قال ابن حزم في كتابه :أصول الأحكام:
المسألة الرابعة اختلفوا في اشتمال القرآن على كلمة غير عربية فأثبته ابن عباس وعكرمة ونفاه الباقون.
احتج النافون بقوله تعالى " ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي " " فصلت 44 " فنفى أن يكون أعجمياً وقطع اعتراضهم بتنوعه بين أعجمي وعربي ولا ينتفي الاعتراض وفيه أعجمي وبقوله تعالى " بلسان عربي مبين " " الشعراء 195 " وبقوله " إنا أنزلناه قرآناً عربياً " " يوسف 2 " وظاهر ذلك ينافي أن يكون فيه ما ليس بعربي.
واحتج المثبتون لذلك بقولهم: القرآن مشتمل على المشكاة وهي هندية وإستبرق وسجيل بالفارسية وطه بالنبطية وقسطاس بالرومية والأب وهي كلمة لا تعرفها العرب ولذلك روي عن عمر أنه لما تلا هذه الآية قال: هذه الفاكهة فما الأب قالوا: ولأن النبي عليه السلام مبعوث إلى أهل كل لسان كافة على ما قال تعالى " كافة للناس بشيراً ونذيراً " " سبأ 28 " وقال عليه السلام بعثت إلى الأسود والأحمر فلا ينكر أن يكون كتابه جامعاً للغة الكل ليتحقق خطابه للكل إعجازاً وبياناً وأيضاً فإن النبي عليه السلام لم يدع أنه كلامه بل كلام الله تعالى رب العالمين المحيط بجميع اللغات فلا يكون تكلمه باللغات المختلفة منكراً غايته أنه لا يكون مفهوماً للعرب وليس ذلك بدعاً بدليل تضمنه للآيات المتشابهات والحروف المعجمة في أوائل السور.
أجاب النافون وقالوا: أما الكلمات المذكورة فلا نسلم أنها ليست عربية وغايته اشتراك اللغات المختلفة في بعض الكلمات وهو غير ممتنع كما في قولهم سروال بدل سراويل وفي قولهم تنور فإنه قد قيل إنه مما اتفق فيه جميع اللغات ولا يلزم من خفاء كلمة الأب على عمر أن لا يكون عربياً إذ ليس كل كلمات العربية مما أحاط بها كل واحد من آحاد العرب ولهذا قال ابن عباس: ما كنت أدري ما معنى " فاطر السماوات والأرض " " فاطر 1 " حتى سمعت امرأة من العرب تقول: أنا فطرته أي ابتدأته.
وأما بعثته إلى الكل فلا يوجب ذلك اشتمال الكتاب على غير لغة العرب لما ذكروه وإلا لزم اشتماله على جميع اللغات ولما جاز الاقتصار من كل لغة على كلمة واحدة لتعذر البيان والإعجاز بها وما ذكروه فغايته أنه إذا كان كلام الله المحيط بجميع اللغات فلا يمتنع أن يكون مشتملاً على اللغات المختلفة ولكنه لا يوجبه فلا يقع ذلك في مقابلة النصوص الدالة على عدمه.
وقال أبوعبيدة في مجاز القرآن:
نزل القرآن بلسان عربي مُبين، فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أَعظم القول، ومن زعم أن (طه) بالنَّبطِيّة فقد أكبر، وإن لم يعلم ما هو، فهو افتتاح كلام وهو اسم للسورة وشعار لها. وقد يوافق اللفظُ اللفظَ ويقار به ومعناهما واحد وأحدهما بالعربية والآخر بالفارسية أو غيرها. فمن ذلك الإسْتبْرَق بالعربية، وهو الغليظ من الدِّيباج، والفِرِند، وهو بالفارسية إسْتَبْرَهْ؛ وكَوْز وهو بالعربية جوز؛ وأشباه هذا كثير. ومن زعم أن (حِجَارةً مِنْ سِجِّيلٍ) (1054) بالفارسية فقد أعظم، من قال: إنه سَنْك وكِلْ إنما السجيل الشديد.
وقال السيوطي في الإتقان:
قد أفردت في هذا النوع كتابا سميته المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب وها أنا ألخص هنا فوائده فأقول اختلف الأئمة في وقوع المعرب في القرآن فالأكثرون ومنهم الإمام الشافعي وابن جرير وأبو عبيدة والقاضي أبو بكروابن فارس على عدم وقوعه فيه لقوله تعالى: قرآنا عربيا وقوله تعالى: ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي وقد شدد الشافعي النكير على القائل بذلك
وقال أبو عبيدة إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول ومن زعم أن (طه) بالنبطية فقد أكبر القول
وقال ابن فارس لو كان فيه من لغة غير العرب شيء لتوهم متوهم أن العرب إنما عجزت عن الإتيان بمثله لأنه أتى بلغات لا يعرفونها
وقال ابن جرير ما ورد عن ابن عباس وغيره من تفسير ألفاظ من القرآن إنها بالفارسية أو الحبشية أو النبطية أو نحو ذلك إنما اتفق فيها توارد اللغات فتكلمت بها العرب والفرس والحبشة بلفظ واحد
وقال غيره بل كان للعرب العاربة التي نزل القرآن بلغتهم بعض مخالطة لسائر الألسنة في أسفارهم فعلقت من لغاتهم ألفاظا غيرت بعضها بالنقص من حروفها واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها حتى جرت مجرى العربي الفصيح ووقع بها البيان وعلى هذا الحد نزل بها القرآن
وقال آخرون كل هذه الألفاظ عربية صرفة ولكن لغة العرب متسعة جدا ولا يبعد أن تخفى على الأكابر الجلة وقد خفي على ابن عباس معنى فاطر وفاتح
وانظر هذا الرابط:
http://www.qurancomplex.com/Download...D=32&CatLang=0
وحاولت أن أجد لأحد من علمائنا قولا فلم أجد فلعله موجود غير أني لم أقع عليه.ولعلي أقع عليه فيما استقبل
والله العالم