السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[ قصة ابتكار ] .. مسّاحات زجاج السيارة !!
قد تكون بسيطة جداً مقارنة مع غيرها من المخترعات, ولكنها ذات منفعة كبيرة إذ لا بديل لها
في إزالة مياه المطر التي تحجب الرؤية الواضحة اللازمة للسائق أثناء القيادة.
وقد لا يخطر ببال الكثيرين أن يكون لهذا الجزء البسيط من السيارة تاريخ عريق. إذ ظهرت مسَّاحة الزجاج
منذ السنوات الأولى بعد ظهور السيارة, وكان ذلك في عام 1903م, عندما صمَّم المخترع أبجون مسَّاحة
على شكل فرشاتين تتحركان على الزجاج عمودياً.
وفي شهر نوفمبر من السنة نفسها, كانت المخترعة ماري أندرسون في رحلة إلى نيويورك
حيث لاحظت أن سائقي السيارات يضطرون إلى الخروج من سياراتهم لمسح الثلوج والشوائب الأخرى
التي تعلق على الزجاج الأمامي. فاخترعت جهازاً يمكن التحكم به من داخل السيارة لمسح كل الزجاج من جهة الخارج.
كانت مسَّاحة ماري على شكل ذراعين متحركين, زوَّدت كلاً منهما نصلاً مطاطاً يلامس بكل طوله زجاج السيارة.
ولكن, لأن السيارات لم تكن منتشرة آنذاك, لم يُعِر أحد اهتماماً لهذا الابتكار. كذلك لاقت المبتكرة الكثير من السخرية
بين أصدقائها وكل من عرف بما صنعته. إذ وجد هؤلاء أن هذا الابتكار غير عملي, بل قد يكون مضراً وخطراً
طالما أنه سيشغل السائق عن قيادة السيارة بتركيز اهتمامه على هذه المسَّاحات.
ومع انتشار السيارات انتشاراً أوسع, وبعد تجارب عديدة والبحث عن حلول لمواجهة مشكلة حجب الرؤية
بفعل مياه الأمطار, تبنت شركة فورد ابتكار ماري أندرسون في كل السيارات التي تنتجها.
وبعد ذلك عملت الأمريكية شارلوت بريدج في تطوير المسّاحة اليدوية لكي تصبح كهربائية. وفي عام 1917م,
اخترع طبيب الأسنان أورماند وول جهازاً للتحكم بعمل المسّاحة بواسطة زر داخل السيارة.
وحُسِّنت مسّاحة الزجاج كثيراً لاحقاً. ففي عام 1962م, ابتكر بوب كيرنز جهازاً يسمح للسائق بتحديد سرعة المسّاحة
وفق غزارة المطر. وفي التسعينيات, استفادت المسّاحة من التطور التكنولوجي
فزُوِّدت نظام تحسس يكشف من تلقاء نفسه إذا كان هناك مطر على الزجاج, فينشط المسّاحات من تلقاء نفسه.
وهكذا خلال قرن من الزمن, أصبح الابتكار الذي أثار السخرية وقت ظهوره, أداة لا غنى عنها في أية سيارة في العالم.
حتى أن بعض الشركات تبنته لزجاج السيارة الخلفي ومصابيحها أيضاً.
[ القافلة ] مجلة أرامكو السعودية - بيئة وعلوم - سبتمبر - أكتوبر 2007