي الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف . وهذه البحوث ألقيت في الدورة المعقودة في شهر مايو 1968م ، وقد شارك في هذه الدورة أكثر من عشرين عالما أوروبيا وأمريكيا وشاركهم علماء متخصصون من لبنان وإيران . وقد نشرت هذه البحوث دار المطبوعات الجامعية الفرنسية في باريس عام 1970م ، وقد وقف هذا المجمع العلمي دورته على دراسة الشيعة الإمامية وتاريخها العلمي والحضاري ، وقد ذكر المعرب أسماء المشاركين مرتبة ترتيبا أبجديا ، وعرف بهم تعريفا موجزا ص21 . ما يلفت النظر ، في الكتاب العنوان الآتي (مكانة حرية الرأي في مدرسة الإمام جعفر الصادق عليه السلام ) ، ومما:ورد في الكتاب النص الآتي (بإيجاز): تميزت مدرسة الإمام جعفر الصادق (ع) .. بحرية الرأي والبحث .. لقد أصبحت هذه الثقافة التي أرسى أساسها الإمام الصادق نموذجا لحرية الرأي والبحث .. أما حرية البحث في أمور الدين فقد بدأت في الإسلام بعصر الإمام جعفر الصادق عليه السلام . وفي ص194ورد النص الجوهري الآتي: والحق أن مجلس الإمام الصادق (ع) ومدرستَهُ كانا يمثلان منبرا حرا لتلامذته ومريديه ، لهم أن يسألوا ، ولهم أن يعترضوا ، ولهم أن يعبروا عن آرائهم وإحساساتهم بحرية تامة ، كما أن من حقهم أن ينتقدوا آراء أساتذتهم ، ولم يكن الإمام يفرض على تلامذته رأيا معينا ، ولا كان يطلب منهم الإذعان لرأيه ، ومع ذلك فقد كان الأمر ينتهي دائما بإذعانهم بالنظر إلى الأسلوب العلمي الذي كان الإمام يتوسل به للتدليل على رأيه بالحجة الناصعة والمنطق السليم والبيان الرائق . وفي ص239 نقرأ : ( كان من عوامل انتشار الأدب وذيوعه في أيام الإمام الصادق (ع) أن الإمام لم يكن يفرض على الناس رأيا بعينه أو اتجاها منصوصا عليه في الكتابة ، فكان الأديب يختار الموضوع الذي يتفق مع رغبته وذوقه ، كما كان الإمام من ناحيته يرحب بالأثر الأدبي منثورا أو منظوما ، ويتقبله برحابة صدر ، وإنعام نظر) وفي ص241 نقرأ : ( فلولا مدرسة الإمام جعفر الصادق (ع) ، ولولا تشجيعه الشخصي لجميع جوانب العلم والأدب لما ازدهرت العلوم في العالم الإسلامي في القرنين الثالث والرابع للهجرة ) وفي ص245 نقرأ : ( وقبل أكثر من اثني عشرا قرنا أمر الإمام الصادق (ع) بتحكيم العقل في تناول القضايا التاريخية ومعرفة حظها من الصحة أو الزيف ) وفي ص269 نقرأ ( أهم خصائص مدرسة الإمام الصادق (ع) ـ التي ساعدت على انتشارها وذيوع علومها ـ تأكيدها على الابتعاد عن كل تزمت وتعصب وضيق صدر وأفق ؛ ذلك أن الإمام الصادق (ع) لم يعط أتباعه ذريعة واحدة لتكفير من يخالفونهم في الرأي ، أو اعتبارهم منشقين أو مارقين) تعمدت أن أنقل بعض النصوص من الكتاب ، وأقول بعض النصوص وليس الكل ؛لأن الصالح للنقل والاستشهاد به كثير ، فالكتاب يحتوي على دراسات علمية لمنهج الإمام الصادق (ع) العلمي ، ومنهجه في التعامل مع الآخر المختلف سواء كان مسلما أو ذميّا أو ملحدا أو مشككا أو متسائلا أو حتى كافرا .. !! لقد كان النقاش في زمن الإمام الصادق (ع) يدور حول كل شيء.. حول الألوهية والربوبية والشك واليقين والعدل والتوحيد والمعاد والإمامة وخلق القرآن والنية والعمل وحول الفلسفة والحكمة والفقه وعلم الكلام دون حرج أو تضييق أو قمع أو فتاوى ، وكان أصحاب الإمام الصادق أنفسهم يختلفون فيما بينهم دون أن يكون ذلك هدما للدين أو تحطيما للمذهب أو زعزعة للثوابت . من الضروري التركيز على (الكتابة وحرية التعبير) في تناول الأفكار الموروثة ، فهذا حق للإنسان المتدبر ، وقد حث القرآن الكريم على ذلك في دفعه أولي الألباب على تفعيل عقولهم واستثمارها ، وعدم الاكتفاء بالنزعة الاستصحابية ، وقبول ما ذكره فلان في الكتاب الفلاني دون تحليل ، أو إعادة ما حرره علان دون مراجعة أو مناقشة ، {ولولا دفعُ اللهِ الناس َ بعضهم ببعض لفسدت الأرض }، مع احترامنا من حيث المبدأ لآراء الماضيين وتقديرها ، فهم رحمهم الله قد عبروا عن مواقفهم وآرائهم حسب ما توفر لهم من منطلقات ، ولنا أن نعبر عن آرائنا بما لا تعارض مع ما صح أنها من الثوابت ، وإن خالفنا سلفنا الصالح بالتي هي أحسن.. !! من الضروري في العمل المعرفي أن نعمل بمبدأ الاستيعاب والتجاوز ، لا يكفي أن نقرأ الآراء ونكررها بطريقة ببغاوية ، لا بد من استيعابها ، ومن ثَمَّ تجاوزِها .. والخطوة الثانية هي الأهم . لماذا هذا القلق المصطنع هذه الأيام حول كل شيء ؟ وتكفين أي نقاش أو حوار بأكفان الماضوية ، ووأد الأفكار بحجة الحفاظ على الثوابت ؟؟!! حتى أصبحنا ـ في كثير من النواحي وخصوصا ما نسميها مسائل العقيدة ـ أكثر سلفية ممن نتهمهم بالسلفية والجمود والتفكير الواحدي ! ألم نكن من الناقدين لكل نزعة سلفية في المذاهب الإسلامية الأخرى ؟!! ألم نكن ـ نحن الشيعةَ ـ من أكثر المنزعجين من التصورات المنغلقة والآراء المتشددة ووجهات النظر الأحادية عند المذاهب ، خصوصا السلفية المتشددة منها ؛ لماذا نقع فيما نحاول أن نفر منه أو ننتقدَهُ عند الآخرين ؟؟ كنا نشتاقُ لو أن حركة نقدية تنشأ وسط التيار السلفي أو من خارجه ؛ كي تخففَ من غلواء التفسيرات الأحادية لكل ما هو ثقافي أو أدبي أو ديني أو اجتماعي ، باعتبار النزعة السلفية تمثل تيارا واحدا في المملكة ، ولكن القاريء المتابع لا يفاجأ حين يلاحظ أن انفلونزا السلفية أصبحت متفشية في كل تيار أو مذهب ، وما تمر به ساحتنا الثقافية هذه الأيام من حالات اختناق ، وحمى ، وارتفاع في درجة الحرارة خير شاهد على وجود مؤشرات انفلونزا متجذرة وليست منتقلة ، كي لا نتهم الآخر بما هو محل ابتلاء عندنا ، حتى أن الأستاذ حسن المصطفى لم يتردد في كتابة مقالة مثيرة للجدل في الإنترنت حول ما أسماه (السلفية الشيعية) . ما يجري على صفحات بعض صحفنا المحلية من نقاشات حول قضايا كانت تمثل مسلمات دينية واجتماعية بجرأة غير مسبوقة يبعث في الروح الأمل في إزاحة الطبقات المتكلسة والجليد المتراكم عن وجه الحركة الثقافية في البلد . من يتابع جريدة الوطن ، أو الحياة أو الشرق الأوسط يلاحظ وجود حركة نقدية جريئة لقناعات ومسلمات سابقة ، مثل: دور علماء الدين وخطباء المساجد ، والفتوى الارتجالية، والقضاة ، وهيئة كبار العلماء ، والحجاب والنقاب ، وقيادة المرأة للسيارة ، وإغلاق المحلات التجارية وقت الصلاة ، وتوفير دور سينما، وزواج المسيار والمسفار والزواج الصيفي والسياحي ، بل الردود القوية على كبار الزعامات الدينية والاجتماعية في المملكة في [ جريدة الوطن العدد 2164، السبت 9 شعبان 1427 ، ردا على الشيخ صالح الفوزان ، محمد عيد العباسي:المحظور يكون في تحريم ما أباحه الله وفي كتمان العلم ، ونجيب عصام يماني في العدد نفسه:ارتضينا الألباني مرجعا في الأحاديث ، ورفضنا أدلته في حجاب المرأة ، والردود المتوالية على الشيخ عبدالله المطلق حول فتواه بجواز الزواج بنية الطلاق للمبتعثين ، وفي جريدة الحياة العدد 15998 الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع ، في رده على الشيخ صالح بن محمد اللحيدان حول الاستعانة بعلم الفلك فيما يتعلق بولادة الهلال] ، وفي الرد الأخير صراحة ونقاش واختلاف وجرأة ، ربما يعد هذا سابقة في مثل وضع بلدنا الديني والثقافي المعتمد على الأحادية وادعاء الإجماع ، وأيضا في مثل شخصيتين دينيتين في هيئة كبار العلماء .. ويمكن ملاحظة النقاش الجرئ الذي يثيره الكتاب والمثقفون في صحافتنا المحلية ، مثل: يحيى الأمير / عبدالله بن بخيت / محمد علي المحمود / حسن فرحان المالكي ، وعودة الجدل حول الأنواع الأدبية ، والنقاش الحاد بين التيارات الفكرية ، وجدل الحداثة والتراث ، فهذا الطقس الثقافي المحتدم من الطبيعي أن ينعكس على جميع أفراد المجتمع السعودي بكل أطيافه .. !! من الضروري جدا أن يمحص المرء الخزين المعرفي المنطوي داخل قناعاته الذاتية بين الحين والآخر ، ومن المبهج جدا أن يكون (خارجيا) على بعض قناعاته الخاصة دون الادعاء لها بأنها من الثوابت ، وهذا هو النقد الذاتي في أبسط صوره . على المستوى الثقافي هناك أفكار تمثل إطارا فكريا عاما في المجتمع يلتزم بها جميع أفراده ، وفي الوقت عينه هناك أفكار هي التزام شخصي ، وليست تمثل إطارا فكريا عاما ، أظن أن الفرق بينهما واضح ، ولكن للأسف يوجد ارتباك غير مبرر في التفريق بينهما ، حتى أضحى كل شيء من الثوابت الدينية والاجتماعية ! نكاد نكون هذه الأيام أكثر سلفية وترددا وتخوفا وجمودا من عصر الناس في زمن الإمام الصادق (ع) رغم أن الأفكار في زمنه كانت أكثر حساسية وعمقا وأوسع اشتباكا واحتداما !!؟؟ لماذا أصبحت نظرتنا لحرية الرأي مشوبة بالهواجس ، ومطليّةً بالظنون ، وكأن الأمور خارجة عن السيطرة .. !! حتى لقد أصبح كل طرح جديد مختلف هذه الأيام محل ارتياب واعتراض بمبرر أو دون مبرر ، سواء كان هذا الطرح الجديد من مثقف أو ناقد أو معلم أو طبيب أو مهندس أو باحث بحجة أن كل عامي هو مقلد ، ولا يجوز له الاجتهاد والبحث بمعناهما العام ، وليس بمعناهما الشرعي المحدود ، بل حتى الرأي المختلف هو محل ارتياب واعتراض حتى لو كان صادرا من فقيه أو مرجع جامع للشرائط كما في الأدبيات الحوزوية ؛ بحجة أنه فقيه معاصر منفتح على رياح التجديد والعولمة ! كلما انفتح العالم ازددنا مساءلة وانغلاقا وجمودا وركودا في شرنقة الهوية والخصوصية ؛ ولكن كل تهويل من أي رأي جديد هو بمثابة الدعم المجاني له ؛ والمطلوب هو النقد .ثم النقد .. والنقد فقط ؛ كي تنمو الأفكار في تربة الحرية المسؤولة والوعي المتطور . حين تكون الكتابة جزءا من الحراك الثقافي يصبح المجتمع أكثر حيوية ودينامية ، وهذا يدل على أن تغييرا قادما سيمر به المجتمع ، ولا أقول (تَحَوُّلا)، على الأقل هذا يبشر بالخير أننا سنتحول من طور الشفوية إلى الكتابية ، ومن القيل والقال إلى ممارسة الكتابة والتدوين ، ومن السماع والنقل إلى النقد والتحليل . قلتُ في مقالة سابقة عن الدكتور عبدالهادي الفضلي أنه دعا في إحدى محاضراته التي كانت بعنوان ( المناهج المعاصرة في تفسير الظاهرة الشرعية ) إلى اتباع طريقة الإمام الصادق (ع) وهي نقد المنهج ؛ وليس نقد المفردات ، فنقد المفردات لا ينفع .. إن التوقف عند التفاصيل الجانبية والجزئيات الهامشية لا يرد خطأ ، ولا يثبتُ صوابا .. وإن استسهال الكلام في المحافل العامة عبر الميكروفون أو الأحاديث الغامزة في المجالس لا يدفع شبهة أو يجلو فكرة ، وإنما الكتابة الناقدة بحبر الوضوح والصراحة والاحترام المتبادل !! أظن أنني واضح بما يكفي ، ولكنني أود أن أكون أكثر وضوحا ، فـ(جلاء العبارة خير من استجلائها) ، فأكدّ على أن احتمال الخطأ والصواب وارد فيما يطرح من أفكار أو قراءات أو كتابات في جلسات المنتدى الشهرية،فالصواب يذكر ويشكر بموفور الثناء والشكران ، والخطأ مردود .. وكلٌّ يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر (ص) ، ولكن ليس من المعقول أن يتمَّ إذاعة الأحاديث وإشاعتها بشكل يفصل بعضها عن بعض ، وسط سوق الكلام .. فذهن الغائب خالٍ من ملابسات الواقع ، والنقل يشوبه الحذف والإضافة والنقص والزيادة والمد والجزر ، ولا أقول التحريف فهذا اتهام في النوايا نترفع عنه جميعا .. حتى بلغ بأحدهم مشكورا أن دس في جيب أخينا الأستاذ حسن نصيحة باردة في ورقة عابرة يعظه ويدعوه بعدم اقتفاء ما ليس به علم .. وهذا الأخ الكريم الصادق النية أخطأ الأسلوب ، وأحسن النية والقصد فجزاه الله بحسن نيته الدرجات الرفيعة ، فـ( الناس ثلاثة: عالم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج رَعَاعٌ أتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح ..) وأحسب أن أخينا حسن متعلم على سبيل نجاة ،فله حق المتعلم واحترام المعلم ، ولن أكتم عتابي الأبيض لصاحب الورقة العابرة؛ لاعتماده على النقل ، وعتابي الأكثر بياضا لمن نقل أحاديث المنتدى وأشاعها دون التفات أو تأنٍ : فقلت وما أحير سوى عتاب * ولست بعارف لمن العتاب أحقا بيننا اختلفت دروب * وما اختلف الطريق ولا التراب وختاما: قال: أنا لا أكاد أشكّ ، فقلت له: وأنا لا أكاد أوقن ، قال لي: ما الحل ؟ قلت: ما شق ثوب بين عاقلين .
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
|
|