كن بخيلاً» يلقى رواجاً مع مع اشتداد الأزمة المالية
للحد من كساد بضائعهم. لكن على رغم هذه المغريات فإن حجم مبيعاتهم بقي أدنى مما كان عليه في الفترة نفسها من العام الماضي.قد يكون أول من فوجئ بشدة الإقبال والرواج الذي يلقاه موقع «devenezradin.com» (أي كن بخيلا) على شبكة انترنت، هو مصممه. فهذا الموقع الذي ظهر قبل فترة وجيزة، يتيح للراغبين في شراء أي سلعة أو تمضية عطلة خارج أو داخل فرنسا أو ممارسة رياضة معينة... الى ما هنالك، مقارنة الأسعار المختلفة وصولاً الى انتقاء أرخصها.
ويهدف الموقع الى إرشاد المستهلكين الى السبل المتوافرة، ويتيح لهم الحفاظ على مستوى معيشتهم نفسه، لكن بكلفة أقل. ويشير مصممه الى ان النجاح الاستثنائي والسريع الذي لقيه، يعني أنه يلبي حاجة فعلية لدى الكثير من الفرنسيين، ويعتبر ان الاسم الذي اختاره له ساهم في هذا النجاح، وشكل عنصراً جاذباً للمستهلكين.
فالبحث عن سبل الإنفاق الرشيد يكاد يكون هواية وطنية تقليدية لدى غالبية الفرنسيين، فكيف إذا كان في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية وعدم ثقة بما تخبئه الأشهر المقبلة.
لكن العنصر الجديد الذي برز في سلوكهم في موازاة الأزمة، كان الجهر بتقنين نفقاتهم وتجنب أي تبذير حتى ولو وصل بهم الأمر الى حد البخل الذي لا يعتبرونه مخجلاً بل ميزة إيجابية عندما تقتضي الظروف.
وفي ظل هذه الأجواء فإن الميل السائد لدى الفرنسيين هو الإحجام عن الإنفاق أو الإنفاق بطريقة مختلفة وأقل كلفة من العادة، ما انعكس سلباً على الحركة التجارية، خصوصاً في باريس وغيرها من المدن الكبرى، حيث يراهن التجار على موسم الأعياد لتحقيق جزء أساسي من رقم أعمالهم السنوي.
ومن جانبهم، لجأ أصحاب المتاجر الى التخفيضات والعروض غير المألوفة في مثل هذه الفترة من السنة
ولا يقتصر الأمر على متاجر الملابس والكماليات بل يشمل أيضاً متاجر المأكولات.
فشبكة متاجر «كارفور» الغذائية الشهيرة تقدم عروضاً على الكثير من أصناف المأكولات الأكثر رواجاً لمناسبة الأعياد، لكنها سجلت انخفاضاً في نسبة الإقبال على متاجرها بنسبة 3 في المئة، وهي الآن بصدد مراجعة معدل النمو المتوقع لها في العام المقبل، بعدما فقد سهمها حوالي 48 في المئة من قيمته.
ومن باب التضامن ومراعاة مشاعر المواطنين، وخصوصاً منهم الأكثر تأثراً بالأزمة في ضوء خطط الصرف من العمل التي باتت شبه يومية في المؤسسات الانتاجية الفرنسية، قرر العديد من مجالس البلديات تقليص النفقات المخصصة عادة لاحتفالات نهاية السنة.
فبلدية مدينة انجيان، حيث مقر أحد أشهر كازينوهات فرنسا، ألغت بعض احتفالاتها، ما أتاح لها توفير مبلغ 50 ألف يورو ستقدمه لإحدى الجمعيات الخيرية.
وكذلك الأمر بالنسبة الى بلدية مرسيليا التي قررت خفض الاحتفالات وتوفير 250 ألف يورو، بعد الأنباء التي أشارت الى أن الكثير من الاطفال في المنطقة لا يتناولون سوى وجبة طعام واحدة يومياً بسبب الضائقة المالية.
وتتوالى مبادرات عدة مماثلة في مختلف البلديات الفرنسية ومنها بلدية مدينة بوفيه حيث طلب من أعضاء المجلس البلدي صناعة بطاقات المعايدة لمناسبة العام الجديد بأنفسهم أو الاستعانة بالبطاقات الإلكترونية وإرسالها عبر الانترنت، لتوفير ثمن البطاقات والطوابع.
وإذا كان لا بد من مسؤول عن هذا الوضع، أشار استطلاع للرأي إلى أن حوالي ثلثي الفرنسيين يعتبرون ان القنوط والإحجام عن الإنفاق مرده الى التركيز الإعلامي المبالغ في الحديث عن الأزمة المالية، مما يؤثر سلباً على المعنويات ويؤذي الاقتصاد.