عرض مشاركة واحدة
قديم 08-06-2011, 03:06 PM   رقم المشاركة : 13
مشاهد الذاكرين
طالب علم
 
الصورة الرمزية مشاهد الذاكرين
 






افتراضي رد: حديث فطرس بين القبول والرد

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على النبي الأمي العربي
وعلى آله الطيبين الطاهرين
بداية أشكر الأخ العزيز : (وقلبي بحبك متيما) على هذا الجهد والبحث مما يظهر لنا وجود طاقات علمية متميزة في بلدتنا العزيزة، وأقدر له هذا الجهد المضني بحثا ونشراً وحماسة .
كما أثني على الأخوة المداخلين ومتابعتهم ونقدهم البنّاء غالباً .
ثم أبدأ مستعينا بالله في ذكر نقاط استوقفتني في طريقة الكاتب (وقلبي بحبك متيما) حفظه الله :
وسأنطلق من عبارتين للكاتب يحسن التوقف عندهما وهما : ( حديث فطرس مقبول وإن كانت جميع الروايات ضعيفة) و (أنا لا أحكم على الرواية إلا بعد البحث و التدقيق و المراجعة) :
أولاً ) أرى أن الكاتب له الحق في البحث والتنقيب واعتماد مايراه لنفسه فهذا مما يثري الساحة ويحرك الأذهان، لكن نشره يحتاج إلى طرق أكثر من علم وتعلمه وأقربها علوم العربية والمنطق والفلسفة وأصول الفقه و أصول علم الرواية والدراية و أصول علم الكلام و أصول علم التفسير. فكل هذه العلوم مهمة جدا في عرض الحديث واعتماده .
ثانيا ) في الروايات السبع ورد لفظ (امسح جناحك . . . وتمسح به - تمسح بهذا المولود وعد إلى مكانك - فمسح جناحه فعاد - فتمسح فطرس بالحسين - فمشى فطرس إلى مهد الحسين بن علي - فنظرتُ إى ريشه وإنه ليطلع ويجري منه الدم ويطول حتى لحق بجناحه الآخر - امرر جناحك الكسير على هذا المولود ففعل )
لماذا صرف الكاتب الرواية عن ظاهرها وقد صرحت كل الروايات تقريبا بالمسح والتمسح وأن فطرس مشى لمهد الحسين وأنه طلع الريش والدم يجري في الجناح و و و .
فالكاتب علق على الرواية السادسة : بأنها شاذة وضعيفة، ثم علق مرة أخرى على قول الرواية يجري الدم بقوله : (هذا من عوارض الجسم المركب الفاني وهم مجردات - يعني الملائكة - من عوارض المادة والمادية) وهذا تناقض ظاهر لأن المجردات هي الضد للماديات وقد وقع خلط من الكاتب حين قال : وهم مجردات من عوارض المادة والمادية !!! إلا أن يكون الكلام يعود على الجسم المركب !!! نعم هو من المادة .
ثالثاً ) اختلفت الروايات في المدة التي بقي فيها فطرس في الجزيرة فالثانية قالت : ستمائة عام، والثالثة قالت : خمسمائة عام، والرابعة قالت : سبعمائة عام، وهذا الاضطراب في العدد يخل بالقبول علاوة على أن الروايات جميعها ضعيفة على حد قول الباحث. وقد قال العلماء : الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال .
رابعاً ) ذكر الكاتب أن حديث فطرس مقبول لأمرين : 1- لقاعدة العرض على القرآن الكريم ثم ذكر الحديث الذي أسنده لكتاب السيد كمال الحيدري أصول التفسير والتأويل - فما وافق كتاب الله فخذوه . . .
2- من الأمرين : جملة من الأعلام قبلوا الحديث .
أقول : من الواضح ان مجرد وجود رواية في كتاب ما لايعتبر دليلا قاطعا على صحتها او الاعتقاد بها خاصة اذا كانت الرواية فيها معارضة او مخالفة لصريح القرآن الكريم او الروايات القطعية الاخرى.
وبما ان الرواية المذكورة لم تصل الى حد الصحة بل هي على احسن التقادير حسنة وانها مخالفة للقران الكريم كما يرى ذلك العلامة الطباطبائي الذي يؤكد على عدم معصية الملائكة لان تكليفهم كما يقول تكليف تكويني لا تشريعي وبالنتيجة لايستتبع عقابا ولاثوابا ولايمكن تصور المعصية منهم، وقال قدس سره : ان رواية معصية فطرس تنافي قوله تعالى :. « عِبادٌ مُكْرَمُونَ »و آية « لا يَعْصُونَ اللّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ »

يقول العلامة جوادي آملي ان قضية فطرس بحاجة الى اثبات لان فطرس كلمة يونانية وان ما جاء في الدعاء لايوجد فيه أنه ملك من الملائكة بل جاء فيه" وعاذ فطرس بمهده" هذا من جهة ومن جهة ثانية ان سند الدعاء يحتاج الى تحقيق.

فعلى كل حال التوقف في مثل هذه الروايات افضل من الخوض فيها ونشرها وان الامام الحسين (ع) ليس بحاجة الى مثل تلك الفضيلة بل فضائله الصحيحة والثابتة بالتواتر قرآنا وسنة كثيرة جدا بحيث تغنينا عن مثل تلك الروايات . هذا الكلام للشيخ جوادي آملي
خامسا ) الإبطاء في الامتثال - الذي إدعاه الكاتب - وأنه خلاف الأولى، ينافي سلب الإرادة والتي عبر عنها الكاتب بالملازمة بأفضلية الملائكة على الأنبياء لو قلنا بعدم جواز ترك الملائكة للأولى ، مع علمنا أن الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، فهم مسلوبو الإرادة غير مختارين لأمرهم وعليه فالملازمة باطلة أصلاً لبطلان الملزوم .
سادساً )ذكر الرواية ( فما وافق كتاب الله . . . ) من كتاب السيد كمال الحيدري - أصول التفسير و التأويل - ينافي علم الكاتب بالحديث وأصوله حيث يجب الاستدلال بأمهات كتب الحديث ومصادره، كما ينطبق نفس الكلام على التوقيع للكاتب حين استدل بميزان الحكمة وهو ليس من أمهات مصادر الحديث .
سابعاً ) أيضا على الكاتب أن يميز لنا في الهامش المصادر من المراجع حيث أجد خلطا عند الباحث بينهما !!!
ثامناً ) قال الباحث : (ضعف السند لا يأثر - يؤثر- على المتن فقد تكون الرواية صحيحة من السند ولكن لا يمكن القبول بها إذا نظرنا إلى المتن مثال روايات سهو النبي صلى الله وعليه وآله وسلم . . . )
ومثل أيضا بمقبولة عمر بن حنظلة . . . بإعتبار أن القرائن دلت على صدور الخبر .
أقول : من يقول ضعف السند لا يؤثر على المتن بناء على مدرسة معينة فهل الكاتب له مدرسة يتبعها في قبول الحديث و رده حتى نناقش على أسس هذه المدرسة !
ولم يستدل الباحث على الروايات الصحيحة في سهو النبي - كما أدعى -
أما مقبولة عمر بن حنظلة فالجواب من نفس ما كتب وهو أن هناك قرائن دلت على الصدور وحالة عمر بن حنظلة تعتبر حالة خاصة لا يمكن تعميمها على كل روايات القبول .
تاسعاً ) لم يعرّف الكاتب بجامع البيزنطي ومدى وثاقته عند علماء الحديث .
عاشراً) لابد للكاتب أن يستأذن من هذا الفاضل الذي ذكره هل يأتي باسمه أم لا، قبل زجه في معمعة الاستدلال برأيه، وهل هذا الفاضل يدعي الاجتهاد في علم الحديث . وأي مدرسة حديثية يتبنى .

الخلاصة : لابد لمن يتصدى للتصحيح و القبول في علم الحديث أن ينتمي لمدرسة حديثية معينة وأن يقطع شوطا طويلا من الدربة والمران والعرض والاستشارة حتى لايقع في المحذور إلا أن يصل إلى الاجتهاد في هذا الباب؛ فحينها له رأيه، فأنا أرى أن الكاتب غلبه الميل إلى قول الوحيد البهبهاني و الشيخ السند ولم يضع رأيه باستقلال وحيادية، مع ما ذكر بأنه درس هذا العلم فقال : أنا لا أحكم . . . إلا بعد . . . .
ومع ذلك كله أشد على يد الكاتب بعدم الانقطاع عن البحث فهذا مما يوقد الفكر مع الأخذ بالملاحظات المذكورة .
والحمد لله رب العالمين

 

 

مشاهد الذاكرين غير متصل   رد مع اقتباس