العودة   منتديات الطرف > الواحات الخاصـة > منتدى السهلة الأدبي




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 31-03-2010, 05:10 PM   رقم المشاركة : 1
منتدى السهلة الأدبي
منتدى السهلة الأدبي






افتراضي ما لم يقله الخطباء ـ حسن بن علي الرستم

ما لم يقله الخطباء


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم إلى قيامِ يوم الدين.

فإن الأحداث الجسام لم تزلْ مختلفاً للقول، يتناضل فيها الرواة، ويتحاورها الناقلون، فهذا يزيد وهذا يُنقص، وحسبك ــ لكي تتعرف صدق كلامي ــ أن تمر في تاريخنا الماضي والحديث ببعض تلك الأحداث فلسوف تجد أن الحدث قد يبلغ به الاختلاف في روايته حداً تتكثر فيه النقائض، وتزدحم فيه الخلافات، ومردُّ ذلك ــ فيما أحسب ــ إلى أسباب تختلف من حدث إلى حدث ومن راوٍ إلى راوٍ ومن زمان إلى زمان.

وإن من أجل الأحداث على مر التاريخ، وأشدها وطئاً هو واقعة كربلاء وما أحاط بها، تلك الواقعة التي كانت وما زالت، واقعة تتفجر من جوانبها ينابيع الإباء، وتتقطع تحت حدِّها آمالُ الطغاة، فإذا هي لم تكن شيئاً مذكورا، فالسلام على مفجرِّها يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.

وعوداً على ما قلته من أن ثمة أسباباً أدت إلى اختلاف الرواية فأقول: إن منها ــ وأعني الأسباب ــ تلك الفاجعة التي احتوت القلوب، واعترت النفوس، وكانت تجيش بحبِ الحسين وأهل بيته، ومن عادة النفوسِ وقد جاشت وطاشت أن تبرِّد غلتها ببعض القول الذي ترمي به على عواهنِهِ، ومن ها هنا فإنك لا تلبثُ أن تسمع بعضاً من مثل ما أقول لك على ألسنة العامة ولست فيما أحسب محتاجاً إلى شاهدٍ على ذلك، وذلك لوضوحِهِ.

ومن الأسباب ما هو نقيض ذلك، وأعني به الحط من قدر صاحب الحدثِ، وإظهار العوار فيه.
وأنا اليوم معكم ــ إخواني الأعزاء ــ سأعرض بعض الأحداث والنصوص التي نقلها أو تناقل عنها خطباؤنا الأعزاء، وربما كان ذلك منهم لغرضٍ ولهم عليه صحيح الرأي، وضعيف الفكر، وربما كان ذلك منهم لسهوٍ وهو أمرٌ مرده إلى طبيعة الخلق.

• فمن ذلك ما رواه الشيخ المفيد ( قدس سره ) في الإرشاد ص 198، قال: « وروى محمد بن أبي عمير عن رجاله عن أبي عبداللهِ (ع) قال، قال الحسن (ع) لأصحابه: إن لله مدينتين إحداهما في المشرق والأخرى في المغرب فيهما خلق لله تعالى لم يهموا بمعصية له قط، والله ما فيهما حجة لله على خلقهِ غيري وغير أخي الحسن (ع) ».

وجاءت الرواية بمثل ذلك عن الحسين بن علي (ع) أنه قال لأصحاب ابن زياد يوم الطف: « ما لكم تناصرون عليّ أم والله لئن قتلتموني لتقتلن حجة الله عليكم، لا والله ما بين جابلتا وجابرسا ابن نبي احتج الله به عليكم غيري »، ويعني بجابلقا وجابرسا المدينتين اللتين ذكرهما الحسين (ع).

أقول: يذكر ذلك الفتال النيسابوري في روضة الواعظين ص 166، والعلامة الحلي في المستجاد من الإرشاد ص 155 وغيرهما من العلماء.

وذكر اسم هاتين المدينتين الآلوسي في غرائب الاغتراب. وذكر مدينة جابرسا القزويني في آثار البلاد وأخبار العباد، وقال: « مدينة بأقصى بلاد المشرق » ثم ذكر كلاماً كثيراً حولها ليس هذا موضعه.
وكذلك ذكر اسم هذا المدينة ابن المجاور في تاريخ المستبصر.

• ومن ذلك أيضاً وهو مما لا يعرفه كثير من الناس وهو مما رواه الشيخ المفيد أيضاً ( قدس سره ) في الإرشاد ص 199، قال: « وكانت إمامة الحسين (ع) بعد وفاة أخيه الحسن (ع) بما قدمناه ثابتة وطاعته لجميع الخلق لازمة، وإن لم يدع إلى نفسه للتقية التي كانت عليها والهدنة الحاصلة بينه وبين معاوية بن أبي سفيان والتزم الوفاء بها وجرى في ذلك مجرى أبيه أمير المؤمنين (ع) في ثبوت إمامته بعد النبي (ص) مع الصموت وإمامة أخيه الحسن (ع) بعد الهدنة مع الكف والسكوت ... ».

فذكر ( قدس سره ) ـ ها هنا ــ أن للإمام الحسين (ع) هدنة مع معاوية. فالحسين (ع) على هذا جمع في منهجه الهدنة إلى الحرب، كما جمع الإمام الحسن الزكي (ع) الحرب مع الهدنة، لكن برز في منهج الإمام الحسن الهدنة، وبرز في منهج الإمام الحسين الحرب لاختلاف ما جرى عليهما السلام.
وذكر هذه الهدنة العلامة الحلي في المستجاد من الإرشاد ص 157. وكذلك ذكرها الإربلي في كشف الغمة ج 2، ص 214.
وذكرها أيضاً الشريف المرتضى في تنزيه الأنبياء والأئمة ص 219.

• ومن ذلك أيضاً وهو مما رواه الشيخ المفيد أيضاً في الإرشاد ص 200، قال: « فمن مختصر الأخبار التي جاءت بسبب دعوته (ع) وما أخذه على الناس في الجهاد من بيعته، وذكر جمله من أمره في خروجه ومقتله ما رواه الكلبي والمدائني وغيرهما من أصحاب السيرة، قالوا لما مات الحسن (ع) تحركت الشيعة بالعراق وكتبوا إلى الحسين (ع) في خلع معاوية والبيعة له فامتنع عليهم وذكر أن بينه وبين معاوية عهداً وعقداً لا يجوز له نقضه حتى تمضي المدة ... ».

وذكر ذلك الفتال النيسابوري في روضة الواعظين ص 171، والشيخ عبدالله البحراني في العوالم ص 173، والسيد محسن الأمين في أعيان الشيعة ج 1 ص 587.

• ومن ذلك أيضاً ما نقله الشيخ المفيد في الإرشاد ص 200، قال: « ... فصار الحسين (ع) إلى الوليد فوجد عنده مروان بن الحكم فنعى إليه الوليد معاوية، فاسترجع الحسين (ع) .. ».

أقول: قد يقول قائل: لم استرجع الحسين (ع) ؟ والظاهر أن هذا ليس محل استرجاع ؟

وأقول: بل هذا محل استرجاع، وإن كان (ع) نداً لمعاوية، وعدواً له، ولكنهم (ع) لا يظهرون شماتة بموت أحد إلا في مواطن يقل ذكرها ويندر مثلها، ولعله استرجع ليقول للوليد إن هذا مصيرنا جميعاً فلا تفرح بما أنت فيه. وقد ذكر هذا الحدث العلامة المجلسي في البحار ص 324، ج 44، والسيد الأمين في لواعج الأشجان ص 24.

• ومما لم يذكره الخطباء أيضاً ما قاله الوليد رداً على مروان حيث أشار عليه بحبس الإمام الحسين (ع) أو ضرب عنقه.

فقد نقل ذلك الشيخ المفيد أيضاً في الإرشاد ص 201، قال: « فقال له الوليد: ويح غيرك يا مروان إنك اخترت لي التي فيها هلاك ديني، والله ما أحب أن لي ما طلعت عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنيا وملكها، وأنني قتلت حسيناً سبحان الله أقتل حسينا لما أن قال لا أبايع. والله إني لأظن أن امرءا يحاسب بدم الحسين خفيف الميزان عند الله يوم القيامة. فقال مروان: فإذا كان هذا رأيك فقد أصبت فيما صنعت. يقول هذا وهو غير الحامد له على رأيه ... ».

أقول: ولكنه على هذا لم ينصر الإمام الحسين (ع) وقد ذكر هذا ــ أعني كلام الوليد لمروان ــ العلامة المجلسي في البحار في ج 44 ص 345. وفيه: « هلاك ديني ودنياي »، وذكره أيضاً الطبري في تاريخه ج 4 ص 252.

• وكثر عند الخطباء أن الحسين (ع) خلفَ بنتاً له في المدينة أسمها ( فاطمة ) وكانت مريضة، ولم يذكر الشيخ المفيد في الإرشاد ذلك، بل ذكر في تعداد أولاده بنتاً واحدة اسمها ( فاطمة ) ، وذكر ما يدل على أنها كانت حاضرة مع الإمام الحسين (ع)، فقد قال في سياق ما وسع على آل الرسول (ص) عند يزيد: « فقالت فاطمة بنت الحسين (ع) فلما جلسنا بين يدي يزيد ... ».

وكذلك نقل هذا الفتال النيسابوري في روضة الواعظين ص 191، ولم يذكر كذلك العلامة المجلسي بنتاً أخرى اسمها ( فاطمة ) خلفها الإمام (ع) في المدينة، وإنما نقل عين ما قاله الشيخ المفيد، وانظر ج 45 ص 329، وكذلك فعل العلامة الطبرسي في أعلام الورى ج 1 ص 478 وغيرهم، والله أعلم.

• ومن ذلك ما نقله الشيخ المفيد أيضاً في الإرشاد ص 202، قال: « وابن الزبير بها ــ يعني مكة ــ قد لزم جانب الكعبة وهو قائم يصلي عندها ويطوف ويأتي الحسين (ع) فيمن يأتيه، فيأتيه اليومين المتواليين، ويأتيه بين كل يومين مرة، وهو أثقل خلق اللهِ على ابن الزبير، قد عرف أن أهل الحجاز لا يبايعونه ما دام الحسين (ع) في البلد، وأن الحسين (ع) أطوع في الناس منه وأجل ».

وذكر ذلك السيد الأمين في لواعج الأشجان ص 33.
• ومن ذلك أيضاً ما نقله الشيخ المفيد في الإرشاد ص 204، قال: « فكتب مسلم بن عقيل (رحمه الله) من الموضع المعروف بالمضيق من قيس بن مسهر: أما بعد فإني أقبلت من المدينة دليلين فجازا عن الطريق فَضَلاَّ واشتد عليهما العطش فلم يلبثا أن ماتا، واقبلنا حتى انتهينا إلى الماء فلم ننج إلا بحشاشة أنفسنا، وذلك الماء بمكان يدعى المضيق من بطن الخبت، وقد تطيرت من توجهي هذا، فإن رأيت اعفيتني منه وبعثت غيري، والسلام.

فكتب إليه الحسين (ع): أما بعد، فقد خشيت أن لا يكون حملك على الكتاب إليَّ في الاستعفاء من الوجه الذي وجهتك له إلا الجبن فامضِ لوجهك الذي وجهتك فيه، والسلام ».

أقول: ونحن نجل مسلماً عن قول هذا وتطيره، ونجل الإمام الحسين (ع) عن أن يقول هذا لمسلم. وإنك لتشم رائحة الوضع في هذا.

وقد كفانا مؤونة الرد على هذا العلامة السيد عبدالرزاق المقرم في كتابه: ( مسلم بن عقيل ) فراجع إن شئت.

وقد ردَّ على نسبة التطير إلى مسلم بن عقيل العلامة القرشي في كتابه: ( حياة الإمام الحسين ) ج 2 ص 342: « وأكبر الظن أن رسالة مسلم مع جواب الإمام من الموضوعات ولا نصيب لها من الصحة، وذلك لما يلي: ( وانقله لكم مختصراً لطوله )

1. أن من مضيق الخبث الذي بعث منه مسلم رسالته إلى الإمام يقع ما بين مكة والمدينة، في حين أن الرواية تنص على أنه استأجر الدليلين من يثرب وخرجوا إلى العراق فضلوا.

2. أنه لو كان هناك مكان يدعى بهذا الاسم، يقع ما بين يثرب والعراق فإن السفر منه إلى مكة ذهاباً وإياباً يستوعب زماناً يزيد على عشرة أيام، في حين أن سفر مسلم من مكة إلى العراق قد استوعب عشرين يوماً، وإذا استثنينا من هذه المدة سفر رسول مسلم من ذلك المكان ورجوعه إليه فإن مدة سفره من مكة إلى الكوفة تكون أقل من عشرة أيام، ويستحيل عادةً قطع تلك المسافة بهذه الفترة من الزمن.

3. إن اتهام الإمام مسلماً بالجبن يناقض توثيقه له إياه، وبأنه ثقته وكبير أهل بيته.

4. إن اتهام مسلم بالجبن يتناقض مع سيرته، وما أبداه من بطولة وبسالة وشجاعة تبهر العقول حين انقلبت عليه جموع أهل الكوفة. وذكر البلاذري أنه أشجعُ بني عقيل وأرجلهم.

أقول: والغريب أن يمر هذا الكلام على الشيخ المفيد والعلامة المجلسي دون أن يظهرا أيَّ اعتراض.

• ومن ذلك أيضاً بعث رأس مسلم بن عقيل ورأس هاني بن عروة (رضوان الله عليهما) إلى يزيد بن معاوية، ذكر ذلك الشيخ المفيد في الإرشاد ص 217، وذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق ج 18 ص 306، فيكون على هذا رأسهما أسبق إلى يزيد من رأس الإمام الحسين (ع).

• ومن ذلك قول الحسين (ع) والذي رواه المفيد في الإرشاد ص 218، وذلك حين سأل الفرزدق عن الناس خلفه، قال (ع): « صدقت لله الأمر وكل يوم هو في شأنٍ، إن نزل القضاء بما نحب ونرضى فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد من كان الحق نيته، والتقوى سريرته، فقلت له: أجل بلغك الله ما تحب وكفاك ما تحذر .. ».

ذكر هذا أيضاً السيد مرتضى العسكري في معالم المدرستين ج 3 ص 62، والعلامة المجلسي في البحار ج 44 ص 365، وغيرهما من العلماء.

وها هنا سؤال: ماذا يقصد (ع) بقوله: ( إن نزل القضاء بما نحب ونرضى فنحمد الله على نعمائه ... ) إلى أخر قوله ؟ وما المقصود بقوله (ع): ( وإن حال القضاء دون الرجاء ... ) ؟، فماذا كان يحب ويرضى ؟ وماذا كان يرجو (ع) ؟

أقول: إن الظاهر ــ والله أعلم ــ أن مراده بما يحب ويرضى هو تغيير الواقع عن طريق الانتصار العسكري، ثم القيام بواجب الخلافة والإمامة، ويقصد بقوله: ( وإن حال القضاء دون الرجاء ) أنه يستشهد ثم لا يتولى زمام الخلافة على الأمة. وربما استدل بهذا الكلام على أنه أراد بخروجه القضاء على بني أمية والجلوس حيث مكانه الذي يجب أن يكون فيه، وكان هذا منه ظاهراً إلا أنه (ع) كان يعلم خلاف ذلك بل ويخبر به، والله أعلم.

ومن ذلك أيضاً ما نقله الشيخ المفيد (قدس سره) من أحوال القاسم ص 639: « قال حميد بن مسلم فبينا كذلك إذ خرج علينا غلامٌ كان وجهه شقة قمر في يده سيف وعليه قميص إزار ونعلان قد انقطع شسع أحدهما.. ».

أقول: فالظاهر من كلام الشيخ أن القاسم (ع) قد كان شسع نعله منقطعاً قبل دخوله المعركة، لا كما ينقله الخطباء من أنه قد انقطع أثناء القتال وأنه قد أكب يصلحه.

وقد ذكر أبو الفرج الاصفهاني ذلك في مقاتل الطالبيين ص 58، وذلك عن الرواي أنها كانت اليسرى.
وذكر ذلك أيضاً السيد مرتضى العسكري في معالم المدرستين ج 3 ص 126. وكذلك ذكر أبو مخنف الأزدي في مقتل الحسين ص 169.

أقول: وهذا أقرب إلى أن يعقل من أن يقال أنه اشتغل بشسع نعله أثناء القتال !!

• ومن ذلك أيضاً ما نقله الشيخ المفيد (قدس سره) في شهادة عبدالله الرضيع (ع) ص 240، قال: « فأتى بابنه عبدالله بن الحسين (ع) وهو طفلٌ فأجلسه في حجره فرماه رجلٌ من بني أسد بسهم فذبحه فتلقى الحسين (ع) دمه في كفه، فلما امتلأ كفه صبه في الأرض .. ».

والمعروف عند الخطباء أنه جاء به ليستسقي له فرمى بسهم أثناء ذلك ثم تلقى دمه بكـفه الشـريفه ورماه إلى السماء فلم تسقط منه قطرة.

ونقل ذلك أيضاً ــ أعني ما قاله الشيخ المفيد ــ ابن حاتم العاملي في الدر النظيم ص 556، والفتال النيسابوري في روضة الواعظين ص 188، وغيرهما.

وإنما رمى (ع) دمه هو إلى السماء كما ذكر السيد المرعشي في شرح إحقاق الحق ج 11 ص 454.
وكما ذكر السيد الأمين في لواعج الأشجان ص 182.

• واشتهر عند الخطباء أن علي بن الحسين (ع) المقتول في كربلاء هو الأكبر، ولكن الشيخ المفيد (رحمه الله) ذكر أن علي بن الحسين الأكبر هو أبو محمد وأمه شاه زنان بنت كسرى، وأن علي بن الحسين الأصغر هو المقتول في كربلاء، انظر الإرشاد ص 253.

وذكر ابن إدريس الحلي في السرائر أن المقتول في كربلاء هو علي بن الحسين الأكبر ج 1 ص 655. وقال عقب ذلك: « وقد ذهبَ شيخنا المفيد في كتاب الإرشاد، إلى أن المقتول بالطف هو علي الأصغر، وهو ابن الثقفية، وإن علي (كذا) الأكبر هو زين العابدين (ع) أمه أم ولد وهي شاه زنان بنت كـسرى يزدجر.

قال محمد بن ادريس: والأولى الرجوع إلى أهل هذه الصناعة، وهم النسابون وأصحاب السير والأخبار والتواريخ مثل الزبير بن بكار، في كتاب أنساب قريش، وأبي الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين، والبلاذري، والمزني، صاحب كتاب لباب أخبار الخلفاء، والعمري النساء (كذا) حقق ذلك، في كتاب المجدي، فإنه قال: وزعم من لا بصير له إن علياً الأصغر هو المقتول بالطف، وهذا خطاؤوهم، وإلى هذا ذهبَ صاحب كتاب الزواجر والواعظ، وابن قتيبه في المعارف، وابن جرير الطبري المحقق لهذا الشأن ... » إلى آخر قوله.

وذكر أنه علي بن الحسين الأكبر الشيخ محمد مهدي شمس الدين في كتابه: ( أنصار الحسين ) ص 139. ووافق المفيد على ما قاله الشيخ الطبرسي في الأعلام ج 1، ص 478.

وممن قال بأنه علي بن الحسين الأصغر الشيخ الصدوق في الأمالي ص 226.

وقال أبو القاسم الكوفي الاستغاثة ج 1 ص 71: « ثم اختلف ولده فيه ما بين الأصغر والأكبر فمن كان من ولد الحسين (ع) قائلاً في الإمامة بالنصوص يقول إنه من ولد علي بن الحسين الأكبر، وإنه هو الباقي بعد أبيه وإن المقتول هو الأصغر بينهما، وهو قولنا وبه نأخذ وعليه نعول، وإن عليَّ الحسين الباقي كان في اليوم الذي قتل فيه الحسين (ع) من أبناء ثلاثين سنة وإن ابنه محمداً الباقر كان يومئذ من أبناء خمس عشرة سنة، وكان المقتول هو علي بن الحسين الأصغر من أبناء اثنتي عشرة سنة جاهد بين يدي أبيه حتى قتل ».

أقول: إذا كان عمر الإمام السجاد ثلاثين سنة وكان ذلك في سنة إحدى وستين فيكون مولده على هذا سنة إحدى وثلاثين، وها خلاف ما عرف من أنه ولد (ع) سنة ثمان وثلاثين أو سبع وثلاثين.
وإذا كان مولده سنة ثمان وثلاثين وسبع وثلاثين فيكون عمره في كربلاء أربعاً وعشرين سنة أو ثلاثاً وعشرين سنة، فكيف يكون عمر الباقي خمس عشرة سنة لأنه سيكون عمر ( السجاد ) عند ولادة ( الباقر ) ثماني سنوات. فهذا إذن محل نظر، والله أعلم.

• ومن ذلك ما قاله ابن شهرأشوب في المناقب ج 4، ص 57: « ولما منع الماء عن الحسين (ع) أخذ سهماً وعد فوق خيام النساء تسع خطوات، فحفر الموضع فنبع ماءٌ فشربوا وملؤوا قربهم ».
أقول: لم أجد هذا الكلام عند غير ابن شهرأشوب، ونقله عنه السيد هاشم البحراني في مدينة المعاجز ج 2 ص 494، ولم ينقله ابن شهرأشوب مسنداً، وهو متفرد به، فهو إذن محل نظر !!
على أنه لو صح لتنوقل وعرف لأنه من الأهمية بمكان، ونحن نسأل أين هذا الماء النابع فيما بعد ؟ هل جف ؟ أم أنه غيض ؟. لا أدري !!

وقال ابن شهرأشوب أيضاً في المناقب ج 4، ص 107: « وكان جميع أصحاب الحسين اثنين وثمانين رجلاً منهم الفرسان اثنان وثلاثون فارساً، ولم يكن لهم من السلاحِ إلا السيف والرمح ».

أقول: في روضة الواعظين للفتال النيسابوري ص 184 « اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلاً ».
فهم إذن اثنان وسبعون، وكذلك ذكر الطبري الشيعي في دلائل الإمامة ص 178، وغيرهما.

ثم إن قوله: « لم يكن لهم من السلاح إلا السيف والرمح » فيه نظر، فقد تفرد بنقل هذا حسب ما اطلعت عليه.

• وقال: « وأول من برز من بني هاشم عبدالله بن مسلم، وهو يقول:
اليوم ألـقـى مسلماً وهو أبي ..................وفـتية بادوا على دين النبي ».
إلى آخر قوله.

أقول: هذا خلاف المشهور، فإن المشهور أن أول من قتل هو علي الأكبر (ع) كما في الإرشاد للمفيد، وإعلام الورى للطبرسي، وتاريخ الطبري، والكامل في التاريخ، وغيرهما.
( انظر هامش ص 272 ) من العوالم للبحراني.

• وقال: « ثم برز عبدالله بن الحسن بن علي (ع)، وهو يقول:
إن تنكروني فإنا فرع الحـسن ................. سبط النبي المصطفى والمؤتمن
هذا الحسين كالأسير المرتـهن ................. بين أناس لا سقوا صوب المـــــزن ».

أقول: في العوالم ص 278، أنه القاسم، وأن عبدالله قد برز بعده، وقال:
إن تنكروني فأنا ابن حـيدرة.................ضرغام آجام وليث قـسـورة
.....................على الأعادي مثل ريح صرصرة

وفي كتاب الفتوح لابن اعثم أنها لعبدالله بن الحسن، وفي لواعج الأشجان أنها للقاسم (ع) ص 174، والمشهور على ألسنة الخطباء أنها للقاسم (ع).

• وقال المسعودي في مروج الذهب ج 3، ص 76: « وطعنه سنان بن أنس النخعي، ثم نزل فاحتز رأسه، وفي ذلك يقول الشاعر:
وأي رزية، عدلت حـسـيناً ................. غـــداة تـبـيـنـه كفا سـنـان ».

أقول: اختلف فيمن احتز رأس الإمام الحسين (ع)، فمن قائل أنه سنان بن أنس، ومن قائل أنه خولي بن يزيد الأصبحي، ومن قائل أنه شمر بن ذي الجوشن، وهو المشهور على ألسنة الخطباء.
وممن ذكر أنه سنان بن أنس ابن نما الحلي في ( مثير الأحزان ) ص 75، والسيد الأمين في ( لواعج الأشجان ) ص 190، وابن طاووس في ( اللهوف ) ص 47، والإربلي في ( كشف الغمة ) ج 2 ص 256، وغيرهم.

وممن ذكر أنه شمر بن ذي الجوشن ابن حزم في ( جمهرة أنساب العرب ) ج 1 ص 122، والقلقشندي في ( نهاية الأرب ) ج 1 ص 23، والفتال النيسابوري في ( روعة الواعظين ) ص 188، والشيخ المفيد في ( الإرشاد ) ص 112.

وممن ذكر أنه خولي بن يزيد الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 194.

لكن الأرجح أنه شمر ذي الجوشن، لأنه قد ورد لعنه في الزيارة المعروفة، فلو كان غيره قد حز رأس الإمام الحسين (ع) لكان أولى باللعن منه.

ونقل القندوزي الحنفي في ( ينابيع المودة ) ما جرى بين الإمام
الحسين (ع) وشمر (لع) من حديث ذكر فيه ما أخبره به رسول الله (ص) من أنه قاتله رجل أبرص أشبه بالكلاب والخنازير. ج 3 ص 84، وهذا يؤيد أن القاتل هو شمر.
ولكنني لم أجده في حدود اطلاعي إلا عند القندوزي.

والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

ليلة الجمعة 18/1/1430هـ

 

 

منتدى السهلة الأدبي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 06:05 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد