عرض مشاركة واحدة
قديم 06-07-2010, 10:59 AM   رقم المشاركة : 1
سلمان الفارسي
شاعر وكاتب وباحث قرآني قدير






افتراضي لاتدركه الأبصار

لاتدركه الأبصار



بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }الأنعام103

استدل بعض العلماء من مدرسة أصحاب الحديث بهذه الآية على جواز رؤية الله تبارك وتعالى ،وذلك لأن متعلق النهي هو الإدراك و الإدرا ك في اللغة هوالإحاطة التامة، قال الكفوي في الكليات: ومن رأى شيئا ورأى جوانبه ونهاياته قيل إنه أدرك بمعنى أنه رأى وأحاط بجميع جوانبه.

فالآية بناء على هذا قد نفت الإحاطة التامة ولم تنف الرؤية ،فثبت بهذا جواز رؤية الله جل وعلا،قال الشنقيطي في أضواء البيان:
قوله تعالى : { لاَّ تُدْرِكُهُ الأبصار } الآية .

أشار في مواضع أخر : إلى أن نفي الإدراك المذكور هنا لا يقتضي نفي مطلق الرؤية كقوله { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [ القيامة : 22-23 ] ، وقوله { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ } [ يونس : 26 ] والحسنى الجنة ، والزيادة النظر على وجه الله الكريم ، وقوله { كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ } [ المطففين : 15 ] يفهم منه أن المؤمنين ليسوا محجوبين عنه وهو كذلك .

أقول:وقد بحث علماؤنا الأبرار رؤية الله وأثبتوا امتناع رؤيته مطلقا بأدلة من القرآن الكريم والسنة المطهرة والأدلة العقلية التي لاتنقض ولاتحل .

وروى الشيخ البرقي في المحاسن عن أبي جعفر عليه السلام قال:
عنه عن محمد بن عيسى عن أبي هاشم الجعفري قال أخبرني الأشعث بن حاتم أنه سأل الرضا (ع) عن شي ء من التوحيد فقال أ لاتقرأ القرآن قلت نعم قال اقرأ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ فقرأت فقال ما الأبصار قلت أبصار العين قال لا إنما عنى الأوهام لا تدرك الأوهام كيفيته و هو يدرك كل فهم .

أقول:وتفسير الأبصار بالعين الباصرة يبعث على إشكال وهو أنه إذا فهم امتناع إدراكه بالأبصار من الآية فإنه لايفهم منها امتناع رؤيته بالأوهام ومتى ما وقعت في الوهم له كيفية فقد أصبح منفعلا بها ويجب أن تكون سابقة له في الوجود وعلى ذلك يكون مخلوقا لخالق وموجودا لموجود سبقه في الوجود ،غير أنك إذا فسرت الأبصار بالأوهام كما هو في الرواية ثم منعت إدراك الأوهام له فبقياس الأولى يمتنع إدراكه بالعيون المبصرة ،وتجويز رؤيته بحجة أن الآية إنما علقت الامتناع بالإدراك لابالرؤية غير ناهض ،لأن إمكان رؤيته يقتضي إمكان الإحاطة به ولو على نحو الإمكان لا الوقوع الفعلي.

والله العالم

 

 

سلمان الفارسي غير متصل   رد مع اقتباس