العودة   منتديات الطرف > الواحات الإسلامية > ۞ ۩ ۞ الواحة الإسلامية ۞ ۩ ۞




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 23-07-2008, 09:58 AM   رقم المشاركة : 1
الفضل المقيم
طرفاوي جديد
 
الصورة الرمزية الفضل المقيم
 







افتراضي العرض وأهوال الحساب

العرض وأهوال الحساب

يقول تعالى في كتابه الكريم: {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} (ق:16).

في هذه الآية يريد الله سبحانه وتعالى أن يقول للناس، إنّه يعلم كل ما تنفتح عليه أنفسهم، حتى الوسوسات التي تتمثّل في مشاعرهم، وأحاسيسهم وأفكارهم، فهم مكشوفون بشكلٍ كلي أمام الله، بحيث لا يخفى عليه شيء منهم، فلا يملك الإنسان أن يستتر من الله بأيِّ ستر، {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد}، أي أنّ الله أقرب إلى الإنسان من ذلك العرق الذي هو ألصق شيء به.

تصحيـح النـوايا

فعلى الإنسان إذاً أن يشعر برقابة الله عليه حتى وهو يفكّر، لأنّه عندما يستغرق في التفكير والأمنيات، قد يصل إلى تمنّي ما هو حرام عليه، أو قد تخطر له جملة من الأوهام والظنون التي تتصل بالأشخاص من حوله، وقد يأخذ حريته في ذلك، لأنه يدرك عدم اطّلاع الناس من حوله عمّا يجول في خلده من تفكير، وعما يظنّه بالآخرين، ما دام لا ينطق بما يفكر، إلا أنه ينسى أنّه مكشوف أمام الله الذي يعرف كلّ ما يفكّر فيه حتى وإن لم ينطق به.

وكما نخجل من الناس عندما يطّلعون على بعض أمورنا الخبيثة أو المخجلة، كذلك ينبغي أن نخجل من الله سبحانه وتعالى عندما يكشفنا ونحن نفكر بطريقةٍ غير جيدة، وإن كان الله يحاسبنا على أفكارنا، لأنّ الله لا يحاسب الإنسان إلا على ما ينطق به ويظهره ويفعله، إلا أنّ على الإنسان أن يفهم أنه عندما يفكر بأفكار سيئة، ويستغرق في هذا النمط من التفكير، فإنّ من الممكن أن يتطور هذا التفكير إلى فعل، ولذلك عليه أن يمنع نفسه من الأفكار السيئة التي تتصل بالجانب الأخلاقي والجانب العدواني، وما إلى ذلك.

ثم يبيّن الله لنا أنه مع علمه بكل ما توسوس به أنفسنا، قد جعل علينا شهوداً يسجلون علينا أعمالنا، وهم الملائكة. والملائكة لا يطّلعون على خفايا النفس، ففي دعاء كميل: "وجعلتهم شهوداً عليّ مع جوارحي، وكنت أنت الرقيب عليّ من ورائهم، والشاهد لما خفي عنهم"، أي أن الله لا يطلع الملائكة، الذين هم عن اليمين وعن الشمال، على أفكارنا وأوهامنا وتمنياتنا، لأنّ ذلك من الأمور التي يستقلّ الله بمعرفتها، ولكنّ الله جعلهم شهوداً علينا، يسجّلون كلّ ما نقوم به، {إذ يتلقّى المتلقّيان عن اليمين وعن الشمال قعيد} (ق:17)، فلكلّ إنسان ملكان يلازمانه، واحد عن اليمين والآخر عن الشمال، {ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيد} (ق:18)، فهما يسجّلان عليه كل أفعاله وأقواله التي يتكلم بها، وإن كانت على سبيل المزاح. هذه الرقابة الإلهية والرقابة الملائكية، تبقيان مستمرتين في حياة الإنسان إلى أن ينتهي أجله.

شهـادة الأعمـال

{وجاءت سكرة الموت بالحق}، فالإنسان عندما يكون في حالة احتضار، يغيب عن الواقع الذي من حوله تماماً كالسكران، فلا يشعر بما حوله. {ذلك ما كنت عنه تحيد} (ق:19)، أي أنّك كنت تحيد دائماً عن الوصول إلى هذه المرحلة من سكرة الموت، فتتعدّى أي خطر، حتى لا تصل إلى هذه اللحظة، ولكنّها لحظة لا بدّ منها، لينتقل بعدها الإنسان إلى ربّه، {ونُفخ في الصور ذلك يوم الوعيد} (ق:20)، والصور هو البوق الذي يوقظ الأموات من أجداثهم، وهو كناية عن الصيحة القوية، التي تجعل الناس يخرجون من أجداثهم كأنهم جرادٌ منتشر، ذلك يوم الوعيد، يوم القيامة.

{وجاءت كل نفسٍ معها سائقٌ}، كما هو الحال في المحكمة، حيث يحتاج الإنسان إلى شرطيّ يسوقه إلى قاعة المحكمة، {وشهيد} (ق:21)، وهو الشاهد الذي يشهد معه أو عليه، وعندما يصل، فهناك عالم جديد لم يكن يتصوّره أبداً، وهو ما يدفع هذا الإنسان إلى القول: {ربِّ أرجعون لعلّي أعمل صالحاً فيما تركت}، لأنّه لم يكن يعرف أن الأمور بمثل هذه الشدّة، ويأتي الجواب: {لقد كنت في غفلةٍ من هذا}، كنت مستغرقاً في متاع الحياة وأطماعها ومشاكلها وشهواتها، والغفلة هي العمى وعدم الانتباه، لذا ورد: "الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا".

وقد جاء في بعض الأحاديث عن النبي(ص)، يصوّر فيها مسألة الموت والبعث:
"إنكم لتموتنّ كما تنامون"، تماماً كما هي حالة النوم، وإنما الفرق هو أن النائم يتنفّس ويتحرك، بينما الميت هو جسدٌ جامد لا حركة فيه، "ولتبعثنّ كما تستيقظون"، ثم يكون البعث، بحيث تعود الحركة إلى الجسد، وتتنبّه كل حواس الإنسان، فيلتفت إلى ما يجري حوله. ولذلك ورد في دعاء يوم الأربعاء: "ولك الحمد أن بعثتني من مرقدي، ولو شئت لجعلته سرمداً".

{لقد كنت في غفلةٍ من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد} (ق:22)، أي كنت مغمضاً كالأعمى، أما اليوم فبصرك حادّ، بحيث ترى كل شيء. {وقال قرينه}، والقرين هو الصاحب الذي يكون معه في الدنيا، وقد يضلّ صاحبه في كثير من الحالات، لذلك عندما يبعث الإنسان يوم القيامة {يعضّ الظالم على يديه}، والظالم لنفسه {يقول يا ليتني اتّخذت مع الرسول سبيلاً} (الفرقان:27)، ليتني اتّبعت خط النبي، {يا ويلتى}، ينادي بالويل، {ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً} (الفرقان:28)، يا ليتني لم أتخذ فلاناً صديقاً وصاحباً، {فقد أضلَّني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً} (الفرقان:29)، فإنّ الشيطان يضل الإنسان عن ذكر الله ويوسوس له، ثم يهرب عنه قائلاً: لا شأن لي بك اليوم.


مقتبس من موقع بينات تابع للعلامة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله دام ظله

 

 

 توقيع الفضل المقيم :
أنا في كل نجوى الحب والفن جمالا
الفضل المقيم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23-07-2008, 08:15 PM   رقم المشاركة : 2
(روح الله)
طرفاوي فائق النشاط
 
الصورة الرمزية (روح الله)
 







افتراضي رد: العرض وأهوال الحساب

اشكرك اخوي الفضل المقيم
موضوع رائع وفوق الرائع
ينبه يذكر عن الغفل بس اين
من يقرأ مثل هذه المواضيع المفيده
دنيا واخره
ان شاء الله نرى الافضل والاكثر
موفقين لكل خير

 

 

 توقيع (روح الله) :
[/QUOTE]



((لا تـُسـئ اللــفــظ وإن 0ضــاق بـك الـجــواب))
(روح الله) غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 01:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد