بسم الله الرحمن الرحيم
إنه لمن أكبر الشرف لي أن أحظى بشرف مروركم الكريم، ومطالعتكم الرائعة، وردودكم المميزة.. التي اختصرت لي الطريق وعبدته لنسير معاً وبتفاعل إلى ما كنا نريد ان نصل إليه بيسر وسهولة.. وفائدة ومتعة..
المراقب العام، الأخ الغريب، هذه التحية العذبة تترك في قلبي برودة وئام تستعصي على النسيان.
من وحي رسول المحبة، الطرفاوي التليد، كنت سأقول أن للدمستاني قصيدة أروع وإن كانت أقل منها شهرة لكنك اختصرت المسافة فشكراً لك..
إذن..
وبما أنكم دخلتم في حياة الدمستاني الأدبية، فلا مانع من أن نطرق في هذه الحلقة شيئاً من نتاجه الأدبي في مطالعة أسرع من السريعة
فالدمستاني من فطاحل الفقهاء في العهد الصفوي كما يعلم من قصة الوفد العلمائي الذي جاءه خصيصاً من أصفهان الإيرانية.. القصة التي تشهد له أيضاً بالزهد والتواضع وبحبه للعمل وعدم ترفعه عن "الفلاحة" وهو الفقيه المتبحر..
وهو من مواليد قرية عالي حويص من البحرين .. أي غرب عالي القديمة.. وسمي بالدمستاني لهجرته للدمستان .. وقبر أبيه الشيخ محمد في "عالي حويص"..
البحرين .. الشد والجذب
البحرين على مر العصور على ما كانت لها من عناصر الجذب الكثيرة، منذ قوم ثمود الذين جعلوا منها أكبر مقبرة في التاريخ إلى اليوم ومذ كانت نائية عن مراكز الصراعات في جميع عهود الدويلات، فقد كانت فيها عوامل طرد لما سهّل ذلك في الطمع فيها ونقل إليها بطريق غير مباشر صراعات الأقاليم على مر العصور..
والمعروف أن البحرين من قدم حتى قبل الاحتلال البريطاني أو غيره كانت مسرحاً للغزاة والغارات.. فقد كان ذلك من عوامل الهجرة للعلماء ..وغير مخفية تلك الواقعة التي قتل فيها 72 عالماً وفقيهاً والتي سميت بواقعة كربلاء تشبهاً بكربلاء ..
فليس غريباً أن تجد سنابس البحرين هنا.. وسنابس تاروت هناك، فالامتداد بسبب القرب وبسبب التجاذب النفسي والاجتماعي، والتوحد الديني والمذهبي، بل كون أوال (البحرين المعاصرة) وما جاورها إقليماً جغرافياً وسياسياً موحداً في فترة لا يستهان بها من فترات التاريخ..
وربما لا يخفى عليكم هجرة العلامة الشيخ يوسف العصفور المرجع المقلد صاحب الحدائق، والشيخ حسين ووفاته، وهجرة العلماء.. وحتى عهد قريب .. تغريب الشيخ خلف العصفور.رحمهم الله جميعاً..
ولا تنسوا في غمرة الأمثلة.. صاحب الترجمة، الفقيه الدمستاني.. وخروجه من البحرين..
الدمستاني في دائرة الطرد المركزي!
ربما كان يسبب هجرته للقطيف غزو الخوارج واستيلائهم على البحرين سنة 1131 هـ ..
لا نريد أن نطيل أكثر.. هاجر الفقيه الدمستاني للقطيف و توفي فيها يوم الأربعاء بتاريخ 23 ربيع سنة 1281هـ ودفن هناك بالحباكة..
ديوان نيل الأماني:
سوف نتحدث هنا عن ديوانه..نيل الأماني في ديوان الدمستاني:
جمعه ابنه الشيخ أحمد وانتهى منه في أواخر ذي الحجة الحرام سنة 1190 هـ..و أشرف على طبعه سماحة العلامة الشيخ عبد الهادي الفضلي.. وفيه شعر العلامة الشيخ حسن الدمستاني وابنه الشيخ أحمد وآخرون..
في الكتاب تجد النص الأصلي لقصيدة "أحرم الحجاج" وهي خالية من النقص والزيادة والتغيير الموجود حتى في نسخها المطبوعة طبعات شتى وفي أقطار مختلفة ..
وأكثر قصائد الديوان في أمير المؤمنين والغدير.. وفيه نظم عقائدي جميل..
وفيه قصيدة رائعة عن الإمام الرضا ..مطلعها:
أصبحت في كرمان اليوم محبوسا"="مبرّحاً في بحار الغم مغموسا
مبلبل اللب .. محشو الحشا أسفا"="موزّع البال تثليثاً وتسديسا
<****** type="****/**********">doPoem(0)******>
ومن قصيدة له في مدح النبي:
تبسّم يا حبّذا الابتسام"="وسيم الشمائل.. من آل سام
ورجّع في صوته مطرباً"="وأقبل يخطر مثل الحسام
<****** type="****/**********">doPoem(0)******>
ونذكركم بقصيدته المشهورة الأروع، والتي ذكرتم بعضاً من أبياتها:
من يلْهِهِ المرديان: المال.. والأملُ"="لم يدرِ ما المنجيان: العلم والعمل
<****** type="****/**********">doPoem(0)******>
وخطرنا مثل البرق لأشهر قصائده على الإطلاق..
قصيدة (أحرم الحجاج)
ونختار منها مقاطع تختصر عند التأمل الاتجاه الأدبي السائد وهو الإشباع من المحسنات البديعية:
فاتحاً من مجلس التوديع للأحباب باب=فاحتَسَوا من ذلك التوديع للأوصاب صاب
موصي الأخت التي كانت لها الآداب داب=زينب الطهر بأمرٍ وبنهيٍ نافذينْ
<****** type="****/**********">doPoem(0)******>
.....وقوله:.....
بطل فردٌ من الجمع على الأبطال طال=أسدٌ يفترس الأسد على الآجال جال
ما له غير إله العرش في الأهوال وال=ماسطى في فرقةٍ لإلا تولّت فرقتين
<****** type="****/**********">doPoem(0)******>
.....وقوله:.....
علة الإيجاد بالنفس على الأمجاد جاد=ما ونى قط.. ولا عن عصبةِ الإلحاد حاد
كم له فيها سنانٌ خارق الأكباد باد=وحسام يخسف العين ويبري الأخدعين
<****** type="****/**********">doPoem(0)******>
......وقوله:.....
بأبي (أنجم سعدٍ) في هبوطٍ وسعود=طلعت من فلك المجد وغابت في اللحود
سعدت بالذبح و (الذابح من بعض السعود)=كيف لا تسعد في حال اقترانٍ بالحسين
<****** type="****/**********">doPoem(0)******>
..ومن بعض جمل قصيده:..
كيف لا أحرم دأباً ناحراً هدي السرور
وأنا في مشعر الحزن على رزؤ الحسين؟
.....وقوله :.....
وبيمناه يسارٌ لدم العسر يريق
......وقوله:.....
مقرياً للسيف والضيف نفيساً ونفوس
القصيدة كلها قطعة واحدة من الجمال .. وتحتاج للتأمل والتفرغ لها بمحل خاص بها..
سنعود لاحقاً