العودة   منتديات الطرف > الواحات الخاصـة > منتدى السهلة الأدبي




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 16-01-2013, 02:49 PM   رقم المشاركة : 1
منتدى السهلة الأدبي
منتدى السهلة الأدبي






افتراضي افتتاحية جلسة صفر 1434هـ ـــ جابر الخلف

أسئلة الأنا المذهبية .. الفضيلة المغيبة


كل يوم أزيح عني ثوباً
بالياً من عقائد الأحقابِ‏

أملاً أن أعرّيَ النَّفسَ حقاً
من لباسٍ يشينها وحجابِ‏

غير أني إنْ أنضُ ثوباً، أُصادفْ
ألف ثوبٍ ملاصقاً لإِهابي‏

فتراني ما عشتُ أنزع أثواباً
كأني كُوّنتُ من أثوابِ‏

صرتُ أخشى, إن أنضُ كلَّ ثيابي
لم أصادفْ روحاً وراءَ الثِّيابِ

فكأني القشورُ كُوّنَ منها
بصلٌ ما به سوى الجِلبابِ



هذه الأبيات للشاعر أحمد الصافي النجفي (1897م ـ 1977م)، وهي بعنوان (أثواب الروح) من ديوانه (الأَغْوَار)،
وهي تعبر عن صراع الشاعر مع يقينه الموروث، وفي الأبيات تكمن فلسفة الشاعر وموقفه من (عقائد الأحقاب) وسلطتها،
وهو تساؤلٌ كامنٌ في روحه وعقله؛ ولذا يخوض من أجل تجلي روحه صراعا مريرا مع الحجبِ المرئية وغير المرئية .


هذا الصراع ـ بالضبط ـ هو ما يعيشه كل من يبحث عن (جوهر الرسول)، أو (جوهرِ الحسين) وسط ركام (عقائد الأحقاب)،
أو بين حجب التاريخ، وسجال المقولات، وأثواب الطقوس وجلابيبها .
هذه التساؤلات التي كانت كامنةً كمونَ الوجعِ في روح أحمد الصافي النجفي وعقله، وقد أطلقها في محاولةٍ جريئة للتحرر من قيود الموروث،
وأغلال الأحقاب، وهو في محاولته التي جاءت في قالب شعري متحرر أيضا من بلاغته ومجازه؛ جاء وجعه مجردا مثل تجرد روحه وتحررها،
وهو في ذلك لم يقصد إلى تحرير العالم، وإنما قصد إلى تحرير ذاته بوصفها مثالا لوجع الإنسان الرازح تحت وطأة الموروث وسلطته الفادحة .

إن من يرصد التدافع اليومي (المعاد المكرور) كلَّ عام نحو ترسيخ سلطة الموروث منذ أن تطلَّ علينا السنة الهجرية الجديدة حتى آخر يومٍ منها ..
ليتساءل بينه وبين نفسه بمثل ما تساءل به أحمد الصافي النجفي، ما الذي يكمن وراء هذا الكم الهائل من التعبئة الجماهيرية كل يوم من أجل
تكريس ما صح من (عقائد الأحقاب) وما لم يصح ؟ ما ثبت وما لم يثبت ؟ ما يعقل وما لا يعقل ؟ ما يرى وما لا يرى ؟ ما يدرك وما لا يدرك ؟
من المسؤول عن كل هذا التراكم المتتابع المتكرر المعاد من ترويج ثقافة المنامات والأحلام والرؤى،
والتشجيع على إحياء الطقوس التي تدفع بالمجتمع نحو الانتحار المعنوي ؟
لماذا لا نكف عن نظرية المؤامرة والاستهداف من الآخر، والتخلص من عقدة الاضطهاد، وممارسة دور الضحية،
والتفرغ لإحياء شعيرة نقد الذات، وإقامة الليل في تحرير العقول من (عقائد الأحقاب)، و(موروثات التاريخ)، و(فيروسات الأقوال المتلقاة)،
والصيام على نقد الآخر الغارق في أخطائه وموروثاته، والتسامي بنقد الأنا المذهبية، ونشر الوعي، وتكريس القيم الإنسانية
التي كانت جوهر (الرسول) وجوهر (عليّه) و(فاطمته) و(حسنه) و(حسينه) ؟!
لماذا إقحام المجتمع في كبائر القيل والقيل، وإشغاله في فرائضه ونوافله بقضايا ليست من صميم مستقبله،
وإلهاؤه عن فضائل أخيه الإنسان ومحاسنه وروائعه .. ؟؟

إن اختيارات المجتمع أصبحت مفتوحة على أبعاد ورؤى أخرى غير ما يراد له؛ لقد أصبح من الضروري تفعيل دور العقل النقدي مقابل تسيد العقل التسليمي،
وأولى خطوات ذلك هو التخلص من عقائد الأحقاب ، والأفكار المتوارثة، وليس هذا بالأمر اليسير، ولكن لا بد من اجتراح ( الخطوة الصاهلة ) !!!
إنها مجرد أسئلة ليس إلا .. أرجو لها أن تكون بحجم أسئلة الصافي النجفي وبياض روحه !!؟


تمتاز جلسة هذا الشهر بالتنوع (وإن كنا قد حاولنا أن تكون حول شخصية الرسول الكريم)، أثار احترامي تنوع عناوين المشاركات
وعميق مدلولاتها فمن التصوير الفني في الحديث النبوي إلى الوسطية والاعتدال والفكر والنقد إلى الأحلام بين العقيد والعلم إلى أخلاقيات التغيير ..
فهذه كلها مفاهيم ذات أبعاد ورؤى عميقة الدلالات جليلة المعاني تكرس ثقافة الوعي وتبشر بالغمام الآتي حتما ولو بعد حين .. !!


جابر الخلف

 

 

منتدى السهلة الأدبي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 05:57 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد