الفصل الخـامس
نقاء في جهنم
ليتني عرفتُ قدري في الدنياقبل أن يعرفونه لي الآن تحت أقدام أهل جهنم . ألقوا بي وانا مكتف الأيدي والأرجل على أرض محمّرة مسودّة ملتهبة , كلا لامسها جزء من بدني دفعتُ به ليتكئ على جزء آخر , فأصبحت متقلباً ممدوداً أتحول من مكان الى آخرتحت أقدام سكان أهل جهنم الذين كانوا يقفزون من شدة آلامهم , والنار مشتعلة فيهم , فكأنهم قطع نار متحركة مضطربة , والملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم بسياط غليظة .
آه ثم آه , ألمي لايوصف , وعذابي ( رغم قلة درجته على قول الملك ) لو قسّم على أهل الدنياجميعاً ماتحمّلوه . لقد كانت حرارة النار تدخل الى أعماق قلبي فتحرقه قبل بدني , وأيّ نار! أظن انّ حرارتها لو مسّت جبال الارض لانصهرت , ولو سقطت شرارة منها على بحار الأرض لتبخرت .
كنتُ أسمع في الدنيا وأقرأ عن نار الآخرة وأتصورها بما يتناسب مع تخيلاتي المحدودة في ذلك الوقت , أما الآن فان روحي بعينها تذوق العذاب وهي حاضرة فيه لا خارجة عنه , وشتان بين الاثنين . أصابن عطش شديد , لذا كنت حين تقلبي انظر هنا وهناك بحثاً عن الماء , فرأيت أحد ملائكة الغضب يحمل إناءً اسود يتصاعد منه بخار , ويُسمع منه صوت فوران مابداخله , ادناه مني فانشوى وجهي لشدة غليانه , وكنت متردداًبين قبوله وردّه , لكن يبدو ان لاخيار لي في ذلك , فقد أراقه في فمي دون ان ينتظر , وليته لم يرقهُ , لقد كان حميماً وأي حميم , قطّع أمعائي لشدة غليانه , فازددت ألماً وعطشاً فوق ألمي وعطشي , وندمت حتى على يتي في طلب الماء وشربه .
قال الملك وقد ضربني بسوطه مستهزئاً :
- كيف كان طعم الماء ؟
لم أجبه فقال :
- انه ((بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا)) وهناك نوع آخر من الماء هل تريده ؟
- أجبته بصوت ضعيف وشفاة يابسة :
- نعم .
تناول اناء آخر وأراقه في فمي فإذا به أسوء من الأول , لذا قذفته خارجاً بعد أن ترك في حلقي مرارة لا تُطاق فقلت له :
- أتقول عن هذا أنه ماء ؟!
قال :
- انه ماء صديد , يخرج مع الدم الذي يسيل من أثر جروح أهل جهنم .
أحسست بجوع شديد حتى إنني لم أعد أقوى على الحركة , بل حتى على التقلب يميناً وشمالاً . رفعت رأسي قليلاً بحثاً عن الطعام فرأيت شخصاً يصرخ صراخ المجنون بعد أن دخلت أفعى عظيمة فمه ثم خرجت من دبره , وبدأت تلدغ في وجهه وبدنه والنار ملتهبة تحت قدميه .
نحّيت بصري عنه لبشاعة منظره , إذا بسوط أحد الملائكة يهزّني , رفعتُ رأسي نحوه فقال :
- هل تريد طعاماً ؟
أجبته بصوت خافت متقطع :
- نعم
لم يمكث طويلاً حتى اتى بإناء ممتلئ قرّبه مني فنظرت لما فيه وإذا به طعام على هيأة نبات ذي أشواك حادة ورائحة نتنة كريهة . فتح السلاسل من يديّ وأشار لي بتناوله . أخذتُ الإناء وتناولت مافيه , وليتني لم اتناوله ولم أطلبه , لقد مزّق حلقي فلا يدخل فيه ولا يخرج منه , ولم أقذفه الا بشق الأنفس وجهد جهيد , فقلت له عجباً من طعام !
نظر الي الملك وقال :
(( ان لدينا أنكالا وجحيما *وطعاما ذا غصة وعذابا أليما ))
قلت له :
- من اين أتيت بهذا الطعام ؟
قال :
- أنت صنعته لنفسك في دنياك , فأتيت به من خزانة أعمالك
- عجباً وكيف أصن لنفسي طعاماً كهذا ؟
- أكلك مال الحرام تجسّم بهذا الشكل من الطعام , كنت لاتراعي في وقت عملك انك أجير لثمان ساعات يوميا في شركة أبرمت عقداً معها فتأتي متأخراًأحيانا او تخرج منها مبكراً دون عذر شرعي يجوّز لك ذلك .
مضت ساعات إذا بي أسمع ضجيج أناس يصرخون .زاد الضجيج شيئاً فشيئاً لاقترابهم مني فتمعنتُ فيهم وإذا بهم مجاميع مجاميع من اناس ذات وجوه وأبدان سوداء والنار محيطة بهم ,ونار أخرى تخرج من أفواههم وآذانهم, وهم في حالة هول وذعر شديدين , يركضون وكأنهم قد فرّوا من فزع عظيم . أصغيت الى صراخهم فسمعتهم يقولون : أين نهر الماء ... أين نهر الماء !
جمعتُ قواي وقمتُ من مقامي وتبعتهم أملاًفي ايجاد نهر ماء كما يزعمون , ولم يمض وقت حتى اقتربنا من ضفة نهر كبير , وما أن وصلوا اليه حتى القوا بأنفسهم فيه الا أنا إذ وصلت متأخرا فهممتُ باللحاق بهم ولكني سمعت صراخهم وقد تضاعفت , وعويلهم قد عظُم , نظرت الهم فرأيتهم يصرخون ويستغيثون وسط نهر يغلي غليانا شديدا علمتُ فيما بعد أن مادته كانت من النحاس المذاب ذات الحرارة العظيمة , حمدت الله اني لم كن معهم , ويبدو أن لدي من الأعمال مامنعتني من ذلك .
هممت بالعودةوإذا بي أرى مجاميع أخرى في حالة ركض شديد نحو جهة أخرى , وتلاحقهم ريح ذات حرارة وسموم حتى وصلتهم وأحاطت بهم ودخلت في مسام أبدانهم , فبدأوا يصرخون ويستغيثون , وكلما رأوا غيمة سوداء هربوا اليها ليستظلوا بظلها , فإذا هي الأخرى تبدو وكأنها دخان أسود غليظ يمطر عليهم بكتل من نار ملتهبة لا تخطئ في هدفها ولا ترحم من تحتها .
انتهت فترة عذاب الصباح وكأنها استغرقت سنين طويلة لشدتها وقسوتها , فهدأت النار وانطفأت من تحت أقدامنا , واختفى سواد دخانها من أنظارنا , وشعاع لهيبها من أعيننا , ورُفعت سياط ملا ئكة الغضب عن أبداننا , وأعلنوا بدأ الاستراحة حتى الليل , حيث وجبة العذاب التالية ...
كان يتكرر ذلك يومياً غداةً وعشياً وبين فترة وأخرى يتغير نوع العذاب الى آخر, لذا رأيت أنواعاً عجيبة غريبة ذات قسوة شديدة لا تتصورها عقول أهل الدنيا , فكيف بمن يعيش فيها ويتحملها .
ذات يوم بالتحديد بعد خمسة ايام من دخولي جهنم , كنت أعيش حالة عصيبة من المرارة والألم وسط حرارة النار المشتعلة حولي , إذ كان عَرَقي يخرج من رأسي وبدني يجري عليه ثم يتخذ سبيله الى الأرض التي تحتي , فأراه يتبخر فورا لشدة حرارتها وعظيم لهيبها , وبنما انا في تلك الحالة إذ جاءتني نسمة هواء باردة فغمرتني بعذوبتها وأطفأت النار من حولي , وجرى من تحتي ماء ! لا أصدق ما أرى , نعم انه ماء يجري , وها هي قدماي تبتل منه . غرفت منه غرفة لأتيقن ان ما أراع حقيقة لا خيال وقد كان ذلك.
لقد تغير كل شيئ وهدأت جميع النيران , وغابت جميع مجسمات أعمالي السيئة لأعيش حينها حالة من الراحة والسكون
سمعت أصواتا ما كانت غريبة عني فأصغيت اليها جيدا وإذا بها أصوات أهلي يتحدثون فيما بينهم ثم ظهرت أمامي صورهم وقد اجتمعوا حول قبري , نعم هاهي والدتي تدعو لي وتبكي , وهاهو أخي يتلو القرآن , ما أجمل صوته وأعذب لحنه , وهذه أختي تمسك مرتضى بيدها وتحاول قراءة شيئ من الكتاب الذي بيدها الأخرى , جزاها الله عني خير الجزاء .... هممت بالتقدم نحو صورهم وإذا بصوت يناديني :
- لا فائدة من ذلك , اكتف بالنظر اليهم والأنس بوجودهم حول قبرك .
فهمت المعنى وبقيت أنظر اليهم وأتمعن في صورهم وأحسست بأُنس عظيم باجتماعهم هذا ولكن ....
صرخت أختي الصغيرة وسط الجمع , وسرعان مااسكتها اخي قائلاً لها:
- لقد أوصانا سعيد بزيارة قبره بين الحين والآخر حتى قبل يوم اربعينه , وقد عملنا بوصيته رغم مخالفة ذلك لتقاليد مجتمعنا كما أنه اوصانا بعدم صراخ النساء على قبره و وعدم ارتداء لباس الحزن عليه مدة طويلةفهل نسيتي ذلك يا أختاه ؟
قالت :
- لا والله مانسيتها, فأنا التي قرأتها عليكم , ولكن لاطاقة لي بفراقه , وكلما دعوت نفسي الى الصبر غلبني شيطاني ودعاني الى الصراخ والبكاء بصوت عالٍ بحجة ان ذلك يخفف عني ألم هجرانه .
تمنيتُ ان لايغادروا قبري ولكن ليس كل ا يتمناه الانسان يناله , فقد اقترب موعد الرحيل ثم تركوني وذهبوا و وعاد كل شيئ الى مكانه وتوقدت النيران من جديد , وظهرت اعمالي السيئة بهيئتها الموحشة المظلمة مرة اخرى وهي تمل في داخلها حقد عظيم .
مضت فترة اخرى في جهنم كنتُ خلالها متعجباً ومتألماً من العقرب العالق في قدمي كيف لايمل ولا يهدأ , وكيف لا يحترق بتلك النيران وحرارتها العالية وذات يوم ...
ذات يوم سمعته صرخ صرخة عظيمة , وأخرج شوكته فنظر الي نظرة حقد وسخط ثم لاذ بالفرر بعيداً , وحينها ا وجدت سبباًلتصرفه هذا ولا علمت حدثاً يستوجب فراره هكذا فقلت في نفسي لعل الايام ستكشف لي ذلك
ذات يوم اخبرني احد خزنة جهنم أن غدا سيكون العذاب من نوع جديد وهو صعود جبل من نار ,وسيكون عذابه لي ذا درجة قليلة نسبة مع من يتسلقه من اصحاب الذنوب والمعاصي و وقال ايضاً:
سيكو العذاب على كلفرد يختلف عن الآخر تبعاً لدرجة معاصيه وملكاته الفاسدة .
جاء الغد وإذا بالملائكة يأتون باشكالهم المخيفة ويجرونني ذليلاً على أرض جهنم الملتهبة نيرانها , فلا ادري من أي آلام أصرخ واستغيث , مِن حرارة النار تحت قدمي , أم مِن جروح بدني الحارقة , أم من أثر سياط الملائكة الموجعة , أم مِن أثر الأشواك الحادة فهي كالسكاكين المبعثرةهنا وهناك , أم من لدغات العقارب والأفاعي والتي أخذ كل منها سهمه مني أم من الوحوش المرعبة التي ما تركتني حتى غرزت أنيابها في بدني , فقلت عجباً لأعمالي التي تجسمت بهذه الصورة فأصبحت قطّاع طرق لي , وعجباً لنفسي ان كنتُ غافلاً عنها ولم أطهرها يوم كانت لدي الفرصة لفعل ذلك . وعجباً ان كل ما لاقيته الآن هو في طريقنا الى جبل النار , فكيف اذا وصلنا اليه , ام كيف سيكون العذاب فيه وأنا بهذه الحالة من الضعف والعطش والجوع ...
وصلنا المقصد فألقوابي أرضاً مكبّل الأيدي والأرجل على أرض يجري فوقها ماء اسود كالقير يغلي كغلي القدور والنار ملتهبة مشتعلة فيه وقد احاطت بي من كل جانب .
ذهبواعني وتركوني أتلوع وأتضرع , فنظرت أمامي وإذا بجبل عملاق لاتُرى قمته ولا تهدأ نيرانه , قد أُحيط بسورعظيم واما السور ملائكة غلاظ شداد ذوي هياكل ضخمة ووجوه مرعبة قد وقفوا بهيأة محكمة وصفوف منتظمة . بقيتُ وانا بهذه الحالة أنظر مبهوراً خائفاً واذا بأحد خزنة جهنم يضربني بسوطه ثم يقول :
ان صعود هذا الجبل الذي تراه امامك يستغرق عشر سنين حتى تصل قمته , وسوف تلاقي مصائب وبلايا وأنواعا من العذاب جديدة ومنهكة ومؤلمة حتى تصل آخره ثم يُلقى بك من تلك القمة في وادٍ مظلم معتم لاترى فيه حتى قدميك قد ملء بأنواع الوحوش المفترسة الجائعة تأكل فيك ولا تشبع وهي على هذه الحال مدة ثلاث سنين , ثم توضع ممدوداً مقيداً في صندوق من حديد ساخن مدة خمس سنين
وسترافقك فيه أعداد من العقارب القارصة والأفاعي السامة الملتهمة , بعدها يفعل الله ما يشاء .
سكت قليلا ثم اضاف وكأنه يهوّن علي ما سألاقيه فقال :
- ان البعض منهم يستغرق صعوده الجبل آلاف السنين , ويلاقي فيه انواع أشد وأشد مما سوف تراه وتلاقيه انت في صعودك , ويبدو لي أنك انسان مؤمن تقي , لكن لم تزل فيك ملكات فاسدة بدرجة ضئيلة إذ أنك مااستأصلتها من جذورها , تبعتها اعمال سيئة , فتجسمت جميعها بهذه الصور من العذاب الت سوف تلاقيها في صعودك جبل النار هذا ....
أصابني غم شديد وحزن عميق وخوف لا يوصف مما أنا فيه ومما ينتظرني من أهوال وبلايا لكنني أحسست حينها بقدرة التوجه الى ربي ومناجاته , فبكيت بكاءاً شديداً وتضرعت الى ربي متوسلاً وانطلق لساني مرددا :
((ياغافر الذنب يا قابل التوب ياعظيم المن ياقديم الاحسان أين سترك الجميل أين عفوك الجليل أين فرجك القريب أين غياثك السريع أين رحمتك الواسعة ))
اقبل نحونا ملك حسن الوجه جميل المنظر فاستبشرت من قدومه وكلما كان يقترب اكثر ينفتح صدري اكثر حتى وصل الينا , فسلّم ثم تحدث مع الخازن المرافق لي بحديث قصير وذهب وتبعه الآخر بعده !
بقيت وحيداً مبهورا ً مما حدث متحيراً في أمري وما سيؤول اليه مصيري , أحسست بخفوت النار حولي وبرودة الماء الاسود تحتي حتى اختفى فقلت في نفسي :
أترى حان وقت الاستراحة ! كلا ليس هذا وقتها , اذن لعل زائرا محترما يريد القدوم ! لااظن ذلك اذ لازال العذاب قائما على غيري . أترى هو ضوء أمل بالنجاة ؟ نعم لعله مقدمة لذلك , ولكن بأي سبب فملائكة ربي لا يخطئون في حساباتهم ولا يزيدون في العذاب ولا ينقصون الا بأمر من الجليل الأعلى , كما انني لازلت مكبّل الأيدي والأرجل , وما زال جبل النار يرعبني بضخامته ونيرانه ....
آه .. حقيقة عشت بين الخوف والرجاء , واليأس والأمل , فتراني تارة أضحك وأخرى أبكي وتارة تخنقني حسرة أعمالي التي أوصلتني ال هذا المقام من الذلة والعذاب .
لم تمض مدة طويلة حتى أتاني خازن آخر ومعه مخلوق غريب لم ارَ مثله من قبل . كان بدنه كالفرس ووجههة كملائكة الغضب وله جناحين كبيرين . تقدم الخازن نحوي وفتح عني قيودي وقال :
- لقد وصلتك هدية كبيرة من أهل الدنيا لذا امرت بنقلك الى غرفة بعيدة عن جبل النار , وسوف تستقر فيها حتى يأتي أمر الله .
لا استطيع ان أصف حالتي ساعة سمعت ذلك فأصبحت كالمجنون الذي يتخبط هنا وهناك لا يعلم ماذا يفعل , حتى هدأت والملك ينظر لي فقلت له ك
- اعذرني انها الفرحة جعلتني افعل هكذا .
لم يجبني بشي , واخذ بيدي وأشار لي بالصعود فوق ظهر ذلك المخلوق الذي معه , انطلق بنا بسؤعة فائقة واعتلى محلقاً فوق ارض جهنم , فرأيت في طريقنا مشاهد يشيب الرأس لرؤيتها فكيف بمن يعيشها !؟
رأيت أعداداً لا تحصى من البحار , ويبدو انها بحار من المُهل والغسلين التي قرأت عنها في عالم الدنيا , ورأيت دوراً لاتحصى من الرصاص , وآخرى من النحاس وأخرى من الحديد , وبينما كنت أنظر لها مبهوراً قال الملك :
- في كل د ار منها سبعون ألف تابوت من نار وفي كل تابوت الف حية , ومن كل حية بصدر الف نوع من العذاب !
ورأيت نساء معلقات بشعورهن ويصرخن صراخاً شديداً اختلط مع صوت غليان أدمغتهن , وعليهن سلاسل من حديد ساخن محمَر , ورأيت نساءً على صورة كلاب والنار تدخل في أدبارهن وتخرج من أفواههن , ورأيت نساءً معلقات بألسنتهن وصراخهن مثل صراخ الحمير والنار تأكلهن, والحيات والعقارب تلسعهن وتنهشهن , التفتُ الى الملك لعله يوضح لي شيئاً مما ارى فتدارك نظراتي اليه وقال:
- اللواتي يكشفن شعورهن وزينتهن لغير أزواجهن , والصنفان الآخران اللواتي يؤذين ويلومنّ أزواجهن من غير ضرورة .
اشمأزّت نفسي من بشاعة هذه المناظر , وأغلقت عيني وأطرقتُ قليلا وأردتُ أن أشغل فكري بأمر آخر , فحضر لدي أمر الهدية التي وصلت من الدنيا وتساءلت في نفسي :
تُرى من الذي ذكرني بعد ثلاثين عاما جزاه الله عني خيراً , تُرى هل هي امي ام أبي ؟
كلا لا أظن انهما في عالم الدنيا بعد هذه المدة , تُرى هل هي من زوجتي ؟ كلا انها فارقت الدنيا قبلي . إذن لعلها من أحد أصدقائي ؟آه تذكرت صديقي مؤمن , ليتني أعلم اين هو الآن , هل مايزال في عالم الدنيا ؟ وهل هو الذي أهدى لي ذلك ؟ لا أعلم ....
وبينما انا في هذه الدوامة من الحيرة والتفكير وإذا بالملك يسألني :
- هل تعلم من أين أتتك الهدية ؟
- كلا لا أعلم أخبرني بالله عليك من أين هي ؟
- ان ابنك مرتضى لم يزل في عالم الدنيا , وهو الآن شاب مؤمن متدين جمَع مبلغاً من المال خلال سنة من الجهد والتعب والعناء لغرض شراء وسيلة نقل له ولعائلته , ولكن عندما علم بوجود سبعة عوائل فقيرة في منطقته لاتملك قوت يومها ، عزم على تقسيم المبلغ بينها وأهدى ثواب عمله هذا اليك , فأمر الجليل الأعلى بعدم ادخالك في جبل النار كذلك نجاتك من عذاب عشر سنين أخرى .
غمرتني فرحة شديدة فلم أتمالك نفسي , وكأن روحي تحاول فك القيود والتحليق في عالم الفرحة والسرور , حتى خشيت الوقوع من على ظهر هذا المخلوق الذي لم يزَل يقطع المسافات الطويلة حتى اوصلنا المقصد .
لم أكد أضع قدمي أرضا حتى تذكرت ان مدة العذاب كانت احدى وخمسين سنة وثمانية ايام قضيت منها ثلاثين عاما وعُفي عني عشرون, اذن بقي عام واحد وثمانية أيام
آه الويل لي و صرخت صرخة المجنون :
- انا الآن لا اريد العودة الى النار , لا لا اريد , لا اطيق لحظة واحدة فيها . أراد أحد الملائكة ان يجرني ويأخذني الى الغرفة المقصودة ولكني أبيت ذلك وأجبته قائلا:
- انني اريد ان اناجي الجليل الاعلى , اريد ان أتوسل وأتضرّع الى ربي , أليس الله هو الرحمن الرحيم ؟ أليس هو أرحم الراحمين ؟ أليس هو حبيبي في الدنيا فكيف يتخلى عني في الآخرة ؟
القيتُ بنفسي ساجداً ودموعي جارية وقلبي منكسراً وأملي منقطعا من كل شيئ سوى الله وقرأت كلمات كثيراً ماترددت على لساني في الدنيا :
- ((اِلـهي وَسَيِّدي وَرَبّي، اَتُراكَ مُعَذِّبي بِنارِكَ بَعْدَ تَوْحيدِكَ وَبَعْدَ مَا انْطَوى عَلَيْهِ قَلْبي مِنْ مَعْرِفَتِكَ وَلَهِجَ بِهِ لِساني مِنْ ذِكْرِكَ، وَاعْتَقَدَهُ ضَميري مِنْ حُبِّكَ، وَبَعْدَ صِدْقِ اعْتِرافي وَدُعائي خاضِعاً لِرُبُوبِيَّتِكَ، ))
اجتمع الملائكة حولي وأخذتهم الحيرة من أمري فهم لايعلمون ماذا يجب عليهم فعله , اراد احدهم الدنو مني , لعله يتمكن من إقناعي بالذهاب , لكني لم ابال بهم , وكنت غارقا في عالمٍ آخر , في عالم عشق الله وشوق لقاؤه ....
أحسست بقدرة وجرأة اكبر على مناجاة ربي فدعوته قائلا :
(( الهي وسيدي وعزتك وجلالك لئن طالبتني بذنوبي لاطالبنك بعفوك و ولئن طالبتني بلؤمي لاطالبنك بكرمك , ولئن أدخلتني النار لأخبرن اهلها بحبي لك ))
كان بعضهم يقول لايمكن لنا اجباره على مغادرة المكان , انه انسان مؤمن وفي حال مناجاةٍ لله تعالى , ولولم يكن مؤمناً لما أجاز الله له ذلك , اذن علينا الانتظار حتى يأتي أمرٌ من الجليل الأعلى .
ازددت شوقا الى لقاء ربي ومرضاته , واحسست بانقلاب عظيم في نفسي , حتى بدأت أشعر ان حاجتي الى الله تغيرت وتجاوزت حدود الخلاص من عذاب سنة أخرى واصبحت اطلب النجاة من عذاب فراق ربي فدعوته مردداً :
(( وَهَبْني (يا اِلـهي) صَبَرْتُ عَلى حَرِّ نارِكَ فَكَيْفَ اَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ اِلى كَرامَتِكَ اَمْ كَيْفَ اَسْكُنُ فِي النّارِ وَرَجائي عَفْوُكَ فَبِعِزَّتِكَ يا سَيِّدى وَمَوْلايَ اُقْسِمُ صادِقاً لَئِنْ تَرَكْتَني ناطِقاً لاَِضِجَّنَّ اِلَيْكَ بَيْنَ اَهْلِها ضَجيجَ الاْمِلينَ (الاْلِمينَ) وَلاََصْرُخَنَّ اِلَيْكَ صُراخَ الْمَسْتَصْرِخينَ، وَلاََبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بُكاءَ الْفاقِدينَ، وَلاَُنادِيَنَّكَ اَيْنَ كُنْتَ يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنينَ،))
ازدادت حيرة الملائكة حولي , وتركوني بحالي أبكي وأناجي , وبينما انا بهذه الحال وإذا بي أسمع صوت ملك اقبل علينا وهو ينادي :
- اتركوه قد انتهى عذابه وعفي عنه , قد جعل الله نفسه شفيعا اليه , اقترب منا اكثر حتى وصل الينا وانا انظر اليه مبهوراً, غير مصدّق لما أرى لقد كان وجه ذلك الملك يشع بالنور الساطع والجمال الباهرويبشّر بالخير لمن يراه ,ضمني بجناحيه وقال :
- ان الجليل الاعلى يبلغك السلام ويقول : عبدي نني ماتخليت عنك , ولا طردتك من رحمتي , لكنك كنت متقربا مني مرة وتبتعد عني أخرى , وانا دائما اناديك وادعوك بالتقرب والزلفى لدي , اما عذابك في جهنم فهو لروحك تزكية ونقاء كي تعيش حياة الأبد طاهرا لا يحجبك عني شيئ .
بكيت بكاءا شديدا عندما سمعت كلام الملك وخطاب الجليل وصعقتُ صقةً غشي علي على أثرها , فلم أعد أرى ولا أسمع ولا أشعر بشئ و وغرقتُ في اغماء عميق عميق .......
عودة للأحباء
كان لقائي مع أول حبيب لي وأنا في أحضانه , انه عملي الصالح الذي عندما افقت وفتحت عيني , اطلت عليّ اشراقته المنيرة وابتسامته اللطيفة .
قال بصوته العذب :
- كيف حالك ياسعيد , أحمد الله على سلامتك , مدة طويلة مضت وانا أسعى لخلاصك من المأزق الذي وقعت فيه , ولنجاتك من بلايا اعمالك السيئة .
لم أصدق ما أرى , هل هو حقيقة أم انني أعيش في عالم الوهم والخيال ؟ بقيت حيراناً أنظر اليه أغلق عيني مرة وأفتحها أخرى , فبادرني بكلامه ثانية :
- سعيد انا عملك الصالح , انا رفيقك وهاديك , هل نسيت لقائي معك منذ ثلاثين عاما ؟
بدأ يمسح دموعي الجارية فرحاً للقائه , انها دموع لقاء الحبيب لحبيبه , لقاء المشتاق الى من اشتقت اليه سنين وسنين قلتُ له معاتباً :
- أين كنت طوال هذه المدة انسيت وعدك لي في مرافقتي والدفاع عني عند الشدائد والبلايا ؟ لقد قضي أقسى وأمرّالعذاب , وما كان لك حضور معي لتواسيني على مصائبي , او تخفف عني آلامي .
- انني لم أتخل عنك أبداً , وسعيت جاهدا طوال هذه المدة لنجاتك إذ كان لي علم بما تعانيه وأول عمل أنجزته لك هو إيصال خبر لى ابنك مرتضى في المنام بأن والده يتعذب بسبب أن عليه دَين سابق الى صديق له اسمه أحمد لم يؤدءه اليه .وفي اليوم التالي ذهب مرتضى الى العنوان الذي أُعطي له , فوجد الرجل قد توفي حديثاً , لذلك اعطى المبلغ الى ابنه الأكبر , واخبره بما جرى وبالرؤيا في منامه بشأن والده , وطلب منه براءة الذمة لتأخير ذلك المبلغ , وقد رأيت اثر هذا العمل بفرار العقرب العالق من قدمك ألي كذلك ؟
- آه الآن فهمت سبب فرار العقرب , جزاك الله عني خير الجزاء , لقد كان يؤذيني كثيرا بشوكته , لا أعاده الله لي .
- كما انني فرحتُ كثيرا عندما علمت بهدية مرتضى إليك ومنذ ذلك الوقت سعيتُ بكل وجودي لخلاصك الأخير من جهنم حتى تمكنت من الحصول على إجازة الجليل الأعلى بمناجاته والتضرع اليه , ومن ثم إذنه تعالى بنجاتك وإخراجك من نار البرزخ , ولم اترك هذا الامر حتى اوصلتك الى المكان الذي أنت فيه الآن , كما انني هيأت لك دار استقرارك ومحل سكناك في الجنان التي سوف نرحل اليها بعد ثلاثة أيام .
- لا أعلم كيف اشكرك , جزاك الله عني خير الجزاء
- لاتنسى اني خلاصة أعمالك الصالحة , وكل مااستكثرت منها في الدنيا كانت قدرتي على الدفاع عنك اكبر و وجاهي عند الملأ الاعلى أعظم .
بينما كنا نتحدث واذا بثلاث وجوه منيرة اقبلت علينا , اقتربت اكثر فأكثر فتمعنت فيها واذا بها نفس الكائنات النورانية التي اجتمعت حولي في القبر , انها الولاية والصلاة والصوم و جاءوا ليباركوا لي نجاتي وخلاصي من نار البرزخ , اجتمعوا حولي وتذكرتُ اجتماعهم أيام القبر الاولى ووعدهم لي باللقاء مرة أخرى , كما انهم وعدوني بعد التهنئة والتبريك بإقامة حفل بهذه المناسبة في الأيام القادمة .
بقينا ثلاثة ايام في هذا المكان الذي كان بمثابة محطة استراحة مؤقته وقد توافدت خلالها وفود عديدة من الأنس والملائكة لتهنئني بمناسبة الخلاص من عذاب البرزخ .
انقضت الأيام الثلاثة فأخبرني عملي الصالح بأنه استلم الإذن بمغادرة المكان والانتقال الى وادي السلام , حيث هناك مستقر المؤمنين , وجنات عدن التي وعد الله عباده المتقين .
تهيأنا للسفر وسألتُ عن كيفية الذهاب فقال :
- هناك دابة سوف تأتينا لنستقر على ظهرها ونرحل .
جاءت الدابة وبدأنا الرحيل انا وعملي , إذ لارفيق لي غيره , ولا أنيس لي سواه
سألته في الطريق عن مسائل عدة منها عن جبل النار فقال:
- ان جبل النار هو تجسّم لصفة التكبرعند الانسان وهو الذي قال عنه الله تعالى في كتابه ((سأرهقه صعودا)) ويحوي على انواع من العذاب هي تجسمات لآثار ذلك التكبر . كما ان درجة العذاب فيه تختلف من شخص الى آخر تبعا لدرجة تكبره ومعاصيه حتى تصل الى المتكبرين على الله تعالى , واما ما كان مقرراً لك فهو أدنى درجاته .
- وماذا عن الوحوش المفترسة الجائعة في الوادي المظلم المعتم بعد جبل النار ؟
- انها حالات الغضب التي كانت تعتريك وتجعلك كالوحش المفترس لمن تغضب عليه , إذ كنت تنحي عقلك جانبا ويغمرك ظلام الجهل المعتم الذي لايسمح لك بالنظرالى من تغضب عليه إلا بمنظار سَورة الغضب الضيقة .
استمر بنا الحديث ونحن محلقين على الدابة التي كانت تسير بسرعة لا توصف , أظن ان سرعتها كانت تفوق سرعة الضوء , والعجيب اننا كنا لانشعر بتلك السرعة والاحتكاك مع الهواء وكأننا في طائرة مغلقة ومكيّفة !
كان يغمرني شوق كبير لرؤية جنان البرزخ التي كثيرا ما قرأت عنها في الدنيا وشوقي للقاء أحبتي كان اكبر, تذكرت والدي ووالدتي واهلي وزوجتي , لاأدري أين مستقرهم الآن , وهل نجوا كما نجوت , ام مازالوا ......
بينما كنت غارقا في عالم الفكر والخيال , وغذا برائحة عطرة عذبة تغمر مشامي وتخرجني من عالم فكري , نظرت لما حولي فرأيت خضرة واسعة ليس لها حدود . لم تمض دقائق حتى توقفنا عندها واستقرت اقدامنا فوقها , استأذنتْ الدابة للذهاب , وحلقت بحناحيها الشفافين الى حيث يشاء الله لها
قال عملي وقد أشار الى احد لجهات :
- لنترجّل قليلا الى تلك الاشجار المثمرة حيث هناك نهر ماء عذب وثمار مختلفة
ذهبنا واكلنا من انواع الفاكهة التي لا عين في الدنيا رأت لاأذن سمعت ولا خطر على قلب بشر, كانت من الالوان بما لاتعد ومن الطعم بما لايوصف , ومن الرائحة بما لايرغب من يشمها ان يبتعد عنها ويفارقها .
قال عملي :
- ان هذا الذي تراه هو مقدمة لجنان البرزخ وما ينتظرك اكبرواكبر .
- وماذا عن جنان الخلد بعد يوم القيامة ؟
- اما نعيم جنان الخلد فلا استطيع وصفه لك الآن لأنك لن تستطيع ان تتخيل او تتصور مااقوله لك , ولكن اعلم ان كل ماتراه من جنة ونعيم وثمار واشجار وحور وانهار ولذة في عالم البرزخ . انما هي صور وانعكاس لحقيقة النعيم والجنان والحور والانهار واللذات في عالم الأبد بعد الحشر والحساب .
- وهل تعني اننا نعيش الآن في عالم الظل والخيال ؟
- كلا , ولكن اقصد ان درجة الاحساس بلذات عالم البرزخ لو قارنتها مع عالم الابد , لكان الفرق بينهما كالفرق بين لذتك عندما تنظر الى صورة معلقة على جدار وتحوي منظرا جميلا فيه جبال وشلالات وورود جذابة , وبين لذتك عندما تذهب الى مكان ذلك المنظر وتعيش فيه بروحك وبدنك
أقبل علينا ملك في غاية الجمال فسلّم علينا وقال :
- لقد أتيت لكما بالإذن لدخول وادي السلام , تعالوا معي .
- سألته مستغربا :
- وأين هو وادي السلام ؟
- أنتم الآن على مشارفه , تقدموا قليلاً و تقدمنا خطوة بعد خطوة وقدم بعد قدم فإذا بباب عظيمة شفافة وقد اصطفّت الملائكة عن يمينها ويسارها وهم ينتظرون قدومنا ز تقدمنا نحوهم , واقتربنا منهم فسمعنا اولهم يقول:
((تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقياً))
تقدمنا اكثرهم فقال آخرهم :أدخلوها بسلام آمنين
دخلت انا وعملي بسم الله الرحمن الرحيم ....يالهي ماذا أرى ؟؟ أهو حقيقة ام خيال ؟؟ ماهذه الخضرة الواسعة المطعّمة بأجمل الالوان , يالسعتها وجمالها , وما هذه الاشجار والبساتين الرائعة , وما هذه الأنهار الجارية والأنوار المضيئة , ومن هؤلاء الجالسين مجاميع مجاميع ووجوههم تشع نوراً وبهاءً , يبدو أنهم من جنس البشر ,نعم انهم سكان جنان البرزخ جالسين مجتمعين , ليتني اصل إليهم فأسألهم عن أهلي وأحبتي . أردت التحرك نحوهم ولكني تذكرتُ أني جديد العهد هنا , لذا سألتُ الملك المرافق لي :
- ماذا نفعل الآن ؟
قال :
-علينا ان ننتظر حتى يأتي أمر الله .
سمعت اسم الله فأحسست بحب عظيم له وشوق للقائه , ورغبة في رضوانه , وتذكرت الآية الكريمة: (ورضوان من الله أكبرذلك هو الفوز العظيم) فقلت في نفسي ليتني أصل الى رضوان الله , وهل صحيح انه اكبر من كل هذه الجنان والنعيم والصفاء؟! ترددتُ في سؤال الملك ثم تجرأتُ بقولي له :
قال :
- ان رضوان الله ليس بالشي المستقل عن جنان البرزخ حتى تصل اليه , فهو يرافق وجودك ويمنحك السعادة والطمأنينه في تلك الجنان , وتختلف درجته باختلاف منزلة العبد ومقامه .
سُررتُ كثيراً عندما رأيت الدابة التي أتت بنا قد عادت بشكلها الجذاب ونورها المشع وابتسامتها البهية , وعندما وصلت الينا قالت :
- اركبوا بسم الله مجراها ومرساها .
قلتُ لها :
- بالله عليك أخبريني من انت؟
قالت :
- انا تجسم مساعداتك للناس وقضائك لحوائج المؤمنين في الدنيا , وقد خلقني الله لأقضي حوائجك وأكون وسيلة تنقلاتك في عالم البرزخ .
- وكيف استدعيكِ عند الحاجة إليك ؟
- ان من خلقني أودع لدي القدرة على الحضور أمامك بمجرد حصول نيةاستدعائك لي .
انطلقت بنا وحلقتْ فوق الجنان وأي جنان ! قلت لعملي :
- الى أين المقصد هذه المرة ؟
قال :
- الى مسكنك البرزخي , الى مثواك ومقرك الذي طالما كان في انتظارك الى ما غرزته في الدنيا ونمى لك في الآخرة , الى ((جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتياً))
لحظات لاتوصف , ومشاعر لاتقاس بشيئ وانا في طريقي الى ماوعدني به ربي ..
قال عملي :
- لديّ مايسرّك أكثر , هل أخبرك به ؟
- نعم وهل هناك من لايرغب في سماع مايسره .
- اعلم أن الانسان الذي يدخل السرور في قلوب المؤمنين سوف يخلق الله له من يسره في الآخرة وهذا المخلوق سوف تلاقيه وقد أعد لك الكثير مما تقر به عينك
- وهل تعلم ماذا اعدّ لي ؟
- ان المستقبل سوف يكشف لك ذلك .....