بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
قال د.محمد تعليقاً على الرواية التي أثبتنا صحتها : (( فبالإضافة إلى مجهولية حكيم بن داوود، هناك إشكالية أخرى أهمّ في سند الرواية، وهي وجود سلمة بن الخطاب فيه، وهو من قرية من قرى الري تدعى (براوستان)، وقد ضعّفه جملة من الرجاليين أمثال: النجاشي، وابن الغضائري، وقالوا فيه: أبو الفضل البراوستاني الأزدورقاني قريةٌ من سواد الري، كان ضعيفاً في حديثه. وقال ابن الغضائري: إنه يكنّى أبا محمد، وضعّفه )).
أولاً : من قال بأن حكيم بن داود مجهول الحال.
ثانيا : وثاقة حكيم بن داود.
أقول : قد شهد الشيخ ابن قولويه ( رحمه الله ) بوثاقة مشايخه , وذهب الميرزا النوري ( رحمه الله ) إلى وثاقة مشايخ ابن قولويه وكذلك السيد الخوئي ( رحمه الله ) , وكذلك الشيخ محمد باقر الأيرواني ( حفظه الله تعالى ) في كتابه الدروس التمهدية في القواعد الرجالية , وكذلك الشيخ جعفر السبحاني ( حفظه الله تعالى ) في كليات في علم الرجال , والشيخ مسلم الداوري ( حفظه الله ) - وهو تلميذ السيد الخوئي رحمه الله - في كتابه أصول في علم الرجال.
وقال غلام رضاً - تلميذ السيد الخوئي رحمه الله - : (( حكيم بن داود بن حكيم ( شيخه ) 2 / 11 ، ثقة )) , مشايخ الثقات ص 131.
وقال الشاهرودي : (( لم يذكروه . وهو من أجلة مشائخ ابن قولويه . ترحم عليه ووثق مشائخه في أول كتابه )) , مستدركات في علم رجال الحديث ج 3 رقم 4916 ص 247.
ويكفي في إثبات وثاقة الرجل شهادة هؤلاء الأعلام وهم من اهل الإختصاص وأعلم بهذا الفن منا , على انه أثبتنا أن الرواية صحيحة بنظرية التعويض الرجالية وبالتحديد الطريقة الثانية لسيد الفقهاء السيد الخوئي ( رحمه الله ).
ثالثاً : قوله " وقال ابن الغضائري: إنه يكنّى أبا محمد، وضعّفه ".
أولاً : لابد لنا من بيان قيمة كتاب الغضائري عند أعلام مدرسة أهل البيت عليهم السلام.
قال الشيخ جعفر السبحاني ( حفظه الله ) : (( لقد اختلف نظرية العلماء حول الكتاب اختلافا عميقا ، فمن ذاهب إلى أنه مختلق لبعض معاندي الشيعة أراد به الوقيعة فيهم ، إلى قائل بثبوت الكتاب ثبوتا قطعيا وأنه حجة ما لم يعارض توثيق الشيخ والنجاشي ، إلى ثالث بأن الكتاب له وأنه نقاد هذا العلم ولا يقدم توثيق الشيخ والنجاشي عليه ، إلى رابع بأن الكتاب له ، غير أن جرحه وتضعيفه غير معتبر ، لأنه لم يكن في الجرح والتضعيف مستندا إلى الشهادة ولا إلى القرائن المفيدة للاطمئنان بل إلى اجتهاده في متن الحديث ، فلو كان الحديث مشتملا على الغلو والارتفاع في حق الأئمة حسب نظره ، وصف الراوي بالوضع وضعفه )) كليات في علم الرجال ص 89.
رأي سيد الفقهاء السيد الخوئي رحمه الله وبعض العلماء :
قال سيد الفقهاء السيد الخوئي ( رحمه الله ) : (( وأما الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري فهو لم يثبت ، ولم يتعرض له العلامة في إجازاته ، وذكر طرقه إلى الكتب ، بل إن وجود هذا الكتاب في زمان النجاشي والشيخ أيضا مشكوك فيه ، فإن النجاشي لم يتعرض له ، مع أنه - قدس سره - بصدد بيان الكتب التي صنفها الامامية ، حتى إنه يذكر ما لم يره من الكتب ، وإنما سمعه من غيره أو رآه في كتابه ، فكيف لا يذكر كتاب شيخه الحسين بن عبيد الله أو ابنه أحمد وقد تعرض - قدس سره - لترجمة الحسين بن عبيد الله وذكر كتبه ، ولم يذكر فيها كتاب الرجال ، كما أنه حكى عن أحمد بن الحسين في عدة موارد ، ولم يذكر أن له كتاب الرجال . نعم إن الشيخ تعرض في مقدمة فهرسته أن أحمد بن الحسين كان له كتابان ، ذكر في أحدهما المصنفات وفي الآخر الأصول ، ومدحهما غير أنه ذكر عن بعضهم أن بعض ورثته أتلفهما ولم ينسخهما أحد . والمتحصل من ذلك : أن الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري لم يثبت بل جزم بعضهم بأنه موضوع ، وضعه بعض المخالفين ونسبه إلى ابن الغضائري . ومما يؤكد عدم صحة نسبة هذا الكتاب إلى ابن الغضائري : أن النجاشي ذكر في ترجمة الخيبري عن ابن الغضائري أنه ضعيف في مذهبه ولكن في الكتاب المنسوب إليه أنه ضعيف الحديث غالي المذهب ، فلو صح هذا الكتاب لذكر النجاشي ما هو الموجود أيضا ، بل إن الاختلاف في النقل عن هذا الكتاب ، كما في ترجمة صالح بن عقبة بن قيس وغيرها يؤيد عدم ثبوته ، بل توجد في عدة موارد ترجمة شخص في نسخة ولا توجد في نسخة أخرى ، إلى غير ذلك من المؤيدات .
والعمدة : هو قصور المقتضي ، وعدم ثبوت هذا الكتاب في نفسه ، وإن كان يظهر من العلامة في الخلاصة أنه يعتمد على هذا الكتاب ويرتضيه . وقد تقدم عن الشهيد الثاني ، والآغا حسين الخونساري ذكر هذا الكتاب في إجازتيهما ، ونسبته إلى الحسين بن عبيد الله الغضائري ، لكنك قد عرفت أن هذا خلاف الواقع ، فراجع )) , معجم رجال الحديث ج 1 ص 95 - 96.
وقال الشيخ آقا بزرگ الطهراني : (( " كتاب الضعفاء " المنسوب إلى ابن الغضائري رحمه الله .
فلا بد لنا من الفحص عن تاريخ بدو ظهور هذا الكتاب ، وعن أحوال مؤلفه وعن صحة انتسابه إلى ابن الغضائري وعدمه فنقول : -
الأصل " كتاب الضعفاء " وتاريخ بدو ظهوره فقد ظهر لنا بعد التتبع أن أول من وجده هو السيد جمال الدين أبو الفضائل أحمد بن طاوس الحسيني الحلي ( المتوفى 673 ) فأدرجه السيد موزعا له في كتابه " حل الاشكال " في معرفة الرجال الذي ألفه ( 644 ) وجمع فيه عبارات الكتب الخمسة الرجالية وهي " رجال الطوسي " و " فهرسه " و " اختيار الكشي " و " النجاشي " و " كتاب الضعفاء " المنسوب إلى ابن الغضائري ، قال السيد في أول كتابه - بعد ذكر الخمسة بهذا الترتيب ( ولى بالجميع روايات متصلة عدا كتاب ( ابن الغضائري ) فيظهر منه أنه لم يروه عن أحد وانما وجده منسوبا إليه ولم يجد السيد كتابا آخر للممدوحين منسوبا إلى ابن الغضائري والا لكان يدرجه أيضا ولم يقتصر على " الضعفاء " ثم تبع السيد في ذلك تلميذاه العلامة الحلي ( المتوفى 726 ) في الخلاصة وابن داود في رجاله للمؤلف في 707 فأوردا في كتابيهما عين ما أدرجه أستاذهما السيد ابن طاوس في " حل الاشكال " وصرح ابن داود عند ترجمة أستاذه المذكور بأن أكثر فوائد هذا الكتاب ونكته من إشارات هذا الأستاذ و تحقيقاته ، ثم إن المتأخرين عن العلامة وابن داود كلهم ينقلون عنهما لان نسخة " الضعفاء " التي وجدها السيد ابن طاوس قد انقطع خبرها عن المتأخرين عنه ، ولم يبق من الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري الا ما وزعه السيد ابن طاوس في كتابه " حل الاشكال " ولولاه لما بقى منه أثر ، ولم يكن ادراجه فيه من السيد لأجل اعتباره عنده بل ليكون الناظر في كتابه على بصيرة ، ويطلع على جميع ما قيل أو يقال في حق الرجل حقا أو باطلا ليصير مغرما ؟ بالتتبع والاستلام عن حقيقة الامر فلم يدرجه السيد الا بعد الايماء إلى شأنه أولا بحسب الترتيب الذكرى فأخره عن الجميع ثم تصريحه بأنها ليست من مروياته بل وجده منسوبا إلى ابن الغضائري ، فتبرأ من عهدته بصحة النسبة إليه ، ولم يكتف بذلك أيضا بل أسس في أول الكتاب ضابطة كلية تفيد ومن التضعيفات التي وردت ؟ في هذا الكتاب حتى لو فرض أنه كان معلوم النسبة ؟ إلى مؤلفه وعنونها بقوله : - ( قاعدة كلية في الجرح والتعديل لا يستغنى عنها في الباب ) وحاصلها أن السكون ؟ إلى قول المادح مع عدم المعارض راجح وأما السكون إلى قول الجارح ولو كان بدون معارض فهو مرجوح ، واستدل على ذلك بقوله لان التهمة في الجرح شايعة ولا يحصل بإزائها في جانب المادحين فللسكون إليهم ما لم يحصل معارض راجح والسكون إلى القادحين ما لم يحصل معارض مرجوح ، ومراده أن ما يوجد من القدح في " كتاب الضعفاء " لا أثر له ولا يحصل الاطمينان به على تقديري وجود - المعارض معه وعدمه اما مع وجود المعارض فيسقط بالمعارضة ، ومع عدم المعارض أيضا يسقط الحاقا له بالغالب لشيوع التهمة في القدح ولا شيوع لها في المدح .
وبالجملة فكتاب " حل الاشكال " المدرج فيه " كتاب الضعفاء " كان موجودا بخط مؤلفه السيد ابن طاوس إلى سنة نيف وألف فكان أولا عند الشهيد الثاني كما ذكره في اجازته للشيخ حسين بن عبد الصمد وبعده انتقل إلى ولده صاحب " المعالم " فاستخرج منه كتابه الموسوم ب ؟ " التحرير الطاوسي " كما مر في ( ج 3 - 385 ) ثم حصلت تلك النسخة بعينها عند المولى عبد الله التستري ( المتوفى بأصفهان سنة 1021 ) وكانت مخرقة مشرفة على التلف فاستخرج منها خصوص عبارات " كتاب الضعفاء " المنسوب إلى ابن الغضائري مرتبا على الحروف وذكر في أوله سبب استخراجه فقط ، ثم وزع تلميذه المولى عناية الله القهپائي تمام ما استخرجه المولى عبد الله المذكور في كتابه " مجمع الرجال " المجموع فيه الكتب الخمسة الرجالية حتى أن خطبها بعينها ذكرت في أول هذا المجمع .
اما ابن الغضائري المنسوب إليه " كتاب الضعفاء " فليست له ترجمه مستقلة في " الفهرست " ولا في " النجاشي " ، وانما المراد منه هو أبو الحسين أحمد بن أبي عبد الله الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم - الغضائري الذي كان والده الحسين بن عبيد الله ( المتوفى سنة 411 ) من أجلاء مشايخ الطوسي وأبى العباس النجاشي وأما هو فكان معاصرا لهما بل عده الشيخ في أول " الفهرس " من شيوخ الطائفة و
أصحاب التصانيف ، وكان مشاركا مع النجاشي في القراءة على والده الحسين بن عبيد الله كما ذكره النجاشي في ترجمة أحمد بن الحسين بن عمر ، واشتركا أيضا في القراءة على أحمد بن عبد الواحد كما ذكره في ترجمة على بن الحسن بن فضال بل قد يستظهر من ترجمة على بن محمد بن شيران ( المتوفى 410 ) انه كان أبو الحسين أحمد أيضا من مشايخ النجاشي لأنه كان يجتمع النجاشي مع ابن شيران - المذكور عند أبي الحسين أحمد بن الغضائري ، والاجتماع عند العالم والحضور في مجلسه لا يكون الا للاستفادة العلمية عنه ، ولعل ذلك وجه استظهار آية الله بحر العلوم ( ره ) في " الفوائد الرجالية " أنه كان من مشايخ النجاشي كوالده ولكنه بعبد لقصر عمره كما نذكره ، وان استظهره القهپائي أيضا في " مجمع الرجال " من هذه الترجمة .
وعلى أي فقد كانت وفاته في حياة الشيخ الطوسي والنجاشي وقبل تأليف كتابيهما . لطلبهما من الله الرحمة عليه كلما يذكر انه في التراجم في كتابيهما بل ظاهر الشيخ الطوسي التأسف عليه بسبب وفاته قبل بلوغ الأربعين فإنه ذكر في أول " الفهرست " ان شيوخ الطائفة من أصحاب الحديث عملوا فهرس تصانيف الأصحاب وأصولهم لكنه لم يجد فيهم من استوفى ذلك أو ذكر أكثره الا ما عمله ابن الغضائري هذا فإنه الف كتابين أحدهما في ذكر المصنفات والآخر في الأصول ، واستوفاهما على مبلغ ما وجده وقدر عليه غير أن هذين الكتابين لم ينسخهما أحد من أصحابنا ، واخترم هو رحمه الله فعمد بعض ورثته إلى اتلاف هذين الكتابين وغيرهما من الكتب ، فعبر عن وفاته بالاخترام ، وفى - الحديث ( من مات دون الأربعين فقد اخترم ) من اخترمته المنية أي أخذته ، ولعله من شدة الجزع والوجد على قصر عمره عمد بعض جهال ورثته إلى أفناء آثاره من الكتابين وغيرهما من كتبه الاخر لئلا يرى أثره بعده فتجدد أحزانه.
وبالجملة صريح كلام الشيخ أنه الف الكتابين لكن شملهما التلف مع غيرهما من كتبه ، والنجاشي لم يذكر له تصنيفا غير ما نقلناه عنه في ( ج 3 - 224 ) بعنوان " التاريخ " ، لكن ظهر لنا بعد التأمل عدم صراحة كلامه في أن له كتاب التاريخ لاحتمال عود الضمير في ( تاريخه ) إلى موت البرقي بأن يكون مراده أنه ( قال ابن الغضائري في تاريخ موت البرقي كذا ) ثم عطف عليه قول ماجيلويه في
تاريخ موته ، وبعد عصر الشيخ والنجاشي لم نجد نسبة " كتاب الضعفاء " أو غيره لابن الغضائري إلى عصر السيد بن طاوس الذي وجد الكتاب المذكور وادرجه في كتابه للغرض الذي أشرنا إليه مصرحا بعدم تعهده صحة النسبة فتبين أن ابن الغضائري هذا وان كان من الاجلاء المعتمدين ومن نظراء شيخ الطائفة والنجاشي وكانا مصاحبين معه ومطلعين على آرائه وأقواله وينقلان عنه أقواله في كتابيهما الا ان نسبة كتاب " الضعفاء " هذا إليه مما لم نجد له أصلا حتى أن ناشره قد تبوأ من عهدته بصحته فيحق لنا ان ننزه ساحة ابن الغضائري عن الاقدام في تأليف هذا الكتاب والاقتحام في هتك هؤلاء المشاهير بالعفاف والتقوى والصلاح المذكورين في الكتاب والمطعونين بأنواع الجراح بل جملة من جراحاته سارية إلى المبرئين من العيوب كما في جرح هذا المفسر الاسترآبادي بأنه ضعيف كذاب أفلا يلزم من كونه كذابا والحال ان الصدوق قد أكثر من الرواية عنه وبالغ في الاعتماد عليه بجعله حجة بينه وبين ربه أحد أمرين اما تكذيب للشيخ الطوسي في توصيفه الصدوق بأنه كان بصيرا بالرجال نقادا للاخبار فيما إذا كان أخذ الصدوق عنه وشدة اعتماده عليه عن جهله بحاله من أنه كذاب إذ يظهر منه أنه ليس كما وصفه الطوسي بصيرا ونقادا ، واما تكذيب لتوصيف الحجة عليه السلام إياه في التوقيع بكونه خيرا فقيها في الدين كما حكاه آية الله بحر العلوم ( ره ) في " الفوائد الرجالية " ان كان أخذه عنه عن عمد وعلم بحاله.
ثم انه كيف خفى على الشيخ الصدوق المتلمذ عليه والمعاشر معه كونه كذابا ولم يطلع ؟ عليه ولكن اطلع عليه من ولد بعد وفاة الصدوق بسنين كثيرة وكيف لم يطلع على كذبه والد ابن الغضائري فرواه عنه بسنده مع سائر العلماء الذين ذكرهم المحقق الكركي في اجازته واطلع على كذبه ولده بعد موت أبيه كل ذلك قرائن تدلنا على أن هذا الكتاب ليس من تأليفه وانما الفه بعض المعاندين للاثني عشرية المحبين لإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا وأدرج فيه بعض أقوال نسبه الشيخ والنجاشي في كتابيهما إلى ابن الغضائري ليتمكن من النسبة إلى وليروج منه ما أدرجه فيه من الأكاذيب والمفتريات ومن تلك الأكاذيب قوله بان المفسر الاسترآبادي روى هذا التفسير عن رجلين مجهولين إذ لا يبقى جهالة في الراوي بعد معرفة اسمه وكنيته ونسبه ونسبته ومذهبه ونحلته ومقره وبلدته ، ومنها قوله ان المجهولين يرويانه عن أبويهما عن الامام مع صراحة الكتاب في أوله وأثنائه بعدم الواسطة ، ومنها قوله أن الامام هو أبو الحسن الثالث مع التصريح في مواضع كثيرة منه بأنه أبو محمد الحسن أبو الحجة عليهما السلام ، ومنها قوله ان التفسير موضوع عن سهل الديباجي عن أبيه مع أنه ليس له ولا لأبيه اسم في سند التفسير ، ومنها قوله انها مشتمل على المناكير مع أنه ليس فيه الا بعض غرائب المعجزات مما لا يوجد في غيره ، وما ذكرناه هو الوجه للسيرة الجارية بين الأصحاب قديما وحديثا من عدم الاعتناء بما تفرد به ابن الغضائري من الجرح فان ذلك لعدم ثبوت الجرح منه لا لعدم قبول الجرح عنه كما يسبق إلى بعض الأذهان )) ج 4 هامش ص 285.
وقال أيضاً : (( ( 164 : رجال ابن الغضائري الضعفاء ) المعبر عنه بكتاب الضعفاء أيضا.
قد بسطنا القول فيه في ( ج 4 ص 288 س 12 ) وذكرنا اننا لم نجد منه اثرا قبل عصر السيد ابن طاوس المتوفى ( 673 ) فان السيد في أواسط القرن السابع وجد هذا الكتاب منسوبا إلى ابن الغضائري من غير سماع أو رواية أو إجازة من أحد من مشايخه فادخل مقالاته في كتاب رجاله الموسوم بحل الاشكال في تراجم الرجال بعد ذكر ما كان موجودا في الأصول الأربعة الرجالية التي وصلت إليه بطرقه إلى مشايخه ، وصرح بخروجه عن عهدة ما وجده فيه ، وانه انما ادخل ما فيه في كتابه ليكون كتابه شاملا لكل ما قيل في حق المترجم له . فيظهر انه لم يجد كتاب الممدوحين له والا لنقل عنه أيضا . ثم إن تلميذي السيد وهما العلامة الحلي وابن داود
تبعا اسنادهما في ادراج ما نقله الأستاذ في كتابه " حل الاشكال " في كتابيهما " الخلاصة " و " الرجال " فقد صرح ابن داود في اخر ترجمة أستاذه بان أكثر فوائد كتابه " الرجال " من إشارات أستاذه وتحقيقاته ، ولم ير التصريح بذلك من العلامة ولكن يشهد به ظاهر الحال . وقوله في موضعين من الخلاصة من الاختلاف في قول ابن الغضائري في كتابيه ، اخبار عما سمعه من أستاذه من الاختلاف ، وليس صريحا في أنه رأى الكتابين . وبالجملة لم يعلم بما جرى على كتاب الضعفاء الذي وجده ابن طاوس بعده ، إلى أن استخرج المولى عبد الله التستري المتوفى ( 1021 ) عن نسخة " حل الاشكال " الممزقة المقالات المنسوبة إلى أبى الغضائري ، ودونها مستقلة وذكر ذلك في ديباجته وأدخلها القهپائي تلميذ المولى عبد الله في طي تراجم كتابه " مجمع الرجال " وأورد ديباجته بعينها في كتابه المؤلف ( 1016 ) والموجود عندنا بخطه . وقد ذكرنا في ( ج 4 ص 290 ) ان نسبة كتاب الضعفاء هذا إلى ابن الغضائري المشهور الذي هو من شيوخ الطائفة ومن مشايخ الشيخ النجاشي اجحاف في حقه عظيم وهو أجل من أن يقتحم في هتك أساطين الدين حتى لا يفلت من جرحه أحد من هؤلاء المشاهير بالتقوى والعفاف والصلاح ، فالظاهر أن المؤلف لهذا الكتاب كان من المعاندين لكبراء الشيعة وكان يريد الوقيعة فيهم بكل حيلة ووجه ، فألف هذا الكتاب وادرج فيه بعض مقالات ابن الغضائري تمويها ليقبل عنه جميع ما أراد اثباته من الوقايع والقبايح والله أعلم . وقد أومى إلى ذلك السيد بن طاوس في تأسيسه القاعدة الكلية في الجرح والتعديل . بان الجرح لو كان معارضا يسقط بالمعارضة ، ولو لم يكن له معارض فالسكون والاطمينان به مرجوح ، بخلاف المدح الغير المعارض فان السكون إليه راجح . . وقد بيناه في ( ج 4 ص 288 س 31 ) ولكون هذه القاعدة مرتكزة في الأذهان جرت سيرة الأصحاب على عدم الاعتناء بتضعيفات كتاب الضعفاء على فرض معلومية مؤلفه ، فضلا على أنه مجهول المؤلف ، فكيف يسكن إلى جرحه )) ج 10 ص 88 - 89.
وقال السيد محسن الأمين عن الغضائري : (( لم يسلم منه أحد فلذلك لم يعتن العلماء بذمومه )) أعيان الشيعة ج 5 ص 490.