السلام عليكم
في موضوع سابقٍ عن القرقيعان كان لي تعليقٌ وهو يركّز على النقطتين الأوليتين اللتين أثارهما الأخ المبارك زكي مبارك
:
 |
اقتباس |
 |
|
|
|
|
|
|
|
1- عدم المبالغة في لبس الأطفال، فهذا المهرجان السنوي عبارة عن مهرجان شعبي تقليدي، ولذا أرجو من الآباء كسو أبناءهم من الألبسة الشعبية.
2- عدم المبالغة في توزيع نوعية القرقيعان، مثل: (قرقيعان فلان) وذلك من حيث أن القيمة المادية تكون باهضة بالنسبة للأبوين، وهذا الأمر راجع لكل أب. |
|
 |
|
 |
|
تبقى مناسبة القرقيعان ضاربة ً بجذورها في أعماق مجتمع ٍ ترعرعت بين أحضانــه وتشـــّربت من دفق وريده , وتبعا ً للمتغيرات في أساليب الحياة العصرية , فهذه المتغيرات تطال بعض العادات , وتصبغها بصبغة جديدة أو فلنقل تخرج لنا نسخة محــدّثة منها , وهذا في رأيي في حد ذاته مسار ٌ طبيعي , فحين نستقرأ المناسبة قديما ً وحديثا ً فما من شكّ ٍ أنّ المناسبة طرأت عليها متغيرات ٌ عديدة ٌ , ولكنها حافظت في مجملها على خطوط عامة أساسها بث ّ روح الفرحة في قلوب شريحة ٍ عزيزة ٍ على قلوبنا وهم الأطفال رغم أنّ هذه المناسبة في بعض المناطق تجاوزتها لتشمل فئة النساء أيضا ً , ولهذه المناسبة الجميلة رونقها الخاص في هذا الشهر الكريم بما تحويه من معان ٍ فريدة ٍ ترتسم صورها في جميع أنحاء البلدة تتمثل في مشهد بهيج عندما ترى الأطفال في مجموعات يجوبون الطرقات بحثا ً عن العطايا الرمضانية الكريمة , وتبقى هذه الصور هي الأهم لنحافظ على هدفية المناسبة واستمراريتها , وتراثيتها , أمــّا إذا أردنا أن ننزع عن هذه المناسبة ( بـُخـْنـَقــْها ) لنلبسها ( كابا ً مطــرّزا ً ) ونلهث وراء الأنواع والأشكال المختلفة للتطريز في السوق فسنقف يوما ً ما ( والشق أكبر من الرقعة ) , فالمناسبة ببساطتها تضمن استمراريتها , أمــّا إذا مثـّلت عبأ ً كبيرا ً على ( جيب الرجّال ) فسيخرج لنا رجال يطالبون بمحاربــة هذه المناسبة واعتبارها من مبتدعات الزمن الغادر .
هناك عدّة عوامل أعطت انعكاساتها السلبية في طريقة التعاطي مع هذه المناسبة أعتقد أن ّ من بينها ما يلي :
1- غلبة الصورة المادية للمناسبة على القيمة الحقيقة لها , فأصبحنا نجتهد في خلق الأفكار المتميزة لصنع قرقيعان متميز ( قرقيعان غير ) .
2- التناميٍ الملحوظ عند المجتمع في الاهتمام بفن الاتيكيت , في ظل ثقافة كسر الروتين وحب التغيير , وإبراز فنون ومواهب كامنة خصوصا ً لدى شريحة الفتيات في المجتمع .
3- قوة الدعاية الإعلانية في السوق المحلية , وترويج الأفكار التي تشجــّع على مثل هذه الممارسات ( المتفشــخرة ) بتوفير القوالب والعلب ولواحقها الأخرى الكفيلة بتسهيــل العمل على طالبيه , بل إنّ بعض محال بيع المكسرات على استعداد ٍ تام لتجهيز ( طقم قرقيعان ) خاص وحسب المواصفات المطلوبة , ويمكن اعتبار هذا عاملا ً خارجيا ً فرض مثل هذه الممارسات في مجتمعنا في ظل القبول الاجتماعي لهذا العمل .
وهنا أطرح سؤالا ً وهو : هل يحق لكل فرد ٍ في المجتمع أن يحتفي بالمناسبة حسب ما يريد هو ؟ أم أنّه جزء ٌ من هذا المجتمع وينبغي عليه أن يتماشى مع الخطوط الاجتماعية العامة ؟
نعم يجب على كل فرد أن لاّ يتخطى هذه الخطوط , لتحقيق معادلة متوازنة بين من يستطيع ومن لا يستطيع , لئلا نخلق فجوة بين القوي والضعيف والغني والفقير فيجد الفقير نفسه محرجا ً في مناسبة ٍ شعبية ٍ هي للجميع يفرح بها أطفال الأغنياء كما يفرح بها أطفال الفقراء , ولن تختلف الفرحة بين هذا وذاك .
قد يكون للفرد مساحة كبيرة للتعاطي مع مناسباته الخاصة بالشكل الذي يريده ما دامت لا تحمل مساسا ً بخط ٍ اجتماعي ٍ عام , أمــّا إذا كان الاحتفال بهذه المناسبة فيها من الإشهار والإظهار والمبالغات ما يؤسس لرواج سلوك ٍ اجتماعي ٍ سلبي فمن حق المجتمع أن يعارض مثل هذه الممارسات , وكل هذه الأمور تخضع لمعايير عامة قد تختلف حولها وجهات النظر قوّة وضعفا ً , وربما كان بعضها مقبولا ً تحت معايير خاصة يحكمها الزمان والمكان ومقابلة الإيجابيات بالسلبيات .
تحياتي