العودة   منتديات الطرف > الواحات الخاصـة > منتدى السهلة الأدبي




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 31-03-2010, 05:41 PM   رقم المشاركة : 1
منتدى السهلة الأدبي
منتدى السهلة الأدبي






افتراضي الإشكاليون بين أزمة الثقافة ومأزق الهوية ــ عيسى بن مبارك الربيح

الإشكاليون بين أزمة الثقافة ومأزق الهوية
عيسى بن مبارك الربيح


هذا المقال بدعوة من الأخ يوسف الشريدة، سنقوم فيه بوصف بذرة مشروع شغل به تفكيرنا قبل شهرين تقريباً، فقمنا بتسجيل (خمس حلقات) بمنتديات الطرف في قسم المنتدى الإسلامي، وفي المسودة لدينا أفكار لحلقتين أو ثلاث ستدرج بمشيئة الله؛ وبذلك يكون ما لدينا الآن ( ثمان حلقات تقريباً )..

هذه الحلقات لن تكون نتاجاً نهائياً، إنما هي مشروع تجربة في الكتابة حول مفردة ( الإشكال ) في مسارها السلبي العقيم، وذلك حينما يتلبسها أشباه المثقفين..

يفترض أن أقرأ حلقة أو اثنتين على الأقل من الحلقات لأعطي صورة ولو جزئية عما كتبته في المنتديات، لكني أوضحت للأخ يوسف: أن ما جاء في الحلقات هو بداية المشوار، وبعض الأفكار فيها مختزل جداً، وأنا أرى أنه ربما من غير المناسب لي بأن أعرضها على وضعها الموجود في المنتديات، لأن ترتيب الأفكار وتتاليها لم يخضع لمنهجية، إنما خضعت لأسلوب الشرح ورصد الظاهرة بالوصف وتحليلات متفاوتة ومتفرقة عن نتاج الإشكاليين في شتى المنابر والمصادر، فكان ما كتبناه هناك يشرح المفردة ويصفها ويحشد الشواهد والتعليقات على وجودها كظاهرة ثقافية متنوعة في حواراتنا ومنتدياتنا وإعلامنا المتنوع..

ورغبة منا في عدم الاستعجال بالصياغة النهائية لمشروع الحلقات، استجبنا لهذه الدعوة.

سأقوم هنا بوصف ما قمتُ به في الحلقات الخمسة، بشكل موجز، وأرجو وراء هذا الطرح أن أستفيد من آرائكم وملاحظاتكم لتطوير الفكرة فيما بعد ..
الموضوع هو: ( الإشكاليون بين مأزق الثقافة والهوية )
في العنوان استعملنا ثلاثة مصطلحات قمنا بشرحها في الحلقات، وهي:

الإشكاليون: نعني بهم من يستخدم أسلوب الإشكال المغلق بصياغة الاستفهام الاستنكاري، أو التقريري، أو يعتمد استنتاجات ونتائج قامت على إشكال مغالط أو أكثر.

وبسبب استعمالنا لمفردة ( الإشكال ) دون غيرها من المفردات يعود إلى أن هذه المفردة تحمل ما نريده من فكرة على الرغم من التداخل في هذه المفردات مع المفردة التي استعملناها، وكأنها وجوه لعملة واحدة، ويهدف صاحب الإشكال وراء كل ذلك إلى إثارة الضعف والقصور والتوهين للجهة المنقودة والمشكل عليها أو ضدها.

الإشكال: الأمر الذي يوجب التباساً في الفهم.

فمشكلة (الإشكاليين) هنا مشكلة فهم، فبسبب طريقة تفكيرهم المتحيزة لرصد السؤال المغلق، فإنهم يعيشون أزمة فهم في كل ما يتلقونه ويفكرون فيه وينتجونه، من ثم ما يدافعون عنه؛ سواء مما يكتبون أو ما يختارونه نموذجاً لفكرهم وقراءاتهم ومتابعاتهم.

الشك: في الأمر، التبس عليه وارتاب، وهي حالة نفسية يتردد معها الذهن بين الإثبات والنفي ويتوقف عن الحكم، والشكاكون هم فرقة من الفلاسفة يترددون بين إثبات حقائق الأشياء وإنكارها، ويسمون في الفلسفة الإسلامية ( لا أدرية )، وهم فريق من السوفسطائيين الذي يثيرون الجدل والمغالطة بهدف التشكيك لا غير، أو إثبات دعواهم على نحو جدلي.

الشبهة: الالتباس، أو الالتباس في الأمر أحلال أم حرام، أحق أم باطل، سواء كانت من الشخص المتلقي للأمر، أو قصور من المادة نفسها.

إذن.. مفردتي الشك والشبهة قد يستعملهما الإشكالي في طرحه لخدمة هدفه كما أشرنا.
وللتوضيح نقول:

إن المثقف دائماً ما يستخدم بذرة الأسئلة ليزرع بها مشوار بحثه وعطشه للأشياء والمفردات من حوله.
والسؤال كما يُعرِّفه أحد علماء التفكير: هو التفكير ذاته، أي أن عملية التفكير التي يقوم بها الإنسان عبارة عن طرح سؤال والإجابة على هذا السؤال ذهنياً..

وهذا هو مشوار المفكر والباحث المثقف، فالأسئلة هي بداية التطوير والتجديد، وقد تتلبس الأسئلة الكثيرة من الأساليب، وكلما بذل المثقف جهداً علمياً وموضوعياً عميقاً كانت الاستفادة والوصول للحقائق والمعارف أكثر عمقاً.

وعادة ما تحدث هذه العمليات ذهنياً وبصورة سريعة ومعقدة، لتفرز لنا نتائج ونوعيات من الأجوبة قد تكون بعيدة عن الحقائق العلمية، أو خاطئة منطقياً أو تخصصياً بنظر البعض، لأن المتلقي هنا لم يشهد سلسلة الاستنتاجات والاندماج الفكري لمن طرح الفكرة.
ولكي يتضح المصطلح أكثر نقول: بأن أسلوب طرح السؤال ( التفكير ) له طريقان:

طريق مفتوح وطريق مغلق.
ونعني بالطريق المفتوح: أن يستجيب المثقف بمجموعة من الأفكار والآراء حينما يطرح تساؤله أو نقده ويسير في طريق علمي واضح، معتمداً الدليل، والمرتكزات العلمية في مساره، مبتعداً عن الذاتية، وأسلوب المراوغة والتزوير والخيانة والتهم، وغيرها من أخلاقيات البحث والحوار العلمي، واضعاً نصب اعتباره الهدفية ومسؤولية الكلمة والمحتوى، هذا بالإضافة إلى تمكنه واستعداده لخوض هذا الغمار، واستعمال الأساليب المناسبة لسلسلة بحثه.
وهذا الطريق هو الطريق الإيجابي للمثقف.

أما الطريق المغلق، فنعني به: أن يطرح المثقف تساؤلاً أو نقداً أو شبهة لأمر ما، من ثم يقوم هو بالإجابة على نفسه بما يمتلكه من مخزون ناقص وغير كافٍ، ويقوم برصد نتائج كثيرة تعتمد على هذه الأسس الضعيفة، من ثم يصوغ النتيجة على شكل إشكال استنكاري نقدي، أو فكرة تقريرية.

وهنا في هذا النوع من التفكير يوهم المثقف نفسه بأنه سلك السبيل العلمي والموضوعي، لكن وبشيء من التدقيق لما صاغه وقرره، نستطيع أن نكشف زيف دعواه، وذلك حينما نكشف له التقصير العلمي الذي يحمله ويعتمد عليه في استنتاجاته، وعادة هذا النوع نراه يدافع ويراوغ ويتعنت لرأيه على شاكلة الدفاع المستميت، وكأن نتائجه قرآن منزل، أو رأي لا يقبل المراجعة والتعديل أو الخطأ والقصور.

وهذا النوع من التفكير نراه دائماً ما يتسم بالنتاج الارتجالي، والآني، لا يراجع.. لا يتهم رأيه، بل غيره هو المتهم، وحتى لو اتضح له الأمر، نراه يدافع بشراسة عن رأيه، ويحرس فكرته بعتادة الجاهل والقاصر، كل ذلك كي لا يقال له أنت مخطئ أو رأيك غير صائب.

وهذا النوع ما نعني به الطريق المغلق السلبي العقيم.
تنظر حلقاتنا إلى هذه الظاهرة وتكاثفها الفظيع خاصة مع الانفتاح الإنترنتي والفضائي لشرائح كثيرة ومتنوعة ومختلفة، على نحو المشكلة والمأزق والأزمة التي يعيشها هذا الصنف بين إيضاح هويتهم الثقافية وحدودها، وبين الثقافة الإسلامية نفسها، والتي يدعي كثير من الأصناف حمل هذه الثقافة في حوارات وجدليات كثيرة مكتوبة أو مسموعة أو مرئية.

في الحلقة الأولى قمنا بوصف المشهد المتنوع لهذه الشريحة، ورصد أقوالها، وأحوالها لتبرز على رأس الهرم.

وفي الحلقة الثانية قمنا بتصنيف النشاط الثقافي على شكل ثلاثة أضلاع: ( الهدفية، والمعلوماتية، والإسلوبية ).

فالهدفية نعني بها: أن كل نشاط ثقافي لا بد من هدف ورسالة يريد تحقيقها، وهنا ألفتنا النظر للمتلقي كي يختبر دعوى كل نتاج ثقافي يدعي الهدفية في رسالته، وأن يتابع مقدماته وأسسه ونتائجه وأساليبه ليكتشف بنفسه، هل التزم هذا المثقف بدعواه أم لا.

ونهدف من وراء هذا التنويه أن لا يقع المتلقي في مصيدة ( الشعار المزيف ).

والمعلوماتية: نعني بها أن يكتشف المتلقي نوعية المعلومة، وإلى أي حقل تصنّف، هل هي ثقافة دينية أم غير دينية، أم مذهبية أم علمانية أم ...

وتتبع الخلفيات التي تقف أمام الأطروحات والأفكار، كي يكون المتلقي على دراية تامة بما يقرأ ؟ ولمن يقرأ ؟

أما الأسلوبية: فنعني بها طرق تمثيل المعلومات ونوعية الخطاب ولغة الحوار، وقوالب نقل المعلومة، ومن هذا الضلع نشأ تيار الإشكالية، حيث بريق النقد والسؤال والتلاعب والمراوغة بالأساليب الاستفزازية في الجدل والطرح.

ونأتي الآن لإيضاح المفردتين اللتين وضعنا الإشكاليين بينهما في مأزق وأزمة في عنوان الحلقات.
الثقافة: نعني به هنا حامل الثقافة ( المعلومات والوعي والإدراك المتوسع للأفكار )، أو صاحب رؤية ومنهج أو أي نشاط ثقافي.

الهوية: ونعني بها ثلاث هويات ( إسلامية، مذهبية، ثقافية تيارية ). وهي الخلفية التي ينطلق منها الباحث، والهدف الذي يرمي إليه من نشاطه الثقافي.

ونحن نرى أن الإشكالي يراوح أزمته ومأزقه المتورط بين هوية غير واضحة وأحياناً متناقضة مع ما يدعي، وبين ثقافته التي رقعها بصورة غير منظمة وغير منهجية، واتكائه الواهم على شعارات براقة كالحرية والتنويرية وتنمية المجتمع.

وفي حلقات أخرى طرحنا المشكلة وظواهرها وأسبابها وآثارها، والخلفيات غير المرئية لتفشيها، واستنطاق الأهداف المغرضة في نتاج كثير من المثقفين المتأثرين بتيار العلمانية على نوعيها الجزئي والشامل، أو التيارات الأخرى.

ثم طرحنا طرق التعامل مع هذه الظاهرة كإسلوب علاجي ( دفاعي يحمل خطة هجوم نقدي لهذه المنهجية من التفكير والنتاج ) على نحو موجز.

وقمنا بالإشارة إلى أن هذا التيار وما يعتقده في أدواته وأساليبه حيث يرى نفسه أنه هو الحاكم والقيّم على كل فكرة وكل ظاهرة، وكأنه القاضي الوحيد الذي له الحق في تصدير رأيه، وفي حيال ذلك قمنا بقلب المعادلة، وتبديل الأدوار، حيث نقوم نحن بتقييم ونقد نتاجه الناقد، مؤمنين بأهمية نقد النقد، وعدم الاستسلام لهذه الشعارات الفضفاضة.

وتبقى لدينا الآن مسودات تحمل نماذج قرآنية وتاريخية " نصوص أهل البيت وشيء من مواقفهم (ع) "، وذلك نحو تأسيس قرآني وشرعي لدراسة مفردة (الإشكالية) على تنوعها في تلك النصوص.

6/3/1430هـ

 

 

منتدى السهلة الأدبي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 08:27 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد