العودة   منتديات الطرف > الواحات الأدبية > همس القـوافي وعذب الكلام




إضافة رد
   
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 26-01-2006, 10:02 PM   رقم المشاركة : 1
ican........but
طرفاوي مشارك





افتراضي قصة أعجبتني

لديّ هذه القصة وقد قرأتها وأعجبتني كثيرا وأردت أخذ رأيكم فيها .....وهاهي القصة بين ايديكم...الفصل الأول....



...رن جرس الهاتف..كنت أجلو الصحون في غمرة من أعمال التنظيف حين سمعت زغردة بأوتار صوتيه هرمة..هرولت إلى جدتي ورغوة سائل الجلي تتراقص في يديّ.."هل صدرت النتائج..؟من كان على الهاتف..؟"تلألأت الدموع في عينيها الصغيرتين وراحت تقول بصوت شجي.."إنها صديقتك علا..لقد نجحتما..!"بعبث المراهقين ضممت جدتي إلى صدري وبللت ثيابها برغوة الصابون دون أن تشعر هي ولا اقصد أنا اتصلت سريعا بصديقتي علا وتأكدت من الخبر ورحت أثرثر معها كالعادة وعقارب الساعة تمر دون أن تأبه بنا..إنها صديقتي المقربة..اعرفها منذ ثلاث سنوات ..بدأت صداقتنا على المقعد الأول في الصف.. ثم انتهى بأنسحاب أحدى الطالبات المسالمات من المقعد الذي تركته لنا كلتينا ..ثم ازدادت يوما بعد يوم، واستحكمت صداقتنا ..ذاع صيتنا في المدرسة، وصار من حولنا يلقبنا بالثنائي المدهش..لم يعد يتطرق الان الى خيالي موقف من مواقف الدمدرسة إلا وعلا تسبقه حضورا في الذاكرة ..كانت جدتي وعلا هما عزائي الوحيد في هذه الدنيا .

ـــ جدتي..سأنهي التنظيف وسأذهب إلى زيارة علا فنتناول حلوان النجاح..!
ـــووالداك!..ألن تخبريهما بهذا الخبر السعيد؟

خمدت فورة الفرح في عيني قليلا،وقلت ...صحيح..لقد نسيت ..؟؟

ـــ هيا إذاً.... اتصلي بأمك وبشريها،ثم بأبيك وقولي له أن يأتي ..لم أراه منذ أسبوع .

تصدقين لم يرني منذ أسبوع ! لقد أعتدت ذلك ..أعتدت أن أرى أبي مره واحدة كل بضعة أيام ، وأن أجتمع بأمي كذلك في الأسبوعين والثلاثة مرة .. حتى في لحظات حيتي السعيدة القليلة لا أراهما قربي.. بل أنا من يسعى لذلك ،لأنه واجبي نحوهما ــ هكذا تدخل جدتي في روعي دائما ــ ولايدفعني إلى ذاك غالبا إلا الواجب !

تقول لي أتصلي بأمك ..ثم أتصلي بأبيك ..لماذا (ثم)؟ لماذا ليست (و)؟لمذا ليست (مع)؟؟لقد حفرت هذه الثم في ذاكرتي ووجداني حتى باتت نقشا اثريا كشيء..من معالمها ..منذ سنين..سنين تقارب سنوات عمري بل تصغرها بعامين،عامين من لم أكن أعي فيهما كأيّ رضيع سوى ثدي أمي وشارب أبي، كنت الطفل الأول والمدلل..الثياب..الألعاب ..الحلويات ،هكذا كانت تحكي لي جدتي التي تولت رعايتي بعد أن فطمت عن حليب أمي ورحت أرضع التشرد والمشاكل ..البؤس والضياع ، كنت كلّما...

توضحت معالم الدنيا في ناظري ، أرى كل طفل يمسك يد أمه بيد ويد أبيه ،اشرئبّ إليهم ..يحادث أمّه تارة ،ويحادث أباه أخرى .. هناك فرق .. خلل ..شرخ كبير في حياتي لماذا لست مثله؟؟ وحين كنت أسأل جدتي لماذا ..لماذا .. لماذا ؟!كانت تضمني إلى صدرها الحنون ،وتشرح لي بلغة لا يستوعبها عقلي الضئيل: "أبواه متزوجان..وأبواك..

كانت الشمس في كبد السماء ترسل أشعتها الوهّاجة..والعرق يتصبب على الجباه..وأصوات الطلبة تملأ الخلاء،كلّ يقدّم أوراقه للتسجيل وفي عينيه تبرق آمال عريضة وكأنه اعتلى صهوة جواد أشهب، وراح يخترق به عباب الأمواج،جميلة هي الدنيا في أعين الشباب..وضّاءة..ضحّاكة،يمتلكون من القوة ما يثني الحديد بأيديهم،ومن الحب ما يصهره بلهيب أحاسيسهم..أما أنا فليس عندي من قوتهم إلاّ الشيء اليسير..ربما لأنني فتاة..ربما لأن ظروف حياتي جعلتني أتقوقع في أعماقي لشعوري بالنقص..لست أدري..!يقولون عني إنني هادئة الطبع،وديعة الملامح،حيّية،قليلة الكلام..إنها سمات فاضلة تطغى على حياتي،واجهت مجتمع المدرسة بأبوين كأبوي..وما كان ذلك بالأمر الهين..كنت أتلقّى حينا نظرات رثاء تكاد تهوي بي إلى الحضيض،وأعود فألوك مراراتي وأرسم ابتسامتي الهادئة رسما يعجز عنه الفنانون،ولئن كنت أتجاهل الأمر وأتصنع الهدوء فإن الجراح تفتك في أعماقي.

وهذه اليوم مرحلة جديدة من مراحل حياتي..فيها انطلاقة إلى الحياة،وتغلغل بالحيوية،وصعود دائم نحو الأفضل..فيها أنني بعد أربع سنوات من الجامعة سأصبح مدرّسة للغة العربية،سأستقلّ بنفسي وأشعر بوجودي،وسأنفق على نفسي..وقد أتابع إلى جانب ذلك الدراسات العليا..ولعل هذا يلملم جراح الماضي ويعوّض ذاك النقص..أحلام كثيرة تراودني كانت بدايتها أوراق التسجيل في الجامعة ونهايتها الحصول على شهادة التخرج..!ومما يزيد سعادتي أن علا سترافقني في هذه المرحلة أيضا وبالقسم نفسه،وهذا ما رفع كثيرا من معنوياتي وجعلني أغبط نفسي أن حالفها الحظ لأول مرة بأمنية تحققت.

انتهينا أخيرا من فوضى الطوابع والأوراق وصخب الحشد و الجموع،افترقت وعلا في الطريق فقد كان عليّ أن أمرّ على امي..أقصد زيارتها..أحيانا أشتاق إليها..وأحيانا كثيرة أشعر أنني بحاجة لها،وأن حكمة جدتي لا تتسع لطيش أحلامي..وربما راودتني رغبة في العيش معها لكن شعوري بالغربة بين زوجها وولديها أخذ يطحنني ويردني بقسوة إلى دار جدتي.

قرعت الجرس ففتحت لي أختي صبا..رحبت بي وسارعت لتناولني كوبا من الماء البارد أطفىء به سعير ظمئي..كيف حالك صبا..؟وكيف استعدادك للمدرسة؟

ـــ جيد..!لكن الدراسة مملّة..مشاهدة القنوات الفضائيهة أكثر متعة..!

دخلت أمي بكلمات الترحيب وقبلات الشوق،أعلمتها أنني كنت في الجامعة أقوم بإجراءات التسجيل..آه..كبرت يابنتي..وها أنت ذي في الجامعة..كم أنا فخورة بك،والله إن فرحتي بك لا تقدر بثمن ياأمل،ادرسي جيدا واجتازي كل مراتب العلم، حققي ذاك يابنتي..علّذلك يعوضك عمّا قصرنا في حقك أنا وأبوك،وانتبهي جيدا هناك أجواء الجامعة ليست صافية دائما،وأنا أعهدك فتاة ملتزمة واعية..أخشى عليك عبث الشباب.

قلت بسذاجة:لاتخافيعليّ يا أمي..فأنا يقظة واعية..!

ــ كيف حال جدتك؟
ــ بخير والحمد لله،كعادتها لا تفارق السبحة يدها،كلّما تسمع نبأ مفرحا عني تقوم فتصلي شكرا لله.
ــ ألا ترين أخوتك وأباك؟..ما أخبارهم؟
ــ كنت عندهم مع جدتي منذ يومين، محمد يستريح من التعب بعد امتحانات الشهادة الاعدادية، ورغد ورهف في المدرسة الابتدائية تمضيان أيامهما في زيارات أمهما التي لا تنتهي..تارة عند جارتها..وأخرى عند أختها..وثالثة عند أمها..وهكذا..ولكن..أين لؤي؟
..مالي لا أراه؟
أجابت صبا بميوعة..إنه في النادي مع أصدقائه، لقد طلبت من ماما أن تسجّلني في النادي لأمارس رياضة النتس لكنها رفضت.. أمل.. أقنعيها.. !
..كيف أقنعها بما لست مقتنعة به..أحيانا أشعر أن أمي وزوجها يفرطان في تدليل صبا ولؤي..وأحيانا أغبط أخويّ هذين، فأشعر أن حياتي هي الفقيرة وليست حياتهما هي الثريّة ليس هو الفقر المادي بقدر ما هو الفقر المعنوي، حاجتي إلى العطف و الحنان اللّذين يغترفان، إنني لأبخس من حق جدتي الشيء الكثير إن قلت إنها تحوجني إلى ذلك.. قد لايكون الأمر بكمية عصير ارتشفه في أي وعاء، بقّدر ما هو في كينونة الوعاء ذاته إن كان كوبا أو كان جرّة أو كان دلو بئر..!
خرجت من منزل أمي بعد أن أصرّت على تناولي الغداء معها فزوجها كان مسافرا في مهمة عمل.فهو وكيل لشركة تنتج الأدوات الكهربائية..تدّر عليه دخلا وافرا، هو ابن خالتها ويحبها منذ زمن..لكن الأقدار فرّقت بينهما وشاءت لها ان تتزوج أبي وتعيش معه في جحيم ــ كما كانت تقول ــ لانعدام المحبة والتفاهم بينهما \، وسافر هو للعمل وحينما عاد وجدها أسيرة لقب مطلّقة تصارعه ويصارعها لعامين كنت خلالهما في رعايتها عند خالي عثمان، رثى ابن خالتها لحالها وهي التي كانت مدار حديث العائلة برقّتها وجمالها..وتأجج فيه حبه الأول.. وواجه كل اعتراضات اهله على زواجه من مطلقّة وهو الأعزب ذو المؤهلات، كان شرطه الوحيد الاّ أنشأ بينهما.. وكان خيارا صعبا وقعت بسببه تحت ضغط أخيها وزوجته واقتنعت بأنها فرصه لا تعوض، وأن قطار الزمن قد يفوتها ،وقد يحيق الندم بها ودخل في روعها أن أبي مسؤول عني كمسؤوليتها وسمعت كثيرا من الكلمات المريرة التي لم تكن بمثل مرارة أن أعيش في كنف زوجة أب ، خصوصا وأنا ما زلت ابنة أعوام اربعة، ثمّ ألهمها الله أن تعهد برعايتي لجدتي وعمتي هدى التي لم تكن قد تزوجت بعد..ثم كان ما كان ...

كنت من قبل ألوم والدتي..فما كان عليها أن تتنازل عني مهما كلّف الأمر..أنا فلذة كبدها..لكنني عندما كنت أراها سعيدة بأسرتها الصغيرة كنت أرتاح أن لم أكن في يوم ما سببا يحرمها هذه السعادة..وعليّ أن أقبل بالحقيقة التي أنا فيها كما يقبل الأعرج عكازه، وضعيف النظر نظارته9..هذا هو قدري الذي لا مناص لي منه...!

وصلت إلى المنزل لأرى جدتي تقول في همس وارتباك:ما الذا أخرك..؛ هناك خطّابات يردن رؤيتك.

ــ جدتي..أنسيت دراستي..؟ أم أنك تريدين الخلاص مني؟

وضعت يديها على ذراعيّ،وبحنان عارم قالت:معاذ الله ..لكنني أريد أن أراك في فستان الزفاف قبل موتي..!ودمعت عيناها.

ــ أطال الله في عمرك..!لكنني خططت لمستقبلي وما زال الوقت باكرا لأمر كهذا..على كل..سأدخل عليهن كيلا أحرجك..أرضيت..؟

وللقصة بقيه نكمل فيما بعد...إلى لقاء قريب ... تحياتي..

 

 


التعديل الأخير تم بواسطة حَـمَـأ ; 26-01-2006 الساعة 10:43 PM.
ican........but غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 26-01-2006, 10:35 PM   رقم المشاركة : 2
Om Elias
طرفاوي نشيط
 
الصورة الرمزية Om Elias
 






افتراضي

الله يعطيك العافيه
أنا قرأت الروايه وجدا جميله


دمتم بخير:
أبواق الحب

 

 

 توقيع Om Elias :

Om Elias
Om Elias غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 26-01-2006, 10:53 PM   رقم المشاركة : 3
حَـمَـأ
مبدع في سماء الحرف
 
الصورة الرمزية حَـمَـأ
 







افتراضي






جميل


بانتظار الفصل الثاني

 

 

 توقيع حَـمَـأ :



أنادي الجمالَ أنا كلَّ حينْ .. كأنّي إليكِ أجرُّ النّداءْ !
حَـمَـأ غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 27-01-2006, 02:37 AM   رقم المشاركة : 4
ican........but
طرفاوي مشارك





افتراضي

أختي ابواق الحب وأخي مفتون الطبيعه....

أسعدني كثيرا مروركم الكريم...بأنتظار مرور الجميع..ورأيهم في القصة..

تحياتي...

 

 

ican........but غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-02-2006, 10:08 AM   رقم المشاركة : 5
AL-NAQEEB
مشرف سابق







افتراضي مشاركة: قصة أعجبتني

:: فاضلتي ican........but ::
إعجبتني القصه فأحببت أن أضع مروري وأسمي في هذه الصفحه
وكذلك أعجابي لمن كتبت هذه القصه الجميله ... وفي انتظار التكميله
,
,
,
AL-NAQEEB

 

 

 توقيع AL-NAQEEB :
AL-NAQEEB غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-02-2006, 10:51 AM   رقم المشاركة : 6
ican........but
طرفاوي مشارك





افتراضي مشاركة: قصة أعجبتني

اخي النقيب ...
اسعدني كثييييييييييييييييييييرا مرورك الكريم ..
وشكرا...
تقبل تحياتي..

بأنتظار البقيه..

 

 

 توقيع ican........but :
<******>drawGradient()
ican........but غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20-02-2006, 10:37 PM   رقم المشاركة : 7
ican........but
طرفاوي مشارك





افتراضي مشاركة: قصة أعجبتني

الفصل الثاني..

توالت ساعات الليل ولا رغبه لي في النوم ...فنجان القهوة إلى جانبي وأنا اترنّح على الكرسيّ الهزّاز في الشرفه،راحت عيناي تتأملان السماء في تفكّر وعجب ...سبحان الله..سبحان من أبدع هذه القطعة المتناثرة من السماء..سواد عقيم..تغشاه كواكب درّيه..النجوم بعيدة،والقمر يطلّ مزهوّا ببريقه الفضيّ وكأنه يتباهى ويتبختر ومن حوله النجوم معجبات كثيرات..لكنهن جميعا بعيدات عنه وكأن نوره يذهب بلبّ القريبات فيصرن إلى العدم..ويظلّ هو مستأثرا بمحطّ أنظار البشر..أهي أنانيه منك أيها القمر..؟أم هو غرور الجمال..؟تغنّى بك الشعراء وهام بك العاشقون..رأوا في صفحتك الفضيّة صورة الحبيب،ودمعة المتيم،ولهفة العطشان..هم يعلمون انك حجارة صماء..وكوكب أجرد..مع أنّ نورك يغشي العينين عن كل حقيقة أخرى،وكأن المرء فينا يتلذذ أحيانا باحتجاب الحقيقة عن مرآه ويرى في ذلك راحة كبرى.

استيقظت على تغريد عصفوري الحب في قفصهما الذهبيّ المعلّق على حائط الشرفة،كانت الشمس تبتسم لي بخفر العذاري وتسلّم على العصفورين بأشعة تعكس لونهما الأخضر والأصفر في تناغم بهيّ ،شعرت بأوصالي مهدودة من النوم على الكرسيّ،مازالت الساعة السابعة إلا أنّ شوقي للذهاب إلى الجامعة في يومها الأول جعلني في نشاط وحيوية،أعددت طعام الفطار لي ولجدتي التي ظلّت كعادتها صاحية منذ صلاة الفجر..توجّه إبرة المذياع إلى كل إذاعة تحظى منها بشيء من مواعظ وعبر دينية وآيات قرانيه تصغي إليها بكل اهتمام،مصادقتها للمذياع وشرائط التسجيل الدينية قد حشت ذاكرتها بما لا يعرفه كثير من المثقفين،ولطالما ألجمت لساني بفصاحة كلامها..مع اميتها البكماء.

وما إن رتبت ثم تهيأت للذهاب حتى وافتني علا،ودخلت وهي تقول:
ــألم تنتهي بعد..؟؟قلب في الثلاجه..!
التفت إليها وقلت بابتسام..مالذي جاء بك..؟أجابت فورا بطرافة..قدماي..!
ـدعينا نشرب كأسا من الشاي قبل ذهابنا ،مازال الوقت باكرا،وفي كل الأحوال ليس هناك محاضرات قبل أسبوعين على الأقل ..مجرد اطلاع على الكليه وشعور بالألفه مع جدرانها..!

ــ دعينا من فلسفتك وأعدّي الشاي إذن في الحال..
ودخلت جدتي بثوبها الفضفاض الطويل وشالها الأبيض المسدل على اكتافها بكل وقار..كانت البشاشه تملأ وجهها المنير،تناولت السبحه من يدها واعطيتها لعلا ..خذي ..سبذحي عن جدتي قليلا ريثما أعدّ الشاي ،أريد أن أرتاح من المذياع الذي في داخلك!

كانت الجامعه في هرج ومرج ،وعند الكليه انتابتني قشعريرة أمام هذا الصرح الجميل القديم..ومن ثم أحسست بنشوة عارمة ،فالجو يوحي بالفضول ،وراودني الخوف ايضا ..كيف سأستطيع بسذاجتي أن أجتاز شرخ حياتي ،إن اخترت عباب هؤلاء الطلبه وكوّنت صداقات جديدة ،وأن أحمي نفسي من الترهات؟؟

ــ علا..ما شعورك وأنت تطئين أرض الكلية تحت هوية طالبة جامعيه في كلية الآداب قسم اللغة العربية..؟

ــ أمل..ما رأيك ان نبحث عمّن يبيعنا عصيرا مثلجا..؟؟!..بالله عليك ..ألا يتوقف احساسك عن التدفق ولو للحظة..؟!

رغم تهكمها واستهزائها الدائمين بكلماتي وتعابيري إلا انني أحبها ،وادرك جيدا أنها تبادلني المحبة بصدق ،أشعر كأن كلماتها أوراق شجر خريفية تتناثر على صفحة ماء زجاجية ..فتزيدها جمالا على جمال ..وقفت أمام البائع لتشتري العصير ..حشمتها أنيقة ..بشرتها خليط من سمرة الريف ورفه المدينة..عيناها الواسعتان تبرقان بألف شعاع ..وفي وجنتها يتقد الدم لايعرف السكون ..كتلة من التوهج والمرح .ظروفها ليست خيرا من ظروفي..فقدت ابويها ،قتلا في ظروف غامضة عصيبة ،حققوا في الجريمة التي طوي ملفها سريعا ..بعد ما سجلت بأسم مجهول.

كانت ثالثة ثلاثة أخوات،وهي أصغرهن.رعى عمّها في القرية أختيها،ثم زوجهما من ولديه..ورقد رقدته الأخيرة قرير العين.

أما علا التي كانت في أشهرها الأولى فقد نشأت في المدينة عند خالتها ،أرضعتها مع ابنها وهو يقاربها في العمر..وهكذا ترعرعت علا مع إخوتها الصبية الخمسة وهي البنت الصغرى الوحيدة ،تفانت خالتها في العناية بها،وحاولت أل تميز بينها وبين أولادها ،ولعلّ ما ساعدها في ذلك حاجتها الداخلية إلى أنثى بعد خمسة ذكور.ومع الأيام طوى الزمان الجروح ،وغدت حياة علا كحياة كل الفتيات في كنف أسرهنّ لولا أن لقب أسرتها يختلف.

ــ أمل ..ما رأيك أن تأتي معي المنزل لنأكل ؟أشعر بالجوع الشديد .

ــ ماذا أمنذ البداية ..؟دوام الجامعة طويل وهذا أمر لا ينتهي ..يجب ان تروضي نفسك على الجوع.

ــ يجب ان تعرفي انني فتاة بريّة لا أروّض..هيا بنا الى المنزل وإن شئت لا تأكلي أنت فلك ذلك ،ستوفرين عليّ تنظيف صحنك على الأقل..!

فتحت علا الباب بالمفتاح ،حيث لا أحد في المنزل غير أمها ،أخواها الكبيران متزوجان والبقية في العمل أو في الجامعة،دخلنا على رؤوس الأصابع لنفاجئ امها..ففاجأني شاب،فغرت فمي ورجعت القهقرى،التفتت علا ونادت:غيث..أنت هنا..؟

أحمّر وجهه وقال مرتبكا:عدت من الجامعة ..واستأنف يقول:ولكن لم تمشيا كاللصوص؟؟

شعرت بخجل شديد وتمنيت لو أنني لم آت مع علا إلى هذه الوليمة الساخنة دخلنا الغرفة وجلست على الأريكة ألتقط أنفاسي بعد أن بقينا وحدنا ..سارعت علا ووضعت يدها على وجنتي.

ــ ويحي..أربعون هنا..وأربعون هناك..موجة حر شديدة قد تودي بي الى الهلاك!

ــ كفاك هراء..أحضري الطعام بسرعة لا أريد أن أتأخر.

خفق قلبي وشعرت بالحراج...إنها المرة الأولى التي التقي فيها بأخيها غيث..طالب في السنة الرابعة في كلية الحقوق لم اتوقّع اللقاء بهذه الصورة المباغتة!لمحت علا بنظرات ماكرة إلا أنني أوصيتها أن تترك الأمور على عفويتها وتتركني أتقبّل الواقع
كما جاء بي من أحداث،وبرغم عواطفي الجياشة كما تقول علا إلا نني أستأثر بها ولا افكر ببعثرتها هنا وهناك،التزامي وحشمتي يردعاني عن كل تصرف طائش.

 

 


التعديل الأخير تم بواسطة ican........but ; 20-02-2006 الساعة 10:56 PM.
ican........but غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 06:48 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

ما ينشر في منتديات الطرف لا يمثل الرأي الرسمي للمنتدى ومالكها المادي
بل هي آراء للأعضاء ويتحملون آرائهم وتقع عليهم وحدهم مسؤولية الدفاع عن أفكارهم وكلماتهم
رحم الله من قرأ الفاتحة إلى روح أبي جواد