العودة   منتديات الطرف > الواحات الأدبية > ~//| مطويات القصص والروايات |\\~




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 07-02-2011, 06:03 AM   رقم المشاركة : 1
أحسائية
مشرفة زوايا عامة
 
الصورة الرمزية أحسائية
 






افتراضي بس دقيقة/ قصة قصيرة

كنت أقف في دوري على شباك التذاكر لأشتري بطاقة سفر في الحافلة إلى مدينة تبعد حوالي 330 كم،
وكانت أمامي سيدة ستينية قد وصلت إلى شباك التذاكر وطال حديثها مع الموظفة
التي قالت لها في النهاية : الناس ينتظرون،
أرجوكِ تنحّي جانباً.
فابتعدت المرأة خطوة واحدة لتفسح لي المجال، وقبل أن أشتري بطاقتي سألت الموظفة عن المشكلة،
فقالت لي بأن هذه المرأة معها ثمن بطاقة السفر وليس معها يورو واحد قيمة بطاقة دخول المحطة،
وتريد أن تنتظر الحافلة خارج المحطة وهذا ممنوع.
قلتُ لها: هذا يورو وأعطها البطاقة.
وتراجعتُ قليلاً وأعطيتُ السيدة مجالاً لتعود إلى دورها بعد أن نادتها الموظفة مجدداً.
اشترت السيدة بطاقتها ووقفت جانباً وكأنها تنتظرني،

فتوقعت أنها تريد أن تشكرني،
إلا أنها لمـ تفعل، بل انتظرتْ لتطمئن إلى أنني اشتريت بطاقتي وسأتوجه إلى ساحة الانطلاق،
فقالت لي بصيغة الأمر: احمل هذه...وأشارت إلى حقيبتها.
كان الأمر غريباً جداً بالنسبة لهؤلاء الناس الذين يتعاملون بلباقة ليس لها مثيل.

بدون تفكير حملت لها حقيبتها واتجهنا سوية إلى الحافلة، ومن الطبيعي أن يكون مقعدي بجانبها لأنها كانت قبلي تماماً في الدور.
حاولت أن أجلس من جهة النافذة لأستمتع بمنظر تساقط الثلج الذي بدأ منذ ساعة

وأقسم بأن يمحو جميع ألوان الطبيعة معلناً بصمته الشديد:
أنا الذي آتي لكم بالخير وأنا من يحق له السيادة الآن!
لكن السيدة منعتني و جلستْ هي من جهة النافذة دون أن تنطق بحرف،
فرحتُ أنظر أمامي ولا أعيرها اهتماماً،
إلى أن التفتتْ إلي تنظر في وجهي وتحدق فيه، وطالت التفاتتها دون أن تنطق ببنت شفة وأنا أنظر أمامي،
حتى إنني بدأت أتضايق من نظراتها التي لا أراها لكنني أشعر بها، فالتفتُ إليها.
عندها تبسمتْ قائلة: كنت أختبر مدى صبرك وتحملك.
- صبري على ماذا؟
- على قلة ذوقي. أعرفُ تماماً بماذا كنتَ تفكر.
- لا أظنك تعرفين، وليس مهماً أن تعرفي.
- حسناً، سأقول لك لاحقاً، لكن بالي مشغول كيف سأرد لك الدين.
- الأمر لا يستحق، لا تشغلي بالك.
- عندي حاجة سأبيعها الآن وسأرد لك اليورو، فهل تشتريها أم أعرضها على غيرك؟
- هل تريدين أن أشتريها قبل أن أعرف ما هي؟
- إنها حكمة. أعطني يورو واحداً لأعطيك الحكمة.
- وهل ستعيدين لي اليورو إن لم تعجبني الحكمة؟
- لا، فالكلام بعد أن تسمعه لا أستطيع استرجاعه،
ثم إن اليورو الواحد يلزمني لأنني أريد أن أرد به دَيني.
أخرجتُ اليورو من جيبي ووضعته في يديها وأنا أنظر إلى تضاريس وجهها.

لا زالت عيناها جميلتين تلمعان كبريق عيني شابة في مقتبل العمر، وأنفها الدقيق مع عينيها يخبرون عن ذكاء ثعلبي.
مظهرها يدل على أنها سيدة متعلمة، لكنني لن أسألها عن شيء،
أنا على يقين أنها ستحدثني عن نفسها فرحلتنا لا زالت في بدايتها.
أغلقت أصابعها على هذه القطعة النقدية التي فرحت بها كما يفرح الأطفال عندما نعطيهم بعض النقود

وقالت: أنا الآن متقاعدة، كنت أعمل مدرّسة لمادة الفلسفة، جئت من مدينتي لأرافق إحدى صديقاتي إلى المطار.
أنفقتُ كل ما كان معي وتركتُ ما يكفي لأعود إلى بيتي،
إلا أن سائق التكسي أحرجني وأخذ مني يورو واحد زيادة، فقلت في نفسي سأنتظر الحافلة خارج المحطة، ولم أكن أدري أنه ممنوع.
أحببتُ أن أشكرك بطريقة أخرى بعدما رأيت شهامتك، حيث دفعت عني دون أن أطلب منك. الموضوع ليس مادياً.
ستقول لي بأن المبلغ بسيط، سأقول لك أنت سارعت بفعل الخير ودونما تفكير.
قاطعتُ المرأة مبتسماً: أتوقع بأنك ستحكي لي قصة حياتك، لكن أين البضاعة التي اشتريتُها منكِ؟ أين الحكمة؟
- "بَسْ دقيقة".
- سأنتظر دقيقة.
- لا، لا، لا تنتظر.. "بَسْ دقيقة"... هذه هي الحكمة.
- ما فهمت شيئاً.
- لعلك تعتقد أنك تعرضتَ لعملية احتيال؟
- ربما.
- سأشرح لك: "بس دقيقة"، لا تنسَ هذه الكلمة.
في كل أمر تريد أن تتخذ فيه قراراً، عندما تفكر به وعندما تصل إلى لحظة اتخاذ القرار أعطِ نفسك دقيقة إضافية، ستين ثانية.
هل تعلم كم من المعلومات يستطيع دماغك أن يعالج خلال ستين ثانية؟

في هذه الدقيقة التي ستمنحها لنفسك قبل إصدار قرارك قد تتغير أمور كثيرة، ولكن بشرط.
- وما هو الشرط؟
- أن تتجرد عن نفسك، وتُفرغ في دماغك وفي قلبك جميع القيم الإنسانية والمثل الأخلاقية دفعة واحدة،

وتعالجها معالجة موضوعية ودون تحيز،
فمثلاً: إن كنت قد قررت بأنك صاحب حق وأن الآخر قد ظلمك فخلال هذه الدقيقة

وعندما تتجرد عن نفسك ربما تكتشف بأن الطرف الآخر لديه حق أيضاً، أو جزء منه،
وعندها قد تغير قرارك تجاهه.
إن كنت نويت أن تعاقب شخصاً ما فإنك خلال هذه الدقيقة بإمكانك أن تجد له عذراً فتخفف عنه العقوبة

أو تمتنع عن معاقبته وتسامحه نهائياً.
دقيقة واحدة بإمكانها أن تجعلك تعدل عن اتخاذ خطوة مصيرية في حياتك لطالما اعتقدت أنها هي الخطوة السليمة،

في حين أنها قد تكون كارثية.
دقيقة واحدة ربما تجعلك أكثر تمسكاً بإنسانيتك وأكثر بعداً عن هواك.
دقيقة واحدة قد تغير مجرى حياتك وحياة غيرك، وإن كنت من المسؤولين فإنها قد تغير مجرى حياة قوم بأكملهم...
هل تعلم أن كل ما شرحته لك عن الدقيقة الواحدة لم يستغرق أكثر من دقيقة واحدة؟
- صحيح، وأنا قبلتُ برحابة صدر هذه الصفقة وحلال عليكِ اليورو.
- تفضل، أنا الآن أردُّ لك الدين وأعيد لك ما دفعته عني عند شباك التذاكر.

والآن أشكرك كل الشكر على ما فعلته لأجلي.
أعطتني اليورو. تبسمتُ في وجهها واستغرقت ابتسامتي أكثر من دقيقة،
لأنتهبه إلى نفسي وهي تأخذ رأسي بيدها وتقبل جبيني قائلة : هل تعلم أنه كان بالإمكان أن أنتظر ساعات دون حل لمشكلتي،
فالآخرون لم يكونوا ليدروا ما هي مشكلتي، وأنا ما كنتُ لأستطيع أن أطلب واحد يورو من أحد..
- حسناً، وماذا ستبيعيني لو أعطيتك مئة يورو؟
- سأعتبره مهراً وسأقبل بك زوجاً.
علتْ ضحكتُنا في الحافلة وأنا أُمثـِّلُ بأنني أريد النهوض ومغادرة مقعدي وهي تمسك بيدي

قائلة: اجلس، فزوجي متمسك بي وليس له مزاج أن يموت قريباً!
وأنا أقول لها: "بس دقيقة"، "بس دقيقة"...
لم أتوقع بأن الزمن سيمضي بسرعة. كانت هذه الرحلة من أكثر رحلاتي سعادة،

حتى إنني شعرت بنوع من الحزن عندما غادرتْ الحافلة عندما وصلنا إلى مدينتها في منتصف الطريق تقريباً.
قبل ربع ساعة من وصولها حاولتْ أن تتصل من جوالها بابنها كي يأتي إلى المحطة ليأخذها،

ثم التفتتْ إليّ قائلة : على ما يبدو أنه ليس عندي رصيد.
فأعطيتها جوالي لتتصل.
المفاجأة أنني بعد مغادرتها للحافلة بربع ساعة تقريباً استلمتُ رسالتين على الجوال،

الأولى تفيد بأن هناك من دفع لي رصيداً بمبلغ يزيد عن 10 يورو،
والثانية منها تقول فيها : كان عندي رصيد في هاتفي لكنني احتلتُ عليك لأعرف رقم هاتفك فأجزيكَ على حسن فعلتك.
إن شئت احتفظ برقمي، وإن زرت مدينتي فاعلم بأن لك فيها أمّاً ستستقبلك.
فرددتُ عليها برسالة قلت فيها: عندما نظرتُ إلى عينيك خطر ببالي أنها عيون ثعلبية لكنني لم أتجرأ أن أقولها لك،

أتمنى أن تجمعنا الأيام ثانية، أشكركِ على الحكمة واعلمي بأنني سأبيعها بمبلغ أكبر بكثير.
"بس دقيقة"...
حكمة أعرضها للبيع، فمن يشتريها مني في زمن نهدر فيه الكثير الكثير من الساعات دون فائدة؟

 

 

أحسائية غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-02-2011, 02:28 PM   رقم المشاركة : 2
ليت امي لم تلدني
طرفاوي مشارك






افتراضي رد: بس دقيقة/ قصة قصيرة

دقيقه على دقيقه صارت اسنين ضاعت هباءا منثورا

خليني اشكرك بس دقيقه على هذي القصه الرائعه
رائعه اختي

 

 

ليت امي لم تلدني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-02-2011, 08:36 PM   رقم المشاركة : 3
ناقد
طرفاوي نشيط جداً
 
الصورة الرمزية ناقد
 







افتراضي رد: بس دقيقة/ قصة قصيرة

بس دقيقة ..


.. , ما أحــلى الاستمتاع بالانجاز ..



.. , وربمـا دقيقة واحــدة قبل الخطو بخطوة .. , تجعلنا من السعداء او ..... !


.. دقيقة .. !!








شكراً أحســــــــآئيــة

.. تقبلـِ تحياتي / نآقـد

 

 

 توقيع ناقد :
رد: بس دقيقة/ قصة قصيرة
رد: بس دقيقة/ قصة قصيرة





والله الموفق
ناقد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-02-2011, 12:38 AM   رقم المشاركة : 4
أحسائية
مشرفة زوايا عامة
 
الصورة الرمزية أحسائية
 






افتراضي رد: بس دقيقة/ قصة قصيرة

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليت امي لم تلدني
دقيقه على دقيقه صارت اسنين ضاعت هباءا منثورا

خليني اشكرك بس دقيقه على هذي القصه الرائعه
رائعه اختي

إذا كآنت الدقآيق فيهآ تدبر وتمعن وحكمة أفضل من لا شيء وبكذا تضيع السنوات بدون فآئدة
أشكرك على حضورك

 

 

أحسائية غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-02-2011, 12:42 AM   رقم المشاركة : 5
أحسائية
مشرفة زوايا عامة
 
الصورة الرمزية أحسائية
 






افتراضي رد: بس دقيقة/ قصة قصيرة

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناقد
بس دقيقة ..


.. , ما أحــلى الاستمتاع بالانجاز ..



.. , وربمـا دقيقة واحــدة قبل الخطو بخطوة .. , تجعلنا من السعداء او ..... !


.. دقيقة .. !!








شكراً أحســــــــآئيــة

.. تقبلـِ تحياتي / نآقـد

فعلاً دقيقة واحدة قد تمنحنا السعادة او تسلبها منّا
أشكرك على تواجدك

 

 

أحسائية غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-02-2011, 02:39 PM   رقم المشاركة : 6
غلا روحي
مشرفة زوايا عامة وملامح صورة
 
الصورة الرمزية غلا روحي
 






افتراضي رد: بس دقيقة/ قصة قصيرة

حِكَمَهـ استَفَدتُ مِنهَا ,, يعطِييك العَ‘ــآفِيهـ

 

 

 توقيع غلا روحي :
رد: بس دقيقة/ قصة قصيرة

لا زِلت أرْقبُ الأمل
يَتبرعمُ على أهْداب الشَفق
كَ ياسمينة بَيضاء
تَستغيث قَطرة مَطر
تُبلل جَفاف عُروقها !
أضَعهُا ما بَين جَدائليْ
لِتُخفف حِدّة المَوت الذّي يَتفاقمُ عليها !


غــــلا رد: بس دقيقة/ قصة قصيرة
غلا روحي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-02-2011, 04:01 AM   رقم المشاركة : 7
♥ gѕη яσσн
مشرف ديوانية المرح وملتقى الأعضاء ومتنفس أعضائنا
 
الصورة الرمزية ♥ gѕη яσσн
 







افتراضي رد: بس دقيقة/ قصة قصيرة

دقيقه على دقيقه .. راح تحقق ما نطمح اليه .. مما ورد في القصه .. خيال واقعي بالدقيقه .

يسلموا على الطرح .. بالتوفيق ..

 

 

 توقيع ♥ gѕη яσσн :
.
.
.

ثمنْ الوسائِد أحلامٌ مُمزقهْ و آمالٌ مُهداء لِزمنْ
♥ gѕη яσσн غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03-03-2011, 08:56 PM   رقم المشاركة : 8
أحسائية
مشرفة زوايا عامة
 
الصورة الرمزية أحسائية
 






افتراضي رد: بس دقيقة/ قصة قصيرة

تسلمووا
أشكركم على تواجدكم
موفقين

 

 

أحسائية غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-04-2011, 06:28 AM   رقم المشاركة : 9
حب علي
طرفاوي بدأ نشاطه
 
الصورة الرمزية حب علي
 






افتراضي رد: بس دقيقة/ قصة قصيرة

قصة فائقة الروعة روعة روعة
فعلا قصة رائعة أعجبتني كثيرا
فكل دقيقة من عمري لها ثمن
نعم دقيقة تغير مجرى الحياة
كنت في قمة الحزن وما أن قرأتها هذه القصة
انفتح باب الفرج
أسررتني كثيرا بعد عناء ليلة كاملة
دقيقة حوالت حزني فرح وهمي الى فرج
اشكرك اشكرك على هذه القصة التى تقدر بقدر
اشكر لك
انتظر جديدك

 

 

حب علي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19-04-2011, 11:33 PM   رقم المشاركة : 10
قاهر المستحيل
مراقب الواحات العامة والتقنية
 
الصورة الرمزية قاهر المستحيل
 







افتراضي رد: بس دقيقة/ قصة قصيرة

ماأروع هذه القصة ..
فيها في البدء نتعلم أنه من المفروض ألا نستعجل أبدا ً في حياتنا ونتخذ الدقيقة أمرا ً هاما

كما أنه لا لجزاء الإحسان إلا الإحسان .. فما قد حصل عليه صداقة أم ٍ لم يكن مخططا ً له وحكمة نحلم نحن ان تشرح لنا بالطريقة التي شرحت بها
ماأجمل هذه القصة بكل ماورد فيها ، فعلا ً هاهنا تحلو الحياة بالمساعدة والفائدة والفرحة

سلمت أناملكِ أختي أحسائية
لاعدمنا إطلالاتك ، وعساك ِ على القوة



والله ولي التوفيق

 

 

 توقيع قاهر المستحيل :

سأل الممكن المستحيل
..أين تقيم
؟
فأجابه:في أحلام العاجزين
قاهر المستحيل غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 08:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد