صدق أو لا تصدق , ولكنه وفاء عجيب
________________________________________
سافر رجل إلى انكلترا , وكان هذا الرجل ذا مسؤولية كبيرة
في إحدى الدول الإسلامية , قال : في أحد الأيام خرجت
من مدينة لندن إلى منطقة تبعد عنها عدة كيلومترات ,
لغرض تأدية بعض المهام التي كلفت بها , وعند خروجي
من المنزل أصطحبت معي محفظتي التي كانت تحوي
مستنداتي وأوراقي الرسمية ومبلغا كبيرا من المال ,
ولما شاهدني كلبي أستعد للخروج , التحق بي , ومهما
حاولت إرجاعه لم يعد , فأخذته معي .
فلما بعدت عن مدينة لندن , جلست في ظل شجرة للاستراحة ,
وأخرجت ما كان لدي من الطعام فتناولته , ثم نهضت لأكمل
سيري إلى غرضي الذي خرجت من أجله , لكن كلبي وقف أمامي ,
ومنعني من الذهاب , ومهما حاولت معه أن أروح إلى مقصدي ,
لكنه حال دون ذلك , فتعجبت من هذه الحالة التي لم تسبق منه مثيلا لها ,
ولما كان الوقت مهما وخشيت أن يفوت الموعد , غضبت
على هذا الكلب , وأخرجت مسدسي , وأطلقت عليه عدة رصاصات ,
فوقع على أثرها على الأرض ,
وذهبت إلى حيث أريد , وبعد أن سرت مسافة عدة كيلومترات
التفت إلى أن محفظتي ليست معي , وإني قد نسيتها في مكان
استراحتي تحت الشجرة , فوقف شعري , ويبس الدم في عروقي ,
لأن المحفظة فيها كل أموري الرسمية فضلا عن مبلغ كبير من المال ,
وأنها كانت تشكل لي مسؤولية كبيرة في حالة فقدانها ,
فعدت مسرعا إلى ذلك المكان , وعندما وصلت إلى الشجرة
التي جلست تحتها لم أجد المحفظة , فتحيرت ماذا أصنع ,
واظلمت الدنيا في عيني , لكني انتبهت إلى أن الكلب هو الآخر غير موجود ,
فاقتفيت آثار الدم إلى أن وصلت إلى حفرة بعيدة عن الطريق
وجدته قد سقط فيها , ومات وهو ماسكا المحفظة بأسنانه ,
فعلمت أنه بعد إطلاق النار عليه يئس مني , فأراد إبعاد
المحفظة عن المارة , فابتعد بها بما أوتي من قوة حتى
لفظ أنفاسه الأخيرة وهو ماسكا بها , وكلما تذكرت هذه
الحالة وهذا الوفاء من هذا الحيوان الذي أحسن إلي
وأسأت إليه إساءة كبيرة , انتابني حالة من الألم والحزن
والبكاء لهذا الحيوان الأمين الأعجم , والظلم والتعدي
من هذا الإنسان القصير النظر .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ