( ما حكم ما يقال في تهنئة العرائس: (بالرفاء والبنين) )
الإستفسار :السلام عليكم شيخنا الموقر ورحمة الله وبركاته أستفساري هو أنا شخصياً حضرت لك محاضره في إحدى الليالي من الليالي محرم في هذا العام وتكلمتم عن مسألة الرفاء والبنين وأنها تقال في الجاهليه شيخنا العزيز هل لك بأن تفيدني أكثر من هذه الناحيه من أدله أو أبحاث وتشكر على الإستجابه وجزاك الله خيرا ؟
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
النظر في هذه المقولة من جهات:
1 المدلول اللغوي:
يقال بالرفاء والبنين أي بالإلتئام وجمع الشمل لأن الترفئة في الأصل الإلتئام كما في القاموس، وفي مجمع البيان للطبرسي أنها بمعنى: السكون والطمئنينة، رفوت الرجل إذا أسكنته 1، وزاد بعضهم أسكنته من الرعب، ويظهر أن السكون عام وإن لم يكن من رعب ولذا جاء في الحديث: "" أن رجلا شكا إليه صلى الله عليه واله وسلم التعزب فقال له عف شعرك، ففعل فرفأن "" أي سكن ما كان به، وقيل هو الالتئام والاتفاق والبركة والنماء ذكر ذلك الفخر الطريحي في مجمع البحرين2، وقيل أن المعنى الثاني لرفوت غير المهموز وأما المعنى الأول فلرفأت الفعل المهموز3
2 أصل المقولة:
أتفقت المصادر على أن هذه كانت كلمة التهنئة بالتزويج عند العرب قبل الإسلام، ولذا تعد من أدب الجاهلية وإن لم أجد شعرا يشهد بذلك إلا على معنى السكون يقول أبو خراش الهذلي:
رفوني وقالوا يا خويلد لا ترع ***** فقلت وأنكرت الوجوه هم هم 4
3 هل نهى عنه الرسول صلى الله عليه واله ؟
جاء في الخبر المشهور بين أقطاب الحديث من العامة والخاصة أن عقيل بن أبي طالب تزوج امرأة من بني جشم فقالوا بالرفاء والبنين فقال: لا تقولوا هكذا ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه واله اللهم بارك لهم وبارك عليهم5.
وكذا ما ورد أنه في زواج فاطمة سلام الله عليها قالوا بالرفاء والبنين فقال لا، بل على الخير والبركة6.
وقد يشكل هذا على من أطلع على خبر السيدة خديجة ساعة أحتضارها ففي الرواية: "" دخل على خديجة وهي تجود بنفسها فقال: أكره ما نزل بك يا خديجة وقد جعل الله في الكره خيرا كثيرا فإذا قدمت على ضرائرك فاقرأيهن مني السلام قالت يا رسول الله من هو؟ قال مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وكلثم أخت موسى فقالت بالرفاء والبنين...""7.
ويمكن معالجة هذا الخبر بوجوه:
الوجه الأول: أن النهي عن رسوم الجاهلية لم يكن إلا بعد أن قامت دولة الإسلام في المدينة المنورة وخديجة قد توفيت في عام الحزن بمكة المكرمة.
الوجه الثاني: أن الرواية لم تروى على وجه واحد ففي كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق قد سره جاء قولها (بالرفـــــاء) ولم تعطف عليها (البنين)، بل في بعض النسخ جاء قولها(بالوفــــاء).
الوجه الثالث: أن النهي قد وقع منه صلى الله عليه واله وسلم ولكنه لم ينقل إلينا نقله التقي المجلسي8، ولكن الوجهان المتقدمان أسد وأوجه .
4 لماذا نهى الرسول صلى الله عليه واله عنه؟
يقال لأن ذلك من عادات الجاهلية ورسومهم بل تعاملوا معه معاملة السنن الخاصة بهم ولا ينهى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إلا ما كان سنة فيهم وإذا نهى أتبع ذلك بسنته بدلا عنها كما مر في الخبر: "" بل قولوا على الخير والبركة ""..
وقيل لأن في قولهم: "" والبنين"" تنفير عن البنات وكان ذلك الباعث على وأدهم المفضي إلى إنقطاع النسل فذلك نهوا عن ذلك وأبدلوا سنة إسلامية 9، وهذا أيضا صحيح لأن (الأبن) يقع على الذكر و (الولد) يقع على الذكر والأنثى 10.
حكم ذلك:
أتفقت كلمة الفقهاء على كراهة ذلك ما لم يقصد منها إماتة سنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .
===========
1 مجمع البيان:ج10/ .
2 مجمع البحرين للطريحي:ج1/122.
3 لسان العرب لابن منظور:1/88.
4 تاج العروس الزبيدي:1/163.
5 أخرجه النسائي وابن ماجة وأحمد بن حنبل.
6 الوسائل للحر العاملي:ج20/246.
7 روي هذا من طرق الشيعة والسنة : مجمع الزوائد للهيثمي:ج9/218. و بحار الأنوار:ج19/20.
8 روضة المتقين:ج1/439.
9 مجمع البحرين للطريحي:ج1/ 122.
10 فرائد اللغة في الفروق: الأب هنريكوس لا منس اليسوعي.
ملاحظة: الجواب هو لسماحة الشيخ الجليل عبدالجليل البن سعد حفظه الله ورعاه
والمصدر هو موقع الشيخ