![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 1 |
طرفاوي جديد
|
![]() مابعد الخمسين من العمر نظرت في التقويم فوجدت أنك أستكملت اليوم اثنتين وخمسين سنة ، فتوقفت ساعة تنظر فيها في يومي وأمسي، تنظر من أمام لترى ما هو نهاية المطاف، وتنضر من وراء لترى ماذا أفدت من هذا المسير. تقف كما يقفالتاجر في آخر السنة ليجرد دفاتره ويحرر حسابه، وينظر ماذا ربح وماذا خسر وكذلك نفتح فيها عيوننا في الصباح إلى أن يغلقها النعاس في المساء، نعملكل شيء إلا أن نفكر في أنفسنا أو ننظر من أين جئنا وإلى أينالمصير! جردت دفاتري، أرى ماذا طلبت وماذاأُعطيت. * * * طلبت العلم وسعيت له سعيه، وأذهبإلى المطالعة وملأت بها ساعات عمري، وصرّمت الليالي الطِّوال أقرأ وأطالع، حتى قرأتوأنا طالب كتباً منها الصعب ومنها السهل و كان لي أستاذه يبصروني طريقي ويأخذ بيدي،و كان من أساتذتي مَن هو صاحب أسلوب في الكتابة يأخذني باتّباع أسلوبه، و كان فيهممَن له قدم في الخطابة وطريقة في الإلقاء . … وكنت أسعى في المستقبل أن أكون اعلى درجة من العلم، وكنت أحسب ذلك غاية المنى وأقصى المطالب، فلما نلته زهدت فيه ؟هل العلم هو أن يذكرك الناس في كل مكان وأن يتسابقوا إلى قراءة ما تكتب وسماع ماتذيع، وتتوارد عليك كتب الإعجاب وتقام لك حفلات سأرجع في عمر الثلاثينسنة زلزلت القلوب ولطالما مرت أيام كان اسمي فيها على كل لسان في بلدي وفي كل بلدعشت فيه أو وصلت إليه في الدنيا: فما الذي بقى في يدي من ذلك كله؟ هوأن يكتب ليالله الثواب أو أكُنْ قد خرجت صفر اليدين! إنيمن سنين تمر عليّ أسابيع وأسابيع أزور فيها الأحبة ، ولا أكاد أحدّث أحداًإلاّ حديث العمل أو حديث الأسرة في البيت * * * نعم هي مشقة وتعب لا لذّة وإذا الجزع من عقوبة التقصير أكبر منالفرح بحلاوة ورأيت أني مع ذلك كله قد اشتهيت في العمر … هي الوصول إلىشيء نحتاج إليه وما وجدنا يوماً تحت أيدينا مالاً مكنوزاً لا ندري ماذا نصنع بهفكان رزقنا والحمد لله كرزق الطير: تغدو خِماصاً وترجع بِطاناً. أرويمن القصص ما يتحدث عنها ومن الشعر ما يشير إليها من ماء البحر وكلما ازداد شرباًازداد عطشاً، ووجدت أن مَن لا يرويه الحلال يقنع به ويصبر عليه لا يرويه الحرام. ثم ولّى الشباب بأحلامه وأوهامه، وفترت الرغبة ومات الطلب، فاسترحتوأرحت. * * * أرى الناس، أسأل: علامَيركضون؟ وإلامَ يسعون؟ هذه هي ملـذّاتالحياة؛ولو كان لابن آدم واديًا من ذهب لابتغى له ثانيًا، ولا يملأ عينَ ابن آدمإلاّ التراب. ولذا صور الخيال تحت شمس الواقعكما يذوب ثلج الشّتاء تحت همس الرّبيع… ولكننا نتعلّق دائمًا بهذهالأوهام! * * * وفكرتفيما نلت في هذه الدنيا طالما صبرت النفس على إتيان الطاعة واجتناب المعصية،لقدذهبت المتعة وبقي عقابها وذهب الألم وبقي ثوابه. لا والله؛ ما فات ما مضى ولكن كُتب لك أو عليك، أحصاه الله ونسوه. ! لقد مضى أكثر العمر وما ادّخرت من الصالحات، ولقد دنا السّفر وما تزوّدتُ ومااستعددت، ولقد قَرُبَ الحصاد وما حرثت وما زرعت، وقد سمعت المواعظ ورأيت العِبَرفهل اتّعظت فهل اقتربتُ من هذه الغاية بعدماسرت إليها على طريق العمر اثنتين وخمسين سنة؟
|
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 2 |
مشرفة Mobily وشاشة عرض
|
![]()
|
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||||||||||||||||||
مشرفة زوايا عامة
|
![]()
استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم
كلآم حكيم ومؤثر عافاك المولى ..|
|
|||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||||||||||||||||||
طرفاوي نشيط جداً
|
![]()
كلمات رائعة أخي عبدالجليل , مجهود يستحق الشكر و الثناء
|
|||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
|
|