بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
عندي سؤال يا أستاذي العزيزي
كيف يكون الاعتماد على الأعلام في التصحيح والتضعيف ضعيف مع أن الشيخ الوحيد ( حفظه الله ) يعتمد على الأعلام ؟!
قال الشيخ الوحيد ( حفظه الله ) : (( والأدلة على إمامة الأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) أكثر من أن تحصى في هذا المختصر ، ولكن نختم هذا الموجز بخطبة شريفة للإمام الصادق ( عليه السلام ) ، يصف فيها مقام العصمة والإمامة السامي ، رواها شيخ المحدثين محمد بن يعقوب الكليني ، عن محمد بن يحيى ( الذي يقول في حقه النجاشي : شيخ أصحابنا في زمانه ، ثقة ، عين ، روى نحو ستة آلاف رواية ) عن أحمد بن محمد بن عيسى ( شيخ القميين ، ووجههم وفقيههم غير مدافع ، ومن أصحاب الرضا والجواد والهادي ( عليهم السلام ) ) عن الحسن بن محبوب ( أحد أربعة هم أركان زمانهم ، ومن أصحاب الاجماع الذين أجمعت الطائفة على صحة ما يروى عنهم بسند صحيح ، ومن أصحاب الإمام الكاظم والإمام الرضا ( عليهما السلام ) ) عن إسحاق بن غالب ( الذي يضاف إلى توثيقه الخاص رواية أمثال صفوان بن يحيى عنه ) عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) ، في خطبة له يذكر فيها حال الأئمة ( عليهم السلام ) وصفاتهم )) منهاج الصالحين ج 1 ص 204 , فإنظر كيف إعتمد الشيخ الوحيد على شهادة الأعلام في توثيق رواة الحديث ثم حكم على الحديث بأنه صحيح السند.
وإذا لم نعتمد على توثيق الشيخ الكشي والنجاشي والطوسي وغيرهم من نعتمد عليه في هذا المجال ؟؟؟!!!! , ثم إن السيد أبو القاسم الخوئي ( رحمه الله ) في المعجم يعتمد على الشيخ النجاشي ( رحمه الله ) في توثيق وتضعيف كثير من الرجال وقد قال أبو القاسم الخوئي ( رحمه الله ) : (( ومما تثبت به الوثاقة أو الحسن أن ينص على ذلك أحد الأعلام ، كالبرقي ، وابن قولويه ، والكشي ، والصدوق ، والمفيد ، والنجاشي ، والشيخ وأضاربهم , وهذا أيضا لا إشكال فيه ، وذلك من جهة الشهادة وحجية خبر الثقة )) معجم رجال الحديث ج 1 ص 41.
وقال الشهيد الصدر ( رحمه الله ) : (( والثقة وإن كان قد يخطئ أو يشذ أحيانا ولكن الشارع أمرنا بعدم اتهام الثقة بالخطأ أو الكذب واعتبره حجة )) دروس في علم الأصول ج 1 ص 37.
ولا ريب أن الكشي والنجاشي والشيخ الطوسي رحمهم الله هم من الثقات , والجميع يعتمد على خبر الثقة وأنت منهم.
أما بالنسبة لقول الشيخ جعفر السبحاني ( حفظه الله ) : (( ولا ملازمة بين وثاقة الراوي وكون الخبر موثوقا بالصدور ، بل ربما يكون الراوي ثقة ، ولكن القرائن والأمارات تشهد على عدم صدور الخبر من الإمام عليه السلام ، وأن الثقة قد التبس عليه الأمر ، وهذا بخلاف ما لو قلنا بأن المناط هو كون الخبر موثوق الصدور ، إذ عندئذ تكون وثاقة الراوي من إحدى الإمارات على كون الخبر موثوق الصدور ، ولا تنحصر الحجية بخبر الثقة ، بل لو لم يحرز وثاقة الراوي ودلت القرائن على صدق الخبر وصحته يجوز الأخذ به )) كليات في علم الرجال ص 155 - 156.
فالشيخ في صدد بيان أنه لا يوجد ملازمة بين وثاقة الراوي وبين صدور الخبر من الإمام , فقد يكون الخبر صادر من الإمام مع أن سند الخبر ضعيف وقد يكون سند الرواية صحيح ولكن لا يمكن أن نقول بصدور الرواية عن الإمام المعصوم مثال ذلك ما رواه الشيخ الكليني بسند صحيح عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل " وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون " فرسول الله صلى الله عليه وآله الذكر وأهل بيته عليه السلام المسؤولون وهم أهل الذكر.
ولقد علق السيد الخوئي ( رحمه الله ) على هذه الرواية بقوله : (( لو كان المراد بالذكر في الآية المباركة رسول الله صلى الله عليه وآله فمن المخاطب ، ومن المراد من الضمير في قوله تعالى : لك ولقومك وكيف يمكن الالتزام بصدور مثل هذا الكلام من المعصوم عليه السلام فضلا عن دعوى القطع بصدوره ؟ ! )) معجم رجال الحديث ج 1 ص 35.
وأيضا الروايات التي تقول بسهو النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فإن البعض منها صحيحة السند ولكن لا يمكن الأخذ بها لأنها معارضة بالقرآن الكريم والأحاديث الصحيحة التي تثبت عصمة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة ( عليهم السلام ).
وتأمل في قول الشيخ ( حفظه الله ) حيث قال : (( إذ عندئذ تكون وثاقة الراوي من إحدى الإمارات على كون الخبر موثوق الصدور )) إذا يتضح لنا من العبارة السابقة أن وثاقة الراوي هي إحدى العلامات على كون الخبر موثوق الصدور عن الإمام ( عليه السلام ).
أما طرق الوثوق بصدور الرواية:
قال الشيخ جعفر السبحاني ( حفظه الله ) :
(( كما أنّ توثيقات المتأخّرين من الطرق المورثة للعلم بصدور الرواية، فإنّ هناك أُموراً أُخرى يجب على المستنبط - أي الذي يبحث في سند الرواية - القيام بها مباشرة، فإنّها من الأُمور المورثة للوثوق بالرواية وعدمه.
أ. أن يعرف طبقة الراوي وعصره وأساتذته وتلاميذه ليميّز الأسماء المشتركة بين الرواة، والمرسلة عن غيرها.
ب. أن يعرف مدى ضبط الراوي وإتقانه في نقل الرواية من خلال الاطّلاع على رواياته.
ج. أن يعرف كميّة رواياته كثرة وقلّة، فإنّ التعرّف على ذلك يحدّد مكانة الراوي ومنزلته في نقل الحديث.
د. مقدار فضله وعلمه .
وهذه الأُمور الأربعة تؤكّد ثبوت الصغرى ، أي كون الخبر موثوق الصدور.
ويمكن استحصالها - أي الحصول عليها - من الرجوع إلى الكتب التالية:
1. «جامع الرواة» للشيخ المحقّق الأردبيلي المعاصر للعلاّمة المجلسي(المتوفّى1110هـ).
2. «طرائف المقال في معرفة طبقات الرجال» للسيد محمد شفيع الموسوي التفريشي من علماء القرن الثالث عشر.
3. «ترتيب الأسانيد» أو «تجريدها» للسيد المحقّق البروجردي (1292ـ 1380هـ).
4. «معجم رجال الحديث» للسيد المحقّق أبو القاسم الخوئي(1317ـ 1413هـ).
فإنّ هذه الموسوعات الأربع خير وسيلة للوقوف على مكانة الراوي وراء ما في الكتب الرجالية الدارجة )) , راجع كتاب دروس موجزة في علمي الرجال والدراية للشيخ جعفر السبحاني ( حفظه الله ) , الدرس 6.
وأفضل هذا الكتب كتاب «معجم رجال الحديث» للسيد المحقّق أبو القاسم الخوئي(1317ـ 1413هـ).
ولا تظن أني لا ارجع إلى أهل التخصص في هذا المجال.
وفقك الله لكل ما يحب ويرضى.