إن قوله تعالى :{ نَعْبُدُ}فعل مضارع دل على التجددوالاستمرار كما هو معروف لدى علماء النحو ولنا هنا في الدلالة على العصمة بحثان :
الأول :إن النون التي يبتدئ بها الفعل المضارع هي نون تدل على أن المتكلم جماعة وهذه هي الدلالة الحقيقية لها ،وفي هذا إشارة إلى العبادة الجماعية الدالة على الاتحاد فكلنا عابد لمعبود واحد وهو الله {عز وجل} والعبادة لله{ عز وجل }تؤدي بالقائم بها إلى أن يذيب نفسه في مجتمعه لأن خلاف هذا مقتضاه تقديم هوى النفس وتلك عبادة للنفس لا لله { عز وجل }فإذا كان العبد عابدا لله ضمن الجماعة كان طالبا للوحدة الاجتماعية المؤدية بالمجتمع إلى الصلاح ولايتحقق ذلك في حال عدم التوجه بالعبودية المطلقة لله{ عز وجل }والعبودية لله ليست مرتجلة وإنما بإملاء من المعبود والمعبود سبحانه إنما يملي أوامره ونواهيه على الأنبياء وأوصيائهم فإن لم يكونوا في مرتبة العصمة لم يبلغوا العبادة كما يريد المعبود فحينئذ لا يعبد الله{عزوجل}وإنما يعبد الهوى والنفس والشيطان والشهوات وهذا مقتضاه هلاك المجتمع وتمزقه وقد قال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ }الأنبياء92
الثاني:قد قلنا آنفا إن الفعل المضارع دال على التجدد والاستمرار والتجدد مقتضاه وجود أفعال جديدة تحتاج إلى أن يعرف حكم الله فيها فإن كثيرا من الأفعال العبادية قد يحدث فيها ما يحتاج إلى كشف حكمه ،وإن حياة النبي {صلى الله عليه وآله}لاتسع النص على كل فعل بعينه –مع علمه المطلق {صلى الله عليه وآله}بحكم كل فعل،فإذا كان غير موجود فمن ذا ينص على حكم هذه الأفعال؟إنهم الأوصياء عليهم السلام وهذا دليل على وجوب استمرار العصمة إلى يومنا هذا بل إلى نهاية التكليف الإلهي للعباد .ورجوعنا إلى الفقهاء إنما هو بأمر المعصوم ،فقد روي عن الإمام الحجة {عليه السلام}أنه قال في توقيع له:وأما الحوادث الواقعة فارجعوا إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله.انظر:كفاية الأحكام للمحقق السبزواري ج1ص410ثم يؤول الأمر إليه إذا خرج مطلقا فتكون العصمة هي المرجع المطلق لأحكام الشريعة وعلى رأسها أحكام العبادة.والله العالم