العصمة لا تستلزم الغلوّ
ولا يتوهمنَّ أحدٌ أنّ في هذه الأبواب غلوّاً بحق الأئمة سلام الله عليهم، وإني لأرى ضرورة التأكيد على هذه النقطة، قولنا بأن الأئمة معصومون حتى من السهو والخطأ، والنسيان، هذا ليس غلوّاً في حقهم، إنّهم سلام الله عليهم يبغضون الغالي ويكرهون الغلو، إنه قد ورد عنهم سلام الله عليهم: " إحذروا على شبابكم الغلاة لا يفسدوهم، فإن الغلاة شرّ خلق الله، يصغّرون عظمة الله، ويدّعون الربوبية لعباد الله، وإن الغلاة لشرّ من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا " .
ومعنى الغلوّ في الروايات وكلمات العلماء معروف، ولا بأس أن أقرأ لكم هذه الكلمة ولو طال المجلس، لأنّي أرى ضرورة قراءة هذا النص.
يقول الشيخ المجلسي رحمه الله: إعلم أن الغلو في النبي والأئمة (عليهم السلام) إنما يكون بالقول بأُلوهيّتهم، أو بكونهم شركاء لله تعالى في العبودية والخلق والرزق، وأن الله تعالى حلّ فيهم أو اتحد بهم، أو أنّهم يعلمون الغيب بغير وحي وإلهام من الله تعالى، أو بالقول في الأئمة أنهم كانوا أنبياء، والقول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض، أو القول بأن معرفتهم تغني عن جميع التكاليف، والقول بكلّ هذا إلحاد وكفر وخروج عن الدين، كما دلّت عليه الأدلة العقلية والآيات والأخبار السالفة وغيرها، وقد عرفت أن الأئمة تبرّؤوا منهم وحكموا بكفرهم ـ أي الغلاة ـ وأمروا بقتلهم.
قال (رحمه الله): ولكن أفرط بعض المتكلّمين والمحدّثين في الغلو، لقصورهم عن معرفة الأئمة وعجزهم عن إدراك غرائب أحوالهم وعجائب شؤونهم، فقدحوا في كثير من الرواة الثقات لنقلهم بعض غرائب المعجزات حتى قال بعضهم: من الغلو نفي السهو عنهم، أو القول بأنهم يعلمون ما كان وما يكون وغير ذلك.
محاضرات
فـي الاعـتـقـادات
للعلامة السيد علي الحسيني الميلاني