عرض مشاركة واحدة
قديم 27-11-2010, 12:17 AM   رقم المشاركة : 1
الفجر الجديد
كاتب قدير
 
الصورة الرمزية الفجر الجديد
 







افتراضي عندما ارتفعت بركة البيت ( أم مـــبـــارك )

السلام عليكم


بسمه تعالى



كيف للعيد أن يطيبَ لمثلـي


إنّ عيــدي من فقــــدِكِ لفقيــــدُ



مدمعي لا يبارحُ العينَ وجـــداً


واسمُكِ في نشيجِ صوتي نشيدُ



لم يكن ما حدث يوم الأحد 7/12/1431 هـ - 14/11/2010 م حدثاً عابراً في حياة العائلة , فذلك الرحيل المفجع لبركة البيت سكينة حسين الجاسم ( أم مبارك الجاسم ) كان أليماً , هو ليس رحيل امرأةٍ اختطفها الموت من بين أبنائها وأحبابها حين استكملت أجلها الذي أجلّه لها ربها , ولكنّه رحيل حياةٍ وهبت الحياة لكل من حولها , جسدّت فيها معاني التضحية والعطاء اللامحدود عطاء من يعطي بلا منٍّ , حتى قالت عنها إحدى حفيداتها : ( إنّها أمٌّ فوق العادة ) , احتوت أبناءها احتواءً شديداً بكل ما أوتيتْ ¸ وعضّتْ عليهم بالنواجذ حين آلت إليها المسئولية بكل ثقلها بعد وفاة الوالد الكريم يرحمه الله تعالى قبل ثلاثةٍ وثلاثين ( 33 ) عاماً , حينها لم يكن ابنها الأكبر ( مبارك ) قد تجاوز أربع عشرة ( 14 ) سنةً تقريباً , فصارعت ظروف الحياة بكل اقتدارٍ من أجل أن تحافظ على كيان أسرة بل على مشروع حياة .


فانطلقتــــي وما انطــــــــــلاقــُــك إلاّ


نبضُ روحٍ يفيض منها الوجودُ



قد صنعتي من المعـــاناةِ فجـــراً


لبــنــــــــــــيــــكِ يـحـــــفّـــــهُ التـــغــــــريــــدُ


وبقيتْ صامدةً أمام طوفان الحياة , رغم العلل والأسقام , وبقيتْ روحها وقادّة حيّةً تفيض على أبنائها وأحفادها بحنانها , وسخاء نفسها , عطوفةٌ عليهم كأشدّ ما يكون العطف , إن أُعْطيتْ شكرتْ , وإن مُنِعتْ أعذرتْ , ومن المعروف عنها رحمها الله تعالى اهتمامها بالواجبات الاجتماعية , فما إن تسمع عن مريض أو مسافر أو عن حالة ولادة من الأقربين أو الأبعدين حتى تبادر لأداء ذلك الواجب بل لحوحة في ذلك , ولم تفرّق في ذلك بين صغير أو كبير , حتى بعد أن أُثقلتْ رجلاها عن المشي .
كما عرف عنها رحمها الله تعالى كذلك حرصها الشديد على تأدية الحقوق المالية لأصحابها دون مماطلة , فلا تشتري ما لم تمتلك قيمة ما تريد شراءه , وكانت يرحمها الله تعالى تردد دائماً عندما تسمع بقصص المماطلين في الحقوق : (اشلون هالناس تقدر تغط عيونهم وفي ذمتهم ريال للناس )



وزرعتــــي بالحــبِ دربَــــكِ فاخضلّتْ


أمـــــانٍ زُهْـــــــرٌ لـــــهــــــــــم ووعــــــــــــــودُ



وملئتـــــــي بالــــدفء بيتــــــــك حتى


كــــلُ ما فيـــــــه بالحنـــــان يجــــــودُ


وهي كغيرها من الأمهات المؤمنات اللاتي يذبن في ولاء أهل البيت عليهم السلام , والمولعات بحضور مجالس الإمام الحسين عليه السلام , وتقديم النذور في حبهم , , وتتحرق شوقاً لزيارتهم والوصول إلى مراقدهم الشريفة , وقد كُتب لها بفضل الله ومنـّه زيارة جميع الأئمة عليهم السلام , وقد أقامتْ من المجالس الكثير في بيتها , لذا حين بدأ يتعبها المشي بسبب اعتلالات في غضروف الركبة , ورغم المعارضة الشديدة التي واجهتها أصرّتْ على إجراء عملية جراحية للتخلص من الألم الذي كان يحرمها من النوم من جهة , ومن جهة أخرى رغبتها الشديدة في التواصل مع المآتم الحسينية التي كانت تعقد بشكلٍ يوميٍ في بيوت جيرانها , وفي أيامها الأخيرة كانت قد خصصتْ مبلغاً من المال لإقامة مجلس عاشورائي لمدة ( 10 أيام ) بعد عودة الحجيج غير أنّ الأجل لم يمهلْها ( وحيل بينهم وبين ما يشتهون )


ذبتـــــي في كربـــــلاءَ حزنــــاً ففي


عينيكِ من حارقِ الدموع حشودُ



وعشقـــــتي الآلَ الكــــــرامَ فمـــــا


انفـــــــكّ لهـــــم في لسانِك تخليدُ


وهكذا أرهقتها عللها المتكررة والمتواصلة مع تقدّم عمرها , ومع ذلك لم تدّخر وسعاً في الأخذ بالأسباب , وقبل أقلّ من عام تعرضتْ لطارئٍ مرَضِيٍ أثار قلق الجميع لأنّه تكرر دخولها إلى المستشفى بشكل متوالٍ على غير العادة خلال شهرٍ واحد , خصوصاً في ظل الإبهام في حالتها من الأطباء وعدم تقديمهم التفسير الواضح لوضعها المتأزم , وبعض مقاطع هذا النص يكشف حجم المعاناة التي مرّت بها وعاشها الجميع عن قرب :

أمّــــــــــاه غــــــــال أنـــيــــــــــــــــــنــُكِ أفــــــــراحــــــــي
فكــــــــأنّنـــــــــــي طيـــــــــرٌبــغـــيـــــــرِ صُــــــــــــداحِ

قـــــــد مضّنـــــــــي نـــزفُ الجــــراحِ ولم يكـــــنْ
ليــــمـــضّنــــــي مــــــن قبــــلُ نـــــــزفُ جـــــــراحِ


لـــــكنّـــــــهــــا آلامُـــــــك قـــــــــد لامــــــســــــــتْ
ألمـــــــــي فـــكـــــــان كمـــــــديــــــــةِ الــــذبّـــــــاحِ


ووقــفــــــــتُ فــي وجــعــــــــي أنــاجـــــــي آهـةً
مـــن قــلبِــــــــــكِ انســكــبـــــــــتْ إلى أقـداحــي


فـــــــإذا بــهــــــــــا ملأى بــمــا طفـحـــــتْ بـــــــهِ
شـــكــــــــــواكِ مــن سَـــقــــــــَمٍ ومــن أتـــــــــــراحِ



عجــــبـــاً لصـــــــــدرِكِ فيـــهِ تعبـــــــــثُ علّـــــــــةٌ
والحـــــــبُ فيـــــــهِ يفـــــيـــضُ بحـــرَ ســمـــاحِ


أمـــــــي أصـــاب الــــدّاءُ صـــــــدرَكِ أمْ تــــُرى
هــــو قــــد أصــاب الــخــِصــْبَ في الأدواحِ


أأصــــــــــاب مــن رئــتــــــيــكِ أنــفــاسـاً جـرتْ
أم هــــــــل أصـــــــاب نــســـائــــــمَ الإصــبــاحِ


أأصــابــــــــــكِ أمْ فــي صــــــــدورِ أحــبـــّـــةٍ
روحٌ يـــشـــــــبُّ لـــهــــــــا لــظــــــــى أرواحِ


قــومي فــلــم أعــهــدْكِ يــا أمــي ســوى
وردٍ يـــضــــــــوعُ بــعــطــــــــــرِهِ الــفــــــــوّاحِ


قــومــي فــلــم أعــهــدْكِ يــا أمـي سـوى
شــمــسٍ تــلــوحُ بــضــوئــِـها الوّضـاحِ


عــجــبــاً أتــُــقــعــِدُكِ السِـقامُ وأمـسِ لمْ
يــهــــدأْ لظــىً مــن عــزْمــِكِ الــلـفّـــــــاحِ


ولــطــالــما الأيــام خــضــتــي غمــارَها
ورفــعــتــي أثــقــــــالَ الــحــيــاةِ بــــــراحِ

ورغم مقامها الرفيع كأمٍّ بما تمتلكه من حقوقٍ عظيمةٍ على أبنائها إلاّ أنّه كان يتكرر منها في مواقف كثيرة قولها : ( سامحوني يا عيالي أتعبتكم وزهقتكم ) , فبقيت هكذا حتى اختار الله تعالى لها داراً غير هذه الدار فماتت محتسبةً صابرةً , وأسلمتْ روحها إلى بارئها, فارتحلتْ وارتحلتْ معها القلوبُ , فكان رحيلها هو البداية الحقيقية لليتم الذي لم نشعر به أبداً منذ ثلاثة عقودٍ من الزمان .


فالثمانــون ما بـــَرِحنَ خِصاباً


بعطــــــاءٍ تتــيه فيـــــه الحـــدودُ



قد فقـــــــدنا بفقــــــدِك بركـــاتٍ


فبــــــكى ابـــــنٌ بحزنِه وحفيدُ


لقد آن لك _ يا أيتها الأمُ الرؤوم _ يا أمّ مبارك المباركة أن تأخذي حصتك من الراحة , اتركي لنا الآلام واسكني في مقرّ نعيمك هانئةً قد نفضتي غبار أسقامك وآلامك الطوال بامتداد عمرك , واخلدي للنوم القرير فلطالما أرّقتك أوجاعك وتعبك فلم تتذوقي منذ سنين طعم النومالجميل , لقد آن أوان فطامك من قسوة الحياة ونصب الزمان , نعم حقّ لك أن تودّعي هذه الدنيا بعد رحلتك الشاقّة ومسيرتك المضنية , لقد رحلتي وتركتي في العين قذىً وفي الحلق شجىً , ولعمري إنّ في الصدر للوعةً , وإنّ في العين لدمعةً , إنّنا نودّعك وداع من آلمنا مغيبها عنّا , وعزّ فراقها علينا , وأحزننا ارتحالها عنّا , فسلامٌ قولاً من ربٍّ رحيمٍ , سلامٌ على قلبِك الطاهرِ , سلامٌ على روحِك آناء الليل وأطراف النهار , سلامٌ من مقصّرٍ عجزتْ كلماته أن تفي بحقك أو أن تبلغ حقّ دمعةٍ من عيونك الساهرة التي رعتني في مرضي صغيراً , أو حقّ لهفةٍ من قلبك عندما يحجبني الغياب عنك كبيراً , سلامٌ من والهٍ يشتاق إلى جبينك ويديك ليطبع قبلة وفاء بعيونٍ تتفجرّ دمعاً , وقلبٍ يتحرّق شوقاً , سلامٌ لك مني ومن قلبي ومن روحي , أسأله جلّ شأنه أن يرفع مقامك ويؤنسك بقرب محمد المصطفى وآله النجباء صلوات الله وسلامه عليهم , وأسأله تعالى اسمه بكل ذي مقامٍ عنده أن يتولاك برحمته , ويغفر لك زلاتك , وأن يجمعنا بك في مستقر نعمته , وأن يؤجرنا في مصابنا فيك , وأن يربط على قلوبنا صبراً على فراقك .

يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30) سورة الفجر


الفاتحة

 

 

 توقيع الفجر الجديد :
هـكـذا أيــقظني ( الفجر ُ الجديد ُ)

وأغاريــدُ الـهـوى لحــن ٌ فريـد ُ

فيه عانــقت ُ الــســـنا إشـراقة ً

فـــإذا دربـــي َّحــــب ٌ وورود ُ


أستقي من ( منتدى ) الحب ِ نــدى ً

يرتــوي من قطرِه ِ طلـعي النضــيد ُ

( طرفي ) أهـواك ِ والدنيــا معـي

مــذ ْزهى من ( منتداك ِ ) الحر ِ جـيدُ
الفجر الجديد غير متصل