بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
يقسم المتأخرون من علماء الدراية الحديث إلى أربعة أقسام :
القسم الأول : الصحيح ، وعرفه الشهيد الثاني في الدراية ص 19بأنه الذي
اتصل سنده إلى المعصوم بنقل العدل الضابط عن مثله في جميع الطبقات ).
القسم الثاني : الحسن ،وعرفه الشهيد الثاني في الدراية ص 21 بقوله : (الحسن ما اتصل سنده إلى المعصوم بامامي ممدوح من غير نص على عدالته ، مع تحقق ذلك في جميع مراتبه أو في بعضها مع كون الباقي من رجال الصحيح).
القسم الثالث : الموثق وهو كما في المعالم ص 367 : (ما دخل في طريقه من ليس بإمامي ، ولكن منصوص على وثاقته بين الأصحاب).
القسم الرابع : الضعيف ، وهو الذي لا تجتمع فيه الشروط المعتبرة في الحديث الصحيح والحسن والموثق ككونه مشتمل على راوٍ مجهول أو مهمل أو مضعف بإحدى طرق التضعيف المقررة عند علماء الجرح والتعديل .
والحديث الضعيف ينقسم إلى قسمين أساسيين :
1ـ المقبول : وهو ما يعتمد عليه كدليل في عملية الاستدلال والاستنباط ، ومن ذلك ما احتف بقرائن تفيد الوثوق بصدوره وهو الحديث الصحيح باصطلاح المتقدمين ، قال المحقق الشيخ أبو الحسن المشكيني (ره) في كتاب الوجيزة ص 90: (والصحيح الحجة منه ما كان الرجال ثقات مع عدم الوثوق بكذبه ، . . . إلى أن قال في الحديث الذي وقع في سنده غير الثقة: (نعم لو وثق بصدوره من جهة من الجهات لكان حجة ، والضعيف كالحسن بل أولى بالعدم إلا إذا حصل الوثوق بالصدور والملاك في ذلك كله كون ملاك الحجية الموثوق أو كون الراوي ثقة في الحديث بشرط عدم الوثوق الفعلي بالخلاف).
ويقول الشهيد الثاني (رحمه الله) في مقبولة عمر بن حنظلة التي هي بحسب اصطلاح علم الدراية حديث ضعيفة (ومع ما ترى في هذا الاسناد قد قبل الأصحاب متنه ، وعملوا بمضمونه ، بل جعلوه عمدة التفقه ، واستنبطوا منه شرائطه كلها وسموه مقبولاً ، ومثله في تضاعيف أحاديث الفقه كثير )راجع الدراية ص 44.
2ـ المردود وهو الحديث الذي رده العلماء ومنعوا الاعتماد عليه ، وهو ينقسم إلى أقسام منها المرسل والمرفوع غير المحتف بما يوجب الوثوق بصدوره ، ومنها الحديث الموضوع .
والحديث الموضوع : هو المكذوب والمخترع ففي المعجم الوسيط في مادة (وضع) : وضع الرجل الحديث : افتراه وكذبه واختلقه. أقول : وبهذا يتضح أن هنالك فرق بين الحديث الضعيف ـ باصطلاح المتأخرين ـ وبين الموضوع ، وذلك من عدة جهات :
1ـ أن الضعيف شامل للموضوع وغيره .
2ـ أن الضعيف قد يكون مقبولاً ، بخلاف الموضوع فإنه مرفوض مردود البتة.
3ـ أن الضعيف ليس بالضرورة معلوم الكذب و الوضع والتزوير ، وهذا بخلاف الموضوع . ويترتب على هذا الفرق أثران مهمان:
الأثر الأول : هو حرمة رد وتكذيب الخبر الضعيف ما لم يعلم بكذبه ووضعه ، وهذه الحرمة ثابتة بروايات متواترة ، موضوعها كما يقول شيخنا المحقق محمد سند (حفظه الله) في كتاب بحوث في مباني علم الرجال ص 34: (كل رواية لم يعلم ولم يقطع بوضعها ولا تتناقض مع ضروريات الكتاب والسنة ، وهذه الحرمة المسلمة بين علماء الامامية موضوعها كل من الخبر الصحيح والضعيف ).
الأثر الثاني : هو إمكانية تراكم احتمال صدور الخبر الضعيف ومعاضدته للصحيح ، وذلك وفقاً لقانون حساب الاحتمال الرياضي ، وبهذا يتشكل عندنا الخبر المستفيض والمتواتر ، و قيمتهما في عملية الاستدلال والاستنباط أرفع من قيمة خبر الواحد الصحيح بحسب اصطلاح المتأخرين كما هو واضح.
فإن الخبر الضعيف مادام يحتمل الصدور ، فإن احتمال صدوره يرتفع بتعدد طرقه (العامل الكمي) و احتفافه بالقرائن السندية و المضمونية (العامل الكيفي) إلى أن يتحقق التواتر اللفظي أو المعنوي.
ولهذا لم يهتم العلماء الأعلام بجمع خصوص الروايات الصحيحة وفرزها فالتدوين والنقل عن الضعيف ، وذلك لأن في مثل هذه الخطوة ـ التي هي موجودة عند بعض سلفنا واهتم بها بعض المتأخرين ـ تضييع للتراث الذي به تتحقق الاستفاضة و التواتر على بعض المضامين.
----
المصدر : http://www.zaad.org/books/index.php?id=1055